إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مع اقتراب نهاية السنة الدراسية.. هاجس الامتحانات "ينعش" الدروس الخصوصية والمكملات الغذائية

 

أقل من شهر ونصف يفصلنا عن نهاية السنة الدراسية وما يرافق ذلك من أجواء وطقوس خاصة حيث تعيش الأسر التونسية على وقع ماراطون امتحانات نهاية السنة بدءا بـ«شيخ» الامتحانات: امتحان «الباكالوريا» وصولا إلى «السيزيام» وبينهما «النوفيام».

محطات تقييمية تفرض على العائلات حالة من «الاستنفار» وما يقتضيه الأمر من استعدادات أوّلا على مستوى حصص التدارك وأهمية مضاعفتها في هذه الفترة، وهي عادة دأب عليها السواد الأعظم.

وثانيا اللجوء إلى كل أنواع الفيتامينات المضادة للتوتر أو تلك التي تساعد على التركيز لمجابهة «غول» الامتحانات.. وضعية أفرزت انتعاشة على مستوى بورصة الدروس الخصوصية وكذلك الصيدليات وعيادات الطب النفسي في هذه الفترة من كل سنة..، فهل أن الأمر يحتاج إلى كل هذا الضغط في ظل منظومة تقييمية لا تعكس مطلقا -وفقا لأهل الاختصاص القدرات المعرفية للتلميذ؟

ويبقى للامتحانات الوطنية على مدار العقود هيبتها وطقوسها «الخاصة» غير أن هذه الطقوس قد تكون لها نتائج عكسية. فمع بدء العد التنازلي للامتحانات الوطنية يلجأ العديد من التلاميذ إلى تناول المكملات الغذائية و«الفيتامينات» ظنا منهم أنها تعزز من ملكة التركيز، كما تزيد من طاقتهم وخاصة تبعد عنهم شبح الإرهاق. هذه الظاهرة تنتشر بشكل ملحوظ في الأوساط التربوية  لكنها تطرح تساؤلات جدية حول فعاليتها ومخاطرها الصحية خاصة مع الاستخدام العشوائي دون استشارة طبية.

 حل وهمي

 فتناول «الفيتامينات» قد يكون مفيدا في حالات النقص المثبت طبيا، إلا أن الاعتماد عليها كـ«منشطات» قبل الامتحانات قد يكون حلا وهميّا بل وخطيرًا أحيانًا. لتتعالى بذلك أصوات منادية بأهمية تبني عادات صحية وإستراتجية لمراجعة فعالة بدل البحث عن حلول سريعة غير مضمونة النتائج.

تفاعلا مع هذا الطرح يشير رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ«الصباح» إلى أن الامتحانات تمثل رهانا كبيرا بالنسبة للأولياء، غير أنها باتت اليوم متاحة لمن يملك الإمكانيات المادية لمجابهة تكاليفها لاسيما على مستوى تأمين حصص التدارك لاعتقاد راسخ لدى فئة من الأولياء مردها أنه كلما ضٌخّت الأموال للدروس الخصوصية كلما كان النجاح مضمونا، على حد تشخيصه.

وأضاف محدثنا أن هذه الوضعية تفرض ضغطا مضاعفا على التلميذ الذي يجد نفسه مجبرا على مجاراة نسق الدروس الخصوصية، وبالتالي ينساق نحو المكملات الغذائية. وتابع محدثنا أن تناول «الفيتامينات» أو المكملات دون استشارة مختص فإن الأمر قد تكون له تداعيات سلبية على صحة التلميذ.

واعتبر رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ من جانب آخر أن الأولياء كما التلاميذ يتغافلون عن معطى هام جدا يتمثل في أن الاستعداد الجيد لخوض غمار الاستحقاقات التقييمية يكون منذ بداية السنة وليس في الشهر الأخير من عمر السنة الدراسية، متابعا إن مضاعفة الجهود في فترة وجيزة مع تناول المكملات الغذائية من شأنه أن تكون له تداعيات خطيرة على صحة التلاميذ النفسية على اعتبار أن الضغط المضاعف قد يؤدي إلى الفشل في الامتحان الذي تنجر عنه سلوكيات عنيفة تصل حد الانتحار.

