إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

استراتيجية ثانية لتطوير قطاع الأسرة في أفق 2035.. تحديات كبيرة تفرضها التحولات الديموغرافية للمجتمع التونسي

 

تونس-الصباح

أعادت مؤخرا المؤشرات الإحصائية التي كشف عنها المعهد الوطني للإحصاء، إلى السطح حجم التحديات أمام الأسرة التونسية والمجتمع برمته في علاقة بحجم التحولات الديموغرافية المتسارعة والتي تحتاج من الدولة التفكير جديا في ضبط استراتيجيات، لمواجهة هذه التغيرات الديموغرافية والتحديات الاجتماعية المرتبطة بها.

كشفت سارة جابر، مديرة تطوير نظم المعلومات بالمعهد الوطني للإحصاء، أول أمس الجمعة، عن جملة من المؤشرات صادرة عن المعهد، تبين أن كبار السن يمثلون 9.5 بالمائة من إجمالي السكان، وبالتالي تزايد مستمر في التهرم السكاني وتحول تدريجي نحو مجتمع متهرم حيث من المتوقع أن تتجاوز النسبة 17 بالمائة بحلول سنة 2029.

وأوضحت جابر في تصريح إذاعي أن "ظاهرة التهرم انطلقت بدأت منذ سنوات على مستوى عالمي، قبل أن تصل إلى تونس حيث تفوق نسبة التونسيين أكثر من 60 سنة نسبة 15.2 بالمائة، هذا بالإضافة إلى انخفاض نسب الخصوبة وتراجع عدد الولادات".

إحصائيات

سبق أيضا أن صدرت إحصائيات وتقارير تؤكد حجم التحولات الديموغرافية في المجتمع التونسي ونسق تسارعها. فقد كشف في وقت سابق المعهد الوطني للإحصاء عن نتائج المسح العنقودي لسنة 2023 بينت تراجع حجم الأسرة من 5 أفراد في منصف التسعينات إلى أقل من 4 أفراد في السنوات الأخيرة (3.8)، وتأخر سن الزواج في السنوات الأخيرة ليصبح 30 سنة بعد ما كان 24 سنة، وتراجع ملحوظ لنسبة الولادات من 225 ألفا إلى 160أ لف ولادة سنة 2023.

وبين حينها المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء عدنان لسود في كلمة على هامش ندوة حول “الأسرة التونسية” أن "معدلات الخصوبة لدى المرأة تراجعت من قرابة 6 أبناء أواسط السبعينات إلى أقل من اثنين حالياً، وارتفع سن الزواج لدى المرأة من 24 سنة في الثمانينات إلى 30 سنة حالياً".

كما بينت الإحصائيات تراجعاً في عدد الزيجات من حوالي 110 آلاف سنة 2014 إلى 77 ألف زيجة سنة 2023.

وفي علاقة بالتهرم السكاني تحدثت الإحصائيات عن مؤمل الحياة الذي بلغ 76 سنة، والتّوقّعات تفيد بارتفاع عدد التّونسيّين والتّونسيّات للفئة العمريّة 60 سنة فما فوق لتصل إلى 17 % سنة 2029 و20 % خلال سنة 2036.

وتتفق تقييمات المختصين في علم الاجتماع على الترابط بين جملة التحولات الديموغرافية، فظاهرة التهرم السكاني المتنامية تعود بالأساس إلى عزوف الشباب عن الزواج لأسباب اقتصادية بحتة تتمثل في غلاء المعيشة وارتفاع نسب البطالة وتدني الأجور علاوة على طول سنوات الدراسة وتقدم معدل سن الزواج للرجل والمرأة .

هذا بالإضافة إلى تراجع الإقبال على الإنجاب والاكتفاء بمولود أو اثنين في أقصى الحالات بالنظر إلى ارتفاع تكلفة رعاية الأطفال بداية من تكاليف الولادة وتوفير حليب الأطفال والحفاظات وتأمين الرعاية الصحية اللازمة وصولا إلى التعريفات المرتفعة للمحاضن والمدارس الخاصة.

وطأة الظواهر الاجتماعية

تطرح جملة التحولات الاجتماعية والديموغرافية تحديات وتأثيرات سلبية مستقبلية، إلى جانب أسئلة بشأن الوعي بأهمية ضبط الاستراتيجيات لمواجهتها والتخفيف من وطأتهاّ.

صرح سابقا في هذا الصدد، محمد الدّوعاجي، الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، بأنّ "الديوان يواكب التغيرات التي تشهدها الأسرة، داعيا إلى التفكير في وضع الآليات الكفيلة الداعمة لمؤسسة الأسرة والتخفيف من وطأة هذه الظواهر الاجتماعية".

