تحوّلت ظاهرة تقليد المنتوجات الى آفة تنخر اقتصاديات أغلب الدول، وتساهم في تدني جودة المنتجات التي أصبحت تهدّد صحة المستهلك وتعرّضه الى أمراض خطيرة أو تشوّهات، يصعب علاجها، خاصة في علاقة بمواد التجميل التي تعتبر من أكثر المواد عرضة للتقليد في الأسواق التونسية، والاقتصاد الوطني كغيره من الاقتصاديات يعاني منذ سنوات طويلة من ظاهرة التقليد التي تسرّبت حتى الى المنتجات التقليدية العريقة وتهدّد الإرث الحضاري والتاريخي الوطني..
وأمام هذه المخاطر ولمواجهة ظاهرة التقليد، أعلن وزير التجارة وتنمية الصادرات سمير عبيد، يوم الجمعة الماضي، خلال افتتاح اليوم الإعلامي حول «حقوق الملكية الفكرية كرافعة لتنمية الصادرات» عن توجّه وزارة التجارة الى تركيز «المجلس الوطني لمقاومة التقليد»، الذي سيعمل على إعداد خطة وطنية لتعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي لمحاربة هذه الظاهرة وحماية المستهلكين والاقتصاد الوطني، كما أشار وزير التجارة الى أن حماية براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق النشر والتصاميم الصناعية ضرورية، لأنها تشكّل أدوات حيوية لحماية الإبداع وتحفير الاستثمار بما يعزّز المنتجات التونسية وتموقعها كصادرات في الأسواق العالمية .
وفكرة بعث مجلس وطني لمقاومة التقليد تم طرحها منذ سنوات، إلا أنها لم تفعّل بقرار إلا اليوم، حيث طرحها وزير التجارة السابق رضا لحول في سنة 2015 خلال ملتقى وطني حول التصدّي ومقاومة التقليد، إذ دعا الى ضرورة تفعيل المجلس الوطني لمكافحة التقليد ليشكل فضاء للتفكير واقتراح الآليات والخطوط العريضة لمكافحة ظاهرة التقليد.
ووفق المعطيات الرسمية للأجهزة والمصالح المعنية بالتصدّي لهذه الظاهرة السلبية، وخاصة مصالح الديوانة التونسية، فإن أكثر المواد المستهدفة من التقليد في تونس، والتي يتم حجزها هي مواد التجميل والسجائر والعطورات والملابس الرياضية ولعب الأطفال والصناعات التقليدية بالإضافة الى بروز، ظاهرة جديدة في التقليد تستهدف الموروث التقليدي التونسي، من خزف ومنسوجات ومجّسمات مثل الخمسة وأقفاص سيدي بوسعيد، بالإضافة الى الملابس التقليدية.
أفه التقليد
أواخر شهر جوان من العام الماضي، وخلال يوم دراسي وإعلامي عقدته وزارة التجارة حول مقاومة التقليد والقرصنة، كشف مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية حسام الدين التويتي، أن حملات المراقبة المشتركة بين مختلف الجهات المعنية بالتصدّي للتقليد ومنذ انطلاق برنامج الخطة الوطنية لمكافحة التقليد والقرصنة سنة 2006 للحدّ من ظاهرتي التقليد والقرصنة بالسوق التونسية قد أسفرت عن حجز أكثر من 10 مليون منتج مقلّد ورصد ما يزيد عن 4000 مخالفة اقتصادية ومعالجة أكثر من 400 عريضة، مؤكدا أن التحديات التي تواجهها تونس في السنوات القادمة هو التصدّي الى المنتوجات المقلّدة والتي يتم ترويجها عبر المسالك الرقمية وفي مواقع التواصل الاجتماعي. وفي نفس اليوم الإعلامي أكّدت رئيسة ديوان وزيرة التجارة وتنمية الصادرات، لمياء عبروق، أن عمليات التقليد والقرصنة تمثل جرائم أخلاقية وقانونية وتعدّ من أخطر مظاهر المنافسة غير الشريفة التي تخلّ بنزاهة المعاملات وهي لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد لا سيما وأن عمليات التقليد والقرصنة تحولت الى أنظمة صناعية وتكنولوجية، تشمل جميع القطاعات دون استثناء. وخلال نفس اليوم الدراسي تم التأكيد على أن وزارة التجارة حرصت على مراجعة الجانب التشريعي بالإضافة الى تعزيز الجانب الرقابي وذلك من خلال تنقيح قانون حماية علامات الصنع والتجارة والخدمات الذي تم سنّه في 2007 وذلك من خلال مضاعفة العقوبة حيث رفع في الحدّ الأدنى من العقوبة من 5 آلاف دينار الى 10 آلاف دينار وقد تصل الى حدود 50 ألف دينار.
