إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صيت وإنجازات أبهرت العالم.. سفراء تونس في العلم والمعرفة.. ثروة وطنية تحتاج مزيدا من التثمين

تونس-الصباح

فلتات علمية ومعرفية أثبتت نفسها أمام كل العالم وجعلته ينشغل بتفوّقها وتميّزها، أطبقت انجازاتها الآفاق وفرضت تكريمها من أهم مراكز البحث والأكاديميات الراعية للعلوم والتميّز، بعضها خلص الى نتائج علمية غير مسبوقة وتاريخية وكتب اسمه في سجّل كبار العلماء والباحثين والمخترعين، والبعض يسير بخطى واثقة على درب التميّز العالمي.. هم تونسيون الأصول أو المنشأ ولم ينكروا أبدا تونسيتهم، وبقيت تشدّهم الى هذه الأرض الجذور والانتماء، رغم أن أغلبهم رعتهم دول غربية، حتى يستكملوا أبحاثهم ومسارهم العلمي أو الأكاديمي ولكن الرأي العام التونسي يكتشفهم دائما بشكل متأخّر وعندما تحدث انجازاتهم ضجيجا عالميا لافتا !

تلك النوابغ التونسية تمثّل ثروة علمية ومعرفية، لم نحسن الى اليوم استغلالها ولم نستفد كما يجب من علمها وإشعاعها الذي ينعكس تلقائيا على إشعاع تونس وحضورها الدولي، كما يثبت وجود تلك النوابغ قدرة العقل التونسي على الإبداع والتحليق عاليا في سماء الانجازات الإنسانية في ميدان دقيق هو ميدان العلم والبحث والاختراعات، خاصّة وأن الأرضية موجودة بوجود العنصر البشري، وتلك الطاقات الفكرية، ولكن ما ينقص هو الاعتمادات المخصّصة للبحث العلمي، والتي مازالت دون المطلوب، رغم أن تونس من الدول الإفريقية القليلة التي تملك بحثا علميا مهيكلا ومعترفا به على مستوى الدولة، وتخصّص له اعتمادات سنوية، لكن الإنفاق على البحث العلمي في تونس لا يتجاوز نسبة 0.7 بالمائة، وهو ما يجعلها في مرتبة مهمة عربيا، حيث تحتل المرتبة الثالثة بعد الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، ولكن ذلك لا ينفي وجود طاقات لا يمكن أن تستوعبها كل الاعتمادات المرصودة، حيث تشير مؤشرات المنظمة الدولية للملكية الفكرية أن تونس ومن بين 132 دولة تحتل المرتبة الخامسة في ما يخصّ نسبة خريجي الهندسة والعلوم وفي المقابل فإنها تحتل المرتبة 42 في نسبة الإنفاق على البحث العلمي ..

وقد يجد تدّني نسب الإنفاق تبريراته في الوضع الاقتصادي السيئ للبلاد، حيث يتطلّب البحث العلمي إمكانيات مادية ضخمة، ويتطلّب مخابر مجهّزة بشكل متطوّر، الى جانب أن الاستثمار في هذا الميدان سيكون أشبه بالمجازفة، فليس دائما تتحقق النتائج المطلوبة غير أن تحقق تلك النتائج يكون وقعه كبيرا ويُحدث ضجّة على مستوى العالم ..

لكن ضعف نسب الإنفاق لم يعق البعض عن إثبات تميّزهم خاصة أولئك الباحثون المتميزون الذين رفضوا المغادرة وأصروا رغم كل الظروف على البقاء والمساهمة من موقعهم في تطوّر البلاد معرفيا وعلميا ..

تونسي.. يلامس الشمس !

خلال الأيام القليلة الماضية ضجّت الأوساط العلمية وخاصة تلك المهتمة بعلم الفضاء بما أنجزه المسبار "باركر سولار" التابع لوكالة "ناسا" لعلوم الفضاء الأمريكية، حيث نجح المسبار في إنجاز مهمته والاقتراب من الشمس في مهمة تاريخية وغير مسبوقة يقودها البشر لاكتشاف ذلك النجم الهائل والغامض الذي تدور حوله أشكال كثيرة من الحياة على كوكب الأرض ..

