توفي الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الحائز على جائزة نوبل للسلام، عن عمر يناهز 100 عام بعد ظهر الأحد 29 ديسمبر. وأعلن مركز كارتر في بيان إن رئيس الولايات المتحدة بين 1977 و1981 توفي "بسلام" في منزله في بلاينز بولاية جورجيا "محاطا بأفراد عائلته".
وفي رثائه، قال ابنه تشيب كارتر: "كان والدي بطلاً، ليس فقط بالنسبة لي، بل لكل من يؤمن بالسلام وحقوق الإنسان والحب غير المشروط".
سفيان رجب
وعلى الرغم من مرور 43 عاما على انتهاء فترة رئاسته وخروجه من البيت الأبيض، ظل اسم جيمي كارتر، الرئيس الأمريكي التاسع والثلاثين، يُذكر بكل احترام وإعجاب، ليس فقط كقائد سياسي، بل كرمز للسلام والإنسانية. لقد ترك كارتر بصمة خالدة في تاريخ الولايات المتحدة والعالم، وذلك من خلال جهوده الدؤوبة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ومساهماته الإنسانية الواسعة عبر مؤسسته "مركز كارتر".
مهندس السلام في الشرق الأوسط
تُعد اتفاقية كامب ديفيد، التي أبرمت عام 1978 بين مصر وإسرائيل، واحدة من أبرز إنجازات جيمي كارتر خلال فترة رئاسته (1977-1981). واعتبرت الاتفاقية كخطوة تاريخية أنهت عقودًا من العداء والحروب بين البلدين، وأسفرت عن أول معاهدة سلام بين إسرائيل ودولة عربية. واستطاع كارتر جمع الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن على طاولة المفاوضات، حيث لعب دور الوسيط الحازم والمرن في آنٍ واحد.
وعلى الرغم من الصعوبات والتحديات التي واجهها، تمكن كارتر من كسب ثقة الطرفين وإيجاد صيغة توافقية أكدت على أهمية الحوار والتفاهم في حل النزاعات.
ورغم الانتقادات التي تعرضت لها الاتفاقية من بعض الأطراف، إلا أنها أسست لمرحلة جديدة من العلاقات في الشرق الأوسط وأظهرت إمكانية تحقيق السلام.
سياسة خارجية قائمة على القيم الأخلاقية
اتسمت سياسة كارتر الخارجية بالتركيز على حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء العالم. فقد دافع عن إقامة علاقات دولية قائمة على القيم الأخلاقية بدلاً من المصالح السياسية فقط. من بين إنجازاته البارزة في هذا المجال توقيع معاهدات قناة بنما عام 1977، التي أعادت السيادة على القناة إلى بنما، مما ساهم في تحسين صورة الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية. كما دعم كارتر تقليص الأسلحة النووية من خلال توقيع اتفاقية "سولت 2" مع الاتحاد السوفيتي، على الرغم من التوترات المتزايدة في الحرب الباردة.
أزمة الرهائن مع إيران
وكانت أزمة الرهائن في إيران واحدة من أكبر التحديات التي واجهها كارتر خلال فترة رئاسته. بدأت الأزمة في نوفمبر 1979، عندما اقتحم طلاب إيرانيون السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 دبلوماسيًا وموظفًا كرهائن، احتجاجًا على دعم الولايات المتحدة للشاه المخلوع. وتعامل كارتر مع الأزمة بحذر، حيث رفض اللجوء إلى الحلول العسكرية الشاملة حفاظًا على أرواح الرهائن، لكنه أمر بمحاولة إنقاذ عسكرية في عملية "مخلب النسر" عام 1980. فشلت العملية بسبب مشاكل فنية وميدانية، مما زاد من تعقيد الوضع وأثر على شعبيته السياسية. في نهاية المطاف، تم إطلاق سراح الرهائن في يوم تنصيب خليفته رونالد ريغان، مما شكل نقطة سوداء في إرثه الرئاسي رغم جهوده الدؤوبة لحل الأزمة بسلام.
