بمبادرة من لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة التي يرأسها النائب شكري البحري نظمت الأكاديمية البرلمانية أمس بمجلس نواب الشعب جلسة استماع إلى ممثلين عن اللجنة العلمية المكلفة بدراسة مادة «الفسفوجيبس»، وأشار هؤلاء إلى أن هذه المادة على حالتها ليست خطيرة وأوصوا في المقابل بالإسراع في إيجاد حل مناسب لوقف سكبها في خليج قابس لحماية البيئة البحرية، واستعرضوا تجارب بعض الدول في تثمينها وإعادة استعمالها.
وخلال النقاش طالب العديد من النواب بدورهم بالإيقاف الفوري لعمليات سكب المادة المذكورة في خليج قابس، وبمراجعة ترسانة التشريعات الوطنية في اتجاه تجريم الاعتداءات البيئية والحد من التلوث المنجر عن إنتاج الفسفاط بشكل عام والمتسبب في الإضرار بالماء والتربة والهواء وخاصة بصحة المواطن، وأشاروا إلى أنه حتى وإن تم اعتبار الفسفوجيبس ليس مادة خطرة فهذا لا يحجب عن الرؤية حقيقة واضحة للعيان وهي ارتفاع عدد المصابين بالسرطان والأمراض المزمنة وهشاشة العظام في قابس وقفصة وصفاقس، واقترحوا مواصلة البحوث العلمية الطبية والقيام بدراسة أخرى تؤكد أو تنفي تسبب مادة الفسفوجيبس في انتشار تلك الأمراض. أما النائب شكري بن البحري رئيس لجنة الصناعة فبين أن ملف الفوسفجيبس ملأ الدنيا وشغل الناس وذكر أن قرار الحكومة يوم 5 مارس 2024 بحسب هذه المادة من قائمة المواد الخطرة فاجأ الجميع وفتح الباب أمام طرح العديد من الأسئلة لذلك ارتأت اللجنة الإطلاع عن تفاصيل الدراسة التي أعدتها اللجنة العلمية لتتبين هل تم تشريك المجتمع المدني وأهالي قابس ووزارات الصحة والبيئة والداخلية والبحث العلمي ومخابر البحث لأن هذه المادة تلامس يوميا حياة مئات الآلاف من المواطنين في صفاقس وقابس وقفصة ولأن التونسيين عاشوا سنوات طويلة تحت وطأة التلوث وهم يشاهدون يوميا كيف ينتشر السرطان وطالب بفتح نقاش علمي شفاف حول هذا الملف الثقيل وتشريك الجميع فيه.
وقالت فائزة جبلون المديرة العامة للحوكمة بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة إن اللجنة العلمية تم تكونيها إثر جلسة مشتركة ضمت عدة وزارات وبينت أنه لابد من التذكير بأنه تم تخصيص مجلس وزاري بتاريخ 29 جوان 2017 لبحث الحلول العملية لوقف إلقاء الفوسفوجيبس في خليج قابس وتمت التوصية بالخصوص بدعوة وزارة البيئة إلى إجراء الدراسات العلمية الأساسية والضرورية لإعادة تصنيف الفوسفوجيبس من منتج خطر إلى منتج ثانوي. وأضافت أنه في مجلس وزاري بتاريخ 11 أفريل 2023 تم التطرق إلى ملف قطاع الفسفاط ومشتقاته: الواقع وآفاق التنمية وأوصى المجلس الوزاري بالخصوص بتشكيل فريق عمل يضم ممثلين عن وزارة البيئة ووزارة الصناعة والمناجم والطاقة لوضع مخطط لمصبات الفوسفوجيبس وتطوير برنامج لتثمينه واستخدامه في مجالات الصناعة والتجهيز.
وبخصوص إحداث اللجنة أشارت جبلون إلى أنه تم إحداث لجنة مشتركة في أفريل 2023 بين وزارة البيئة ووزارة الصناعة والمناجم والطاقة تضم ممثلين عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ووزارة الصحة ووزارة التجهيز والإسكان ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية وتمثلت المهام التي أوكلت إلى هذه اللجنة حسب قولها في إعداد مشروع تنقيح الأمر عدد 2339 لسنة 2000 المؤرخ في 10 أكتوبر2000 والمتعلق بـضبط قائمة النفايات الخطرة في اتجاه تصنيف مادة الفوسفوجيبس كمادة منتجة وذلك إضافة إلى متابعة واستحثاث التحاليل والتقارير الفنية والتنسيق مع الجهات المعنية والسلطات الجهوية من أجل الإدارة الرشيدة للفوسفوجيبس بما في ذلك تثمينه واستخدامه في مختلف المجالات الممكنة.
وقالت إنه تم إعداد تقرير تأليفي لأعمال اللجنة لعرضه على أنظار مجلس وزاري مضيق وتقرر الاستئناس بخبراء وفي هذا السياق تم إحداث لجنة علمية في جوان 2023.
أعمال اللجنة العلمية
وقدم ممثلو اللجنة العلمية المكلفة بدراسة مادة الفسفوجيبس خلال الجلسة البرلمانية معطيات ضافية حول مهام هذه اللّجنة وتركيبتها وخصائص مادة الفوسفوجيبس وحول الإطار التشريعي للفوسفوجيبس الدولي منه والوطني وتحدثوا عن تجارب تثمين الفوسفوجيبس وخلصوا إلى تقديم جملة من الاستنتاجات والتّوصيات.
