إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صراعات داخلها صامتة ومعلنة.. سنة صعبة على المنظمات الوطنية!

 

تونس – الصباح

كانت سنة 2024 بالنسبة لأغلب المنظمات الوطنية سنة الغياب عن المشهد والمشاكل الداخلية التي لا تنتهي والانقسامات والأزمات وتقلّص مساحات الحضور والتأثير في المشهد العام، سنة بدأت بأزمات وتنتهي بخلافات داخلية حادة ودون حلول..

تلك المنظمات الوطنية العريقة والتي بلغت أوج قوتها في السنوات التي تلت الثورة وكانت لها مساحة من النفوذ جعلتها تتحكمّ -وفي مرات كثيرة- في المشهد السياسي وحتى تقوده كما حدث في الحوار الوطني بعد أزمة 2013، باتت اليوم خارج المشهد تماما. مواقفها التي صنعت الضجيج وغيّرت مسارات وتحكّمت في المشهد السياسي وكان لها القول الحاسم في قضايا كثيرة، خفت صوتها وضجيجها منذ إعلان إجراءات 25 جويلية التي تحمّست لها أغلب المنظمات الوطنية وأعلنت تأييدها لمسار التصحيح وانخرطت في دعمه رغم عودة بعضها لاحقا لنقد هذا المسار..

الاتحاد العام التونسي للشغل، اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعمادة المحامين، منظمات عريقة لعبت أدوارا مهمة في المحافظة على السلم الأهلية بعد أن انسدّ الأفق السياسي إثر اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بالإضافة إلى منظمات أخرى مثل اتحاد الفلاحين ولكن تغيّر القيادة بعد تلك المرحلة قاد تلك المنظمات إلى واقع جديد كما وأن التغيّرات السياسية العميقة التي شهدتها تونس في الثلاث سنوات الأخيرة ساهمت بدورها في عزلة تلك المنظمات التي تقوقعت أغلبيتها على ذاتها، خاصة بعد فشلها مجتمعة، إلى جانب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في فرض حوار وطني وهي المبادرة التي تجاهلها رئيس الجمهورية قيس سعيد..

وإذا كان هناك عنوان لهذه السنة المنقضية داخل أغلب تلك المنظمات فسيكون الصمت والصراعات الداخلية الذي ظلّ بعضها داخليا وانفجر البعض الآخر للعلن.. صراعات داخلية لأسباب مختلفة انتهت بأزمة عميقة داخل اتحاد الشغل وبصمت غريب داخل اتحاد الصناعة والتجارة وبوتر قوس مشدود داخل رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان وعمادة المحامين ومحاولة التأقلم مع المتغيرات من طرف اتحاد الفلاحين الذي يحاول أن يلعب دوره في دعم منظوريه وفي فتح آفاق للتفاوض مع السلطة بإعلان تأييده المتواصل لها.. ولعل الوضع الذي تردّى إليه الاتحاد العام التونسي للشغل خلال السنة المنقضية يبقى من أخطر ما مرّت به المنظمات الوطنية خلال عام مضى..

الاتحاد وانفجار الموقف

من أهم الإحداث النقابية التي عرفتها المنظمة الشغيلة في السنة المنقضية هو انعقاد المجلس الوطني الذي كان يعوّل عليه لحلحلة الأزمة الداخلية باعتباره ثاني أعلي سلطة بعد المؤتمر وقراراته ملزمة لجميع الأطراف وفق اللوائح النقابية، ولكن ما حصل قبل المجلس والاعتداء الذي تعرّض له الأمين العام المساعد سمير الشفي ووصف القيادة النقابية للمعارضة النقابية بأنها "تنظيم مواز" ألقى ظلالا كثيفة على المجلس الوطني وأشغاله. وزاد في شحن الأجواء داخله وكان طرح نقطة إضافية تشدّد على ضرورة إجراء المؤتمر القادم لانتخاب قيادة جديدة أحد عوامل انفجار الموقف من داخل المكتب التنفيذي، حيث رفضت مجموعة الخمسة هذا المقترح وطرحت مؤتمرا استثنائيا في جوان القادم ولكن الأمين العام للاتحاد تمسّك بالمقترح الذي تم التصويت لفائدته، ولكن بعد انقضاء المجلس الوطني أضيف إلى أزمة الاتحاد والصراع المحتدم بين المعارضة النقابية التي تشكّلت بعد المؤتمر الأخير الذي شهد تنقيح الفصل 20 والقيادة النقابية التي أعيد انتخابها، أزمة جديدة داخل المكتب التنفيذي.