إرث إنساني خالد
بعد مغادرته البيت الأبيض، لم يتقاعد كارتر عن العمل العام. على العكس، كرسّ حياته للنشاط الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان. أسّس عام 1982 "مؤسسة كارتر"، التي أصبحت واحدة من أبرز المنظمات الدولية غير الحكومية التي تعمل على تعزيز الديمقراطية، مكافحة الأمراض، وتقليل الفقر حول العالم.
ركزت المؤسسة على مجالات حيوية، مثل مراقبة الانتخابات لضمان نزاهتها في أكثر من 80 دولة، ومكافحة الأمراض المدارية المهملة مثل مرض العمى النهري وداء التنينات، مما أسهم في تحسين حياة ملايين الأشخاص. كما لعب كارتر شخصيًا دورًا رئيسيًا في حل النزاعات الدولية، حيث قام بوساطات ناجحة في العديد من الأزمات حول العالم.
تواضع وإنسانية
بعيدًا عن السياسة، عُرف كارتر بتواضعه وحياته البسيطة. فهو الرئيس الذي عاد بعد انتهاء ولايته إلى منزله المتواضع في بلدة بلينز بولاية جورجيا، حيث استمر في التدريس بمدرسة الأحد في الكنيسة المحلية. كانت حياته تمثل نموذجًا للإخلاص للمبادئ والقيم، مما جعله يحظى بحب واحترام الملايين.
واليوم بعد وفاته عن عمر يناهز 100 عام، يظل جيمي كارتر رمزًا للقيادة الأخلاقية والمسؤولية العالمية. سواء من خلال جهوده في إحلال السلام في الشرق الأوسط أو أعماله الإنسانية التي امتدت عبر العقود، فقد جسد كارتر القيم النبيلة التي ترفع من شأن الإنسانية. والمؤكد أن إرثه سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة، ودليلاً على أن القيادة الحقيقية تكمن في خدمة الآخرين وصنع عالم أفضل.
تونس-الصباح
توفي الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الحائز على جائزة نوبل للسلام، عن عمر يناهز 100 عام بعد ظهر الأحد 29 ديسمبر. وأعلن مركز كارتر في بيان إن رئيس الولايات المتحدة بين 1977 و1981 توفي "بسلام" في منزله في بلاينز بولاية جورجيا "محاطا بأفراد عائلته".
وفي رثائه، قال ابنه تشيب كارتر: "كان والدي بطلاً، ليس فقط بالنسبة لي، بل لكل من يؤمن بالسلام وحقوق الإنسان والحب غير المشروط".
سفيان رجب
وعلى الرغم من مرور 43 عاما على انتهاء فترة رئاسته وخروجه من البيت الأبيض، ظل اسم جيمي كارتر، الرئيس الأمريكي التاسع والثلاثين، يُذكر بكل احترام وإعجاب، ليس فقط كقائد سياسي، بل كرمز للسلام والإنسانية. لقد ترك كارتر بصمة خالدة في تاريخ الولايات المتحدة والعالم، وذلك من خلال جهوده الدؤوبة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ومساهماته الإنسانية الواسعة عبر مؤسسته "مركز كارتر".
مهندس السلام في الشرق الأوسط
تُعد اتفاقية كامب ديفيد، التي أبرمت عام 1978 بين مصر وإسرائيل، واحدة من أبرز إنجازات جيمي كارتر خلال فترة رئاسته (1977-1981). واعتبرت الاتفاقية كخطوة تاريخية أنهت عقودًا من العداء والحروب بين البلدين، وأسفرت عن أول معاهدة سلام بين إسرائيل ودولة عربية. واستطاع كارتر جمع الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن على طاولة المفاوضات، حيث لعب دور الوسيط الحازم والمرن في آنٍ واحد.
وعلى الرغم من الصعوبات والتحديات التي واجهها، تمكن كارتر من كسب ثقة الطرفين وإيجاد صيغة توافقية أكدت على أهمية الحوار والتفاهم في حل النزاعات.
