إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد الإعلان عن إمضاء اتفاقيات إنتاج الكهرباء.. استغلال وتوظيف الطاقات المتجدّدة رهان استراتيجي غير قابل للتراجع !

تونس – الصباح

أعلنت اللجنة العليا لإنتاج الكهرباء عن مصادقتها على طلبي عروض لإنتاج 1700 ميغاواط من الكهرباء، وذلك في إطار نظام اللزمات، وذلك على إثر الاجتماع الذي انعقد أول أمس بقصر الحكومة بالقصبة، تحت إشراف رئيس الحكومة كمال المدوري.. ورغم أن الحكومة لم تعلن عن اسم المستثمرين الذين فازوا بهذه المناقصة المهمة وذلك في انتظار استكمال الإجراءات، إلا أن رئيس الحكومة أكّد أنه من المنتظر أن تدخل هذه المشاريع الجديدة حيز الاستغلال ابتداء من سنة 2027، مع توقعات بإنتاج حوالي 1000 جيغاواط في الساعة بما يعادل 5 % من الإنتاج الوطني من الكهرباء ..

وتأتي كل هذه المشاريع في إطار البحث عن وسائل جديدة لتفادي العجز الطاقي وأزمات قطاع الكهرباء المتكررة وانقطاعاته، حيث أشار مؤخرا المرصد الوطني للطاقة الى أن العجز الطاقي بلغ، مع نهاية شهر سبتمبر الماضي، نسبة 13 بالمائة، وسجّل إنتاج الكهرباء في تونس تراجعا بـ1 % مقارنة بسنة 2023 مع زيادة ملحوظة في واردات الكهرباء من ليبيا والجزائر والتي ساهمت في تغطية 14 بالمائة من احتياجات تونس من الكهرباء. كما تشير إحصائيات الوكالة الوطنية للتحكّم في الطاقة الى أن 97 بالمائة من حاجيات البلاد للكهرباء تُنتج بالاعتماد على الغاز الطبيعي، في حين لا تتجاوز حصة إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة حدود 3 بالمائة وهو ما يعدّ إهمالا لموارد طاقية مهمة قادرة على تغطية حاجيات معتبرة من احتياجاتنا الوطنية، وهو ما تحاول حكومة كمال المدوري من خلال هذه المناقصات تجاوزه اليوم، رغم أن التحوّل الى الطاقة البديلة ليس مشروعا جديدا، بل إنه مشروع معلن عنه منذ حكومة نجلاء بودن، وموجود كفكرة منذ سنوات، باعتباره برنامجا وطنيا استراتيجيا، تراهن عليه الدولة في السنوات القادمة لتفادي أزمة عميقة ومتوقعة في إنتاج الكهرباء. خاصة وأن التقديرات الرسمية تفيد بأن تونس تتمتع بإمكانيات هامة تسمح بالتوجّه بقوة الى الطاقات البديلة مثل توفّر معدلات هامة للإشعاع الشمسي، تصل الى 3 آلاف ساعة في العام وهو ما يسمح بإنتاج الطاقة وبسعة كبيرة.

مشروع للمستقبل ..