ففي ما يتعلق بأعمال اللجنة العلمية بين عضو اللجنة محمد الرزاق الجدي، أستاذ هندسة كيميائية بجامعة قابس وعضو مخبر أبحاث العمليات والطاقة والبيئة والأنظمة الكهربائية أنه تم تصميم البرنامج العلمي وتنظيم الملتقى العلمي حول تثمين الفوسفوجيبس: فرص لتنمية اقتصادية جهويّة وذلك يومي 13 و14 ديسمبر 2023 بقفصة وتم إنجاز توليف ببليوغرافي محيّن لأشغال البحوث المتعلقة بالخصائص الفيزيائية والكيميائية والإشعاعية للفوسفوجيبس ولأحدث التطورات العلمية والتقنية والتشريعيّة في تونس وفي العالم فيما يتعلق بـإدارة الفوسفوجيبس وتثمينه وذكر أنه خلال 8 أشهر من العمل تم جمع واختيار وتحليل 170 وثيقة حول الفوسفوجيبس.
وقدم الجدي لنواب الشعب تركيبة اللجنة ثم أشار إلى أن الفسفوجيبس متأت من الفسفاط، وبخصوص كيفية التصرف في هذه المادة قال إنه بالنسبة إلى قابس يتم سكب خمسة ملايين طن سنويا منها في البحر أما في الصخيرة والمظيلة وصفاقس فتم اعتماد خيار التكديس وتبلغ الكمية في الصخيرة نحو 3 فاصل 7 مليون طن سنويا وفي المظيلة صفر فاصل 8 مليون طن سنويا أما في صفاقس فقد توقف إنتاج الحامض الفسفوري منذ سنة 2017.
وبالنسبة إلى مكونات مادة الفسفوجيبس لاحظ الجدي أن 96 بالمائة منها جبس و4 بالمائة أملاح وشوائب، وقدم الجامعي في مداخلته معطيات دقيقة حول مكونات هذه المادة من حيث العناصر الرئيسية ومكوناتها من حيث العناصر المعدنية ومكوناتها من حيث العناصر المعدنية النزرة وقال في علاقة بالعناصر المعدنية النزرة إن نسب الزرنيخ والرصاص والزئبق في الفوسفوجبس التونسي منخفضة جدًا أو أنها منعدمة لأن الفسفاط التونسي حسب قوله يتميّز بخلوّه عمليًا من هذه المعادن الثقيلة. وذكر أن الفوسفوجيبس التونسي يحتوي على من 5 إلى 15 مليغرام في الكيلوغرام من عنصر الكادميوم ويوجد أساسا في شكل غير قابل للذوبان في الماء، ولا يتجاوز الجزء القابل للذوبان في الماء واحد مليغرام في الكيلوغرام. ولاحظ أن الأسمدة المسوّقة حاليّا في تونس وأوروبا يتراوح محتواها من الكادميوم من 15 إلى 25 مليغرام في الكيلوغرام وهي مسجلة في قاعدة بيانات الاتحاد الأوروبي، كما قدم الجامعي معطيات حول مكونات مادة الفسفوجيبس التونسي من حيث عناصر التربة النادرة وكذلك مكوناتها من حيث العناصر المشعة استنادا إلى تحاليل منجزة من طرف المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية ومعطيات مأخوذة من تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لسنة (2013) وتقرير اللجنة الفنية حول وقف سكب الفوسفوجيبس بخليج قابس لسنة 2016 وكذلك استنادا إلى نتائج تحاليل إضافية للفوسفوجيبس التونسي في علاقة بالعناصر المشعّة تم القيام بها بمبادرة من الجمعية التونسية للبيئة والطبيعة بقابس وتم أخذ العينات في 6 أوت 2014 من وحدات إنتاج الحامض الفسفوري بمعمل الحامض الفسفوري بقابس وذلك تحت إشراف المدرسة الوطنية للمهندسين بقابس وتم التحليل في مخبر فرنسي مختص في التحاليل الإشعاعية ومعتمد من قبل هيئة الأمن النووي بفرنسا وصدر التقرير في 16 سبتمبر 2014 وخلص إلى أن الإشعاع الطبيعي للفوسفوجبس التونسي يعتبر أقل من الحد المعياري الدولي وأقل من الإشعاع الطبيعي للفوسفوجيبس الأجنبي المتأتّي من تحويل الفسفاط الطبيعي المترسّب وقدم أرقاما في هذا الاتجاه مفادها أن الإشعاع الطبيعي للفسفوجيبس التونسي يبلغ 270 ب. ك في الكيلوغرام في حين أن الحد المعياري الدولي يبلغ ألف ب. ك في الكيلوغرام وأن مستوى الإشعاع الطبيعي للفسفوجيبس الأجنبي المتأتي من تحويل الفسفاط الطبيعي المترسب في حدود 370 ب. ك في الكلغ.
