إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أولويات‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬القادم.. جباية‭ ‬عادلة‭.. ‬ واسترجاع‭ ‬الدور‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للدولة

 

دعا‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬لدى‭ ‬استقباله‭ ‬أوّل،‭ ‬أمس‭ ‬بقصر‭ ‬قرطاج،‭ ‬رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬سارة‭ ‬الزعفراني‭ ‬الزنزري،‭ ‬ووزيرة‭ ‬المالية‭ ‬مشكاة‭ ‬سلامة‭ ‬الخالدي،‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬القطع‭ ‬نهائيا،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬تونس‭ ‬مع‭ ‬التصوّرات‭ ‬القديمة،‭ ‬مع‭ ‬منح‭ ‬الأولويّة‭ ‬القصوى‭ ‬للجانب‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬مع‭ ‬اعتماد‭ ‬جباية‭ ‬عادلة‭ ‬تُحقّق‭ ‬العدالة‭ ‬والإنصاف‭ ‬المنشودين‭. ‬فحين‭ ‬يعمُّ‭ ‬العدل‭ ‬وتسترجع‭ ‬الدّولة‭ ‬دورها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الطبيعي‭ ‬تستقرّ‭ ‬الأوضاع‭ ‬وتُمهّد‭ ‬لنموّ‭ ‬حقيقي‭ ‬يستفيد‭ ‬منه‭ ‬الجميع‭.‬
وتناول‭ ‬اللقاء‭ ‬التوجهات‭ ‬العامة‭ ‬لقانون‭ ‬المالية‭ ‬للسنة‭ ‬القادمة،‭ ‬وفق‭ ‬بلاغ‭ ‬نشرته‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬التونسية‭.‬
وكانت‭ ‬وزيرة‭ ‬المالية‭ ‬أكدت،‭ ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬عامة‭ ‬بمجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬يوم‭ ‬8‭ ‬أفريل‭ ‬الجاري،‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬مشروع‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬لسنة‭ ‬2026،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬التوزيع‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الوزارات‭ ‬ستتم‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭.‬
كما‭ ‬أوضحت‭ ‬الوزيرة،‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬جارٍ‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬تحيين‭ ‬ميزانية‭ ‬2025،‭ ‬قصد‭ ‬ملاءمتها‭ ‬مع‭ ‬تطوّر‭ ‬المؤشرات‭ ‬والفرضيات‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الوطني‭ ‬والعالمي،‭ ‬مضيفةً‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬يُنجز‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬ثلاثية‭ ‬السنوات،‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬الوزارات‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالمخطط‭ ‬التنموي‭.‬
صياغة‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين
وفي‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالفرضيات‭ ‬والتوجهات‭ ‬الكبرى‭ ‬لمشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026،‭ ‬أبرزت‭ ‬الخالدي،‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬مقتضيات‭ ‬الفصل‭ ‬40‭ ‬من‭ ‬الفقرة‭ ‬2‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬للميزانية‭ ‬لسنة‭ ‬2019،‭ ‬مؤكدة‭ ‬ضرورة‭ ‬تشريك‭ ‬نواب‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المخرجات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالمشاريع‭ ‬الجديدة‭.‬
كما‭ ‬أشارت‭ ‬الوزيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تعمل‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬القوانين‭ ‬لعرضها‭ ‬على‭ ‬أنظار‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬مجلة‭ ‬الصرف،‭ ‬التي‭ ‬يُنتظر‭ ‬أن‭ ‬تُحال‭ ‬على‭ ‬البرلمان‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬الجارية،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أهمية‭ ‬التنسيق‭ ‬المحكم‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الهياكل‭ ‬تفادياً‭ ‬لأي‭ ‬تعارض‭ ‬في‭ ‬النصوص‭ ‬المقترحة‭.‬
نظام‭ ‬جبائي‭ ‬عادل
وتطرقت‭ ‬الوزيرة‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬الإصلاح‭ ‬الجبائي،‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الجبائي‭ ‬العادل،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات،‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يُثقل‭ ‬كاهل‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسات،‭ ‬ولا‭ ‬يعيق‭ ‬جهود‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتنمية‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬كشفت‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬بصدد‭ ‬تنفيذ‭ ‬إصلاح‭ ‬جبائي‭ ‬شامل‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬الرقمنة‭ ‬وتبسيط‭ ‬الإجراءات‭ ‬وتطوير‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية‭ ‬والنقدية‭ ‬الرقمية،‭ ‬وهي‭ ‬خطوات‭ ‬تتطلب‭ ‬تعبئة‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬ضخمة‭.‬
