طالب العديد من النواب أمس خلال يوم دراسي نظمته الأكاديمية البرلمانية بمجلس نواب الشعب حول مشروع قانون تنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المؤرخ في 9 أفريل 2022 المتعلّق بـ«مؤسسة فداء» للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها وإتمامه، بتحقيق مطالب الثورة من شغل وحرية وكرامة وطنية وعدالة بين مختلف الفئات والجهات. ولاحظوا أن مشروع القانون يشكو من عدة نقائص وثغرات يجب العمل على تلافيها. وشددوا على ضرورة الحد من التمييز الموجود بين منظوري «مؤسسة فداء»، ودعوا إلى إنصاف ورد اعتبار وحفظ ذاكرة جميع الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تونس منذ الحقبة الاستعمارية إلى اليوم، واقترح بعضهم إنشاء وزارة المجاهدين في سبيل الوطن وتمتيع أولي الحق من شهداء الثورة والعمليات الإرهابية من مدنيين وأمنيين وعسكريين وأعوان السجون والديوانة بمجانية السكن والنقل.
وأشار إبراهيم بودربالة رئيس مجلس النواب إلى أن مكتب المجلس أحال مشروع القانون إلى لجنتي التشريع العام والدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح وأنه طلب منهما استعجال النظر فيه رغبة في تمريره في أسرع الأوقات.
وقبل النقاش، قدم أحمد جعفر رئيس «مؤسسة فداء» للنواب بسطة حول الغاية من مشروع القانون الجديد وبين أن الهدف منه هو حسن الإحاطة بمن ضحوا في سبيل الوطن، وذكر أنه لابد من الإشارة إلى أن فكرة إحداث هذه المؤسسة تم تقديمها سنة 2013 من قبل الأستاذ قيس سعيد وتم تفعيلها من خلال المرسوم الصادر عنه سنة 2022. وأضاف أن انتظارات منظوري هذه المؤسسة كبيرة لذلك كان لابد من بذل جهود كبيرة من أجل الاستجابة لها حيث تم العمل في وقت وجيز على تركيز الهياكل الداخلية للمؤسسة ومجلسها واللجنة الطبية وتم فتح الباب لجرحى الثورة وعائلات الشهداء للإصغاء إليهم، وتبين من خلال هذه العملية أن المشكل ليس في غياب النصوص القانونية وإنما في عدم تفعيلها فهناك أحكام وردت في مرسوم سنة 2011 ولم تفعل إلى غاية سنة 2023. وأضاف أنه بعد شهرين من عمل «مؤسسة فداء» تم تفعيل الحقوق المنصوص عليها في المرسوم الصادر سنة 2022 ولاحظ أنه رغم الإشكال الموجود في الفصل 37 فقد تم العمل على تذليله، وذكر أن «مؤسسة فداء» غيرت وضعية عائلات شهداء الثورة وجرحاها ونفس الشيء بالنسبة إلى عائلات ضحايا الاعتداءات الإرهابية إذ تم اعتبار الشهيد كما لو أنه على قيد الحياة من خلال إعادة بناء مساره المهني ومنح شارات الرتب إلى هذه العائلات وفي ذلك رمزية معنوية كبيرة. وقال إن مشروع قانون تعديل المرسوم الصادر سنة 2022 جاء من أجل حل الإشكاليات التطبيقية والسعي إلى ضمان العدل والإنصاف بين الجميع. وأكد أنه تم إعداد هذا المشروع بعد الاستماع إلى مختلف الأطراف المعنية ولكنه يبقى قابلا للنقاش والتطوير. ولم يخف جعفر رفضه لمطلب مجموعة فك الارتباط المتمثل في العودة إلى المرسوم عدد 97 لسنة 2011 الصادر الذي تم تنقيحه وإتمامه من قبل المجلس الوطني التأسيسي بالقانون عدد 26 لسنة 2012.
لا للنسيان
وبين ياسر القوراري رئيس لجنة التشريع العام أن النظر في مشروع القانون يتزامن مع ذكرى الثورة وأضاف أنه لا يمكن نسيان شهداء سيدي بوزيد وتالة وصفاقس وجميع جهات البلاد، ولا يمكن نسيان أي قطرة دماء سالت في تونس من أجل التحرر الوطني ولا يمكن نسيان انتفاضة الشباب التونسي وما حدث خلال ما وصفه بـ"العشرية السوداء" وخاصة عند استشهاد شكري بلعيد ومحمد البراهمي وما تعرضت له حافلة العسكريين في نبر وحافلة الأمن الرئاسي في العاصمة واستشهاد العسكريين في الشعانبي والطويرف وبن قردان كما لا يمكن نسيان ضحايا العمليات الإرهابية من المدنيين. وذكر أن تكريم جميع هؤلاء لا يتم إلا بحفظ ذكراهم ويرى رئيس اللجنة أن المرسوم يتنزل في إطار تخليد الذكرى وحفظ حقوق جميع أبناء تونس الذين سالت دماءهم. وأضاف أنه يجب إتباع خطوات الشهداء لأن هؤلاء ضحوا بحياتهم من أجل الشغل والحرية والقطع مع التفاوت بين الجهات وذكر أنه لابد من العمل على خوض معركة التحرر الوطني والكرامة والقطع مع الفساد وعلى دحر جيوب الإرهاب والحذر من إمكانية عودة فلول الإرهاب لتونس.
أما عادل ضياف رئيس لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح فلاحظ أن المؤسسة تحمل اسم فداء وهو ما يعني أن الدولة التونسية لن تنسى ضحايا العمليات الإرهابية وأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها الذين خضبوا بدمائهم الزكية أرض تونس الطيبة وضحوا بأنفسهم من أجل الحرية والكرامة وأمن تونس وجدير بهم أن يخلدوا في التاريخ. وذكر أنه لا بد من تسريع نسق العمل في «مؤسسة فداء» احتراما لحقوق الشهداء والجرحى، ولا بد من الإحاطة بهذه الفئة والعناية بها. ويرى رئيس اللجنة أن مشروع القانون سيساهم بعد المصادقة عليه في تعزيز الإحاطة الاجتماعية والصحية والنفسية بمنظوري «مؤسسة فداء» من خلال تعديل آلية الجرايات وتطوير الانتفاع ببرامج السكن الاجتماعي ولاحظ أن اليوم الدراسي هو فرصة للاستماع إلى ممثلي هذه المؤسسة لتقييم أعمالها بما يمكن الوظيفتين التشريعية والتنفيذية من التعاون من أجل مساعدتها على تذليل الصعوبات.
