إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعضهم‭ ‬في‭ ‬عصابات‭ ‬منظمة.. متسولون‭ ‬برتبة "متحيلين"‮.. ‬وأفارقة‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬دخلوا ‭ ‬‮"المنافسة"

 

أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬متسول‭ ‬ببلادنا،‭ ‬نسبة‭ ‬قليلة‭ ‬فقط‭ ‬منهم‭ ‬محتاجة‭ ‬والبقية‭ ‬متسولون‭ ‬برتبة‭ ‬متحيلين،‭ ‬يتحينون‭ ‬فرصة‭ ‬قدوم‭  ‬المناسبات‭ ‬الدينية‭ ‬ينتشروا‭ ‬بالشوارع‭ ‬والانهح‭ ‬ومحطات‭ ‬ووسائل‭ ‬النقل‭ ‬العمومي‭ ‬والمركبات‭ ‬التجارية‭ ‬الكبرى‭ ‬والصغرى‭ ‬وأمام‭ ‬الموزعات‭ ‬الآلية‭ ‬للبنوك‭ ‬لاستدرار‭ ‬عطف‭ ‬المارة‭.‬

رغم‭ ‬ان‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬قديمة‭ ‬ولكنها‭ ‬تتجدد‭ ‬ويرتفع‭ ‬نسقها‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬مناسبة‭ ‬دينية‭  ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المعظم،‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭  ‬التي‭ ‬غزت‭ ‬الشوارع‭ ‬والانهج‭ ‬ووسائل‭ ‬النقل‭ ‬العمومي‭ ‬خاصة‭ ‬المترو‭ ‬كذلك‭ ‬أمام‭ ‬المساجد‭ ‬والبنوك‭ ‬فلا‭ ‬يخلو‭ ‬شارع‭ ‬او‭ ‬نهج‭ ‬خاصة‭ ‬تونس‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬المتسولين‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬اغلبهم‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬عليهم‭  ‬علامات‭ ‬الفقر‭ ‬والخصاصة‭.‬

‭ ‬فقد‭ ‬امتهن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المتواكلين‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬التجارة‮»‬‭ ‬المربحة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تكلفهم‭ ‬اي‭ ‬مجهود،‭ ‬يكفي‭ ‬ان‭ ‬يختار‭ ‬الواحد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الوجهة‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬ان‭ ‬يتمركز‭ ‬فيها‭ ‬ثم‭ ‬يشرع‭ ‬في‭ ‬استعطاف‭ ‬الناس‭  ‬وإقناعهم‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المال‭ ‬لمداواة‭ ‬ابنته‭ ‬او‭ ‬ابنه‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬او‭ ‬تعاني‭  ‬من‭ ‬مرض‭  ‬خطير‭ ‬او‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬قدم‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬َولايات‭ ‬الجمهورية‭ ‬ويحتاج‭ ‬بعض‭ ‬الدنانير‭ ‬ليستقل‭ ‬سيارة‭ ‬أجرة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬السرديات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يعتمدونها‭  ‬لاستجداء‭ ‬تعاطف‭ ‬المارة‭ ‬او‭ ‬ركاب‭ ‬المترو‭ ‬والحافلات‭ ‬وغيرها‭..‬

ورغم‭ ‬المجهودات‭ ‬الأمنية‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الا‭ ‬انها‭ ‬ما‭ ‬انفكت‭ ‬تتزايد‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬أخرى‭ ‬َوخاصة‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الدينية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬او‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭  ‬او‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭. ‬

اغلب‭  ‬المتسولين‭ ‬متحيلون‭    ‬

‭ ‬تجاوز‭ ‬عدد‭ ‬المتسولين‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬الـ‭ ‬20‭ ‬الف‭ ‬متسول‭. ‬15‭ ‬٪‭ ‬فقط‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬يستحقون‭ ‬المساعدة‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ‮«‬الصباح‮»‬‭ ‬رئيس‭  ‬الجمعية‭  ‬الدولية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والإعلام‭ ‬رضا‭ ‬كرويدة‭. ‬

وأوضح‭ ‬ان‭ ‬تناول‭ ‬الجمعية‭ ‬الدولية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والإعلام‭ ‬لموضوع‭ ‬التسول‭ ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الإثارة‭  ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬عليها‭ ‬الجمعية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مرافقة‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬معالجتها‭ ‬للظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالملف‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ولذلك‭ ‬واصلت‭ ‬الجمعية‭  ‬العمل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬الكبرى‭ ‬ولاحظت‭ ‬ان‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬التونسيات‭ ‬والتونسيين‭ ‬وانما‭ ‬أيضا‭ ‬اللاجئين‭ ‬الأفارقة‭ ‬وخاصة‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬منهم‭.‬

متسولون‭ ‬موسميون‭.. ‬

‭ ‬وتضاعف‭ ‬حسب‭ ‬تاكيده‭  ‬عدد‭ ‬المتسولين‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭  ‬الجمعية‭ ‬بالمسح‭ ‬الميداني‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬باعتبار‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭  ‬للمتسولين‭ ‬الأفارقة‭ ‬والذي‭ ‬قدره‭  ‬بين‭ ‬4000‭ ‬و‭ ‬5000‭ ‬آلاف‭ ‬متسول‭ ‬في‭ ‬ولايات‭ ‬تونس‭ ‬الكبرى‭ ‬كما‭ ‬لاحظت‭ ‬الجمعية‭  ‬ظاهرة‭ ‬أخرى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬المتسولين‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭ ‬للبلاد‭ ‬ويتكاثرون‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬والآن‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وعلى‭ ‬أبواب‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬نكتشف‭ ‬وجوه‭ ‬جديدة‭ ‬اجتاحت‭ ‬الشوارع‭ ‬الكبرى‭ ‬وأمام‭ ‬المساجد‭ ‬والمساحات‭ ‬الكبرى‭ ‬والبنوك‭ ‬ومكاتب‭ ‬البريد‭ ‬وهؤلاء‭ ‬متسولون‭ ‬موسميون‭ ‬لا‭ ‬نراهم‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬وفق‭ ‬قوله‭. ‬

واما‭ ‬الظاهرة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬حسب‭ ‬رايه‭  ‬تكاثر‭ ‬شريحة‭ ‬الشباب‭ ‬التي‭ ‬تقدر‭ ‬نسبتها‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و‭ ‬30‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬مجمل‭ ‬المتسولين‭ ‬وتقدر‭ ‬نسبة‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬بين‭ ‬40‭ ‬و‭ ‬50‭ ‬بالمائة‭ ‬والباقي‭ ‬من‭ ‬الكهول‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬النسب‭ ‬تشمل‭ ‬التونسيين‭ ‬والأجانب‭. ‬