البحث عن موارد طاقية جديدة، لتجاوز النقص الكبير في الثروات الطبيعية القادرة على تغطية كل حاجيات البلاد، ليس فكرة جديدة بل فكرة ظلّت مع كل الحكومات المتعاقبة فكرة مؤجلة، لم تصل أبدا الى مرحلة بلورتها كمشروع، ولكن مع حكومة نجلاء بودن كان هناك توجّه واضح نحو بعض المشاريع الطاقية، التي يمكن أن تخفف الضغط على الميزانية وكذلك تلبّي الحاجيات المتزايدة من عام إلى آخر، حيث صرّحت في وقت سابق وزيرة الطاقة المُقالة، نادية نويرة القنجي، أن تونس أعلنت طرح مجموعة من مشاريع الطاقة المتجددة في تونس بقدرة 1700 ميغاواط خلال الأسبوع الأخير من شهرة ديسمبر 2022 وذلك في حوار على التلفزة الوطنية، كما أشارت وقتها الى أن قيمة هذه المشاريع نحو 1.6 مليار دولار وأنه من المقرّر أن يتم الإنجاز بين سنتي 2023 و2025 ، ولكن الواقع يؤكد أن تلك المشاريع تم تأخير إنجازها، الى حين الإعلان عنها أوّل أمس. وزيرة الطاقة السابقة أكّدت وقتها أن هناك برنامجا متكاملا انطلق بإعادة صياغة بعض فصول "صندوق الانتقال الطاقي" لإتاحة امتيازات التدخّل لهذا الصندوق لفائدة المؤسسات الصناعة والمواطنين لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة وهو ما سيحفّز المستثمرين أكثر على إنجاز مثل هذه المشاريع، وكانت تونس أعلنت عقب اتفاقية باريس للمناخ في 2015 أنها ستسعى لتطوير 3.815 ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول 2030 .

إمكانيات تونس

تعتمد تونس، على خلاف دول الجوار، بشكل كبير على الاستيراد لتوفير احتياجاتها من الطاقة، ومنها استيراد الكهرباء من الجزائر، لتعويض النقص الحاصل في الشبكة وقد أسهمت الكهرباء المستوردة من الجزائر وفق بيانات رسمية في تغطية ما بين 11 و12 بالمائة من حاجيات البلاد في السنتين الأخيرتين، وقد خلق تزايد الطلب في السنوات الأخيرة، ضغطا كبيرا على "الستاغ" التي عجزت عن تغطية الحاجيات المتزايدة، مما أفرز انقطاعات متكررة بكامل تراب الجمهورية وأحيانا لمدة طويلة نسبيا.. وذلك رغم توفّر بلادنا على موارد هائلة من المصادر المتجدّدة ودخول مجال استغلال هذه الطاقات البديلة منذ ثمانينات القرن الماضي حيث استعملت تونس لأوّل مرة توربينات الرياح في تحلية وضخّ المياه، ولكن رغم ذلك بقيت نسبة توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة في حدود 3 بالمائة مقارنة بالغاز الذي يعدّ مصدر التوليد الأول بنسبة تناهز 97 بالمائة ويعتمد استغلال الطاقة المتجددة في بلادنا على ثلاثة مصادر أساسية وهو المصدر الشمسي والرياح إضافة الى الطاقة الكهرومائية التي تأثرت في السنوات الأخيرة بموجات الجفاف الكبيرة. ومن أبرز المحطات الطاقية محطة الرياح بسيدي داود التي تم إحداثها في بداية الألفية ومزرعة الرياح في بنزرت ومحطة الطاقة الشمسية بولاية توزر التي انطلقت في العمل منذ سنوات والتي دخلت حيز الإنتاج التجاري في مارس 2021 من خلال 31 ألف لوح شمسي مع توسيعه لاحقا من خلال 29 ألف لوح شمسي، علما وأن هذه المحطة ممولة كليا من الوكالة الألمانية للتنمية .

هذا بالإضافة الى المشروع الضخم للربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا والذي من المتوقع أن ينطلق في 2028 بهدف تخفيف الضغط على البنية التحتية لإنتاج الكهرباء ومضاعفة قدرة تونس على تصدير الكهرباء باعتماد الطاقات المتجددة، وكل هذه الخطوات المتقدمة والتي تتبناها الحكومة كخيارات جارية التنفيذ، تؤكّد مدى الاهتمام بإيجاد موارد بديلة، تفاديا لأزمات طاقية متوقعة وغير مستبعدة، بالإضافة الى الحرص على حسن استغلال هذه الطاقات المتجددة التي أصبحت بعض الدول تعتمدها كثروات لا تقدّر بثمن وسهلة المعالجة والتوظيف .