وفي مداخلته حول تطوّر الإطار القانوني للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابيّة تحدث العقيد محمد الريحاني الإطار بـ«مؤسسة فداء» عن مختلف المراسيم والقوانين والأوامر التطبيقية التي تهم هذه الفئة ولاحظ أن الاعتداءات الإرهابية تنامت بعد الثورة وتنوعت من حيث الزمان والمكان واستعرض مختلف حقوق مصاب الاعتداء الإرهابي وحقوق الأصول.
وأشار العميد سامي بلحاج ممثل الإدارة العامة للديوانية إلى أن أعوان الديوانية ينتفعون هم أيضا بتدخلات «مؤسسة فداء» وأن الإدارة ساهمت في إعداد مشروع القانون، وفسر للنواب الإعفاء المتعلق بمنح الامتياز على العربات المجهزة الوارد في الفصلين 13 مكرر و27 مكرر من المشروع وأضاف أنه تمت الإشارة إلى تسوية وضعية الامتياز ليصبح حقا مكتسبا للورثة ليتمكنوا من التصرف في تلك السيارة سواء باستعمالها أو التفويت فيها. وذكر أنه من المنتظر بعد صدور القانون نشر نص تطبيقي للفصلين المذكورين.
الإحاطة بالضحايا
واستعرض المقدم سهيل النائلي الإطار بـ«مؤسسة فداء» أبرز الأنشطة التي قامت بها المؤسسة بهدف الإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابيّة، وبين أن عدد شهداء العمليات الإرهابية يبلغ 153 شهيدا وهم من جميع الأسلاك، 52 بالمائة منهم من الجيش الوطني و27 بالمائة من الحرس الوطني و11 بالمائة من الأمن الوطني و8 بالمائة من الأمن الرئاسي و1 بالمائة من الديوانة والسجون والإصلاح.. أما عدد مصابي الاعتداءات الإرهابية فبلغ 680 مصابا. كما تطرق إلى الحلول المقترحة من قبل «مؤسسة فداء» ضمن مشروع القانون المعروض على مجلس نواب الشعب. وبين في هذا السياق أنه في ما يتعلق بالفصلين 17 و18 فقد تم توضيح التمييز بين المصاب الذي أحيل على التقاعد بسبب العجز البدني الناتج عن الإصابة والمصاب الذي يبقى مباشرا لعمله مع تغيير اختصاصه الأصلي. وتم الأخذ بعين الاعتبار وضعية شهيد الوطن الأعزب، فبصرف النظر عن كلّ تشريع مخالف، يتمتع والدا الشهيد الأعزب بالتساوي بينهما بجراية تعويضية في حدود كامل المرتب الشهري الذي كان يتقاضاه شهيد الوطن بما في ذلك المنح المترتبة عن التدرج المهني والترقيات المفترضة في سلكه الأصلي وذلك إلى حين بلوغ السن القانونية للتقاعد. كما تم إسناد جراية شهرية من قبل «مؤسسة فداء» لوالدي الشهيد المتزوج. وأضاف أنه تم توسيع قاعدة المنتفعين بالمنح المدرسية والجامعية والنقل المجاني عبر تمتيع أبناء الجرحى الذين لهم نسب سقوط بدني تفوق 15 بالمائة بالمنح المدرسية والجامعية، على غرار أبناء الشهداء وتمتيع أولي الحق من شهداء الاعتداءات الإرهابية بمجانية النقل بوسائل النقل العمومي بكامل تراب الجمهورية على غرار أولي الحق من شهداء الثورة.
وقال إنه بالنسبة إلى توفير السكن لضحايا الاعتداءات الإرهابية تم من خلال مشروع القانون توسيع قاعدة المنتفعين لتشمل مصابي الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة الذين تساوي أو تفوق نسبة السقوط البدني الحاصل لهم 50 بالمائة في الانتفاع بالسكن، وأرملة وأبناء مصاب الاعتداء الإرهابي، في صورة وفاته قبل الانتفاع بأي من برامج السكن التي يشير إليها المرسوم. كما تم إرساء الآليات القانونية الكفيلة بضمان انتفاع ضحايا الاعتداءات الإرهابية ببرامج السكن، وحسن تدخل مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك الجماعات المحلية، في توفير مسكن أو مقسم أو تحسين المسكن في صورة استيفاء جميع التدخلات في إطار البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي فضلا عن إسناد منحة تعادل المنحة التي تخصصها الدولة بعنوان البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي في صورة تعذر الانتفاع ببرامج السكن المذكورة وعدم تطبيق شرط دخل المنتفع وقرينه وضمان التمتع بالامتيازات الممنوحة للفئات الاجتماعية الأقل دخلا في إطار البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي.
وذكر أنه في مجال الإحاطة الصحية بضحايا الاعتداءات الإرهابية، ينتفع أولو الحق من شهداء الوطن ومصابو الاعتداءات الإرهابية المحالين على التقاعد بمجانية التداوي بالهياكل الصحية العمومية والعسكرية وتلك التابعة لقوات الأمن الداخلي والديوانة. وأضاف أنه تم الأخذ بعين الاعتبار عدم جدوى نقل بعض المنافع والخدمات التي تتكفل بها حاليا الهياكل الأصلية التي ينتمي إليها مصابو الاعتداءات الإرهابية، خاصة وأن لهذه الهياكل تقاليد في المجال ومنظومات إجرائية قائمة الذات تسمح بالتعهد بصفة ناجعة بعلاج المصابين بما في ذلك العلاج بالخارج والقطاع الخاص، مما قد يطرح إشكالا في صورة تعهد المؤسسة بذلك لازدواجية اللجان والهياكل المتدخلة في المجال. ومن المقترحات الأخرى التي تم تضمينها في مشروع القانون حسب قوله تمكين أصول شهداء الاعتداءات الإرهابية من الحج وفق شروط وإجراءات تضبط بمقرر من رئيس المؤسسة، وذلك قصد الأخذ بعين الاعتبار لإسناد هذه المنافع قبل صدور المرسوم وأنه من غير الوجيه التخّلي عنها.
