*اليزيدي آخر العائدين.. "وشى به" أبو عياض والمحكمة العسكرية أصدرت حكما غيابيا بـ20 سنة سجنا ضدّه!
تونس – الصباح
عاد الحديث عن معتقل "غوانتانامو" مجدّدا بعد أن اختفت أخباره لسنوات مع إعلان وزارة الدفاع الأمريكية يوم الاثنين الماضي عن إعادة السجين التونسي رضا بن صالح اليزيدي بعد إيداعه بالسجن المذكور لمدة 23 عاما. هذا السجن الذي أنشأته الولايات المتحدة الأمريكية خارج أراضيها بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 مازال يثير الاستفهام، ولم يكشف بعد عن كل قصصه ولا قصص من تم إيداعهم به وإعادتهم بعد ذلك لدولهم وسط الكثير من التكتّم الرسمي ودون كشف توضيحات ومآلات التهم المتعلقة بأولئك المحتجزين، ولا مدى خطورتهم على مجتمعاتهم التي عاد إليها البعض منهم فقط، في حين تم تسليم البعض منهم إلى دول أخرى ليست دولهم الأم كما هو الشأن مع عدد هام من المساجين التونسيين السابقين بغوانتانامو.
منية العرفاوي
ووفق المعطيات الرسمية التي نشرتها الولايات المتحدة الأمريكية فإنه منذ إنشاء السجن تم الزجّ باثني عشر تونسيا في غوانتنامو، ورضا بن صالح اليزيدي هو ثالث تونسي يتم تسليمه إلى تونس مباشرة من المعتقل. حيث تم تسليم اثنين قبل الثورة في حين تم نفي البقية إلى دول أخرى بعد أن رفضت تونس تسلّمهم..
وكان اللافت في ذلك تسليم بعض التونسيين إلى بلدان أجنبية مختلفة وعدم إعادتهم إلى تونس مثل جورجيا وسلوفاكيا والأوروغواي، كما تم إيداع اثنين بالسجون الإيطالية لاستكمال عقوبة لم يعلن عن مدّتها، ولم يتم الإعلان بالتفصيل عن تهم أولئك التونسيين ولا جرمهم ولا علاقتهم بتنظيم القاعدة ولا بزعيمها أسامة بن لادن الذي قتلته الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2011، بالإضافة إلى غياب المعلومات بشأن الذين تمت إعادتهم قبل الثورة وبمصيرهم، وهل تم تمتيعهم بالعفو التشريعي العام بعد الثورة؟، خاصة وأن مجموعة سليمان التي تورطّت في تلك العملية الإرهابية ومقاتلين قدامى في أفغانستان، سلّمتهم دول أجنبية إلى تونس بعد القبض عليهم بمقتضى بطاقات تفتيش دولية أو صدفة مثل سيف الله بن حسين – أبو عياض- تم تمتعيهم بالعفو التشريعي العام وغادروا السجون وقتها ليعودوا لممارسة الإرهاب والتطرّف..
التونسيون في غوانتانامو من هم وما جريمتهم وما هو مصيرهم اليوم؟، كل هذه الأسئلة تطرح مرة أخرى وبإلحاح.
عائدون من غوانتانامو
رغم شحّ المعطيات بشأنهم وحول تاريخهم مع التنظيمات الإرهابية وأساسا في أفغانستان بداية الألفية، إلا أنه ووفق ما كشفته التقارير الأمريكية، فإن اليزيدي المولود منتصف الستينات بجهة النفيضة من ولاية سوسة قد تم اعتقاله في ديسمبر 2001 من طرف القوات الباكستانية قرب الحدود الأفغانية ضمن مجموعة تضم 30 فردا. وهو يعتبر من أوّل المودعين بغوانتانامو، وتعتقد الولايات المتحدة الأمريكية أنهم هربوا من معارك تورا بورا وقتها.. اليزيدي ووفق نفس المصادر الأمريكية وخاصة التقارير التي أنجزها بعض الصحافيين المختصين أو الباحثين الذين تم السماح لهم بزيارة السجن قضى فترة الثمانينات والتسعينات في إيطاليا وتورّط في أنشطة مخالفة للقانون قبل أن يتم استدراجه من طرف بعض المجموعات المتطرفة بميلانو وإقناعه بالتوجّه إلى أفغانستان في بداية سنة 1999 للالتحاق بمعسكرات تدريب «الجهاديين» والتي كان يشرف عليها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قبل الذهاب إلى تنفيذ أكبر عملية إرهابية في القرن العشرين، اهتز لها العالم وهي أحداث 11 سبتمبر.
