إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لا نحسب المنظمة عن الإنجاب عقمت

بقلم: مصدّق الشّريف (*)

 بالأمس القريب وقع الانقلاب على قوانين المنظمة وأبرزها الفصل العشرون من النظام الداخلي. ولم يقع احترام إرادة القواعد ولا ما حققته من مكتسبات لم تأتها في يوم من الأيام على طبق ولكن بعد نضالات دائمة متواصلة على مدى الأعوام في سبيل إرساء الشفافية والديمقراطية في الممارسات النقابية. ولم يُراع ما قدمته أجيال وأجيال من النقابيات والنقابيين وكانت ضريبته النفس والنفيس إذ عذب الكثيرون في غياهب السجون وفي أقبية وزارة الداخلية وجرح آخرون واستشهدوا.

اليوم، تتعالى أصوات أبناء المنظمة الشغيلة الأحرار منادية باقتلاع جذور الفساد والمفسدين والقضاء على كل الأسباب التي أدت إلى ما تعيشه المنظمة من ترد وسقوط فظيعين يعتبران سابقتين خطيرتين في تاريخ المنظمة. تزداد أيضا رقعة المعارضة النقابية في كل الجهات. ويتوالى صدور البيانات والاحتجاجات وحتى الندوات وآخرها ندوة صفاقس يوم 15 أكتوبر 2024 تحت عنوان "الأزمة الراهنة للاتحاد العام التونسي للشغل وسبل تجاوزها". خلال هذه الندوة، طالب جل الحاضرات والحاضرين برحيل الطاقم المركزي الحالي للمنظمة بطمّ طميمه. وفي خضم هذا الوضع، يتواصل الاعتداء على الشغيلة بالفكر والساعد ويتمادى عدم الاكتراث للقواعد واللامبالاة بها وكأنها غير موجودة، وإن وجدت، فإنها عند جل القيادات النقابية بمثابة القطيع، ماشية تعلف في زريبة السلطان. إن هذه القيادات تسطر حاضر القواعد ومستقبلها دون أن تستمع إلى أصواتها وتحترم إرادتها وما ترنو إليه من إعادة مجد المنظمة والقضاء على الأساليب والممارسات البعيدة عن المبادئ السامية التي أسست من أجلها. ومن أبرز الأسس أن يكون دور الذين وقع انتخابهم للقيادة دور تكليف، لا دور تشريف، بروح وطنية تدافع عن مصالح العمال المادية والمعنوية. ولا يكون وجود المسؤولين في المنظمة من أجل بلوغ غايات ومآرب شخصية يغلب عليه الطمع والجشع والحسابات والمحاصصات الضيقة. يجثم الاعتداء على رقاب الشغيلة بعد أن أضحى واضحا وجليا لكل غيور على منظمته الفساد الذي استشرى فيها وبلغ مداه. وأبرز مظاهره تجريد المسؤولين النقابيين والنقابيات من مسؤولياتهم وتكميم أفواه كل من عارض واستنكر واستبسل في وجه العابثين بمصير المنظمة ومصير العاملات والعاملين. ما للمركزية النقابية لا تسمع ولا ترى؟ تفصّل وتخيط مسار الاتحاد على أهوائها وأمزجتها. ما لها لا تقرأ التاريخ ولا تتعظ؟