80‭ ‬٪‭ ‬ من‭ ‬المتسولين‭ ‬غير‭ ‬محتاجين‭.. ‬

وأضاف‭ ‬ان‭ ‬نسبة‭ ‬80‭  ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬المتسولين‭ ‬غير‭ ‬محتاجين‭ ‬مشيرا‭ ‬ان‭ ‬الدخل‭ ‬اليومي‭ ‬للمتسولين‭ ‬يتراوح‭  ‬بين‭ ‬100و150د‭ ‬ينارا‭  ‬يوميا‭. ‬

واكد‭ ‬ان‭ ‬السلطات‭ ‬الأمنية‭ ‬تقوم‭ ‬بمجهود‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الظاهرة‭ ‬والتصدي‭ ‬لها‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬غزا‭ ‬المتسولون‭ ‬كافة‭ ‬الشوارع‭ ‬والانهح‭ ‬والمساجد‭.‬

عصابات‭ ‬منظمة‭.. ‬

واعتبر‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬الدولية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والإعلام‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬غالبية‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتسولين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬المتحيلين‭ ‬بل‭ ‬ومنخرطين‭ ‬في‭ ‬عصابات‭ ‬منظمة‭ ‬تجني‭ ‬ملايين‭ ‬الدينارات‭ ‬سنويا‭ ‬مستغلين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كرم‭ ‬التونسيين‭ ‬وحبهم‭ ‬لفعل‭ ‬الخير‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭  ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬ومكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬المسيئة‭ ‬لصورة‭ ‬بلادنا‭. ‬

التسول‭ ‬مرآة‭ ‬تعكس‭ ‬أزمة‭ ‬ثلاثية‭.. ‬

البعض‭ ‬يرى‭ ‬ان‭ ‬الفقر‭ ‬والخصاصة‭  ‬تدفع‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الى‭ ‬التسول‭ ‬بينما‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬أن‭ ‬التسول‭ ‬‮«‬بات‭ ‬وسيلة‭ ‬للتحيل‭ ‬والضحك‭ ‬على‭ ‬ذقون‭ ‬الآخرين‭  ‬بهدف‭ ‬الكسب‭ ‬السهل‭ ‬والسريع‭ ‬للمال‭ ‬اما‭ ‬المختصون‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬فلديهم‭ ‬رأي‭ ‬آخر‭.‬

إذ‭ ‬يرى‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬ممدوح‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬ان‭ ‬التسول‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬مركّبة‭ ‬ففي‭ ‬شوارع‭ ‬تونس،‭ ‬تتعدد‭ ‬مشاهد‭ ‬المتسولين‭ ‬الذين‭ ‬يلجأون‭ ‬إلى‭ ‬أساليب‭ ‬مختلفة‭ ‬لاستدرار‭ ‬عطف‭ ‬المارة،‭ ‬مستغلين‭ ‬أحيانًا‭ ‬مشاعر‭ ‬الرحمة‭ ‬والتضامن‭ ‬التي‭ ‬يتميز‭ ‬بها‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭. ‬

نشاط‭ ‬منظم‭ ‬واحتيال‭.. ‬

لكن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬حسب‭ ‬رأيه‭ ‬تتجاوز‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬حدود‭ ‬الحاجة‭ ‬لتتحول‭ ‬إلى‭ ‬نشاط‭ ‬منظم‭ ‬وإستراتيجية‭ ‬احتيالية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأطفال‭ ‬وذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬مقاربة‭ ‬تحليلية‭ ‬تتجاوز‭ ‬البعد‭ ‬الظاهري‭ ‬للتسول،‭ ‬لتغوص‭ ‬في‭ ‬تمثلات‭ ‬المتسولين‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬فعلهم،‭ ‬وتدرس‭ ‬السياقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬التي‭ ‬تغذي‭ ‬انتشار‭ ‬الظاهرة،‭ ‬مع‭ ‬محاولة‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬التسول‭ ‬كحاجة‭ ‬حقيقية‭ ‬والتسول‭ ‬كاحتيال‭ ‬يستثمر‭ ‬في‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أرباح‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭.‬

تمثلات‭ ‬المتسولين‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬الفعل‭.. ‬

وأضاف‭ ‬خلال‭ ‬تعليقه‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬الصباح‭ ‬عن‭ ‬الظاهرة‭ ‬ان‭ ‬المتسولين‭ ‬يختلفون‭ ‬في‭ ‬تمثلاتهم‭ ‬لذواتهم‭ ‬ولممارساتهم‭ ‬فالبعض‭ ‬يعتبر‭ ‬التسول‭ ‬خيارًا‭ ‬اضطراريًا‭ ‬لمواجهة‭ ‬ظروف‭ ‬الحياة‭ ‬القاسية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يراه‭ ‬آخرون‭ ‬نشاطًا‭ ‬مربحًا‭ ‬لا‭ ‬يتطلب‭ ‬مجهودًا‭ ‬كبيرًا‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬تتفاوت‭ ‬نظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬إليهم‭ ‬بين‭ ‬التعاطف‭ ‬والاشمئزاز،‭ ‬حيث‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬المتسول‭ ‬الذي‭ ‬تظهر‭ ‬عليه‭ ‬علامات‭ ‬البؤس‭ ‬والفاقة‭ ‬بعين‭ ‬الشفقة،‭ ‬بينما‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬المتسولين‭ ‬الذين‭ ‬يبدون‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬جيدة‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬يكررون‭ ‬نفس‭ ‬الأساليب‭ ‬والخطابات‭ ‬يوميًا‭ ‬بعين‭ ‬الريبة‭ ‬والاتهام‭ ‬بالاحتيال‭. ‬هذه‭ ‬التمثلات‭ ‬تتداخل‭ ‬مع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الفعل‭ ‬التي‭ ‬يعتمدها‭ ‬المتسولون،‭ ‬والتي‭ ‬تتنوع‭ ‬بين‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مظاهر‭ ‬الإعاقة‭ ‬أو‭ ‬المرض،‭ ‬أو‭ ‬استغلال‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬لاستدرار‭ ‬العطف،‭ ‬أو‭ ‬تبني‭ ‬سرديات‭ ‬مؤثرة‭ ‬تستهدف‭ ‬مشاعر‭ ‬المارة‭.‬