وحسب تقرير صادر في 2007 عن منظمة "هيومن رايس وتش" فإن اليزيدي نال حكما غيابيا بالسجن لمدة 20 سنة و 5 سنوات من الرقابة الإدارية في حكم أصدرته المحكمة العسكرية بتونس سنة 2005 ضده بمعية آخرين بعد أن وجهت لهم تهم خدمة منظمة إرهابية بالخارج.. وكان ذلك القرار القضائي مستندا على إفادات وشهادات عدد من الموقوفين وقتها على خلفية قضايا إرهابية خضعوا آنذاك إلى محاكمات وفق قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003 والبعض منهم تم تسليمهم وقتها إلى تونس تنفيذا لبطاقات تفتيش أو جلب دولية. حيث أقرّ عدد منهم أنهم التقوا اليزيدي في معسكرات تدريب تتبع تنظيم القاعدة في أفغانستان وأنهم خضعوا لتدريب عسكري استعدادا للعودة إلى تونس من أجل القيام بعمليات داخلها. بعد ذلك حاول بعضهم وفي أطوار مختلفة من المحاكمة تغيير شهادتهم إلا أنه تم رفض ذلك.
وبعد تسليم رضا بن صالح اليزيدي إلى تونس الاثنين الماضي بقي في معتقل غوانتانامو حوالي 26 معتقلا منهم 14 سجينا مؤهلا للنقل وفق بيانات البنتاغون. وكان عدد المعتقلين عندما تولي بايدن مهامه الرئاسية في حدود 50 معتقلا، علما وأن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما تعهّد في 2010 بإغلاق سجن غوانتانامو أمام الانتقادات الحقوقية اللاذعة والتي لاحقته، ولكن ذلك لم يحدث إلى الآن كما اعتبر فريق الرئيس أوباما وقتها أن اليزيدي وعشرات المعتقلين الآخرين بالسجن لا يمكن محاكمتهم بجرائم حرب دون توضيح لوضعيتهم القانونية آنذاك.
وأضاف موس: "كان بإمكانه المغادرة منذ فترة طويلة لولا التردد التونسي".
منظمة "هيومن رايس وتش" أشارت كذلك في تقريرها الصادر سنة 2007 إلى أن القضية التي تم الحكم فيها على اليزيدي بعشرين سنة سجنا غيابيا فيها أيضا حوالي 35 متهما وأن من بين الموقوفين الذين قدموا إفادات بشأن وجود اليزيدي ومن معه في معسكرات أفغانستان كان أبو عياض أو سيف الله بن حسين الذي كان شخصية رئيسية متهمة في القضية المذكورة. وفي تلك الإفادة أتى بن حسين على ذكر عدد من التونسيين الآخرين الذين التقاهم في أفغانستان بهدف إقامة تنظيم "سلفي جهادي" جديد في تونس، وقد عاد لاحقا سيف الله بن حسين المُكنّى بأبي عياض إلى محاولة سحب اعترافاته التي قيل وقتها أنها انتزعت منه عنوة، إلا أن قاضي التحقيق رفض هذا التراجع، وبعد الثورة وإثر تمتّعه بالعفو التشريعي العام غادر أبو عياض السجن وتمكّن بالفعل من تكوين تنظيم سلفي جهادي جديد هو تنظيم "أنصار الشريعة" الذي صنّفته الدولة التونسية تنظيما إرهابيا سنة 2013 بعد قيامه بسلسة من العلميات الإرهابية والاغتيالات السياسية.
