-مدير التصرّف في النظام القاعدي لـ«الصباح»: ثورة رقمية في التأمين على المرض ونسق تنفيذ المشروع الرقمي يعود بقوة
في ظلّ سعي الدولة التونسية إلى تطوير الإدارة الرقمية وتيسير الخدمات الصحية والاجتماعية للمواطنين، تشهد منظومة التأمين على المرض تحولا نوعيا بفضل مشروع بطاقة «لاباس»، السند الإلكتروني الجديد الذي يعول عليه لتجاوز تعقيدات البيروقراطية وتكلفة الورق والزمن الضائع في الطوابير والشبابيك الإدارية داخل مكاتب الصندوق.
فمنذ سنة 2019، أطلق الصندوق الوطني للتأمين على المرض (الكنام) مشروع «لاباس»، كجزء من استراتيجية وطنية للانتقال الرقمي، ورغم تعثرات ناجمة عن جائحة كوفيد-19، فإن نسق تنفيذ المشروع عاد بقوة خلال السنوات الأخيرة، حتى أصبحت بطاقة «لاباس» اليوم واقعا ملموسا في القطاع العمومي، على أن يشمل قريبا المؤسسات الصحية الخاصة.
مليون بطاقة مسترجعة من البريد
وفي تطور لافت، كشف كريم الرمضاني، مدير التصرف في النظام القاعدي بالكنام، لـ»الصباح» أن ما يقارب مليون بطاقة «لاباس» سيتم استعادتها من مكاتب البريد التونسي، بعد الفشل في توزيعها وإيصالها إلى مستحقيها، مشيرا الى أن مصالح الصندوق ستتولى إعادة توزيعها بنفسها، عبر أعوانها ومكاتبها.
وأوضح الرمضاني أن الصندوق قرر التخلي تدريجيا عن البطاقات الورقية التقليدية، التي تكلف سنويا بين 200 و220 ألف دينار، مقابل اعتماد بطاقة «لاباس» الإلكترونية التي تمتد صلاحيتها الى ـ15 سنة، ما يتيح توفيرا ماليا على المدى الطويل يتجاوز 3.3 مليون دينار.
حزمة من الخدمات الرقمية
وتعد بطاقة «لاباس» وثيقة ذكية، صالحة لمدة 15 سنة، وتتيح لحاملها التمتع بجملة من الخدمات الرقمية، منها تحميل وثائق العلاج، ومتابعة ملفات الاسترجاع، والحصول على قرارات التكفل بالأدوية الخصوصية، وتغيير طبيب العائلة، وكل ذلك عن بعد، دون الحاجة إلى التنقل إلى مقرات الصندوق.
ويتوقع أن تشمل منظومة «لاباس» في مراحلها النهائية أكثر من 8 ملايين تونسي، منهم 3.5 مليون مضمون اجتماعي و4.5 مليون من أفراد عائلاتهم، حسب الرمضاني. وتمّ إلى حد الآن طباعة 3.5 مليون بطاقة، وتوزيع ما يقارب 2 مليون بطاقة منها.
من الورقي إلى المنصة الرقمية
ويرتكز المشروع أيضا على تفعيل نظام التبادل الإلكتروني للمعطيات بين الكنام ومسدي الخدمات الصحية (أطباء، صيادلة، مصحات...)، وهو ما يمكن الطبيب من تحرير الوصفات ومتابعة الكشوفات وإحالة أوراق العلاج مباشرة عبر المنصة.
وقد تم الشروع في هذه التجربة منذ سنة 2023 في 95 مستشفى عمومي و6 مصحات للضمان الاجتماعي، إلى جانب تجارب نموذجية في القطاع الخاص، مع التأكيد أن العمل الفعلي ببطاقة «لاباس» انطلق فعليا في جانفي 2024 بالقطاع العمومي، وسيتوسع لاحقا إلى المؤسسات الصحية الخاصة.
حملات توعوية ومكاتب قارة
ولم يقتصر المشروع على توفير البطاقات، بل شمل أيضا حملات تكوينية لفائدة مهنيي الصحة، مع تركيز مكاتب قارة للصندوق في المؤسسات الاستشفائية الكبرى لتيسير حلّ الإشكاليات بشكل مباشر وسريع.
ووفق الرمضاني، خصص النصف الأول من سنة 2025 لتعزيز انتشار المنصة، خاصة بالمؤسسات العمومية، إلى جانب تنظيم حملات إعلامية مكثفة لحث المواطنين على تسلم بطاقاتهم والتسجيل في المنظومة الجديدة. على أن يتم التركيز لاحقا على استعمال بطاقة «لاباس» والمنصة الرقمية مع التخلي التدريجي عن البطاقة الورقية والمرور نحو المنخرطين ما بعد 2019 لتسليمهم بطاقاتهم الذكية.
