إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد انطلاق عملية تعديلها وإحالتها على "التقاعد".. عقود المناولة ووضعية العمّال الهشة من أبرز التحديات في مجلة الشغل المرتقبة

تونس - الصباح

 انطلق فعليا العمل صلب وزارة الشؤون الاجتماعية لتعديل مجلة الشغل التي تم إحداثها منذ سنة 1966، مثلما أعلن الوزير عصام الأحمر عن ذلك، خاصة أنه سبق وأكّد أنه حان الوقت لإحالة هذه المجلّة على"التقاعد". مؤكدا أن الهدف من ذلك القضاء على كل أشكال العمل الهشّ وحماية الحقوق الاجتماعية ومكاسب العمال مع الحفاظ على الدور الاقتصادي للمؤسسات..

 وزير الشؤون الاجتماعية اعتبر أيضا في تصريحات سابقة أن التعديلات التي سيتم إدخالها على مجلة الشغل ستكون في إطار ثورة تشريعية، كما أشار الوزير إلى أنه سيتم إحداث صندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل بما سيخفّف العبء على المؤسسات، وإحداث هذا الصندوق سيكون خطوة هامة لإرساء منظومة الأمان الاجتماعي خاصة وأنه لسنوات وعقود ماضية ضاع حقّ آلاف العمَال بعد إحالتهم على البطالة القسرية بسبب الظروف الاقتصادية للمؤسسة سواء عند إفلاسها أو غلقها أو دخولها مرحلة التسوية القضائية.

هذه البطالة القسرية كثيرا ما يدفع ثمنها العامل الذي فقد موطن شغله ومصدر دخله ويبقى يلاحق التعويضات المادية أمام المحاكم لمدة قد تطول لسنوات، وإحداث مثل هذا الصندوق سيضمن حياة آمنة وكرامة من فقدوا عملهم لأسباب مختلفة.

ورغم التأكيدات المتواصلة أن تعديل مجلة الشغل أو إحالتها على "التقاعد" في نسختها القديمة يأتي لتكريس وترسيخ مفهوم الدور الاجتماعي للدولة باعتبارها حامية للحقوق الاجتماعية وأولها حقوق العمّال في إطار دورها على حماية المؤسسات الاقتصادية وضمان ديمومتها، إلا أن هناك اليوم أسئلة تطرح من أكثر من طرف اجتماعي بسبب ما اعتبرته بعض الأطراف، الصيغة الأحادية التي انتهجتها الحكومة في تعديل مجلة الشغل دون الرجوع حتى بالاستشارة إلى الأطراف الاجتماعية ومنها اتحاد الشغل الذي استنكر في وقت سابق عدم تشريكه في هذه التعديلات.

       كما أن أغلب القطاعات التشغيلية تعاني من وضعية هشاشة صعبة حيث تتدنّى الأجور مع أوضاع مهنية غير مستقرة بما يعسّر مهمة صياغة نصّ قانوني يستجيب إلى الحاجيات العمالية الراهنة ويراعي الرهانات الاقتصادية.

خطوة ايجابية

دون شكّ أن تنقيح أو تعديل مجلة الشغل خطوة ايجابية بالنظر إلى أنها أصبحت إطارا تشريعيا قديما لا يستجيب إلى التطوّرات الراهنة والتي فرضت واقعا تشغيليا جديدا بما خلق بدوره مناخات اجتماعية مختلفة همّشت وضعية العامل وأصبح عرضة أكثر من ذي قبل إلى هدر حقوقه وفقدان موطن عمله بالنظر إلى التقلّبات الاقتصادية الكبرى التي يشهدها كل العالم ولا يقتصر الأمر على بلادنا، بما يفرض مواكبة العصر. وقد أكدّ وزير الشؤون الاجتماعية أن المجلة الجديدة ستواكب العصر والتكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الحديثة. وأشار أيضا إلى أن التعديلات في مجلة الشغل ستشمل تنظيم العلاقات الفردية والجماعية والصحة والسلامة المهنية وعقود الشغل والعلاقات المهنية الثلاثية، وذلك في إطار التوازن وضمان حقوق العمال من خلال تمكينهم بأجر عادل وتغطية اجتماعية والحفاظ على المؤسسة خاصة وأن تونس من البلدان التي مازال فيها العمال يعانون من وضع مهني واجتماعي صعب في أغلب القطاعات وخاصة القطاعات الهشّة التي تستوعب آلاف العمّال.