قبل الثورة كذلك سلّمت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تونس السجين السابق بغوانتانامو لطفي لاغا المولود أواخر الستينات بتونس العاصمة وبدوره عاش لطفي لاغا فترة من الزمن في إيطاليا قبل أن يسافر إلى أفغانستان. وتشير التقارير الصحفية الأمريكية إلى أن لاغا تعرّض إلى عملية بتر في عدد من أصابع يديه وقدميه عندما كان في قندهار بعد قرار من الأطباء بسبب إصابة أطرافه بالصقيع الشديد.
ولاغا كان من بين المعتقلين بسجن غوانتانامو والذين اهتم بهم بشكل خاص المؤرخ والصحفي البريطاني أندي ورثينغتون حيث أشار في مقالات مهمة نشرتها صحف أمريكية وبريطانية إلى أن لطفي لاغا خدم في الجيش التونسي ثم غادر إلى إيطاليا عبر البحر دون تأشيرة عبور وببطاقة هوية مزوّرة ثم استقر بعد ذلك في ميلانو قبل أن يتم استقطابه وتجنيده في شبكة إرهابية دولية تعمل على تجنيد الأفراد لمعسكرات التدريب التي أنشاها بن لادن في أفغانستان.
وتذكر بعض المصادر الأمريكية أن هناك تونسيا آخر سهّل عملية انتقال لطفي لاغا إلى مدينة جلال أباد بشرق أفغانستان وأنه بعد ذلك التحق بمجموعة قلب الدين حكمتيار التي نفّذت عمليات ضدّ القوات الأمريكية في أفغانستان.
وبدوره تم القبض على لاغا بعد عبوره من أفغانستان إلى باكستان في ديسمبر 2001، ليتم احتجازه لاحقا في معتقل غوانتانامو قبل تسليمه إلى تونس. ومن التونسيين الذين سلمتهم الولايات المتحدة إلى تونس قبل الثورة عبد الله الحاجي الذي نشط ضمن تنظيم «الأفغان العرب» بعد أن نشط في تونس في إطار مجموعة جهادية صغيرة حاولت التشبيك مع الجماعات المتطرفة في الجزائر خلال العشرية السوداء. وبعد إيداع الحاجي في غوانتانامو لبضعة سنوات، تم وضعه في طائرة وإرساله إلى تونس حتى دون إعلام محاميه الأمريكي لا بالتسليم ولا بأسبابه.
تونسيون يرحّلون إلى بلاد أجنبية
الملفت في ملف التونسيين بغوانتانامو أن بعضهم تم ترحيله إلى دول أجنبية لأسباب لم تفصح عنها الإدارة الأمريكية، في حين يرجّح البعض أنه بسبب رفض تونس تسلّمهم لأسباب مختلفة أو أن الولايات المتحدة خيّرت عدم تسليمهم إلى تونس، ومن بين هؤلاء وكما تشير إلى ذلك التقارير الرسمية الأمريكية، صلاح بن الهادي الذي تم نقله إلى ألبانيا وعادل بن مبروك تم نقله إلى أحد سجون إيطاليا وعادل بن إبراهيم الحكيم تم نقله إلى كازاخستان وهشام السليتي الذي تم نقله إلى سلوفاكيا وعبد الله بن محمد الذي مُنح اللجوء في الأوروغواي ورياض بن محمد ناصري الذي تم نقله إلى احد السجون في إيطاليا وعبد الهادي الجديدي الذي تم نقله إلى جورجيا ورفيق بن بشر الحامي الذي تم نقله إلى سلوفاكيا ولطفي بن علي الذي تم نقله إلى كزاخستان.. وكل هؤلاء لا معلومات متوفّرة حول مصيرهم أو ما إذا عادوا لاحقا إلى تونس خاصة أولئك الذين قضوا مدة عقوبتهم في السجون الإيطالية على سبيل المثال.