خصائص علمية
وفي نفس الإطار قدم الإمام العلوي، رئيس اللجنة العلمية أستاذ كيمياء بجامعة قفصة، ومدير مخبر أبحاث «تطبيقات المواد على البيئة والمياه والطاقة» بسطة عن الخصائص العلمية لمادة الفسفوجيبس وتضمن العرض الذي تم تقديمه أمام أعضاء مجلس نواب الشعب معطيات تتعلق بتوصيف الفسفوجيبس من حيث السمّية البيئية وفسر ممثل اللجنة العلمية أن الحديث عن المواد الخطرة يدعو إلى التذكير بتعريف خاصية الخطر على أنه النفايات التي تمثل أو قد تمثل مخاطر فورية أو مـتأخرة لواحد أو أكثر من مكونات البيئة وقدم مختلف إجراءات تقييم خاصية خطر السمية البيئية وبين أن نتائج التقييم أسفرت عن عدم وجود خطورة سمية بيئية للفسفوجيبس التونسي على حالته عند الخزن. وكرر عديد المرات أن الأمر يتعلق بمادة الفسفوجيبس على حالتها. وبين أن الحديث عن توصيف الفسفوجيبس التونسي من حيث السمية الحادية يقتضي التذكير بتعريف خاصية خطر السمية الحادة فالمقصود بها النفايات التي يمكن أن تتسبب في تأثيرات سمّية حادة بعد تناولها عن طريق الفم أو الجلد أو بعد التعرض لها عن طريق الاستنشاق وفسر ممثل اللجنة العلمية لنواب الشعب الإجراءات التي تم اعتمادها لتقييم خاصية خطر السمية الحادة وخلص إلى أن نتائج التقييم بينت عدم وجود خطورة السمية الحادة للفسفوجيبس التونسي على حالته عند الخزن.
ولاحظ أن تركيزات الزرنيخ والرصاص والزئبق في الفوسفوجيبس التونسي منخفضة للغاية أو لا تذكر، بما أنّ الفسفاط التونسي خال عمليًا من هذه المعادن الثقيلة. وبين أن الكادميوم الموجود في الفوسفوجيبس التونسي، والذي يتراوح محتواه من 5 إلى 15 مليغرام في الكيلوغرام يوجد بشكل أساسي في صورة غير قابلة للذوبان في الماء وأما الجزء القابل للذوبان في الماء فأقل بكثير من واحد مليغرام في الكيلوغرام. وأضاف أنه علاوة على ذلك، تحتوي الأسمدة التي يتم تسويقها حاليًا في تونس وأوروبا على مستويات من الكادميوم تتراوح من15 إلى 25 مليغرام في الكيلوغرام وتتوافق مع اللائحة الأوروبية.
وخلص إلى أن مادة الفوسفوجيبس التونسي كما هو على حالته لا تحتوي على خصائص الخطر «السمية البيئية» و»السمية الحادة». ونبه في المقابل إلى أنه مع ذلك، فإن تصريف الفوسفوجيبس في البحر يسبب آثارًا سلبية على النظام البيئي البحري، وهي ترتبط بشكل خاص بتراكم الشوائب غير القابلة للذوبان بعد التحلل الكامل لمكونه الرئيسي كبريتات الكالسيوم ثنائي الهيدرات الذي يمثل ما لا يقل عن 96 بالمائة من مكونات الفوسفوجبس كما أشار في أن تخزين الفوسفوجيبس في أكوام دون مراعاة معايير الاستخدام الأكثر تقدماً له آثار سلبية على البيئة.
أما حسان شقير، الخبير المستقل في شؤون البيئة والتنمية المستدامة فتحدث عن تجربة استعمال الفسفوجيبس في الفلاحة في واحة شنني بقابس وأشار إلى القيام ببحوث علمية حول تأثير التعديل العضوي وتأثير الفسفوجيبس على الخصائص الفيزيائية والكيميائية لتربة واحات متدهورة وعلى بعض محاصيل الواحات على التربة، وخلص إلى أنه من حيث الإنتاج والجودة كانت نتائج التجربة ممتازة وقال إنه تم إخضاع المنتوج للتحليل وتبين أنها لا تحتوي على إشعاعات.
الإطار التشريعي
الطاهر خواجة، الخبير المستقل في شؤون البيئة والمخاطر الصحية والتصرف في المواقع الملوّثة تطرق الإطار التشريعي للفسفوجيبس واستعرض مختلف الاتفاقيات والمبادئ التوجيهية الدولية المتعّلقة بالّنفايات والإطار القانوني المعتمد في عدد من الدول مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية والهند والإطار القانوني الدولي المعتمد في أوروبا، وأشار أخيرا إلى مضامين الإطار القانوني التونسي والمتمثل حسب قوله في الأمر الصادر سنة 2000 والمتعلق بضبط قائمة النفايات الخطرة.
وفي قراءة للتجارب الدولية لتثمين الفسفوجيبس بين عضو اللجنة العلمية محمد الرزاق الجدي أنه بناء على معطيات صادرة عن هيئات دولية يمكن الإشارة إلى تطور تثمين الفسفوجيبس على الصعيد العالمي حيث يتم استعماله في صناعة الاسمنت في الهند والبرازيل وبلجيكا والفلبين ويتم استخدامه في بلجيكا والصين والبرازيل والهند في مواد البناء وفي روسيا والنهد في إنشاء الطرقات وقدم للنواب صورا لعينات من منتوجات السيراميك والأرضيات والبلاط والألواح والطوب المصنوعة في الصين باعتماد الفوسفوجيبس، صورة لعمارة تم تشييدها في الصين بمواد مستخرجة من الفسفوجيبس وصور طرقات في تكساس والمغرب استعمل في إنشائها الفسفوجيبس، أما الاستعمالات في الفلاحة فتوجد منطقة في اسبانيا وهي لبريجيا تستعمل الفسفوجيبس في الفلاحة منذ 30 سنة وتم تخصيص مخبر لمراقبة المنتوجات التي تم تسميدها بالفسفوجيبس. كما يتم استعمال الفسفوجيبس الزراعي في مصر لتسميد زراعات القطن.