منية العرفاوي

بعد الإعلان عن إمضاء اتفاقيات إنتاج الكهرباء..   استغلال وتوظيف الطاقات المتجدّدة رهان استراتيجي غير قابل للتراجع !

تونس – الصباح

أعلنت اللجنة العليا لإنتاج الكهرباء عن مصادقتها على طلبي عروض لإنتاج 1700 ميغاواط من الكهرباء، وذلك في إطار نظام اللزمات، وذلك على إثر الاجتماع الذي انعقد أول أمس بقصر الحكومة بالقصبة، تحت إشراف رئيس الحكومة كمال المدوري.. ورغم أن الحكومة لم تعلن عن اسم المستثمرين الذين فازوا بهذه المناقصة المهمة وذلك في انتظار استكمال الإجراءات، إلا أن رئيس الحكومة أكّد أنه من المنتظر أن تدخل هذه المشاريع الجديدة حيز الاستغلال ابتداء من سنة 2027، مع توقعات بإنتاج حوالي 1000 جيغاواط في الساعة بما يعادل 5 % من الإنتاج الوطني من الكهرباء ..

وتأتي كل هذه المشاريع في إطار البحث عن وسائل جديدة لتفادي العجز الطاقي وأزمات قطاع الكهرباء المتكررة وانقطاعاته، حيث أشار مؤخرا المرصد الوطني للطاقة الى أن العجز الطاقي بلغ، مع نهاية شهر سبتمبر الماضي، نسبة 13 بالمائة، وسجّل إنتاج الكهرباء في تونس تراجعا بـ1 % مقارنة بسنة 2023 مع زيادة ملحوظة في واردات الكهرباء من ليبيا والجزائر والتي ساهمت في تغطية 14 بالمائة من احتياجات تونس من الكهرباء. كما تشير إحصائيات الوكالة الوطنية للتحكّم في الطاقة الى أن 97 بالمائة من حاجيات البلاد للكهرباء تُنتج بالاعتماد على الغاز الطبيعي، في حين لا تتجاوز حصة إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة حدود 3 بالمائة وهو ما يعدّ إهمالا لموارد طاقية مهمة قادرة على تغطية حاجيات معتبرة من احتياجاتنا الوطنية، وهو ما تحاول حكومة كمال المدوري من خلال هذه المناقصات تجاوزه اليوم، رغم أن التحوّل الى الطاقة البديلة ليس مشروعا جديدا، بل إنه مشروع معلن عنه منذ حكومة نجلاء بودن، وموجود كفكرة منذ سنوات، باعتباره برنامجا وطنيا استراتيجيا، تراهن عليه الدولة في السنوات القادمة لتفادي أزمة عميقة ومتوقعة في إنتاج الكهرباء. خاصة وأن التقديرات الرسمية تفيد بأن تونس تتمتع بإمكانيات هامة تسمح بالتوجّه بقوة الى الطاقات البديلة مثل توفّر معدلات هامة للإشعاع الشمسي، تصل الى 3 آلاف ساعة في العام وهو ما يسمح بإنتاج الطاقة وبسعة كبيرة.

مشروع للمستقبل ..