*اليزيدي آخر العائدين.. "وشى به" أبو عياض والمحكمة العسكرية أصدرت حكما غيابيا بـ20 سنة سجنا ضدّه!
تونس – الصباح
عاد الحديث عن معتقل "غوانتانامو" مجدّدا بعد أن اختفت أخباره لسنوات مع إعلان وزارة الدفاع الأمريكية يوم الاثنين الماضي عن إعادة السجين التونسي رضا بن صالح اليزيدي بعد إيداعه بالسجن المذكور لمدة 23 عاما. هذا السجن الذي أنشأته الولايات المتحدة الأمريكية خارج أراضيها بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 مازال يثير الاستفهام، ولم يكشف بعد عن كل قصصه ولا قصص من تم إيداعهم به وإعادتهم بعد ذلك لدولهم وسط الكثير من التكتّم الرسمي ودون كشف توضيحات ومآلات التهم المتعلقة بأولئك المحتجزين، ولا مدى خطورتهم على مجتمعاتهم التي عاد إليها البعض منهم فقط، في حين تم تسليم البعض منهم إلى دول أخرى ليست دولهم الأم كما هو الشأن مع عدد هام من المساجين التونسيين السابقين بغوانتانامو.
منية العرفاوي
ووفق المعطيات الرسمية التي نشرتها الولايات المتحدة الأمريكية فإنه منذ إنشاء السجن تم الزجّ باثني عشر تونسيا في غوانتنامو، ورضا بن صالح اليزيدي هو ثالث تونسي يتم تسليمه إلى تونس مباشرة من المعتقل. حيث تم تسليم اثنين قبل الثورة في حين تم نفي البقية إلى دول أخرى بعد أن رفضت تونس تسلّمهم..
وكان اللافت في ذلك تسليم بعض التونسيين إلى بلدان أجنبية مختلفة وعدم إعادتهم إلى تونس مثل جورجيا وسلوفاكيا والأوروغواي، كما تم إيداع اثنين بالسجون الإيطالية لاستكمال عقوبة لم يعلن عن مدّتها، ولم يتم الإعلان بالتفصيل عن تهم أولئك التونسيين ولا جرمهم ولا علاقتهم بتنظيم القاعدة ولا بزعيمها أسامة بن لادن الذي قتلته الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2011، بالإضافة إلى غياب المعلومات بشأن الذين تمت إعادتهم قبل الثورة وبمصيرهم، وهل تم تمتيعهم بالعفو التشريعي العام بعد الثورة؟، خاصة وأن مجموعة سليمان التي تورطّت في تلك العملية الإرهابية ومقاتلين قدامى في أفغانستان، سلّمتهم دول أجنبية إلى تونس بعد القبض عليهم بمقتضى بطاقات تفتيش دولية أو صدفة مثل سيف الله بن حسين – أبو عياض- تم تمتعيهم بالعفو التشريعي العام وغادروا السجون وقتها ليعودوا لممارسة الإرهاب والتطرّف..
التونسيون في غوانتانامو من هم وما جريمتهم وما هو مصيرهم اليوم؟، كل هذه الأسئلة تطرح مرة أخرى وبإلحاح.
عائدون من غوانتانامو
رغم شحّ المعطيات بشأنهم وحول تاريخهم مع التنظيمات الإرهابية وأساسا في أفغانستان بداية الألفية، إلا أنه ووفق ما كشفته التقارير الأمريكية، فإن اليزيدي المولود منتصف الستينات بجهة النفيضة من ولاية سوسة قد تم اعتقاله في ديسمبر 2001 من طرف القوات الباكستانية قرب الحدود الأفغانية ضمن مجموعة تضم 30 فردا. وهو يعتبر من أوّل المودعين بغوانتانامو، وتعتقد الولايات المتحدة الأمريكية أنهم هربوا من معارك تورا بورا وقتها.. اليزيدي ووفق نفس المصادر الأمريكية وخاصة التقارير التي أنجزها بعض الصحافيين المختصين أو الباحثين الذين تم السماح لهم بزيارة السجن قضى فترة الثمانينات والتسعينات في إيطاليا وتورّط في أنشطة مخالفة للقانون قبل أن يتم استدراجه من طرف بعض المجموعات المتطرفة بميلانو وإقناعه بالتوجّه إلى أفغانستان في بداية سنة 1999 للالتحاق بمعسكرات تدريب «الجهاديين» والتي كان يشرف عليها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قبل الذهاب إلى تنفيذ أكبر عملية إرهابية في القرن العشرين، اهتز لها العالم وهي أحداث 11 سبتمبر.