السياقات‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬الظاهرة

وتعكس‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬حسب‭ ‬رأيه‭ ‬هشاشة‭ ‬المنظومة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬إذ‭ ‬يلعب‭ ‬الفقر‭ ‬والبطالة‭ ‬دورًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬الأفراد‭ ‬نحو‭ ‬الاستجداء‭ ‬كوسيلة‭ ‬للبقاء‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التحولات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬مثل‭ ‬تفكك‭ ‬الروابط‭ ‬الأسرية‭ ‬وتراجع‭ ‬قيم‭ ‬التضامن‭ ‬التقليدية،‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬ترك‭ ‬بعض‭ ‬الفئات‭ ‬دون‭ ‬دعم،‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬التسول‭ ‬كخيار‭ ‬أخير‭. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تساهم‭ ‬العوامل‭ ‬الثقافية‭ ‬والدينية‭ ‬في‭ ‬تغذية‭ ‬الظاهرة،‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬البعض‭ ‬تقديم‭ ‬الصدقة‭ ‬واجبًا‭ ‬دينيًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشجع‭ ‬المتسولين‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬هذا‭ ‬البعد،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬حيث‭ ‬تزداد‭ ‬مظاهر‭ ‬التسول‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭.‬

ظاهرة‭ ‬مهيكلة‭.. ‬

‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التاريخية،‭ ‬فقد‭ ‬عرفت‭ ‬تونس‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬منذ‭ ‬فترات‭ ‬طويلة،‭ ‬لكنّها‭ ‬اتخذت‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬أشكالًا‭ ‬أكثر‭ ‬تنظيماً،‭ ‬حيث‭ ‬ظهرت‭ ‬شبكات‭ ‬تستغل‭ ‬التسول‭ ‬كمصدر‭ ‬للربح،‭ ‬مما‭ ‬حوّله‭ ‬من‭ ‬فعل‭ ‬فردي‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬مهيكلة‭ ‬أحيانًا‭ ‬داخل‭ ‬شبكات‭ ‬إجرامية‭ ‬تستغل‭ ‬الفئات‭ ‬الضعيفة‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭.‬

ليس‭ ‬كل‭ ‬متسول‭ ‬محتاجا‭.. ‬

واعتبر‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬ان‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬متسول‭ ‬محتاجًا،‭ ‬فهناك‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يدفعه‭ ‬الفقر‭ ‬المدقع‭ ‬إلى‭ ‬الاستجداء،‭ ‬ومن‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬التسول‭ ‬وسيلة‭ ‬سهلة‭ ‬للربح‭ ‬دون‭ ‬مجهود‭. ‬هذا‭ ‬التداخل‭ ‬بين‭ ‬التسول‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬الحاجة‭ ‬والتسول‭ ‬الاحتيالي‭ ‬يجعل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الظاهرة‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتسولين‭ ‬المحترفين‭ ‬يبتكرون‭ ‬أساليب‭ ‬متطورة‭ ‬لخداع‭ ‬الناس،‭ ‬مثل‭ ‬التظاهر‭ ‬بالإعاقة،‭ ‬أو‭ ‬استخدام‭ ‬قصص‭ ‬درامية‭ ‬مفبركة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تأجير‭ ‬الأطفال‭ ‬لاستدرار‭ ‬العطف‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬هناك‭ ‬فئات‭ ‬حقيقية‭ ‬تعيش‭ ‬وضعيات‭ ‬اجتماعية‭ ‬مزرية‭ ‬ولا‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يعينها،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬التسول‭ ‬كآخر‭ ‬حل‭ ‬للبقاء‭. ‬وهذا‭ ‬التداخل‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يستحق‭ ‬المساعدة‭ ‬ومن‭ ‬يستغل‭ ‬التعاطف‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬غير‭ ‬مستحقة‭.‬

مظاهر‭ ‬التسول‭ ‬وانتشاره‭.. ‬

واعتبر‭ ‬ان‭ ‬مظاهر‭ ‬التسول‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬متعددة‭  ‬فمنها‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬بطريقة‭ ‬مباشرة‭ ‬عبر‭ ‬طلب‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬المارة،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬مثل‭ ‬بيع‭ ‬سلع‭ ‬رمزية‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها،‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬بسيطة‭ ‬كتلميع‭ ‬الأحذية‭ ‬ومسح‭ ‬زجاج‭ ‬السيارات‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الظاهرة‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬محددة،‭ ‬مثل‭ ‬الأسواق،‭ ‬ووسائل‭ ‬النقل‭ ‬العمومي،‭ ‬والمقاهي،‭ ‬وأمام‭ ‬المساجد،‭ ‬حيث‭ ‬يتوقع‭ ‬المتسولون‭ ‬وجود‭ ‬أشخاص‭ ‬أكثر‭ ‬استعدادًا‭ ‬للتصديق‭. ‬لكن‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬هو‭ ‬الارتفاع‭ ‬الملحوظ‭ ‬للتسول‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬حيث‭ ‬يستغل‭ ‬المتسولون‭ ‬الطابع‭ ‬الديني‭ ‬لهذا‭ ‬الشهر‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬أكبر،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬يرى‭ ‬فيه‭ ‬فرصة‭ ‬لجمع‭ ‬المال‭ ‬استعدادًا‭ ‬لفترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬رمضان،‭ ‬حينما‭ ‬ينخفض‭ ‬منسوب‭ ‬العطاء‭ ‬لدى‭ ‬المواطنين‭.‬

الآثار‭ ‬النفسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬للتسول‭.. ‬

رغم‭ ‬ان‭ ‬التسول‭ ‬يحقق‭ ‬ربحا‭ ‬وفيرا‭ ‬للمتسولين‭ ‬ولكنه‭ ‬يخلف‭ ‬حسب‭ ‬محدثنا‭  ‬آثارًا‭ ‬نفسية‭ ‬عميقة‭ ‬على‭ ‬المتسولين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬حيث‭ ‬يفقدون‭ ‬تدريجيًا‭ ‬الشعور‭ ‬بالكرامة،‭ ‬ويتحولون‭ ‬إلى‭ ‬أشخاص‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬بدل‭ ‬السعي‭ ‬للاستقلالية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بعضهم،‭ ‬خاصة‭ ‬الأطفال،‭ ‬ينشأون‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬تجعلهم‭ ‬يعتادون‭ ‬على‭ ‬التسول‭ ‬كأسلوب‭ ‬حياة،‭ ‬مما‭ ‬يصعب‭ ‬إدماجهم‭ ‬لاحقًا‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وسوق‭ ‬العمل‭. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬يؤثر‭ ‬التسول‭ ‬على‭ ‬نفسية‭ ‬المواطنين،‭ ‬إذ‭ ‬يولد‭ ‬لديهم‭ ‬مشاعر‭ ‬متناقضة‭ ‬بين‭ ‬الإحساس‭ ‬بالذنب‭ ‬عند‭ ‬رفض‭ ‬تقديم‭ ‬المال،‭ ‬والشعور‭ ‬بالاستغلال‭ ‬عند‭ ‬ملاحظة‭ ‬الحيل‭ ‬المستخدمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬المتسولين‭. ‬كما‭ ‬يساهم‭ ‬انتشار‭ ‬التسول‭ ‬في‭ ‬تآكل‭ ‬قيم‭ ‬العمل‭ ‬والاجتهاد،‭ ‬حيث‭ ‬يصبح‭ ‬الكسب‭ ‬السريع‭ ‬دون‭ ‬عناء‭ ‬نموذجًا‭ ‬يُحتذى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأوساط‭ ‬الفقيرة‭.‬

