تظهر التوقعات المناخية في تونس انخفاضا في درجات الحرارة مع تواصل التساقطات بمعدلات متباينة مع إمكانية نزول البرد والثلوج خلال الأيام القادمة. طقس تعود به البلاد الى شتاء بارد مع نزول أمطار لم تشهده منذ نحو الـ6 سنوات عاشت خلالها جفافا وارتفاعا في درجات الحرارة.
وحسب المعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للرصد الجوي تتجه درجات الحرارة نحو مزيد الانخفاض خلال الأيام القادمة وتتراوح درجات الحرارة بين الـ9 درجات و14 درجة وتكون في حدود الـ6 درجات بالمرتفعات الغربية وفي استقرار بالجنوب حيث تتراوح بين 14 و18 درجة. وأفاد المهندس بالمعهد الوطني للرصد الجوي سرحان الرحالي أنه من المنتظر تسجيل أمطار غزيرة وبكميات هامة بأقصى ولايات الشمال.
ولم تشهد السدود بعد نسبة امتلاء عالية الى غاية الآن حيث مازال مخزونها في حدود الـ492.2 مليون متر مكعب وهو ما يمثل21,2% من نسبة امتلائها حسب آخر تحيين ليوم 23 ديسمبر 2024 للإدارة العامة للسدود بوزارة الفلاحة. مع التنصيص على أن النسبة مرجحة لمزيد الارتفاع نظرا الى أن الأودية مازالت في حالة سيلان.
وقال المهندس عامر بحبة في تصريح له إن تونس مرت بمنخفض جوي أول انطلق منذ يوم الجمعة الماضي، اتسم بسرعة الرياح وهيجان البحر ونزول الأمطار. ودخلت تونس بداية من الـ24 ساعة الماضية في منخفض ثان والذي ستكون له فاعلية أكبر حسب رأيه من ناحية نزول الأمطار ليتواصل الى غاية غدا الأربعاء، ومن المنتظر نزول كميات هامة في ولايات جندوبة وباجة وجزئيا ببنزرت وقد تصل الى 100 مم.
وبما أن الغلاف الجوي بصدد تسجيل تقدم لكتل هوائية باردة نحو الأجواء التونسية، فإن هناك احتمالا كبيرا لنزول ثلوج خاصة في المرتفعات التي تتجاوز 900 م، من ولاية سليانة، مكثر وكسرى ومرتفعات ولاية الكاف، سيدي يوسف والقصور ومرتفعات عين دراهم بجبل الغرة ومعتمدية غار الدماء وعين سلطان مع إمكانية أن تشمل أيضا مرتفعات ولاية القصرين وخاصة تالة والروحية.. ولن تكون كميات كبيرة وعالية حسب بحبة.
وبين محدثنا أن هناك كذلك إمكانية كبيرة لنزول الأمطار بكميات متفاوتة غدا الأربعاء وبعد غد الخميس بمناطق الساحل.
وتجد هذه التساقطات والانخفاض في درجات الحرارة، ارتياحا كبيرا لدى الفلاحين، واستبشارا كبيرا في صفوف مربي الماشية، باعتبار أهميتها لمختلف الزراعات.
وأشار حمادي بوبكري عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الفلاحة والصيد البحري المكلف بالزراعات الكبرى، في حديثه لـ"الصباح"، أن الأمطار الأخيرة سيكون لها فضل على الطبيعة بصفة عامة. واعتبر أنها أنقذت موسم الزراعات الكبرى من حيث الإنبات الذي وصل الى نسب متقدمة تصل الى حدود 95 % من المساحات المبذورة.
كما سيكون لكميات الأمطار المسجلة حسب البوبكري تأثيرا واضحا على منتوجنا من الحليب والأشجار المثمرة وعلى الغطاء النباتي الذي بدوره سيخفض من كلفة الأعلاف على مربي الماشية. هذا الى جانب انها ستكون لها تأثيرات إيجابية على إيرادات السدود خاصة في مناطق طبرقة وباجة وعين دراهم التي تتركز فيها أبرز السدود.
وبالنسبة للزراعات الكبرى قال حمادي البوبكري إنه من المبرمج هذا العام زراعة 1 مليون و100 ألف هكتار، ومازالت الإحصائية لم تضبط بشكل دقيق، نظرا الى أن عمليات البذر مازالت متواصلة. وأشار في نفس السياق الى أن هذا الموسم الزراعي يبدو مشجعا للفلاح ويمكن أن تصل هذه المساحات المبرمجة أو حتى تجاوزها. وهو ما يرجح أن نسجل صابة جيدة نحن في أمسّ الحاجة إليها، وسنة استثنائية من ناحية إنتاجنا للحبوب تمكن الفلاحين من تغطية مصاريفهم.
