انطلاقة جني الزيتون في مختلف المناطق المنتجة في تونس كانت متعثرة هذا الموسم. وأمام تدني أسعار زيت الزيتون المسجلة اختار عدد من المنتجين التوقف عن الجني في سوسة وسيدي بوزيد وصفاقس وقفصة وغيرها من المناطق. واعتبر الفلاح أن إبقاء الزيتون في رؤوس أمهاته أفضل من تكبّد خسائر جنيه ونقله وعصره دون تحقيق الربح المرجو منه بعد أن فرض أصحاب المعاصر والمصدرون أسعارا منخفضة للغاية للتر الواحد من الزيت وصلت الى 8 دنانير في جهة الساحل.
ومن أجل حلحلة الوضع وعدم الإضرار بأي من حلقات منظومة زيت الزيتون التونسي، سجلت وزارة الفلاحة سلسلة من اللقاءات والاجتماعات التي انتهت بإقرار جملة من الإجراءات الحمائية للفلاح والمصدر من جهة، ولها أن تتحكم ولو جزئيا في بورصة الأسعار العالمية لزيت الزيتون من جهة أخرى رغم أنه يبقى أمرا غير قابل للسيطرة وتمثل تونس جزءا منه.
وتختلف تقييمات الموسم لهذا العام الذي من المنتظر أن تنتج فيه تونس 340 ألف طن من زيت الزيتون، ففي الوقت الذي يعتبره حمادي البوبكري عضو الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري انه قياسي سيتم خلاله تسجيل زيادة بـ55 % مقارنة بالموسم السابق، يرى كل من الخبير في السياسات الفلاحية فوزي الزياني، والمدير التجاري بديوان الزيت معز بن عمر، أنه موسم بين المتوسط وفوق المتوسط شهدت تونس مواسم أفضل منه بكثير وذلك خلال موسم 2019-2020 حيث سجلت تونس إنتاج 440 ألف طن من زيت الزيتون.
ويرى حمادي البوبكري، أن المشاكل التي يواجهها موسم الزيتون اليوم، تتعلق أساسا بانحباس الأمطار في الآونة الأخيرة أين انطلق التجميع والجني في نفس الوقت على مستوى مختلف الجهات وسطا وشمالا وجنوبا، مما شكل نوعا من الضغط على اليد العاملة وعلى نسق توفرها.
واعتبر البوبكري أن المصدرين بدورهم أصبحوا عنصرا معطلا، خلال هذا الموسم بعد أن أوقفوا عمليات شراء زيت الزيتون أمام عدم حصولهم على التمويلات البنكية وهو ما تسبب في تراجع وتدني أسعار الزيت.
وبين عضو الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري، أن الأيام الأخيرة، سجلت عودة الشراءات مع إقرار إجراءات حمائية لمنظومة زيت الزيتون من قبل وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
واعتبر البوبكري أن عمليات التصدير لن تنطلق إلا خلال شهر جانفي من السنة القادمة والسوق العالمية في حاجة للزيت التونسي، ويكفي، حسب رأيه، أن تنجح الإجراءات الحمائية حتى تنفرج الأمور تدريجيا. وأشار في نفس الوقت الى أن الفلاح بصدد مواجهة عديد المشاكل نظرا الى أنه ليست له القدرة على الخزن، وفي حاجة الى بيع منتوجه لتغطية حاجياته الحياتية وما تتطلبه أرضه من تدخلات في إبانها. وهذا الإشكال المطروح هو ما أجبر الفلاح على بيع منتوجه بأسعار متدنية، لا تغطي كلفة إنتاجه، تم استغلاله وتسبب في تراجع أسعار اللتر من زيت الزيتون في منطقة الساحل مثلا الى 8 و10 دنانير للتر الواحد.
وعبر حمادي البوبكري عن تفاؤله بحجم صابة الموسم وملاءمة الطقس لموسم الجني، وقال إن الموسم الفارط تم خلاله تصدير ما قيمته 5.2 مليار دينار، بينما في الموسم الحالي وبحجم الإنتاج المسجل يمكن تحقيق مداخيل بـ7 و8 مليار دينار.