في هذا الخصوص وبالعودة إلى السؤال المطروح سلفا: هل تحتاج منظومة التقييم بشكلها الحالي إلى كل هذا الاستنفار؟

اختبارات للحفظ

تفاعلا مع هذا الطرح أكد عدد من البيداغوجيين المتقاعدين لـ«الصباح» أن الامتحانات الوطنية (كالبكالوريا وغيرها من المناظرات الوطنية) تعد محطات مصيرية تحدد مسار التلاميذ التعليمي والمهني، لكن عادة ما يرافقها جدل واسع حول ما إذا كانت هذه الآليات تُقيّم وتعكس القدرات الحقيقية للتلميذ أم أنها مجرد اختبارات للحفظ وإعادة المعلومات الملقنة عملا بالمثل الشائع «بضاعتكم ردت إليكم»؟. وأضاف أهل الاختصاص أنه في ظل تفعيل الاستشارة الوطنية حول إصلاح نظام التربية والتعليم وفي انتظار تفعيل مخرجاتها فإن التقييم  وبشكله الحالي يعتمد على الحفظ أكثر من الفهم حيث عادة ما يكون الامتحان المقدم على شكل أسئلة نمطية تقيس مدى قدرة التلميذ على استحضار المعلومات بدل تحليلها أو تطبيقها في سياقات جديدة، معتبرين أن  النظام الحالي للامتحانات في تونس يعاني من اختزال قدرات التلميذ في ورقة امتحان واحدة الأمر الذي يفرز تلاميذ يجيدون الحفظ  ويتقنونه أكثر من الابتكار..

وبما أن قاطرة الإصلاح التربوي قد انطلقت من خلال الاستشارة الوطنية فإن الأمل يبقى قائما من وجهة نظرهم في أهمية تبني منظومة تقييمية تستجيب وتواكب وتتناغم مع متطلبات سوق الشغل واقتصاد المعرفة.

منال حرزي

 

مع اقتراب نهاية السنة الدراسية..  هاجس الامتحانات "ينعش" الدروس الخصوصية والمكملات الغذائية

 

أقل من شهر ونصف يفصلنا عن نهاية السنة الدراسية وما يرافق ذلك من أجواء وطقوس خاصة حيث تعيش الأسر التونسية على وقع ماراطون امتحانات نهاية السنة بدءا بـ«شيخ» الامتحانات: امتحان «الباكالوريا» وصولا إلى «السيزيام» وبينهما «النوفيام».

محطات تقييمية تفرض على العائلات حالة من «الاستنفار» وما يقتضيه الأمر من استعدادات أوّلا على مستوى حصص التدارك وأهمية مضاعفتها في هذه الفترة، وهي عادة دأب عليها السواد الأعظم.

وثانيا اللجوء إلى كل أنواع الفيتامينات المضادة للتوتر أو تلك التي تساعد على التركيز لمجابهة «غول» الامتحانات.. وضعية أفرزت انتعاشة على مستوى بورصة الدروس الخصوصية وكذلك الصيدليات وعيادات الطب النفسي في هذه الفترة من كل سنة..، فهل أن الأمر يحتاج إلى كل هذا الضغط في ظل منظومة تقييمية لا تعكس مطلقا -وفقا لأهل الاختصاص القدرات المعرفية للتلميذ؟

ويبقى للامتحانات الوطنية على مدار العقود هيبتها وطقوسها «الخاصة» غير أن هذه الطقوس قد تكون لها نتائج عكسية. فمع بدء العد التنازلي للامتحانات الوطنية يلجأ العديد من التلاميذ إلى تناول المكملات الغذائية و«الفيتامينات» ظنا منهم أنها تعزز من ملكة التركيز، كما تزيد من طاقتهم وخاصة تبعد عنهم شبح الإرهاق. هذه الظاهرة تنتشر بشكل ملحوظ في الأوساط التربوية  لكنها تطرح تساؤلات جدية حول فعاليتها ومخاطرها الصحية خاصة مع الاستخدام العشوائي دون استشارة طبية.