أما بالنسبة إلى التصرف في الفسفوجيبس في تونس فلاحظ أنه في صورة تواصل سكب الفسفوجيبس في البحر ستزداد الأزمة وقال إنه يجب إيقاف سكب هذه المادة في خليج قابس. وأشار إلى أنه تم القيام بتجارب صناعية في تونس اعتمدت على خلط هذه المادة بمواد أخرى لكن لا يمكن للمصنعين بيعه في الخارج على اعتبار أن الفسفوجيبس مشمول بالأمر المتعلق بضبط قائمة النفايات الخطرة سالفة الذكر. وذكر أنه تم القيام بدراسة تجريبية من قبل المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية أشرفت عليها الوكالة الدولة للطاقة الذرية وصادقت عليها الوكالة الدولية في تقريرها عام 2013 وأثبتت الدراسة أنه ليس لهذه المادة تأثيرات إشعاعية وتطرق الجامعي إلى الانعكاس الاقتصادي لتثمين مادة الفسفوجيبس وإلى بعض التجارب التي تم القيام بها في هذا الاتجاه في تونس وخلص إلى تقديم استنتاجات اللجنة العلمية وتوصياتها فمن حيث الاستنتاجات بين أن الفوسفوجيبس التونسي يتميز بخصائص فيزيائيّة وكيميائيّة مماثلة أو أفضل من مثيلاتها بالفوسفوجيبس الأجنبي المثمّن حاليّا وخصائص إشعاعيّة مطابقة للمواصفات العالميّة وغياب خصائص خطر السمية البيئية والسمية الحادة بالفوسفوجيبس التونسي على حالته، وهناك إمكانيات استعماله في عديد المجالات كصناعة الأسمدة والإسمنت والآجر والطرقات واستصلاح الأراضي المالحة.
وأشار إلى ضرورة اعتبار الفوسفوجيبس التونسي كـمنتج مشترك يوفر العديد من فرص التثمين.
وتتمثل توصيات اللجنة العلمية حسب قوله في الإسراع بإيجاد حل مناسب لوقف سكب الفوسفوجيبس في خليج قابس لحماية البيئة البحرية والحفاظ على هذا المنتج المشترك المورد الذي يوفر فرصا متعددة للتثمين، وضرورة اعتبار الفوسفوجيبس التونسي كــ»منتج مشترك» بحد ذاته يتيح فرصا للتثمين في مختلف القطاعات الاقتصادية وليس «نفايات” على غرار مراجعة الأنظمة التي قامت بها الهيئات الدولية المتخصصة مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والوكالة الدولية للأسمدة وغيرها وعدة دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والهند والبرازيل والصين وإسبانيا وبلجيكا وفرنسا والفلبين، والإسراع بمراجعة الإطار القانوني التونسي المنظم للفوسفوجيبس من خلال سحبه من قائمة النفايات الخطرة الواردة بالملحق 1 للأمر عدد 2339 لسنة 2000 المؤرخ في 10 أكتوبر 2000 المتعلق بضبط قائمة النفايات الخطرة، وتحفيز الجهات الاقتصادية لاستخدام الفوسفوجيبس في مجالات أنشطتها مثل الكيمياء والأسمنت ومواد البناء والطرقات والإسكان واستصلاح الأراضي والتسميد وغيرها وبين أنّ تثمين الفسفوجيبس لن يكون كليّا بل سيتمّ بشكل تدريجيّ على غرار التجارب المعتمدة على الصعيد الدولي وذلك بالنظر لأهميّة الكميات المنتجة من هذه المادة.
وخلص إلى أن التقرير الذي أعَدّتهُ لجنة علمية تَضُم مُختصّين جامعيين وخبراء في الميدان فيه نتائج دراسة 170 وثيقة نُشرت خلال الفترة المُمتدّة من 1995 إلى 2023، والتي تتعلق بالتوصيف الفيزيائي والكيميائي والإشعاعي وبالسمِّيَةِ البيئية للفوسفوجيبس، وكذلك اللوائح والأُطر القانونية المتعلقة بالتصرّف وبتثمين مادّة الفوسفوجيبس. ويحتوي هذا التقرير أيضًا على قائمة شاملة للمراجع البيبليوغرافية المتعلقة بالتصنيف القانوني لمادّة الفوسفوجيبس، وأمثلة لتثمينه في جميع أنحاء العالم في قطاعات متعدّدة مثل الإسمنت ومواد البناء والطُرقات وصناعة الأسمدة واستصلاح الأراضي الملحيّة. ويُعتبر التقرير حسب وصفه دليلاً مرجعيًا لمراجعة تصنيف الفوسفوجيبس التونسي كـمنتج يُوفّر فُرصا عديدة للتثميـن.