في نفس الإطار حذّر كاتب عام الجامعة الوطنية لمنتجي الزيتون محمد نصراوي، من خطورة انهيار أسعار زيت الزيتون في تونس، معبرا عن تخوفه من إمكانية عزوف الفلاحين عن الاعتناء بغابات الزيتون، بما يدفع الى انهار الإنتاج في المواسم المقبلة.
وقال نصراوي، إن جامعة منتجي الزيتون لم تلاحظ تغييرا كبيرا ملموسا على اثر الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية للقطاع مؤخرا، رغم تدخل ديوان الزيت بشراء بعض الكميات. وبيّن في نفس الوقت أن موسم الجني يشهد بعض العزوف، محذرا من أنه إذا تواصل ذلك الى فترة لاحقة سيؤثر سلبا على جودة زيت الزيتون التونسي داخليا وخارجيا، معتبرا أن موسم الجني لم يتقدم حتى الآن أكثر 15 % من جمع الصابة.
منظومة مفككة أضعفت الموسم..
من جانبه أفاد فوزي الزياني الخبير في السياسات الفلاحية في حديثه لـ"الصباح"، أن موسم جني الزيتون يعد منظومة مركبة من سلسلة ومجموعة من المتدخلين، المنتج والفلاح ثم صاحب المعصرة ثم المصدر، إضافة الى الدولة بعد أن دخلت على الخط. وأشار الى أن هذه المنظومة في دول أخرى تكون داخل هيكل موحد. على عكس ما هو مسجل في تونس أين تنقسم الى هيكل يدافع عن الفلاحين وأصحاب المعاصر ولنا أيضا المصدرون الذي يوصفون بتجار الجملة.. واعتبر الزياني أن هذا التقسيم يمثل في جانب منه سببا في عدم النجاعة الحاصلة في مراحل متقدمة وخاصة منها عند الترويج.
وفي مقارنة بالسنة الفارطة، ذكّر الزياني أن الأسواق العالمية سجلت أسعارا مشطة لزيت الزيتون، تزامنت مع حملات ترويج هامة أكسبت المادة، التي لا يختلف اثنان في منفعتها الصحية، سمعة واسعة عبر المطاعم والتلفزات، وذلك رغم أن ارتفاع الأسعار كان له أثر واضح على الاستهلاك العالمي وبمردودية عالية مقارنة بالسنوات السابقة.
وهذا التشخيص هو ما جعل المتحكمين في أسواق زيت الزيتون يتجهون نحو ضرورة تعديل الأسعار العالمية هذا العام. ونظرا الى أن الإنتاج كان أفضل من السنة الفارطة فقد تلاءم مع هذا الخيار. حيث ارتفع الإنتاج العالمي من 2 مليون و400 ألف طن الى نحو 3 مليون طن أي بزيادة في حدود 25 % تقريبا بين السنتين، جعل العرض أفضل. وأمام توقعات بموسم قادم في نفس مستوى الموسم الحالي أو أفضل بعد ما تم تسجيله من تساقطات على مستوى دول المتوسط المنتجة للزيتون اتجهت الأسعار الى الانخفاض.
وبين فوزي الزياني أن تونس وبعد 4 سنوات من الجفاف ونظرا الى أن غالبية زياتيننا لم تعد بعلية مطرية، فمن المرجح جدا أن يشهد الموسم القادم صابة هامة قد تصل حسب توقعاته الى 600 ألف طن.
وأضاف أن تونس للسنة الثانية على التوالي تعرف تقدما للإنتاج السقوي على البعلي المطري، والذي بلغ نحو 60 % ومن المرجح أن يصل خلال السنة القادمة الى 70 % وهو ما سيؤدي إلى تغير على المستوى الاقتصادي وكلفة الإنتاج، فالسقوي يتطلب مصاريف أكبر من البعلي المطري، فهذا الأخير يكفي أن تقوم بالزبيرة والمداواة فقط، أما السقوي فهو يتطلب ماء للسقي وطاقة وأسمدة ومداواة..
وبين الخبير في السياسات الفلاحية، أن هذا الفارق في التكلفة هو ما جعل المنتج والفلاح التونسي، يحتج اليوم عن الأسعار المتداولة والتي تراوحت بين 1000 و1200 مليم وفي أحسن الحالات بـ1500 مليم للزيتون بعد أن كانت في حدود 2000 مليم وهو السعر الذي يغطي الكلفة بالنسبة للسقوي وفي حال نزل عن ذلك يصبح الفلاح بصدد الخسارة.
