إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس تعيد رسم ملامح قطاع النفط.. اتفاقيات لحفر 9 آبار جديدة ورفع الإنتاج بداية من 2025

تشهد تونس، كغيرها من الدول المنتجة للنفط، تحديات كبيرة في قطاع المحروقات والطاقة. فعلى الرغم من التراجع المستمر في الإنتاج الوطني للنفط والغاز، برزت مؤشرات إيجابية خلال العام 2025، مع توقيع اتفاقيات جديدة وإطلاق مشاريع طموحة تهدف إلى إنعاش القطاع. وتشير بيانات المرصد الوطني للطاقة والمناجم الصادرة، مؤخرا، إلى انخفاض معدل إنتاج النفط الخام في تونس بنسبة 11 % خلال شهر جانفي 2025، حيث بلغ الإنتاج حوالي 28.8 ألف برميل يوميًا مقارنة بـ31.3 ألف برميل يوميًا في نفس الشهر من العام 2024. كما تراجع الإنتاج الوطني للنفط الخام إلى 0.11 مليون طن مكافئ نفط، مقارنة بـ0.13 مليون طن مكافئ نفط في جانفي 2024.

إلى جانب ذلك، انخفض إنتاج سوائل الغاز بنسبة 9 %، حيث بلغ حوالي 11 ألف طن مكافئ نفط، مقابل 12 ألف طن مكافئ نفط في العام السابق. هذه التراجعات تعكس التحديات الهيكلية التي تواجه القطاع، بما في ذلك التراجع الطبيعي للإنتاج في الحقول الرئيسية، وغياب الاستثمارات الكافية في مشاريع الاستكشاف والتطوير.

توقيع صفقات إستراتيجية

وعلى الرغم من تراجع الإنتاج، فإن العام 2025 شهد تطورًا مهمًا تمثل في توقيع تونس اتفاقية مع شركتي إيني (ENI)  الإيطالية وسيتاب (SITEP) لتطوير حقل البرمة. هذه الصفقة، التي تعد من بين أكبر 5 صفقات نفطية عالميًا في جانفي 2025، تمثل خطوة هامة في مسار إنعاش قطاع النفط التونسي.

وتشمل الاتفاقية حفر بئر إنتاجية جديدة ومسار جانبي بحقل البرمة، بتكلفة إجمالية تبلغ 19 مليون دولار أمريكي. ومن المتوقع أن تساهم هذه المشاريع في رفع الإنتاج الوطني للنفط، حيث تضم الخطة الشاملة حفر 9 آبار جديدة بين عامي 2025 و2030.

تحديات قطاع النفط في تونس

وحسب ما كشفه بعض خبراء الطاقة لـ«الصباح»، مؤخرا، يواجه قطاع النفط في تونس تحديات متعددة، من أبرزها التراجع الطبيعي للإنتاج، حيث أن معظم الحقول النفطية في تونس قديمة، وتعاني من انخفاض إنتاجها بشكل طبيعي، كما أن التذبذب في أسعار النفط عالميًا أثر بشكل مباشر على القطاع برمته، مما أثر على جاذبية الاستثمار في الاستكشاف والتطوير.

ومازالت تونس تعتمد على الغاز المستورد، لسد احتياجاتها من الطاقة، حيث شهدت مشتريات تونس من الغاز الجزائري ارتفاعًا بنسبة 19 % في جانفي 2025، لتصل إلى 242 ألف طن مكافئ نفط، مما يعكس زيادة الاعتماد على الواردات لتلبية احتياجات البلاد، ويعود ذلك الى نقص الاستثمارات، حيث تأخر حفر الآبار الجديدة وتطوير الحقول بسبب نقص التمويل والاستثمارات الأجنبية والمحلية في القطاع.