سعيدة بوهلال
بمبادرة من لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة التي يرأسها النائب شكري البحري نظمت الأكاديمية البرلمانية أمس بمجلس نواب الشعب جلسة استماع إلى ممثلين عن اللجنة العلمية المكلفة بدراسة مادة «الفسفوجيبس»، وأشار هؤلاء إلى أن هذه المادة على حالتها ليست خطيرة وأوصوا في المقابل بالإسراع في إيجاد حل مناسب لوقف سكبها في خليج قابس لحماية البيئة البحرية، واستعرضوا تجارب بعض الدول في تثمينها وإعادة استعمالها.
وخلال النقاش طالب العديد من النواب بدورهم بالإيقاف الفوري لعمليات سكب المادة المذكورة في خليج قابس، وبمراجعة ترسانة التشريعات الوطنية في اتجاه تجريم الاعتداءات البيئية والحد من التلوث المنجر عن إنتاج الفسفاط بشكل عام والمتسبب في الإضرار بالماء والتربة والهواء وخاصة بصحة المواطن، وأشاروا إلى أنه حتى وإن تم اعتبار الفسفوجيبس ليس مادة خطرة فهذا لا يحجب عن الرؤية حقيقة واضحة للعيان وهي ارتفاع عدد المصابين بالسرطان والأمراض المزمنة وهشاشة العظام في قابس وقفصة وصفاقس، واقترحوا مواصلة البحوث العلمية الطبية والقيام بدراسة أخرى تؤكد أو تنفي تسبب مادة الفسفوجيبس في انتشار تلك الأمراض. أما النائب شكري بن البحري رئيس لجنة الصناعة فبين أن ملف الفوسفجيبس ملأ الدنيا وشغل الناس وذكر أن قرار الحكومة يوم 5 مارس 2024 بحسب هذه المادة من قائمة المواد الخطرة فاجأ الجميع وفتح الباب أمام طرح العديد من الأسئلة لذلك ارتأت اللجنة الإطلاع عن تفاصيل الدراسة التي أعدتها اللجنة العلمية لتتبين هل تم تشريك المجتمع المدني وأهالي قابس ووزارات الصحة والبيئة والداخلية والبحث العلمي ومخابر البحث لأن هذه المادة تلامس يوميا حياة مئات الآلاف من المواطنين في صفاقس وقابس وقفصة ولأن التونسيين عاشوا سنوات طويلة تحت وطأة التلوث وهم يشاهدون يوميا كيف ينتشر السرطان وطالب بفتح نقاش علمي شفاف حول هذا الملف الثقيل وتشريك الجميع فيه.
وقالت فائزة جبلون المديرة العامة للحوكمة بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة إن اللجنة العلمية تم تكونيها إثر جلسة مشتركة ضمت عدة وزارات وبينت أنه لابد من التذكير بأنه تم تخصيص مجلس وزاري بتاريخ 29 جوان 2017 لبحث الحلول العملية لوقف إلقاء الفوسفوجيبس في خليج قابس وتمت التوصية بالخصوص بدعوة وزارة البيئة إلى إجراء الدراسات العلمية الأساسية والضرورية لإعادة تصنيف الفوسفوجيبس من منتج خطر إلى منتج ثانوي. وأضافت أنه في مجلس وزاري بتاريخ 11 أفريل 2023 تم التطرق إلى ملف قطاع الفسفاط ومشتقاته: الواقع وآفاق التنمية وأوصى المجلس الوزاري بالخصوص بتشكيل فريق عمل يضم ممثلين عن وزارة البيئة ووزارة الصناعة والمناجم والطاقة لوضع مخطط لمصبات الفوسفوجيبس وتطوير برنامج لتثمينه واستخدامه في مجالات الصناعة والتجهيز.
وبخصوص إحداث اللجنة أشارت جبلون إلى أنه تم إحداث لجنة مشتركة في أفريل 2023 بين وزارة البيئة ووزارة الصناعة والمناجم والطاقة تضم ممثلين عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ووزارة الصحة ووزارة التجهيز والإسكان ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية وتمثلت المهام التي أوكلت إلى هذه اللجنة حسب قولها في إعداد مشروع تنقيح الأمر عدد 2339 لسنة 2000 المؤرخ في 10 أكتوبر2000 والمتعلق بـضبط قائمة النفايات الخطرة في اتجاه تصنيف مادة الفوسفوجيبس كمادة منتجة وذلك إضافة إلى متابعة واستحثاث التحاليل والتقارير الفنية والتنسيق مع الجهات المعنية والسلطات الجهوية من أجل الإدارة الرشيدة للفوسفوجيبس بما في ذلك تثمينه واستخدامه في مختلف المجالات الممكنة.
وقالت إنه تم إعداد تقرير تأليفي لأعمال اللجنة لعرضه على أنظار مجلس وزاري مضيق وتقرر الاستئناس بخبراء وفي هذا السياق تم إحداث لجنة علمية في جوان 2023.
أعمال اللجنة العلمية
وقدم ممثلو اللجنة العلمية المكلفة بدراسة مادة الفسفوجيبس خلال الجلسة البرلمانية معطيات ضافية حول مهام هذه اللّجنة وتركيبتها وخصائص مادة الفوسفوجيبس وحول الإطار التشريعي للفوسفوجيبس الدولي منه والوطني وتحدثوا عن تجارب تثمين الفوسفوجيبس وخلصوا إلى تقديم جملة من الاستنتاجات والتّوصيات.
