إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

2024 الموسيقى.. المهرجانات الصيفية ما زالت تحتكر المشهد.. لكن ماذا عن بقية فصول السنة؟

 

عروض مسرح الأوبرا، رغم نخبويتها وندرتها، تمثل نقاط ضوء تبدد العتمة.

أسماء قليلة برزت هذا العام بإنتاجها الجديد.

تونس – الصباح

طُويت سنة 2024، وللسائل أن يتساءل: ماذا بقي منها في الأذهان على مستوى الإنتاج الفني والموسيقي؟ هل تغيّر الحال؟ هل سجلت أعمال موسيقية حضورًا لافتًا ونجاحًا جماهيريًا غير مسبوق، أو برزت ببصمة مختلفة عما اعتدنا عليه خلال حقبات زمنية طويلة؟ أم بقيت رهينة مدى توفر الإمكانيات المادية والمالية التي بقيت حجر عثرة أمام العديد من الفنانين والموسيقيين والمطربين والمنتجين لتحقيق انطلاقة حقيقية؟

إيمان عبد اللطيف

قد تُلخّص، إلى حدّ ما، تدوينة الموسيقار والملحن محمد الأسود، التي نشرها على صفحته الرسمية، واقع أهل القطاع في تونس. فكتب محمد الأسود: "أنا موش وضعية الفنان برك معادش نحب نحكي عليها في تونس.. الفنّ بكلّه.. أقل ما يمكن أن يقال عن الوضع الفني والثقافي في تونس إنه مبكٍ.. اخرجوا امشيوا جربوا وعيشوا تجارب أخرى.. ما تخافوش.. هنا موش باش يتبدل شي.. حتى كيف ترجع بعد عشرين عام.. نفس التركيبة.. ونفس اللجان ونفس المعاملة المقيتة للفنان.. جربوا عيشوا حلمة أخرى".

تنتهي التدوينة عند هذه الكلمات، لكنها فتحت الباب على مصراعيه للتعليق والنقد والانتقاد والتعبير عن المساندة أو الرفض. لكن هل تعتبر مغادرة الوطن، على غرار محمد الأسود لأسباب تحدث عنها في عدة لقاءات إعلامية، ترجمة لما آل إليه الوضع الفني والموسيقي في تونس؟ أم أن هناك، في النهاية، رغم الصعوبات والمعوقات والعراقيل، بعض نقاط الضوء؟

بطريقة أخرى، هل يمكن الحديث عن مشهد موسيقي وفني ميّز سنة 2024؟

نعم، يُمكن أن نقول ذلك، ولكن إلى حد ما. وترتهن هذه الحدود إلى ما أنتجه مسرح الأوبرا طيلة السنة أو إلى الحركية الموسيقية والفنية التي أضفتها بعض المهرجانات الموسيقية الصيفية الدولية منها والوطنية، وبعض المهرجانات الجهوية، أو بروز بعض الإنتاجات الخاصة لبعض الفنانين.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحركية الموسيقية كانت بوقع وهوية "غزية"، نسبة إلى الأحداث الدامية والإجرامية التي تعيشها غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. فقد تبنّت عدة مهرجانات عناوين وشعارات نصرة للمقاومة ولفلسطين. كما اختار عدد من الفنانين الغناء لأهل القطاع في عروضهم الفنية بالمهرجانات والتعبير عن مساندتهم اللامحدودة واللامشروطة بأغنية أو بأغنيتين.

ولكن لم تسلم بدورها البرمجة التي خصصتها المهرجانات الدولية الصيفية من النقد والانتقاد، وفي مقدمتها مهرجانا قرطاج والحمامات الدوليين، يُضاف إليهما مهرجانات بنزرت وسوسة وصفاقس وقابس، مقابل بروز ونجاح مهرجان دقة الدولي.

ورغم نجاح عدد من العروض على المستوى الفني والجماهيري بكل من قرطاج والحمامات، فإن المشهد الفني والموسيقي بقي تحت وطأة الشدّ والجذب واللوم بسبب إقصاء عدد من الفنانين التونسيين من صعود مسارح هذه المهرجانات العريقة بدعوى أنهم لا يجلبون الجمهور ولا يفضلهم التونسي.

