استمع أعضاء مجلس نواب الشعب خلال ندوة نظمتها الأكاديمية البرلمانية أمس بقصر باردو إلى مداخلة حول «التضخّم التشريعي وتقنيات التحرير»، قدمها المدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية القاضي منير الفرشيشي ونبه فيها بالخصوص إلى سلبيات ظاهرة التضخم التشريعي، والمقصود بهذه العبارة حسب قوله كثرة القوانين مع ضعف التشريع، وخلال النقاش هناك من النواب من أشاروا إلى وجود ضرورة ملحة في تونس لثورة تشريعية لأنه من غير المنطقي تواصل العمل إلى غاية اليوم بأوامر عليّة تم سنها في عهد الباي، وقالوا إن هناك حاجة كبيرة لغربلة الترسانة القانونية القديمة وتخليصها من الشوائب من ناحية، ومن ناحية أخرى سن نصوص جديدة تتلاءم مع مقتضيات دستور 2022 وتكرس بصفة فعلية شعارات مسار 25 جويلية خاصة منها شعار السيادة الوطنية وشعار الدولة الاجتماعية.
وهناك من تساءل إن كان بإمكان نواب الشعب في هذه المرحلة الاستثنائية وضع دستور تشريعي استثنائي من شأنه إخراج البلاد من عنق الزجاجة، في حين تحدث بعضهم عن نصوص قانونية مهجورة لم تطبق من قبيل قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، إذ كل ما في الأمر أن هناك إدارة في بناية فخمة بالبحيرة لكن لا وجود لشراكة بين القطاعين، وأثار آخرون معضلة واجهت نواب الشعب، فالنائب عندما ترشح للانتخابات التشريعية قدم للهيئة العليا المستقلة للانتخابات ملفا تضمن تزكيات مرفقة بنقاط تلخص برنامجه الانتخابي الاجتماعي والاقتصادي، لكنه أثناء ممارسة دوره التشريعي يجد نفسه مكبلا لرفض مقترحات فيها أعباء مالية.
وفي مداخلته حول التضخم التشريعي وتقنيات التحرير، قال منير الفرشيشي القاضي والمدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية إن هذا الموضوع مهم للغاية، لأنه يتعلق بوضعية تنبئ بوجود أزمة تشريعية وتعطي صفة للتشريع وهو التضخم التشريعي، والتضخم حسب وصفه هو مسألة سلبية وغير صحية وتدل على وجود خلل، وفسر أن التشريع هو منظومة تقنية تحدد القواعد العامة الشرعية والقانون ليس الذي يصدر فقط على مجلس النواب لأن الدستور بدوره قانون وهناك ترتيب للقوانين يجب احترامه من منطلق أن القانون مصادره متعددة ومراتبه مختلفة ونظامه مضبوط، وأهم ما يضبط القانون هو أن القاعدة العليا يجب أن تحترم من القواعد السفلى ولا يجوز لأمر أن يلغي قانونا أو أن يصبح قانونا. وأشار إلى أن التشريع ليس فقط سن قوانين بل القانون هو بالضرورة مضبوط بمبادئ علوية الدستور وعند الحديث عن الدستور يتم الدخول في المجال السياسي، لأن الدستور إطار منظم للعلاقات السياسية وهو ما يعني وجود ترابط بين التشريعي وبين السياسي الأمر الذي يدعو إلى التساؤل حول دور الدولة، وأجاب الفرشيشي أن الدولة لها سياسات، كأن تركز في سياساتها على مجانية التعليم والدولة حسب الدستور مسؤولة على البرامج السياسية وفي الدستور هناك الوظيفة التنفيذية وهي التي تحدد السياسات. ونظرا إلى أن سياسة الدولة موجهة للمرافق العامة فيتم التوجه بتلك السياسات والبرامج السياسية لمجلس النواب لإقناعه بها وعندما يقتنع المجلس النيابي يعطي موافقته عليها وبالتالي يتم تقديم الإمكانيات التشريعية للتنفيذ وفي صورة عدم موافقته فلا يتم تنفيذ سياسات الدولة.
وذكر المدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية أن هذا لا يعني أن الحكومة يمكنها أن تطلب من المجلس أن يمرر لها قانونا جديدا كل يوم أو أن يعدل قانونا مرره بالأمس، مثلما لا يجوز لنائب الشعب أن يفرض تمرير قانون لأن هناك فئة معينة تضغط عليه وتريد سن ذلك القانون.. ونبه الخبير النواب إلى وجود فرق كبير بين قانون دولة وقانون فئة. ولاحظ أن أهم فترة حدث فيها تضخم تشريعي في تونس هي الفترة التي سبقت 25 جويلية وذلك بسبب غياب إستراتيجية تشريعية إضافة إلى مؤثرات النظام البرلماني وسلطة الأحزاب السياسية بما أدى إلى تعطيل قوانين بموجب المعارضات وتسريح قوانين بموجب الاتفاقات وذلك دون الالتفات إلى جدية النص وجدواه، وذكر أنه يتعين على الدولة القيام بإحصاء عدد القوانين في كل ميدان، ووصف الفرشيشي التضخم التشريعي بالظاهرة السلبية إذا كانت نفس الوضعية معنية بعدة قوانين أو بقوانين متضاربة وتؤدي إلى جعل القانون يوقف تنفيذ قانون. وأضاف أن الخطير في كثرة القوانين هو أنها لا تؤدي إلى أي حل خاصة إذا كانت القوانين متضاربة لأنه في هذه الحالة، القانون يعطل القانون، وهو ما يجعل التونسي غير قادر على الحصول على حقه وفي صورة عدم النفاذ إلى القانون يغيب الأمن وهذا ناتج على أن القانون فاقد للجودة.
