إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد عام من تركيزه.. المجلس الوطني للجهات والأقاليم بين التشخيص والدور الرقابي

 

تمر غدا 19 أفريل 2025، سنة كاملة على الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم، هذه الغرفة النيابية الثانية التي كرسها دستور 2022 من خلال التنصيص على أن يفوّض الشعب، صاحب السيادة، الوظيفة التشريعية لمجلس نيابي أول يسمى مجلس نواب الشعب ولمجلس نيابي ثان يسمى المجلس الوطني للجهات والأقاليم، والتي تم تركيزها بعد مسار انتخابي طويل انطلق من الدوائر المحلية، فالجهات ثم الأقاليم ليسفر في نهاية المطاف عن تصعيد هذا المجلس الوطني المتركب من  77 نائبا منهم 10 نساء و18 من الشباب و4 من ذوي الإعاقة .

وللإطلاع على حصيلة عمل المجلس النيابي الثاني خلال سنته الأولى والاستفسار عن طبيعة العلاقة التي تربطه بالغرفة النيابية الأولى وإن كانت هناك خلافات أو تنازع اختصاصات بينهما، اتصلت «الصباح» بعضوي مكتبي المجلسين رياض الدريدي وعبد العزيز شعباني.

وتطرق رياض الدريدي عضو مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، نائب مساعد لرئيس المجلس مكلف بالإعلام والاتصال، تطرق إلى أبرز الأنشطة التي قام بها المجلس منذ تركيز هياكله، وبين أنه تم تنظيم العديد من الجلسات العامة الحوارية مع أعضاء الحكومة حول مسائل تهم مختلف القطاعات، وتولى أعضاء المجلس الثاني خلال تلك الجلسات حسب قوله تقديم تصورات ورؤى ومقترحات عملية لحل الإشكاليات المطروحة، كما تلت تلك الجلسات تقديم تقارير في شأنها إلى الوزارات المعنية، وأكد أن مجلسه حريص كل الحرص على متابعة مآل تلك المقترحات لأنه يريد تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

وأضاف الدريدي أن لجان المجلس الوطني للجهات والأقاليم تولت بدورها عقد عشرات الجلسات وتم الاستماع خلالها إلى ممثلين عن العديد من الوزارات وهياكل الدولة. وأشار عضو مكتب المجلس، إلى أهمية الدور الرقابي الذي قامت به الغرفة النيابية الثانية منذ تركيزها، وبين أنه تم كذلك تنظيم زيارات ميدانية إلى بعض الجهات وهي قفصة وقابس ونابل وبنزرت وتطاوين حيث كان هناك تواصل مباشر مع ممثلي الإدارات الجهوية، وتم تشخيص الأوضاع الموجودة في هذه الجهات عن كثب وتحديد النقائص، واقتراح الحلول الممكنة لتجاوزها ليتبين المجلس النيابي ما يمكن تقديمه من الناحية العملية لحلحلة المشاكل المطروحة. وفسر أنه بمناسبة كل زيارة ميدانية يقوم بها المجلس لجهة من جهات البلاد يتم إثرها مباشرة إعداد تقرير مفصل في الغرض وتقع إحالته إلى اللجان لكي تتولى متابعة تنفيذ مخرجات تلك الجلسات.