وبخصوص‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2025،‭ ‬أفادت‭ ‬الخالدي‭ ‬بأن‭ ‬الدولة‭ ‬قامت‭ ‬بتخفيف‭ ‬العبء‭ ‬الجبائي‭ ‬لفائدة‭ ‬الأجراء،‭ ‬وتكفلت‭ ‬بتحمل‭ ‬كلفة‭ ‬هذا‭ ‬التخفيف،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الجبائية‭ ‬وتعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭.‬
مكافحة‭ ‬التهرب‭ ‬الجبائي‭ ‬وأبرز‭ ‬الإجراءات‭..‬
وفي‭ ‬ما‭ ‬تعلق‭ ‬بمكافحة‭ ‬التهرب‭ ‬الجبائي،‭ ‬أكدت‭ ‬الوزيرة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬تمر‭ ‬أساساً‭ ‬عبر‭ ‬المسح‭ ‬الميداني،‭ ‬الذي‭ ‬تنفذه‭ ‬مصالح‭ ‬الوزارة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬لكنها‭ ‬نبهت‭ ‬إلى‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬أعوان‭ ‬إدارة‭ ‬الجباية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬صلاحيات‭ ‬الضابطة‭ ‬العدلية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعرضهم‭ ‬أحياناً‭ ‬لمحاولات‭ ‬المنع‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬التعنيف‭. ‬وأعلنت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬ستعزز‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬لتوفير‭ ‬مرافقة‭ ‬أمنية‭ ‬تضمن‭ ‬سلامة‭ ‬الأعوان‭ ‬وظروف‭ ‬عملهم‭.‬
أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسلك‭ ‬الديوانة،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬دعمه‭ ‬بانتدابات‭ ‬جديدة‭ ‬وتجهيزات‭ ‬إضافية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تطوير‭ ‬المنظومة‭ ‬المعلوماتية،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭. ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬الوزيرة‭ ‬عن‭ ‬مشروع‭ ‬تركيز‭ ‬منطقة‭ ‬حرّة‭ ‬للأنشطة‭ ‬اللوجستية‭ ‬والتجارية‭ ‬في‭ ‬بن‭ ‬قردان،‭ ‬لدفع‭ ‬التنمية‭ ‬المحلية‭ ‬وتعزيز‭ ‬المبادلات‭ ‬الاقتصادية‭.‬
وفي‭ ‬السياق‭ ‬نفسه،‭ ‬أكد‭ ‬محمد‭ ‬صالح‭ ‬العياري،‭ ‬مستشار‭ ‬جبائي‭ ‬وأستاذ‭ ‬جامعي‭ ‬وعضو‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للجباية،‭ ‬أنه‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتوجهات‭ ‬العامة‭ ‬لقانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026،‭ ‬فإنه‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬تقوم‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للدراسات‭ ‬والتشريع‭ ‬الجبائي‭  ‬بالاتصال‭ ‬بالمعنيين‭ ‬بالأمر‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يهمهم‭ ‬الشأن‭ ‬الجبائي،‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬المقترحات‭ ‬والتعمق‭ ‬في‭ ‬محتوياتها‭ ‬وإمكانية‭ ‬إدراجها‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬توجيهه‭ ‬الى‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬وبالتحديد‭ ‬لجنة‭ ‬المالية‭.‬
وأضاف‭ ‬عضو‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للجباية‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تأكيد‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬منح‭ ‬الأولوية‭ ‬القصوى‭ ‬للجانب‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يعد‭ ‬خطوة‭ ‬إيجابية،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬بالحيف‭ ‬والعجز،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬تحقيق‭ ‬عدالة‭ ‬اجتماعية،‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الأفراد‭ ‬والجهات‭ ‬بصفة‭ ‬عامة،‭ ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬شدد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬منوال‭ ‬تنمية‭ ‬يأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬الأبعاد‭ ‬الجهوية‭ ‬والإقليمية‭ ‬للتنمية‭ ‬وأسس‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭.‬
توسيع‭ ‬القاعدة‭ ‬الجبائية‭ ‬