وفي مارس الفارط وعلى هامش أشغال ندوة وطنيّة حول "الأسرة التونسيّة: الآليّات الوطنيّة للمرافقة والحماية"، أكدت آمال بلحاج موسى، وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ السابقة على "المنزلة الإستراتيجية التي تحظى بها الأسرة وكافة أفرادها، ضمن مشروع تونس المجتمعيّ، والتزام الدولة التونسيّة بتعزيز قدرات الأسرة وحمايتها ودعم استقرارها وتوازنها، طبقا للدستور التّونسي الذي نصّ في فصله الثّاني عشر على "أنّ الأسرة هي الخليّة الأساسية للمجتمع وعلى الدولة حمايتها".

وبيّنت أنّ" مؤسسة الأسرة في كل المجتمعات تعيش اليوم تغييرات عميقة ومتسارعة انعكست على العلاقات داخل الأسرة وتنامي الفردانيّة وارتفاع نسب الطلاق ومؤشرات العنف، والوزارة تسعى عبر الآليات المختلفة للاضطلاع بدورها الاجتماعي إزاء الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن والمحافظة على تماسك الأسرة عبر التوعية من خلال برنامج التمكين الاجتماعي للأسر في 19 ولاية والذي استهدف ما يناهز 71 ألف أسرة منذ إحداثه و10 آلاف أسرة خلال سنة 2023 وسيشمل سنة 2024 ولايات بن عروس وتونس وتطاوين ونابل".

كما أشارت الوزيرة حينها إلى أنه "يتم العمل على إحداث 11 فضاء نموذجيّا للأسرة يضمّ روضة أطفال وناديا نهاريا لكبار السن وفضاءات للأسرة والمرأة، مذكّرة بانطلاق أشغال ثلاثة فضاءات بدوار السلاطنية بسيدي بوزيد والسواسي بالمهدية والمطوية بقابس على أن تكون جاهزة موفى السنة الحالية، مع إحداث مركزيين جديدين للإرشاد والتوجيه الأسري سينضافان إلى 4 مراكز أخرى بحي التضامن بأريانة وغار الدماء بجندوبة وباجة وتطاوين تقدم خدمات التعهد النفسي والإرشاد والمرافقة القانونية والوساطة العائلية والتربية الوالدية والتعريف بآليات التمكين الاقتصادي للنساء والفتيات والأسر."

تشير أيضا مصادر وزارة الأسرة والمرأة والطفولة أن الوزارة تعمل حاليا على وضع إستراتيجية ثانية لتطوير قطاع الأسرة في أفق 2035 وذلك بعد وضعها إستراتيجية أولى خلال سنة 2019 .

م.ي

 

 

 

 

 

 

 

استراتيجية ثانية لتطوير قطاع الأسرة في أفق 2035..   تحديات كبيرة تفرضها التحولات الديموغرافية للمجتمع التونسي

 

تونس-الصباح

أعادت مؤخرا المؤشرات الإحصائية التي كشف عنها المعهد الوطني للإحصاء، إلى السطح حجم التحديات أمام الأسرة التونسية والمجتمع برمته في علاقة بحجم التحولات الديموغرافية المتسارعة والتي تحتاج من الدولة التفكير جديا في ضبط استراتيجيات، لمواجهة هذه التغيرات الديموغرافية والتحديات الاجتماعية المرتبطة بها.

كشفت سارة جابر، مديرة تطوير نظم المعلومات بالمعهد الوطني للإحصاء، أول أمس الجمعة، عن جملة من المؤشرات صادرة عن المعهد، تبين أن كبار السن يمثلون 9.5 بالمائة من إجمالي السكان، وبالتالي تزايد مستمر في التهرم السكاني وتحول تدريجي نحو مجتمع متهرم حيث من المتوقع أن تتجاوز النسبة 17 بالمائة بحلول سنة 2029.

وأوضحت جابر في تصريح إذاعي أن "ظاهرة التهرم انطلقت بدأت منذ سنوات على مستوى عالمي، قبل أن تصل إلى تونس حيث تفوق نسبة التونسيين أكثر من 60 سنة نسبة 15.2 بالمائة، هذا بالإضافة إلى انخفاض نسب الخصوبة وتراجع عدد الولادات".

إحصائيات

سبق أيضا أن صدرت إحصائيات وتقارير تؤكد حجم التحولات الديموغرافية في المجتمع التونسي ونسق تسارعها. فقد كشف في وقت سابق المعهد الوطني للإحصاء عن نتائج المسح العنقودي لسنة 2023 بينت تراجع حجم الأسرة من 5 أفراد في منصف التسعينات إلى أقل من 4 أفراد في السنوات الأخيرة (3.8)، وتأخر سن الزواج في السنوات الأخيرة ليصبح 30 سنة بعد ما كان 24 سنة، وتراجع ملحوظ لنسبة الولادات من 225 ألفا إلى 160أ لف ولادة سنة 2023.