وفي علاقة بالإعفاء من المعاليم والأداءات المستوجبة عند توريد عربة مجهزة فلاحظ أن غياب إجراءات تطبيقيّة تمكّن المصالح المعنية ومن بينها الديوانة من تفعيل هذا الحق يطرح إشكالا بالنسبة للفئات المعنية ولذلك تم التنصيص صلب مشروع القانون على الإحالة إلى نص تطبيقي يضبط تلك الإجراءات بصفة دقيقة حتّى يتم تمكين هذه الفئات من حقوقها. أما بالنسبة إلى الإدماج المهني لضحايا الاعتداءات الإرهابية فتم التنصيص على أن تتولى «مؤسسة فداء» تقديم المساعدات اللازمة لضحايا الاعتداءات الإرهابية لبعث مشاريع اقتصادية بالتنسيق مع الهياكل والمصالح الإدارية المعنية.
أما هناء حامدي رئيسة مصلحة بوحدة السكن الاجتماعي بوزارة التجهيز والإسكان فأطلعت المشاركين في اليوم الدراسي المنتظم ببادرة من الأكاديمية البرلمانية على مكونات البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي، وبينت انه بالنسبة إلى ضحايا الاعتداءات الإرهابية فقد تم تخصيص مساكن لفائدتهم في الكاف وسيدي بوزيد ونابل وصفاقس وتونس. وأضافت أنه حال المصادقة على مشروع تنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المؤرخ في 9 أفريل 2022 وتحديدا الفصلين 10 و28 اللذين يضبطان صيغة وكيفية إسناد المساكن لمستحقيها من «مؤسسة فداء» سيتم تمكينهم من المساكن الاجتماعية المحجوزة على ذمّتهم.
شهداء الثورة وجرحاها
تطرق شكري الهمامي مدير عام الإحاطة بأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها بـ«مؤسسة فداء» إلى مراحل تطوّر الإطار القانوني للإحاطة بأولى الحق من شهداء الثورة وجرحاها والمنافع المسندة لهم ونشاط «مؤسسة فداء» والإشكاليات القانونية المطروحة وسبل تجاوزها من خلال التعديلات المقترحة للمرسوم. ولاحظ أن الإطار القانوني والمؤسساتي شهد تطورا في اتجاه وضع نص شامل للإحاطة بهم، وفي اتجاه تركيز مؤسسة واحدة تعنى بالإحاطة الشاملة بهم وتلافي تشتت الهياكل العمومية. وذكر أنه تم العمل على تركيز قاعدة معطيات دقيقة خاصة بأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها تطبيقا لأحكام الفصلين 5 و36 من المرسوم عدد 20 لسنة 2022 وهي تهم 129 شهيدا واردة أسماؤهم بالقائمة المنشورة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وأكد أنه تم ضبط قاعدة المعطيات الخاصة بأولي الحق من الشهداء بنسبة 92 بالمائة، كما تهم 634 جريحا واردة أسماؤهم بالقائمة المنشورة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية مع إضافة جريح إلى هذه القائمة بمقتضى حكم قضائي بات وقد تم ضبط قاعدة المعطيات التي تخص الجرحى بنسبة 95 بالمائة.
كما أشار ممثل «مؤسسة فداء» في مداخلته إلى الإشكاليات ذات العلاقة بالإحاطة بأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها على مستوى نظام إسناد الجريات، والتكفل الصحي، والنقل المجاني لذلك برزت أهمية مراجعة أحكام المرسوم من أجل مزيد تطوير المنظومة القانونية للإحاطة الصحية والاجتماعية والمعنوية بالفئات المعنية وضمان سلامة التصرف الإداري في إسناد المنافع المقررة بهذا المرسوم إلى مستحقيها. واستعرض الفصول التي فيها إشكاليات وقدم في المقابل مقترحات لتعديلها في اتجاه تلافي تلك الإشكاليات.
وزارة المجاهدين
وخلال نقاش مشروع القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المؤرخ في 9 أفريل 2022 المتعلّق بـ«مؤسسة فداء» للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها وإتمامه، قالت النائبة ريم المعشاوي إن «مؤسسة فداء» تعتبر مكسبا، وأضافت أنه يجب على الدولة أن تعترف بحقوق شهداء العمليات الإرهابية ومصابيها من الأمنيين والعسكريين، ودعت إلى الترفيع في قيمة المنح والامتيازات المنصوص عليها في المرسوم لأولي الحق وطالبت بتمتيع عائلات شهداء الثورة وجرحاها بنفس الامتيازات وبإنصاف شهداء انتفاضة الحوض المنجمي وجرحاها. ولاحظت أن عدد المساكن الاجتماعية المخصصة لعائلات الشهداء والجرحى قليل جدا وذكرت أن تمتيع عائلة شهيد الوطن بمسكن مساحته 50 مترا مربعا يعد إهانة للشهيد. ودعت إلى إنشاء وزارة المجاهدين الذين ناضلوا لدحر الاستعمار، أما النائب المنصف معلول فتساءل عن حق شهداء حركة التحرر الوطني فهناك من تم نسيانهم تماما. ولاحظ أن المساكن الاجتماعية المخصصة لعائلات الشهداء والجرحى وضعيتها مزرية وطالب بتحسين السكن الاجتماعي والتسريع في منحه للمنتفعين ومراجعة شروط الإسناد .
وتحدثت النائبة بسمة الهمامي بحرقة عن شهداء الحركة الوطنية الذين تناستهم الدولة مقابل تمجيد الزعيم الأوحد الحبيب بورقيبة ودعت المؤرخين إلى إعادة كتابة التاريخ، وقالت حان الوقت لكشف حقيقة من قتل شهداء تالة وغيرها ومن هم القناصة، وقالت إن المؤسسة الأمنية والعسكرية قدمت شهداء وقد قام هؤلاء بحماية تونس من الإرهاب، وذكرت أنه يوم ذبح الجنود في رمضان بكى التونسيون بحرقة لكن لا بد أيضا من إنصاف شهداء الثورة وجرحاها ولاحظت وجود تمييز كبير بين أولي شهداء الثورة وبين عائلات شهداء المؤسستين الأمنية والعسكرية وقالت إنها لن تسمح بالتمييز بين الشهداء. ولن تسمح بالتمييز بين الجرحى كما دعت إلى الأخذ بعين الاعتبار وضعية أبناء سليانة الذين أصيبوا بالرش. وذكرت أنه إلى جانب التنصيص في مشروع القانون على النقل المجاني في وسائل النقل البري يجب إضافة مجانية النقل الجوي والبحري.