تطالعنا بعض الجهات لإصلاح ذات البين بين شقي الانقلابيين على الانقلاب والدعوة إلى إطفاء لهيب الصراع القائم بينهما. ولا تأتي هذه الدعوة من أجل الحفاظ على عزة المنظمة وسؤددها بل من أجل التموقع والتأبيد وحكمها بلا حسيب ولا رقيب. جهات تطل علينا لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين "بوس خوك" و "طاح راح" و "يا ناس ما كان باس". تتدخل أطراف وفي تدخلها غدر وتعد وجرم في حق الشغيلة ودوس على كرامتها وعزتها وأنفتها. إنه لا يمكن البتة استغباء القواعد النقابية، أبناء المنظمة الأشاوس، كأن يدعي الأمين العام للاتحاد أيضا أن هناك من يراهن على الأزمة الحالية التي يمر بها الاتحاد لينهي وجود المنظمة وأن ما يجري ظاهرة صحية شبيهة بالأزمات السابقة وأن هذه الأزمات تنبع أساسا من صراع حول استقلالية الاتحاد مشيدا بعقلانية النقابيين رغم اختلاف الرؤى السياسية لبقاء الاتحاد خيمة تجمع التونسيين كلهم. فليعلم الأمين العام وغيره ألا أحد من النقابيات والنقابين الخلص يسارع لهدم الاتحاد بل إن هم هؤلاء الوحيد إنقاذ المنظمة ممن لم يكونوا في مستوى الأمانة والمسؤولية. بالإضافة إلى أن الأجواء الموبوءة داخل الاتحاد لا تخفى على القاصي والداني بسبب الفساد المستشري داخل الاتحاد مركزيا وجهويا ومحليا. ونهمس في أذني الأمين العام أنه لا وصول للاتحاد إلى بر الأمان إلا برحيل كل من تسبب في أزمته وأضر بهيبته.

إن القول الفصل يعود إلى أحرار الاتحاد وحرائره لأنهم الوحيدون القادرون على تقرير مصير المنظمة وإعادة مجدها. إن إرادة القواعد ترفض أي حل غير رحيل القيادة الحالية عن بكرة أبيها فلا ترقيع ولا ترميم ولا تسويات من ورائها. ولا سبيل إلى عودة المنظمة إلى مجدها التليد بالأشخاص أنفسهم والوجوه التي كانت معاول الهدم ولا تزال. إن الشغيلة تقول للأطراف التي تسمي نفسها بما يحلو لها نحن هنا ولن نعود إلى الوراء. إننا عازمون وثابتون في إقرار هيئة تسييرية وقتية تشرف على إعداد المؤتمر الرابع والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل على قاعدة النظام الداخلي للمنظمة المصادق عليه من قبل الهيئة الإدارية الوطنية سنة 2017 مع تعهد أعضاء كل من الهيئة التسييرية الوطنية والهيئات التسييرية الجهوية بعدم الترشح لأية خطة نقابية.

(*) أستاذ متقاعد

 

 

لا نحسب المنظمة عن الإنجاب عقمت

بقلم: مصدّق الشّريف (*)

 بالأمس القريب وقع الانقلاب على قوانين المنظمة وأبرزها الفصل العشرون من النظام الداخلي. ولم يقع احترام إرادة القواعد ولا ما حققته من مكتسبات لم تأتها في يوم من الأيام على طبق ولكن بعد نضالات دائمة متواصلة على مدى الأعوام في سبيل إرساء الشفافية والديمقراطية في الممارسات النقابية. ولم يُراع ما قدمته أجيال وأجيال من النقابيات والنقابيين وكانت ضريبته النفس والنفيس إذ عذب الكثيرون في غياهب السجون وفي أقبية وزارة الداخلية وجرح آخرون واستشهدوا.

اليوم، تتعالى أصوات أبناء المنظمة الشغيلة الأحرار منادية باقتلاع جذور الفساد والمفسدين والقضاء على كل الأسباب التي أدت إلى ما تعيشه المنظمة من ترد وسقوط فظيعين يعتبران سابقتين خطيرتين في تاريخ المنظمة. تزداد أيضا رقعة المعارضة النقابية في كل الجهات. ويتوالى صدور البيانات والاحتجاجات وحتى الندوات وآخرها ندوة صفاقس يوم 15 أكتوبر 2024 تحت عنوان "الأزمة الراهنة للاتحاد العام التونسي للشغل وسبل تجاوزها". خلال هذه الندوة، طالب جل الحاضرات والحاضرين برحيل الطاقم المركزي الحالي للمنظمة بطمّ طميمه. وفي خضم هذا الوضع، يتواصل الاعتداء على الشغيلة بالفكر والساعد ويتمادى عدم الاكتراث للقواعد واللامبالاة بها وكأنها غير موجودة، وإن وجدت، فإنها عند جل القيادات النقابية بمثابة القطيع، ماشية تعلف في زريبة السلطان. إن هذه القيادات تسطر حاضر القواعد ومستقبلها دون أن تستمع إلى أصواتها وتحترم إرادتها وما ترنو إليه من إعادة مجد المنظمة والقضاء على الأساليب والممارسات البعيدة عن المبادئ السامية التي أسست من أجلها. ومن أبرز الأسس أن يكون دور الذين وقع انتخابهم للقيادة دور تكليف، لا دور تشريف، بروح وطنية تدافع عن مصالح العمال المادية والمعنوية. ولا يكون وجود المسؤولين في المنظمة من أجل بلوغ غايات ومآرب شخصية يغلب عليه الطمع والجشع والحسابات والمحاصصات الضيقة. يجثم الاعتداء على رقاب الشغيلة بعد أن أضحى واضحا وجليا لكل غيور على منظمته الفساد الذي استشرى فيها وبلغ مداه. وأبرز مظاهره تجريد المسؤولين النقابيين والنقابيات من مسؤولياتهم وتكميم أفواه كل من عارض واستنكر واستبسل في وجه العابثين بمصير المنظمة ومصير العاملات والعاملين. ما للمركزية النقابية لا تسمع ولا ترى؟ تفصّل وتخيط مسار الاتحاد على أهوائها وأمزجتها. ما لها لا تقرأ التاريخ ولا تتعظ؟