استقرار تشريعي
ويرى الفرشيشي أن مسؤولية النائب هي فوق المؤسسات لأنه هو الذي يعطي المداخل التشريعية لقيام الدولة وعندما لا يكون هناك توافق بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية تؤدي هذه الوضعية إلى إضعاف معنى الدولة. ولاحظ أن تونس اليوم تعيش استقرارا تشريعيا لكن لا توجد جودة تشريعية، وفسر أن الدولة إذا كانت أضعف من المجموعات يحصل تضخم تشريعي وإذا كانت الدولة أقوى من المجموعات يتم التحكم في التشريعات أي أن الدولة تقدم قانونا عندما يقتضي الأمر تقديمه.
وفي ورقة قدمها الفرشيشي لنواب الشعب، أشار إلى أن التشريع هو المنظومة القانونية المحيطة والضامنة لقيام الدولة وتحديد كيفية تعاملها مع أفراد المجموعة عبر مؤسساتها وللتشريع حسب قوله علاقة مباشرة بتحقيق سياسات الدولة من جميع جوانب مهامها ومسؤولياتها تجاه الفرد أو المجموعة تجاه الأشخاص أو الهياكل والمؤسسات، وبين أن التشريع الايجابي هو الذي يتمكن من تحقيق المعادلة والتناغم بين طلبات المجموعة وسياسات الدولة فإن كانت هذه السياسات خارج إطار متطلبات المجموعة يكون التشريع خارج الإطار الاجتماعي وإذا كان القانون لا يتجانس مع سياسات الدولة يكون التشريع خارج إطار مهمات الدولة والتزاماتها، فالربط بين الدولة والقانون ربط وجوبي ووجودي حيث ينسب القانون للدولة وتنسب الدولة للقانون ومن ثمة قامت فكرة دولة القانون وقانون الدولة. ولكن أي قانون وجب على الدولة اعتماده نوعا وكما، لا أكثر ولا أقل.
وتعقيبا عن هذا السؤال أجاب منير الفرشيشي أن الأصل في الأشياء أنه على الدولة أن تسن ما وجب من نصوص تشريعية ضرورية لتحقيق سياساتها فأقل من القانون هو لا قانون وأكثر من القانون هو أيضا لا قانون. وركز القاضي منير الفرشيشي في مداخلته على ما يستوجب من قوانين والمقصود بذلك عدم سن أكثر مما يلزم من قوانين لعدم الوقوع في ظاهرة ما يسمى بالتضخم التشريعي.
ولدى تعريفه بظاهرة التضخم التشريعي، أشار إلى أن بدايات هذه الظاهرة في شكلها الأصلي تتلخص في ثلاث مراحل كبرى وهي العصور بعد البدائية حيث تبين المراجع الفقهية القديمة جدا أن الفساد التشريعي ظاهرة إنسانية ثم العصر الأقل تقدما، وبقيت الظاهرة قائمة حتى في العصر الحديث حيث أثرت على أكبر الدول عراقة في المجال التشريعي وهي فرنسا وقد دق هذا البلد نواقيس الخطر من ظاهرة التضخم التشريعي في ثلاثة مواعيد كان أولها سنة 1991 بمناسبة تقديم دراسة حول الأمن القانوني وكان الموعد الثاني سنة 2006 خلال دراسة تتعلق بالأمان القانوني وإشكاليات التشريع وبموجبها نقح الدستور في اتجاه الإلزام بالقيام بدراسة المؤثرات لكل مشروع قانون يتم تقديمه للبرلمان، أما الموعد الثالث فكان في سنة 2006 وذلك في دراسة حول التيسير القانوني وجودة التشريع، ولم تقتصر إثارة ظاهرة التضخم التشريعي على الدول الأوروبية فهناك دول أخرى تناولت هذه المسألة، أما في تونس فلم تقم أي جهة حسب تأكيده بدراسة حول تقييم التشريع الوطني والوقوف على ظاهرة التضخم التشريعي. ولاحظ الفرشيشي أنه توجد قوانين في تونس معمول بها حاليا تعود إلى عهد الباي.