أما النائب محمود شلغاف فبين أن الاهتمام بضحايا الإرهاب وأولي الحق من شهداء الثورة الجرحى أمر ايجابي ويرى أن عدم إدراج ضحايا نظام بورقيبة ونظام بن علي غير مفهوم وذكر أنه لا بد من كشف الحقيقة ورد الاعتبار للضحايا وإدراج ضحايا ما قبل الثورة ضمن اهتمامات "مؤسسة فداء".
أما النائبة ريم الصغير فقد لاحظت أن مشروع القانون لا يكرس العدالة الاجتماعية وأنه لا توجد مساواة بين ذوي الإعاقة وبين مصابي العمليات الإرهابية في علاقة بالامتياز الجبائي الممنوح للسيارات، وذكرت أن النواب أرادوا إضافة فصل في قانون المالية لفائدة ذوي الإعاقة لكن وزيرة المالية قالت انه يتعارض مع مجلة الصرف فكيف سيتم تطبيق الفصل المقترح في مشروع قانون تنقيح مرسوم مؤسسة فداء؟. وحتى في صورة تمكينهم من السيارة فهل سيتم استعمالها في صورة وفاتهم من قبل أبنائهم وهل سيتم فتح الباب لتوريد سيارات ضخمة بما يخل بتوازن الميزانية في علاقة بنفقات دعم المحروقات؟.
خيبة أمل
النائب محمد الشعباني عبر عن حزنه لأنه لم يلحظ مظاهر فرح في ذكرى الثورة بل هناك خيبة أمل يشعر بها الناس. وأضاف أن حق الشهداء والجرحى حق مكتسب لكن هؤلاء عندما خرجوا بصدور عارية للاحتجاج لم يفعلوا ذلك من أجل الحصول على جرايات بل كانوا يطالبون بتنمية الجهات المهمشة، وهذا المطلب لم يتحقق ففي القصرين لا توجد سيارة إسعاف لنقل مصاب بلغم في جبل الشعانبي إلى المستشفى.. وذكر أنه كان من المفروض أن تقوم «مؤسسة فداء» بإعداد دراسات للإجابة عن سبب قيام الثورة ولماذا انطلقت من الجهات المهمشة ولماذا مازالت حالة البؤس مسيطرة على تلك المناطق؟
وقالت النائبة منال بديدة إنها غير راضية عن كيفية تعامل الدولة مع أولي شهداء الثورة وجرحاها وأضافت أنه لم يقع بعد تحقيق أهداف الثورة وجني ثمارها وبينت أنه لا يمكن جني هذه الثمار إلا باحترام حقوق أولي الشهداء والجرحى من خلال تنقيح المرسوم وذكرت أنه ليس من المعقول استثناء ضحايا الإرهاب من المدنيين وأنه لا بد من تعويضهم، وتساءلت عن سبب الاقتصار على الجرايات والمنح ودعت إلى فتح المجال لتمكين عائلات الشهداء والجرحى من الانتفاع ببرامج التمكين الاقتصادي.
أما النائب عبد القادر بن زينب فلاحظ أن أعوان المؤسستين الأمنية والعسكرية يعانون فهم يعملون في ظروف صعبة بأجور زهيدة، وقال لابد من العمل على تحسين وضعياتهم الاجتماعية وهم أحياء وعدم انتظار استشهادهم لتكريمهم، ودعا إلى تعميم تمتيعهم بالسكن الاجتماعي والترفيع في أجورهم لأنه من غير المنطقي أن يتقاضى رجل الأمن 1400 دينار فقط وطالب بمنحهم امتيازات لاقتناء سيارات.
معاني الثورة
لاحظ النائب مختار العيفاوي أن مفهوم الثورة لم يعد يعني الكثير للتونسيين وأن القوانين والمراسيم أفرغت من محتواها، وفسر أن المطلب الأساسي للثورة هو المساءلة والمحاسبة فالمصالحة، وبين أنه كان من جرحى الثورة وهذه الثورة أنصفته كما أنصفت العديد من التونسيين لكنهم اليوم لا يعترفون بها. وذكر أن «مؤسسة فداء» أفرغت القضية من محتواها وركزت على التعويضات المادية وحتى في هذا الجانب هناك تمييز بين منظوريها. وأضاف أن المطلوب هو المساءلة والمحاسبة وكشف حقيقة ما حصل في عهد بن علي.. وطالب برد الاعتبار لجرحى الثورة وعبر عن أمله في أن لا ينقطع النفس الثوري في تونس وفي كل العالم.
وقال النائب معز الرياحي إن الزعيم الهواري بومدين عندما تحدث عن الشهداء قال إنهم قاموا بواجبهم كاملا تجاه الوطن لأن هؤلاء ضحوا بأرواحهم. وأضاف أنه يجب في تونس منح السكن الاجتماعي لعائلات شهداء الوطن بصفة مجانية ودون تمييز بينهم، ولا بد من تمتيع أبناء الشهداء من السكن الجامعي بصفة مجانية. ولاحظ أن مشروع القانون يجب ألا يستثني أبناء شهداء مؤسسة الديوانة وذكر أنه لا بد من حسن اختيار العبارات في القانون وحذف عبارة العائلات المعوزة ولا بد من التنفيذ الفوري للقانون بعد المصادقة عليه.
وذكرت النائبة آمال المؤدب أن مشروع القانون ورد فيه طلب استعجال نظر لكن يجب على النواب التعمق في دراسته، ودعت إلى الاستجابة إلى انتظارات عائلات الشهداء والجرحى، وقالت لا بد من حفظ الذاكرة وتكريم شهداء العمليات الإرهابية ورد الاعتبار لهم، وأضافت أنه يجب تدقيق المفاهيم لتلافي صعوبة تنفيذ القانون لاحقا. وبخصوص السكن الاجتماعي تساءلت إن كان قد تم وضع قائمة خاصة بعائلات الشهداء والجرحى. وذكرت أن هناك من يعانون من سقوط الزمهم البقاء في الفراش ويجب أخذ وضعياتهم النفسية بعين الاعتبار.
وخلال اختتام اليوم الدراسي دعا رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة ممثلي «مؤسسة فداء» وغيرهم من المشاركين إلى تقديم مقترحات مكتوبة قبيل شروع المجلس في التصويت على مشروع قانون تنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المؤرخ في 9 أفريل 2022 المتعلّق بـ«مؤسسة فداء» للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها وإتمامه.