وبين حينها المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء عدنان لسود في كلمة على هامش ندوة حول “الأسرة التونسية” أن "معدلات الخصوبة لدى المرأة تراجعت من قرابة 6 أبناء أواسط السبعينات إلى أقل من اثنين حالياً، وارتفع سن الزواج لدى المرأة من 24 سنة في الثمانينات إلى 30 سنة حالياً".

كما بينت الإحصائيات تراجعاً في عدد الزيجات من حوالي 110 آلاف سنة 2014 إلى 77 ألف زيجة سنة 2023.

وفي علاقة بالتهرم السكاني تحدثت الإحصائيات عن مؤمل الحياة الذي بلغ 76 سنة، والتّوقّعات تفيد بارتفاع عدد التّونسيّين والتّونسيّات للفئة العمريّة 60 سنة فما فوق لتصل إلى 17 % سنة 2029 و20 % خلال سنة 2036.

وتتفق تقييمات المختصين في علم الاجتماع على الترابط بين جملة التحولات الديموغرافية، فظاهرة التهرم السكاني المتنامية تعود بالأساس إلى عزوف الشباب عن الزواج لأسباب اقتصادية بحتة تتمثل في غلاء المعيشة وارتفاع نسب البطالة وتدني الأجور علاوة على طول سنوات الدراسة وتقدم معدل سن الزواج للرجل والمرأة .

هذا بالإضافة إلى تراجع الإقبال على الإنجاب والاكتفاء بمولود أو اثنين في أقصى الحالات بالنظر إلى ارتفاع تكلفة رعاية الأطفال بداية من تكاليف الولادة وتوفير حليب الأطفال والحفاظات وتأمين الرعاية الصحية اللازمة وصولا إلى التعريفات المرتفعة للمحاضن والمدارس الخاصة.

وطأة الظواهر الاجتماعية

تطرح جملة التحولات الاجتماعية والديموغرافية تحديات وتأثيرات سلبية مستقبلية، إلى جانب أسئلة بشأن الوعي بأهمية ضبط الاستراتيجيات لمواجهتها والتخفيف من وطأتهاّ.

صرح سابقا في هذا الصدد، محمد الدّوعاجي، الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، بأنّ "الديوان يواكب التغيرات التي تشهدها الأسرة، داعيا إلى التفكير في وضع الآليات الكفيلة الداعمة لمؤسسة الأسرة والتخفيف من وطأة هذه الظواهر الاجتماعية".

وفي مارس الفارط وعلى هامش أشغال ندوة وطنيّة حول "الأسرة التونسيّة: الآليّات الوطنيّة للمرافقة والحماية"، أكدت آمال بلحاج موسى، وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ السابقة على "المنزلة الإستراتيجية التي تحظى بها الأسرة وكافة أفرادها، ضمن مشروع تونس المجتمعيّ، والتزام الدولة التونسيّة بتعزيز قدرات الأسرة وحمايتها ودعم استقرارها وتوازنها، طبقا للدستور التّونسي الذي نصّ في فصله الثّاني عشر على "أنّ الأسرة هي الخليّة الأساسية للمجتمع وعلى الدولة حمايتها".

وبيّنت أنّ" مؤسسة الأسرة في كل المجتمعات تعيش اليوم تغييرات عميقة ومتسارعة انعكست على العلاقات داخل الأسرة وتنامي الفردانيّة وارتفاع نسب الطلاق ومؤشرات العنف، والوزارة تسعى عبر الآليات المختلفة للاضطلاع بدورها الاجتماعي إزاء الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن والمحافظة على تماسك الأسرة عبر التوعية من خلال برنامج التمكين الاجتماعي للأسر في 19 ولاية والذي استهدف ما يناهز 71 ألف أسرة منذ إحداثه و10 آلاف أسرة خلال سنة 2023 وسيشمل سنة 2024 ولايات بن عروس وتونس وتطاوين ونابل".

كما أشارت الوزيرة حينها إلى أنه "يتم العمل على إحداث 11 فضاء نموذجيّا للأسرة يضمّ روضة أطفال وناديا نهاريا لكبار السن وفضاءات للأسرة والمرأة، مذكّرة بانطلاق أشغال ثلاثة فضاءات بدوار السلاطنية بسيدي بوزيد والسواسي بالمهدية والمطوية بقابس على أن تكون جاهزة موفى السنة الحالية، مع إحداث مركزيين جديدين للإرشاد والتوجيه الأسري سينضافان إلى 4 مراكز أخرى بحي التضامن بأريانة وغار الدماء بجندوبة وباجة وتطاوين تقدم خدمات التعهد النفسي والإرشاد والمرافقة القانونية والوساطة العائلية والتربية الوالدية والتعريف بآليات التمكين الاقتصادي للنساء والفتيات والأسر."

تشير أيضا مصادر وزارة الأسرة والمرأة والطفولة أن الوزارة تعمل حاليا على وضع إستراتيجية ثانية لتطوير قطاع الأسرة في أفق 2035 وذلك بعد وضعها إستراتيجية أولى خلال سنة 2019 .

م.ي