مواجهة‭ ‬الظاهرة‭.. ‬

ولمواجهة‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬يرى‭ ‬ممدوح‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬انه‭  ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اتباع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬متعددة‭ ‬المستويات‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الحلول‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والأمنية‭. ‬فمن‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬يجب‭ ‬تعزيز‭ ‬سياسات‭ ‬الإدماج‭ ‬المهني‭ ‬وتحسين‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للفئات‭ ‬الهشة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬المساعدة‭ ‬للفقراء‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجعلهم‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬التسول‭. ‬أما‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأمنية،‭ ‬فمن‭ ‬الضروري‭ ‬تفكيك‭ ‬الشبكات‭ ‬الإجرامية‭ ‬التي‭ ‬تستغل‭ ‬المتسولين،‭ ‬خاصة‭ ‬الأطفال،‭ ‬وتطبيق‭ ‬قوانين‭ ‬صارمة‭ ‬ضد‭ ‬الاستغلال‭ ‬والاتجار‭ ‬بالبشر‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬للمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬المواطنين‭ ‬بكيفية‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬بطرق‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية،‭ ‬مثل‭ ‬دعم‭ ‬الجمعيات‭ ‬المتخصصة‭ ‬بدل‭ ‬منح‭ ‬المال‭ ‬مباشرة‭ ‬للمتسولين،‭ ‬مما‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬التسول‭ ‬الاحتيالي‭ ‬ويضمن‭ ‬وصول‭ ‬الدعم‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يحتاجه‭ ‬بالفعل‭.‬

وختم‭ ‬معتبرا‭ ‬ان‭ ‬التسول‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬ظاهرة‭ ‬اجتماعية‭ ‬عابرة‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬انعكاس‭ ‬لأزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬عميقة‭ ‬،تتشابك‭ ‬فيها‭ ‬عوامل‭ ‬الفقر‭ ‬والتفكك‭ ‬الأسري‭ ‬والاستغلال‭ ‬الإجرامي‭. ‬وبينما‭ ‬يظل‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬حقيقية‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يستغل‭ ‬التعاطف‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬شخصية‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭. ‬وهذا‭ ‬يفرض‭ ‬ضرورة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الظاهرة‭ ‬بحكمة‭ ‬،من‭ ‬خلال‭ ‬سياسات‭ ‬اجتماعية‭ ‬فعالة‭ ‬وحلول‭ ‬قانونية‭ ‬حازمة‭ ‬،و‭ ‬توعية‭ ‬مجتمعية‭ ‬تحفز‭ ‬على‭ ‬التضامن‭ ‬الذكي‭ ‬الذي‭ ‬يحقق‭ ‬المساعدة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬مزيد‭ ‬التسول‭.‬

‭ ‬ماذا‭ ‬يقول‭ ‬القانون‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب؟‭ ‬

مختص‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬يشرح‭ ‬عقوبة‭ ‬التسول‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬التونسي‭ ‬أوضح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنيس‭ ‬الزرقوني‭ ‬ان‭ ‬المشرع‭ ‬التونسی‭ ‬جرم‭ ‬فعل‭ ‬التسول‭ ‬باعتباره‭ ‬ظاهرة‭ ‬سلبیة‭ ‬وتضر‭ ‬بالمشهد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمظهر‭ ‬العام‭ ‬للبلاد‭. ‬

وأضاف‭ ‬خلال‭ ‬إفادته‭ ‬‮«‬الصباح‮»‬‭ ‬ان‭ ‬المشرع‭ ‬التونسي‭ ‬اهتم‭ ‬بمحاربة‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬التي‭ ‬يمنعها‭ ‬الفصل‭ ‬171‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬الجزاٸية‭ ‬وينصّ‭ ‬على‭ ‬عقوبات‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭  ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬تضمن‭ ‬تهدیدا‭ ‬أو‭ ‬افتعال‭ ‬وثيقة‭ ‬فإن‭ ‬العقاب‭ ‬یشدد‭ ‬بالسجن‭ ‬سنة‭ ‬کاملة‭.‬

وشدد‭ ‬المشرع‭ ‬التونسي‭ ‬عقوبة‭  ‬التسول‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬تتم‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالأطفال‭ ‬وبالبشر‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭  ‬حیث‭ ‬جاء‭ ‬بالقانون‭ ‬ألأساسيي‭ ‬عدد‭ ‬61‭ ‬لسنة‭ ‬2016‭ ‬والمٶرخ‭ ‬فیی‭ ‬3‭ ‬أوت‭ ‬2016‭ ‬والمتعلق‭ ‬بمنع‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‭ ‬ومکافحته‭ ‬حيث‭ ‬نص‭ ‬المشرع‭  ‬في‭ ‬الباب‭ ‬الثاني‭ ‬علی‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬لحالات‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬تصل‭ ‬إلی‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬المتسول‭ ‬الذي‭ ‬يستعین‭ ‬بشخص‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬أو‭ ‬الاحتیاجات‭ ‬الخاصة‭ ‬يكون‭ ‬قانونا‭ ‬مهددا‭ ‬بعقوبة‭ ‬سجنیة‭ ‬تصل‭ ‬إلی‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭. ‬مع‭ ‬عقوبة‭ ‬مالیة‭ ‬تصل‭ ‬الی‭ ‬خمسین‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭.  ‬ویقصد‭ ‬بالاستغلال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬تعریض‭ ‬الطفل‭ ‬للتسول‭ ‬او‭ ‬تشغیله‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬مخالفة‭ ‬للقانون‭. ‬

وخلص‭ ‬ملاحظا‭ ‬بأن‭ ‬التسول‭ ‬مجرّم‭ ‬قانونا‭ ‬ویشدد‭ ‬العقاب‭ ‬حسب‭ ‬الوسیلة‭ ‬التي‭ ‬يستعین‭ ‬بها‭ ‬المتسول‭.‬