تطالعنا بعض الجهات لإصلاح ذات البين بين شقي الانقلابيين على الانقلاب والدعوة إلى إطفاء لهيب الصراع القائم بينهما. ولا تأتي هذه الدعوة من أجل الحفاظ على عزة المنظمة وسؤددها بل من أجل التموقع والتأبيد وحكمها بلا حسيب ولا رقيب. جهات تطل علينا لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين "بوس خوك" و "طاح راح" و "يا ناس ما كان باس". تتدخل أطراف وفي تدخلها غدر وتعد وجرم في حق الشغيلة ودوس على كرامتها وعزتها وأنفتها. إنه لا يمكن البتة استغباء القواعد النقابية، أبناء المنظمة الأشاوس، كأن يدعي الأمين العام للاتحاد أيضا أن هناك من يراهن على الأزمة الحالية التي يمر بها الاتحاد لينهي وجود المنظمة وأن ما يجري ظاهرة صحية شبيهة بالأزمات السابقة وأن هذه الأزمات تنبع أساسا من صراع حول استقلالية الاتحاد مشيدا بعقلانية النقابيين رغم اختلاف الرؤى السياسية لبقاء الاتحاد خيمة تجمع التونسيين كلهم. فليعلم الأمين العام وغيره ألا أحد من النقابيات والنقابين الخلص يسارع لهدم الاتحاد بل إن هم هؤلاء الوحيد إنقاذ المنظمة ممن لم يكونوا في مستوى الأمانة والمسؤولية. بالإضافة إلى أن الأجواء الموبوءة داخل الاتحاد لا تخفى على القاصي والداني بسبب الفساد المستشري داخل الاتحاد مركزيا وجهويا ومحليا. ونهمس في أذني الأمين العام أنه لا وصول للاتحاد إلى بر الأمان إلا برحيل كل من تسبب في أزمته وأضر بهيبته.

إن القول الفصل يعود إلى أحرار الاتحاد وحرائره لأنهم الوحيدون القادرون على تقرير مصير المنظمة وإعادة مجدها. إن إرادة القواعد ترفض أي حل غير رحيل القيادة الحالية عن بكرة أبيها فلا ترقيع ولا ترميم ولا تسويات من ورائها. ولا سبيل إلى عودة المنظمة إلى مجدها التليد بالأشخاص أنفسهم والوجوه التي كانت معاول الهدم ولا تزال. إن الشغيلة تقول للأطراف التي تسمي نفسها بما يحلو لها نحن هنا ولن نعود إلى الوراء. إننا عازمون وثابتون في إقرار هيئة تسييرية وقتية تشرف على إعداد المؤتمر الرابع والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل على قاعدة النظام الداخلي للمنظمة المصادق عليه من قبل الهيئة الإدارية الوطنية سنة 2017 مع تعهد أعضاء كل من الهيئة التسييرية الوطنية والهيئات التسييرية الجهوية بعدم الترشح لأية خطة نقابية.

(*) أستاذ متقاعد