وحسب تقرير صادر في 2007 عن منظمة "هيومن رايس وتش" فإن اليزيدي نال حكما غيابيا بالسجن لمدة 20 سنة و 5 سنوات من الرقابة الإدارية في حكم أصدرته المحكمة العسكرية بتونس سنة 2005 ضده بمعية آخرين بعد أن وجهت لهم تهم خدمة منظمة إرهابية بالخارج.. وكان ذلك القرار القضائي مستندا على إفادات وشهادات عدد من الموقوفين وقتها على خلفية قضايا إرهابية خضعوا آنذاك إلى محاكمات وفق قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003 والبعض منهم تم تسليمهم وقتها إلى تونس تنفيذا لبطاقات تفتيش أو جلب دولية. حيث أقرّ عدد منهم أنهم التقوا اليزيدي في معسكرات تدريب تتبع تنظيم القاعدة في أفغانستان وأنهم خضعوا لتدريب عسكري استعدادا للعودة إلى تونس من أجل القيام بعمليات داخلها. بعد ذلك حاول بعضهم وفي أطوار مختلفة من المحاكمة تغيير شهادتهم إلا أنه تم رفض ذلك.
وبعد تسليم رضا بن صالح اليزيدي إلى تونس الاثنين الماضي بقي في معتقل غوانتانامو حوالي 26 معتقلا منهم 14 سجينا مؤهلا للنقل وفق بيانات البنتاغون. وكان عدد المعتقلين عندما تولي بايدن مهامه الرئاسية في حدود 50 معتقلا، علما وأن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما تعهّد في 2010 بإغلاق سجن غوانتانامو أمام الانتقادات الحقوقية اللاذعة والتي لاحقته، ولكن ذلك لم يحدث إلى الآن كما اعتبر فريق الرئيس أوباما وقتها أن اليزيدي وعشرات المعتقلين الآخرين بالسجن لا يمكن محاكمتهم بجرائم حرب دون توضيح لوضعيتهم القانونية آنذاك.
وأضاف موس: "كان بإمكانه المغادرة منذ فترة طويلة لولا التردد التونسي".
منظمة "هيومن رايس وتش" أشارت كذلك في تقريرها الصادر سنة 2007 إلى أن القضية التي تم الحكم فيها على اليزيدي بعشرين سنة سجنا غيابيا فيها أيضا حوالي 35 متهما وأن من بين الموقوفين الذين قدموا إفادات بشأن وجود اليزيدي ومن معه في معسكرات أفغانستان كان أبو عياض أو سيف الله بن حسين الذي كان شخصية رئيسية متهمة في القضية المذكورة. وفي تلك الإفادة أتى بن حسين على ذكر عدد من التونسيين الآخرين الذين التقاهم في أفغانستان بهدف إقامة تنظيم "سلفي جهادي" جديد في تونس، وقد عاد لاحقا سيف الله بن حسين المُكنّى بأبي عياض إلى محاولة سحب اعترافاته التي قيل وقتها أنها انتزعت منه عنوة، إلا أن قاضي التحقيق رفض هذا التراجع، وبعد الثورة وإثر تمتّعه بالعفو التشريعي العام غادر أبو عياض السجن وتمكّن بالفعل من تكوين تنظيم سلفي جهادي جديد هو تنظيم "أنصار الشريعة" الذي صنّفته الدولة التونسية تنظيما إرهابيا سنة 2013 بعد قيامه بسلسة من العلميات الإرهابية والاغتيالات السياسية.