 ويشمل التشغيل الهش العمل في ظروف غير آمنة وغير مستقرة دون أن يتمتع فيها العامل بالحقوق والضمانات القانونية والتأمين الاجتماعي والحدّ الأدنى للأجور وظروف العمل الصحية من خلال عقود عمل قصيرة الأجل أو مؤقتة لا تشمل العامل بالأمان الوظيفي ولا الاستقرار المهني.. حيث تكون الأجور منخفضة وأحيانا دون الحدّ الأدنى من الأجر المكفول"السميغ" الذي يطرح بدوره أشكالا، ويعتبر من بين أضعف الأجور في المنطقة العربية. كما أن العمل في بيئة خطرة وغير آمنة صحيا تغيب فيها معدات الحماية والإسعاف يعتبر أيضا عملا هشّا وغير لائق، بالإضافة إلى تجاهل الحقوق المهنية والتضييق على الحق النقابي والذي يعتبر أيضا من سمات العمل الهشّ، وإذا تم التمييز بين النساء والرجال في العمل على أساس الأجر أو ساعات العمل فان ذلك يعتبر أيضا من أصناف العمل الهشّ، وهذا التمييز موجود خاصة في القطاع الفلاحي. حيث تكون أجور العاملات أدنى من أجور العمال الذكور وهي جزء من مأساة العاملات في القطاع الفلاحي اللاتي يعشن ظروفا مهنية واجتماعية غير لائقة.

وأمام هذه الوضعية الصعبة والتي تنسحب على كل القطاعات المشغّلة فإن تعديلات مجلة الشغل تواجه اليوم تحديات كبرى لإيجاد حلول للأجور المتدنية خاصة في القطاع الخاص، ووضعية عمال المناولة وعمال الحضائر والعاملات الفلاحيات وارتفاع نسب البطالة والفقدان المتواصل لمواطن الشغل مع غلق مئات المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وهي كلّها عناوين للتشغيل الهشّ وغير اللائق في تونس والذي لا يحترم حقوق العمال.

إلى جانب غياب الأمان الوظيفي وصعوبة وضعية آلاف العمال بما يفرض أن تكون التعديلات المزمع إدخالها مواكبة للعصر والمتغيرات وحاجيات العمال وتضمن أيضا تنظيما أفضل لعقود المناولة والعمل الهش في انتظار التخلّص من كل أنواع العمل الهش والمهين للكرامة مع ضرورة العمل المتواصل على تعزيز وضمان حقوق العمال بما ينعكس إيجابيا على المردودية والإنتاج.

إلى جانب تعزيز الرقابة على القطاع الخاص بالأساس وفرض العقوبات الصارمة على كل من ينتهك العمال أو يستخدم عقودا هشة في التشغيل وبشكل غير قانوني.

ومن بين هذا العقود نجد أبرزها عقود المناولة التي تتحوّل أحيانا إلى نوع من الاستعباد تغيب فيه أدنى الحقوق العمالية. ففي ظل كل المتغيرات التي يعيشها اليوم العالم بات لزاما إيجاد حلّ لعقود المناولة التي تستغل حاجة العمال للعمل تحت أي ظرف حتى ولو كان بيئة مهنية غير آمنة مع انتهاك صارخ لكل الحقوق المهنية والاجتماعية.

ومن بين هذه العقود نجد وضعية عمال الحضائر التي لم تحسم بعد رغم انه تم الاتفاق في وقت سابق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على تسوية وضعية ملفّات عمال الحضائر من خلال توظيفهم بشكل رسمي على دفعات، وذلك بعد تقسيمهم إلى ثلاث شرائح، تشمل الأولى من سنّهم أقل من 45 سنة والثانية من تتراوح أعمارهم بين 45 و55 سنة  فيما تشمل الشريحة الأخيرة من يفوق سنهم 55 عاما، إلا أنه لم يقع احترام هذا الاتفاق بالكامل ولكن مؤخرا عاد هذا الملف ليكون من الملفات التي تتابعها الحكومة والتي بدأت في تسوية وضعية بقية عمال الحضائر وإلغاء المناولة. وقد تم تشكيل لجنة وطنية للغرض قامت بتوزيع من تبقى من عمال الحضائر على المراكز الشاغرة بعد أن كانت انطلقت في مارس الماضي عملية جرد وطني لشركات المناولة في إطار جهود الدولة في مكافحة التشغيل الهشّ.

