يبدو أن الأزمة الداخلية القائمة داخل المركزية النقابية في طريقها إلى الحلحلة. وذلك بعد تأكيد أنور بن قدور، الأمين العام المساعد بالاتّحاد العام التونسي للشغل وأحد النقابيين الغاضبين، في تصريح إذاعي، أمس، عن تأجيل موعد الندوة الصحفية، التي تم الإعلان عنها سابقا، والتي كانت مقررة لليوم الأربعاء، وتزامنها مع دخول خمسة من أعضاء المكتب التنفيذي للمنظمة الشغيلة في اعتصام مفتوح بمقر الاتحاد، باعتبارها كانت مخصصة للإعلان عن التحركات المنتظر تنظيمها في علاقة بتطورات الوضع داخل الاتحاد، في ظل حالة الاحتقان الواسعة في صفوف العائلة النقابية الموسعة وتمسك بضرورة إخراج هذه المنظمة من حالة شبه "العطالة" والعزلة التي أصبحت عليها. الأمر الذي دفع لتدخل قياديين سابقين في الاتحاد للدخول على الخط بهدف حلحلة الأزمة.
نزيهة الغضباني
وهي أزمة غير مسبوقة تعيشها المنظمة الشغيلة العريقة منذ تأسيسها قبل استقلال تونس، توفرت جملة العوامل والأسباب التي أدت إلى استفحالها وتفجرها على النحو الذي أصبحت عليه بعد تقسيمها إلى شقوق معارضة، يتداخل فيها الداخلي بالموضوعي والسياسي والاجتماعي والقانوني.
ليؤكد بن قدور بذلك "تأجيل الندوة الصحفية الى يوم 8 جانفي المقبل إثر تدخّل العديد من قدماء مناضلي المنظّمة وحكمائها ومن الهياكل النقابية لحلحة الأزمة، وإيمانا بمبدأ الحوار وحلّ الاختلافات داخل الأطر النقابية وتمسّكا بوحدة المنظمة وثوابتها الوطنية الراسخة".
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة النقابيين الغاضبين تتكون من خمسة أعضاء من المكتب التنفيذي للمنظّمة الشغيلة، وهم منعم عميرة وأنور قدور وعثمان الجلولي والطاهر المزّي وصلاح الدين السالمي.
خاصة أن قرار هذا الخماسي بدعم من نقابيين من جامعات وفروع نقابية وقواعد أخرى، جاء إثر انعقاد اجتماع موسع بمقر المركزية النقابية يوم 14 من الشهر الجاري بمشاركة كل القواعد النقابية من جامعات مهنية وفروع نقابية من أغلب مناطق وولايات الجمهورية. ورفض مخرجات ذلك الاجتماع. ليضاف هذا الشق الرافض لخيارات وسياسة المكتب التنفيذي للمنظمة الشغيلة، في هذه المرحلة والذي يصف الوضع فيها بـ"المتردي"، إلى صفوف المعارضة النقابية التي تواصل تحركها ضد المكتب التنفيذي الحالي منذ تنصيبه وتعتبر وجوده "غير قانوني" وما أثاره في نفس السياق تنقيح الفصل 20 من جدل ورفض وانشقاق وقرارات تجميد وإبعاد داخل المنظمة وصلت أطواره إلى القضاء، وكانت من بين العوامل التي ساهمت في تأزيم الوضع وتوتر الأجواء في أوساط المنظمة الشغيلة خلال السنوات الأخيرة.
وقد تناقلت بعض المواقع والجهات ما أكده أنور بن قدور ومفاده تدخل بعض القيادات النقابية السابقة لحلحلة هذه الأزمة ومن بينهم الأمين العام السابق للاتحاد حسين العباسي، والمساعي الكبيرة التي ما انفكت يقوم بها إلى جانب قياديين سابقين في الاتحاد من أجل تقريب وجهات النظر والدفع للإيجاد حلول للخلافات القائمة داخل المنظمة الشغيلة في مختلف مستوياتها.