ورغم الانتقادات التي تعرضت لها الاتفاقية من بعض الأطراف، إلا أنها أسست لمرحلة جديدة من العلاقات في الشرق الأوسط وأظهرت إمكانية تحقيق السلام.
سياسة خارجية قائمة على القيم الأخلاقية
اتسمت سياسة كارتر الخارجية بالتركيز على حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء العالم. فقد دافع عن إقامة علاقات دولية قائمة على القيم الأخلاقية بدلاً من المصالح السياسية فقط. من بين إنجازاته البارزة في هذا المجال توقيع معاهدات قناة بنما عام 1977، التي أعادت السيادة على القناة إلى بنما، مما ساهم في تحسين صورة الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية. كما دعم كارتر تقليص الأسلحة النووية من خلال توقيع اتفاقية "سولت 2" مع الاتحاد السوفيتي، على الرغم من التوترات المتزايدة في الحرب الباردة.
أزمة الرهائن مع إيران
وكانت أزمة الرهائن في إيران واحدة من أكبر التحديات التي واجهها كارتر خلال فترة رئاسته. بدأت الأزمة في نوفمبر 1979، عندما اقتحم طلاب إيرانيون السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 دبلوماسيًا وموظفًا كرهائن، احتجاجًا على دعم الولايات المتحدة للشاه المخلوع. وتعامل كارتر مع الأزمة بحذر، حيث رفض اللجوء إلى الحلول العسكرية الشاملة حفاظًا على أرواح الرهائن، لكنه أمر بمحاولة إنقاذ عسكرية في عملية "مخلب النسر" عام 1980. فشلت العملية بسبب مشاكل فنية وميدانية، مما زاد من تعقيد الوضع وأثر على شعبيته السياسية. في نهاية المطاف، تم إطلاق سراح الرهائن في يوم تنصيب خليفته رونالد ريغان، مما شكل نقطة سوداء في إرثه الرئاسي رغم جهوده الدؤوبة لحل الأزمة بسلام.
إرث إنساني خالد
بعد مغادرته البيت الأبيض، لم يتقاعد كارتر عن العمل العام. على العكس، كرسّ حياته للنشاط الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان. أسّس عام 1982 "مؤسسة كارتر"، التي أصبحت واحدة من أبرز المنظمات الدولية غير الحكومية التي تعمل على تعزيز الديمقراطية، مكافحة الأمراض، وتقليل الفقر حول العالم.
ركزت المؤسسة على مجالات حيوية، مثل مراقبة الانتخابات لضمان نزاهتها في أكثر من 80 دولة، ومكافحة الأمراض المدارية المهملة مثل مرض العمى النهري وداء التنينات، مما أسهم في تحسين حياة ملايين الأشخاص. كما لعب كارتر شخصيًا دورًا رئيسيًا في حل النزاعات الدولية، حيث قام بوساطات ناجحة في العديد من الأزمات حول العالم.
تواضع وإنسانية
بعيدًا عن السياسة، عُرف كارتر بتواضعه وحياته البسيطة. فهو الرئيس الذي عاد بعد انتهاء ولايته إلى منزله المتواضع في بلدة بلينز بولاية جورجيا، حيث استمر في التدريس بمدرسة الأحد في الكنيسة المحلية. كانت حياته تمثل نموذجًا للإخلاص للمبادئ والقيم، مما جعله يحظى بحب واحترام الملايين.
واليوم بعد وفاته عن عمر يناهز 100 عام، يظل جيمي كارتر رمزًا للقيادة الأخلاقية والمسؤولية العالمية. سواء من خلال جهوده في إحلال السلام في الشرق الأوسط أو أعماله الإنسانية التي امتدت عبر العقود، فقد جسد كارتر القيم النبيلة التي ترفع من شأن الإنسانية. والمؤكد أن إرثه سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة، ودليلاً على أن القيادة الحقيقية تكمن في خدمة الآخرين وصنع عالم أفضل.