هذه الأزمة تطورت مع بداية شهر ديسمبر المنقضي إلى إعلان مجموعة الخمسة عن دخولها في اعتصام بمقرّ المنظمة كان مقرّرا يوم 25 ديسمبر الماضي قبل تأجيله بعد مبادرة الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل حسين العباسي لرأب الصدع بين الفرقاء داخل المكتب التنفيذي.. ولكن المؤشرات الأولية تؤكد صعوبة أن تنجح هذه المبادرة حيث دوّن منذ أيام الأمين العام المساعد صلاح الدين السالمي أن الجميع فشل وعليه أن يفكّر في الرحيل بالإضافة إلى رفض المعارضة النقابية لهذه المبادرة معتبرة أنها أتت متأخرة وأن هدفها إنقاذ المكتب التنفيذي من الانقسام وليس إنقاذ المنظمة.

ودون شكّ ستكون السنة الجديدة صعبة على النقابيين وقد تكون حاسمة أيضا في مصير الاتحاد.

اتحاد الفلاحين والبحث عن التوازن

من بين المنظمات التي تحاول اليوم التوازن والثبات وتفادي الصراعات الداخلية نجد اتحاد الفلاحين أو الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري هو منظمة وطنية نقابية تأسست في سنة 1950 لها طابع نقابي ولكن ذات بعد تنموي أيضا وتهتم بقطاع الفلاحة والصيد البحري ولها امتداد جغرافي على كامل البلاد، وهو تقريبا المنظمة النقابية الوحيدة التي أنجزت مؤتمرها بعد إعلان إجراءات 25 جويلية، قبل ذلك كان اتحاد الفلاحين يُتهم بأنه تحت سيطرة حزب حركة النهضة بالنظر إلى انتماء رئيسه السابق عبد المجيد الزار وكان رئيس الجمهورية بعد إعلان إجراءات 25 جويلية استقبل نور الدين بن عياد النائب الثاني آنذاك لرئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، وبعد ذلك اجتمع أعضاء الاتحاد لعزل رئيسه عبد المجيد الزار المحسوب على حركة النهضة، ليحل في منصبه نور الدين بن عياد.

وفي ماي 2023 عقد اتحاد الفلاحين بمدينة طبرقة مؤتمره الانتخابي السابع عشر ومنذ ذلك التاريخ حاول اتحاد الفلاحين أن يكون حاضرا بقوة في كل القضايا التي تهم قطاع الفلاحة والصيد البحري مثل أزمة المياه، حيث دعا الاتحاد إلى ضرورة دراسة الحلول العاجلة لإحكام التصرف في المياه المتاحة وتوظيفها بصفة محكمة وعادلة لضمان صمود الفلاحة أمام تغيرات المناخ وحماية الأمن الغذائي الوطني.

ولكن منذ فترة انتقد الاتحاد سياسة وزارة الفلاحة تجاهه واعتبر من خلال تصريحات قياداته أن الوزارة قامت بإقصاء الاتحاد وتغييبه عن مختلف اللجان المعنية بالشأن الفلاحي ولكن ذلك لم يمنع أن يكون اتحاد الفلاحين موجود ببياناته كلما تعلّق الأمر بقضية تهم الفلاحين.

اتحاد الصناعة والتجارة..غياب متواصل!

تكاد أخباره تختفي تماما من المشهد واختفى معها اتحاد الأعراف، المنظمة الغائبة عن كل الأحداث والتطورات والتي ما زال الغموض يلفّ عقد مؤتمرها الانتخابي السابع خاصة بعد تجاوز المدة القانونية لعهدة المكتب الحالي بأشهر، وباعتبار أن المؤتمر يعد السلطة العليا في الاتحاد وينتظم كل خمس سنوات بقطع النظر عن أحقيته الواسعة في تحديد التوجهات والأهداف والأنشطة..