وأكد النائب المساعد لرئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم المكلف بالإعلام والاتصال أن مجلسه عندما ينظم زيارة ميدانية لأي جهة من جهات البلاد فليس هدفه منها فقط الإطلاع على وضعية تلك الجهة، وإنما لأنه يريد أيضا أن يكون قوة اقتراح بناءة. وفسر أنه على سبيل المثال تولى المجلس تنظيم زيارة إلى قفصة وكانت بوصلته في تلك الزيارة متجهة نحو القطاع الصحي في هذه الجهة، وكان هناك لقاء مع المدير الجهوي للصحة وتم تشخيص الوضع الصحي وتقديم بعض المقترحات ثم تم الدفع لاحقا نحو إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها القطاع الصحي في قفصة وكانت نتيجة هذه الزيارة مثمرة إذ اتخذت وزارة الصحة إثرها جملة من الإجراءات لفائدة القطاع الصحي بهذه الجهة، ونفس الشيء بالنسبة إلى الزيارة  الميدانية التي تم تنظيمها إلى قابس فقد تم التركيز خلالها على السياحة والاستثمار. وفسر أن الغرفة النيابية الثانية تقوم بعد كل زيارة بالاتصال بمختلف الوزارات المعنية بتنفيذ التوصيات والمقترحات المنبثقة على تلك الزيارات وذلك لدفعها نحو أخذها بعين الاعتبار من أجل تحقيق نتائج إيجابية.

احترام متبادل

وعن سؤال آخر حول كيفية تقييمه لتجربة العمل المشترك بين المجلس الوطني للجهات والأقاليم ومجلس نواب الشعب، أشار عضو مكتب الغرفة النيابية الثانية رياض الدريدي إلى أنه لا بد من التأكيد أولا على أن الدستور كرس نظام الغرفتين وضبط اختصاصات المجلسين، أما العلاقات بين الغرفتين النيابيتين فتم تنظيمها بمقتضى المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرّخ في 13 سبتمبر 2024 المتعلّق بتنظيم العلاقات بين مجلس نوّاب الشّعب والمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم، وأضاف أن هذا المرسوم واضح وفي إطاره كانت للمجلس الوطني للجهات والأقاليم مصافحة هامة مع مجلس نواب الشعب بمناسبة النظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2025. وكان هذا العمل المشترك حسب وصفه، مثمرا وبناء.

وأكد الدريدي أن العلاقة التي سادت الجلسات المشتركة بين المجلسين كانت فعلا جيدة وقائمة على الاحترام المتبادل وذلك لأن هدف جميع النواب واحد وهو مصلحة البلاد، وقال إنه لا يوجد برود في العلاقات بين الغرفتين وكل ما في الأمر أنه تم الحرص على التقيد بتطبيق أحكام المرسوم عدد 1 سالف الذكر، وفسر سبب مقاطعة مجلسه لليوم الدراسي المنتظم ببادرة من الأكاديمية البرلمانية حول مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم بالإشارة إلى تقيد المجلس الوطني للجهات والأقاليم بدوره فهو على حد قوله لا يريد أن يتدخل في التشريعات التي هي من اختصاص مجلس نواب الشعب، كما أن حضور أشغال اليوم الدراسي المذكور لا يضيف شيئا لأن المجلس الوطني للجهات والأقاليم اجتمع مع المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وتمت مناقشة المشروع مع هذه المجالس. وبين أنه لا يوجد سبب لبرود العلاقة بين المجلسين أو لغياب التنسيق بينهما لأن الأصل في الأشياء هو أن كل مجلس من موقعه في خدمة المواطن ويعمل من أجل المصلحة العليا للوطن.

وخلص الدريدي إلى أنه طالما يتم التقيد بمقتضيات الدستور وبأحكام المرسوم المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم فستكون العلاقة بين المجلسين سلسة. وأشار إلى أنه من المنتظر أن تكون هناك مصافحات أخرى بين المجلسين النيابيين بمناسبة النظر في مشروع المخطط التنموي 2026ـ 2030 ومشروع ميزانية السنة القادمة. وأضاف أن مجلس نواب الشعب قام بدوره في علاقة بسن القانون المتعلق بتنظيم المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، وعبر عضو مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم عن ارتياحه لسن هذا القانون الذي سيساعد على تحسين الأداء وعلى تجسيم خيار البناء القاعدي، وقال إنه يأمل في أن يكون المخطط التنموي المرتقب من أفضل المخططات التنموية في تاريخ البلاد التونسية لأنه سينبع هذه المرة من القاعدة وسيجسد سياسة القرب التي ركز عليها رئيس الجمهورية ولن يكون هذا المخطط مسقطا.