وأشار محدثنا الى أن إيقاف الجني في الأسابيع الفارطة كان نتيجة هذه الخسارة المسجلة وعدم قبول الفلاح بالأسعار المتداولة. فالمنتجون يرون أن ترك الثمرة في رؤوس أشجارها دون جني أفضل من بيعها بخسارة بنحو 800 مليم في الكيلوغرام وهي كلفة النقل والعصر.
لوبي الزيت العالمي..
وعن مدى تأثير السوق العالمية و"لوبيات الزيت" على الوضع الداخلي لمنظومة إنتاج الزيتون في تونس، قال فوزي الزياني "إن السوق العالمية لزيت الزيتون بصدد تعديل الأسعار وفقا لمحرار السوق التونسية، ونحن بصدد تقديم الفرصة لهم للتخفيض في الأسعار العالمية، فهي تعود أصلا الى أنه يشتري من السوق التونسية أقل بدينارين وثلاث دنانير، ومن مصلحته أن تنخفض الأسعار أكثر.. وأمام اتجاه الأسعار الداخلية نحو الانخفاض سيقوم بالشراء بالأسعار المتداولة الآن".
وعن الضغط الذي يمارسه أصحاب المعاصر والمصدرون التونسيين، لاقتناء الزيتون بأقل سعر ممكن، يرى الزياني أن "الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه" وشدد أن من يقوم بذلك أقلية، خاصة أنه ليس من مصلحة غالبيتهم الذين اقتنوا الزيت في بداية الموسم بأسعار مرتفعة، في حدود 16 دينارا للتر الواحد، أن ينخفض السعر العالمي أكثر، وبالتالي البيع بأقل من ثمن الشراء.
وبين في نفس السياق أن عدد المصدرين التونسيين ليس بالكبير وليس لهم طاقة تخزين عالية لذلك يستبعدهم من دائرة "اللوبي"، في المقابل يقر أن هناك أطراف أجنبية بصدد العمل بكل جهدها لضرب زيت الزيتون التونسي وتبخيس قيمته العالمية. فبعد أن أصبحت تونس ثاني منتج لزيت الزيتون في العلم بعد اسبانيا، وسجلت حضورا مميزا على مستوى إنتاج زيت الزيتون البيولوجي وتمكنت من كسب أسواق جديدة ومنها سوق الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد سوقا واعدة استهلاكية، بصدد اقتناء نصف كميات الزيت التونسي الموجه للتصدير، دون أداءات وضرائب. في حين أن السوق الأوروبية لا تتمتع بهذا الامتياز وهو ما يجعل الزيت التونسي منافسا قويا وشرسا لها، تسعى بكل جهدها الى ضربه.
واعتبر أن هذا اللوبي الأجنبي، متواجد منذ سنوات لكن احتد هذا العام، نظرا للموقع الذي احتلته تونس في ما يهم إنتاج زيت الزيتون. وذكر أن إيطاليا اليوم تحتل المرتبة الخامسة عالميا، مقابل مرتبة ثانية لتونس ومن مصلحة هذه الجهات أن يتم ضرب زيت الزيتون التونسي.
وأشار الزياني الى أن عددا من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بصدد القيام بمهام ضرب الموسم في تونس وتبخيس قيمة الزيت التونسي، وهي صفحات غير بريئة وأغلبها مدعمة. وقال إن ما يحصل يرتقي الى مستوى "الإرهاب" فهو يهدد مداخيل تونس من العملة الصعبة ويندرج ضمن الأمن القومي وفي حال لم ننتبه إلى خطورة ما يقع فستكون لذلك آثار كبيرة على كل البلاد وليس على موسم أو منظومة إنتاج زيت الزيتون فقط.
ودعا في الإطار، الخبير في السياسات الفلاحية، الى تركيز هيكل موحد يشرف على موسم إنتاج زيت الزيتون يضم كل الهياكل المعنية من تجارة وصناعة فلاحة وصحة واستخبارات.. يحمي هذه الثروة الوطنية باعتبارها تتنزل صلب الأمن القومي للبلاد.
