إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المناطق‭ ‬التجارية‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وليبيا‭ ‬والجزائر.. خطوة‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬وإدماج‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية

في‭ ‬ظل‭ ‬حرب‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬العالمية‭ ‬المتواصلة‭ ‬وتداعياتها‭ ‬الوخيمة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬وخاصة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬النمو‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بلادنا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬‮ ‬تنامي‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬النسق‭ ‬البطيء‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬بالمناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬المنظمة‭ ‬وغير‭ ‬المنظمة،‭ ‬بات‭ ‬إحداث‭ ‬الأسواق‭ ‬الحرة‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬بالذات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أساسي‭ ‬بل‭ ‬وحيوي‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬احتواء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬التهريب،‭ ‬وخلق‭ ‬مواطن‭ ‬الشغل،‭ ‬وتنمية‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭.‬

ومنذ‭ ‬2008‭ ‬كان‭ ‬مبرمجا‭ ‬إحداث‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الحرة‭ ‬التجارية‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬التونسية‭-‬الجزائرية‭ ‬والتونسية‭-‬الليبية‭ ‬وهي‭ ‬المنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬ببن‭ ‬قردان‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وليبيا،‭ ‬والمنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬بالقصرين‭ ‬والمنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬بحزوة‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬توزر‭ ‬والمنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬بالكاف‭ ‬وجندوبة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬التونسية‭- ‬الجزائرية‭.‬

وتعد‭ ‬السوق‭ ‬الحرة‭ ‬بمنطقة‭ ‬بن‭ ‬قردان‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وليبيا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬الأسواق،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬متنفسا‭ ‬للعائلات‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬البينية،‭ ‬كذلك‭ ‬الشأن‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشركات‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬إنتاجها‭ ‬كليا‭ ‬نحو‭ ‬القطر‭ ‬الليبي‭ ‬والتي‭ ‬تعاني‭ ‬منذ‭ ‬حوالي‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬التذبذب‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬المعبر‭ ‬الحدودي‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الليبي‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬والانقسامات‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.‬

‮ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬إمضاء‭ ‬العقد‭ ‬التأسيسي‭ ‬لشركة‭ ‬التصرف‭ ‬واستغلال‭ ‬المنطقة‭ ‬الحرّة‭ ‬للأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬واللوجستية‭ ‬ببن‭ ‬قردان‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬فيفري‭ ‬من سنة 2024.

وخلال‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2024‭ ‬أشرف‭ ‬وزير‭ ‬التجارة‭ ‬وتنمية‭ ‬الصادرات‭ ‬سمير‭ ‬عبيد‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬شركة‭ ‬التصرف‭ ‬واستغلال‭ ‬المنطقة‭ ‬الحُرّة‭ ‬للأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬واللوجستية‭ ‬ببن‭ ‬قردان،‭ ‬مُعلنا‭ ‬عن‭ ‬تركيبة‭ ‬مجلس‭ ‬إدارتها‭. ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬على‭ ‬‮«‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الحُرّة‭ ‬ستكون‭ ‬خُطوة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬دمج‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬رغبة‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬وجعلها‭ ‬مُحركا‭ ‬أساسيا‭ ‬للتنمية‭ ‬وتعزيز‭ ‬دورها‭ ‬الريادي‭ ‬وتشجيع‭ ‬الشباب‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬حيوية‭ ‬وذات‭ ‬بُعد‭ ‬استراتيجي‭ ‬لخلق‭ ‬فرص‭ ‬تشغيل‭ ‬جديدة،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬المشروع‭ ‬سيكون‭ ‬بداية‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬بالجنوب‭ ‬الشرقي‭ ‬وتعزيز‭ ‬دور‭ ‬تونس‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬للتجارة‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية‮»‬‭.‬

أهداف‭ ‬المنطقة‭ ‬الحرة

ومن‭ ‬أهم‭ ‬أهداف‭ ‬المنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬ببن‭ ‬قردان‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬والروابط‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬ليبيا‭ ‬والجزائر‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬تُعد‭ ‬أحد‭ ‬المكونات‭ ‬الرئيسية‭ ‬لمشروع‭ ‬الممر‭ ‬التجاري‭ ‬البري‭ ‬الذي‭ ‬سيربط‭ ‬تونس‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬غير‭ ‬الساحلية‭ ‬ممّا‭ ‬يجعل‭ ‬بلادنا‭ ‬منصة‭ ‬تجارية‭ ‬عالمية‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬وتفتح‭ ‬أفاقا‭ ‬جديدة‭ ‬للتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري،‭ ‬ما‭ ‬سيجعلها‭ ‬فضاء‭ ‬لدفع‭ ‬التجارة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الاتجاهات‭ ‬مما‭ ‬سيحقق‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وخاصة‭ ‬بالمناطق‭ ‬الحدودية‭.‬