سعيدة بوهلال
تونس- الصباح
طالب العديد من النواب أمس خلال يوم دراسي نظمته الأكاديمية البرلمانية بمجلس نواب الشعب حول مشروع قانون تنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المؤرخ في 9 أفريل 2022 المتعلّق بـ«مؤسسة فداء» للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها وإتمامه، بتحقيق مطالب الثورة من شغل وحرية وكرامة وطنية وعدالة بين مختلف الفئات والجهات. ولاحظوا أن مشروع القانون يشكو من عدة نقائص وثغرات يجب العمل على تلافيها. وشددوا على ضرورة الحد من التمييز الموجود بين منظوري «مؤسسة فداء»، ودعوا إلى إنصاف ورد اعتبار وحفظ ذاكرة جميع الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تونس منذ الحقبة الاستعمارية إلى اليوم، واقترح بعضهم إنشاء وزارة المجاهدين في سبيل الوطن وتمتيع أولي الحق من شهداء الثورة والعمليات الإرهابية من مدنيين وأمنيين وعسكريين وأعوان السجون والديوانة بمجانية السكن والنقل.
وأشار إبراهيم بودربالة رئيس مجلس النواب إلى أن مكتب المجلس أحال مشروع القانون إلى لجنتي التشريع العام والدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح وأنه طلب منهما استعجال النظر فيه رغبة في تمريره في أسرع الأوقات.
وقبل النقاش، قدم أحمد جعفر رئيس «مؤسسة فداء» للنواب بسطة حول الغاية من مشروع القانون الجديد وبين أن الهدف منه هو حسن الإحاطة بمن ضحوا في سبيل الوطن، وذكر أنه لابد من الإشارة إلى أن فكرة إحداث هذه المؤسسة تم تقديمها سنة 2013 من قبل الأستاذ قيس سعيد وتم تفعيلها من خلال المرسوم الصادر عنه سنة 2022. وأضاف أن انتظارات منظوري هذه المؤسسة كبيرة لذلك كان لابد من بذل جهود كبيرة من أجل الاستجابة لها حيث تم العمل في وقت وجيز على تركيز الهياكل الداخلية للمؤسسة ومجلسها واللجنة الطبية وتم فتح الباب لجرحى الثورة وعائلات الشهداء للإصغاء إليهم، وتبين من خلال هذه العملية أن المشكل ليس في غياب النصوص القانونية وإنما في عدم تفعيلها فهناك أحكام وردت في مرسوم سنة 2011 ولم تفعل إلى غاية سنة 2023. وأضاف أنه بعد شهرين من عمل «مؤسسة فداء» تم تفعيل الحقوق المنصوص عليها في المرسوم الصادر سنة 2022 ولاحظ أنه رغم الإشكال الموجود في الفصل 37 فقد تم العمل على تذليله، وذكر أن «مؤسسة فداء» غيرت وضعية عائلات شهداء الثورة وجرحاها ونفس الشيء بالنسبة إلى عائلات ضحايا الاعتداءات الإرهابية إذ تم اعتبار الشهيد كما لو أنه على قيد الحياة من خلال إعادة بناء مساره المهني ومنح شارات الرتب إلى هذه العائلات وفي ذلك رمزية معنوية كبيرة. وقال إن مشروع قانون تعديل المرسوم الصادر سنة 2022 جاء من أجل حل الإشكاليات التطبيقية والسعي إلى ضمان العدل والإنصاف بين الجميع. وأكد أنه تم إعداد هذا المشروع بعد الاستماع إلى مختلف الأطراف المعنية ولكنه يبقى قابلا للنقاش والتطوير. ولم يخف جعفر رفضه لمطلب مجموعة فك الارتباط المتمثل في العودة إلى المرسوم عدد 97 لسنة 2011 الصادر الذي تم تنقيحه وإتمامه من قبل المجلس الوطني التأسيسي بالقانون عدد 26 لسنة 2012.
لا للنسيان
وبين ياسر القوراري رئيس لجنة التشريع العام أن النظر في مشروع القانون يتزامن مع ذكرى الثورة وأضاف أنه لا يمكن نسيان شهداء سيدي بوزيد وتالة وصفاقس وجميع جهات البلاد، ولا يمكن نسيان أي قطرة دماء سالت في تونس من أجل التحرر الوطني ولا يمكن نسيان انتفاضة الشباب التونسي وما حدث خلال ما وصفه بـ"العشرية السوداء" وخاصة عند استشهاد شكري بلعيد ومحمد البراهمي وما تعرضت له حافلة العسكريين في نبر وحافلة الأمن الرئاسي في العاصمة واستشهاد العسكريين في الشعانبي والطويرف وبن قردان كما لا يمكن نسيان ضحايا العمليات الإرهابية من المدنيين. وذكر أن تكريم جميع هؤلاء لا يتم إلا بحفظ ذكراهم ويرى رئيس اللجنة أن المرسوم يتنزل في إطار تخليد الذكرى وحفظ حقوق جميع أبناء تونس الذين سالت دماءهم. وأضاف أنه يجب إتباع خطوات الشهداء لأن هؤلاء ضحوا بحياتهم من أجل الشغل والحرية والقطع مع التفاوت بين الجهات وذكر أنه لابد من العمل على خوض معركة التحرر الوطني والكرامة والقطع مع الفساد وعلى دحر جيوب الإرهاب والحذر من إمكانية عودة فلول الإرهاب لتونس.
أما عادل ضياف رئيس لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح فلاحظ أن المؤسسة تحمل اسم فداء وهو ما يعني أن الدولة التونسية لن تنسى ضحايا العمليات الإرهابية وأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها الذين خضبوا بدمائهم الزكية أرض تونس الطيبة وضحوا بأنفسهم من أجل الحرية والكرامة وأمن تونس وجدير بهم أن يخلدوا في التاريخ. وذكر أنه لا بد من تسريع نسق العمل في «مؤسسة فداء» احتراما لحقوق الشهداء والجرحى، ولا بد من الإحاطة بهذه الفئة والعناية بها. ويرى رئيس اللجنة أن مشروع القانون سيساهم بعد المصادقة عليه في تعزيز الإحاطة الاجتماعية والصحية والنفسية بمنظوري «مؤسسة فداء» من خلال تعديل آلية الجرايات وتطوير الانتفاع ببرامج السكن الاجتماعي ولاحظ أن اليوم الدراسي هو فرصة للاستماع إلى ممثلي هذه المؤسسة لتقييم أعمالها بما يمكن الوظيفتين التشريعية والتنفيذية من التعاون من أجل مساعدتها على تذليل الصعوبات.