البحث عن موارد طاقية جديدة، لتجاوز النقص الكبير في الثروات الطبيعية القادرة على تغطية كل حاجيات البلاد، ليس فكرة جديدة بل فكرة ظلّت مع كل الحكومات المتعاقبة فكرة مؤجلة، لم تصل أبدا الى مرحلة بلورتها كمشروع، ولكن مع حكومة نجلاء بودن كان هناك توجّه واضح نحو بعض المشاريع الطاقية، التي يمكن أن تخفف الضغط على الميزانية وكذلك تلبّي الحاجيات المتزايدة من عام إلى آخر، حيث صرّحت في وقت سابق وزيرة الطاقة المُقالة، نادية نويرة القنجي، أن تونس أعلنت طرح مجموعة من مشاريع الطاقة المتجددة في تونس بقدرة 1700 ميغاواط خلال الأسبوع الأخير من شهرة ديسمبر 2022 وذلك في حوار على التلفزة الوطنية، كما أشارت وقتها الى أن قيمة هذه المشاريع نحو 1.6 مليار دولار وأنه من المقرّر أن يتم الإنجاز بين سنتي 2023 و2025 ، ولكن الواقع يؤكد أن تلك المشاريع تم تأخير إنجازها، الى حين الإعلان عنها أوّل أمس. وزيرة الطاقة السابقة أكّدت وقتها أن هناك برنامجا متكاملا انطلق بإعادة صياغة بعض فصول "صندوق الانتقال الطاقي" لإتاحة امتيازات التدخّل لهذا الصندوق لفائدة المؤسسات الصناعة والمواطنين لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة وهو ما سيحفّز المستثمرين أكثر على إنجاز مثل هذه المشاريع، وكانت تونس أعلنت عقب اتفاقية باريس للمناخ في 2015 أنها ستسعى لتطوير 3.815 ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول 2030 .

إمكانيات تونس

تعتمد تونس، على خلاف دول الجوار، بشكل كبير على الاستيراد لتوفير احتياجاتها من الطاقة، ومنها استيراد الكهرباء من الجزائر، لتعويض النقص الحاصل في الشبكة وقد أسهمت الكهرباء المستوردة من الجزائر وفق بيانات رسمية في تغطية ما بين 11 و12 بالمائة من حاجيات البلاد في السنتين الأخيرتين، وقد خلق تزايد الطلب في السنوات الأخيرة، ضغطا كبيرا على "الستاغ" التي عجزت عن تغطية الحاجيات المتزايدة، مما أفرز انقطاعات متكررة بكامل تراب الجمهورية وأحيانا لمدة طويلة نسبيا.. وذلك رغم توفّر بلادنا على موارد هائلة من المصادر المتجدّدة ودخول مجال استغلال هذه الطاقات البديلة منذ ثمانينات القرن الماضي حيث استعملت تونس لأوّل مرة توربينات الرياح في تحلية وضخّ المياه، ولكن رغم ذلك بقيت نسبة توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة في حدود 3 بالمائة مقارنة بالغاز الذي يعدّ مصدر التوليد الأول بنسبة تناهز 97 بالمائة ويعتمد استغلال الطاقة المتجددة في بلادنا على ثلاثة مصادر أساسية وهو المصدر الشمسي والرياح إضافة الى الطاقة الكهرومائية التي تأثرت في السنوات الأخيرة بموجات الجفاف الكبيرة. ومن أبرز المحطات الطاقية محطة الرياح بسيدي داود التي تم إحداثها في بداية الألفية ومزرعة الرياح في بنزرت ومحطة الطاقة الشمسية بولاية توزر التي انطلقت في العمل منذ سنوات والتي دخلت حيز الإنتاج التجاري في مارس 2021 من خلال 31 ألف لوح شمسي مع توسيعه لاحقا من خلال 29 ألف لوح شمسي، علما وأن هذه المحطة ممولة كليا من الوكالة الألمانية للتنمية .

هذا بالإضافة الى المشروع الضخم للربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا والذي من المتوقع أن ينطلق في 2028 بهدف تخفيف الضغط على البنية التحتية لإنتاج الكهرباء ومضاعفة قدرة تونس على تصدير الكهرباء باعتماد الطاقات المتجددة، وكل هذه الخطوات المتقدمة والتي تتبناها الحكومة كخيارات جارية التنفيذ، تؤكّد مدى الاهتمام بإيجاد موارد بديلة، تفاديا لأزمات طاقية متوقعة وغير مستبعدة، بالإضافة الى الحرص على حسن استغلال هذه الطاقات المتجددة التي أصبحت بعض الدول تعتمدها كثروات لا تقدّر بثمن وسهلة المعالجة والتوظيف .

منية العرفاوي