إستراتيجية وطنية لإنعاش القطاع

أمام هذه التحديات، وضعت تونس خطة إستراتيجية طموحة تهدف إلى تعزيز إنتاج النفط والغاز خلال 2025 وتقليص الاعتماد على الواردات. ومن أبرز محاور هذه الإستراتيجية، التي تحصلت «الصباح» على نسخة منها تشجيع الاستثمارات الأجنبية ، كما يتضح من اتفاقية حقل البرمة، حيث تسعى تونس إلى جذب الشركات العالمية للاستثمار في القطاع من خلال توفير حوافز ضريبية وضمان استقرار القوانين المنظمة للقطاع، فضلا عن تكثيف عمليات الاستكشاف والتطوير، حيث تهدف الخطة الوطنية إلى حفر 9 آبار جديدة بين عامي 2025 و2030، مما سيساهم في زيادة الإنتاج الوطني، إضافة الى تعزيز وتطوير البنية التحتية لقطاع الطاقة، بما في ذلك تحديث المصانع والموانئ المخصصة لتخزين وتصدير النفط.

كما تشمل الإستراتيجية التي تشرف عليها وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، تحسين كفاءة الإنتاج من خلال تطوير التكنولوجيا المستخدمة في استخراج النفط، خصوصًا في الحقول القديمة مثل حقل البرمة، لتقليل التكاليف وزيادة الإنتاج.

ويمثل تحقيق الأمن الطاقي للبلاد هدفًا رئيسيًا للخطة، حيث تسعى تونس إلى تقليل الاعتماد على الغاز والكهرباء المستوردين من الجزائر من خلال زيادة الإنتاج المحلي.

ومن المتوقع أن تساهم الاستثمارات الجديدة في قطاع النفط في تحسين العائدات المالية للدولة، مما سيدعم ميزانية البلاد التي تعاني من عجز مستمر. كما أن المشاريع الجديدة ستوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وبالتالي ستساهم في تقليل البطالة.

تعزيز الأمن الطاقي

وسيساهم رفع الإنتاج الوطني من النفط والغاز في تقليص الاعتماد على الواردات، مما يعزز استقلالية تونس الطاقية ويقلل من تأثرها بتقلبات أسعار الطاقة عالميًا. وتتوقع الحكومة أن تؤدي مشاريع الحفر والاستكشاف إلى زيادة كميات الإنتاج خلال السنوات القادمة، مما سيساهم في رفع الإيرادات المتأتية من بيع النفط والغاز.

ومع دخول المشاريع الجديدة حيز التنفيذ، من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط والغاز تدريجيًا خلال السنوات القادمة. كما أن الخطط الموضوعة لحفر 9 آبار جديدة قد ترفع الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة خلال العقد القادم، علما وان الاتفاقيات التي أبرمتها تونس مع شركات عالمية مثل إيني وسيتاب تعكس تحسن مناخ الاستثمار في البلاد، وهو ما قد يشجع المزيد من الشركات على الاستثمار في قطاع الطاقة التونسي.

وشهد قطاع الطاقة في تونس خلال السنوات الماضية تراجعًا ملحوظًا في الإنتاج الوطني من الطاقة. وفقًا للبيانات المتوفرة، بلغ الإنتاج في سنة 2015 حوالي 4.9 مليون طن مكافئ نفط، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 7.2 % مقارنة بعام 2010. وبلغ إجمالي الاحتياطي المؤكد من المحروقات المكتشف منذ الستينات وحتى اليوم حوالي 340 مليون طن مكافئ نفط، مع الإشارة إلى أن الجزء الأكبر من هذا الاحتياطي تم اكتشافه بين عامي 1963 و1975. ومع نهاية عام 2015، تم استخراج ما يقارب 260 مليون طن مكافئ نفط، أي ما يعادل حوالي ثلاثة أرباع الاحتياطي المؤكد والقابل للاستخراج. وتؤكد إدارة معلومات الطاقة الأمريكية  (EIA)  أن تونس تمتلك إمكانات كبيرة من النفط الصخري والغاز الصخري. ومع ذلك، فإن هذه الإمكانات مازالت غير مستغلة بشكل كافٍ، مما يجعل تكثيف أنشطة الاستكشاف، والبحث ضرورة ملحّة لمواجهة النقص في الاحتياطي وزيادة حجمه.

وشهدت العشرية 2000-2010 نشاطًا مكثفًا في مجال الاستكشاف، حيث تم حفر 12 بئرًا استكشافية سنويًا في المتوسط. لكن منذ عام 2011، تراجع عدد الآبار الاستكشافية بشكل ملحوظ. ففي عام 2015، تم حفر 5 آبار استكشافية فقط، بينما لم يتجاوز العدد 3 آبار في عام 2014. وحسب الخبراء، للحفاظ على الاحتياطي الحالي من المحروقات، ينبغي حفر ما لا يقل عن 20 بئرًا استكشافية سنويًا، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالية نجاح عمليات الاستكشاف.