وللإشارة تصنف تونس، كخامس دولة في العالم، الأكثر عرضة لخطر الجفاف ونقص المياه، بحسب آخر تقرير صادر في شهر مارس 2024 عن المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية.
ويشير التقرير الصادر تحت عنوان "التأثيرات على الاقتصاد الكلي وتحديات تكيف القطاع الفلاحي مع تغير المناخ"، إلى أنه وأمام ارتفاع معدل سحب موارد المياه العذبة وانخفاض قدرة السدود، يعد قطاع المياه ثاني أكثر القطاعات عرضة للخطر بعد القطاع الفلاحي، مع درجة ضعف عالية ناتجة عن انخفاض قدرة هذا القطاع على التكيف مع تغير المناخ.
كما حذر التقرير من "عوامل الضعف القطاعية التي يمكن أن تعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتونس" وأوصى بمراعاة واقع تغير المناخ وضرورة تعزيز تدابير التكيف أثناء التخطيط الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل، والتي تظل ملحة وضرورية "لاقتصاد يعتمد بشكل كبير على الصادرات الفلاحية وواردات الحبوب". ودعا الى وضع إستراتيجية تكيف متكاملة تمكن من تقليص العراقيل الهيكلية أمام التنمية الاقتصادية بشكل عام وتنمية القطاع الفلاحي بشكل خاص.
وبين التقرير أن آثار تغير المناخ أصبحت في تونس ملموسة بالفعل، ولكنها ستكون كبيرة بحلول عام 2050 وتشكل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه البلاد من حيث التنمية وقال: "إن ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار وزيادة تواتر ومدة الظواهر المتطرفة ستكون لها انعكاسات سلبية على المحاصيل وموارد المياه والتربة، سواء من حيث الكمية أو النوعية".
وأضاف أنه ينبغي على تونس وضع سياسات للتكيف مع تغير المناخ الذي يهدد بتفاقم الوضع الاقتصادي. ويتعلق هذا بشكل خاص بسياسات التكيف الهيدروليكي مثل بناء محطات تحلية المياه وإنشاء وحدات معالجة مياه الصرف الصحي وصيانة وبناء سدود جديدة لحل مشكلة نقص المياه على المدى المتوسط والطويل وتقليل العجز المائي.
ريم سوودي
تونس-الصباح
تظهر التوقعات المناخية في تونس انخفاضا في درجات الحرارة مع تواصل التساقطات بمعدلات متباينة مع إمكانية نزول البرد والثلوج خلال الأيام القادمة. طقس تعود به البلاد الى شتاء بارد مع نزول أمطار لم تشهده منذ نحو الـ6 سنوات عاشت خلالها جفافا وارتفاعا في درجات الحرارة.
وحسب المعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للرصد الجوي تتجه درجات الحرارة نحو مزيد الانخفاض خلال الأيام القادمة وتتراوح درجات الحرارة بين الـ9 درجات و14 درجة وتكون في حدود الـ6 درجات بالمرتفعات الغربية وفي استقرار بالجنوب حيث تتراوح بين 14 و18 درجة. وأفاد المهندس بالمعهد الوطني للرصد الجوي سرحان الرحالي أنه من المنتظر تسجيل أمطار غزيرة وبكميات هامة بأقصى ولايات الشمال.
ولم تشهد السدود بعد نسبة امتلاء عالية الى غاية الآن حيث مازال مخزونها في حدود الـ492.2 مليون متر مكعب وهو ما يمثل21,2% من نسبة امتلائها حسب آخر تحيين ليوم 23 ديسمبر 2024 للإدارة العامة للسدود بوزارة الفلاحة. مع التنصيص على أن النسبة مرجحة لمزيد الارتفاع نظرا الى أن الأودية مازالت في حالة سيلان.
وقال المهندس عامر بحبة في تصريح له إن تونس مرت بمنخفض جوي أول انطلق منذ يوم الجمعة الماضي، اتسم بسرعة الرياح وهيجان البحر ونزول الأمطار. ودخلت تونس بداية من الـ24 ساعة الماضية في منخفض ثان والذي ستكون له فاعلية أكبر حسب رأيه من ناحية نزول الأمطار ليتواصل الى غاية غدا الأربعاء، ومن المنتظر نزول كميات هامة في ولايات جندوبة وباجة وجزئيا ببنزرت وقد تصل الى 100 مم.