وفي مداخلته حول تطوّر الإطار القانوني للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابيّة تحدث العقيد محمد الريحاني الإطار بـ«مؤسسة فداء» عن مختلف المراسيم والقوانين والأوامر التطبيقية التي تهم هذه الفئة ولاحظ أن الاعتداءات الإرهابية تنامت بعد الثورة وتنوعت من حيث الزمان والمكان واستعرض مختلف حقوق مصاب الاعتداء الإرهابي وحقوق الأصول.
وأشار العميد سامي بلحاج ممثل الإدارة العامة للديوانية إلى أن أعوان الديوانية ينتفعون هم أيضا بتدخلات «مؤسسة فداء» وأن الإدارة ساهمت في إعداد مشروع القانون، وفسر للنواب الإعفاء المتعلق بمنح الامتياز على العربات المجهزة الوارد في الفصلين 13 مكرر و27 مكرر من المشروع وأضاف أنه تمت الإشارة إلى تسوية وضعية الامتياز ليصبح حقا مكتسبا للورثة ليتمكنوا من التصرف في تلك السيارة سواء باستعمالها أو التفويت فيها. وذكر أنه من المنتظر بعد صدور القانون نشر نص تطبيقي للفصلين المذكورين.
الإحاطة بالضحايا
واستعرض المقدم سهيل النائلي الإطار بـ«مؤسسة فداء» أبرز الأنشطة التي قامت بها المؤسسة بهدف الإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابيّة، وبين أن عدد شهداء العمليات الإرهابية يبلغ 153 شهيدا وهم من جميع الأسلاك، 52 بالمائة منهم من الجيش الوطني و27 بالمائة من الحرس الوطني و11 بالمائة من الأمن الوطني و8 بالمائة من الأمن الرئاسي و1 بالمائة من الديوانة والسجون والإصلاح.. أما عدد مصابي الاعتداءات الإرهابية فبلغ 680 مصابا. كما تطرق إلى الحلول المقترحة من قبل «مؤسسة فداء» ضمن مشروع القانون المعروض على مجلس نواب الشعب. وبين في هذا السياق أنه في ما يتعلق بالفصلين 17 و18 فقد تم توضيح التمييز بين المصاب الذي أحيل على التقاعد بسبب العجز البدني الناتج عن الإصابة والمصاب الذي يبقى مباشرا لعمله مع تغيير اختصاصه الأصلي. وتم الأخذ بعين الاعتبار وضعية شهيد الوطن الأعزب، فبصرف النظر عن كلّ تشريع مخالف، يتمتع والدا الشهيد الأعزب بالتساوي بينهما بجراية تعويضية في حدود كامل المرتب الشهري الذي كان يتقاضاه شهيد الوطن بما في ذلك المنح المترتبة عن التدرج المهني والترقيات المفترضة في سلكه الأصلي وذلك إلى حين بلوغ السن القانونية للتقاعد. كما تم إسناد جراية شهرية من قبل «مؤسسة فداء» لوالدي الشهيد المتزوج. وأضاف أنه تم توسيع قاعدة المنتفعين بالمنح المدرسية والجامعية والنقل المجاني عبر تمتيع أبناء الجرحى الذين لهم نسب سقوط بدني تفوق 15 بالمائة بالمنح المدرسية والجامعية، على غرار أبناء الشهداء وتمتيع أولي الحق من شهداء الاعتداءات الإرهابية بمجانية النقل بوسائل النقل العمومي بكامل تراب الجمهورية على غرار أولي الحق من شهداء الثورة.
وقال إنه بالنسبة إلى توفير السكن لضحايا الاعتداءات الإرهابية تم من خلال مشروع القانون توسيع قاعدة المنتفعين لتشمل مصابي الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة الذين تساوي أو تفوق نسبة السقوط البدني الحاصل لهم 50 بالمائة في الانتفاع بالسكن، وأرملة وأبناء مصاب الاعتداء الإرهابي، في صورة وفاته قبل الانتفاع بأي من برامج السكن التي يشير إليها المرسوم. كما تم إرساء الآليات القانونية الكفيلة بضمان انتفاع ضحايا الاعتداءات الإرهابية ببرامج السكن، وحسن تدخل مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك الجماعات المحلية، في توفير مسكن أو مقسم أو تحسين المسكن في صورة استيفاء جميع التدخلات في إطار البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي فضلا عن إسناد منحة تعادل المنحة التي تخصصها الدولة بعنوان البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي في صورة تعذر الانتفاع ببرامج السكن المذكورة وعدم تطبيق شرط دخل المنتفع وقرينه وضمان التمتع بالامتيازات الممنوحة للفئات الاجتماعية الأقل دخلا في إطار البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي.
وذكر أنه في مجال الإحاطة الصحية بضحايا الاعتداءات الإرهابية، ينتفع أولو الحق من شهداء الوطن ومصابو الاعتداءات الإرهابية المحالين على التقاعد بمجانية التداوي بالهياكل الصحية العمومية والعسكرية وتلك التابعة لقوات الأمن الداخلي والديوانة. وأضاف أنه تم الأخذ بعين الاعتبار عدم جدوى نقل بعض المنافع والخدمات التي تتكفل بها حاليا الهياكل الأصلية التي ينتمي إليها مصابو الاعتداءات الإرهابية، خاصة وأن لهذه الهياكل تقاليد في المجال ومنظومات إجرائية قائمة الذات تسمح بالتعهد بصفة ناجعة بعلاج المصابين بما في ذلك العلاج بالخارج والقطاع الخاص، مما قد يطرح إشكالا في صورة تعهد المؤسسة بذلك لازدواجية اللجان والهياكل المتدخلة في المجال. ومن المقترحات الأخرى التي تم تضمينها في مشروع القانون حسب قوله تمكين أصول شهداء الاعتداءات الإرهابية من الحج وفق شروط وإجراءات تضبط بمقرر من رئيس المؤسسة، وذلك قصد الأخذ بعين الاعتبار لإسناد هذه المنافع قبل صدور المرسوم وأنه من غير الوجيه التخّلي عنها.