قبل الثورة كذلك سلّمت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تونس السجين السابق بغوانتانامو لطفي لاغا المولود أواخر الستينات بتونس العاصمة وبدوره عاش لطفي لاغا فترة من الزمن في إيطاليا قبل أن يسافر إلى أفغانستان. وتشير التقارير الصحفية الأمريكية إلى أن لاغا تعرّض إلى عملية بتر في عدد من أصابع يديه وقدميه عندما كان في قندهار بعد قرار من الأطباء بسبب إصابة أطرافه بالصقيع الشديد.
ولاغا كان من بين المعتقلين بسجن غوانتانامو والذين اهتم بهم بشكل خاص المؤرخ والصحفي البريطاني أندي ورثينغتون حيث أشار في مقالات مهمة نشرتها صحف أمريكية وبريطانية إلى أن لطفي لاغا خدم في الجيش التونسي ثم غادر إلى إيطاليا عبر البحر دون تأشيرة عبور وببطاقة هوية مزوّرة ثم استقر بعد ذلك في ميلانو قبل أن يتم استقطابه وتجنيده في شبكة إرهابية دولية تعمل على تجنيد الأفراد لمعسكرات التدريب التي أنشاها بن لادن في أفغانستان.
وتذكر بعض المصادر الأمريكية أن هناك تونسيا آخر سهّل عملية انتقال لطفي لاغا إلى مدينة جلال أباد بشرق أفغانستان وأنه بعد ذلك التحق بمجموعة قلب الدين حكمتيار التي نفّذت عمليات ضدّ القوات الأمريكية في أفغانستان.
وبدوره تم القبض على لاغا بعد عبوره من أفغانستان إلى باكستان في ديسمبر 2001، ليتم احتجازه لاحقا في معتقل غوانتانامو قبل تسليمه إلى تونس. ومن التونسيين الذين سلمتهم الولايات المتحدة إلى تونس قبل الثورة عبد الله الحاجي الذي نشط ضمن تنظيم «الأفغان العرب» بعد أن نشط في تونس في إطار مجموعة جهادية صغيرة حاولت التشبيك مع الجماعات المتطرفة في الجزائر خلال العشرية السوداء. وبعد إيداع الحاجي في غوانتانامو لبضعة سنوات، تم وضعه في طائرة وإرساله إلى تونس حتى دون إعلام محاميه الأمريكي لا بالتسليم ولا بأسبابه.
تونسيون يرحّلون إلى بلاد أجنبية
الملفت في ملف التونسيين بغوانتانامو أن بعضهم تم ترحيله إلى دول أجنبية لأسباب لم تفصح عنها الإدارة الأمريكية، في حين يرجّح البعض أنه بسبب رفض تونس تسلّمهم لأسباب مختلفة أو أن الولايات المتحدة خيّرت عدم تسليمهم إلى تونس، ومن بين هؤلاء وكما تشير إلى ذلك التقارير الرسمية الأمريكية، صلاح بن الهادي الذي تم نقله إلى ألبانيا وعادل بن مبروك تم نقله إلى أحد سجون إيطاليا وعادل بن إبراهيم الحكيم تم نقله إلى كازاخستان وهشام السليتي الذي تم نقله إلى سلوفاكيا وعبد الله بن محمد الذي مُنح اللجوء في الأوروغواي ورياض بن محمد ناصري الذي تم نقله إلى احد السجون في إيطاليا وعبد الهادي الجديدي الذي تم نقله إلى جورجيا ورفيق بن بشر الحامي الذي تم نقله إلى سلوفاكيا ولطفي بن علي الذي تم نقله إلى كزاخستان.. وكل هؤلاء لا معلومات متوفّرة حول مصيرهم أو ما إذا عادوا لاحقا إلى تونس خاصة أولئك الذين قضوا مدة عقوبتهم في السجون الإيطالية على سبيل المثال.