وتمتد‭ ‬المنطقة‭ ‬الحُرّة‭ ‬للأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬واللوجستية‭ ‬ببن‭ ‬قردان،‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬150‭ ‬هكتارا،‭ ‬وتتكون‭ ‬من‭ ‬فضاءات‭ ‬تحت‭ ‬الرقابة‭ ‬الديوانية‭ ‬مُخصصة‭ ‬للعمليات‭ ‬اللوجستية‭ ‬من‭ ‬تصدير‭ ‬وتوريد‭ ‬وتجارة‭ ‬عبور،‭ ‬وتُمثل70‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬نشاط‭ ‬المنطقة‭ ‬الحُرّة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬بالمائة‭ ‬أنشطة‭ ‬تجارية‭ ‬بالجُملة‭ ‬والتفصيل،‭ ‬فيما‭ ‬تُمثل‭ ‬الأنشطة‭ ‬الإدارية‭ ‬والخدماتية‭ ‬في‭ ‬فضاءات‭ ‬خارج‭ ‬الرقابة‭ ‬الديوانية‭ ‬10‭ ‬بالمائة،‭ ‬من‭ ‬أنشطة‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل‭ ‬وفيما‭ ‬يخص‭ ‬الحدود‭ ‬التونسية‭- ‬الجزائرية‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬تبون‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬إحداث‭ ‬المناطق‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والجزائر‭ ‬وأيضا‭ ‬ليبيا‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬والنهوض‭ ‬باقتصاديات‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭.‬

وتتمثل‭ ‬مناطق‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬الحر‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والجزائر‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬للتبادل‭ ‬التجاري‭ ‬الحر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬معبر‭ ‬الجليل‭ ‬بمعتمدية‭ ‬غار‭ ‬الدماء،‭ ‬ومنطقة‭ ‬أخرى‭ ‬بالقصرين‭.‬

وكان‭ ‬الطرفان‭ ‬التونسي‭ ‬والجزائري‭ ‬قد‭ ‬اتفقا‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬دراسة‭ ‬حول‭ ‬تطوير‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة‭ ‬وولاية‭ ‬سوق‭ ‬أهراس‭ ‬وولاية‭ ‬الطارف‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬لجنة‭ ‬فنية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬لمتابعة‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬لتفعيل‭ ‬جدواها‭ ‬على‭ ‬الجوانب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والأمنية‭ ‬والسياسية‭ ‬للولايات‭ ‬الحدودية‭.‬

‮ ‬‭ ‬المناطق‭ ‬الحرة‭ ‬شريان‭ ‬اقتصادي

‮ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشاريع‭ ‬مناطق‭ ‬التجارة‭ ‬الحُرّة‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬تسهيل‭ ‬خطوط‭ ‬نقل‭ ‬السلع‭ ‬وتطوير‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬بما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال‭ ‬بهذه‭ ‬المناطق‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬جاذب‭ ‬للاستثمار‭ ‬ولإقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬مشتركة‭ ‬مجددة‭ ‬ومبتكرة،‭ ‬وكانت‭ ‬منظمات‭ ‬الأعراف‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬قد‭ ‬طالبت‭ ‬برفع‭ ‬جميع‭ ‬العراقيل‭ ‬الميدانية‭ ‬والمالية‭ ‬تشجيعاً‭ ‬للاستثمار‭ ‬المشترك‭ ‬مع‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأمثل‭ ‬للإمكانات‭ ‬اللوجستية‭ ‬المتاحة‭.‬

والذهاب‭ ‬نحو‭ ‬إحداث‭ ‬هذه‭ ‬الأسواق‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬سيعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صعيد‭ ‬فمن‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬سوف‭ ‬يغذي‭ ‬إحداث‭ ‬الأسواق‭ ‬الحرة‭ ‬مناخ‭ ‬الاستثمار‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إضفاء‭ ‬حركية‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬وتشجيع‭ ‬الحركة‭ ‬التجارية‭ ‬بالمناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬ينعكس‭ ‬إيجاباً‭ ‬على‭ ‬تنشيط‭ ‬التجارة‭ ‬وإنشاء‭ ‬القواعد‭ ‬اللوجيستية‭ ‬من‭ ‬تخزين‭ ‬ونقل‭ ‬وخدمات‭ ‬مرافقة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سيحققه‭ ‬من‭ ‬إيجابيات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إذ‭ ‬ستساهم‭ ‬في‭ ‬امتصاص‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬معضلة‭ ‬البطالة‭ ‬بالجهات‭ ‬الحدودية‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬أغلبها‭ ‬جهات‭ ‬تعاني‭ ‬التهميش‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭.‬