مطالب ومراجعات
فتمسك المعارضين من المكتب التنفيذي بضرورة عقد مؤتمر استثنائي أو تقديم المؤتمر الوطني إلى سنة 2025، وفق ما نصت عليه النقطة 12 من القانون الداخلي، إضافة إلى تمسك المعارضة النقابية التي سبقتها في التحرك ضد المكتب التنفيذي الحالي للاتحاد تعزز قاعدة الرفض والمعارضة لسياسة المكتب التنفيذي بقيادة الأمين العام نورالدين الطبوبي. وقد برزت هذه المواقف والتحركات في الفترة الأخيرة تزامنا مع إحياء مناسبات عديدة تحسب للتاريخ النضالي لهذه المنظمة الشغيلة العريقة ودورها الريادي في الحركة الوطنية وتحرير البلاد من المستعمر فضلا عن دورها الاجتماعي والسياسي الذي تؤكده عديد الجهات ويحفظ تاريخ تونس المعاصر جوانب كبيرة منه.
وتجدر الإشارة إلى أن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل سبق أن أكد أن مسألة القيام بمراجعات والعمل على تغيير خطاب اتحاد الشغل تجاه منظوريه الذين تغيروا بشكل كبير وصارت لهم متطلبات مغايرة لجيل الستينات والسبعينات والتسعينات، أصبحت تعد مسألة ضرورية. وهو ما يؤكد الاعتراف أو الاستجابة لجانب من المطالب التي رفعتها القواعد النقابية من معارضين وغيرهم. على اعتبار أن مسألة المراجعات تعد ضرورية في ظل التغيرات التي تعرفها بلادنا في هذه المرحلة وتبدّل المواقف والقراءات التي ترافقها في موقف سلطة الإشراف والمواطنين من الأجسام الوسيطة، وكانت لها تداعيات كبيرة على وضعية هذه "الأجسام" في الفترة الأخيرة وساهم إجبارها على الدخول في شبه عزلة تقريبا باعتبار أنه ورغم التكتم داخل المنظم ورفض الأغلبية الحديث حول المسألة، فإن المكتب التنفيذي لم يعقد اجتماعاته الدورية منذ أشهر.
وللتذكير فإن جذور الأزمة تعود إلى مخرجات المؤتمر الاستثنائي الذي عقده الاتحاد في جويلية 2021 بمدينة سوسة لتنقيح القانون الأساسي عندما أُقر تعديل النظام الأساسي للاتحاد لتحديد دورات المكتب التنفيذي بدورتين فقط. ومع اقتراب انتهاء الدورة الثانية لنور الدين الطبوبي، تم عقد مؤتمر استثنائي بمدينة سوسة عام 2021 لتعديل الفصل 20 من النظام الأساسي، مما سمح بترشحه لدورة ثالثة. ولم يتوصل المجلس الوطني المنعقد في سبتمبر الماضي من إيجاد حل لهذه الأزمة التي كشفت عن مواطن وهن كان لها تأثير سلبي كبير على الوضع ومناخ النشاط والعمل في صلب المنظمة لعل من أبرزها غياب الانسجام وعدم توحد المواقف والآراء داخل المكتب التنفيذي وفي صلب الهياكل النقابية القطاعية وغيرها التابعة للاتحاد.
وقد شهدت الأشهر الأخيرة تحركات في سياق البحث عن حلول في ظل تمسك طل طرف بموقفه سواء تعلق الأمر بالمعارضين أو أعضاء المركزية النقابية وغياب آفاق حوار بناء بين جميع الأطراف بعد أن اتهمت المعارضة المركزية النقابية بخيار الهروب إلى الأمام والتمسك بعقد المؤتمر في الموعد المحدد له في 2027، فيما يرى البقية أنه لا يمكن أن يتواصل وضع المنظمة المتردي على ما هو عليه ويتطلب تدخلا عاجلا وقرارات ضرورية لإنقاذها.
وتأتي هذه الأزمة في ظل وضع سياسي ودستوري جديد للدولة ترتفع فيه حدة المطلبية الاجتماعية مقابل تمسك عديد الجهات بهذه المنظمة الشغيلة العريقة والدفع لإنقاذها من التلاشي والتوظيف بما يعيد لها ألقها ودورها الاجتماعي والمدني ومساهمتها في مسار بناء الدولة.