وأفاد أن الموسم الفارط 2023-2024، بلغت قيمة تصدير زيت الزيتون التونسي 5162 مليون دينار، وبتحسن الإنتاج يتوقع تسجيل نفس الرقم رغم أن حجم التصدير قد يصل الى 300 ألف طن وهو أمر غير منطقي وغير منصف.
وذكر أن تراجع الأسعار سيكون له أثر على إيرادات تونس من العملة الصعبة وعلى الأداءات على المرابيح وعلى الفلاح الذي لن يحقق مرابيح تغطي له كلفة اشتغاله على الأرض وشجرة الزيتون ولا تمكنه من عيش كريم، الأمر الذي سيؤثر على الموسم القادم. هذا بالإضافة الى العنصر الأهم وهو سمعة تونس بالخارج التي تضافرت جهود المصدرين بمعاضدة الدولة من أجل تشكلها خلال العشر سنوات الأخيرة وحصولها على 250 جائزة. تلك السمعة ستتأثر بشكل كبير عند ضرب زيت الزيتون التونسي أو تبخيس قيمته، وسيصعب بعدها استرجاعها أو إعادة تركيبها. وكل هذا سيصب في مصلحة الجهات الأجنبية. ولا يمكننا حسب راية تحقيق مداخيل أفضل إلا عبر تحسن الأسعار العالمية.
وكشف أن ديوان الزيت منذ سنوات انسحب من دورة ترويج زيت الزيتون التونسي، ولم يعد يعدل الأسعار أو يشتري زيت الزيتون وتقتصر مهامه على الأدوار التحسيسية البروتوكولية. واليوم وأمام ما يسجل من إشكاليات كان قرار رئاسة الجمهورية عودة ديوان الزيت عبر وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، للتدخل في المنظومة من جديد من "اجل حفظ حقوق الفلاحين" أي تمكين الفلاح من بيع منتوجه بأسعار معقولة تضمن بقاءه في منظومة الإنتاج. لكن الى غاية الآن لم نر بعد هذا النوع من التدخل، وحسب قوله" الدعم في الخزن بـ110 دنانير للطن من الزيت هو مبلغ غير معقول ومضحك.. " وبين أن الحصول على 1 طن من الزيت يتطلب على الأقل 6 طن من الزيتون أو أكثر، و2400 دينار للجني و1200 دينار للعصر هذا بالإضافة الى كلفة النقل. وبالتالي فإن الفلاح لا يمكنه تغطية هذه الكلفة. وأشار الى أن توفير الدولة والبنوك تسبقة لكل طن بما يعادل 50 % من تكلفتها يمكن عندها فقط حماية الفلاح وانتظار الأسعار العالمية لترتفع من جديد وتسجل تلك الديناميكية المطلوبة في ما يهم إنتاج وعصر وتصدير زيت الزيتون الموسم الأهم للفلاح التونسي.
وشدد محدثنا على أنه من مصلحة الدولة اليوم أن تتدخل وتقوم بدعم المنتج الفلاح، حتى تحافظ على ثروة وطنية بامتياز وأكبر موسم اقتصادي تعيش على وقعه البلاد على المستوى الداخلي والخارجي على حد السواء. يخلق حركة اقتصادية داخلية، تشمل العملة في الحقول (جني وزبيرة) والمعاصر والمخازن وفواتير الكهرباء والمشرفين على النقل.. وشدد في السياق الزياني، على ان شبكة دائرية كاملة يمكن ان تختل ان لم يقع دعم الفلاح والموسم. والتدخل المطلوب لن يكلف الدولة كثيرا حسب خبير السياسات الفلاحية، فيكفي أن يقدم ديوان الزيت تسبقة مثل السابق للفلاح تمكنه من تغطية حاجاته وتعطيه رسالة طمأنة وتضمن له منطقة أمان. وفي نفس الوقت تعطي إشارة للخارج أن الدولة تدخلت في المنظومة وهي بصدد حماية ثروة وطنية.