إصلاح تشريعي
ولحوكمة التشريع يرى القاضي منير الفرشيشي أنه لا يوجد حل سوى الرقمنة، ولكن قبل الرقمنة يجب إحصاء القوانين ولاحظ أن الحركة التشريعية في تونس مرتبطة بالتطور السياسي للدولة التونسية، إذ يجب الأخذ بعين الاعتبار فترة ما قبل الدولة الوطنية من العهد المرادي فالحسيني وفترة الحماية وكل فترة اصطبغت بنوعية تشريعية خاصة، وذكر أنه في دراسة قام بها حول الوضع العقاري وجد قانونا يعود إلى الخمسينات وهو يتعلق بمصادرة العقار الفلاحي وبموجبه تتم المصادرة في حال عدم استغلال الأرض الفلاحية ولاحظ أن هذا القانون مازال موجودا وفي صورة تطبيقه سيؤدي ذلك إلى مصادرة الكثير من الأراضي، ويرى القاضي أن مثل هذه القوانين لا يمكن التفطن إليها إلا من خلال الإحصاء التشريعي. وبين أنه مازلنا في تونس نستعمل عبارة ملك البيليك لأنها موجودة في نص تشريعي وهذا النص تم سنه منذ سنة 1918، وأشار إلى أن الفرنسيين قاموا بإحصاء تشريعي لكن في تونس هناك قوانين مجمدة وهو ما يقتضي حسب رأيه القيام بإصلاح تشريعي عميق ويتطلب الأمر تخصيص وزارة أو كتابة دولة للقيام بهذه المهمة.
وأضاف أنه من مظاهر التضخم التشريعي كثرة الإحالات للأوامر ولكن في صورة عدم صدور الأمر لا ينفذ القانون، وهذه التقنية يتم استعمالها كحيلة لتجاوز الضغط السياسي حيث يتم تقديم مشروع قانون والمصادقة عليه لكن لا يتم لاحقا إصدار الأوامر الترتيبية وبهذه الكيفية لا ينفذ هذا القانون. وقدم الفرشيشي مثالا على ما سماه بعدم كمال القانون، وهو القانون الصادر سنة 2016 المتعلق بالأراضي الاشتراكية فهذا القانون لم ينفذ لأنه لم يقع إصدار الأمر الترتيبي، ونصح النواب بعدم التنصيص في القوانين التي يقومون بسنها على الإحالة إلى أوامر ترتيبية وبين أنه في صورة عدم القدرة على تنفيذ قانون من الأفضل تعديله وليس إلغاء القانون برمته.
ومن المظاهر الأخرى للتضخم التشريعي، حسب قوله تعدد القوانين أي إصدار عدة نصوص لمعالجة وضعية واحدة بقطع النظر عن وجود تضارب من عدمه، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى النصوص المتعلقة بمكافحة الفساد حيث تم سن عدة قوانين في هذا الاتجاه والحال أنه يوجد الفصل 96 وهو نص واضح وصريح ويعتبر أنه على الموظف بصفته موظفا أن لا يخطئ وهو عندما يخطئ يكون قد ارتكب جريمة يعاقب عليها. ونفس الشيء بالنسبة إلى الاستثمار، إذ تعددت النصوص القانونية المتعلقة بهذا المجال حيث توجد مجلة الاستثمار وقانون لرفع الصعوبات التي تعيق الاستثمار وقانون يهدف إلى التشجيع على الاستثمار كما يوجد قرابة 12 أمرا يتعلق بالتشجيع على الاستثمار وإضافة إلى ذلك يجري العمل حاليا على إعداد مشروع قانون أفقي يتعلق بالاستثمار، ولاحظ أن المجال العقاري معني بدوره بتعدد القوانين، وبين أنه إضافة إلى عدم كمال التشريع وتعدد القوانين هناك قوانين غير نافذة أصلا مثل النص المتعلق بالمسكن الأول أو بالتمييز الايجابي في المسح العقاري وفسر أن المسح العقاري يتم بصفة مجانية والتسجيل يتم بمقابل وتم وضع تمييز إيجابي للتشجيع على التسجيل بالتنصيص على مجانيته لكن نظرا لعدم تحديد جهة معينة تتحمل تكاليف التسجيل فقد بقي النص غير نافذ.
وفي علاقة بتحرير النصوص القانونية لاحظ المدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية أنه لا يوجد مختصون في تحرير النصوص القانونية وبين أنه لا يتم التفريق بين مسألة المبادرة التشريعية التي هي من اختصاص رئيس الجمهورية والنواب وبين مسألة تحرير النص التشريعي وأضاف أن الدستور كرس ثنائية المبادرة التشريعية إذ يتم تقديمها من قبل رئيس الجمهورية ومن قبل النواب، كما ضبط الدستور النصاب المطلوب لتقديم مبادرة تشريعية من قبل النواب، ومنح الأولوية لمبادرة رئيس الجمهورية لأنه هو المسؤول عن السياسات.