ففي ما يتعلق بأعمال اللجنة العلمية بين عضو اللجنة محمد الرزاق الجدي، أستاذ هندسة كيميائية بجامعة قابس وعضو مخبر أبحاث العمليات والطاقة والبيئة والأنظمة الكهربائية أنه تم تصميم البرنامج العلمي وتنظيم الملتقى العلمي حول تثمين الفوسفوجيبس: فرص لتنمية اقتصادية جهويّة وذلك يومي 13 و14 ديسمبر 2023 بقفصة وتم إنجاز توليف ببليوغرافي محيّن لأشغال البحوث المتعلقة بالخصائص الفيزيائية والكيميائية والإشعاعية للفوسفوجيبس ولأحدث التطورات العلمية والتقنية والتشريعيّة في تونس وفي العالم فيما يتعلق بـإدارة الفوسفوجيبس وتثمينه وذكر أنه خلال 8 أشهر من العمل تم جمع واختيار وتحليل 170 وثيقة حول الفوسفوجيبس.
وقدم الجدي لنواب الشعب تركيبة اللجنة ثم أشار إلى أن الفسفوجيبس متأت من الفسفاط، وبخصوص كيفية التصرف في هذه المادة قال إنه بالنسبة إلى قابس يتم سكب خمسة ملايين طن سنويا منها في البحر أما في الصخيرة والمظيلة وصفاقس فتم اعتماد خيار التكديس وتبلغ الكمية في الصخيرة نحو 3 فاصل 7 مليون طن سنويا وفي المظيلة صفر فاصل 8 مليون طن سنويا أما في صفاقس فقد توقف إنتاج الحامض الفسفوري منذ سنة 2017.
وبالنسبة إلى مكونات مادة الفسفوجيبس لاحظ الجدي أن 96 بالمائة منها جبس و4 بالمائة أملاح وشوائب، وقدم الجامعي في مداخلته معطيات دقيقة حول مكونات هذه المادة من حيث العناصر الرئيسية ومكوناتها من حيث العناصر المعدنية ومكوناتها من حيث العناصر المعدنية النزرة وقال في علاقة بالعناصر المعدنية النزرة إن نسب الزرنيخ والرصاص والزئبق في الفوسفوجبس التونسي منخفضة جدًا أو أنها منعدمة لأن الفسفاط التونسي حسب قوله يتميّز بخلوّه عمليًا من هذه المعادن الثقيلة. وذكر أن الفوسفوجيبس التونسي يحتوي على من 5 إلى 15 مليغرام في الكيلوغرام من عنصر الكادميوم ويوجد أساسا في شكل غير قابل للذوبان في الماء، ولا يتجاوز الجزء القابل للذوبان في الماء واحد مليغرام في الكيلوغرام. ولاحظ أن الأسمدة المسوّقة حاليّا في تونس وأوروبا يتراوح محتواها من الكادميوم من 15 إلى 25 مليغرام في الكيلوغرام وهي مسجلة في قاعدة بيانات الاتحاد الأوروبي، كما قدم الجامعي معطيات حول مكونات مادة الفسفوجيبس التونسي من حيث عناصر التربة النادرة وكذلك مكوناتها من حيث العناصر المشعة استنادا إلى تحاليل منجزة من طرف المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية ومعطيات مأخوذة من تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لسنة (2013) وتقرير اللجنة الفنية حول وقف سكب الفوسفوجيبس بخليج قابس لسنة 2016 وكذلك استنادا إلى نتائج تحاليل إضافية للفوسفوجيبس التونسي في علاقة بالعناصر المشعّة تم القيام بها بمبادرة من الجمعية التونسية للبيئة والطبيعة بقابس وتم أخذ العينات في 6 أوت 2014 من وحدات إنتاج الحامض الفسفوري بمعمل الحامض الفسفوري بقابس وذلك تحت إشراف المدرسة الوطنية للمهندسين بقابس وتم التحليل في مخبر فرنسي مختص في التحاليل الإشعاعية ومعتمد من قبل هيئة الأمن النووي بفرنسا وصدر التقرير في 16 سبتمبر 2014 وخلص إلى أن الإشعاع الطبيعي للفوسفوجبس التونسي يعتبر أقل من الحد المعياري الدولي وأقل من الإشعاع الطبيعي للفوسفوجيبس الأجنبي المتأتّي من تحويل الفسفاط الطبيعي المترسّب وقدم أرقاما في هذا الاتجاه مفادها أن الإشعاع الطبيعي للفسفوجيبس التونسي يبلغ 270 ب. ك في الكيلوغرام في حين أن الحد المعياري الدولي يبلغ ألف ب. ك في الكيلوغرام وأن مستوى الإشعاع الطبيعي للفسفوجيبس الأجنبي المتأتي من تحويل الفسفاط الطبيعي المترسب في حدود 370 ب. ك في الكلغ.