وذكر عضو مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن مجلسه يولي أهمية بالغة لمشروع المخطط التنموي، وأشار في هذا السياق إلى انطلاق الاستعدادات بصفة مبكرة للنظر في هذا المشروع، إذ تولت لجان المجلس  حسب قوله تنظيم العديد من الاجتماعات وجلسات الاستماع لمختلف الأطراف المعنية وخاصة منها وزارة الاقتصاد والتخطيط، وخلص إلى أن هذا المجلس سيادي ويتخذ قراراته في جميع هياكله بكل استقلالية وأنه سيواصل أداء المهام المناطة بعهدته بمقتضى الدستور ومنها العمل الرقابي وذكر أنه من المنتظر أن يقع تنظيم زيارات ميدانية إلى جهات أخرى منها سليانة والقصرين والمنستير قصد  الإطلاع على الإشكاليات والهنات ورفع تقارير في شأنها إلى سلطة الإشراف ثم تتم متابعة مخرجات تلك الزيارات حرصا من المجلس النيابي على حلحلة المشاكل التي يعاني منها المواطن، كما سيتواصل العمل المشترك مع مجلس نواب الشعب في إطار احترام الدستور والتقيد بأحكام المرسوم.

قرب من المواطن

ويرى عبد العزيز شعباني عضو مكتب مجلس نواب الشعب الذي يشغل خطة النائب المساعد لرئيس المجلس المكلف بالعلاقة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أنه عند تقييم العمل الذي قام به المجلس الوطني للجهات والأقاليم  فلا بد من الإشارة إلى أنه قام خلال هذه السنة الأولى من عهدته النيابية بمحاولات جادة لتكريس فلسفة الدستور على أرض الواقع. ولاحظ أنه من مشمولات الغرفة النيابية الثانية، هي الاشتغال على البعد التنموي وهي في هذا السياق قد قامت بمحاولات للالتحام بالمواطن والتواصل مع جماهير الشعب على أرض الواقع، حيث نظم المجلس الوطني للجهات والأقاليم عدة زيارات ميدانية إلى الجهات. ووصف شعباني هذه الزيارات بأنها كانت ناجحة نظرا لأنه تم من خلالها إرساء ثقافة القرب أكثر فأكثر من المواطن في الجهات.

وبخصوص رأيه في تجربة العمل المشترك بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أشار شعباني إلى أنه من خلال متابعته النقاشات التي تمت بمناسبة النظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2025 أمكنه ملاحظة الجهد الكبير الذي بذلته الغرفة النيابية الثانية سواء تعلق الأمر بالنقاش المجدي والثري المراعي لمشاغل المواطن من القاعدة إلى المركز،  أو بتقديم مقترحات تعديل لإثراء مشروع قانون المالية، وعبر عن أمله في أن يكون أداء المجلسين معا أفضل في المناسبات القادمة سواء تعلق الأمر بالعمل المشترك حول مشاريع قوانين المالية وميزانية الدولة أو مشروع المخطط التنموي أو غيره.

تكامل بين الغرفتين

وأشار عضو مكتب مجلس نواب الشعب عبد العزيز شعباني إلى أن العلاقة التي تربط المجلسين هي علاقة تفاعلية تقوم على التكامل مثلما كرسه المرسوم المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبين أن كل مجلس لديه اختصاصات ضبطها الدستور، فأعمال الغرفة النيابية الأولى لها بعد تشريعي أما الغرفة النيابية الثانية فتكتسي أعمالها بعدا تنمويا ويبقى القاسم المشترك بينهما في نهاية الأمر إعلاء الراية الوطنية، وذكر أنه يوجد تواصل بين المجلسين سواء على مستوى الأشخاص أو على مستوى المؤسسات، وأضاف أنه من المنتظر أن تكون هناك جلسات عمل عديدة مشتركة مثلما حصل خلال السنة الماضية وسيتم الحرص مستقبلا على الاستعداد الأمثل لهذه الجلسات على أمل أن يكون هناك تجاوب أفضل مما كان عليه الأمر خلال التجربة الأولى على مستوى العمل المشترك التي تمت السنة الماضية.