حلول عديدة
واقترح القاضي منير الفرشيشي في خاتمة مداخلته التفكير في حلول وهي حسب رأيه القيام بأعمال الرقمنة التشريعية وذلك بعد القيام بالإحصاء التشريعي، والقيام بأعمال إعادة التصميم التشريعي، والقيام بأعمال التطهير التشريعي. كما اقترح وضع سياسة تشريعية كاملة ومتناسقة مع سياسات الدولة، وذكر أنه من المهم جدا الالتزام التشريعي بتحديد إجراءات إعداد النصوص التشريعية وأهمها الدراسات الأولوية ودراسة المؤثرات، كما أنه من الضروري بعث مركز مختص في تحرير النصوص التشريعية.
وخلص إلى أن التشريع مسألة سياسية، وتعقيبا على استفسارات النواب بين الفرشيشي أن مجلس النواب يدلي بالآليات التشريعية لبرامج الدولة. وقال إنه لا يمكن إعداد ملف تشريعي في غياب القيام بدراسات واستشارات. وبالنسبة إلى مشكل عدم تطبيق الأوامر أو المناشير من قبل الإدارات وهو مشكل تمت إثارته خلال الندوة بالإشارة إلى عدم التزام جميع البلديات بتطبيق منشور وزير الداخلية المتعلق بالربط بالشبكات العمومية، بين أنه في السابق كلما يتم إصدار نص تشريعي يتم تنظيم دورات تكوينية لفائدة الأطراف المتدخلة لشرحه، ويرى أنه على كل وزارة معنية بنص قانوني أو أمر تطبيقي جديد تنظيم دورة تكوينية للأعوان المعنيين بتنفيذه خاصة وأنه يتم تخصيص ميزانية في كل وزارة للتكوين. وبخصوص السؤال حول قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص قال إن هذا القانون فعلا من القوانين المهجورة. وتعقيبا عن استفسار آخر حول مدى الحاجة إلى مراجعة التشريعات المتعلقة بالانتزاع للمصلحة العمومية أشار إلى أن النص القانوني واضح وبمقتضاه تنتقل الملكية للدولة بمجرد صدور أمر الانتزاع.
وقبل تقديم مداخلته العلمية حول التضخم التشريعي وتقنيات التحرير، تطرق الفرشيشي إلى الدور الأساسي لمركز الدراسات القانونية والقضائية الذي يديره ويتمثل دوره حسب قوله في تقديم الاستشارات القانونية لجميع مؤسسات الدولة من حكومة ووزارات وهيئات ووكالات وسائر المؤسسات الدستورية والوطنية في مجال التشريع، كما أنه مطالب بالقيام بدراسات موجهة لها علاقة بالتشريع. وقال إن المركز منكب على ملف الإصلاح التشريعي.
المجلس مستهدف
وبين إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب خلال ندوة الأكاديمية البرلمانية حول التضخم التشريعي وتقنيات التحرير أنه تم إبرام اتفاقية تعاون مع مركز الدراسات القانونية والقضائية ويتم في إطارها تنظيم دورات تكوينية من شأنها أن تساعد النواب على القيام بدورهم التشريعي على أحسن وجه خاصة وأن جل مشاريع القوانين التي تحال إلى مجلس النواب من قبل الوظيفة التنفيذية يتم عرضها على هذا المركز بهدف تهذيب النص وتجويده. كما تحظى مقترحات القوانين المقدمة من قبل النواب حسب قوله بنفس العناية.
وأشار بودربالة إلى أن المجلس النيابي الحالي قضى قرابة سنتين ونصف لكنه لم يتوصل بثورة تشريعية أو بقوانين من شأنها أن تساهم في إصلاح الإدارة أو تنقيح القوانين المكبلة للجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وشدد على أهمية التعمق في دراسة القوانين ومراعاة مختلف الجوانب، وبين أنه على سبيل الذكر تم التشديد في عقوبات العنف ضد المرأة لكن كل أسبوع يقع تسجيل حادثة قتل امرأة، أما بالنسبة إلى المخدرات فالقانون نص على عقوبات صارمة خاصة بالنسبة إلى المروجين وقد تم تنقيح هذا القانون في اتجاه تخفيف عقوبة الاستهلاك، لكن ما أمكن ملاحظته بعد ذلك هو أن المخدرات أصبحت منتشرة حتى في المدارس. وتفاعلا مع النواب الذين تحدثوا عن الأوامر العلية أوضح بودربالة أنه لا يمكن إلغاء جميع الأوامر العلية لأن مجلة الأحوال الشخصية مثلا سنت بأمر علي. وبخصوص إسناد النواب في عملهم التشريعي أبدى رئيس المجلس رفضه فكرة اعتماد مساعدين برلمانين، لأن المجلس حسب تعبيره مستهدف، وبين أنه في صورة رغبة النواب في الحصول على استشارة فيمكن دعوة أساتذة جامعيين للغرض في إطار نشاط الأكاديمية البرلمانية، وخلص قائلا : «نحن نريد القيام بدورنا التشريعي والرقابي على أحسن وجه في إطار واضح وشفاف».