احتجاج الاتحاد على التنقيح الأحادي 

منذ أول اجتماع وزاري انتظم تحت إشراف رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني في بداية شهر جويلية الماضي للنظر في مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة الشغل، عبّر المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، في بيان له عن احتجاجه بسبب ما وصفه بانفراد الحكومة بمراجعة مجلة الشغل، وأن في ذلك "تنكر للعقد الاجتماعي الموقع بين الحكومة واتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يوم 14 جانفي 2013" . كما أشار الاتحاد في بيانه إلى أنّ تنقيح مجلّة الشغل يستدعي تقييما مشتركا بين أطراف الإنتاج لكامل المجلة ولا يجب أن ينحسر في مسألة العقود والتشغيل الهش.

ولكن مع ذلك واصلت الحكومة حتى بعد إقالة أحمد الحشاني وتعيين كمال المدّوري، مسار تنقيح مجلة الشغل ودون إشراك للمنظمة النقابية التي ما زالت تطالب باستئناف الحوار في إطار تشاركي وفي أقرب الآجال لتنقيح القوانين الأساسية العامة للوظيفة العمومية وللمنشآت والدواوين والمؤسّسات العمومية وكذلك الأنظمة الأساسية القطاعية من أجل حماية حقوق الأعوان والموظفين والعمال.

وكانت الرئاسة أعلنت في وقت سابق وأنه على اثر اجتماع رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس الحكومة كمال المدوري، تم الاتفاق على مواصلة مشروع تنقيح مجلّة الشغل لوضع حدّ نهائي لما يُعرف بالمناولة والعقود المحدودة في الزمن فضلا عن تسوية وضع عمّال الحضائر.

وستكون مسألة عقود المناولة أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة في مسألة تنقيح مجلة الشغل حيث يصرّ رئيس الدولة على ضرورة إلغاء هذه العقود الهشة في حين أن الوضع الاقتصادي الصعب قد لا يمنح الحكومة هامشا كبيرا في التعاطي مع مسألة عقود المناولة بالإلغاء ووفق بعض المعطيات، فإن التوجّه هو تحسين وضعية العمّال في هذه العقود الهشة في حين سيكون الإلغاء مرحليا وليس آنيا.

منية العرفاوي

بعد انطلاق عملية تعديلها وإحالتها على "التقاعد"..    عقود المناولة ووضعية العمّال الهشة من أبرز التحديات في مجلة الشغل المرتقبة

تونس - الصباح

 انطلق فعليا العمل صلب وزارة الشؤون الاجتماعية لتعديل مجلة الشغل التي تم إحداثها منذ سنة 1966، مثلما أعلن الوزير عصام الأحمر عن ذلك، خاصة أنه سبق وأكّد أنه حان الوقت لإحالة هذه المجلّة على"التقاعد". مؤكدا أن الهدف من ذلك القضاء على كل أشكال العمل الهشّ وحماية الحقوق الاجتماعية ومكاسب العمال مع الحفاظ على الدور الاقتصادي للمؤسسات..

 وزير الشؤون الاجتماعية اعتبر أيضا في تصريحات سابقة أن التعديلات التي سيتم إدخالها على مجلة الشغل ستكون في إطار ثورة تشريعية، كما أشار الوزير إلى أنه سيتم إحداث صندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل بما سيخفّف العبء على المؤسسات، وإحداث هذا الصندوق سيكون خطوة هامة لإرساء منظومة الأمان الاجتماعي خاصة وأنه لسنوات وعقود ماضية ضاع حقّ آلاف العمَال بعد إحالتهم على البطالة القسرية بسبب الظروف الاقتصادية للمؤسسة سواء عند إفلاسها أو غلقها أو دخولها مرحلة التسوية القضائية.

هذه البطالة القسرية كثيرا ما يدفع ثمنها العامل الذي فقد موطن شغله ومصدر دخله ويبقى يلاحق التعويضات المادية أمام المحاكم لمدة قد تطول لسنوات، وإحداث مثل هذا الصندوق سيضمن حياة آمنة وكرامة من فقدوا عملهم لأسباب مختلفة.