صباح‭ ‬الشابي‭ ‬

بعضهم‭ ‬في‭ ‬عصابات‭ ‬منظمة..  متسولون‭ ‬برتبة "متحيلين"‮..  ‬وأفارقة‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬دخلوا ‭ ‬‮"المنافسة"

 

أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬متسول‭ ‬ببلادنا،‭ ‬نسبة‭ ‬قليلة‭ ‬فقط‭ ‬منهم‭ ‬محتاجة‭ ‬والبقية‭ ‬متسولون‭ ‬برتبة‭ ‬متحيلين،‭ ‬يتحينون‭ ‬فرصة‭ ‬قدوم‭  ‬المناسبات‭ ‬الدينية‭ ‬ينتشروا‭ ‬بالشوارع‭ ‬والانهح‭ ‬ومحطات‭ ‬ووسائل‭ ‬النقل‭ ‬العمومي‭ ‬والمركبات‭ ‬التجارية‭ ‬الكبرى‭ ‬والصغرى‭ ‬وأمام‭ ‬الموزعات‭ ‬الآلية‭ ‬للبنوك‭ ‬لاستدرار‭ ‬عطف‭ ‬المارة‭.‬

رغم‭ ‬ان‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬قديمة‭ ‬ولكنها‭ ‬تتجدد‭ ‬ويرتفع‭ ‬نسقها‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬مناسبة‭ ‬دينية‭  ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المعظم،‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭  ‬التي‭ ‬غزت‭ ‬الشوارع‭ ‬والانهج‭ ‬ووسائل‭ ‬النقل‭ ‬العمومي‭ ‬خاصة‭ ‬المترو‭ ‬كذلك‭ ‬أمام‭ ‬المساجد‭ ‬والبنوك‭ ‬فلا‭ ‬يخلو‭ ‬شارع‭ ‬او‭ ‬نهج‭ ‬خاصة‭ ‬تونس‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬المتسولين‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬اغلبهم‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬عليهم‭  ‬علامات‭ ‬الفقر‭ ‬والخصاصة‭.‬

‭ ‬فقد‭ ‬امتهن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المتواكلين‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬التجارة‮»‬‭ ‬المربحة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تكلفهم‭ ‬اي‭ ‬مجهود،‭ ‬يكفي‭ ‬ان‭ ‬يختار‭ ‬الواحد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الوجهة‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬ان‭ ‬يتمركز‭ ‬فيها‭ ‬ثم‭ ‬يشرع‭ ‬في‭ ‬استعطاف‭ ‬الناس‭  ‬وإقناعهم‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المال‭ ‬لمداواة‭ ‬ابنته‭ ‬او‭ ‬ابنه‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬او‭ ‬تعاني‭  ‬من‭ ‬مرض‭  ‬خطير‭ ‬او‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬قدم‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬َولايات‭ ‬الجمهورية‭ ‬ويحتاج‭ ‬بعض‭ ‬الدنانير‭ ‬ليستقل‭ ‬سيارة‭ ‬أجرة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬السرديات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يعتمدونها‭  ‬لاستجداء‭ ‬تعاطف‭ ‬المارة‭ ‬او‭ ‬ركاب‭ ‬المترو‭ ‬والحافلات‭ ‬وغيرها‭..‬

ورغم‭ ‬المجهودات‭ ‬الأمنية‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الا‭ ‬انها‭ ‬ما‭ ‬انفكت‭ ‬تتزايد‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬أخرى‭ ‬َوخاصة‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الدينية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬او‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭  ‬او‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭. ‬

اغلب‭  ‬المتسولين‭ ‬متحيلون‭    ‬

‭ ‬تجاوز‭ ‬عدد‭ ‬المتسولين‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬الـ‭ ‬20‭ ‬الف‭ ‬متسول‭. ‬15‭ ‬٪‭ ‬فقط‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬يستحقون‭ ‬المساعدة‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ‮«‬الصباح‮»‬‭ ‬رئيس‭  ‬الجمعية‭  ‬الدولية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والإعلام‭ ‬رضا‭ ‬كرويدة‭. ‬

وأوضح‭ ‬ان‭ ‬تناول‭ ‬الجمعية‭ ‬الدولية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والإعلام‭ ‬لموضوع‭ ‬التسول‭ ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الإثارة‭  ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬عليها‭ ‬الجمعية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مرافقة‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬معالجتها‭ ‬للظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالملف‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ولذلك‭ ‬واصلت‭ ‬الجمعية‭  ‬العمل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬الكبرى‭ ‬ولاحظت‭ ‬ان‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬التونسيات‭ ‬والتونسيين‭ ‬وانما‭ ‬أيضا‭ ‬اللاجئين‭ ‬الأفارقة‭ ‬وخاصة‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬منهم‭.‬

متسولون‭ ‬موسميون‭.. ‬

‭ ‬وتضاعف‭ ‬حسب‭ ‬تاكيده‭  ‬عدد‭ ‬المتسولين‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭  ‬الجمعية‭ ‬بالمسح‭ ‬الميداني‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬باعتبار‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭  ‬للمتسولين‭ ‬الأفارقة‭ ‬والذي‭ ‬قدره‭  ‬بين‭ ‬4000‭ ‬و‭ ‬5000‭ ‬آلاف‭ ‬متسول‭ ‬في‭ ‬ولايات‭ ‬تونس‭ ‬الكبرى‭ ‬كما‭ ‬لاحظت‭ ‬الجمعية‭  ‬ظاهرة‭ ‬أخرى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬المتسولين‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭ ‬للبلاد‭ ‬ويتكاثرون‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬والآن‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وعلى‭ ‬أبواب‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬نكتشف‭ ‬وجوه‭ ‬جديدة‭ ‬اجتاحت‭ ‬الشوارع‭ ‬الكبرى‭ ‬وأمام‭ ‬المساجد‭ ‬والمساحات‭ ‬الكبرى‭ ‬والبنوك‭ ‬ومكاتب‭ ‬البريد‭ ‬وهؤلاء‭ ‬متسولون‭ ‬موسميون‭ ‬لا‭ ‬نراهم‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬وفق‭ ‬قوله‭. ‬

واما‭ ‬الظاهرة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬حسب‭ ‬رايه‭  ‬تكاثر‭ ‬شريحة‭ ‬الشباب‭ ‬التي‭ ‬تقدر‭ ‬نسبتها‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و‭ ‬30‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬مجمل‭ ‬المتسولين‭ ‬وتقدر‭ ‬نسبة‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬بين‭ ‬40‭ ‬و‭ ‬50‭ ‬بالمائة‭ ‬والباقي‭ ‬من‭ ‬الكهول‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬النسب‭ ‬تشمل‭ ‬التونسيين‭ ‬والأجانب‭. ‬