سعيدة بوهلال
استمع أعضاء مجلس نواب الشعب خلال ندوة نظمتها الأكاديمية البرلمانية أمس بقصر باردو إلى مداخلة حول «التضخّم التشريعي وتقنيات التحرير»، قدمها المدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية القاضي منير الفرشيشي ونبه فيها بالخصوص إلى سلبيات ظاهرة التضخم التشريعي، والمقصود بهذه العبارة حسب قوله كثرة القوانين مع ضعف التشريع، وخلال النقاش هناك من النواب من أشاروا إلى وجود ضرورة ملحة في تونس لثورة تشريعية لأنه من غير المنطقي تواصل العمل إلى غاية اليوم بأوامر عليّة تم سنها في عهد الباي، وقالوا إن هناك حاجة كبيرة لغربلة الترسانة القانونية القديمة وتخليصها من الشوائب من ناحية، ومن ناحية أخرى سن نصوص جديدة تتلاءم مع مقتضيات دستور 2022 وتكرس بصفة فعلية شعارات مسار 25 جويلية خاصة منها شعار السيادة الوطنية وشعار الدولة الاجتماعية.
وهناك من تساءل إن كان بإمكان نواب الشعب في هذه المرحلة الاستثنائية وضع دستور تشريعي استثنائي من شأنه إخراج البلاد من عنق الزجاجة، في حين تحدث بعضهم عن نصوص قانونية مهجورة لم تطبق من قبيل قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، إذ كل ما في الأمر أن هناك إدارة في بناية فخمة بالبحيرة لكن لا وجود لشراكة بين القطاعين، وأثار آخرون معضلة واجهت نواب الشعب، فالنائب عندما ترشح للانتخابات التشريعية قدم للهيئة العليا المستقلة للانتخابات ملفا تضمن تزكيات مرفقة بنقاط تلخص برنامجه الانتخابي الاجتماعي والاقتصادي، لكنه أثناء ممارسة دوره التشريعي يجد نفسه مكبلا لرفض مقترحات فيها أعباء مالية.
وفي مداخلته حول التضخم التشريعي وتقنيات التحرير، قال منير الفرشيشي القاضي والمدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية إن هذا الموضوع مهم للغاية، لأنه يتعلق بوضعية تنبئ بوجود أزمة تشريعية وتعطي صفة للتشريع وهو التضخم التشريعي، والتضخم حسب وصفه هو مسألة سلبية وغير صحية وتدل على وجود خلل، وفسر أن التشريع هو منظومة تقنية تحدد القواعد العامة الشرعية والقانون ليس الذي يصدر فقط على مجلس النواب لأن الدستور بدوره قانون وهناك ترتيب للقوانين يجب احترامه من منطلق أن القانون مصادره متعددة ومراتبه مختلفة ونظامه مضبوط، وأهم ما يضبط القانون هو أن القاعدة العليا يجب أن تحترم من القواعد السفلى ولا يجوز لأمر أن يلغي قانونا أو أن يصبح قانونا. وأشار إلى أن التشريع ليس فقط سن قوانين بل القانون هو بالضرورة مضبوط بمبادئ علوية الدستور وعند الحديث عن الدستور يتم الدخول في المجال السياسي، لأن الدستور إطار منظم للعلاقات السياسية وهو ما يعني وجود ترابط بين التشريعي وبين السياسي الأمر الذي يدعو إلى التساؤل حول دور الدولة، وأجاب الفرشيشي أن الدولة لها سياسات، كأن تركز في سياساتها على مجانية التعليم والدولة حسب الدستور مسؤولة على البرامج السياسية وفي الدستور هناك الوظيفة التنفيذية وهي التي تحدد السياسات. ونظرا إلى أن سياسة الدولة موجهة للمرافق العامة فيتم التوجه بتلك السياسات والبرامج السياسية لمجلس النواب لإقناعه بها وعندما يقتنع المجلس النيابي يعطي موافقته عليها وبالتالي يتم تقديم الإمكانيات التشريعية للتنفيذ وفي صورة عدم موافقته فلا يتم تنفيذ سياسات الدولة.
وذكر المدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية أن هذا لا يعني أن الحكومة يمكنها أن تطلب من المجلس أن يمرر لها قانونا جديدا كل يوم أو أن يعدل قانونا مرره بالأمس، مثلما لا يجوز لنائب الشعب أن يفرض تمرير قانون لأن هناك فئة معينة تضغط عليه وتريد سن ذلك القانون.. ونبه الخبير النواب إلى وجود فرق كبير بين قانون دولة وقانون فئة. ولاحظ أن أهم فترة حدث فيها تضخم تشريعي في تونس هي الفترة التي سبقت 25 جويلية وذلك بسبب غياب إستراتيجية تشريعية إضافة إلى مؤثرات النظام البرلماني وسلطة الأحزاب السياسية بما أدى إلى تعطيل قوانين بموجب المعارضات وتسريح قوانين بموجب الاتفاقات وذلك دون الالتفات إلى جدية النص وجدواه، وذكر أنه يتعين على الدولة القيام بإحصاء عدد القوانين في كل ميدان، ووصف الفرشيشي التضخم التشريعي بالظاهرة السلبية إذا كانت نفس الوضعية معنية بعدة قوانين أو بقوانين متضاربة وتؤدي إلى جعل القانون يوقف تنفيذ قانون. وأضاف أن الخطير في كثرة القوانين هو أنها لا تؤدي إلى أي حل خاصة إذا كانت القوانين متضاربة لأنه في هذه الحالة، القانون يعطل القانون، وهو ما يجعل التونسي غير قادر على الحصول على حقه وفي صورة عدم النفاذ إلى القانون يغيب الأمن وهذا ناتج على أن القانون فاقد للجودة.