خلف هذه المهمة لاستكشاف أسرار جديدة عن الشمس ودراسة العواصف الشمسية وتأثيرها على العالم يقف عالم الفيزياء الفلكية التونسي نور الدين الروافي أصيل منطقة أفران بمعتمدية فوسانة من ولاية القصرين، وابن التعليم العمومي ومدرسة المهندسين، أصبح اليوم اسمه، بعد نجاح مهمة المسبار "باركر"، معروفا عالميا وهو الذين طالما ركّز في أبحاثه على أهمية الشمس باعتبارها المصدر الأساسي للحياة على الأرض، حيث يقول "لولا الشمس، لما كانت هناك حياة على الأرض.. نحن مدينون بوجودنا للشمس". وكانت مهمة "باركر سولار بروب" (Parker Solar Probe) التابعة "لناسا" قد حصلت منذ سنوات قليلة على جائزة الأكاديمية الدولية للملاحة الفضائية (IAA) تقديرا لجهود الفريق المشرف على إنشاء وتشغيل أول مسبار "يلامس الشمس". ويرى المختصون أن هذه المهمة تتجه لإحداث ثورة حقيقية في معرفتنا للشمس، بالنظر إلى حجم الاكتشافات التي قامت بها إلى حد الآن..

نوبل للكمياء.. هناك بصمة تونسية!

في خانة الحاصلين على أشهر جائزة تُمنح للمتميزين في كل المعارف وضع منجي الباوندي اسم تونس..

منجي الباوندي عالم الكيمياء والباحث الأمريكي من أصول تونسية لم ينكر أبدا تونسيته رغم ولادته في العاصمة الفرنسية باريس، ولكن والده عالم الرياضيات محمد صالح الباندوي ظلّ تونسيا وهو الذي درّس في كلية العلوم بجامعة المنار، نفس الجامعة التي عاد منجي الباوندي ليكرّم فيها بعد حصوله على جائزة نوبل.. ومنذ سنوات تتصدّر أبحاث منجي الباوندي المؤتمرات الدولية وصفحات المجلات العلمية العالمية المختصة في مجال النانو كيمياء واستخداماتها في المجالات الطبية، ليفوز بعد ذلك في نوفمبر 2023 بجائزة نوبل في الكيمياء بعد مسيرة علمية زاخرة بالاكتشافات العلمية في المجال الكيميائي والكيمياء النانوية، التي تعدّ من العلوم الحديثة المهتمة بخصائص الذرات والجزيئات في المواد.

تونسي شارك في إصلاح مرآة مرصد "هابل" الفضائي..

من أكثر العلماء التونسيين المعروفين محليا نجد محمد الأوسط العياري، الذي يشغل اليوم منصب كبير المستشارين بوكالة الفضاء الأمريكية -ناسا وهو مهندس ومخترع تونسي من مواليد منطقة حمام الأنف نهاية الخمسينات ووالده هو الشيخ عثمان العياري أصيل والذي يعتبر أحد أهم أساتذة كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الزيتونة وقد تلقى محمد الأوسط تعليمه العالي في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس وتحصّل على دبلوم الهندسة المدنية، ثم اتجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتعمق في البحث.. اشتغل في أطروحة الدكتوراه على تشقق المواد العضوية والهندسية عبر متابعة أثر الثقل المسلط عليها. ومن أهم الانجازات العلمية التي بقيت في سجّلات محمد الأوسط العياري مساهمته في إصلاح المرآة العاكسة لمنظار هابل العملاق، وهو ما مهّد له الطريق للهندسة الفضائية. وفي سنة 2008 قدم محمد الأوسط العياري في مدينة القيروان فكرة مشروع لاختراع يتمثل في منظار إلكتروني متطور لرصد الأشهر القمرية. وقد أطلق عليه اسم الشاهد وهو عبارة عن منظومة متكاملة من المراصد تسهل متابعة تحركات الهلال عند غروب الشمس لتحديد موقعه ثم إرسال إشارات إلى مركز المراقبة لتأكيد ثبوت رؤية الهلال سواء بالنسبة لبدء شهر رمضان أو بقية الأشهر القمرية .