ومنذ سنوات تقود المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك حملات متواصلة للتصدّي للتقليد وآخرها الحملة التي انجزتها في نوفمبر 2023 وذلك من خلال تنظيم «الحملة الوطنية لمكافحة تقليد العلامات» والتي تواصلت على امتداد 100 يوم، في إطار مساندة الجهود الوطنية المبذولة في مكافحة التجارة الموازية، وتعريف المستهلك بالمضار الصحية في اقتناء المواد المقلدة خاصة في مواد التجميل وما شابهها.
استراتيجية جديدة لوزارة التجارة
خلال اليوم الإعلامي الأخير، حول حقوق الملكية الفكرية، أكد وزير التجارة أن حماية الملكية الفكرية يشمل عدة مكونات، كبراءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق النشر والتصاميم الصناعية والتي تمثل دعامة أساسية لتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات والخدمات التونسية وهي آلية ضرورية لدعم التصدير والتموقع في الأسواق الخارجية، وأشار إلى بعث الوزارة المجلس الوطني لمقاومة التقليد، الذي يضم ممثلين عن كل الوزارات والهياكل المعنية بمقاومة التقليد، وسيعمل خلال الفترة القادمة، على وضع خطة عمل وطنية تتضمن آليات لتعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي الخاص بمقاومة التقليد. كما أضاف وزير التجارة وتنمية الصادرات أن أهمية حماية هذه الحقوق تزداد في ظل تنامي ظاهرة التقليد التي أصبحت عاملا مؤثرا في العلاقات التجارية والاستهلاك وما يترتب عن ذلك من خسائر اقتصادية على مستوى تنافسية المنتوجات والقدرة التصديرية فضلا عن تهديد صحة وسلامة المستهلك.
والاستراتيجية الجديدة للتصدير التي تسعى وزارة التجارة وتنمية الصادرات الى تطبيقها تهدف إلى الانتقال من منوال المناولة إلى الشراكة في الإنتاج، بالتركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مع تحفيز الاستثمارات في مجالات الابتكار والتجديد والتحكم في كلفة المواد الأولية وذلك باستغلال الاتفاقيات التجارية لدخول أسواق جديدة، وخاصة الأسواق الإفريقية، في ظل انضمام تونس إلى الكوميسا.
وكل هذه الرهانات المستقبلية للتجارة التونسية قد ينسفها تنامي ظاهرة التقليد، التي تتطوّر بشكل وبأساليب مختلفة ومخيفة، تستطيع كل مرة الإفلات من أجهزة الرقابة وتطبيق القانون، خاصة مع ظهور أشكال جديدة للتسويق للمنتوجات المقلدة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمسالك الرقمية والتي ما تزال غير مراقبة بشكل صارم، رغم خطورة أغلب المواد التي يتم ترويجها على صحة المستهلك، وقد رأينا عشرات الضحايا لهذه المواد وخاصة مواد التجميل، التي مازالت تجد رواجا وإقبالا من المستهلكين بالنظر الى أسعارها البخسة وغياب الوعي بخطورة هذه المواد.