استقرار تشريعي
ويرى الفرشيشي أن مسؤولية النائب هي فوق المؤسسات لأنه هو الذي يعطي المداخل التشريعية لقيام الدولة وعندما لا يكون هناك توافق بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية تؤدي هذه الوضعية إلى إضعاف معنى الدولة. ولاحظ أن تونس اليوم تعيش استقرارا تشريعيا لكن لا توجد جودة تشريعية، وفسر أن الدولة إذا كانت أضعف من المجموعات يحصل تضخم تشريعي وإذا كانت الدولة أقوى من المجموعات يتم التحكم في التشريعات أي أن الدولة تقدم قانونا عندما يقتضي الأمر تقديمه.
وفي ورقة قدمها الفرشيشي لنواب الشعب، أشار إلى أن التشريع هو المنظومة القانونية المحيطة والضامنة لقيام الدولة وتحديد كيفية تعاملها مع أفراد المجموعة عبر مؤسساتها وللتشريع حسب قوله علاقة مباشرة بتحقيق سياسات الدولة من جميع جوانب مهامها ومسؤولياتها تجاه الفرد أو المجموعة تجاه الأشخاص أو الهياكل والمؤسسات، وبين أن التشريع الايجابي هو الذي يتمكن من تحقيق المعادلة والتناغم بين طلبات المجموعة وسياسات الدولة فإن كانت هذه السياسات خارج إطار متطلبات المجموعة يكون التشريع خارج الإطار الاجتماعي وإذا كان القانون لا يتجانس مع سياسات الدولة يكون التشريع خارج إطار مهمات الدولة والتزاماتها، فالربط بين الدولة والقانون ربط وجوبي ووجودي حيث ينسب القانون للدولة وتنسب الدولة للقانون ومن ثمة قامت فكرة دولة القانون وقانون الدولة. ولكن أي قانون وجب على الدولة اعتماده نوعا وكما، لا أكثر ولا أقل.
وتعقيبا عن هذا السؤال أجاب منير الفرشيشي أن الأصل في الأشياء أنه على الدولة أن تسن ما وجب من نصوص تشريعية ضرورية لتحقيق سياساتها فأقل من القانون هو لا قانون وأكثر من القانون هو أيضا لا قانون. وركز القاضي منير الفرشيشي في مداخلته على ما يستوجب من قوانين والمقصود بذلك عدم سن أكثر مما يلزم من قوانين لعدم الوقوع في ظاهرة ما يسمى بالتضخم التشريعي.
ولدى تعريفه بظاهرة التضخم التشريعي، أشار إلى أن بدايات هذه الظاهرة في شكلها الأصلي تتلخص في ثلاث مراحل كبرى وهي العصور بعد البدائية حيث تبين المراجع الفقهية القديمة جدا أن الفساد التشريعي ظاهرة إنسانية ثم العصر الأقل تقدما، وبقيت الظاهرة قائمة حتى في العصر الحديث حيث أثرت على أكبر الدول عراقة في المجال التشريعي وهي فرنسا وقد دق هذا البلد نواقيس الخطر من ظاهرة التضخم التشريعي في ثلاثة مواعيد كان أولها سنة 1991 بمناسبة تقديم دراسة حول الأمن القانوني وكان الموعد الثاني سنة 2006 خلال دراسة تتعلق بالأمان القانوني وإشكاليات التشريع وبموجبها نقح الدستور في اتجاه الإلزام بالقيام بدراسة المؤثرات لكل مشروع قانون يتم تقديمه للبرلمان، أما الموعد الثالث فكان في سنة 2006 وذلك في دراسة حول التيسير القانوني وجودة التشريع، ولم تقتصر إثارة ظاهرة التضخم التشريعي على الدول الأوروبية فهناك دول أخرى تناولت هذه المسألة، أما في تونس فلم تقم أي جهة حسب تأكيده بدراسة حول تقييم التشريع الوطني والوقوف على ظاهرة التضخم التشريعي. ولاحظ الفرشيشي أنه توجد قوانين في تونس معمول بها حاليا تعود إلى عهد الباي.