التربّع على عرش إفريقيا في الرياضيات

منذ أشهر أسندت أكاديمية العالم للعلوم، جائزة أحسن باحث في الرياضيات في إفريقيا والعالم العربي لسنة 2024، للبروفسور إحسان اليانقي ليكون من بين علماء الرياضيات المتميزين في العالم. والبروفيسور إحسان اليانقي باحث ومدرّس الرياضيات بكلية العلوم بصفاقس مختص في الجبر التبادلي البنّاء بمعنى الجبر باستعمال الخوارزميات، وذلك للتحول من النظري إلى التطبيقي. وحصل اليانقي في 2004 على جائزة أحسن باحث شاب في الرياضيات في إفريقيا، أسندها له الإتحاد الإفريقي للرياضيات ومن أكاديمية العالم للعلوم، كما حصل على جائزة أحسن باحث في الرياضيات في العالم الإسلامي سنة 2014، مسندة من المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم وبذلك ارتقى البوسفور إحسان اليانقي إلى كوكبة الباحثين المدرّسين بالجامعة التونسية الأكثر تتويجا على المستوى الدولي ..

شباب تونسي يلفت أنظار "ناسا" الأمريكية

نجح الباحث الشاب التونسي أشرف الذهبي في الانضمام لفريق الباحثين في مجال الكواكب خارج المجموعة الشمسية بمركز Goddard لرحلات الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا في إطار برنامج دعم الباحثين المتميزين حديثي التخرّج. وتخرّج الذهبي من كلية وليامز بمقاطعة "ماساتشوستس" بالولايات المتحدة اختصاص الفيزياء الفلكية والرياضيات .

ومنذ سنوات التحق الشاب التونسي زياد التايب بركب العلماء العرب الذين جذبوا اهتمام وكالة الفضاء الأمريكية- ناسا بعد اختيار مشروعه المتعلّق بابتكار منظومة لرجل آلي يتمتع بقدرة ذاتية على تطوير إدراكه لمحيطه، مما يجعله الأقرب للذكاء البيولوجي للإنسان ليكون بذلك ضمن فريق لرواد الفضاء مستقبلا.

ويرتكز مشروع زياد التايب على محور منظومة الذكاء الاصطناعي التي يعمل على تطويرها والتي ستمكن ناسا من إرسال روبوت إلى الفضاء ثم التواصل معه بطريقة شبيهة بالإنسان..

حياة العمري.. تونسية تصنع نجاحات باهرة !

تدخل إنجازات الباحثة التونسية في مجال الكيمياء التطبيقية وتتمثل في إيجاد طرق مختلفة لتثمين مادة الفوسفوجيبس وهي النفايات التي تنتج بعد تحويل الفوسفات الطبيعي لإنتاج الحامض الفوسفوري وتمثل معضلة بيئية كبيرة في تونس خاصة. وقد حصلت العمري على خمس براءات اختراع في هذا المجال وحياة عمري حاصـلة على شهادة الدكتوراه في الكيمياء التطبيقية والماجستير في الكيمياء الصناعية وأيضـا شـهادة مهندس وطني في الكيمياء الصناعية إضافة إلى شهادة محكم دولي في عقود الاستثمار والتجارة الدولية وهي باحثة جامعية، عضو بمؤسسة العدل الدولية للدراسات القضائية والدبلوماسية، وعضو بلجنة المهندسات العرب وبأمانة الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، ولديها العديد من المنشورات العلمية الدولية و6 براءات اختراع وأكثر من 100 محاضرة علمية الدولية. كما أحرزت العمري جوائز وطنية أهمها وسام الجمهورية التونسية بمناسبة عيد المرأة في 2015، والجائزة الرئاسية والسنبلة الذهبية للعلوم أفريل 2013 كما تم اختيارها أيضـا لسنتين متتاليتين 2016 و2017 ضمن المائة امرأة عربية الأكثر نفوذا وتأثيرا في العالم العربي.

