◄ رئيس لجنة الحقوق والحريات لـ«الصباح»: مشروع تنقيح مرسوم الجمعيات صلب اللجنة لكن هناك استماعات هامة لا بد من القيام بها
◄ فاطمة مسدي لـ«الصباح»: القانون الجديد للجمعيات يشدد على مبدأ الرقابة البعدية والقبلية ومراقبة التمويلات الأجنبية
● أكثر من 24 ألف جمعية ناشطة في تونس
● من سنة 2011 إلى سنة 2020 إحداث أكثر من 13 ألف جمعية جديدة
مازال نشاط بعض الجمعيات في تونس يطرح نقاط استفهام عديدة في علاقة أساسا بالتّمويل الأجنبي وهو طرح أكّده التقرير السنوي للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية الذي كشف تواصل نشاط بعض الجمعيات رغم الشبهات التي تطالها علما وأن مشروعا لتنقيح قانون الجمعيات صلب لجنة الحقوق والحريات مازال يواجه بعض «التعطيلات» على حد تأكيد بعض النواب.. والذي يقتضي مراجعته بالنظر الى كون المرسوم القديم للجمعيات يتضمن عديد الإشكاليات لعل أبرزها «الإسهال الجمعياتي» في ظل ضعف الرقابة.
كشف التقرير السنوي (29) لسنة 2023 للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية في بابه المتعلق بتمويل الجمعيات في إطار التعاون الدولي جدير بالذكر أن أربع جمعيات خيرية تم تكييفها «مشبوهة» من قبل الكتابة العامة للحكومة واصلت الحصول على تمويلات أجنبية قدرها 23.9 مليون دينار، بعد أن كانت تحصلت على 27.7 مليون دينار متأتية أساسا من دول قطر والكويت وتركيا خلال الفترة الممتدة بين 2012-2019، فضلا عن حصول جمعيات تونسية على تمويلات مباشرة من السفارات المتواجدة بالبلاد دون المرور بالوسيط الرسمي (وزارة الخارجيّة) أو إعلامه بها أو بحجمها وبموضوعها -علما أن وزارة الخارجية كانت قد بررت وفق التقرير عدم متابعتها لحصول جمعيات تونسية على تمويلات مباشرة من السفارات المتواجدة بالبلاد، بعدم تضمن المرسوم عدد 88 لسنة 2011 لمقتضيات تلزم الجمعيات بإعلام الوزارة أو المرور عبر القنوات الدبلوماسية للحصول على المساعدات الأجنبية، فضلا عن تعدد المتدخلين وضعف التنسيق بينهم.
بيانات دقيقة وشاملة وحينية
وبالعودة الى تقرير الهيئة فقد تضمن تقريرها الرقابي المهمة الرقابية المنجزة من قبل محكمة المحاسبات للفترة الممتدة 2015-2019 -وفقا لما نقلته «وات» 25 ملاحظة تعلّقت بأربعة هياكل عمومية تعنى بعمليات الرقابة وهي على التوالي الإدارة العامة للجمعيات والأحزاب السياسية، والوزارة المكلفة بالتعاون الدولي، ووزارة الشؤون الخارجية، والبنك المركزي التونسي، موضّحة أنّ أعمال الرقابة شملت نظام المعلومات ومدى توفر بيانات دقيقة وشاملة وحينية حول تمويل الجمعيات في إطار التعاون الدولي وحوكمة برامج التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات والتصرف فيها.
2011 و2012 ذروة النشاط الجمعياتي
وجاء في التقرير، أنّ الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى سنة 2020 شهدت إحداث أكثر من 13 ألف جمعية جديدة، بلغت ذروتها خلال سنتي 2011 و2012 بإحداث على التوالي 2088 و2868 جمعية، ليرتفع بذلك عدد الجمعيات بتاريخ 10 مارس 2020 إلى 23320 جمعية وبتاريخ 10 ماي 2023 إلى 24797 جمعية، حسب المعطيات المتوفرة لدى مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات «إفادة»، مشيرا الى أنّ الجمعيات المتواجدة بولايات تونس الكبرى تمثّل حوالي 32 بالمائة من العدد الجملي للجمعيات.