وأثر انخفاض حجم الاستثمارات، خلال السنوات الأخيرة، بشكل مباشر على قطاع الاستكشاف والبحث، مما أدى إلى تراجع حجم الاحتياطي من المحروقات. هذا التراجع ينعكس بدوره سلبًا على الإنتاج الوطني من المحروقات، مما يزيد من التحديات التي تواجه تونس في تأمين احتياجاتها من الطاقة.

وفي ظل هذه المعطيات، يحتاج قطاع الطاقة في تونس إلى خطط إستراتيجية لزيادة الاستثمارات في أنشطة الاستكشاف وتعزيز استغلال الإمكانات غير التقليدية مثل النفط والغاز الصخري، لضمان استدامة الإنتاج الوطني وتقليل الاعتماد على الواردات.

وعلى الرغم من تركيز تونس على تطوير قطاع النفط، فإنها تعمل أيضًا على تعزيز استثماراتها في الطاقات المتجددة، مما يعكس رؤية شاملة لتحقيق مزيج طاقي متوازن ومستدام.

ويبقى قطاع النفط في تونس، يمثل جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الوطني، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي يواجهها، فإن الخطط الإستراتيجية الجديدة قد تمثل بداية لمرحلة انتعاش، ولتحقيق أهداف هذه الخطط يتطلب دفع قطاع النفط في تونس دعمًا سياسيًا واقتصاديًا قويًا، بالإضافة إلى استقرار القوانين المنظمة للقطاع لجذب المزيد من الاستثمارات. وفي ظل هذا التوجه،الذي انطلقت الحكومة التونسية في تطبيقه منذ مدة، قد يكون العام 2025 نقطة تحول في مسار قطاع النفط في تونس، بما يعزز الأمن الطاقي ويحقق مردودًا اقتصاديًا أفضل للبلاد.

سفيان المهداوي

 تونس تعيد رسم ملامح قطاع النفط..   اتفاقيات لحفر 9 آبار جديدة ورفع الإنتاج بداية من 2025

تشهد تونس، كغيرها من الدول المنتجة للنفط، تحديات كبيرة في قطاع المحروقات والطاقة. فعلى الرغم من التراجع المستمر في الإنتاج الوطني للنفط والغاز، برزت مؤشرات إيجابية خلال العام 2025، مع توقيع اتفاقيات جديدة وإطلاق مشاريع طموحة تهدف إلى إنعاش القطاع. وتشير بيانات المرصد الوطني للطاقة والمناجم الصادرة، مؤخرا، إلى انخفاض معدل إنتاج النفط الخام في تونس بنسبة 11 % خلال شهر جانفي 2025، حيث بلغ الإنتاج حوالي 28.8 ألف برميل يوميًا مقارنة بـ31.3 ألف برميل يوميًا في نفس الشهر من العام 2024. كما تراجع الإنتاج الوطني للنفط الخام إلى 0.11 مليون طن مكافئ نفط، مقارنة بـ0.13 مليون طن مكافئ نفط في جانفي 2024.

إلى جانب ذلك، انخفض إنتاج سوائل الغاز بنسبة 9 %، حيث بلغ حوالي 11 ألف طن مكافئ نفط، مقابل 12 ألف طن مكافئ نفط في العام السابق. هذه التراجعات تعكس التحديات الهيكلية التي تواجه القطاع، بما في ذلك التراجع الطبيعي للإنتاج في الحقول الرئيسية، وغياب الاستثمارات الكافية في مشاريع الاستكشاف والتطوير.

توقيع صفقات إستراتيجية

وعلى الرغم من تراجع الإنتاج، فإن العام 2025 شهد تطورًا مهمًا تمثل في توقيع تونس اتفاقية مع شركتي إيني (ENI)  الإيطالية وسيتاب (SITEP) لتطوير حقل البرمة. هذه الصفقة، التي تعد من بين أكبر 5 صفقات نفطية عالميًا في جانفي 2025، تمثل خطوة هامة في مسار إنعاش قطاع النفط التونسي.