تونس–الصباح
يبدو أن الأزمة الداخلية القائمة داخل المركزية النقابية في طريقها إلى الحلحلة. وذلك بعد تأكيد أنور بن قدور، الأمين العام المساعد بالاتّحاد العام التونسي للشغل وأحد النقابيين الغاضبين، في تصريح إذاعي، أمس، عن تأجيل موعد الندوة الصحفية، التي تم الإعلان عنها سابقا، والتي كانت مقررة لليوم الأربعاء، وتزامنها مع دخول خمسة من أعضاء المكتب التنفيذي للمنظمة الشغيلة في اعتصام مفتوح بمقر الاتحاد، باعتبارها كانت مخصصة للإعلان عن التحركات المنتظر تنظيمها في علاقة بتطورات الوضع داخل الاتحاد، في ظل حالة الاحتقان الواسعة في صفوف العائلة النقابية الموسعة وتمسك بضرورة إخراج هذه المنظمة من حالة شبه "العطالة" والعزلة التي أصبحت عليها. الأمر الذي دفع لتدخل قياديين سابقين في الاتحاد للدخول على الخط بهدف حلحلة الأزمة.
نزيهة الغضباني
وهي أزمة غير مسبوقة تعيشها المنظمة الشغيلة العريقة منذ تأسيسها قبل استقلال تونس، توفرت جملة العوامل والأسباب التي أدت إلى استفحالها وتفجرها على النحو الذي أصبحت عليه بعد تقسيمها إلى شقوق معارضة، يتداخل فيها الداخلي بالموضوعي والسياسي والاجتماعي والقانوني.
ليؤكد بن قدور بذلك "تأجيل الندوة الصحفية الى يوم 8 جانفي المقبل إثر تدخّل العديد من قدماء مناضلي المنظّمة وحكمائها ومن الهياكل النقابية لحلحة الأزمة، وإيمانا بمبدأ الحوار وحلّ الاختلافات داخل الأطر النقابية وتمسّكا بوحدة المنظمة وثوابتها الوطنية الراسخة".
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة النقابيين الغاضبين تتكون من خمسة أعضاء من المكتب التنفيذي للمنظّمة الشغيلة، وهم منعم عميرة وأنور قدور وعثمان الجلولي والطاهر المزّي وصلاح الدين السالمي.
خاصة أن قرار هذا الخماسي بدعم من نقابيين من جامعات وفروع نقابية وقواعد أخرى، جاء إثر انعقاد اجتماع موسع بمقر المركزية النقابية يوم 14 من الشهر الجاري بمشاركة كل القواعد النقابية من جامعات مهنية وفروع نقابية من أغلب مناطق وولايات الجمهورية. ورفض مخرجات ذلك الاجتماع. ليضاف هذا الشق الرافض لخيارات وسياسة المكتب التنفيذي للمنظمة الشغيلة، في هذه المرحلة والذي يصف الوضع فيها بـ"المتردي"، إلى صفوف المعارضة النقابية التي تواصل تحركها ضد المكتب التنفيذي الحالي منذ تنصيبه وتعتبر وجوده "غير قانوني" وما أثاره في نفس السياق تنقيح الفصل 20 من جدل ورفض وانشقاق وقرارات تجميد وإبعاد داخل المنظمة وصلت أطواره إلى القضاء، وكانت من بين العوامل التي ساهمت في تأزيم الوضع وتوتر الأجواء في أوساط المنظمة الشغيلة خلال السنوات الأخيرة.
وقد تناقلت بعض المواقع والجهات ما أكده أنور بن قدور ومفاده تدخل بعض القيادات النقابية السابقة لحلحلة هذه الأزمة ومن بينهم الأمين العام السابق للاتحاد حسين العباسي، والمساعي الكبيرة التي ما انفكت يقوم بها إلى جانب قياديين سابقين في الاتحاد من أجل تقريب وجهات النظر والدفع للإيجاد حلول للخلافات القائمة داخل المنظمة الشغيلة في مختلف مستوياتها.
