ندوة "دار الصباح" بمعرض تونس الدولي للكتاب: "من الرواية إلى الدراما والسينما: التحديات وإمكانات التلاقي"
مقالات الصباح
- دعوة إلى تخصيص جزء من الدعم للإنتاج السينمائي من الأدب التونسي
- الإنتاج الدرامي التلفزيوني الرمضاني من المفروض أن يكون أغلبه أو كله مقتبسًا من النصوص الأدبية التونسية
اختتمت أمس السبت 3 ماي 2025 بقصر المعارض بالكرم سلسلة اللقاءات والندوات الثقافية التي نظمتها «دار الصباح» طيلة فعاليات الدورة 39 من معرض تونس الدولي للكتاب. وجاءت الندوة الأخيرة تحت عنوان «من الرواية إلى الدراما والسينما: التحديات وإمكانات التلاقي»، بإدارة الصحفية بقسم الشؤون الثقافية بجريدة «الصباح» نجلاء قموع، وبحضور السينمائي إبراهيم لطيف والروائي الأسعد بن حسين.
استعرض اللقاء جملة من المحاور التي تعلقت أساسًا بأسباب غياب الأعمال السينمائية والدرامية المقتبسة من الروايات والكتابات التونسية، خلافًا لما يحدث في دول عربية وفي مقدمتها مصر، وفي بقية دول العالم، حيث تمّ إنتاج عدة أفلام سينمائية مقتبسة من روايات عالمية أو محلية.
تجربتهما في العمل معًا تعود إلى التسعينات في عمل جمعهما بجنوب أفريقيا، وتمحورت التجربة كمنتجين منفذين في فيلمين: «أفريقيا تحلم» و»حي درابك»، وفيلم ثالث قصير أخرجه لطيف بالاشتراك مع المخرجة سنية زرق العيون تحت عنوان «إقرأ»...
واعتبر الحاضرون أن تجربة الاقتباسات بدأت تظهر مع أيام قرطاج السينمائية، ووفق إبراهيم لطيف، كانت هناك أسماء بارزة في هذا السياق، منها محمد صالح الجابري في السينما الطويلة، والليال العشر لإبراهيم باباي، و»غدًا» لعبد القادر بالشيخ، وتحويل أربعة أعمال لعلي الدوعاجي، منها في «بلاد التارانني».
واعتبرت الصحفية نجلاء قموع أنه رغم هذه الأعمال، فإن تجربة الاقتباس في تونس تبقى محتشمة مقارنة بمصر، التي انطلقت في هذه التجربة منذ الثلاثينات بالالتجاء إلى الأعمال المصرية أو العربية أو العالمية.
وأضافت أنّ هناك دراسات عديدة أكدت أن أكثر من 360 عملًا وفيلمًا مصريًا تم إنتاجه بين سنة 1930 وأواخر 2019 تم اقتباسها من إنتاجات مصرية وعربية وغربية. ولكن في المقابل، ورغم ثراء الأدب التونسي، فإنه لم يتم اقتباس أعمال للسينما أو للدراما. ليطرح التساؤل: هل ذلك يعود إلى خصوصيات الرواية التونسية، أم إلى الإنتاج، أم هناك أسباب أخرى؟
وأوضح الروائي الأسعد بن حسين أنّه بحسب دراسة أجراها كمال بن وناس سنة 2016، فإن ضعف الاقتباس في السينما التونسية يعود إلى عدة أسباب رئيسية، منها ضعف الإنتاج في هذا المجال، الذي يتراوح بين 4 و5 أفلام طويلة و10 أفلام قصيرة في السنة. فمن الصعب أن يكون هناك اقتباس، بالإضافة إلى ذلك توجد العلاقة المحتشمة بين السينمائيين والكتاب، باعتبار أنه ليس لديهم ثقافة سينمائية، في حين أن أغلب السينمائيين التونسيين، خاصة من الجيل الأول، لديهم ثقافة فرنسية.