«e-CNAM» المنصة الرقمية للخدمات
إضافة إلى البطاقة، أطلق الصندوق منذ أكثر من سنتين المنصة الرقمية «e-CNAM» التي تمكّن المواطنين من النفاذ إلى خدمات الكنام إلكترونيا وذلك بفضل الهوية الرقمية «e-هوية»، التي تغني عن استعمال أسماء مستخدمين وكلمات مرور مختلفة.
وتشمل هذه المنصة عدة خدمات، منها متابعة الملفات، استخراج كشوفات الخلاص، إيداع الوثائق إلكترونيا، تغيير المنظومة العلاجية، وتحميل قرارات الأدوية الخاصة، بالإضافة إلى تحديد موقع ومسار مقدّمي الخدمات الصحية المتعاقدين مع الكنام.
اعتماد بطاقة «لاباس»
ويشير كريم الرمضاني إلى أن العمل جار على إعداد ملحق تعديلي للاتفاقيات مع المؤسسات الصحية الخاصة لاعتماد بطاقة «لاباس»، مع التأكيد على أنه لا وجود لأي عراقيل قانونية أو تقنية تحول دون تنفيذ ذلك.
وإن كانت كلفة البطاقة الإلكترونية أعلى نسبيا من الورقية، فإن المردودية الإجمالية للمشروع، على مستوى جودة الخدمات وتخفيض النفقات على المدى الطويل، تجعل من خيار الرقمنة حتمية لا بديل عنها، حسب قوله.
وتبقى بطاقة «لاباس» ليست مجرد وثيقة جديدة بل هي عنوان لمرحلة إدارية حديثة، تضع المواطن في قلب الخدمة الصحية والاجتماعية الرقمية، وتختصر عليه عناء الانتظار والإجراءات المعقدة.
ويمثل هذا المشروع مثالا حيا على ما يمكن أن تحققه التكنولوجيا حين تلتقي بالإرادة السياسية في تطوير القطاع العمومي وتكريس الشفافية والنجاعة، وغرس ثقافة تعامل جديدة أكثر تطورا وسهولة وشفافية.
وفاء بن محمد
-مدير التصرّف في النظام القاعدي لـ«الصباح»: ثورة رقمية في التأمين على المرض ونسق تنفيذ المشروع الرقمي يعود بقوة
في ظلّ سعي الدولة التونسية إلى تطوير الإدارة الرقمية وتيسير الخدمات الصحية والاجتماعية للمواطنين، تشهد منظومة التأمين على المرض تحولا نوعيا بفضل مشروع بطاقة «لاباس»، السند الإلكتروني الجديد الذي يعول عليه لتجاوز تعقيدات البيروقراطية وتكلفة الورق والزمن الضائع في الطوابير والشبابيك الإدارية داخل مكاتب الصندوق.
فمنذ سنة 2019، أطلق الصندوق الوطني للتأمين على المرض (الكنام) مشروع «لاباس»، كجزء من استراتيجية وطنية للانتقال الرقمي، ورغم تعثرات ناجمة عن جائحة كوفيد-19، فإن نسق تنفيذ المشروع عاد بقوة خلال السنوات الأخيرة، حتى أصبحت بطاقة «لاباس» اليوم واقعا ملموسا في القطاع العمومي، على أن يشمل قريبا المؤسسات الصحية الخاصة.
مليون بطاقة مسترجعة من البريد
وفي تطور لافت، كشف كريم الرمضاني، مدير التصرف في النظام القاعدي بالكنام، لـ»الصباح» أن ما يقارب مليون بطاقة «لاباس» سيتم استعادتها من مكاتب البريد التونسي، بعد الفشل في توزيعها وإيصالها إلى مستحقيها، مشيرا الى أن مصالح الصندوق ستتولى إعادة توزيعها بنفسها، عبر أعوانها ومكاتبها.
وأوضح الرمضاني أن الصندوق قرر التخلي تدريجيا عن البطاقات الورقية التقليدية، التي تكلف سنويا بين 200 و220 ألف دينار، مقابل اعتماد بطاقة «لاباس» الإلكترونية التي تمتد صلاحيتها الى ـ15 سنة، ما يتيح توفيرا ماليا على المدى الطويل يتجاوز 3.3 مليون دينار.