توجيه دعم مباشر للجمعيات
وفي الإطار نفسه سلط التقرير الضوء على التمويل الأجنبي مبينا أن التمويل الأجنبي من قبل الدول والمؤسسات والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية يعتبر أحد مصادر الدعم المتاحة للجمعيات بموجب المرسوم عدد 88 لسنة 2011، وذلك من خلال توجيه الدعم المباشر للجمعيات دون المرور بالهياكل العمومية، أو في إطار اتفاقيات تعاون دولي أو مخططات إطارية للتعاون مبرمة بين الدولة التونسية والجهات المانحة لتمويل برامج تنصهر ضمنها مشاريع أو أنشطة.
تباطؤ في المصادقة على القانون الجديد
في هذا الخضم وفيما يتعلق بتوصيات اللجنة بوجوب مراجعة القانون المنظم للجمعيات استنكرت عديد الأصوات تباطؤ المصادقة على القانون المنظم للجمعيات الجديد لا سيما وأنه ووفقا للخبراء يعزز من الجانب الرقابي في علاقة أساسا بالتمويلات الأجنبية.
استماعات ضرورية
وفي هذا الخصوص قال رئيس لجنة الحقوق والحريات محمد علي في تصريح لـ»الصباح» إنه لا وجود لأدنى تباطؤ غير أن الإشكال يكمن في وجوب القيام باستماعات ضرورية على غرار رئاسة الحكومة استنادا الى الكتابة العامة للحكومة وذلك بالتوازي مع بعض الاستماعات الأخرى على غرار بعض مكونات المجتمع المدني الأساسية وبعض المنظمات والجمعيات على غرار نقابة الصحفيين وهيئة المحامين وهيئات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات المعنية.
وفي علاقة بالتمويل الأجنبي للجمعيات اعتبر رئيس لجنة الحقوق والحريات أن المرسوم 88 المنظم لعمل الجمعيات يتضمن جملة من الآليات الرقابية غير أنها لا تنفذ، موضحا أنه تم اعتماد هذه الآليات مع بعض الجمعيات التي أثارت ضجة إعلامية (في إشارة الى حادثة سيدي بوزيد) أو تلك التي على علاقة بتوظيف الإرهاب أو بغسيل الأموال.
ضعف الجانب الرقابي
من جانب آخر قالت عضو لجنة الحقوق والحريات فاطمة مسدي في تصريح لـ«الصباح» أن مرسوم تنقيح قانون الجمعيات مازال صلب لجنة الحقوق والحريات واستنكرت في السياق ذاته البطء الحاصل في عملية الاستماع التي تحدث مرة كل شهر. واعتبرت أن نقطة ضعف المرسوم 88 المنظم للجمعيات هو ضعف الجانب الرقابي الأمر الذي أسفر عن نشاط مشبوه لعديد الجمعيات مشيرة الى أن القانون الجديد للجمعيات شدد على مبدأ الرقابة البعدية والقبلية كما يشدد المراقبة على التمويلات الأجنبية.
معطيات من البنك المركزي
وبينت الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية في تقريرها أنها استندت في أعمالها الرقابية، على معطيات من البنك المركزي التونسي ووزارة التكوين المهني والتشغيل ووزارة الشؤون الاجتماعية والمركز الوطني لسجل المؤسسات، إضافة إلى إجابات استبيان تمّ توجيهه إلى 59 جمعية تحصلت على تمويلات هامة لتنفيذ مشاريع أو أنشطة في إطار اتفاقيات التعاون الدولي، استجابت منها 22 جمعية تولت إلى موفى جوان 2020 تقديم الوثائق المطلوبة لمحكمة المحاسبات، مضيفة أنّ التمويلات الأجنبية الجملية لهذه الجمعيات بلغت خلال الفترة 2015-2019 حوالي 124 مليون دينار.
عدم التزام 566 جمعية
وأكدت الهيئة أنّها سجلت من خلال أعمال المتابعة الأولى، عدم التزام 566 جمعية من بين 1005 جمعية بإزالة مخالفات مرتكبة بخصوص تلقي تمويلات أجنبية خلال الفترة 2014-2019 رغم التنبيه عليها من قبل الكتابة العامة للحكومة، فضلا عن غیاب معطيات حينية لدى الكتابة العامة للحكومة حول التدفقات المالية الأجنبية لفائدة الجمعيات، مما يعيق متابعتها بصفة شاملة ودقيقة ويحول دون رصدها للمخالفات المرتكبة وردع مرتكبيها، وهو ما ترتب عنه عدم تفطنها لتلقي جمعيات لتمويلات أجنبية لا تقل مبالغها عن 31.8 مليون دينار، وفق محكمة المحاسبات.