وفي ذات السياق، أوضح المخرج إبراهيم لطيف أنه رغم الطابع الفرنكوفوني للجيل الأول والجيل الثاني في المشهد السينمائي، فإننا نلاحظ أن معظم الأعمال التي تمّ اقتباسها من الرواية أو القصة التونسية كانت غداة الاستقلال. واليوم، على العكس من ذلك، قلت عمليات الاقتباس، ويُعتبر الروائي الأسعد بن حسين ظاهرة فريدة لأنه أولًا يحب السينما، وثانيًا لأنه من الأشخاص الذين يقدمون مقترحات للمخرجين وفق نفس المتحدث.
وأضاف قائلاً: «أرى أن المشكلة في عدم وجود علاقة وطيدة بين الأدب والسينما تكمن في غياب السيناريست الذي يربط بينهما، فليس لدينا مدارس تُكون السيناريست، كما لم يُقدم الكتاب على هذه النوعية الجديدة من الكتابة».
وتواصل النقاش بخصوص مسألة جوهرية تعلقت بمدى التوافق بين السردية البصرية والسردية الأدبية والخيط الرفيع بينهما، وكان التساؤل أيضًا عن التقنيات الممكنة لتحويل الرواية إلى السينما أو للدراما.
في هذا السياق، أكد الروائي الأسعد بن حسين أنه حسب إحصائيات وزارة الشؤون الثقافية، تمّ إنتاج 11 فيلمًا بخلاف الأعمال الدرامية والوثائقيات، قائلاً: «بشهادة أصدقائي المخرجين، فإنهم يؤكدون بأنني أكتب كتابة سردية فيها تقنيات المشهدية، إلى جانب أن المضامين التي أقدمها قريبة جدًا من السينما التونسية، خاصة منها الأفلام القصيرة، ففيها جرأة معينة. أي هناك كتابة للصورة، وأيضًا هناك مضامين، وفي السينما هناك حرية أكثر. وأنا كاتب متمرد في كتاباتي، هناك جرأة».
وفي ذات السياق، أوضح المخرج إبراهيم لطيف أنّ الكتابة السينمائية والكتابة التلفزية يختلفان، وليس في علاقة بالجمهور المتلقي بل بالتقنيات والإيقاع والعديد من العوامل الأخرى.
وأضاف أن كتابات الأسعد بن حسين هي كتابات مشهدية، وهي سينمائية أكثر منها مسرحية أو تلفزية، وهذا يُسهل عملية الاقتباس، وفي الكتابة السينمائية ليس المهمّ الحوار، وإنما النص في حد ذاته.
تساءل الحضور أيضًا عن الإمكانيات المتاحة للكاتب أو الروائي للتدخل في العمل السينمائي، فهل يمكن التدخل في المنتج البصري أم يترك مسافة للمخرج للتصرف؟ فاعتبر إبراهيم لطيف أن المشكلة تكمن في ضمان حقوق الكاتب في ظل غياب الحقوق بصفة عامة، خاصة منها الأدبية أو الملكية الفكرية.
من جهته، أكد الروائي الأسعد بن حسين أنه من بين 11 فيلمًا، ثلاثة أفلام فقط قام بالتدخل في العمل البصري لها، وفيلمين آخرين قدم حولهما بعض الملاحظات، والبقية لا، ولكنه اعتبر أن القصة ليست كتابًا مقدسًا وللمخرج حرية اختيار توجهاته. فتدخله يكون أحيانًا من باب الصداقة والمحبة.
ومن الجانب الإنتاجي، وعن أهم التحديات التي تقف أمام تحويل عمل روائي تونسي، كان التساؤل الذي أجاب عنه المخرج إبراهيم لطيف، قائلاً: «إن الأمر يعود إلى التمويل المتاح، والذي يفتح بدوره إشكاليات أخرى، خاصة إذا كان التمويل أجنبيًا ويفرض روايته إلى درجة أنه يشوه النص الأصلي».