باحثون يرفضون المغادرة ..

رغم الصيت الدولي الذي قد يناله الباحث عند هجرته الى الدول الغربية التي توفّر ظروفا مثالية للبحث والتطوير التجارب العلمية والبحثية، إلا أن بعض الباحثين رفضوا المغادرة أو قسّموا وقتهم بين الدول التي توفّر لهم إمكانيات للبحث وبين تونس وجامعاتها، وأكبر مثال على ذلك، الباحثة زهرة بن لخضر العكروت، المولودة بجزيرة قرقنة والتي لعبت دورا مهما في إنشاء أول مختبر إفريقي للتحليل الطيفي الجزيّئي وقد حصلت زهرة لخضر على شهادة الدكتوراه من جامعة"بيير وماري كوري"بفرنسا ولكن رغم ذلك رفضت لاحقا عروضا مغرية للعمل في أوروبا وعادت الى تونس للمساهمة في بناء أجيال جديدة من الكفاءات العلمية ثم انصرفت بعد ذلك الى البحث النظري ونشر أبحاثها في أكبر المجلات العلمية الموثوقة، وكذلك فعلت حبيبة الشعبوني التي تعتبر رائدة في مجال حماية التونسيين من الأمراض الوراثية من خلال اهتمامها بحالات الأمراض الوراثية في الأسر التي تكثر في حالات زواج الأقارب .

والى جانب هؤلاء نجد باحثين كبار في الجامعات والمخابر الوطنية ينشرون أبحاثهم في أهم وأشهر الجامعات العلمية ويقدّمون محاضرات في شتّى الميادين وفي كل دول العالم وبعضهم قام بانجازات علمية مهمة في تونس خاصة في مجال الطبّ الذي شهد في السنوات الأخيرة طفرة لافتة بانجاز عمليات دقيقة وحساسة في سبق طبي عربي أو إفريقي وحتى عالمي .

منية العرفاوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صيت وإنجازات أبهرت العالم..   سفراء تونس في العلم والمعرفة.. ثروة وطنية تحتاج مزيدا من التثمين

تونس-الصباح

فلتات علمية ومعرفية أثبتت نفسها أمام كل العالم وجعلته ينشغل بتفوّقها وتميّزها، أطبقت انجازاتها الآفاق وفرضت تكريمها من أهم مراكز البحث والأكاديميات الراعية للعلوم والتميّز، بعضها خلص الى نتائج علمية غير مسبوقة وتاريخية وكتب اسمه في سجّل كبار العلماء والباحثين والمخترعين، والبعض يسير بخطى واثقة على درب التميّز العالمي.. هم تونسيون الأصول أو المنشأ ولم ينكروا أبدا تونسيتهم، وبقيت تشدّهم الى هذه الأرض الجذور والانتماء، رغم أن أغلبهم رعتهم دول غربية، حتى يستكملوا أبحاثهم ومسارهم العلمي أو الأكاديمي ولكن الرأي العام التونسي يكتشفهم دائما بشكل متأخّر وعندما تحدث انجازاتهم ضجيجا عالميا لافتا !

تلك النوابغ التونسية تمثّل ثروة علمية ومعرفية، لم نحسن الى اليوم استغلالها ولم نستفد كما يجب من علمها وإشعاعها الذي ينعكس تلقائيا على إشعاع تونس وحضورها الدولي، كما يثبت وجود تلك النوابغ قدرة العقل التونسي على الإبداع والتحليق عاليا في سماء الانجازات الإنسانية في ميدان دقيق هو ميدان العلم والبحث والاختراعات، خاصّة وأن الأرضية موجودة بوجود العنصر البشري، وتلك الطاقات الفكرية، ولكن ما ينقص هو الاعتمادات المخصّصة للبحث العلمي، والتي مازالت دون المطلوب، رغم أن تونس من الدول الإفريقية القليلة التي تملك بحثا علميا مهيكلا ومعترفا به على مستوى الدولة، وتخصّص له اعتمادات سنوية، لكن الإنفاق على البحث العلمي في تونس لا يتجاوز نسبة 0.7 بالمائة، وهو ما يجعلها في مرتبة مهمة عربيا، حيث تحتل المرتبة الثالثة بعد الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، ولكن ذلك لا ينفي وجود طاقات لا يمكن أن تستوعبها كل الاعتمادات المرصودة، حيث تشير مؤشرات المنظمة الدولية للملكية الفكرية أن تونس ومن بين 132 دولة تحتل المرتبة الخامسة في ما يخصّ نسبة خريجي الهندسة والعلوم وفي المقابل فإنها تحتل المرتبة 42 في نسبة الإنفاق على البحث العلمي ..