إصلاح تشريعي
ولحوكمة التشريع يرى القاضي منير الفرشيشي أنه لا يوجد حل سوى الرقمنة، ولكن قبل الرقمنة يجب إحصاء القوانين ولاحظ أن الحركة التشريعية في تونس مرتبطة بالتطور السياسي للدولة التونسية، إذ يجب الأخذ بعين الاعتبار فترة ما قبل الدولة الوطنية من العهد المرادي فالحسيني وفترة الحماية وكل فترة اصطبغت بنوعية تشريعية خاصة، وذكر أنه في دراسة قام بها حول الوضع العقاري وجد قانونا يعود إلى الخمسينات وهو يتعلق بمصادرة العقار الفلاحي وبموجبه تتم المصادرة في حال عدم استغلال الأرض الفلاحية ولاحظ أن هذا القانون مازال موجودا وفي صورة تطبيقه سيؤدي ذلك إلى مصادرة الكثير من الأراضي، ويرى القاضي أن مثل هذه القوانين لا يمكن التفطن إليها إلا من خلال الإحصاء التشريعي. وبين أنه مازلنا في تونس نستعمل عبارة ملك البيليك لأنها موجودة في نص تشريعي وهذا النص تم سنه منذ سنة 1918، وأشار إلى أن الفرنسيين قاموا بإحصاء تشريعي لكن في تونس هناك قوانين مجمدة وهو ما يقتضي حسب رأيه القيام بإصلاح تشريعي عميق ويتطلب الأمر تخصيص وزارة أو كتابة دولة للقيام بهذه المهمة.
وأضاف أنه من مظاهر التضخم التشريعي كثرة الإحالات للأوامر ولكن في صورة عدم صدور الأمر لا ينفذ القانون، وهذه التقنية يتم استعمالها كحيلة لتجاوز الضغط السياسي حيث يتم تقديم مشروع قانون والمصادقة عليه لكن لا يتم لاحقا إصدار الأوامر الترتيبية وبهذه الكيفية لا ينفذ هذا القانون. وقدم الفرشيشي مثالا على ما سماه بعدم كمال القانون، وهو القانون الصادر سنة 2016 المتعلق بالأراضي الاشتراكية فهذا القانون لم ينفذ لأنه لم يقع إصدار الأمر الترتيبي، ونصح النواب بعدم التنصيص في القوانين التي يقومون بسنها على الإحالة إلى أوامر ترتيبية وبين أنه في صورة عدم القدرة على تنفيذ قانون من الأفضل تعديله وليس إلغاء القانون برمته.
ومن المظاهر الأخرى للتضخم التشريعي، حسب قوله تعدد القوانين أي إصدار عدة نصوص لمعالجة وضعية واحدة بقطع النظر عن وجود تضارب من عدمه، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى النصوص المتعلقة بمكافحة الفساد حيث تم سن عدة قوانين في هذا الاتجاه والحال أنه يوجد الفصل 96 وهو نص واضح وصريح ويعتبر أنه على الموظف بصفته موظفا أن لا يخطئ وهو عندما يخطئ يكون قد ارتكب جريمة يعاقب عليها. ونفس الشيء بالنسبة إلى الاستثمار، إذ تعددت النصوص القانونية المتعلقة بهذا المجال حيث توجد مجلة الاستثمار وقانون لرفع الصعوبات التي تعيق الاستثمار وقانون يهدف إلى التشجيع على الاستثمار كما يوجد قرابة 12 أمرا يتعلق بالتشجيع على الاستثمار وإضافة إلى ذلك يجري العمل حاليا على إعداد مشروع قانون أفقي يتعلق بالاستثمار، ولاحظ أن المجال العقاري معني بدوره بتعدد القوانين، وبين أنه إضافة إلى عدم كمال التشريع وتعدد القوانين هناك قوانين غير نافذة أصلا مثل النص المتعلق بالمسكن الأول أو بالتمييز الايجابي في المسح العقاري وفسر أن المسح العقاري يتم بصفة مجانية والتسجيل يتم بمقابل وتم وضع تمييز إيجابي للتشجيع على التسجيل بالتنصيص على مجانيته لكن نظرا لعدم تحديد جهة معينة تتحمل تكاليف التسجيل فقد بقي النص غير نافذ.
وفي علاقة بتحرير النصوص القانونية لاحظ المدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية أنه لا يوجد مختصون في تحرير النصوص القانونية وبين أنه لا يتم التفريق بين مسألة المبادرة التشريعية التي هي من اختصاص رئيس الجمهورية والنواب وبين مسألة تحرير النص التشريعي وأضاف أن الدستور كرس ثنائية المبادرة التشريعية إذ يتم تقديمها من قبل رئيس الجمهورية ومن قبل النواب، كما ضبط الدستور النصاب المطلوب لتقديم مبادرة تشريعية من قبل النواب، ومنح الأولوية لمبادرة رئيس الجمهورية لأنه هو المسؤول عن السياسات.