إيمان عبد اللطيف
- دعوة إلى تخصيص جزء من الدعم للإنتاج السينمائي من الأدب التونسي
- الإنتاج الدرامي التلفزيوني الرمضاني من المفروض أن يكون أغلبه أو كله مقتبسًا من النصوص الأدبية التونسية
اختتمت أمس السبت 3 ماي 2025 بقصر المعارض بالكرم سلسلة اللقاءات والندوات الثقافية التي نظمتها «دار الصباح» طيلة فعاليات الدورة 39 من معرض تونس الدولي للكتاب. وجاءت الندوة الأخيرة تحت عنوان «من الرواية إلى الدراما والسينما: التحديات وإمكانات التلاقي»، بإدارة الصحفية بقسم الشؤون الثقافية بجريدة «الصباح» نجلاء قموع، وبحضور السينمائي إبراهيم لطيف والروائي الأسعد بن حسين.
استعرض اللقاء جملة من المحاور التي تعلقت أساسًا بأسباب غياب الأعمال السينمائية والدرامية المقتبسة من الروايات والكتابات التونسية، خلافًا لما يحدث في دول عربية وفي مقدمتها مصر، وفي بقية دول العالم، حيث تمّ إنتاج عدة أفلام سينمائية مقتبسة من روايات عالمية أو محلية.
تجربتهما في العمل معًا تعود إلى التسعينات في عمل جمعهما بجنوب أفريقيا، وتمحورت التجربة كمنتجين منفذين في فيلمين: «أفريقيا تحلم» و»حي درابك»، وفيلم ثالث قصير أخرجه لطيف بالاشتراك مع المخرجة سنية زرق العيون تحت عنوان «إقرأ»...
واعتبر الحاضرون أن تجربة الاقتباسات بدأت تظهر مع أيام قرطاج السينمائية، ووفق إبراهيم لطيف، كانت هناك أسماء بارزة في هذا السياق، منها محمد صالح الجابري في السينما الطويلة، والليال العشر لإبراهيم باباي، و»غدًا» لعبد القادر بالشيخ، وتحويل أربعة أعمال لعلي الدوعاجي، منها في «بلاد التارانني».
واعتبرت الصحفية نجلاء قموع أنه رغم هذه الأعمال، فإن تجربة الاقتباس في تونس تبقى محتشمة مقارنة بمصر، التي انطلقت في هذه التجربة منذ الثلاثينات بالالتجاء إلى الأعمال المصرية أو العربية أو العالمية.
وأضافت أنّ هناك دراسات عديدة أكدت أن أكثر من 360 عملًا وفيلمًا مصريًا تم إنتاجه بين سنة 1930 وأواخر 2019 تم اقتباسها من إنتاجات مصرية وعربية وغربية. ولكن في المقابل، ورغم ثراء الأدب التونسي، فإنه لم يتم اقتباس أعمال للسينما أو للدراما. ليطرح التساؤل: هل ذلك يعود إلى خصوصيات الرواية التونسية، أم إلى الإنتاج، أم هناك أسباب أخرى؟
وأوضح الروائي الأسعد بن حسين أنّه بحسب دراسة أجراها كمال بن وناس سنة 2016، فإن ضعف الاقتباس في السينما التونسية يعود إلى عدة أسباب رئيسية، منها ضعف الإنتاج في هذا المجال، الذي يتراوح بين 4 و5 أفلام طويلة و10 أفلام قصيرة في السنة. فمن الصعب أن يكون هناك اقتباس، بالإضافة إلى ذلك توجد العلاقة المحتشمة بين السينمائيين والكتاب، باعتبار أنه ليس لديهم ثقافة سينمائية، في حين أن أغلب السينمائيين التونسيين، خاصة من الجيل الأول، لديهم ثقافة فرنسية.