الثابت أن المهرجانات الموسيقية بمختلف تصنيفاتها، وبغض النظر عن برمجتها، تُضفي الكثير من الحركية على المشهد الفني والموسيقي بصفة خاصة، وعلى المشهدين الثقافي والعام بصفة أشمل. ولكن الإشكال أن هذه المهرجانات محددة الفترة والزمن، أي أنها مرتبطة في المخيال التونسي بالمهرجانات الصيفية وأجواء هذا الفصل، مما يبعث على التساؤل: كيف هو المشهد الفني والموسيقي خلال بقية أشهر السنة؟

أولًا، يجب الإشارة إلى أن من بين أهم الأحداث الفنية والموسيقية التي سجلتها سنة 2024 هو إدراج عنصر "فنون العرض لدى طوائف غبنتن" على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية بمنظمة اليونسكو يوم 3 ديسمبر من هذا العام.

ثمّ للإجابة عن التساؤل، فإنّ البرمجة السنوية لمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة، وما تقدمه من إنتاجات خاصة أو مشتركة وعروض فنية، وإن كانت بدورها قليلة، تُعدّ إنجازًا مميزًا بالنظر إلى محدودية الإمكانيات المالية والمادية. وقد أضفت، إلى حدّ ما، حركية فنية بالنظر إلى نخبوية الإنتاجات الموجهة إلى نوعية معينة من الجمهور التونسي.

من أبرز العروض الموسيقية والفنية التي قدّمها المسرح أوبرا "كارمن"، وهي من العروض التي بقيت عالقة في الأذهان ولاقت نجاحًا، إلى جانب الحفل الموسيقي "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، وعرض "الفصول الأربعة"، وغيرها.

أما من جانب إنتاج الأغاني، فإن اللافت هو قلة الإنتاج الفني الزخم، حيث إن العديد من الوجوه الفنية لم يُرَ لها إنتاجات خاصة إلا قليلًا. مثلًا، الفنانة آية دغنوج أعلنت في سبتمبر 2024 عن ألبومها الجديد، وأوجدت لنفسها مكانًا في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة عبر "تيك توك"، من خلال إعادة تقديم أغنيات طربية لكبار المطربين العرب، مما خلق لها قاعدة جماهيرية واسعة.

كما يُحتسب للفنان مرتضى الفتيتي مساعيه للنجاح والتوسع على المستوى العربي، من خلال إنتاج أغنية ديو مع النجم العربي ناصيف زيتون بعنوان "يا سيدي انسى" خلال الصيف الماضي، بالإضافة إلى نجاح حفلاته فنيًا وجماهيريًا.

ولكن في المجمل، لم تسجل الأعمال الفنية الوترية اكتساحًا واسعًا في المشهد الموسيقي سنة 2024.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

2024 الموسيقى..   المهرجانات الصيفية ما زالت تحتكر المشهد.. لكن ماذا عن بقية فصول السنة؟

 

عروض مسرح الأوبرا، رغم نخبويتها وندرتها، تمثل نقاط ضوء تبدد العتمة.

أسماء قليلة برزت هذا العام بإنتاجها الجديد.

تونس – الصباح

طُويت سنة 2024، وللسائل أن يتساءل: ماذا بقي منها في الأذهان على مستوى الإنتاج الفني والموسيقي؟ هل تغيّر الحال؟ هل سجلت أعمال موسيقية حضورًا لافتًا ونجاحًا جماهيريًا غير مسبوق، أو برزت ببصمة مختلفة عما اعتدنا عليه خلال حقبات زمنية طويلة؟ أم بقيت رهينة مدى توفر الإمكانيات المادية والمالية التي بقيت حجر عثرة أمام العديد من الفنانين والموسيقيين والمطربين والمنتجين لتحقيق انطلاقة حقيقية؟

إيمان عبد اللطيف

قد تُلخّص، إلى حدّ ما، تدوينة الموسيقار والملحن محمد الأسود، التي نشرها على صفحته الرسمية، واقع أهل القطاع في تونس. فكتب محمد الأسود: "أنا موش وضعية الفنان برك معادش نحب نحكي عليها في تونس.. الفنّ بكلّه.. أقل ما يمكن أن يقال عن الوضع الفني والثقافي في تونس إنه مبكٍ.. اخرجوا امشيوا جربوا وعيشوا تجارب أخرى.. ما تخافوش.. هنا موش باش يتبدل شي.. حتى كيف ترجع بعد عشرين عام.. نفس التركيبة.. ونفس اللجان ونفس المعاملة المقيتة للفنان.. جربوا عيشوا حلمة أخرى".