وقد يجد تدّني نسب الإنفاق تبريراته في الوضع الاقتصادي السيئ للبلاد، حيث يتطلّب البحث العلمي إمكانيات مادية ضخمة، ويتطلّب مخابر مجهّزة بشكل متطوّر، الى جانب أن الاستثمار في هذا الميدان سيكون أشبه بالمجازفة، فليس دائما تتحقق النتائج المطلوبة غير أن تحقق تلك النتائج يكون وقعه كبيرا ويُحدث ضجّة على مستوى العالم ..

لكن ضعف نسب الإنفاق لم يعق البعض عن إثبات تميّزهم خاصة أولئك الباحثون المتميزون الذين رفضوا المغادرة وأصروا رغم كل الظروف على البقاء والمساهمة من موقعهم في تطوّر البلاد معرفيا وعلميا ..

تونسي.. يلامس الشمس !

خلال الأيام القليلة الماضية ضجّت الأوساط العلمية وخاصة تلك المهتمة بعلم الفضاء بما أنجزه المسبار "باركر سولار" التابع لوكالة "ناسا" لعلوم الفضاء الأمريكية، حيث نجح المسبار في إنجاز مهمته والاقتراب من الشمس في مهمة تاريخية وغير مسبوقة يقودها البشر لاكتشاف ذلك النجم الهائل والغامض الذي تدور حوله أشكال كثيرة من الحياة على كوكب الأرض ..

خلف هذه المهمة لاستكشاف أسرار جديدة عن الشمس ودراسة العواصف الشمسية وتأثيرها على العالم يقف عالم الفيزياء الفلكية التونسي نور الدين الروافي أصيل منطقة أفران بمعتمدية فوسانة من ولاية القصرين، وابن التعليم العمومي ومدرسة المهندسين، أصبح اليوم اسمه، بعد نجاح مهمة المسبار "باركر"، معروفا عالميا وهو الذين طالما ركّز في أبحاثه على أهمية الشمس باعتبارها المصدر الأساسي للحياة على الأرض، حيث يقول "لولا الشمس، لما كانت هناك حياة على الأرض.. نحن مدينون بوجودنا للشمس". وكانت مهمة "باركر سولار بروب" (Parker Solar Probe) التابعة "لناسا" قد حصلت منذ سنوات قليلة على جائزة الأكاديمية الدولية للملاحة الفضائية (IAA) تقديرا لجهود الفريق المشرف على إنشاء وتشغيل أول مسبار "يلامس الشمس". ويرى المختصون أن هذه المهمة تتجه لإحداث ثورة حقيقية في معرفتنا للشمس، بالنظر إلى حجم الاكتشافات التي قامت بها إلى حد الآن..

نوبل للكمياء.. هناك بصمة تونسية!

في خانة الحاصلين على أشهر جائزة تُمنح للمتميزين في كل المعارف وضع منجي الباوندي اسم تونس..