وفي علاقة بالإعفاء من المعاليم والأداءات المستوجبة عند توريد عربة مجهزة فلاحظ أن غياب إجراءات تطبيقيّة تمكّن المصالح المعنية ومن بينها الديوانة من تفعيل هذا الحق يطرح إشكالا بالنسبة للفئات المعنية ولذلك تم التنصيص صلب مشروع القانون على الإحالة إلى نص تطبيقي يضبط تلك الإجراءات بصفة دقيقة حتّى يتم تمكين هذه الفئات من حقوقها. أما بالنسبة إلى الإدماج المهني لضحايا الاعتداءات الإرهابية فتم التنصيص على أن تتولى «مؤسسة فداء» تقديم المساعدات اللازمة لضحايا الاعتداءات الإرهابية لبعث مشاريع اقتصادية بالتنسيق مع الهياكل والمصالح الإدارية المعنية.
أما هناء حامدي رئيسة مصلحة بوحدة السكن الاجتماعي بوزارة التجهيز والإسكان فأطلعت المشاركين في اليوم الدراسي المنتظم ببادرة من الأكاديمية البرلمانية على مكونات البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي، وبينت انه بالنسبة إلى ضحايا الاعتداءات الإرهابية فقد تم تخصيص مساكن لفائدتهم في الكاف وسيدي بوزيد ونابل وصفاقس وتونس. وأضافت أنه حال المصادقة على مشروع تنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المؤرخ في 9 أفريل 2022 وتحديدا الفصلين 10 و28 اللذين يضبطان صيغة وكيفية إسناد المساكن لمستحقيها من «مؤسسة فداء» سيتم تمكينهم من المساكن الاجتماعية المحجوزة على ذمّتهم.
شهداء الثورة وجرحاها
تطرق شكري الهمامي مدير عام الإحاطة بأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها بـ«مؤسسة فداء» إلى مراحل تطوّر الإطار القانوني للإحاطة بأولى الحق من شهداء الثورة وجرحاها والمنافع المسندة لهم ونشاط «مؤسسة فداء» والإشكاليات القانونية المطروحة وسبل تجاوزها من خلال التعديلات المقترحة للمرسوم. ولاحظ أن الإطار القانوني والمؤسساتي شهد تطورا في اتجاه وضع نص شامل للإحاطة بهم، وفي اتجاه تركيز مؤسسة واحدة تعنى بالإحاطة الشاملة بهم وتلافي تشتت الهياكل العمومية. وذكر أنه تم العمل على تركيز قاعدة معطيات دقيقة خاصة بأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها تطبيقا لأحكام الفصلين 5 و36 من المرسوم عدد 20 لسنة 2022 وهي تهم 129 شهيدا واردة أسماؤهم بالقائمة المنشورة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وأكد أنه تم ضبط قاعدة المعطيات الخاصة بأولي الحق من الشهداء بنسبة 92 بالمائة، كما تهم 634 جريحا واردة أسماؤهم بالقائمة المنشورة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية مع إضافة جريح إلى هذه القائمة بمقتضى حكم قضائي بات وقد تم ضبط قاعدة المعطيات التي تخص الجرحى بنسبة 95 بالمائة.
كما أشار ممثل «مؤسسة فداء» في مداخلته إلى الإشكاليات ذات العلاقة بالإحاطة بأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها على مستوى نظام إسناد الجريات، والتكفل الصحي، والنقل المجاني لذلك برزت أهمية مراجعة أحكام المرسوم من أجل مزيد تطوير المنظومة القانونية للإحاطة الصحية والاجتماعية والمعنوية بالفئات المعنية وضمان سلامة التصرف الإداري في إسناد المنافع المقررة بهذا المرسوم إلى مستحقيها. واستعرض الفصول التي فيها إشكاليات وقدم في المقابل مقترحات لتعديلها في اتجاه تلافي تلك الإشكاليات.
وزارة المجاهدين
وخلال نقاش مشروع القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المؤرخ في 9 أفريل 2022 المتعلّق بـ«مؤسسة فداء» للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها وإتمامه، قالت النائبة ريم المعشاوي إن «مؤسسة فداء» تعتبر مكسبا، وأضافت أنه يجب على الدولة أن تعترف بحقوق شهداء العمليات الإرهابية ومصابيها من الأمنيين والعسكريين، ودعت إلى الترفيع في قيمة المنح والامتيازات المنصوص عليها في المرسوم لأولي الحق وطالبت بتمتيع عائلات شهداء الثورة وجرحاها بنفس الامتيازات وبإنصاف شهداء انتفاضة الحوض المنجمي وجرحاها. ولاحظت أن عدد المساكن الاجتماعية المخصصة لعائلات الشهداء والجرحى قليل جدا وذكرت أن تمتيع عائلة شهيد الوطن بمسكن مساحته 50 مترا مربعا يعد إهانة للشهيد. ودعت إلى إنشاء وزارة المجاهدين الذين ناضلوا لدحر الاستعمار، أما النائب المنصف معلول فتساءل عن حق شهداء حركة التحرر الوطني فهناك من تم نسيانهم تماما. ولاحظ أن المساكن الاجتماعية المخصصة لعائلات الشهداء والجرحى وضعيتها مزرية وطالب بتحسين السكن الاجتماعي والتسريع في منحه للمنتفعين ومراجعة شروط الإسناد .
وتحدثت النائبة بسمة الهمامي بحرقة عن شهداء الحركة الوطنية الذين تناستهم الدولة مقابل تمجيد الزعيم الأوحد الحبيب بورقيبة ودعت المؤرخين إلى إعادة كتابة التاريخ، وقالت حان الوقت لكشف حقيقة من قتل شهداء تالة وغيرها ومن هم القناصة، وقالت إن المؤسسة الأمنية والعسكرية قدمت شهداء وقد قام هؤلاء بحماية تونس من الإرهاب، وذكرت أنه يوم ذبح الجنود في رمضان بكى التونسيون بحرقة لكن لا بد أيضا من إنصاف شهداء الثورة وجرحاها ولاحظت وجود تمييز كبير بين أولي شهداء الثورة وبين عائلات شهداء المؤسستين الأمنية والعسكرية وقالت إنها لن تسمح بالتمييز بين الشهداء. ولن تسمح بالتمييز بين الجرحى كما دعت إلى الأخذ بعين الاعتبار وضعية أبناء سليانة الذين أصيبوا بالرش. وذكرت أنه إلى جانب التنصيص في مشروع القانون على النقل المجاني في وسائل النقل البري يجب إضافة مجانية النقل الجوي والبحري.