منال حرزي
◄ رئيس لجنة الحقوق والحريات لـ«الصباح»: مشروع تنقيح مرسوم الجمعيات صلب اللجنة لكن هناك استماعات هامة لا بد من القيام بها
◄ فاطمة مسدي لـ«الصباح»: القانون الجديد للجمعيات يشدد على مبدأ الرقابة البعدية والقبلية ومراقبة التمويلات الأجنبية
● أكثر من 24 ألف جمعية ناشطة في تونس
● من سنة 2011 إلى سنة 2020 إحداث أكثر من 13 ألف جمعية جديدة
مازال نشاط بعض الجمعيات في تونس يطرح نقاط استفهام عديدة في علاقة أساسا بالتّمويل الأجنبي وهو طرح أكّده التقرير السنوي للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية الذي كشف تواصل نشاط بعض الجمعيات رغم الشبهات التي تطالها علما وأن مشروعا لتنقيح قانون الجمعيات صلب لجنة الحقوق والحريات مازال يواجه بعض «التعطيلات» على حد تأكيد بعض النواب.. والذي يقتضي مراجعته بالنظر الى كون المرسوم القديم للجمعيات يتضمن عديد الإشكاليات لعل أبرزها «الإسهال الجمعياتي» في ظل ضعف الرقابة.
كشف التقرير السنوي (29) لسنة 2023 للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية في بابه المتعلق بتمويل الجمعيات في إطار التعاون الدولي جدير بالذكر أن أربع جمعيات خيرية تم تكييفها «مشبوهة» من قبل الكتابة العامة للحكومة واصلت الحصول على تمويلات أجنبية قدرها 23.9 مليون دينار، بعد أن كانت تحصلت على 27.7 مليون دينار متأتية أساسا من دول قطر والكويت وتركيا خلال الفترة الممتدة بين 2012-2019، فضلا عن حصول جمعيات تونسية على تمويلات مباشرة من السفارات المتواجدة بالبلاد دون المرور بالوسيط الرسمي (وزارة الخارجيّة) أو إعلامه بها أو بحجمها وبموضوعها -علما أن وزارة الخارجية كانت قد بررت وفق التقرير عدم متابعتها لحصول جمعيات تونسية على تمويلات مباشرة من السفارات المتواجدة بالبلاد، بعدم تضمن المرسوم عدد 88 لسنة 2011 لمقتضيات تلزم الجمعيات بإعلام الوزارة أو المرور عبر القنوات الدبلوماسية للحصول على المساعدات الأجنبية، فضلا عن تعدد المتدخلين وضعف التنسيق بينهم.
بيانات دقيقة وشاملة وحينية
وبالعودة الى تقرير الهيئة فقد تضمن تقريرها الرقابي المهمة الرقابية المنجزة من قبل محكمة المحاسبات للفترة الممتدة 2015-2019 -وفقا لما نقلته «وات» 25 ملاحظة تعلّقت بأربعة هياكل عمومية تعنى بعمليات الرقابة وهي على التوالي الإدارة العامة للجمعيات والأحزاب السياسية، والوزارة المكلفة بالتعاون الدولي، ووزارة الشؤون الخارجية، والبنك المركزي التونسي، موضّحة أنّ أعمال الرقابة شملت نظام المعلومات ومدى توفر بيانات دقيقة وشاملة وحينية حول تمويل الجمعيات في إطار التعاون الدولي وحوكمة برامج التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات والتصرف فيها.
2011 و2012 ذروة النشاط الجمعياتي
وجاء في التقرير، أنّ الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى سنة 2020 شهدت إحداث أكثر من 13 ألف جمعية جديدة، بلغت ذروتها خلال سنتي 2011 و2012 بإحداث على التوالي 2088 و2868 جمعية، ليرتفع بذلك عدد الجمعيات بتاريخ 10 مارس 2020 إلى 23320 جمعية وبتاريخ 10 ماي 2023 إلى 24797 جمعية، حسب المعطيات المتوفرة لدى مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات «إفادة»، مشيرا الى أنّ الجمعيات المتواجدة بولايات تونس الكبرى تمثّل حوالي 32 بالمائة من العدد الجملي للجمعيات.