وبما أن الغلاف الجوي بصدد تسجيل تقدم لكتل هوائية باردة نحو الأجواء التونسية، فإن هناك احتمالا كبيرا لنزول ثلوج خاصة في المرتفعات التي تتجاوز 900 م، من ولاية سليانة، مكثر وكسرى ومرتفعات ولاية الكاف، سيدي يوسف والقصور ومرتفعات عين دراهم بجبل الغرة ومعتمدية غار الدماء وعين سلطان مع إمكانية أن تشمل أيضا مرتفعات ولاية القصرين وخاصة تالة والروحية.. ولن تكون كميات كبيرة وعالية حسب بحبة.
وبين محدثنا أن هناك كذلك إمكانية كبيرة لنزول الأمطار بكميات متفاوتة غدا الأربعاء وبعد غد الخميس بمناطق الساحل.
وتجد هذه التساقطات والانخفاض في درجات الحرارة، ارتياحا كبيرا لدى الفلاحين، واستبشارا كبيرا في صفوف مربي الماشية، باعتبار أهميتها لمختلف الزراعات.
وأشار حمادي بوبكري عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الفلاحة والصيد البحري المكلف بالزراعات الكبرى، في حديثه لـ"الصباح"، أن الأمطار الأخيرة سيكون لها فضل على الطبيعة بصفة عامة. واعتبر أنها أنقذت موسم الزراعات الكبرى من حيث الإنبات الذي وصل الى نسب متقدمة تصل الى حدود 95 % من المساحات المبذورة.
كما سيكون لكميات الأمطار المسجلة حسب البوبكري تأثيرا واضحا على منتوجنا من الحليب والأشجار المثمرة وعلى الغطاء النباتي الذي بدوره سيخفض من كلفة الأعلاف على مربي الماشية. هذا الى جانب انها ستكون لها تأثيرات إيجابية على إيرادات السدود خاصة في مناطق طبرقة وباجة وعين دراهم التي تتركز فيها أبرز السدود.
وبالنسبة للزراعات الكبرى قال حمادي البوبكري إنه من المبرمج هذا العام زراعة 1 مليون و100 ألف هكتار، ومازالت الإحصائية لم تضبط بشكل دقيق، نظرا الى أن عمليات البذر مازالت متواصلة. وأشار في نفس السياق الى أن هذا الموسم الزراعي يبدو مشجعا للفلاح ويمكن أن تصل هذه المساحات المبرمجة أو حتى تجاوزها. وهو ما يرجح أن نسجل صابة جيدة نحن في أمسّ الحاجة إليها، وسنة استثنائية من ناحية إنتاجنا للحبوب تمكن الفلاحين من تغطية مصاريفهم.
وللإشارة تصنف تونس، كخامس دولة في العالم، الأكثر عرضة لخطر الجفاف ونقص المياه، بحسب آخر تقرير صادر في شهر مارس 2024 عن المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية.
ويشير التقرير الصادر تحت عنوان "التأثيرات على الاقتصاد الكلي وتحديات تكيف القطاع الفلاحي مع تغير المناخ"، إلى أنه وأمام ارتفاع معدل سحب موارد المياه العذبة وانخفاض قدرة السدود، يعد قطاع المياه ثاني أكثر القطاعات عرضة للخطر بعد القطاع الفلاحي، مع درجة ضعف عالية ناتجة عن انخفاض قدرة هذا القطاع على التكيف مع تغير المناخ.
كما حذر التقرير من "عوامل الضعف القطاعية التي يمكن أن تعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتونس" وأوصى بمراعاة واقع تغير المناخ وضرورة تعزيز تدابير التكيف أثناء التخطيط الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل، والتي تظل ملحة وضرورية "لاقتصاد يعتمد بشكل كبير على الصادرات الفلاحية وواردات الحبوب". ودعا الى وضع إستراتيجية تكيف متكاملة تمكن من تقليص العراقيل الهيكلية أمام التنمية الاقتصادية بشكل عام وتنمية القطاع الفلاحي بشكل خاص.
وبين التقرير أن آثار تغير المناخ أصبحت في تونس ملموسة بالفعل، ولكنها ستكون كبيرة بحلول عام 2050 وتشكل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه البلاد من حيث التنمية وقال: "إن ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار وزيادة تواتر ومدة الظواهر المتطرفة ستكون لها انعكاسات سلبية على المحاصيل وموارد المياه والتربة، سواء من حيث الكمية أو النوعية".
وأضاف أنه ينبغي على تونس وضع سياسات للتكيف مع تغير المناخ الذي يهدد بتفاقم الوضع الاقتصادي. ويتعلق هذا بشكل خاص بسياسات التكيف الهيدروليكي مثل بناء محطات تحلية المياه وإنشاء وحدات معالجة مياه الصرف الصحي وصيانة وبناء سدود جديدة لحل مشكلة نقص المياه على المدى المتوسط والطويل وتقليل العجز المائي.