المدير التجاري بديوان الزيت معز بن عمر لـ"الصباح": الديوان شرع في تجميع زيت الزيتون من المعاصر
من جانبه كشف معز بن عمر المدير التجاري بديوان الزيت في تصريحه الخاص، مستوى تقدم موسم جني الزيتون وما شهد من تعطل وإشكاليات، مشيرا الى انه في إطار تجسيد الإجراءات المتخذة بهدف الحفاظ على صابة الزيتون وحسن سير موسم زيت الزيتون الحالي أقرت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، جملة من الإجراءات الحمائية ويمكن اعتبار تدخل ديوان الزيت لشراء زيت الزيتون عند الإنتاج، أبرزها. وقال إن الديوان بدأ فعليا في هذا التدخل منذ شهر نوفمبر لدى المعاصر والفلاحين عبر شراء كميات من زيت الزيتون بمختلف أنواعه ومن مختلف مناطق الجمهورية وذلك عبر مراكزه الجهوية المتواجدة في كل من تونس سوسة والقيروان وصفاقس وجرجيس.
وذكر بن عمر أن الديوان يشرف على تحركات حثيثة لتجميع زيت الزيتون من المعاصر مع القيام بالتحاليل قبل تأكيد الشراءات من أجل تصنيف الكميات. وأمام إدراك الديوان أن الفلاح لا يملك مراكز تجميع قام بتخصيص يومي الاثنين والخميس لقبول زيت الزيتون من الفلاحين بمراكز الديوان، وتم الانطلاق رسميا في التجميع بداية من يوم 2 ديسمبر الجاري. وهو إجراء الهدف منه حفظ حقوق الفلاحين وحمايتهم ماديا.
وذكر بن عمر أن ديوان الزيت منشأة عمومية لديه مجال تدخل هام في القطاع وخاصة من أجل تعديل السوق عند رصد اختلال بين العرض والطلب، وما تمت ملاحظته في الأسابيع الأخير هو عزوف على مستوى شراء زيت الزيتون من المصدرين وتعثر على مستوى انطلاقة الموسم بشكل ما زلنا فيه في حدود 17 % من تقدم موسم الجني، فضلا عن تراجع في الأسعار.
وفسر معز بن عمر، أن تونس ليست بمنأى عن بورصة الأسعار العالمية، وباعتبار أننا هذا العام قد عدنا الى مستويات عادية للإنتاج على الصعيد العالمي بـ3.3 مليون طن أي أرفع بقليل من المعدلات العادية (3.1 مليون طن) وبتفوق واضح على المستويات التي عشناها في الموسمين الماضيين والتي تراجع خلالها الإنتاج الى 2.5 مليون طن، وهذه الوفرة شملت جل البلدان المنتجة لزيت الزيتون من إسبانيا والبرتغال واليونان وتركيا وتونس وهي بلدان تشهد منافسة شديدة على مستوى الأسعار، وباعتبار أن هناك وفرة في العرض، تم تسجيل تراجع في الأسعار بعد المستويات القياسية التي وصلت إليها خلال الموسم الفارط وتراوح خلالها سعر اللتر بين 8 و9 أورو وهي أسعار لم نعشها من قبل مقارنة بالأربعة أو الخمسة مواسم التي سبقته والتي كانت الأسعار فيها في حدود 3 أورو تقريبا.
وذكر المدير التجاري بديوان الزيت، أن الأسعار على مستوى التصدير هذا العام تكون في حدود 4 أورو بالنسبة لزيت الزيتون البكر الممتاز، ويبقى زيت الزيتون على المستوى الداخلي دائما خاضع للبورصة العالمية مع الأخذ بعين الاعتبار للكلفة والهوامش. ليكون السعر الداخلي في حدود 12 دينارا تقريبا. هو سعر متحرك يمكن أن يتغير من يوم لآخر سواء نحو الانخفاض أو الارتفاع.
ولم يقلق معز بن عمر، من تأخر موسم الجني أو تعطله حيث قال إن مستوى الجودة حتى مع تأخر الجني فإن برودة الطقس ستحافظ على جودة الزيتونة حتى أنها ستساهم في تحسنها من ناحية الإنتاجية والمذاق على حد السواء.
بورصة السوق العالمية..