حزمة من الخدمات الرقمية
وتعد بطاقة «لاباس» وثيقة ذكية، صالحة لمدة 15 سنة، وتتيح لحاملها التمتع بجملة من الخدمات الرقمية، منها تحميل وثائق العلاج، ومتابعة ملفات الاسترجاع، والحصول على قرارات التكفل بالأدوية الخصوصية، وتغيير طبيب العائلة، وكل ذلك عن بعد، دون الحاجة إلى التنقل إلى مقرات الصندوق.
ويتوقع أن تشمل منظومة «لاباس» في مراحلها النهائية أكثر من 8 ملايين تونسي، منهم 3.5 مليون مضمون اجتماعي و4.5 مليون من أفراد عائلاتهم، حسب الرمضاني. وتمّ إلى حد الآن طباعة 3.5 مليون بطاقة، وتوزيع ما يقارب 2 مليون بطاقة منها.
من الورقي إلى المنصة الرقمية
ويرتكز المشروع أيضا على تفعيل نظام التبادل الإلكتروني للمعطيات بين الكنام ومسدي الخدمات الصحية (أطباء، صيادلة، مصحات...)، وهو ما يمكن الطبيب من تحرير الوصفات ومتابعة الكشوفات وإحالة أوراق العلاج مباشرة عبر المنصة.
وقد تم الشروع في هذه التجربة منذ سنة 2023 في 95 مستشفى عمومي و6 مصحات للضمان الاجتماعي، إلى جانب تجارب نموذجية في القطاع الخاص، مع التأكيد أن العمل الفعلي ببطاقة «لاباس» انطلق فعليا في جانفي 2024 بالقطاع العمومي، وسيتوسع لاحقا إلى المؤسسات الصحية الخاصة.
حملات توعوية ومكاتب قارة
ولم يقتصر المشروع على توفير البطاقات، بل شمل أيضا حملات تكوينية لفائدة مهنيي الصحة، مع تركيز مكاتب قارة للصندوق في المؤسسات الاستشفائية الكبرى لتيسير حلّ الإشكاليات بشكل مباشر وسريع.
ووفق الرمضاني، خصص النصف الأول من سنة 2025 لتعزيز انتشار المنصة، خاصة بالمؤسسات العمومية، إلى جانب تنظيم حملات إعلامية مكثفة لحث المواطنين على تسلم بطاقاتهم والتسجيل في المنظومة الجديدة. على أن يتم التركيز لاحقا على استعمال بطاقة «لاباس» والمنصة الرقمية مع التخلي التدريجي عن البطاقة الورقية والمرور نحو المنخرطين ما بعد 2019 لتسليمهم بطاقاتهم الذكية.
«e-CNAM» المنصة الرقمية للخدمات
إضافة إلى البطاقة، أطلق الصندوق منذ أكثر من سنتين المنصة الرقمية «e-CNAM» التي تمكّن المواطنين من النفاذ إلى خدمات الكنام إلكترونيا وذلك بفضل الهوية الرقمية «e-هوية»، التي تغني عن استعمال أسماء مستخدمين وكلمات مرور مختلفة.
وتشمل هذه المنصة عدة خدمات، منها متابعة الملفات، استخراج كشوفات الخلاص، إيداع الوثائق إلكترونيا، تغيير المنظومة العلاجية، وتحميل قرارات الأدوية الخاصة، بالإضافة إلى تحديد موقع ومسار مقدّمي الخدمات الصحية المتعاقدين مع الكنام.
اعتماد بطاقة «لاباس»
ويشير كريم الرمضاني إلى أن العمل جار على إعداد ملحق تعديلي للاتفاقيات مع المؤسسات الصحية الخاصة لاعتماد بطاقة «لاباس»، مع التأكيد على أنه لا وجود لأي عراقيل قانونية أو تقنية تحول دون تنفيذ ذلك.
وإن كانت كلفة البطاقة الإلكترونية أعلى نسبيا من الورقية، فإن المردودية الإجمالية للمشروع، على مستوى جودة الخدمات وتخفيض النفقات على المدى الطويل، تجعل من خيار الرقمنة حتمية لا بديل عنها، حسب قوله.
وتبقى بطاقة «لاباس» ليست مجرد وثيقة جديدة بل هي عنوان لمرحلة إدارية حديثة، تضع المواطن في قلب الخدمة الصحية والاجتماعية الرقمية، وتختصر عليه عناء الانتظار والإجراءات المعقدة.
ويمثل هذا المشروع مثالا حيا على ما يمكن أن تحققه التكنولوجيا حين تلتقي بالإرادة السياسية في تطوير القطاع العمومي وتكريس الشفافية والنجاعة، وغرس ثقافة تعامل جديدة أكثر تطورا وسهولة وشفافية.