ولاحظ شعباني أنه حتى في صورة وجود اختلاف في المواقف بين الغرفتين النيابيتين، فهذا الأمر محمود وطبيعي وربما منشود لكن في نهاية الأمر فمهما تباينت الآراء فإن الهدف المنشود يبقى مصلحة تونس ومصلحة المواطن.

تقيد بالدستور

وإجابة على استفسار آخر حول ما إذا تم تسجيل تنازع اختصاصات بين المجلسين النيابيين، أكد عضو مكتب مجلس نواب الشعب أنه لم يلاحظ تدخل المجلس الوطني للجهات والأقاليم في اختصاصات مجلس نواب الشعب أو العكس، فكل مجلس ملتزم بالاختصاصات التي نص عليها الدستور، وبين أن العمل المشترك بين الغرفتين النيابيتين يجب أن يكون في إطار مؤسساتي ويجب على كل مؤسسة  التقيد بصلاحياتها الدستورية لأن المرجع هو الدستور، ثم يأتي المرسوم الذي جاء لتنظيم العلاقات بين الغرفتين النيابيتين. وبين أن أهم شيء يمكنه التأكيد عليه هو أن المجلسين يعملان حقا في تناغم وتكامل من أجل تحقيق ما يصبو إليه جميع المفقرين والمهمشين في مختلف جهات البلاد وأنهما يعملان في إطار احترام مقتضيات الدستور.

ويذكر في هذا السياق أن الدستور نص بالخصوص على أن تعرض وجوبا على المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم، وعلى أنه لا يمكن المصادقة على قانون الماليّة ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين، وعلى أن يمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية. كما نص الدستور أيضا  على أن رئيس الجمهوريّة المنتخب يؤدّي أمام مجلس نوّاب الشعب والمجلس الوطـــني للجهات والأقاليم اليمين، وعلى أن تعرض الاتفاقيّات وعقود الاستثمار المتعلّقة بالثروات الوطنيّة على مجلــس نوّاب الشعـــب وعلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم للموافقة عليها، وعلى أنه يمكن لأي عضو بمجلس نواب الشعب أو بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يتوجه لأعضاء الحكومة بأسئلة كتابية أو شفاهية وأنه يمكن دعوة الحكومة للحوار معها حول السياسة التي تم ابتاعها والنتائج التي وقع تحقيقها كما يمكن للمجلس الوطني للجهات والأقاليم بمعية مجلس نواب الشعب توجيه لائحة لوم للحكومة.

العمل الرقابي

وتعقيبا على سؤال حول ما إذا تم التقيد فعلا بأحكام المرسوم عدد 1 المنظم للعلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم في علاقة بالعمل الرقابي أشار عضو مكتب مجلس نواب الشعب عبد العزيز شعباني إلى أنه سيتم الحرص في قادم الأيام على مزيد تنسيق العمل الرقابي بين الغرفتين خاصة على مستوى توجيه الأسئلة الكتابية للحكومة لأن الغاية من طرح السؤال هي الحصول على إجابة فلا جدوى من تكرار طرح نفس الأسئلة إذا وقعت إجابة أحد المجلسين عنها .

ويذكر في هذا السياق أن هذا المرسوم نص في بابه الثالث على أحكام تتعلق بالعمل الرقابي، فمقتضى الفصل 25 منه يتبادل المجلسان المعلومات والتقارير الرقابية بشكل دوري وبموجب الفصل 26 فإنه في صورة توجيه سؤال كتابي من قبل نائب بأحد المجلسين إلى أحد أعضاء الحكومة، يتولى رئيس المجلس المعني بعد تلقي الإجابة، إحالة نسخة من السؤال مصحوبا بالإجابة إلى رئيس المجلس الآخر لإحاطة النواب بمحتواها.