أما بخصوص مدى قدرة السوق التونسية لزيت الزيتون على التأثير في السوق العالمية والضغط للحيلولة دون مزيد انخفاض الأسعار، أقر معز بن عمر أن تقدم ترتيب تونس من ناحية الإنتاج على المستوى العالمي أين تعد ثاني بلد بعد اسبانيا مع حصة في حدود 10 أو 11 % من الإنتاج العالمي. (340 ألف طن إنتاج تونس من زيت الزيتون مقابل إنتاج عالمي في حدود الـ330 مليون طن). لا يمكنه أن يكون محددا في الأسعار العالمية بشكل كبير.
وبين بن عمر أنه على امتداد السنوات الماضية كان لزيت الزيتون التونسي القيمة والجودة وكسب عديد الميداليات العالمية بحكم تطور العلامات التجارية التونسية بالخارج وأصبحت تونس بلدا منافسا حتى على مستوى العلامات التجارية لزيت الزيتون وبصدد التموقع والتقدم في عديد الأسواق الخارجية ويتواجد زيت الزيتون التونسي اليوم في 65 سوق في العالم سائلا أو معلبا. هذا دون أن ننسى أن قطاع زيت الزيتون محوري وأساسي في الاقتصاد التونسي يؤمن مدخولا مهما لخزينة الدولة من العملة الصعبة ويمثل سوقا تشغيلية هامة.
وأضاف أن "دور ديوان الزيت محوري للتدخل وشراء زيت الزيتون ويكون ضمانا للفلاحين ولبقية المتدخلين لخلق التوازن بين العرض والطلب ومن المهم ألا ننسى في نفس الإطار أن الموسم مهم وطنيا وعالميا وهناك تراجع في الأسعار وبالتالي فإن التدخل يجب أن يقترن بآليات أخرى. ومن هنا تم إقرار برنامج لتخزين زيت الزيتون على غرار البرنامج الاستثنائي الذي قام به الديوان في 2019 -2020 عندما أنتجت تونس 440 ألف طن وترافق بتراجع حاد في السعر العالمي.
برنامج تخزين لـ3 أشهر"..
وبين بن عمر أنه فضلا عن تدخل ديوان الزيت من أجل اقتناء 100 ألف طن من الفلاحين، تم التوجه نحو إقرار آليات تخزين ثلث الصابة أيضا أي ما قيمته 100 ألف طن لدى الخواص وذلك عبر تقديم منح لمختلف المتدخلين في القطاع من فلاح وصاحب معصرة ومصدر.. وفي حال كان لدى أي منهم كمية من الزيت يرى أن بيعها خلال الأشهر القادمة سيكون أفضل من ناحية المردودية، الديوان يمكنه من تخزين الكميات وتجميدها لمدة 3 أشهر القادمة بعدها يتم رفع الكميات المذكورة. وبالتالي نكون وكأننا رفعنا وسحبنا تلك الكميات لثلاثة أشهر من السوق لتعود بعد مرور فترة الذروة (من أواخر شهر ديسمبر الى غاية أوائل شهر فيفري) بالنسبة للجني والعصر.
والهدف من برنامج التخزين امتصاص ذلك الفائض الظرفي والذي يؤدي إلى اختلال العرض والطلب وانهيار الأسعار. وفي حال إعادته الى السوق خلال شهر مارس أو أفريل تكون إعادة الكمية في متسع من الوقت.
وقال بن عمر أن هذا الإجراء لن يؤدي بالضرورة الى الترفيع في الأسعار الخاضعة للتداول العالمي وإنما هو إجراء حمائي مكن المخزّن من منحة 100 دينار للطن على كل شهر أي 300 دينار لكامل مدة التخزين عن الطن الواحد من زيت الزيتون وللفلاحين هناك منحة إضافية بـ30 دينارا للطن على امتداد ثلاثة أشهر.
منحة ضعيفة وغير مجزية
وأوضح في خصوص اعتبار هذه المنحة ضعيفة ولا تغطي كلفة الإنتاج الذي تحول أساسا الى سقوي بعد أن كانت النسبة الأكبر منها ذات طابع بعلي مطري، أن كلفة التخزين والخزن ليست لها أي علاقة بكلفة الإنتاج. كما أن وزارة الفلاحة وديوان الزيت تركت الخيار للمنتج وصاحب المعصرة وقدمت له عمليا إجراء يمكنه من التخزين بدل البيع بأسعار لا ترضيه أو تتسبب له في خسارة. وقيمة المنحة تم احتسابها على الفوائد البنكية التي مطالب المنتج وصاحب المعصرة بخلاصها للبنوك خلال فترة الثلاثة أشهر المذكورة.