توجيه دعم مباشر للجمعيات
وفي الإطار نفسه سلط التقرير الضوء على التمويل الأجنبي مبينا أن التمويل الأجنبي من قبل الدول والمؤسسات والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية يعتبر أحد مصادر الدعم المتاحة للجمعيات بموجب المرسوم عدد 88 لسنة 2011، وذلك من خلال توجيه الدعم المباشر للجمعيات دون المرور بالهياكل العمومية، أو في إطار اتفاقيات تعاون دولي أو مخططات إطارية للتعاون مبرمة بين الدولة التونسية والجهات المانحة لتمويل برامج تنصهر ضمنها مشاريع أو أنشطة.
تباطؤ في المصادقة على القانون الجديد
في هذا الخضم وفيما يتعلق بتوصيات اللجنة بوجوب مراجعة القانون المنظم للجمعيات استنكرت عديد الأصوات تباطؤ المصادقة على القانون المنظم للجمعيات الجديد لا سيما وأنه ووفقا للخبراء يعزز من الجانب الرقابي في علاقة أساسا بالتمويلات الأجنبية.
استماعات ضرورية
وفي هذا الخصوص قال رئيس لجنة الحقوق والحريات محمد علي في تصريح لـ»الصباح» إنه لا وجود لأدنى تباطؤ غير أن الإشكال يكمن في وجوب القيام باستماعات ضرورية على غرار رئاسة الحكومة استنادا الى الكتابة العامة للحكومة وذلك بالتوازي مع بعض الاستماعات الأخرى على غرار بعض مكونات المجتمع المدني الأساسية وبعض المنظمات والجمعيات على غرار نقابة الصحفيين وهيئة المحامين وهيئات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات المعنية.
وفي علاقة بالتمويل الأجنبي للجمعيات اعتبر رئيس لجنة الحقوق والحريات أن المرسوم 88 المنظم لعمل الجمعيات يتضمن جملة من الآليات الرقابية غير أنها لا تنفذ، موضحا أنه تم اعتماد هذه الآليات مع بعض الجمعيات التي أثارت ضجة إعلامية (في إشارة الى حادثة سيدي بوزيد) أو تلك التي على علاقة بتوظيف الإرهاب أو بغسيل الأموال.
ضعف الجانب الرقابي
من جانب آخر قالت عضو لجنة الحقوق والحريات فاطمة مسدي في تصريح لـ«الصباح» أن مرسوم تنقيح قانون الجمعيات مازال صلب لجنة الحقوق والحريات واستنكرت في السياق ذاته البطء الحاصل في عملية الاستماع التي تحدث مرة كل شهر. واعتبرت أن نقطة ضعف المرسوم 88 المنظم للجمعيات هو ضعف الجانب الرقابي الأمر الذي أسفر عن نشاط مشبوه لعديد الجمعيات مشيرة الى أن القانون الجديد للجمعيات شدد على مبدأ الرقابة البعدية والقبلية كما يشدد المراقبة على التمويلات الأجنبية.
معطيات من البنك المركزي
وبينت الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية في تقريرها أنها استندت في أعمالها الرقابية، على معطيات من البنك المركزي التونسي ووزارة التكوين المهني والتشغيل ووزارة الشؤون الاجتماعية والمركز الوطني لسجل المؤسسات، إضافة إلى إجابات استبيان تمّ توجيهه إلى 59 جمعية تحصلت على تمويلات هامة لتنفيذ مشاريع أو أنشطة في إطار اتفاقيات التعاون الدولي، استجابت منها 22 جمعية تولت إلى موفى جوان 2020 تقديم الوثائق المطلوبة لمحكمة المحاسبات، مضيفة أنّ التمويلات الأجنبية الجملية لهذه الجمعيات بلغت خلال الفترة 2015-2019 حوالي 124 مليون دينار.
عدم التزام 566 جمعية
وأكدت الهيئة أنّها سجلت من خلال أعمال المتابعة الأولى، عدم التزام 566 جمعية من بين 1005 جمعية بإزالة مخالفات مرتكبة بخصوص تلقي تمويلات أجنبية خلال الفترة 2014-2019 رغم التنبيه عليها من قبل الكتابة العامة للحكومة، فضلا عن غیاب معطيات حينية لدى الكتابة العامة للحكومة حول التدفقات المالية الأجنبية لفائدة الجمعيات، مما يعيق متابعتها بصفة شاملة ودقيقة ويحول دون رصدها للمخالفات المرتكبة وردع مرتكبيها، وهو ما ترتب عنه عدم تفطنها لتلقي جمعيات لتمويلات أجنبية لا تقل مبالغها عن 31.8 مليون دينار، وفق محكمة المحاسبات.