سعيدة بوهلال

بعد عام من تركيزه..  المجلس الوطني للجهات والأقاليم بين التشخيص والدور الرقابي

 

تمر غدا 19 أفريل 2025، سنة كاملة على الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم، هذه الغرفة النيابية الثانية التي كرسها دستور 2022 من خلال التنصيص على أن يفوّض الشعب، صاحب السيادة، الوظيفة التشريعية لمجلس نيابي أول يسمى مجلس نواب الشعب ولمجلس نيابي ثان يسمى المجلس الوطني للجهات والأقاليم، والتي تم تركيزها بعد مسار انتخابي طويل انطلق من الدوائر المحلية، فالجهات ثم الأقاليم ليسفر في نهاية المطاف عن تصعيد هذا المجلس الوطني المتركب من  77 نائبا منهم 10 نساء و18 من الشباب و4 من ذوي الإعاقة .

وللإطلاع على حصيلة عمل المجلس النيابي الثاني خلال سنته الأولى والاستفسار عن طبيعة العلاقة التي تربطه بالغرفة النيابية الأولى وإن كانت هناك خلافات أو تنازع اختصاصات بينهما، اتصلت «الصباح» بعضوي مكتبي المجلسين رياض الدريدي وعبد العزيز شعباني.

وتطرق رياض الدريدي عضو مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، نائب مساعد لرئيس المجلس مكلف بالإعلام والاتصال، تطرق إلى أبرز الأنشطة التي قام بها المجلس منذ تركيز هياكله، وبين أنه تم تنظيم العديد من الجلسات العامة الحوارية مع أعضاء الحكومة حول مسائل تهم مختلف القطاعات، وتولى أعضاء المجلس الثاني خلال تلك الجلسات حسب قوله تقديم تصورات ورؤى ومقترحات عملية لحل الإشكاليات المطروحة، كما تلت تلك الجلسات تقديم تقارير في شأنها إلى الوزارات المعنية، وأكد أن مجلسه حريص كل الحرص على متابعة مآل تلك المقترحات لأنه يريد تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

وأضاف الدريدي أن لجان المجلس الوطني للجهات والأقاليم تولت بدورها عقد عشرات الجلسات وتم الاستماع خلالها إلى ممثلين عن العديد من الوزارات وهياكل الدولة. وأشار عضو مكتب المجلس، إلى أهمية الدور الرقابي الذي قامت به الغرفة النيابية الثانية منذ تركيزها، وبين أنه تم كذلك تنظيم زيارات ميدانية إلى بعض الجهات وهي قفصة وقابس ونابل وبنزرت وتطاوين حيث كان هناك تواصل مباشر مع ممثلي الإدارات الجهوية، وتم تشخيص الأوضاع الموجودة في هذه الجهات عن كثب وتحديد النقائص، واقتراح الحلول الممكنة لتجاوزها ليتبين المجلس النيابي ما يمكن تقديمه من الناحية العملية لحلحلة المشاكل المطروحة. وفسر أنه بمناسبة كل زيارة ميدانية يقوم بها المجلس لجهة من جهات البلاد يتم إثرها مباشرة إعداد تقرير مفصل في الغرض وتقع إحالته إلى اللجان لكي تتولى متابعة تنفيذ مخرجات تلك الجلسات.