فإحداث‭ ‬الأسواق‭ ‬الحرة‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬الهامة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬تحقيقها‭ ‬نظرا‭ ‬لأهميتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وحتى‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للبلاد‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وسيلة‭ ‬عملية‭ ‬للحد‭ ‬ولمقاومة‭ ‬التجارة‭ ‬الموازية‭ ‬والتهريب‭ ‬اللذين‭ ‬يمثلان‭ ‬تقريبا‭ ‬نصف‭ ‬عمليات‭ ‬التبادل‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيساهم‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬عائدات‭ ‬هامة‭ ‬لخزينة‭ ‬الدولة‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬سيحد‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬التهرب‭ ‬الجبائي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المنفعة‭ ‬المتبادلة‭ ‬لكل‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري،‭ ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬السوق‭ ‬الحرة‭ ‬لمواطن‭ ‬شغل‭ ‬ومصادر‭ ‬رزق‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭ ‬لمتساكني‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬أيضا‭ ‬البعد‭ ‬التنموي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬لهذه‭ ‬المشاريع‭.‬

فإشعاع‭ ‬مناطق‭ ‬التبادل‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يمتد‭ ‬نحو‭ ‬الأسواق‭ ‬الإفريقية‭ ‬الواعدة‭ ‬لإرساء‭ ‬شراكة‭ ‬فعالة‭ ‬رباعية‭ ‬الأبعاد‭ ‬تونسية‭ -‬جزائرية‭ -‬ليبية‭ -‬إفريقية،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬سوى‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬تجسيم‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الضخم‭ ‬الذي‭ ‬سيصب‭ ‬حتما‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬اقتصادنا‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الشراكات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬جدول‭ ‬القمة‭ ‬الثلاثية‭ ‬المقبلة‭ ‬التونسية‭- ‬الجزائرية‭- ‬الليبية‭.‬

 

حنان‭ ‬قيراط

 

 

المناطق‭ ‬التجارية‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وليبيا‭ ‬والجزائر..   خطوة‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬وإدماج‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية

في‭ ‬ظل‭ ‬حرب‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬العالمية‭ ‬المتواصلة‭ ‬وتداعياتها‭ ‬الوخيمة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬وخاصة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬النمو‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بلادنا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬‮ ‬تنامي‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬النسق‭ ‬البطيء‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬بالمناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬المنظمة‭ ‬وغير‭ ‬المنظمة،‭ ‬بات‭ ‬إحداث‭ ‬الأسواق‭ ‬الحرة‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬بالذات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أساسي‭ ‬بل‭ ‬وحيوي‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬احتواء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬التهريب،‭ ‬وخلق‭ ‬مواطن‭ ‬الشغل،‭ ‬وتنمية‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭.‬

ومنذ‭ ‬2008‭ ‬كان‭ ‬مبرمجا‭ ‬إحداث‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الحرة‭ ‬التجارية‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬التونسية‭-‬الجزائرية‭ ‬والتونسية‭-‬الليبية‭ ‬وهي‭ ‬المنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬ببن‭ ‬قردان‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وليبيا،‭ ‬والمنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬بالقصرين‭ ‬والمنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬بحزوة‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬توزر‭ ‬والمنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬بالكاف‭ ‬وجندوبة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬التونسية‭- ‬الجزائرية‭.‬

وتعد‭ ‬السوق‭ ‬الحرة‭ ‬بمنطقة‭ ‬بن‭ ‬قردان‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وليبيا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬الأسواق،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬متنفسا‭ ‬للعائلات‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬البينية،‭ ‬كذلك‭ ‬الشأن‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشركات‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬إنتاجها‭ ‬كليا‭ ‬نحو‭ ‬القطر‭ ‬الليبي‭ ‬والتي‭ ‬تعاني‭ ‬منذ‭ ‬حوالي‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬التذبذب‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬المعبر‭ ‬الحدودي‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الليبي‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬والانقسامات‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.‬

‮ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬إمضاء‭ ‬العقد‭ ‬التأسيسي‭ ‬لشركة‭ ‬التصرف‭ ‬واستغلال‭ ‬المنطقة‭ ‬الحرّة‭ ‬للأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬واللوجستية‭ ‬ببن‭ ‬قردان‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬فيفري‭ ‬من سنة 2024.