ورغم التأكيدات المتواصلة أن تعديل مجلة الشغل أو إحالتها على "التقاعد" في نسختها القديمة يأتي لتكريس وترسيخ مفهوم الدور الاجتماعي للدولة باعتبارها حامية للحقوق الاجتماعية وأولها حقوق العمّال في إطار دورها على حماية المؤسسات الاقتصادية وضمان ديمومتها، إلا أن هناك اليوم أسئلة تطرح من أكثر من طرف اجتماعي بسبب ما اعتبرته بعض الأطراف، الصيغة الأحادية التي انتهجتها الحكومة في تعديل مجلة الشغل دون الرجوع حتى بالاستشارة إلى الأطراف الاجتماعية ومنها اتحاد الشغل الذي استنكر في وقت سابق عدم تشريكه في هذه التعديلات.

       كما أن أغلب القطاعات التشغيلية تعاني من وضعية هشاشة صعبة حيث تتدنّى الأجور مع أوضاع مهنية غير مستقرة بما يعسّر مهمة صياغة نصّ قانوني يستجيب إلى الحاجيات العمالية الراهنة ويراعي الرهانات الاقتصادية.

خطوة ايجابية

دون شكّ أن تنقيح أو تعديل مجلة الشغل خطوة ايجابية بالنظر إلى أنها أصبحت إطارا تشريعيا قديما لا يستجيب إلى التطوّرات الراهنة والتي فرضت واقعا تشغيليا جديدا بما خلق بدوره مناخات اجتماعية مختلفة همّشت وضعية العامل وأصبح عرضة أكثر من ذي قبل إلى هدر حقوقه وفقدان موطن عمله بالنظر إلى التقلّبات الاقتصادية الكبرى التي يشهدها كل العالم ولا يقتصر الأمر على بلادنا، بما يفرض مواكبة العصر. وقد أكدّ وزير الشؤون الاجتماعية أن المجلة الجديدة ستواكب العصر والتكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الحديثة. وأشار أيضا إلى أن التعديلات في مجلة الشغل ستشمل تنظيم العلاقات الفردية والجماعية والصحة والسلامة المهنية وعقود الشغل والعلاقات المهنية الثلاثية، وذلك في إطار التوازن وضمان حقوق العمال من خلال تمكينهم بأجر عادل وتغطية اجتماعية والحفاظ على المؤسسة خاصة وأن تونس من البلدان التي مازال فيها العمال يعانون من وضع مهني واجتماعي صعب في أغلب القطاعات وخاصة القطاعات الهشّة التي تستوعب آلاف العمّال.

 ويشمل التشغيل الهش العمل في ظروف غير آمنة وغير مستقرة دون أن يتمتع فيها العامل بالحقوق والضمانات القانونية والتأمين الاجتماعي والحدّ الأدنى للأجور وظروف العمل الصحية من خلال عقود عمل قصيرة الأجل أو مؤقتة لا تشمل العامل بالأمان الوظيفي ولا الاستقرار المهني.. حيث تكون الأجور منخفضة وأحيانا دون الحدّ الأدنى من الأجر المكفول"السميغ" الذي يطرح بدوره أشكالا، ويعتبر من بين أضعف الأجور في المنطقة العربية. كما أن العمل في بيئة خطرة وغير آمنة صحيا تغيب فيها معدات الحماية والإسعاف يعتبر أيضا عملا هشّا وغير لائق، بالإضافة إلى تجاهل الحقوق المهنية والتضييق على الحق النقابي والذي يعتبر أيضا من سمات العمل الهشّ، وإذا تم التمييز بين النساء والرجال في العمل على أساس الأجر أو ساعات العمل فان ذلك يعتبر أيضا من أصناف العمل الهشّ، وهذا التمييز موجود خاصة في القطاع الفلاحي. حيث تكون أجور العاملات أدنى من أجور العمال الذكور وهي جزء من مأساة العاملات في القطاع الفلاحي اللاتي يعشن ظروفا مهنية واجتماعية غير لائقة.

وأمام هذه الوضعية الصعبة والتي تنسحب على كل القطاعات المشغّلة فإن تعديلات مجلة الشغل تواجه اليوم تحديات كبرى لإيجاد حلول للأجور المتدنية خاصة في القطاع الخاص، ووضعية عمال المناولة وعمال الحضائر والعاملات الفلاحيات وارتفاع نسب البطالة والفقدان المتواصل لمواطن الشغل مع غلق مئات المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وهي كلّها عناوين للتشغيل الهشّ وغير اللائق في تونس والذي لا يحترم حقوق العمال.