وتشمل الاتفاقية حفر بئر إنتاجية جديدة ومسار جانبي بحقل البرمة، بتكلفة إجمالية تبلغ 19 مليون دولار أمريكي. ومن المتوقع أن تساهم هذه المشاريع في رفع الإنتاج الوطني للنفط، حيث تضم الخطة الشاملة حفر 9 آبار جديدة بين عامي 2025 و2030.

تحديات قطاع النفط في تونس

وحسب ما كشفه بعض خبراء الطاقة لـ«الصباح»، مؤخرا، يواجه قطاع النفط في تونس تحديات متعددة، من أبرزها التراجع الطبيعي للإنتاج، حيث أن معظم الحقول النفطية في تونس قديمة، وتعاني من انخفاض إنتاجها بشكل طبيعي، كما أن التذبذب في أسعار النفط عالميًا أثر بشكل مباشر على القطاع برمته، مما أثر على جاذبية الاستثمار في الاستكشاف والتطوير.

ومازالت تونس تعتمد على الغاز المستورد، لسد احتياجاتها من الطاقة، حيث شهدت مشتريات تونس من الغاز الجزائري ارتفاعًا بنسبة 19 % في جانفي 2025، لتصل إلى 242 ألف طن مكافئ نفط، مما يعكس زيادة الاعتماد على الواردات لتلبية احتياجات البلاد، ويعود ذلك الى نقص الاستثمارات، حيث تأخر حفر الآبار الجديدة وتطوير الحقول بسبب نقص التمويل والاستثمارات الأجنبية والمحلية في القطاع.

إستراتيجية وطنية لإنعاش القطاع

أمام هذه التحديات، وضعت تونس خطة إستراتيجية طموحة تهدف إلى تعزيز إنتاج النفط والغاز خلال 2025 وتقليص الاعتماد على الواردات. ومن أبرز محاور هذه الإستراتيجية، التي تحصلت «الصباح» على نسخة منها تشجيع الاستثمارات الأجنبية ، كما يتضح من اتفاقية حقل البرمة، حيث تسعى تونس إلى جذب الشركات العالمية للاستثمار في القطاع من خلال توفير حوافز ضريبية وضمان استقرار القوانين المنظمة للقطاع، فضلا عن تكثيف عمليات الاستكشاف والتطوير، حيث تهدف الخطة الوطنية إلى حفر 9 آبار جديدة بين عامي 2025 و2030، مما سيساهم في زيادة الإنتاج الوطني، إضافة الى تعزيز وتطوير البنية التحتية لقطاع الطاقة، بما في ذلك تحديث المصانع والموانئ المخصصة لتخزين وتصدير النفط.

كما تشمل الإستراتيجية التي تشرف عليها وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، تحسين كفاءة الإنتاج من خلال تطوير التكنولوجيا المستخدمة في استخراج النفط، خصوصًا في الحقول القديمة مثل حقل البرمة، لتقليل التكاليف وزيادة الإنتاج.

ويمثل تحقيق الأمن الطاقي للبلاد هدفًا رئيسيًا للخطة، حيث تسعى تونس إلى تقليل الاعتماد على الغاز والكهرباء المستوردين من الجزائر من خلال زيادة الإنتاج المحلي.

ومن المتوقع أن تساهم الاستثمارات الجديدة في قطاع النفط في تحسين العائدات المالية للدولة، مما سيدعم ميزانية البلاد التي تعاني من عجز مستمر. كما أن المشاريع الجديدة ستوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وبالتالي ستساهم في تقليل البطالة.

تعزيز الأمن الطاقي

وسيساهم رفع الإنتاج الوطني من النفط والغاز في تقليص الاعتماد على الواردات، مما يعزز استقلالية تونس الطاقية ويقلل من تأثرها بتقلبات أسعار الطاقة عالميًا. وتتوقع الحكومة أن تؤدي مشاريع الحفر والاستكشاف إلى زيادة كميات الإنتاج خلال السنوات القادمة، مما سيساهم في رفع الإيرادات المتأتية من بيع النفط والغاز.