80‭ ‬٪‭ ‬ من‭ ‬المتسولين‭ ‬غير‭ ‬محتاجين‭.. ‬

وأضاف‭ ‬ان‭ ‬نسبة‭ ‬80‭  ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬المتسولين‭ ‬غير‭ ‬محتاجين‭ ‬مشيرا‭ ‬ان‭ ‬الدخل‭ ‬اليومي‭ ‬للمتسولين‭ ‬يتراوح‭  ‬بين‭ ‬100و150د‭ ‬ينارا‭  ‬يوميا‭. ‬

واكد‭ ‬ان‭ ‬السلطات‭ ‬الأمنية‭ ‬تقوم‭ ‬بمجهود‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الظاهرة‭ ‬والتصدي‭ ‬لها‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬غزا‭ ‬المتسولون‭ ‬كافة‭ ‬الشوارع‭ ‬والانهح‭ ‬والمساجد‭.‬

عصابات‭ ‬منظمة‭.. ‬

واعتبر‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬الدولية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والإعلام‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬غالبية‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتسولين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬المتحيلين‭ ‬بل‭ ‬ومنخرطين‭ ‬في‭ ‬عصابات‭ ‬منظمة‭ ‬تجني‭ ‬ملايين‭ ‬الدينارات‭ ‬سنويا‭ ‬مستغلين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كرم‭ ‬التونسيين‭ ‬وحبهم‭ ‬لفعل‭ ‬الخير‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭  ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬ومكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬المسيئة‭ ‬لصورة‭ ‬بلادنا‭. ‬

التسول‭ ‬مرآة‭ ‬تعكس‭ ‬أزمة‭ ‬ثلاثية‭.. ‬

البعض‭ ‬يرى‭ ‬ان‭ ‬الفقر‭ ‬والخصاصة‭  ‬تدفع‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الى‭ ‬التسول‭ ‬بينما‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬أن‭ ‬التسول‭ ‬‮«‬بات‭ ‬وسيلة‭ ‬للتحيل‭ ‬والضحك‭ ‬على‭ ‬ذقون‭ ‬الآخرين‭  ‬بهدف‭ ‬الكسب‭ ‬السهل‭ ‬والسريع‭ ‬للمال‭ ‬اما‭ ‬المختصون‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬فلديهم‭ ‬رأي‭ ‬آخر‭.‬

إذ‭ ‬يرى‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬ممدوح‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬ان‭ ‬التسول‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬مركّبة‭ ‬ففي‭ ‬شوارع‭ ‬تونس،‭ ‬تتعدد‭ ‬مشاهد‭ ‬المتسولين‭ ‬الذين‭ ‬يلجأون‭ ‬إلى‭ ‬أساليب‭ ‬مختلفة‭ ‬لاستدرار‭ ‬عطف‭ ‬المارة،‭ ‬مستغلين‭ ‬أحيانًا‭ ‬مشاعر‭ ‬الرحمة‭ ‬والتضامن‭ ‬التي‭ ‬يتميز‭ ‬بها‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭. ‬

نشاط‭ ‬منظم‭ ‬واحتيال‭.. ‬

لكن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬حسب‭ ‬رأيه‭ ‬تتجاوز‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬حدود‭ ‬الحاجة‭ ‬لتتحول‭ ‬إلى‭ ‬نشاط‭ ‬منظم‭ ‬وإستراتيجية‭ ‬احتيالية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأطفال‭ ‬وذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬مقاربة‭ ‬تحليلية‭ ‬تتجاوز‭ ‬البعد‭ ‬الظاهري‭ ‬للتسول،‭ ‬لتغوص‭ ‬في‭ ‬تمثلات‭ ‬المتسولين‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬فعلهم،‭ ‬وتدرس‭ ‬السياقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬التي‭ ‬تغذي‭ ‬انتشار‭ ‬الظاهرة،‭ ‬مع‭ ‬محاولة‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬التسول‭ ‬كحاجة‭ ‬حقيقية‭ ‬والتسول‭ ‬كاحتيال‭ ‬يستثمر‭ ‬في‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أرباح‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭.‬

تمثلات‭ ‬المتسولين‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬الفعل‭.. ‬

وأضاف‭ ‬خلال‭ ‬تعليقه‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬الصباح‭ ‬عن‭ ‬الظاهرة‭ ‬ان‭ ‬المتسولين‭ ‬يختلفون‭ ‬في‭ ‬تمثلاتهم‭ ‬لذواتهم‭ ‬ولممارساتهم‭ ‬فالبعض‭ ‬يعتبر‭ ‬التسول‭ ‬خيارًا‭ ‬اضطراريًا‭ ‬لمواجهة‭ ‬ظروف‭ ‬الحياة‭ ‬القاسية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يراه‭ ‬آخرون‭ ‬نشاطًا‭ ‬مربحًا‭ ‬لا‭ ‬يتطلب‭ ‬مجهودًا‭ ‬كبيرًا‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬تتفاوت‭ ‬نظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬إليهم‭ ‬بين‭ ‬التعاطف‭ ‬والاشمئزاز،‭ ‬حيث‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬المتسول‭ ‬الذي‭ ‬تظهر‭ ‬عليه‭ ‬علامات‭ ‬البؤس‭ ‬والفاقة‭ ‬بعين‭ ‬الشفقة،‭ ‬بينما‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬المتسولين‭ ‬الذين‭ ‬يبدون‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬جيدة‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬يكررون‭ ‬نفس‭ ‬الأساليب‭ ‬والخطابات‭ ‬يوميًا‭ ‬بعين‭ ‬الريبة‭ ‬والاتهام‭ ‬بالاحتيال‭. ‬هذه‭ ‬التمثلات‭ ‬تتداخل‭ ‬مع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الفعل‭ ‬التي‭ ‬يعتمدها‭ ‬المتسولون،‭ ‬والتي‭ ‬تتنوع‭ ‬بين‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬مظاهر‭ ‬الإعاقة‭ ‬أو‭ ‬المرض،‭ ‬أو‭ ‬استغلال‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬لاستدرار‭ ‬العطف،‭ ‬أو‭ ‬تبني‭ ‬سرديات‭ ‬مؤثرة‭ ‬تستهدف‭ ‬مشاعر‭ ‬المارة‭.‬