مطالب ومراجعات
فتمسك المعارضين من المكتب التنفيذي بضرورة عقد مؤتمر استثنائي أو تقديم المؤتمر الوطني إلى سنة 2025، وفق ما نصت عليه النقطة 12 من القانون الداخلي، إضافة إلى تمسك المعارضة النقابية التي سبقتها في التحرك ضد المكتب التنفيذي الحالي للاتحاد تعزز قاعدة الرفض والمعارضة لسياسة المكتب التنفيذي بقيادة الأمين العام نورالدين الطبوبي. وقد برزت هذه المواقف والتحركات في الفترة الأخيرة تزامنا مع إحياء مناسبات عديدة تحسب للتاريخ النضالي لهذه المنظمة الشغيلة العريقة ودورها الريادي في الحركة الوطنية وتحرير البلاد من المستعمر فضلا عن دورها الاجتماعي والسياسي الذي تؤكده عديد الجهات ويحفظ تاريخ تونس المعاصر جوانب كبيرة منه.
وتجدر الإشارة إلى أن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل سبق أن أكد أن مسألة القيام بمراجعات والعمل على تغيير خطاب اتحاد الشغل تجاه منظوريه الذين تغيروا بشكل كبير وصارت لهم متطلبات مغايرة لجيل الستينات والسبعينات والتسعينات، أصبحت تعد مسألة ضرورية. وهو ما يؤكد الاعتراف أو الاستجابة لجانب من المطالب التي رفعتها القواعد النقابية من معارضين وغيرهم. على اعتبار أن مسألة المراجعات تعد ضرورية في ظل التغيرات التي تعرفها بلادنا في هذه المرحلة وتبدّل المواقف والقراءات التي ترافقها في موقف سلطة الإشراف والمواطنين من الأجسام الوسيطة، وكانت لها تداعيات كبيرة على وضعية هذه "الأجسام" في الفترة الأخيرة وساهم إجبارها على الدخول في شبه عزلة تقريبا باعتبار أنه ورغم التكتم داخل المنظم ورفض الأغلبية الحديث حول المسألة، فإن المكتب التنفيذي لم يعقد اجتماعاته الدورية منذ أشهر.
وللتذكير فإن جذور الأزمة تعود إلى مخرجات المؤتمر الاستثنائي الذي عقده الاتحاد في جويلية 2021 بمدينة سوسة لتنقيح القانون الأساسي عندما أُقر تعديل النظام الأساسي للاتحاد لتحديد دورات المكتب التنفيذي بدورتين فقط. ومع اقتراب انتهاء الدورة الثانية لنور الدين الطبوبي، تم عقد مؤتمر استثنائي بمدينة سوسة عام 2021 لتعديل الفصل 20 من النظام الأساسي، مما سمح بترشحه لدورة ثالثة. ولم يتوصل المجلس الوطني المنعقد في سبتمبر الماضي من إيجاد حل لهذه الأزمة التي كشفت عن مواطن وهن كان لها تأثير سلبي كبير على الوضع ومناخ النشاط والعمل في صلب المنظمة لعل من أبرزها غياب الانسجام وعدم توحد المواقف والآراء داخل المكتب التنفيذي وفي صلب الهياكل النقابية القطاعية وغيرها التابعة للاتحاد.
وقد شهدت الأشهر الأخيرة تحركات في سياق البحث عن حلول في ظل تمسك طل طرف بموقفه سواء تعلق الأمر بالمعارضين أو أعضاء المركزية النقابية وغياب آفاق حوار بناء بين جميع الأطراف بعد أن اتهمت المعارضة المركزية النقابية بخيار الهروب إلى الأمام والتمسك بعقد المؤتمر في الموعد المحدد له في 2027، فيما يرى البقية أنه لا يمكن أن يتواصل وضع المنظمة المتردي على ما هو عليه ويتطلب تدخلا عاجلا وقرارات ضرورية لإنقاذها.
وتأتي هذه الأزمة في ظل وضع سياسي ودستوري جديد للدولة ترتفع فيه حدة المطلبية الاجتماعية مقابل تمسك عديد الجهات بهذه المنظمة الشغيلة العريقة والدفع لإنقاذها من التلاشي والتوظيف بما يعيد لها ألقها ودورها الاجتماعي والمدني ومساهمتها في مسار بناء الدولة.