وفي ذات السياق، أوضح المخرج إبراهيم لطيف أنه رغم الطابع الفرنكوفوني للجيل الأول والجيل الثاني في المشهد السينمائي، فإننا نلاحظ أن معظم الأعمال التي تمّ اقتباسها من الرواية أو القصة التونسية كانت غداة الاستقلال. واليوم، على العكس من ذلك، قلت عمليات الاقتباس، ويُعتبر الروائي الأسعد بن حسين ظاهرة فريدة لأنه أولًا يحب السينما، وثانيًا لأنه من الأشخاص الذين يقدمون مقترحات للمخرجين وفق نفس المتحدث.
وأضاف قائلاً: «أرى أن المشكلة في عدم وجود علاقة وطيدة بين الأدب والسينما تكمن في غياب السيناريست الذي يربط بينهما، فليس لدينا مدارس تُكون السيناريست، كما لم يُقدم الكتاب على هذه النوعية الجديدة من الكتابة».
وتواصل النقاش بخصوص مسألة جوهرية تعلقت بمدى التوافق بين السردية البصرية والسردية الأدبية والخيط الرفيع بينهما، وكان التساؤل أيضًا عن التقنيات الممكنة لتحويل الرواية إلى السينما أو للدراما.
في هذا السياق، أكد الروائي الأسعد بن حسين أنه حسب إحصائيات وزارة الشؤون الثقافية، تمّ إنتاج 11 فيلمًا بخلاف الأعمال الدرامية والوثائقيات، قائلاً: «بشهادة أصدقائي المخرجين، فإنهم يؤكدون بأنني أكتب كتابة سردية فيها تقنيات المشهدية، إلى جانب أن المضامين التي أقدمها قريبة جدًا من السينما التونسية، خاصة منها الأفلام القصيرة، ففيها جرأة معينة. أي هناك كتابة للصورة، وأيضًا هناك مضامين، وفي السينما هناك حرية أكثر. وأنا كاتب متمرد في كتاباتي، هناك جرأة».
وفي ذات السياق، أوضح المخرج إبراهيم لطيف أنّ الكتابة السينمائية والكتابة التلفزية يختلفان، وليس في علاقة بالجمهور المتلقي بل بالتقنيات والإيقاع والعديد من العوامل الأخرى.
وأضاف أن كتابات الأسعد بن حسين هي كتابات مشهدية، وهي سينمائية أكثر منها مسرحية أو تلفزية، وهذا يُسهل عملية الاقتباس، وفي الكتابة السينمائية ليس المهمّ الحوار، وإنما النص في حد ذاته.
تساءل الحضور أيضًا عن الإمكانيات المتاحة للكاتب أو الروائي للتدخل في العمل السينمائي، فهل يمكن التدخل في المنتج البصري أم يترك مسافة للمخرج للتصرف؟ فاعتبر إبراهيم لطيف أن المشكلة تكمن في ضمان حقوق الكاتب في ظل غياب الحقوق بصفة عامة، خاصة منها الأدبية أو الملكية الفكرية.
من جهته، أكد الروائي الأسعد بن حسين أنه من بين 11 فيلمًا، ثلاثة أفلام فقط قام بالتدخل في العمل البصري لها، وفيلمين آخرين قدم حولهما بعض الملاحظات، والبقية لا، ولكنه اعتبر أن القصة ليست كتابًا مقدسًا وللمخرج حرية اختيار توجهاته. فتدخله يكون أحيانًا من باب الصداقة والمحبة.
ومن الجانب الإنتاجي، وعن أهم التحديات التي تقف أمام تحويل عمل روائي تونسي، كان التساؤل الذي أجاب عنه المخرج إبراهيم لطيف، قائلاً: «إن الأمر يعود إلى التمويل المتاح، والذي يفتح بدوره إشكاليات أخرى، خاصة إذا كان التمويل أجنبيًا ويفرض روايته إلى درجة أنه يشوه النص الأصلي».
إيمان عبد اللطيف