خصائص علمية
وفي نفس الإطار قدم الإمام العلوي، رئيس اللجنة العلمية أستاذ كيمياء بجامعة قفصة، ومدير مخبر أبحاث «تطبيقات المواد على البيئة والمياه والطاقة» بسطة عن الخصائص العلمية لمادة الفسفوجيبس وتضمن العرض الذي تم تقديمه أمام أعضاء مجلس نواب الشعب معطيات تتعلق بتوصيف الفسفوجيبس من حيث السمّية البيئية وفسر ممثل اللجنة العلمية أن الحديث عن المواد الخطرة يدعو إلى التذكير بتعريف خاصية الخطر على أنه النفايات التي تمثل أو قد تمثل مخاطر فورية أو مـتأخرة لواحد أو أكثر من مكونات البيئة وقدم مختلف إجراءات تقييم خاصية خطر السمية البيئية وبين أن نتائج التقييم أسفرت عن عدم وجود خطورة سمية بيئية للفسفوجيبس التونسي على حالته عند الخزن. وكرر عديد المرات أن الأمر يتعلق بمادة الفسفوجيبس على حالتها. وبين أن الحديث عن توصيف الفسفوجيبس التونسي من حيث السمية الحادية يقتضي التذكير بتعريف خاصية خطر السمية الحادة فالمقصود بها النفايات التي يمكن أن تتسبب في تأثيرات سمّية حادة بعد تناولها عن طريق الفم أو الجلد أو بعد التعرض لها عن طريق الاستنشاق وفسر ممثل اللجنة العلمية لنواب الشعب الإجراءات التي تم اعتمادها لتقييم خاصية خطر السمية الحادة وخلص إلى أن نتائج التقييم بينت عدم وجود خطورة السمية الحادة للفسفوجيبس التونسي على حالته عند الخزن.
ولاحظ أن تركيزات الزرنيخ والرصاص والزئبق في الفوسفوجيبس التونسي منخفضة للغاية أو لا تذكر، بما أنّ الفسفاط التونسي خال عمليًا من هذه المعادن الثقيلة. وبين أن الكادميوم الموجود في الفوسفوجيبس التونسي، والذي يتراوح محتواه من 5 إلى 15 مليغرام في الكيلوغرام يوجد بشكل أساسي في صورة غير قابلة للذوبان في الماء وأما الجزء القابل للذوبان في الماء فأقل بكثير من واحد مليغرام في الكيلوغرام. وأضاف أنه علاوة على ذلك، تحتوي الأسمدة التي يتم تسويقها حاليًا في تونس وأوروبا على مستويات من الكادميوم تتراوح من15 إلى 25 مليغرام في الكيلوغرام وتتوافق مع اللائحة الأوروبية.
وخلص إلى أن مادة الفوسفوجيبس التونسي كما هو على حالته لا تحتوي على خصائص الخطر «السمية البيئية» و»السمية الحادة». ونبه في المقابل إلى أنه مع ذلك، فإن تصريف الفوسفوجيبس في البحر يسبب آثارًا سلبية على النظام البيئي البحري، وهي ترتبط بشكل خاص بتراكم الشوائب غير القابلة للذوبان بعد التحلل الكامل لمكونه الرئيسي كبريتات الكالسيوم ثنائي الهيدرات الذي يمثل ما لا يقل عن 96 بالمائة من مكونات الفوسفوجبس كما أشار في أن تخزين الفوسفوجيبس في أكوام دون مراعاة معايير الاستخدام الأكثر تقدماً له آثار سلبية على البيئة.
أما حسان شقير، الخبير المستقل في شؤون البيئة والتنمية المستدامة فتحدث عن تجربة استعمال الفسفوجيبس في الفلاحة في واحة شنني بقابس وأشار إلى القيام ببحوث علمية حول تأثير التعديل العضوي وتأثير الفسفوجيبس على الخصائص الفيزيائية والكيميائية لتربة واحات متدهورة وعلى بعض محاصيل الواحات على التربة، وخلص إلى أنه من حيث الإنتاج والجودة كانت نتائج التجربة ممتازة وقال إنه تم إخضاع المنتوج للتحليل وتبين أنها لا تحتوي على إشعاعات.
الإطار التشريعي
الطاهر خواجة، الخبير المستقل في شؤون البيئة والمخاطر الصحية والتصرف في المواقع الملوّثة تطرق الإطار التشريعي للفسفوجيبس واستعرض مختلف الاتفاقيات والمبادئ التوجيهية الدولية المتعّلقة بالّنفايات والإطار القانوني المعتمد في عدد من الدول مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية والهند والإطار القانوني الدولي المعتمد في أوروبا، وأشار أخيرا إلى مضامين الإطار القانوني التونسي والمتمثل حسب قوله في الأمر الصادر سنة 2000 والمتعلق بضبط قائمة النفايات الخطرة.
وفي قراءة للتجارب الدولية لتثمين الفسفوجيبس بين عضو اللجنة العلمية محمد الرزاق الجدي أنه بناء على معطيات صادرة عن هيئات دولية يمكن الإشارة إلى تطور تثمين الفسفوجيبس على الصعيد العالمي حيث يتم استعماله في صناعة الاسمنت في الهند والبرازيل وبلجيكا والفلبين ويتم استخدامه في بلجيكا والصين والبرازيل والهند في مواد البناء وفي روسيا والنهد في إنشاء الطرقات وقدم للنواب صورا لعينات من منتوجات السيراميك والأرضيات والبلاط والألواح والطوب المصنوعة في الصين باعتماد الفوسفوجيبس، صورة لعمارة تم تشييدها في الصين بمواد مستخرجة من الفسفوجيبس وصور طرقات في تكساس والمغرب استعمل في إنشائها الفسفوجيبس، أما الاستعمالات في الفلاحة فتوجد منطقة في اسبانيا وهي لبريجيا تستعمل الفسفوجيبس في الفلاحة منذ 30 سنة وتم تخصيص مخبر لمراقبة المنتوجات التي تم تسميدها بالفسفوجيبس. كما يتم استعمال الفسفوجيبس الزراعي في مصر لتسميد زراعات القطن.