 حل وهمي

 فتناول «الفيتامينات» قد يكون مفيدا في حالات النقص المثبت طبيا، إلا أن الاعتماد عليها كـ«منشطات» قبل الامتحانات قد يكون حلا وهميّا بل وخطيرًا أحيانًا. لتتعالى بذلك أصوات منادية بأهمية تبني عادات صحية وإستراتجية لمراجعة فعالة بدل البحث عن حلول سريعة غير مضمونة النتائج.

تفاعلا مع هذا الطرح يشير رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ«الصباح» إلى أن الامتحانات تمثل رهانا كبيرا بالنسبة للأولياء، غير أنها باتت اليوم متاحة لمن يملك الإمكانيات المادية لمجابهة تكاليفها لاسيما على مستوى تأمين حصص التدارك لاعتقاد راسخ لدى فئة من الأولياء مردها أنه كلما ضٌخّت الأموال للدروس الخصوصية كلما كان النجاح مضمونا، على حد تشخيصه.

وأضاف محدثنا أن هذه الوضعية تفرض ضغطا مضاعفا على التلميذ الذي يجد نفسه مجبرا على مجاراة نسق الدروس الخصوصية، وبالتالي ينساق نحو المكملات الغذائية. وتابع محدثنا أن تناول «الفيتامينات» أو المكملات دون استشارة مختص فإن الأمر قد تكون له تداعيات سلبية على صحة التلميذ.

واعتبر رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ من جانب آخر أن الأولياء كما التلاميذ يتغافلون عن معطى هام جدا يتمثل في أن الاستعداد الجيد لخوض غمار الاستحقاقات التقييمية يكون منذ بداية السنة وليس في الشهر الأخير من عمر السنة الدراسية، متابعا إن مضاعفة الجهود في فترة وجيزة مع تناول المكملات الغذائية من شأنه أن تكون له تداعيات خطيرة على صحة التلاميذ النفسية على اعتبار أن الضغط المضاعف قد يؤدي إلى الفشل في الامتحان الذي تنجر عنه سلوكيات عنيفة تصل حد الانتحار.

في هذا الخصوص وبالعودة إلى السؤال المطروح سلفا: هل تحتاج منظومة التقييم بشكلها الحالي إلى كل هذا الاستنفار؟

اختبارات للحفظ

تفاعلا مع هذا الطرح أكد عدد من البيداغوجيين المتقاعدين لـ«الصباح» أن الامتحانات الوطنية (كالبكالوريا وغيرها من المناظرات الوطنية) تعد محطات مصيرية تحدد مسار التلاميذ التعليمي والمهني، لكن عادة ما يرافقها جدل واسع حول ما إذا كانت هذه الآليات تُقيّم وتعكس القدرات الحقيقية للتلميذ أم أنها مجرد اختبارات للحفظ وإعادة المعلومات الملقنة عملا بالمثل الشائع «بضاعتكم ردت إليكم»؟. وأضاف أهل الاختصاص أنه في ظل تفعيل الاستشارة الوطنية حول إصلاح نظام التربية والتعليم وفي انتظار تفعيل مخرجاتها فإن التقييم  وبشكله الحالي يعتمد على الحفظ أكثر من الفهم حيث عادة ما يكون الامتحان المقدم على شكل أسئلة نمطية تقيس مدى قدرة التلميذ على استحضار المعلومات بدل تحليلها أو تطبيقها في سياقات جديدة، معتبرين أن  النظام الحالي للامتحانات في تونس يعاني من اختزال قدرات التلميذ في ورقة امتحان واحدة الأمر الذي يفرز تلاميذ يجيدون الحفظ  ويتقنونه أكثر من الابتكار..

وبما أن قاطرة الإصلاح التربوي قد انطلقت من خلال الاستشارة الوطنية فإن الأمل يبقى قائما من وجهة نظرهم في أهمية تبني منظومة تقييمية تستجيب وتواكب وتتناغم مع متطلبات سوق الشغل واقتصاد المعرفة.

منال حرزي