وخلال‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2024‭ ‬أشرف‭ ‬وزير‭ ‬التجارة‭ ‬وتنمية‭ ‬الصادرات‭ ‬سمير‭ ‬عبيد‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬شركة‭ ‬التصرف‭ ‬واستغلال‭ ‬المنطقة‭ ‬الحُرّة‭ ‬للأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬واللوجستية‭ ‬ببن‭ ‬قردان،‭ ‬مُعلنا‭ ‬عن‭ ‬تركيبة‭ ‬مجلس‭ ‬إدارتها‭. ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬على‭ ‬‮«‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الحُرّة‭ ‬ستكون‭ ‬خُطوة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬دمج‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬رغبة‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬وجعلها‭ ‬مُحركا‭ ‬أساسيا‭ ‬للتنمية‭ ‬وتعزيز‭ ‬دورها‭ ‬الريادي‭ ‬وتشجيع‭ ‬الشباب‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬حيوية‭ ‬وذات‭ ‬بُعد‭ ‬استراتيجي‭ ‬لخلق‭ ‬فرص‭ ‬تشغيل‭ ‬جديدة،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬المشروع‭ ‬سيكون‭ ‬بداية‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬بالجنوب‭ ‬الشرقي‭ ‬وتعزيز‭ ‬دور‭ ‬تونس‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬للتجارة‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية‮»‬‭.‬

أهداف‭ ‬المنطقة‭ ‬الحرة

ومن‭ ‬أهم‭ ‬أهداف‭ ‬المنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬ببن‭ ‬قردان‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬والروابط‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬ليبيا‭ ‬والجزائر‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬تُعد‭ ‬أحد‭ ‬المكونات‭ ‬الرئيسية‭ ‬لمشروع‭ ‬الممر‭ ‬التجاري‭ ‬البري‭ ‬الذي‭ ‬سيربط‭ ‬تونس‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬غير‭ ‬الساحلية‭ ‬ممّا‭ ‬يجعل‭ ‬بلادنا‭ ‬منصة‭ ‬تجارية‭ ‬عالمية‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬وتفتح‭ ‬أفاقا‭ ‬جديدة‭ ‬للتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري،‭ ‬ما‭ ‬سيجعلها‭ ‬فضاء‭ ‬لدفع‭ ‬التجارة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الاتجاهات‭ ‬مما‭ ‬سيحقق‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وخاصة‭ ‬بالمناطق‭ ‬الحدودية‭.‬

وتمتد‭ ‬المنطقة‭ ‬الحُرّة‭ ‬للأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬واللوجستية‭ ‬ببن‭ ‬قردان،‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬150‭ ‬هكتارا،‭ ‬وتتكون‭ ‬من‭ ‬فضاءات‭ ‬تحت‭ ‬الرقابة‭ ‬الديوانية‭ ‬مُخصصة‭ ‬للعمليات‭ ‬اللوجستية‭ ‬من‭ ‬تصدير‭ ‬وتوريد‭ ‬وتجارة‭ ‬عبور،‭ ‬وتُمثل70‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬نشاط‭ ‬المنطقة‭ ‬الحُرّة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬بالمائة‭ ‬أنشطة‭ ‬تجارية‭ ‬بالجُملة‭ ‬والتفصيل،‭ ‬فيما‭ ‬تُمثل‭ ‬الأنشطة‭ ‬الإدارية‭ ‬والخدماتية‭ ‬في‭ ‬فضاءات‭ ‬خارج‭ ‬الرقابة‭ ‬الديوانية‭ ‬10‭ ‬بالمائة،‭ ‬من‭ ‬أنشطة‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل‭ ‬وفيما‭ ‬يخص‭ ‬الحدود‭ ‬التونسية‭- ‬الجزائرية‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬تبون‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬إحداث‭ ‬المناطق‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والجزائر‭ ‬وأيضا‭ ‬ليبيا‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬والنهوض‭ ‬باقتصاديات‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭.‬

وتتمثل‭ ‬مناطق‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬الحر‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والجزائر‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬للتبادل‭ ‬التجاري‭ ‬الحر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬معبر‭ ‬الجليل‭ ‬بمعتمدية‭ ‬غار‭ ‬الدماء،‭ ‬ومنطقة‭ ‬أخرى‭ ‬بالقصرين‭.‬