السياقات‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬الظاهرة

وتعكس‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬حسب‭ ‬رأيه‭ ‬هشاشة‭ ‬المنظومة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬إذ‭ ‬يلعب‭ ‬الفقر‭ ‬والبطالة‭ ‬دورًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬الأفراد‭ ‬نحو‭ ‬الاستجداء‭ ‬كوسيلة‭ ‬للبقاء‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التحولات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬مثل‭ ‬تفكك‭ ‬الروابط‭ ‬الأسرية‭ ‬وتراجع‭ ‬قيم‭ ‬التضامن‭ ‬التقليدية،‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬ترك‭ ‬بعض‭ ‬الفئات‭ ‬دون‭ ‬دعم،‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬التسول‭ ‬كخيار‭ ‬أخير‭. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تساهم‭ ‬العوامل‭ ‬الثقافية‭ ‬والدينية‭ ‬في‭ ‬تغذية‭ ‬الظاهرة،‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬البعض‭ ‬تقديم‭ ‬الصدقة‭ ‬واجبًا‭ ‬دينيًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشجع‭ ‬المتسولين‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬هذا‭ ‬البعد،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬حيث‭ ‬تزداد‭ ‬مظاهر‭ ‬التسول‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭.‬

ظاهرة‭ ‬مهيكلة‭.. ‬

‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التاريخية،‭ ‬فقد‭ ‬عرفت‭ ‬تونس‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬منذ‭ ‬فترات‭ ‬طويلة،‭ ‬لكنّها‭ ‬اتخذت‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬أشكالًا‭ ‬أكثر‭ ‬تنظيماً،‭ ‬حيث‭ ‬ظهرت‭ ‬شبكات‭ ‬تستغل‭ ‬التسول‭ ‬كمصدر‭ ‬للربح،‭ ‬مما‭ ‬حوّله‭ ‬من‭ ‬فعل‭ ‬فردي‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬مهيكلة‭ ‬أحيانًا‭ ‬داخل‭ ‬شبكات‭ ‬إجرامية‭ ‬تستغل‭ ‬الفئات‭ ‬الضعيفة‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭.‬

ليس‭ ‬كل‭ ‬متسول‭ ‬محتاجا‭.. ‬

واعتبر‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬ان‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬متسول‭ ‬محتاجًا،‭ ‬فهناك‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يدفعه‭ ‬الفقر‭ ‬المدقع‭ ‬إلى‭ ‬الاستجداء،‭ ‬ومن‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬التسول‭ ‬وسيلة‭ ‬سهلة‭ ‬للربح‭ ‬دون‭ ‬مجهود‭. ‬هذا‭ ‬التداخل‭ ‬بين‭ ‬التسول‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬الحاجة‭ ‬والتسول‭ ‬الاحتيالي‭ ‬يجعل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الظاهرة‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتسولين‭ ‬المحترفين‭ ‬يبتكرون‭ ‬أساليب‭ ‬متطورة‭ ‬لخداع‭ ‬الناس،‭ ‬مثل‭ ‬التظاهر‭ ‬بالإعاقة،‭ ‬أو‭ ‬استخدام‭ ‬قصص‭ ‬درامية‭ ‬مفبركة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تأجير‭ ‬الأطفال‭ ‬لاستدرار‭ ‬العطف‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬هناك‭ ‬فئات‭ ‬حقيقية‭ ‬تعيش‭ ‬وضعيات‭ ‬اجتماعية‭ ‬مزرية‭ ‬ولا‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يعينها،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬التسول‭ ‬كآخر‭ ‬حل‭ ‬للبقاء‭. ‬وهذا‭ ‬التداخل‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يستحق‭ ‬المساعدة‭ ‬ومن‭ ‬يستغل‭ ‬التعاطف‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬غير‭ ‬مستحقة‭.‬

مظاهر‭ ‬التسول‭ ‬وانتشاره‭.. ‬

واعتبر‭ ‬ان‭ ‬مظاهر‭ ‬التسول‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬متعددة‭  ‬فمنها‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬بطريقة‭ ‬مباشرة‭ ‬عبر‭ ‬طلب‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬المارة،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬مثل‭ ‬بيع‭ ‬سلع‭ ‬رمزية‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها،‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬بسيطة‭ ‬كتلميع‭ ‬الأحذية‭ ‬ومسح‭ ‬زجاج‭ ‬السيارات‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الظاهرة‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬محددة،‭ ‬مثل‭ ‬الأسواق،‭ ‬ووسائل‭ ‬النقل‭ ‬العمومي،‭ ‬والمقاهي،‭ ‬وأمام‭ ‬المساجد،‭ ‬حيث‭ ‬يتوقع‭ ‬المتسولون‭ ‬وجود‭ ‬أشخاص‭ ‬أكثر‭ ‬استعدادًا‭ ‬للتصديق‭. ‬لكن‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬هو‭ ‬الارتفاع‭ ‬الملحوظ‭ ‬للتسول‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬حيث‭ ‬يستغل‭ ‬المتسولون‭ ‬الطابع‭ ‬الديني‭ ‬لهذا‭ ‬الشهر‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬أكبر،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬يرى‭ ‬فيه‭ ‬فرصة‭ ‬لجمع‭ ‬المال‭ ‬استعدادًا‭ ‬لفترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬رمضان،‭ ‬حينما‭ ‬ينخفض‭ ‬منسوب‭ ‬العطاء‭ ‬لدى‭ ‬المواطنين‭.‬

الآثار‭ ‬النفسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬للتسول‭.. ‬

رغم‭ ‬ان‭ ‬التسول‭ ‬يحقق‭ ‬ربحا‭ ‬وفيرا‭ ‬للمتسولين‭ ‬ولكنه‭ ‬يخلف‭ ‬حسب‭ ‬محدثنا‭  ‬آثارًا‭ ‬نفسية‭ ‬عميقة‭ ‬على‭ ‬المتسولين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬حيث‭ ‬يفقدون‭ ‬تدريجيًا‭ ‬الشعور‭ ‬بالكرامة،‭ ‬ويتحولون‭ ‬إلى‭ ‬أشخاص‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬بدل‭ ‬السعي‭ ‬للاستقلالية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بعضهم،‭ ‬خاصة‭ ‬الأطفال،‭ ‬ينشأون‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬تجعلهم‭ ‬يعتادون‭ ‬على‭ ‬التسول‭ ‬كأسلوب‭ ‬حياة،‭ ‬مما‭ ‬يصعب‭ ‬إدماجهم‭ ‬لاحقًا‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وسوق‭ ‬العمل‭. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬يؤثر‭ ‬التسول‭ ‬على‭ ‬نفسية‭ ‬المواطنين،‭ ‬إذ‭ ‬يولد‭ ‬لديهم‭ ‬مشاعر‭ ‬متناقضة‭ ‬بين‭ ‬الإحساس‭ ‬بالذنب‭ ‬عند‭ ‬رفض‭ ‬تقديم‭ ‬المال،‭ ‬والشعور‭ ‬بالاستغلال‭ ‬عند‭ ‬ملاحظة‭ ‬الحيل‭ ‬المستخدمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬المتسولين‭. ‬كما‭ ‬يساهم‭ ‬انتشار‭ ‬التسول‭ ‬في‭ ‬تآكل‭ ‬قيم‭ ‬العمل‭ ‬والاجتهاد،‭ ‬حيث‭ ‬يصبح‭ ‬الكسب‭ ‬السريع‭ ‬دون‭ ‬عناء‭ ‬نموذجًا‭ ‬يُحتذى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأوساط‭ ‬الفقيرة‭.‬