اللوبيات الأجنبية
وأفاد معز بن عمر حول ما يتم تناقله حول لوبي محاولة ضرب زيت الزيتون التونسي وتبخيس قيمته من أجل شرائه بأرخص الأسعار على مستوى السوق العالمية، أنه لا يمكنه أخذ ما يتم ترويجه محمل جد دون أدلة دقيقة. وكديوان للزيت ليس من مشمولاته التدخل في هذا الإطار فهناك جهات مختصة في الدولة من مهامها ومسؤوليتها فتح التحقيقات ومتابعة الأمر في حين أنهم كتقنيين يتحدثون بلغة السوق والعرض والطلب.
وبين محدثنا أن ديوان الزيت ومختلف المتدخلين، يأملون أن تستقر الأسعار العالمية في مستويات مناسبة، للحفاظ على منظومة إنتاج الزيت. وحتى مع ما سجل من تذبذب يسعى الجميع الى مسايرتها والتدخل عبر إجراءات حمائية من اجل التعديل ومساندة الفلاحين.
وأفاد بن عمر انه من الصعب جدا توقع التغيرات التي قد تطرأ على بوصة زيت الزيتون، فالموسم مازال متواصل حتى أننا في بدايته، كما هنالك لجنة على مستوى وزارة المالية تجتمع مرة أو مرتين أسبوعيا تتركب من جميع الهياكل المعنية، وتشكل خلية يقظة من اجل متابعة لصيقة لمتابعة الموسم. وفي الأخير تفاءل بن عمر خيرا بالموسم وقال "سنسعى الى إنجاح الموسم وفي حال سجل أي تغيير سنقدم مقترحات جديدة من أجل الحفاظ على حقوق المتدخلين التونسيين ونجاح الموسم".
تونس ثاني مصدر لزيت الزيتون هذا العام
على هامش ندوة انعقدت في ولاية صفاقس لتثمين زيت الزّيتون التّونسي، وخاصة منه صنف الشملالي ذو الجودة العالية من حيث خصائصه المذاقية والكيميائية علاوة على وفرة إنتاجه التي تمثل غالبا بين 60 و70 بالمائة من الإنتاج التّونسي وهو متواجد بالأساس في السّاحل والجنوب التّونسي. وتعد الأكثر إنتاجا وتأقلما مع مناخ تونس على غرار الجفاف والملوحة والأمراض النباتيّة أكّد حامد الدالي الرّئيس المدير العام للدّيوان الوطني للزّيت، أنّ منظومة زيت الزّيتون متكاملة، وتتطلب تضافر جهود كل الأطراف المتدخلة من فلاحين وأصحاب معاصر ومصدّرين، خاصّة وأنّ الدّيوان، تبعا لتعليمات السيّد رئيس الجمهوريّة، يقوم بالتّدخل عبر الشّراء من الفلاحين، وأصحاب المعاصر، في كامل أنحاء الجمهورية، ومن كل أصناف زيت الزيتون وأنّه تمّ تسجيل إقبالا كبيرا في كل من ولاية سوسة وصفاقس وجرجيس، مبيّنا أنّ طاقة تخزين زيت الزّيتون تقدر بـ80 ألف طن، فضلا عن 415 ألف طن تقريبا، لدى الخواص، أي بطاقة تخزين جملية تقدر بحوالي 500 ألف طن، وهي أكبر من الصابة الحالية والتّي تقدر بـ340 ألف طن.
وتحتل تونس هذا العام مرتبة ثاني مصدر لزيت الزيتون على المستوى العالمي بعد الاتحاد الأوروبي بنسبة في حدود 20 %.
وقد صادق المجلس التونسي لزيت الزيتون المعلب على البرنامج الإشهاري والتسويقي لزيت الزيتون المعلب ذي المصلحة العامة بعنوان سنة 2025، خلال اجتماع عقده الأسبوع الفارط. ويهدف البرنامج، وفق بلاغ وزارة الصناعة، إلى تعزيز تموقع زيت الزيتون المعلب التونسي في الأسواق الخارجية الواعدة والتعريف بالمنشأ التونسي، إضافة إلى تنويع وجهات التصدير نحو أسواق جديدة واعدة مثل السوق الصينية والبريطانية والحفاظ على أسواق قديمة على غرار كندا والولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب السوق الأوروبية وأسواق دول الخليج العربي.