حلول عديدة
واقترح القاضي منير الفرشيشي في خاتمة مداخلته التفكير في حلول وهي حسب رأيه القيام بأعمال الرقمنة التشريعية وذلك بعد القيام بالإحصاء التشريعي، والقيام بأعمال إعادة التصميم التشريعي، والقيام بأعمال التطهير التشريعي. كما اقترح وضع سياسة تشريعية كاملة ومتناسقة مع سياسات الدولة، وذكر أنه من المهم جدا الالتزام التشريعي بتحديد إجراءات إعداد النصوص التشريعية وأهمها الدراسات الأولوية ودراسة المؤثرات، كما أنه من الضروري بعث مركز مختص في تحرير النصوص التشريعية.
وخلص إلى أن التشريع مسألة سياسية، وتعقيبا على استفسارات النواب بين الفرشيشي أن مجلس النواب يدلي بالآليات التشريعية لبرامج الدولة. وقال إنه لا يمكن إعداد ملف تشريعي في غياب القيام بدراسات واستشارات. وبالنسبة إلى مشكل عدم تطبيق الأوامر أو المناشير من قبل الإدارات وهو مشكل تمت إثارته خلال الندوة بالإشارة إلى عدم التزام جميع البلديات بتطبيق منشور وزير الداخلية المتعلق بالربط بالشبكات العمومية، بين أنه في السابق كلما يتم إصدار نص تشريعي يتم تنظيم دورات تكوينية لفائدة الأطراف المتدخلة لشرحه، ويرى أنه على كل وزارة معنية بنص قانوني أو أمر تطبيقي جديد تنظيم دورة تكوينية للأعوان المعنيين بتنفيذه خاصة وأنه يتم تخصيص ميزانية في كل وزارة للتكوين. وبخصوص السؤال حول قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص قال إن هذا القانون فعلا من القوانين المهجورة. وتعقيبا عن استفسار آخر حول مدى الحاجة إلى مراجعة التشريعات المتعلقة بالانتزاع للمصلحة العمومية أشار إلى أن النص القانوني واضح وبمقتضاه تنتقل الملكية للدولة بمجرد صدور أمر الانتزاع.
وقبل تقديم مداخلته العلمية حول التضخم التشريعي وتقنيات التحرير، تطرق الفرشيشي إلى الدور الأساسي لمركز الدراسات القانونية والقضائية الذي يديره ويتمثل دوره حسب قوله في تقديم الاستشارات القانونية لجميع مؤسسات الدولة من حكومة ووزارات وهيئات ووكالات وسائر المؤسسات الدستورية والوطنية في مجال التشريع، كما أنه مطالب بالقيام بدراسات موجهة لها علاقة بالتشريع. وقال إن المركز منكب على ملف الإصلاح التشريعي.
المجلس مستهدف
وبين إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب خلال ندوة الأكاديمية البرلمانية حول التضخم التشريعي وتقنيات التحرير أنه تم إبرام اتفاقية تعاون مع مركز الدراسات القانونية والقضائية ويتم في إطارها تنظيم دورات تكوينية من شأنها أن تساعد النواب على القيام بدورهم التشريعي على أحسن وجه خاصة وأن جل مشاريع القوانين التي تحال إلى مجلس النواب من قبل الوظيفة التنفيذية يتم عرضها على هذا المركز بهدف تهذيب النص وتجويده. كما تحظى مقترحات القوانين المقدمة من قبل النواب حسب قوله بنفس العناية.
وأشار بودربالة إلى أن المجلس النيابي الحالي قضى قرابة سنتين ونصف لكنه لم يتوصل بثورة تشريعية أو بقوانين من شأنها أن تساهم في إصلاح الإدارة أو تنقيح القوانين المكبلة للجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وشدد على أهمية التعمق في دراسة القوانين ومراعاة مختلف الجوانب، وبين أنه على سبيل الذكر تم التشديد في عقوبات العنف ضد المرأة لكن كل أسبوع يقع تسجيل حادثة قتل امرأة، أما بالنسبة إلى المخدرات فالقانون نص على عقوبات صارمة خاصة بالنسبة إلى المروجين وقد تم تنقيح هذا القانون في اتجاه تخفيف عقوبة الاستهلاك، لكن ما أمكن ملاحظته بعد ذلك هو أن المخدرات أصبحت منتشرة حتى في المدارس. وتفاعلا مع النواب الذين تحدثوا عن الأوامر العلية أوضح بودربالة أنه لا يمكن إلغاء جميع الأوامر العلية لأن مجلة الأحوال الشخصية مثلا سنت بأمر علي. وبخصوص إسناد النواب في عملهم التشريعي أبدى رئيس المجلس رفضه فكرة اعتماد مساعدين برلمانين، لأن المجلس حسب تعبيره مستهدف، وبين أنه في صورة رغبة النواب في الحصول على استشارة فيمكن دعوة أساتذة جامعيين للغرض في إطار نشاط الأكاديمية البرلمانية، وخلص قائلا : «نحن نريد القيام بدورنا التشريعي والرقابي على أحسن وجه في إطار واضح وشفاف».