وأكد النائب المساعد لرئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم المكلف بالإعلام والاتصال أن مجلسه عندما ينظم زيارة ميدانية لأي جهة من جهات البلاد فليس هدفه منها فقط الإطلاع على وضعية تلك الجهة، وإنما لأنه يريد أيضا أن يكون قوة اقتراح بناءة. وفسر أنه على سبيل المثال تولى المجلس تنظيم زيارة إلى قفصة وكانت بوصلته في تلك الزيارة متجهة نحو القطاع الصحي في هذه الجهة، وكان هناك لقاء مع المدير الجهوي للصحة وتم تشخيص الوضع الصحي وتقديم بعض المقترحات ثم تم الدفع لاحقا نحو إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها القطاع الصحي في قفصة وكانت نتيجة هذه الزيارة مثمرة إذ اتخذت وزارة الصحة إثرها جملة من الإجراءات لفائدة القطاع الصحي بهذه الجهة، ونفس الشيء بالنسبة إلى الزيارة  الميدانية التي تم تنظيمها إلى قابس فقد تم التركيز خلالها على السياحة والاستثمار. وفسر أن الغرفة النيابية الثانية تقوم بعد كل زيارة بالاتصال بمختلف الوزارات المعنية بتنفيذ التوصيات والمقترحات المنبثقة على تلك الزيارات وذلك لدفعها نحو أخذها بعين الاعتبار من أجل تحقيق نتائج إيجابية.

احترام متبادل

وعن سؤال آخر حول كيفية تقييمه لتجربة العمل المشترك بين المجلس الوطني للجهات والأقاليم ومجلس نواب الشعب، أشار عضو مكتب الغرفة النيابية الثانية رياض الدريدي إلى أنه لا بد من التأكيد أولا على أن الدستور كرس نظام الغرفتين وضبط اختصاصات المجلسين، أما العلاقات بين الغرفتين النيابيتين فتم تنظيمها بمقتضى المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرّخ في 13 سبتمبر 2024 المتعلّق بتنظيم العلاقات بين مجلس نوّاب الشّعب والمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم، وأضاف أن هذا المرسوم واضح وفي إطاره كانت للمجلس الوطني للجهات والأقاليم مصافحة هامة مع مجلس نواب الشعب بمناسبة النظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2025. وكان هذا العمل المشترك حسب وصفه، مثمرا وبناء.

وأكد الدريدي أن العلاقة التي سادت الجلسات المشتركة بين المجلسين كانت فعلا جيدة وقائمة على الاحترام المتبادل وذلك لأن هدف جميع النواب واحد وهو مصلحة البلاد، وقال إنه لا يوجد برود في العلاقات بين الغرفتين وكل ما في الأمر أنه تم الحرص على التقيد بتطبيق أحكام المرسوم عدد 1 سالف الذكر، وفسر سبب مقاطعة مجلسه لليوم الدراسي المنتظم ببادرة من الأكاديمية البرلمانية حول مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم بالإشارة إلى تقيد المجلس الوطني للجهات والأقاليم بدوره فهو على حد قوله لا يريد أن يتدخل في التشريعات التي هي من اختصاص مجلس نواب الشعب، كما أن حضور أشغال اليوم الدراسي المذكور لا يضيف شيئا لأن المجلس الوطني للجهات والأقاليم اجتمع مع المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وتمت مناقشة المشروع مع هذه المجالس. وبين أنه لا يوجد سبب لبرود العلاقة بين المجلسين أو لغياب التنسيق بينهما لأن الأصل في الأشياء هو أن كل مجلس من موقعه في خدمة المواطن ويعمل من أجل المصلحة العليا للوطن.

وخلص الدريدي إلى أنه طالما يتم التقيد بمقتضيات الدستور وبأحكام المرسوم المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم فستكون العلاقة بين المجلسين سلسة. وأشار إلى أنه من المنتظر أن تكون هناك مصافحات أخرى بين المجلسين النيابيين بمناسبة النظر في مشروع المخطط التنموي 2026ـ 2030 ومشروع ميزانية السنة القادمة. وأضاف أن مجلس نواب الشعب قام بدوره في علاقة بسن القانون المتعلق بتنظيم المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، وعبر عضو مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم عن ارتياحه لسن هذا القانون الذي سيساعد على تحسين الأداء وعلى تجسيم خيار البناء القاعدي، وقال إنه يأمل في أن يكون المخطط التنموي المرتقب من أفضل المخططات التنموية في تاريخ البلاد التونسية لأنه سينبع هذه المرة من القاعدة وسيجسد سياسة القرب التي ركز عليها رئيس الجمهورية ولن يكون هذا المخطط مسقطا.