وقال‭ ‬محمد‭ ‬صالح‭ ‬العياري‭ ‬إن‭ ‬اعتماد‭ ‬جباية‭ ‬عادلة‭ ‬تحقق‭ ‬العدل‭ ‬والإنصاف،‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬الهياكل‭ ‬والوزارات‭ ‬المعنية،‭ ‬وبالرجوع‭ ‬الى‭ ‬الصلاحيات‭ ‬الراجعة‭ ‬لها،‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بإجراءات‭ ‬لإرساء‭ ‬جباية‭ ‬عادلة‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬هذه‭ ‬الهياكل‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭. ‬كما‭ ‬ذكّر‭ ‬محدثنا‭ ‬بالإجراءات‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2025،‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬جدول‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الدخل،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تخفيف‭ ‬العبء‭ ‬الضريبي‭ ‬على‭ ‬الشرائح‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المتوسط‭ ‬والضعيف،‭ ‬مقابل‭ ‬زيادة‭ ‬طفيفة‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬الدخل‭ ‬المرتفع،‭ ‬وهذا‭ ‬يندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تكريس‭ ‬العدالة‭ ‬الجبائية‭. ‬
وفي‭ ‬السياق‭ ‬نفسه،‭ ‬أكد‭ ‬محمد‭ ‬صالح‭ ‬العياري‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬توسيع‭ ‬القاعدة‭ ‬الجبائية،‭ ‬مما‭ ‬سيؤدي‭ ‬الى‭ ‬تحسين‭ ‬الامتثال‭ ‬الضريبي‭ ‬وزيادة‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭.‬
وحسب‭ ‬عضو‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للجباية،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬الدراسات،‭ ‬سواء‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬المعهد‭ ‬التونسي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتجية‭ ‬أو‭ ‬اللجنة‭ ‬التي‭ ‬أحدثتها‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬أثبتت‭ ‬التأثيرات‭ ‬السلبية‭ ‬للقطاع‭ ‬الموازي‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للإحصاء‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬35‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬الداخلي‭ ‬الخام‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬64‭ ‬مليار‭ ‬دينار،‭ ‬وفق‭ ‬توقعات‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2025‭.‬
 
جهاد‭ ‬الكلبوسي
أولويات‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬القادم..   جباية‭ ‬عادلة‭.. ‬ واسترجاع‭ ‬الدور‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للدولة

 

دعا‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬لدى‭ ‬استقباله‭ ‬أوّل،‭ ‬أمس‭ ‬بقصر‭ ‬قرطاج،‭ ‬رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬سارة‭ ‬الزعفراني‭ ‬الزنزري،‭ ‬ووزيرة‭ ‬المالية‭ ‬مشكاة‭ ‬سلامة‭ ‬الخالدي،‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬القطع‭ ‬نهائيا،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬تونس‭ ‬مع‭ ‬التصوّرات‭ ‬القديمة،‭ ‬مع‭ ‬منح‭ ‬الأولويّة‭ ‬القصوى‭ ‬للجانب‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬مع‭ ‬اعتماد‭ ‬جباية‭ ‬عادلة‭ ‬تُحقّق‭ ‬العدالة‭ ‬والإنصاف‭ ‬المنشودين‭. ‬فحين‭ ‬يعمُّ‭ ‬العدل‭ ‬وتسترجع‭ ‬الدّولة‭ ‬دورها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الطبيعي‭ ‬تستقرّ‭ ‬الأوضاع‭ ‬وتُمهّد‭ ‬لنموّ‭ ‬حقيقي‭ ‬يستفيد‭ ‬منه‭ ‬الجميع‭.‬
وتناول‭ ‬اللقاء‭ ‬التوجهات‭ ‬العامة‭ ‬لقانون‭ ‬المالية‭ ‬للسنة‭ ‬القادمة،‭ ‬وفق‭ ‬بلاغ‭ ‬نشرته‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬التونسية‭.‬
وكانت‭ ‬وزيرة‭ ‬المالية‭ ‬أكدت،‭ ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬عامة‭ ‬بمجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬يوم‭ ‬8‭ ‬أفريل‭ ‬الجاري،‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬مشروع‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬لسنة‭ ‬2026،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬التوزيع‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الوزارات‭ ‬ستتم‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭.‬
كما‭ ‬أوضحت‭ ‬الوزيرة،‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬جارٍ‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬تحيين‭ ‬ميزانية‭ ‬2025،‭ ‬قصد‭ ‬ملاءمتها‭ ‬مع‭ ‬تطوّر‭ ‬المؤشرات‭ ‬والفرضيات‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الوطني‭ ‬والعالمي،‭ ‬مضيفةً‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬يُنجز‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬ثلاثية‭ ‬السنوات،‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬الوزارات‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالمخطط‭ ‬التنموي‭.‬