أما النائب محمود شلغاف فبين أن الاهتمام بضحايا الإرهاب وأولي الحق من شهداء الثورة الجرحى أمر ايجابي ويرى أن عدم إدراج ضحايا نظام بورقيبة ونظام بن علي غير مفهوم وذكر أنه لا بد من كشف الحقيقة ورد الاعتبار للضحايا وإدراج ضحايا ما قبل الثورة ضمن اهتمامات "مؤسسة فداء".
أما النائبة ريم الصغير فقد لاحظت أن مشروع القانون لا يكرس العدالة الاجتماعية وأنه لا توجد مساواة بين ذوي الإعاقة وبين مصابي العمليات الإرهابية في علاقة بالامتياز الجبائي الممنوح للسيارات، وذكرت أن النواب أرادوا إضافة فصل في قانون المالية لفائدة ذوي الإعاقة لكن وزيرة المالية قالت انه يتعارض مع مجلة الصرف فكيف سيتم تطبيق الفصل المقترح في مشروع قانون تنقيح مرسوم مؤسسة فداء؟. وحتى في صورة تمكينهم من السيارة فهل سيتم استعمالها في صورة وفاتهم من قبل أبنائهم وهل سيتم فتح الباب لتوريد سيارات ضخمة بما يخل بتوازن الميزانية في علاقة بنفقات دعم المحروقات؟.
خيبة أمل
النائب محمد الشعباني عبر عن حزنه لأنه لم يلحظ مظاهر فرح في ذكرى الثورة بل هناك خيبة أمل يشعر بها الناس. وأضاف أن حق الشهداء والجرحى حق مكتسب لكن هؤلاء عندما خرجوا بصدور عارية للاحتجاج لم يفعلوا ذلك من أجل الحصول على جرايات بل كانوا يطالبون بتنمية الجهات المهمشة، وهذا المطلب لم يتحقق ففي القصرين لا توجد سيارة إسعاف لنقل مصاب بلغم في جبل الشعانبي إلى المستشفى.. وذكر أنه كان من المفروض أن تقوم «مؤسسة فداء» بإعداد دراسات للإجابة عن سبب قيام الثورة ولماذا انطلقت من الجهات المهمشة ولماذا مازالت حالة البؤس مسيطرة على تلك المناطق؟
وقالت النائبة منال بديدة إنها غير راضية عن كيفية تعامل الدولة مع أولي شهداء الثورة وجرحاها وأضافت أنه لم يقع بعد تحقيق أهداف الثورة وجني ثمارها وبينت أنه لا يمكن جني هذه الثمار إلا باحترام حقوق أولي الشهداء والجرحى من خلال تنقيح المرسوم وذكرت أنه ليس من المعقول استثناء ضحايا الإرهاب من المدنيين وأنه لا بد من تعويضهم، وتساءلت عن سبب الاقتصار على الجرايات والمنح ودعت إلى فتح المجال لتمكين عائلات الشهداء والجرحى من الانتفاع ببرامج التمكين الاقتصادي.
أما النائب عبد القادر بن زينب فلاحظ أن أعوان المؤسستين الأمنية والعسكرية يعانون فهم يعملون في ظروف صعبة بأجور زهيدة، وقال لابد من العمل على تحسين وضعياتهم الاجتماعية وهم أحياء وعدم انتظار استشهادهم لتكريمهم، ودعا إلى تعميم تمتيعهم بالسكن الاجتماعي والترفيع في أجورهم لأنه من غير المنطقي أن يتقاضى رجل الأمن 1400 دينار فقط وطالب بمنحهم امتيازات لاقتناء سيارات.
معاني الثورة
لاحظ النائب مختار العيفاوي أن مفهوم الثورة لم يعد يعني الكثير للتونسيين وأن القوانين والمراسيم أفرغت من محتواها، وفسر أن المطلب الأساسي للثورة هو المساءلة والمحاسبة فالمصالحة، وبين أنه كان من جرحى الثورة وهذه الثورة أنصفته كما أنصفت العديد من التونسيين لكنهم اليوم لا يعترفون بها. وذكر أن «مؤسسة فداء» أفرغت القضية من محتواها وركزت على التعويضات المادية وحتى في هذا الجانب هناك تمييز بين منظوريها. وأضاف أن المطلوب هو المساءلة والمحاسبة وكشف حقيقة ما حصل في عهد بن علي.. وطالب برد الاعتبار لجرحى الثورة وعبر عن أمله في أن لا ينقطع النفس الثوري في تونس وفي كل العالم.
وقال النائب معز الرياحي إن الزعيم الهواري بومدين عندما تحدث عن الشهداء قال إنهم قاموا بواجبهم كاملا تجاه الوطن لأن هؤلاء ضحوا بأرواحهم. وأضاف أنه يجب في تونس منح السكن الاجتماعي لعائلات شهداء الوطن بصفة مجانية ودون تمييز بينهم، ولا بد من تمتيع أبناء الشهداء من السكن الجامعي بصفة مجانية. ولاحظ أن مشروع القانون يجب ألا يستثني أبناء شهداء مؤسسة الديوانة وذكر أنه لا بد من حسن اختيار العبارات في القانون وحذف عبارة العائلات المعوزة ولا بد من التنفيذ الفوري للقانون بعد المصادقة عليه.
وذكرت النائبة آمال المؤدب أن مشروع القانون ورد فيه طلب استعجال نظر لكن يجب على النواب التعمق في دراسته، ودعت إلى الاستجابة إلى انتظارات عائلات الشهداء والجرحى، وقالت لا بد من حفظ الذاكرة وتكريم شهداء العمليات الإرهابية ورد الاعتبار لهم، وأضافت أنه يجب تدقيق المفاهيم لتلافي صعوبة تنفيذ القانون لاحقا. وبخصوص السكن الاجتماعي تساءلت إن كان قد تم وضع قائمة خاصة بعائلات الشهداء والجرحى. وذكرت أن هناك من يعانون من سقوط الزمهم البقاء في الفراش ويجب أخذ وضعياتهم النفسية بعين الاعتبار.
وخلال اختتام اليوم الدراسي دعا رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة ممثلي «مؤسسة فداء» وغيرهم من المشاركين إلى تقديم مقترحات مكتوبة قبيل شروع المجلس في التصويت على مشروع قانون تنقيح المرسوم عدد 20 لسنة 2022 المؤرخ في 9 أفريل 2022 المتعلّق بـ«مؤسسة فداء» للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها وإتمامه.