منجي الباوندي عالم الكيمياء والباحث الأمريكي من أصول تونسية لم ينكر أبدا تونسيته رغم ولادته في العاصمة الفرنسية باريس، ولكن والده عالم الرياضيات محمد صالح الباندوي ظلّ تونسيا وهو الذي درّس في كلية العلوم بجامعة المنار، نفس الجامعة التي عاد منجي الباوندي ليكرّم فيها بعد حصوله على جائزة نوبل.. ومنذ سنوات تتصدّر أبحاث منجي الباوندي المؤتمرات الدولية وصفحات المجلات العلمية العالمية المختصة في مجال النانو كيمياء واستخداماتها في المجالات الطبية، ليفوز بعد ذلك في نوفمبر 2023 بجائزة نوبل في الكيمياء بعد مسيرة علمية زاخرة بالاكتشافات العلمية في المجال الكيميائي والكيمياء النانوية، التي تعدّ من العلوم الحديثة المهتمة بخصائص الذرات والجزيئات في المواد.

تونسي شارك في إصلاح مرآة مرصد "هابل" الفضائي..

من أكثر العلماء التونسيين المعروفين محليا نجد محمد الأوسط العياري، الذي يشغل اليوم منصب كبير المستشارين بوكالة الفضاء الأمريكية -ناسا وهو مهندس ومخترع تونسي من مواليد منطقة حمام الأنف نهاية الخمسينات ووالده هو الشيخ عثمان العياري أصيل والذي يعتبر أحد أهم أساتذة كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الزيتونة وقد تلقى محمد الأوسط تعليمه العالي في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس وتحصّل على دبلوم الهندسة المدنية، ثم اتجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتعمق في البحث.. اشتغل في أطروحة الدكتوراه على تشقق المواد العضوية والهندسية عبر متابعة أثر الثقل المسلط عليها. ومن أهم الانجازات العلمية التي بقيت في سجّلات محمد الأوسط العياري مساهمته في إصلاح المرآة العاكسة لمنظار هابل العملاق، وهو ما مهّد له الطريق للهندسة الفضائية. وفي سنة 2008 قدم محمد الأوسط العياري في مدينة القيروان فكرة مشروع لاختراع يتمثل في منظار إلكتروني متطور لرصد الأشهر القمرية. وقد أطلق عليه اسم الشاهد وهو عبارة عن منظومة متكاملة من المراصد تسهل متابعة تحركات الهلال عند غروب الشمس لتحديد موقعه ثم إرسال إشارات إلى مركز المراقبة لتأكيد ثبوت رؤية الهلال سواء بالنسبة لبدء شهر رمضان أو بقية الأشهر القمرية .

التربّع على عرش إفريقيا في الرياضيات

منذ أشهر أسندت أكاديمية العالم للعلوم، جائزة أحسن باحث في الرياضيات في إفريقيا والعالم العربي لسنة 2024، للبروفسور إحسان اليانقي ليكون من بين علماء الرياضيات المتميزين في العالم. والبروفيسور إحسان اليانقي باحث ومدرّس الرياضيات بكلية العلوم بصفاقس مختص في الجبر التبادلي البنّاء بمعنى الجبر باستعمال الخوارزميات، وذلك للتحول من النظري إلى التطبيقي. وحصل اليانقي في 2004 على جائزة أحسن باحث شاب في الرياضيات في إفريقيا، أسندها له الإتحاد الإفريقي للرياضيات ومن أكاديمية العالم للعلوم، كما حصل على جائزة أحسن باحث في الرياضيات في العالم الإسلامي سنة 2014، مسندة من المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم وبذلك ارتقى البوسفور إحسان اليانقي إلى كوكبة الباحثين المدرّسين بالجامعة التونسية الأكثر تتويجا على المستوى الدولي ..

شباب تونسي يلفت أنظار "ناسا" الأمريكية

نجح الباحث الشاب التونسي أشرف الذهبي في الانضمام لفريق الباحثين في مجال الكواكب خارج المجموعة الشمسية بمركز Goddard لرحلات الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا في إطار برنامج دعم الباحثين المتميزين حديثي التخرّج. وتخرّج الذهبي من كلية وليامز بمقاطعة "ماساتشوستس" بالولايات المتحدة اختصاص الفيزياء الفلكية والرياضيات .