ومع دخول المشاريع الجديدة حيز التنفيذ، من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط والغاز تدريجيًا خلال السنوات القادمة. كما أن الخطط الموضوعة لحفر 9 آبار جديدة قد ترفع الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة خلال العقد القادم، علما وان الاتفاقيات التي أبرمتها تونس مع شركات عالمية مثل إيني وسيتاب تعكس تحسن مناخ الاستثمار في البلاد، وهو ما قد يشجع المزيد من الشركات على الاستثمار في قطاع الطاقة التونسي.

وشهد قطاع الطاقة في تونس خلال السنوات الماضية تراجعًا ملحوظًا في الإنتاج الوطني من الطاقة. وفقًا للبيانات المتوفرة، بلغ الإنتاج في سنة 2015 حوالي 4.9 مليون طن مكافئ نفط، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 7.2 % مقارنة بعام 2010. وبلغ إجمالي الاحتياطي المؤكد من المحروقات المكتشف منذ الستينات وحتى اليوم حوالي 340 مليون طن مكافئ نفط، مع الإشارة إلى أن الجزء الأكبر من هذا الاحتياطي تم اكتشافه بين عامي 1963 و1975. ومع نهاية عام 2015، تم استخراج ما يقارب 260 مليون طن مكافئ نفط، أي ما يعادل حوالي ثلاثة أرباع الاحتياطي المؤكد والقابل للاستخراج. وتؤكد إدارة معلومات الطاقة الأمريكية  (EIA)  أن تونس تمتلك إمكانات كبيرة من النفط الصخري والغاز الصخري. ومع ذلك، فإن هذه الإمكانات مازالت غير مستغلة بشكل كافٍ، مما يجعل تكثيف أنشطة الاستكشاف، والبحث ضرورة ملحّة لمواجهة النقص في الاحتياطي وزيادة حجمه.

وشهدت العشرية 2000-2010 نشاطًا مكثفًا في مجال الاستكشاف، حيث تم حفر 12 بئرًا استكشافية سنويًا في المتوسط. لكن منذ عام 2011، تراجع عدد الآبار الاستكشافية بشكل ملحوظ. ففي عام 2015، تم حفر 5 آبار استكشافية فقط، بينما لم يتجاوز العدد 3 آبار في عام 2014. وحسب الخبراء، للحفاظ على الاحتياطي الحالي من المحروقات، ينبغي حفر ما لا يقل عن 20 بئرًا استكشافية سنويًا، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالية نجاح عمليات الاستكشاف.

وأثر انخفاض حجم الاستثمارات، خلال السنوات الأخيرة، بشكل مباشر على قطاع الاستكشاف والبحث، مما أدى إلى تراجع حجم الاحتياطي من المحروقات. هذا التراجع ينعكس بدوره سلبًا على الإنتاج الوطني من المحروقات، مما يزيد من التحديات التي تواجه تونس في تأمين احتياجاتها من الطاقة.

وفي ظل هذه المعطيات، يحتاج قطاع الطاقة في تونس إلى خطط إستراتيجية لزيادة الاستثمارات في أنشطة الاستكشاف وتعزيز استغلال الإمكانات غير التقليدية مثل النفط والغاز الصخري، لضمان استدامة الإنتاج الوطني وتقليل الاعتماد على الواردات.

وعلى الرغم من تركيز تونس على تطوير قطاع النفط، فإنها تعمل أيضًا على تعزيز استثماراتها في الطاقات المتجددة، مما يعكس رؤية شاملة لتحقيق مزيج طاقي متوازن ومستدام.

ويبقى قطاع النفط في تونس، يمثل جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الوطني، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي يواجهها، فإن الخطط الإستراتيجية الجديدة قد تمثل بداية لمرحلة انتعاش، ولتحقيق أهداف هذه الخطط يتطلب دفع قطاع النفط في تونس دعمًا سياسيًا واقتصاديًا قويًا، بالإضافة إلى استقرار القوانين المنظمة للقطاع لجذب المزيد من الاستثمارات. وفي ظل هذا التوجه،الذي انطلقت الحكومة التونسية في تطبيقه منذ مدة، قد يكون العام 2025 نقطة تحول في مسار قطاع النفط في تونس، بما يعزز الأمن الطاقي ويحقق مردودًا اقتصاديًا أفضل للبلاد.

سفيان المهداوي