منية العرفاوي
تحوّلت ظاهرة تقليد المنتوجات الى آفة تنخر اقتصاديات أغلب الدول، وتساهم في تدني جودة المنتجات التي أصبحت تهدّد صحة المستهلك وتعرّضه الى أمراض خطيرة أو تشوّهات، يصعب علاجها، خاصة في علاقة بمواد التجميل التي تعتبر من أكثر المواد عرضة للتقليد في الأسواق التونسية، والاقتصاد الوطني كغيره من الاقتصاديات يعاني منذ سنوات طويلة من ظاهرة التقليد التي تسرّبت حتى الى المنتجات التقليدية العريقة وتهدّد الإرث الحضاري والتاريخي الوطني..
وأمام هذه المخاطر ولمواجهة ظاهرة التقليد، أعلن وزير التجارة وتنمية الصادرات سمير عبيد، يوم الجمعة الماضي، خلال افتتاح اليوم الإعلامي حول «حقوق الملكية الفكرية كرافعة لتنمية الصادرات» عن توجّه وزارة التجارة الى تركيز «المجلس الوطني لمقاومة التقليد»، الذي سيعمل على إعداد خطة وطنية لتعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي لمحاربة هذه الظاهرة وحماية المستهلكين والاقتصاد الوطني، كما أشار وزير التجارة الى أن حماية براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق النشر والتصاميم الصناعية ضرورية، لأنها تشكّل أدوات حيوية لحماية الإبداع وتحفير الاستثمار بما يعزّز المنتجات التونسية وتموقعها كصادرات في الأسواق العالمية .
وفكرة بعث مجلس وطني لمقاومة التقليد تم طرحها منذ سنوات، إلا أنها لم تفعّل بقرار إلا اليوم، حيث طرحها وزير التجارة السابق رضا لحول في سنة 2015 خلال ملتقى وطني حول التصدّي ومقاومة التقليد، إذ دعا الى ضرورة تفعيل المجلس الوطني لمكافحة التقليد ليشكل فضاء للتفكير واقتراح الآليات والخطوط العريضة لمكافحة ظاهرة التقليد.
ووفق المعطيات الرسمية للأجهزة والمصالح المعنية بالتصدّي لهذه الظاهرة السلبية، وخاصة مصالح الديوانة التونسية، فإن أكثر المواد المستهدفة من التقليد في تونس، والتي يتم حجزها هي مواد التجميل والسجائر والعطورات والملابس الرياضية ولعب الأطفال والصناعات التقليدية بالإضافة الى بروز، ظاهرة جديدة في التقليد تستهدف الموروث التقليدي التونسي، من خزف ومنسوجات ومجّسمات مثل الخمسة وأقفاص سيدي بوسعيد، بالإضافة الى الملابس التقليدية.
أفه التقليد
أواخر شهر جوان من العام الماضي، وخلال يوم دراسي وإعلامي عقدته وزارة التجارة حول مقاومة التقليد والقرصنة، كشف مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية حسام الدين التويتي، أن حملات المراقبة المشتركة بين مختلف الجهات المعنية بالتصدّي للتقليد ومنذ انطلاق برنامج الخطة الوطنية لمكافحة التقليد والقرصنة سنة 2006 للحدّ من ظاهرتي التقليد والقرصنة بالسوق التونسية قد أسفرت عن حجز أكثر من 10 مليون منتج مقلّد ورصد ما يزيد عن 4000 مخالفة اقتصادية ومعالجة أكثر من 400 عريضة، مؤكدا أن التحديات التي تواجهها تونس في السنوات القادمة هو التصدّي الى المنتوجات المقلّدة والتي يتم ترويجها عبر المسالك الرقمية وفي مواقع التواصل الاجتماعي. وفي نفس اليوم الإعلامي أكّدت رئيسة ديوان وزيرة التجارة وتنمية الصادرات، لمياء عبروق، أن عمليات التقليد والقرصنة تمثل جرائم أخلاقية وقانونية وتعدّ من أخطر مظاهر المنافسة غير الشريفة التي تخلّ بنزاهة المعاملات وهي لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد لا سيما وأن عمليات التقليد والقرصنة تحولت الى أنظمة صناعية وتكنولوجية، تشمل جميع القطاعات دون استثناء. وخلال نفس اليوم الدراسي تم التأكيد على أن وزارة التجارة حرصت على مراجعة الجانب التشريعي بالإضافة الى تعزيز الجانب الرقابي وذلك من خلال تنقيح قانون حماية علامات الصنع والتجارة والخدمات الذي تم سنّه في 2007 وذلك من خلال مضاعفة العقوبة حيث رفع في الحدّ الأدنى من العقوبة من 5 آلاف دينار الى 10 آلاف دينار وقد تصل الى حدود 50 ألف دينار.