إلى جانب غياب الأمان الوظيفي وصعوبة وضعية آلاف العمال بما يفرض أن تكون التعديلات المزمع إدخالها مواكبة للعصر والمتغيرات وحاجيات العمال وتضمن أيضا تنظيما أفضل لعقود المناولة والعمل الهش في انتظار التخلّص من كل أنواع العمل الهش والمهين للكرامة مع ضرورة العمل المتواصل على تعزيز وضمان حقوق العمال بما ينعكس إيجابيا على المردودية والإنتاج.

إلى جانب تعزيز الرقابة على القطاع الخاص بالأساس وفرض العقوبات الصارمة على كل من ينتهك العمال أو يستخدم عقودا هشة في التشغيل وبشكل غير قانوني.

ومن بين هذا العقود نجد أبرزها عقود المناولة التي تتحوّل أحيانا إلى نوع من الاستعباد تغيب فيه أدنى الحقوق العمالية. ففي ظل كل المتغيرات التي يعيشها اليوم العالم بات لزاما إيجاد حلّ لعقود المناولة التي تستغل حاجة العمال للعمل تحت أي ظرف حتى ولو كان بيئة مهنية غير آمنة مع انتهاك صارخ لكل الحقوق المهنية والاجتماعية.

ومن بين هذه العقود نجد وضعية عمال الحضائر التي لم تحسم بعد رغم انه تم الاتفاق في وقت سابق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على تسوية وضعية ملفّات عمال الحضائر من خلال توظيفهم بشكل رسمي على دفعات، وذلك بعد تقسيمهم إلى ثلاث شرائح، تشمل الأولى من سنّهم أقل من 45 سنة والثانية من تتراوح أعمارهم بين 45 و55 سنة  فيما تشمل الشريحة الأخيرة من يفوق سنهم 55 عاما، إلا أنه لم يقع احترام هذا الاتفاق بالكامل ولكن مؤخرا عاد هذا الملف ليكون من الملفات التي تتابعها الحكومة والتي بدأت في تسوية وضعية بقية عمال الحضائر وإلغاء المناولة. وقد تم تشكيل لجنة وطنية للغرض قامت بتوزيع من تبقى من عمال الحضائر على المراكز الشاغرة بعد أن كانت انطلقت في مارس الماضي عملية جرد وطني لشركات المناولة في إطار جهود الدولة في مكافحة التشغيل الهشّ.

احتجاج الاتحاد على التنقيح الأحادي 

منذ أول اجتماع وزاري انتظم تحت إشراف رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني في بداية شهر جويلية الماضي للنظر في مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة الشغل، عبّر المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، في بيان له عن احتجاجه بسبب ما وصفه بانفراد الحكومة بمراجعة مجلة الشغل، وأن في ذلك "تنكر للعقد الاجتماعي الموقع بين الحكومة واتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يوم 14 جانفي 2013" . كما أشار الاتحاد في بيانه إلى أنّ تنقيح مجلّة الشغل يستدعي تقييما مشتركا بين أطراف الإنتاج لكامل المجلة ولا يجب أن ينحسر في مسألة العقود والتشغيل الهش.

ولكن مع ذلك واصلت الحكومة حتى بعد إقالة أحمد الحشاني وتعيين كمال المدّوري، مسار تنقيح مجلة الشغل ودون إشراك للمنظمة النقابية التي ما زالت تطالب باستئناف الحوار في إطار تشاركي وفي أقرب الآجال لتنقيح القوانين الأساسية العامة للوظيفة العمومية وللمنشآت والدواوين والمؤسّسات العمومية وكذلك الأنظمة الأساسية القطاعية من أجل حماية حقوق الأعوان والموظفين والعمال.

وكانت الرئاسة أعلنت في وقت سابق وأنه على اثر اجتماع رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس الحكومة كمال المدوري، تم الاتفاق على مواصلة مشروع تنقيح مجلّة الشغل لوضع حدّ نهائي لما يُعرف بالمناولة والعقود المحدودة في الزمن فضلا عن تسوية وضع عمّال الحضائر.

وستكون مسألة عقود المناولة أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة في مسألة تنقيح مجلة الشغل حيث يصرّ رئيس الدولة على ضرورة إلغاء هذه العقود الهشة في حين أن الوضع الاقتصادي الصعب قد لا يمنح الحكومة هامشا كبيرا في التعاطي مع مسألة عقود المناولة بالإلغاء ووفق بعض المعطيات، فإن التوجّه هو تحسين وضعية العمّال في هذه العقود الهشة في حين سيكون الإلغاء مرحليا وليس آنيا.

منية العرفاوي