أما بالنسبة إلى التصرف في الفسفوجيبس في تونس فلاحظ أنه في صورة تواصل سكب الفسفوجيبس في البحر ستزداد الأزمة وقال إنه يجب إيقاف سكب هذه المادة في خليج قابس. وأشار إلى أنه تم القيام بتجارب صناعية في تونس اعتمدت على خلط هذه المادة بمواد أخرى لكن لا يمكن للمصنعين بيعه في الخارج على اعتبار أن الفسفوجيبس مشمول بالأمر المتعلق بضبط قائمة النفايات الخطرة سالفة الذكر. وذكر أنه تم القيام بدراسة تجريبية من قبل المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية أشرفت عليها الوكالة الدولة للطاقة الذرية وصادقت عليها الوكالة الدولية في تقريرها عام 2013 وأثبتت الدراسة أنه ليس لهذه المادة تأثيرات إشعاعية وتطرق الجامعي إلى الانعكاس الاقتصادي لتثمين مادة الفسفوجيبس وإلى بعض التجارب التي تم القيام بها في هذا الاتجاه في تونس وخلص إلى تقديم استنتاجات اللجنة العلمية وتوصياتها فمن حيث الاستنتاجات بين أن الفوسفوجيبس التونسي يتميز بخصائص فيزيائيّة وكيميائيّة مماثلة أو أفضل من مثيلاتها بالفوسفوجيبس الأجنبي المثمّن حاليّا وخصائص إشعاعيّة مطابقة للمواصفات العالميّة وغياب خصائص خطر السمية البيئية والسمية الحادة بالفوسفوجيبس التونسي على حالته، وهناك إمكانيات استعماله في عديد المجالات كصناعة الأسمدة والإسمنت والآجر والطرقات واستصلاح الأراضي المالحة.
وأشار إلى ضرورة اعتبار الفوسفوجيبس التونسي كـمنتج مشترك يوفر العديد من فرص التثمين.
وتتمثل توصيات اللجنة العلمية حسب قوله في الإسراع بإيجاد حل مناسب لوقف سكب الفوسفوجيبس في خليج قابس لحماية البيئة البحرية والحفاظ على هذا المنتج المشترك المورد الذي يوفر فرصا متعددة للتثمين، وضرورة اعتبار الفوسفوجيبس التونسي كــ»منتج مشترك» بحد ذاته يتيح فرصا للتثمين في مختلف القطاعات الاقتصادية وليس «نفايات” على غرار مراجعة الأنظمة التي قامت بها الهيئات الدولية المتخصصة مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والوكالة الدولية للأسمدة وغيرها وعدة دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والهند والبرازيل والصين وإسبانيا وبلجيكا وفرنسا والفلبين، والإسراع بمراجعة الإطار القانوني التونسي المنظم للفوسفوجيبس من خلال سحبه من قائمة النفايات الخطرة الواردة بالملحق 1 للأمر عدد 2339 لسنة 2000 المؤرخ في 10 أكتوبر 2000 المتعلق بضبط قائمة النفايات الخطرة، وتحفيز الجهات الاقتصادية لاستخدام الفوسفوجيبس في مجالات أنشطتها مثل الكيمياء والأسمنت ومواد البناء والطرقات والإسكان واستصلاح الأراضي والتسميد وغيرها وبين أنّ تثمين الفسفوجيبس لن يكون كليّا بل سيتمّ بشكل تدريجيّ على غرار التجارب المعتمدة على الصعيد الدولي وذلك بالنظر لأهميّة الكميات المنتجة من هذه المادة.
وخلص إلى أن التقرير الذي أعَدّتهُ لجنة علمية تَضُم مُختصّين جامعيين وخبراء في الميدان فيه نتائج دراسة 170 وثيقة نُشرت خلال الفترة المُمتدّة من 1995 إلى 2023، والتي تتعلق بالتوصيف الفيزيائي والكيميائي والإشعاعي وبالسمِّيَةِ البيئية للفوسفوجيبس، وكذلك اللوائح والأُطر القانونية المتعلقة بالتصرّف وبتثمين مادّة الفوسفوجيبس. ويحتوي هذا التقرير أيضًا على قائمة شاملة للمراجع البيبليوغرافية المتعلقة بالتصنيف القانوني لمادّة الفوسفوجيبس، وأمثلة لتثمينه في جميع أنحاء العالم في قطاعات متعدّدة مثل الإسمنت ومواد البناء والطُرقات وصناعة الأسمدة واستصلاح الأراضي الملحيّة. ويُعتبر التقرير حسب وصفه دليلاً مرجعيًا لمراجعة تصنيف الفوسفوجيبس التونسي كـمنتج يُوفّر فُرصا عديدة للتثميـن.