تنتهي التدوينة عند هذه الكلمات، لكنها فتحت الباب على مصراعيه للتعليق والنقد والانتقاد والتعبير عن المساندة أو الرفض. لكن هل تعتبر مغادرة الوطن، على غرار محمد الأسود لأسباب تحدث عنها في عدة لقاءات إعلامية، ترجمة لما آل إليه الوضع الفني والموسيقي في تونس؟ أم أن هناك، في النهاية، رغم الصعوبات والمعوقات والعراقيل، بعض نقاط الضوء؟

بطريقة أخرى، هل يمكن الحديث عن مشهد موسيقي وفني ميّز سنة 2024؟

نعم، يُمكن أن نقول ذلك، ولكن إلى حد ما. وترتهن هذه الحدود إلى ما أنتجه مسرح الأوبرا طيلة السنة أو إلى الحركية الموسيقية والفنية التي أضفتها بعض المهرجانات الموسيقية الصيفية الدولية منها والوطنية، وبعض المهرجانات الجهوية، أو بروز بعض الإنتاجات الخاصة لبعض الفنانين.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحركية الموسيقية كانت بوقع وهوية "غزية"، نسبة إلى الأحداث الدامية والإجرامية التي تعيشها غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. فقد تبنّت عدة مهرجانات عناوين وشعارات نصرة للمقاومة ولفلسطين. كما اختار عدد من الفنانين الغناء لأهل القطاع في عروضهم الفنية بالمهرجانات والتعبير عن مساندتهم اللامحدودة واللامشروطة بأغنية أو بأغنيتين.

ولكن لم تسلم بدورها البرمجة التي خصصتها المهرجانات الدولية الصيفية من النقد والانتقاد، وفي مقدمتها مهرجانا قرطاج والحمامات الدوليين، يُضاف إليهما مهرجانات بنزرت وسوسة وصفاقس وقابس، مقابل بروز ونجاح مهرجان دقة الدولي.

ورغم نجاح عدد من العروض على المستوى الفني والجماهيري بكل من قرطاج والحمامات، فإن المشهد الفني والموسيقي بقي تحت وطأة الشدّ والجذب واللوم بسبب إقصاء عدد من الفنانين التونسيين من صعود مسارح هذه المهرجانات العريقة بدعوى أنهم لا يجلبون الجمهور ولا يفضلهم التونسي.

الثابت أن المهرجانات الموسيقية بمختلف تصنيفاتها، وبغض النظر عن برمجتها، تُضفي الكثير من الحركية على المشهد الفني والموسيقي بصفة خاصة، وعلى المشهدين الثقافي والعام بصفة أشمل. ولكن الإشكال أن هذه المهرجانات محددة الفترة والزمن، أي أنها مرتبطة في المخيال التونسي بالمهرجانات الصيفية وأجواء هذا الفصل، مما يبعث على التساؤل: كيف هو المشهد الفني والموسيقي خلال بقية أشهر السنة؟

أولًا، يجب الإشارة إلى أن من بين أهم الأحداث الفنية والموسيقية التي سجلتها سنة 2024 هو إدراج عنصر "فنون العرض لدى طوائف غبنتن" على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية بمنظمة اليونسكو يوم 3 ديسمبر من هذا العام.

ثمّ للإجابة عن التساؤل، فإنّ البرمجة السنوية لمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة، وما تقدمه من إنتاجات خاصة أو مشتركة وعروض فنية، وإن كانت بدورها قليلة، تُعدّ إنجازًا مميزًا بالنظر إلى محدودية الإمكانيات المالية والمادية. وقد أضفت، إلى حدّ ما، حركية فنية بالنظر إلى نخبوية الإنتاجات الموجهة إلى نوعية معينة من الجمهور التونسي.

من أبرز العروض الموسيقية والفنية التي قدّمها المسرح أوبرا "كارمن"، وهي من العروض التي بقيت عالقة في الأذهان ولاقت نجاحًا، إلى جانب الحفل الموسيقي "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، وعرض "الفصول الأربعة"، وغيرها.

أما من جانب إنتاج الأغاني، فإن اللافت هو قلة الإنتاج الفني الزخم، حيث إن العديد من الوجوه الفنية لم يُرَ لها إنتاجات خاصة إلا قليلًا. مثلًا، الفنانة آية دغنوج أعلنت في سبتمبر 2024 عن ألبومها الجديد، وأوجدت لنفسها مكانًا في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة عبر "تيك توك"، من خلال إعادة تقديم أغنيات طربية لكبار المطربين العرب، مما خلق لها قاعدة جماهيرية واسعة.

كما يُحتسب للفنان مرتضى الفتيتي مساعيه للنجاح والتوسع على المستوى العربي، من خلال إنتاج أغنية ديو مع النجم العربي ناصيف زيتون بعنوان "يا سيدي انسى" خلال الصيف الماضي، بالإضافة إلى نجاح حفلاته فنيًا وجماهيريًا.

ولكن في المجمل، لم تسجل الأعمال الفنية الوترية اكتساحًا واسعًا في المشهد الموسيقي سنة 2024.