صياغة‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين
وفي‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالفرضيات‭ ‬والتوجهات‭ ‬الكبرى‭ ‬لمشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026،‭ ‬أبرزت‭ ‬الخالدي،‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬مقتضيات‭ ‬الفصل‭ ‬40‭ ‬من‭ ‬الفقرة‭ ‬2‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬للميزانية‭ ‬لسنة‭ ‬2019،‭ ‬مؤكدة‭ ‬ضرورة‭ ‬تشريك‭ ‬نواب‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المخرجات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالمشاريع‭ ‬الجديدة‭.‬
كما‭ ‬أشارت‭ ‬الوزيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تعمل‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬القوانين‭ ‬لعرضها‭ ‬على‭ ‬أنظار‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬مجلة‭ ‬الصرف،‭ ‬التي‭ ‬يُنتظر‭ ‬أن‭ ‬تُحال‭ ‬على‭ ‬البرلمان‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬الجارية،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أهمية‭ ‬التنسيق‭ ‬المحكم‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الهياكل‭ ‬تفادياً‭ ‬لأي‭ ‬تعارض‭ ‬في‭ ‬النصوص‭ ‬المقترحة‭.‬
نظام‭ ‬جبائي‭ ‬عادل
وتطرقت‭ ‬الوزيرة‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬الإصلاح‭ ‬الجبائي،‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الجبائي‭ ‬العادل،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات،‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يُثقل‭ ‬كاهل‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسات،‭ ‬ولا‭ ‬يعيق‭ ‬جهود‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتنمية‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬كشفت‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬بصدد‭ ‬تنفيذ‭ ‬إصلاح‭ ‬جبائي‭ ‬شامل‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬الرقمنة‭ ‬وتبسيط‭ ‬الإجراءات‭ ‬وتطوير‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية‭ ‬والنقدية‭ ‬الرقمية،‭ ‬وهي‭ ‬خطوات‭ ‬تتطلب‭ ‬تعبئة‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬ضخمة‭.‬
وبخصوص‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2025،‭ ‬أفادت‭ ‬الخالدي‭ ‬بأن‭ ‬الدولة‭ ‬قامت‭ ‬بتخفيف‭ ‬العبء‭ ‬الجبائي‭ ‬لفائدة‭ ‬الأجراء،‭ ‬وتكفلت‭ ‬بتحمل‭ ‬كلفة‭ ‬هذا‭ ‬التخفيف،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الجبائية‭ ‬وتعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭.‬
مكافحة‭ ‬التهرب‭ ‬الجبائي‭ ‬وأبرز‭ ‬الإجراءات‭..‬
وفي‭ ‬ما‭ ‬تعلق‭ ‬بمكافحة‭ ‬التهرب‭ ‬الجبائي،‭ ‬أكدت‭ ‬الوزيرة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬تمر‭ ‬أساساً‭ ‬عبر‭ ‬المسح‭ ‬الميداني،‭ ‬الذي‭ ‬تنفذه‭ ‬مصالح‭ ‬الوزارة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬لكنها‭ ‬نبهت‭ ‬إلى‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬أعوان‭ ‬إدارة‭ ‬الجباية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬صلاحيات‭ ‬الضابطة‭ ‬العدلية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعرضهم‭ ‬أحياناً‭ ‬لمحاولات‭ ‬المنع‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬التعنيف‭. ‬وأعلنت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬ستعزز‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬لتوفير‭ ‬مرافقة‭ ‬أمنية‭ ‬تضمن‭ ‬سلامة‭ ‬الأعوان‭ ‬وظروف‭ ‬عملهم‭.‬
أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسلك‭ ‬الديوانة،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬دعمه‭ ‬بانتدابات‭ ‬جديدة‭ ‬وتجهيزات‭ ‬إضافية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تطوير‭ ‬المنظومة‭ ‬المعلوماتية،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭. ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬الوزيرة‭ ‬عن‭ ‬مشروع‭ ‬تركيز‭ ‬منطقة‭ ‬حرّة‭ ‬للأنشطة‭ ‬اللوجستية‭ ‬والتجارية‭ ‬في‭ ‬بن‭ ‬قردان،‭ ‬لدفع‭ ‬التنمية‭ ‬المحلية‭ ‬وتعزيز‭ ‬المبادلات‭ ‬الاقتصادية‭.‬