ومنذ سنوات التحق الشاب التونسي زياد التايب بركب العلماء العرب الذين جذبوا اهتمام وكالة الفضاء الأمريكية- ناسا بعد اختيار مشروعه المتعلّق بابتكار منظومة لرجل آلي يتمتع بقدرة ذاتية على تطوير إدراكه لمحيطه، مما يجعله الأقرب للذكاء البيولوجي للإنسان ليكون بذلك ضمن فريق لرواد الفضاء مستقبلا.

ويرتكز مشروع زياد التايب على محور منظومة الذكاء الاصطناعي التي يعمل على تطويرها والتي ستمكن ناسا من إرسال روبوت إلى الفضاء ثم التواصل معه بطريقة شبيهة بالإنسان..

حياة العمري.. تونسية تصنع نجاحات باهرة !

تدخل إنجازات الباحثة التونسية في مجال الكيمياء التطبيقية وتتمثل في إيجاد طرق مختلفة لتثمين مادة الفوسفوجيبس وهي النفايات التي تنتج بعد تحويل الفوسفات الطبيعي لإنتاج الحامض الفوسفوري وتمثل معضلة بيئية كبيرة في تونس خاصة. وقد حصلت العمري على خمس براءات اختراع في هذا المجال وحياة عمري حاصـلة على شهادة الدكتوراه في الكيمياء التطبيقية والماجستير في الكيمياء الصناعية وأيضـا شـهادة مهندس وطني في الكيمياء الصناعية إضافة إلى شهادة محكم دولي في عقود الاستثمار والتجارة الدولية وهي باحثة جامعية، عضو بمؤسسة العدل الدولية للدراسات القضائية والدبلوماسية، وعضو بلجنة المهندسات العرب وبأمانة الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، ولديها العديد من المنشورات العلمية الدولية و6 براءات اختراع وأكثر من 100 محاضرة علمية الدولية. كما أحرزت العمري جوائز وطنية أهمها وسام الجمهورية التونسية بمناسبة عيد المرأة في 2015، والجائزة الرئاسية والسنبلة الذهبية للعلوم أفريل 2013 كما تم اختيارها أيضـا لسنتين متتاليتين 2016 و2017 ضمن المائة امرأة عربية الأكثر نفوذا وتأثيرا في العالم العربي.

باحثون يرفضون المغادرة ..

رغم الصيت الدولي الذي قد يناله الباحث عند هجرته الى الدول الغربية التي توفّر ظروفا مثالية للبحث والتطوير التجارب العلمية والبحثية، إلا أن بعض الباحثين رفضوا المغادرة أو قسّموا وقتهم بين الدول التي توفّر لهم إمكانيات للبحث وبين تونس وجامعاتها، وأكبر مثال على ذلك، الباحثة زهرة بن لخضر العكروت، المولودة بجزيرة قرقنة والتي لعبت دورا مهما في إنشاء أول مختبر إفريقي للتحليل الطيفي الجزيّئي وقد حصلت زهرة لخضر على شهادة الدكتوراه من جامعة"بيير وماري كوري"بفرنسا ولكن رغم ذلك رفضت لاحقا عروضا مغرية للعمل في أوروبا وعادت الى تونس للمساهمة في بناء أجيال جديدة من الكفاءات العلمية ثم انصرفت بعد ذلك الى البحث النظري ونشر أبحاثها في أكبر المجلات العلمية الموثوقة، وكذلك فعلت حبيبة الشعبوني التي تعتبر رائدة في مجال حماية التونسيين من الأمراض الوراثية من خلال اهتمامها بحالات الأمراض الوراثية في الأسر التي تكثر في حالات زواج الأقارب .

والى جانب هؤلاء نجد باحثين كبار في الجامعات والمخابر الوطنية ينشرون أبحاثهم في أهم وأشهر الجامعات العلمية ويقدّمون محاضرات في شتّى الميادين وفي كل دول العالم وبعضهم قام بانجازات علمية مهمة في تونس خاصة في مجال الطبّ الذي شهد في السنوات الأخيرة طفرة لافتة بانجاز عمليات دقيقة وحساسة في سبق طبي عربي أو إفريقي وحتى عالمي .

منية العرفاوي