وذكر عضو مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن مجلسه يولي أهمية بالغة لمشروع المخطط التنموي، وأشار في هذا السياق إلى انطلاق الاستعدادات بصفة مبكرة للنظر في هذا المشروع، إذ تولت لجان المجلس  حسب قوله تنظيم العديد من الاجتماعات وجلسات الاستماع لمختلف الأطراف المعنية وخاصة منها وزارة الاقتصاد والتخطيط، وخلص إلى أن هذا المجلس سيادي ويتخذ قراراته في جميع هياكله بكل استقلالية وأنه سيواصل أداء المهام المناطة بعهدته بمقتضى الدستور ومنها العمل الرقابي وذكر أنه من المنتظر أن يقع تنظيم زيارات ميدانية إلى جهات أخرى منها سليانة والقصرين والمنستير قصد  الإطلاع على الإشكاليات والهنات ورفع تقارير في شأنها إلى سلطة الإشراف ثم تتم متابعة مخرجات تلك الزيارات حرصا من المجلس النيابي على حلحلة المشاكل التي يعاني منها المواطن، كما سيتواصل العمل المشترك مع مجلس نواب الشعب في إطار احترام الدستور والتقيد بأحكام المرسوم.

قرب من المواطن

ويرى عبد العزيز شعباني عضو مكتب مجلس نواب الشعب الذي يشغل خطة النائب المساعد لرئيس المجلس المكلف بالعلاقة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أنه عند تقييم العمل الذي قام به المجلس الوطني للجهات والأقاليم  فلا بد من الإشارة إلى أنه قام خلال هذه السنة الأولى من عهدته النيابية بمحاولات جادة لتكريس فلسفة الدستور على أرض الواقع. ولاحظ أنه من مشمولات الغرفة النيابية الثانية، هي الاشتغال على البعد التنموي وهي في هذا السياق قد قامت بمحاولات للالتحام بالمواطن والتواصل مع جماهير الشعب على أرض الواقع، حيث نظم المجلس الوطني للجهات والأقاليم عدة زيارات ميدانية إلى الجهات. ووصف شعباني هذه الزيارات بأنها كانت ناجحة نظرا لأنه تم من خلالها إرساء ثقافة القرب أكثر فأكثر من المواطن في الجهات.

وبخصوص رأيه في تجربة العمل المشترك بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أشار شعباني إلى أنه من خلال متابعته النقاشات التي تمت بمناسبة النظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2025 أمكنه ملاحظة الجهد الكبير الذي بذلته الغرفة النيابية الثانية سواء تعلق الأمر بالنقاش المجدي والثري المراعي لمشاغل المواطن من القاعدة إلى المركز،  أو بتقديم مقترحات تعديل لإثراء مشروع قانون المالية، وعبر عن أمله في أن يكون أداء المجلسين معا أفضل في المناسبات القادمة سواء تعلق الأمر بالعمل المشترك حول مشاريع قوانين المالية وميزانية الدولة أو مشروع المخطط التنموي أو غيره.

تكامل بين الغرفتين

وأشار عضو مكتب مجلس نواب الشعب عبد العزيز شعباني إلى أن العلاقة التي تربط المجلسين هي علاقة تفاعلية تقوم على التكامل مثلما كرسه المرسوم المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبين أن كل مجلس لديه اختصاصات ضبطها الدستور، فأعمال الغرفة النيابية الأولى لها بعد تشريعي أما الغرفة النيابية الثانية فتكتسي أعمالها بعدا تنمويا ويبقى القاسم المشترك بينهما في نهاية الأمر إعلاء الراية الوطنية، وذكر أنه يوجد تواصل بين المجلسين سواء على مستوى الأشخاص أو على مستوى المؤسسات، وأضاف أنه من المنتظر أن تكون هناك جلسات عمل عديدة مشتركة مثلما حصل خلال السنة الماضية وسيتم الحرص مستقبلا على الاستعداد الأمثل لهذه الجلسات على أمل أن يكون هناك تجاوب أفضل مما كان عليه الأمر خلال التجربة الأولى على مستوى العمل المشترك التي تمت السنة الماضية.