واتحاد الأعراف الذي بلغ ذروة إشعاعه وقوته وحضوره في المشهد العام مع وداد بوشماوي، دخل مع سمير ماجول فترة طويلة من الخمول والسبات والغياب عن كل الأحداث الوطنية. وبعد إعلان إجراءات 25 جويلية اختارت منظمة الأعراف مساندة وتأييد رئيس الجمهورية ودعم مسار التصحيح رغم الانتقادات التي تعرّض لها رئيس الاتحاد ومكتبه خاصة بعد إيداع عدد كبير من رجال الأعمال بالسجن وهذا الدعم والمساندة اعتبره البعض اختيارا استراتيجيا أراد من خلاله المكتب التنفيذي الحالي النأي بنفسه عن الدخول في أي صراع أو صدام مع السلطة.

ومن بين المحطات التي كان يمكن لاتحاد الأعراف أن يلعب فيها دورا ولكنه كان غائبا لأسباب مختلفة هو مسألة الصلح الجزائي والتي ما زالت متعثّرة إلى اليوم رغم وجود الإطار التشريعي والقانوني.

وفي علاقة بالمؤتمر الغائب والذي وضع كل أعمال اتحاد الأعراف محل تساؤل دعت جامعة مؤسسات البناء والأشغال العمومية في أكثر من مناسبة وخلال السنة الماضية إلى احترام مقتضيات القانون الأساسي والنظام الداخلي تفاديا لما قد ينجر عن هذا التأخير من تعقيدات خصوصا في مسألة التصرف في أموال الاتحاد التي تعتبر مالا عاما حسب الاستشارة القانونية التي قامت بها الجامعة بعد انتهاء عهدة الهياكل المنتخبة للاتحاد في جانفي 2023، إثر خمس سنوات عن عقد المؤتمر السابق في جانفي 2018.

وفي انتظار الإعلان عن موعد المؤتمر وفق ما ينصّ عليه القانون المنظم للاتحاد فإن وهن الاتحاد اليوم والانقسامات داخله أثرت على مناخات الاستثمار حيث فقدت المنظمة إشعاعها وقدرتها على تحفيز الرأس المال الوطني.

الرابطة وعمادة المحامين.. سنة التشنّج الداخلي

في وضع حقوق معقّد تحاول الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، لعب دورها في الدفاع عن الحقوق والحريات وفي أن تكون حاضرة في كل الأحداث الكبرى ولكن بعض المواقف الحقوقية التي اتخذتها ساهمت بشكل كبير في شحن الأجواء داخلها وفي أن تواجه بانتقادات لاذعة خاصة بعد موقفها الأخير من الأحداث السورية والتغييرات التي طالت الحكم والسلطة وطالبها خاصة رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالاهتمام أكثر بالشأن الداخلي الذي يحتاج اهتماما حقوقيا مكثّفا.

ولا يختلف الوضع داخل عمادة المحامين والتي ما زالت تشهد صراعات وانقسامات حول بعض المواقف خاصة في علاقة بإحالة بعض المحامين من أجل أرائهم ومواقفهم ويبقى أبرز حدث شهده قطاع المحاماة في السنة المنقضية هو مداهمة دار المحامي من أجل القبض على المحامية والمحللة السياسية سنية الدهماني وكذلك مداهمة نفس المقرّ للقبض على المحامي مهدي زغروبة. وهذان الحدثان خلّفا تحرّكات احتجاجية كبيرة في صفوف المحامين ولكن إلى حدّ الآن نجح العميد حاتم مزيو في تطويق كل تلك الخلافات وجعلها شأنا داخليا لا يعني غير المحامين!

والرابطة كما العمادة يمرّان بفترة دقيقة وحساسة في تاريخهما تتطلّب الكثير من الرصانة في التعاطي مع الخلافات الداخلية.