وفي‭ ‬السياق‭ ‬نفسه،‭ ‬أكد‭ ‬محمد‭ ‬صالح‭ ‬العياري،‭ ‬مستشار‭ ‬جبائي‭ ‬وأستاذ‭ ‬جامعي‭ ‬وعضو‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للجباية،‭ ‬أنه‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتوجهات‭ ‬العامة‭ ‬لقانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026،‭ ‬فإنه‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬تقوم‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للدراسات‭ ‬والتشريع‭ ‬الجبائي‭  ‬بالاتصال‭ ‬بالمعنيين‭ ‬بالأمر‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يهمهم‭ ‬الشأن‭ ‬الجبائي،‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬المقترحات‭ ‬والتعمق‭ ‬في‭ ‬محتوياتها‭ ‬وإمكانية‭ ‬إدراجها‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬توجيهه‭ ‬الى‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬وبالتحديد‭ ‬لجنة‭ ‬المالية‭.‬
وأضاف‭ ‬عضو‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للجباية‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تأكيد‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬منح‭ ‬الأولوية‭ ‬القصوى‭ ‬للجانب‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يعد‭ ‬خطوة‭ ‬إيجابية،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬بالحيف‭ ‬والعجز،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬تحقيق‭ ‬عدالة‭ ‬اجتماعية،‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الأفراد‭ ‬والجهات‭ ‬بصفة‭ ‬عامة،‭ ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬شدد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬منوال‭ ‬تنمية‭ ‬يأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬الأبعاد‭ ‬الجهوية‭ ‬والإقليمية‭ ‬للتنمية‭ ‬وأسس‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭.‬
توسيع‭ ‬القاعدة‭ ‬الجبائية‭ ‬
وقال‭ ‬محمد‭ ‬صالح‭ ‬العياري‭ ‬إن‭ ‬اعتماد‭ ‬جباية‭ ‬عادلة‭ ‬تحقق‭ ‬العدل‭ ‬والإنصاف،‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬الهياكل‭ ‬والوزارات‭ ‬المعنية،‭ ‬وبالرجوع‭ ‬الى‭ ‬الصلاحيات‭ ‬الراجعة‭ ‬لها،‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بإجراءات‭ ‬لإرساء‭ ‬جباية‭ ‬عادلة‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬هذه‭ ‬الهياكل‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭. ‬كما‭ ‬ذكّر‭ ‬محدثنا‭ ‬بالإجراءات‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2025،‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬جدول‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الدخل،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تخفيف‭ ‬العبء‭ ‬الضريبي‭ ‬على‭ ‬الشرائح‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المتوسط‭ ‬والضعيف،‭ ‬مقابل‭ ‬زيادة‭ ‬طفيفة‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬الدخل‭ ‬المرتفع،‭ ‬وهذا‭ ‬يندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تكريس‭ ‬العدالة‭ ‬الجبائية‭. ‬
وفي‭ ‬السياق‭ ‬نفسه،‭ ‬أكد‭ ‬محمد‭ ‬صالح‭ ‬العياري‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬توسيع‭ ‬القاعدة‭ ‬الجبائية،‭ ‬مما‭ ‬سيؤدي‭ ‬الى‭ ‬تحسين‭ ‬الامتثال‭ ‬الضريبي‭ ‬وزيادة‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭.‬
وحسب‭ ‬عضو‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للجباية،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬الدراسات،‭ ‬سواء‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬المعهد‭ ‬التونسي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتجية‭ ‬أو‭ ‬اللجنة‭ ‬التي‭ ‬أحدثتها‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬أثبتت‭ ‬التأثيرات‭ ‬السلبية‭ ‬للقطاع‭ ‬الموازي‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للإحصاء‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬35‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬الداخلي‭ ‬الخام‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬64‭ ‬مليار‭ ‬دينار،‭ ‬وفق‭ ‬توقعات‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2025‭.‬
 
جهاد‭ ‬الكلبوسي