ولاحظ شعباني أنه حتى في صورة وجود اختلاف في المواقف بين الغرفتين النيابيتين، فهذا الأمر محمود وطبيعي وربما منشود لكن في نهاية الأمر فمهما تباينت الآراء فإن الهدف المنشود يبقى مصلحة تونس ومصلحة المواطن.

تقيد بالدستور

وإجابة على استفسار آخر حول ما إذا تم تسجيل تنازع اختصاصات بين المجلسين النيابيين، أكد عضو مكتب مجلس نواب الشعب أنه لم يلاحظ تدخل المجلس الوطني للجهات والأقاليم في اختصاصات مجلس نواب الشعب أو العكس، فكل مجلس ملتزم بالاختصاصات التي نص عليها الدستور، وبين أن العمل المشترك بين الغرفتين النيابيتين يجب أن يكون في إطار مؤسساتي ويجب على كل مؤسسة  التقيد بصلاحياتها الدستورية لأن المرجع هو الدستور، ثم يأتي المرسوم الذي جاء لتنظيم العلاقات بين الغرفتين النيابيتين. وبين أن أهم شيء يمكنه التأكيد عليه هو أن المجلسين يعملان حقا في تناغم وتكامل من أجل تحقيق ما يصبو إليه جميع المفقرين والمهمشين في مختلف جهات البلاد وأنهما يعملان في إطار احترام مقتضيات الدستور.

ويذكر في هذا السياق أن الدستور نص بالخصوص على أن تعرض وجوبا على المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم، وعلى أنه لا يمكن المصادقة على قانون الماليّة ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين، وعلى أن يمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية. كما نص الدستور أيضا  على أن رئيس الجمهوريّة المنتخب يؤدّي أمام مجلس نوّاب الشعب والمجلس الوطـــني للجهات والأقاليم اليمين، وعلى أن تعرض الاتفاقيّات وعقود الاستثمار المتعلّقة بالثروات الوطنيّة على مجلــس نوّاب الشعـــب وعلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم للموافقة عليها، وعلى أنه يمكن لأي عضو بمجلس نواب الشعب أو بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يتوجه لأعضاء الحكومة بأسئلة كتابية أو شفاهية وأنه يمكن دعوة الحكومة للحوار معها حول السياسة التي تم ابتاعها والنتائج التي وقع تحقيقها كما يمكن للمجلس الوطني للجهات والأقاليم بمعية مجلس نواب الشعب توجيه لائحة لوم للحكومة.

العمل الرقابي

وتعقيبا على سؤال حول ما إذا تم التقيد فعلا بأحكام المرسوم عدد 1 المنظم للعلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم في علاقة بالعمل الرقابي أشار عضو مكتب مجلس نواب الشعب عبد العزيز شعباني إلى أنه سيتم الحرص في قادم الأيام على مزيد تنسيق العمل الرقابي بين الغرفتين خاصة على مستوى توجيه الأسئلة الكتابية للحكومة لأن الغاية من طرح السؤال هي الحصول على إجابة فلا جدوى من تكرار طرح نفس الأسئلة إذا وقعت إجابة أحد المجلسين عنها .

ويذكر في هذا السياق أن هذا المرسوم نص في بابه الثالث على أحكام تتعلق بالعمل الرقابي، فمقتضى الفصل 25 منه يتبادل المجلسان المعلومات والتقارير الرقابية بشكل دوري وبموجب الفصل 26 فإنه في صورة توجيه سؤال كتابي من قبل نائب بأحد المجلسين إلى أحد أعضاء الحكومة، يتولى رئيس المجلس المعني بعد تلقي الإجابة، إحالة نسخة من السؤال مصحوبا بالإجابة إلى رئيس المجلس الآخر لإحاطة النواب بمحتواها.

سعيدة بوهلال