منية العرفاوي

 

 

 

 

 

 

 

صراعات داخلها صامتة ومعلنة..   سنة صعبة على المنظمات الوطنية!

 

تونس – الصباح

كانت سنة 2024 بالنسبة لأغلب المنظمات الوطنية سنة الغياب عن المشهد والمشاكل الداخلية التي لا تنتهي والانقسامات والأزمات وتقلّص مساحات الحضور والتأثير في المشهد العام، سنة بدأت بأزمات وتنتهي بخلافات داخلية حادة ودون حلول..

تلك المنظمات الوطنية العريقة والتي بلغت أوج قوتها في السنوات التي تلت الثورة وكانت لها مساحة من النفوذ جعلتها تتحكمّ -وفي مرات كثيرة- في المشهد السياسي وحتى تقوده كما حدث في الحوار الوطني بعد أزمة 2013، باتت اليوم خارج المشهد تماما. مواقفها التي صنعت الضجيج وغيّرت مسارات وتحكّمت في المشهد السياسي وكان لها القول الحاسم في قضايا كثيرة، خفت صوتها وضجيجها منذ إعلان إجراءات 25 جويلية التي تحمّست لها أغلب المنظمات الوطنية وأعلنت تأييدها لمسار التصحيح وانخرطت في دعمه رغم عودة بعضها لاحقا لنقد هذا المسار..

الاتحاد العام التونسي للشغل، اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعمادة المحامين، منظمات عريقة لعبت أدوارا مهمة في المحافظة على السلم الأهلية بعد أن انسدّ الأفق السياسي إثر اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بالإضافة إلى منظمات أخرى مثل اتحاد الفلاحين ولكن تغيّر القيادة بعد تلك المرحلة قاد تلك المنظمات إلى واقع جديد كما وأن التغيّرات السياسية العميقة التي شهدتها تونس في الثلاث سنوات الأخيرة ساهمت بدورها في عزلة تلك المنظمات التي تقوقعت أغلبيتها على ذاتها، خاصة بعد فشلها مجتمعة، إلى جانب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في فرض حوار وطني وهي المبادرة التي تجاهلها رئيس الجمهورية قيس سعيد..

وإذا كان هناك عنوان لهذه السنة المنقضية داخل أغلب تلك المنظمات فسيكون الصمت والصراعات الداخلية الذي ظلّ بعضها داخليا وانفجر البعض الآخر للعلن.. صراعات داخلية لأسباب مختلفة انتهت بأزمة عميقة داخل اتحاد الشغل وبصمت غريب داخل اتحاد الصناعة والتجارة وبوتر قوس مشدود داخل رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان وعمادة المحامين ومحاولة التأقلم مع المتغيرات من طرف اتحاد الفلاحين الذي يحاول أن يلعب دوره في دعم منظوريه وفي فتح آفاق للتفاوض مع السلطة بإعلان تأييده المتواصل لها.. ولعل الوضع الذي تردّى إليه الاتحاد العام التونسي للشغل خلال السنة المنقضية يبقى من أخطر ما مرّت به المنظمات الوطنية خلال عام مضى..

الاتحاد وانفجار الموقف

من أهم الإحداث النقابية التي عرفتها المنظمة الشغيلة في السنة المنقضية هو انعقاد المجلس الوطني الذي كان يعوّل عليه لحلحلة الأزمة الداخلية باعتباره ثاني أعلي سلطة بعد المؤتمر وقراراته ملزمة لجميع الأطراف وفق اللوائح النقابية، ولكن ما حصل قبل المجلس والاعتداء الذي تعرّض له الأمين العام المساعد سمير الشفي ووصف القيادة النقابية للمعارضة النقابية بأنها "تنظيم مواز" ألقى ظلالا كثيفة على المجلس الوطني وأشغاله. وزاد في شحن الأجواء داخله وكان طرح نقطة إضافية تشدّد على ضرورة إجراء المؤتمر القادم لانتخاب قيادة جديدة أحد عوامل انفجار الموقف من داخل المكتب التنفيذي، حيث رفضت مجموعة الخمسة هذا المقترح وطرحت مؤتمرا استثنائيا في جوان القادم ولكن الأمين العام للاتحاد تمسّك بالمقترح الذي تم التصويت لفائدته، ولكن بعد انقضاء المجلس الوطني أضيف إلى أزمة الاتحاد والصراع المحتدم بين المعارضة النقابية التي تشكّلت بعد المؤتمر الأخير الذي شهد تنقيح الفصل 20 والقيادة النقابية التي أعيد انتخابها، أزمة جديدة داخل المكتب التنفيذي.