ومنذ سنوات تقود المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك حملات متواصلة للتصدّي للتقليد وآخرها الحملة التي انجزتها في نوفمبر 2023 وذلك من خلال تنظيم «الحملة الوطنية لمكافحة تقليد العلامات» والتي تواصلت على امتداد 100 يوم، في إطار مساندة الجهود الوطنية المبذولة في مكافحة التجارة الموازية، وتعريف المستهلك بالمضار الصحية في اقتناء المواد المقلدة خاصة في مواد التجميل وما شابهها.
استراتيجية جديدة لوزارة التجارة
خلال اليوم الإعلامي الأخير، حول حقوق الملكية الفكرية، أكد وزير التجارة أن حماية الملكية الفكرية يشمل عدة مكونات، كبراءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق النشر والتصاميم الصناعية والتي تمثل دعامة أساسية لتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات والخدمات التونسية وهي آلية ضرورية لدعم التصدير والتموقع في الأسواق الخارجية، وأشار إلى بعث الوزارة المجلس الوطني لمقاومة التقليد، الذي يضم ممثلين عن كل الوزارات والهياكل المعنية بمقاومة التقليد، وسيعمل خلال الفترة القادمة، على وضع خطة عمل وطنية تتضمن آليات لتعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي الخاص بمقاومة التقليد. كما أضاف وزير التجارة وتنمية الصادرات أن أهمية حماية هذه الحقوق تزداد في ظل تنامي ظاهرة التقليد التي أصبحت عاملا مؤثرا في العلاقات التجارية والاستهلاك وما يترتب عن ذلك من خسائر اقتصادية على مستوى تنافسية المنتوجات والقدرة التصديرية فضلا عن تهديد صحة وسلامة المستهلك.
والاستراتيجية الجديدة للتصدير التي تسعى وزارة التجارة وتنمية الصادرات الى تطبيقها تهدف إلى الانتقال من منوال المناولة إلى الشراكة في الإنتاج، بالتركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مع تحفيز الاستثمارات في مجالات الابتكار والتجديد والتحكم في كلفة المواد الأولية وذلك باستغلال الاتفاقيات التجارية لدخول أسواق جديدة، وخاصة الأسواق الإفريقية، في ظل انضمام تونس إلى الكوميسا.
وكل هذه الرهانات المستقبلية للتجارة التونسية قد ينسفها تنامي ظاهرة التقليد، التي تتطوّر بشكل وبأساليب مختلفة ومخيفة، تستطيع كل مرة الإفلات من أجهزة الرقابة وتطبيق القانون، خاصة مع ظهور أشكال جديدة للتسويق للمنتوجات المقلدة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمسالك الرقمية والتي ما تزال غير مراقبة بشكل صارم، رغم خطورة أغلب المواد التي يتم ترويجها على صحة المستهلك، وقد رأينا عشرات الضحايا لهذه المواد وخاصة مواد التجميل، التي مازالت تجد رواجا وإقبالا من المستهلكين بالنظر الى أسعارها البخسة وغياب الوعي بخطورة هذه المواد.