وكان‭ ‬الطرفان‭ ‬التونسي‭ ‬والجزائري‭ ‬قد‭ ‬اتفقا‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬دراسة‭ ‬حول‭ ‬تطوير‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة‭ ‬وولاية‭ ‬سوق‭ ‬أهراس‭ ‬وولاية‭ ‬الطارف‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬لجنة‭ ‬فنية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬لمتابعة‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬لتفعيل‭ ‬جدواها‭ ‬على‭ ‬الجوانب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والأمنية‭ ‬والسياسية‭ ‬للولايات‭ ‬الحدودية‭.‬

‮ ‬‭ ‬المناطق‭ ‬الحرة‭ ‬شريان‭ ‬اقتصادي

‮ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشاريع‭ ‬مناطق‭ ‬التجارة‭ ‬الحُرّة‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬تسهيل‭ ‬خطوط‭ ‬نقل‭ ‬السلع‭ ‬وتطوير‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬بما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال‭ ‬بهذه‭ ‬المناطق‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬جاذب‭ ‬للاستثمار‭ ‬ولإقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬مشتركة‭ ‬مجددة‭ ‬ومبتكرة،‭ ‬وكانت‭ ‬منظمات‭ ‬الأعراف‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬قد‭ ‬طالبت‭ ‬برفع‭ ‬جميع‭ ‬العراقيل‭ ‬الميدانية‭ ‬والمالية‭ ‬تشجيعاً‭ ‬للاستثمار‭ ‬المشترك‭ ‬مع‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأمثل‭ ‬للإمكانات‭ ‬اللوجستية‭ ‬المتاحة‭.‬

والذهاب‭ ‬نحو‭ ‬إحداث‭ ‬هذه‭ ‬الأسواق‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬سيعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صعيد‭ ‬فمن‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬سوف‭ ‬يغذي‭ ‬إحداث‭ ‬الأسواق‭ ‬الحرة‭ ‬مناخ‭ ‬الاستثمار‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إضفاء‭ ‬حركية‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬وتشجيع‭ ‬الحركة‭ ‬التجارية‭ ‬بالمناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬ينعكس‭ ‬إيجاباً‭ ‬على‭ ‬تنشيط‭ ‬التجارة‭ ‬وإنشاء‭ ‬القواعد‭ ‬اللوجيستية‭ ‬من‭ ‬تخزين‭ ‬ونقل‭ ‬وخدمات‭ ‬مرافقة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سيحققه‭ ‬من‭ ‬إيجابيات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إذ‭ ‬ستساهم‭ ‬في‭ ‬امتصاص‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬معضلة‭ ‬البطالة‭ ‬بالجهات‭ ‬الحدودية‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬أغلبها‭ ‬جهات‭ ‬تعاني‭ ‬التهميش‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭.‬

فإحداث‭ ‬الأسواق‭ ‬الحرة‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬الهامة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬تحقيقها‭ ‬نظرا‭ ‬لأهميتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وحتى‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للبلاد‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وسيلة‭ ‬عملية‭ ‬للحد‭ ‬ولمقاومة‭ ‬التجارة‭ ‬الموازية‭ ‬والتهريب‭ ‬اللذين‭ ‬يمثلان‭ ‬تقريبا‭ ‬نصف‭ ‬عمليات‭ ‬التبادل‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيساهم‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬عائدات‭ ‬هامة‭ ‬لخزينة‭ ‬الدولة‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬سيحد‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬التهرب‭ ‬الجبائي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المنفعة‭ ‬المتبادلة‭ ‬لكل‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري،‭ ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬السوق‭ ‬الحرة‭ ‬لمواطن‭ ‬شغل‭ ‬ومصادر‭ ‬رزق‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭ ‬لمتساكني‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬أيضا‭ ‬البعد‭ ‬التنموي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬لهذه‭ ‬المشاريع‭.‬

فإشعاع‭ ‬مناطق‭ ‬التبادل‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يمتد‭ ‬نحو‭ ‬الأسواق‭ ‬الإفريقية‭ ‬الواعدة‭ ‬لإرساء‭ ‬شراكة‭ ‬فعالة‭ ‬رباعية‭ ‬الأبعاد‭ ‬تونسية‭ -‬جزائرية‭ -‬ليبية‭ -‬إفريقية،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬سوى‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬تجسيم‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الضخم‭ ‬الذي‭ ‬سيصب‭ ‬حتما‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬اقتصادنا‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الشراكات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬جدول‭ ‬القمة‭ ‬الثلاثية‭ ‬المقبلة‭ ‬التونسية‭- ‬الجزائرية‭- ‬الليبية‭.‬

 

حنان‭ ‬قيراط