هذه الأزمة تطورت مع بداية شهر ديسمبر المنقضي إلى إعلان مجموعة الخمسة عن دخولها في اعتصام بمقرّ المنظمة كان مقرّرا يوم 25 ديسمبر الماضي قبل تأجيله بعد مبادرة الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل حسين العباسي لرأب الصدع بين الفرقاء داخل المكتب التنفيذي.. ولكن المؤشرات الأولية تؤكد صعوبة أن تنجح هذه المبادرة حيث دوّن منذ أيام الأمين العام المساعد صلاح الدين السالمي أن الجميع فشل وعليه أن يفكّر في الرحيل بالإضافة إلى رفض المعارضة النقابية لهذه المبادرة معتبرة أنها أتت متأخرة وأن هدفها إنقاذ المكتب التنفيذي من الانقسام وليس إنقاذ المنظمة.

ودون شكّ ستكون السنة الجديدة صعبة على النقابيين وقد تكون حاسمة أيضا في مصير الاتحاد.

اتحاد الفلاحين والبحث عن التوازن

من بين المنظمات التي تحاول اليوم التوازن والثبات وتفادي الصراعات الداخلية نجد اتحاد الفلاحين أو الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري هو منظمة وطنية نقابية تأسست في سنة 1950 لها طابع نقابي ولكن ذات بعد تنموي أيضا وتهتم بقطاع الفلاحة والصيد البحري ولها امتداد جغرافي على كامل البلاد، وهو تقريبا المنظمة النقابية الوحيدة التي أنجزت مؤتمرها بعد إعلان إجراءات 25 جويلية، قبل ذلك كان اتحاد الفلاحين يُتهم بأنه تحت سيطرة حزب حركة النهضة بالنظر إلى انتماء رئيسه السابق عبد المجيد الزار وكان رئيس الجمهورية بعد إعلان إجراءات 25 جويلية استقبل نور الدين بن عياد النائب الثاني آنذاك لرئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، وبعد ذلك اجتمع أعضاء الاتحاد لعزل رئيسه عبد المجيد الزار المحسوب على حركة النهضة، ليحل في منصبه نور الدين بن عياد.

وفي ماي 2023 عقد اتحاد الفلاحين بمدينة طبرقة مؤتمره الانتخابي السابع عشر ومنذ ذلك التاريخ حاول اتحاد الفلاحين أن يكون حاضرا بقوة في كل القضايا التي تهم قطاع الفلاحة والصيد البحري مثل أزمة المياه، حيث دعا الاتحاد إلى ضرورة دراسة الحلول العاجلة لإحكام التصرف في المياه المتاحة وتوظيفها بصفة محكمة وعادلة لضمان صمود الفلاحة أمام تغيرات المناخ وحماية الأمن الغذائي الوطني.

ولكن منذ فترة انتقد الاتحاد سياسة وزارة الفلاحة تجاهه واعتبر من خلال تصريحات قياداته أن الوزارة قامت بإقصاء الاتحاد وتغييبه عن مختلف اللجان المعنية بالشأن الفلاحي ولكن ذلك لم يمنع أن يكون اتحاد الفلاحين موجود ببياناته كلما تعلّق الأمر بقضية تهم الفلاحين.

اتحاد الصناعة والتجارة..غياب متواصل!

تكاد أخباره تختفي تماما من المشهد واختفى معها اتحاد الأعراف، المنظمة الغائبة عن كل الأحداث والتطورات والتي ما زال الغموض يلفّ عقد مؤتمرها الانتخابي السابع خاصة بعد تجاوز المدة القانونية لعهدة المكتب الحالي بأشهر، وباعتبار أن المؤتمر يعد السلطة العليا في الاتحاد وينتظم كل خمس سنوات بقطع النظر عن أحقيته الواسعة في تحديد التوجهات والأهداف والأنشطة..