مواجهة‭ ‬الظاهرة‭.. ‬

ولمواجهة‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬يرى‭ ‬ممدوح‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬انه‭  ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اتباع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬متعددة‭ ‬المستويات‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الحلول‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والأمنية‭. ‬فمن‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬يجب‭ ‬تعزيز‭ ‬سياسات‭ ‬الإدماج‭ ‬المهني‭ ‬وتحسين‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للفئات‭ ‬الهشة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬المساعدة‭ ‬للفقراء‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجعلهم‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬التسول‭. ‬أما‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأمنية،‭ ‬فمن‭ ‬الضروري‭ ‬تفكيك‭ ‬الشبكات‭ ‬الإجرامية‭ ‬التي‭ ‬تستغل‭ ‬المتسولين،‭ ‬خاصة‭ ‬الأطفال،‭ ‬وتطبيق‭ ‬قوانين‭ ‬صارمة‭ ‬ضد‭ ‬الاستغلال‭ ‬والاتجار‭ ‬بالبشر‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬للمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬المواطنين‭ ‬بكيفية‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬بطرق‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية،‭ ‬مثل‭ ‬دعم‭ ‬الجمعيات‭ ‬المتخصصة‭ ‬بدل‭ ‬منح‭ ‬المال‭ ‬مباشرة‭ ‬للمتسولين،‭ ‬مما‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬التسول‭ ‬الاحتيالي‭ ‬ويضمن‭ ‬وصول‭ ‬الدعم‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يحتاجه‭ ‬بالفعل‭.‬

وختم‭ ‬معتبرا‭ ‬ان‭ ‬التسول‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬ظاهرة‭ ‬اجتماعية‭ ‬عابرة‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬انعكاس‭ ‬لأزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬عميقة‭ ‬،تتشابك‭ ‬فيها‭ ‬عوامل‭ ‬الفقر‭ ‬والتفكك‭ ‬الأسري‭ ‬والاستغلال‭ ‬الإجرامي‭. ‬وبينما‭ ‬يظل‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬حقيقية‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يستغل‭ ‬التعاطف‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬شخصية‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭. ‬وهذا‭ ‬يفرض‭ ‬ضرورة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الظاهرة‭ ‬بحكمة‭ ‬،من‭ ‬خلال‭ ‬سياسات‭ ‬اجتماعية‭ ‬فعالة‭ ‬وحلول‭ ‬قانونية‭ ‬حازمة‭ ‬،و‭ ‬توعية‭ ‬مجتمعية‭ ‬تحفز‭ ‬على‭ ‬التضامن‭ ‬الذكي‭ ‬الذي‭ ‬يحقق‭ ‬المساعدة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬مزيد‭ ‬التسول‭.‬

‭ ‬ماذا‭ ‬يقول‭ ‬القانون‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب؟‭ ‬

مختص‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬يشرح‭ ‬عقوبة‭ ‬التسول‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬التونسي‭ ‬أوضح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنيس‭ ‬الزرقوني‭ ‬ان‭ ‬المشرع‭ ‬التونسی‭ ‬جرم‭ ‬فعل‭ ‬التسول‭ ‬باعتباره‭ ‬ظاهرة‭ ‬سلبیة‭ ‬وتضر‭ ‬بالمشهد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمظهر‭ ‬العام‭ ‬للبلاد‭. ‬

وأضاف‭ ‬خلال‭ ‬إفادته‭ ‬‮«‬الصباح‮»‬‭ ‬ان‭ ‬المشرع‭ ‬التونسي‭ ‬اهتم‭ ‬بمحاربة‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬التي‭ ‬يمنعها‭ ‬الفصل‭ ‬171‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬الجزاٸية‭ ‬وينصّ‭ ‬على‭ ‬عقوبات‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭  ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬تضمن‭ ‬تهدیدا‭ ‬أو‭ ‬افتعال‭ ‬وثيقة‭ ‬فإن‭ ‬العقاب‭ ‬یشدد‭ ‬بالسجن‭ ‬سنة‭ ‬کاملة‭.‬

وشدد‭ ‬المشرع‭ ‬التونسي‭ ‬عقوبة‭  ‬التسول‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬تتم‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالأطفال‭ ‬وبالبشر‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭  ‬حیث‭ ‬جاء‭ ‬بالقانون‭ ‬ألأساسيي‭ ‬عدد‭ ‬61‭ ‬لسنة‭ ‬2016‭ ‬والمٶرخ‭ ‬فیی‭ ‬3‭ ‬أوت‭ ‬2016‭ ‬والمتعلق‭ ‬بمنع‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‭ ‬ومکافحته‭ ‬حيث‭ ‬نص‭ ‬المشرع‭  ‬في‭ ‬الباب‭ ‬الثاني‭ ‬علی‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬لحالات‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬تصل‭ ‬إلی‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬المتسول‭ ‬الذي‭ ‬يستعین‭ ‬بشخص‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬أو‭ ‬الاحتیاجات‭ ‬الخاصة‭ ‬يكون‭ ‬قانونا‭ ‬مهددا‭ ‬بعقوبة‭ ‬سجنیة‭ ‬تصل‭ ‬إلی‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭. ‬مع‭ ‬عقوبة‭ ‬مالیة‭ ‬تصل‭ ‬الی‭ ‬خمسین‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭.  ‬ویقصد‭ ‬بالاستغلال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬تعریض‭ ‬الطفل‭ ‬للتسول‭ ‬او‭ ‬تشغیله‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬مخالفة‭ ‬للقانون‭. ‬

وخلص‭ ‬ملاحظا‭ ‬بأن‭ ‬التسول‭ ‬مجرّم‭ ‬قانونا‭ ‬ویشدد‭ ‬العقاب‭ ‬حسب‭ ‬الوسیلة‭ ‬التي‭ ‬يستعین‭ ‬بها‭ ‬المتسول‭.‬

صباح‭ ‬الشابي‭ ‬