واتحاد الأعراف الذي بلغ ذروة إشعاعه وقوته وحضوره في المشهد العام مع وداد بوشماوي، دخل مع سمير ماجول فترة طويلة من الخمول والسبات والغياب عن كل الأحداث الوطنية. وبعد إعلان إجراءات 25 جويلية اختارت منظمة الأعراف مساندة وتأييد رئيس الجمهورية ودعم مسار التصحيح رغم الانتقادات التي تعرّض لها رئيس الاتحاد ومكتبه خاصة بعد إيداع عدد كبير من رجال الأعمال بالسجن وهذا الدعم والمساندة اعتبره البعض اختيارا استراتيجيا أراد من خلاله المكتب التنفيذي الحالي النأي بنفسه عن الدخول في أي صراع أو صدام مع السلطة.

ومن بين المحطات التي كان يمكن لاتحاد الأعراف أن يلعب فيها دورا ولكنه كان غائبا لأسباب مختلفة هو مسألة الصلح الجزائي والتي ما زالت متعثّرة إلى اليوم رغم وجود الإطار التشريعي والقانوني.

وفي علاقة بالمؤتمر الغائب والذي وضع كل أعمال اتحاد الأعراف محل تساؤل دعت جامعة مؤسسات البناء والأشغال العمومية في أكثر من مناسبة وخلال السنة الماضية إلى احترام مقتضيات القانون الأساسي والنظام الداخلي تفاديا لما قد ينجر عن هذا التأخير من تعقيدات خصوصا في مسألة التصرف في أموال الاتحاد التي تعتبر مالا عاما حسب الاستشارة القانونية التي قامت بها الجامعة بعد انتهاء عهدة الهياكل المنتخبة للاتحاد في جانفي 2023، إثر خمس سنوات عن عقد المؤتمر السابق في جانفي 2018.

وفي انتظار الإعلان عن موعد المؤتمر وفق ما ينصّ عليه القانون المنظم للاتحاد فإن وهن الاتحاد اليوم والانقسامات داخله أثرت على مناخات الاستثمار حيث فقدت المنظمة إشعاعها وقدرتها على تحفيز الرأس المال الوطني.

الرابطة وعمادة المحامين.. سنة التشنّج الداخلي

في وضع حقوق معقّد تحاول الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، لعب دورها في الدفاع عن الحقوق والحريات وفي أن تكون حاضرة في كل الأحداث الكبرى ولكن بعض المواقف الحقوقية التي اتخذتها ساهمت بشكل كبير في شحن الأجواء داخلها وفي أن تواجه بانتقادات لاذعة خاصة بعد موقفها الأخير من الأحداث السورية والتغييرات التي طالت الحكم والسلطة وطالبها خاصة رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالاهتمام أكثر بالشأن الداخلي الذي يحتاج اهتماما حقوقيا مكثّفا.

ولا يختلف الوضع داخل عمادة المحامين والتي ما زالت تشهد صراعات وانقسامات حول بعض المواقف خاصة في علاقة بإحالة بعض المحامين من أجل أرائهم ومواقفهم ويبقى أبرز حدث شهده قطاع المحاماة في السنة المنقضية هو مداهمة دار المحامي من أجل القبض على المحامية والمحللة السياسية سنية الدهماني وكذلك مداهمة نفس المقرّ للقبض على المحامي مهدي زغروبة. وهذان الحدثان خلّفا تحرّكات احتجاجية كبيرة في صفوف المحامين ولكن إلى حدّ الآن نجح العميد حاتم مزيو في تطويق كل تلك الخلافات وجعلها شأنا داخليا لا يعني غير المحامين!

والرابطة كما العمادة يمرّان بفترة دقيقة وحساسة في تاريخهما تتطلّب الكثير من الرصانة في التعاطي مع الخلافات الداخلية.

منية العرفاوي