تجدر الإشارة إلى أن صادرات زيت الزيتون المعلب تطورت بنسبة 118 بالمائة، إلى موفى أكتوبر 2024 وقدّرت قيمتها ب735 مليون دينار. وزادت حصة صادرات زيت الزيتون المعلب من الصادرات الجملية لهذا المنتج، من 9،6 % إلى 14،8 % كما سجل انخراط 4 مؤسّسات صغرى لتتمتع لأوّل مرّة بمساعدات الصندوق.
ريم سوودي
تونس-الصباح
انطلاقة جني الزيتون في مختلف المناطق المنتجة في تونس كانت متعثرة هذا الموسم. وأمام تدني أسعار زيت الزيتون المسجلة اختار عدد من المنتجين التوقف عن الجني في سوسة وسيدي بوزيد وصفاقس وقفصة وغيرها من المناطق. واعتبر الفلاح أن إبقاء الزيتون في رؤوس أمهاته أفضل من تكبّد خسائر جنيه ونقله وعصره دون تحقيق الربح المرجو منه بعد أن فرض أصحاب المعاصر والمصدرون أسعارا منخفضة للغاية للتر الواحد من الزيت وصلت الى 8 دنانير في جهة الساحل.
ومن أجل حلحلة الوضع وعدم الإضرار بأي من حلقات منظومة زيت الزيتون التونسي، سجلت وزارة الفلاحة سلسلة من اللقاءات والاجتماعات التي انتهت بإقرار جملة من الإجراءات الحمائية للفلاح والمصدر من جهة، ولها أن تتحكم ولو جزئيا في بورصة الأسعار العالمية لزيت الزيتون من جهة أخرى رغم أنه يبقى أمرا غير قابل للسيطرة وتمثل تونس جزءا منه.
وتختلف تقييمات الموسم لهذا العام الذي من المنتظر أن تنتج فيه تونس 340 ألف طن من زيت الزيتون، ففي الوقت الذي يعتبره حمادي البوبكري عضو الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري انه قياسي سيتم خلاله تسجيل زيادة بـ55 % مقارنة بالموسم السابق، يرى كل من الخبير في السياسات الفلاحية فوزي الزياني، والمدير التجاري بديوان الزيت معز بن عمر، أنه موسم بين المتوسط وفوق المتوسط شهدت تونس مواسم أفضل منه بكثير وذلك خلال موسم 2019-2020 حيث سجلت تونس إنتاج 440 ألف طن من زيت الزيتون.
ويرى حمادي البوبكري، أن المشاكل التي يواجهها موسم الزيتون اليوم، تتعلق أساسا بانحباس الأمطار في الآونة الأخيرة أين انطلق التجميع والجني في نفس الوقت على مستوى مختلف الجهات وسطا وشمالا وجنوبا، مما شكل نوعا من الضغط على اليد العاملة وعلى نسق توفرها.
واعتبر البوبكري أن المصدرين بدورهم أصبحوا عنصرا معطلا، خلال هذا الموسم بعد أن أوقفوا عمليات شراء زيت الزيتون أمام عدم حصولهم على التمويلات البنكية وهو ما تسبب في تراجع وتدني أسعار الزيت.
وبين عضو الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري، أن الأيام الأخيرة، سجلت عودة الشراءات مع إقرار إجراءات حمائية لمنظومة زيت الزيتون من قبل وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
واعتبر البوبكري أن عمليات التصدير لن تنطلق إلا خلال شهر جانفي من السنة القادمة والسوق العالمية في حاجة للزيت التونسي، ويكفي، حسب رأيه، أن تنجح الإجراءات الحمائية حتى تنفرج الأمور تدريجيا. وأشار في نفس الوقت الى أن الفلاح بصدد مواجهة عديد المشاكل نظرا الى أنه ليست له القدرة على الخزن، وفي حاجة الى بيع منتوجه لتغطية حاجياته الحياتية وما تتطلبه أرضه من تدخلات في إبانها. وهذا الإشكال المطروح هو ما أجبر الفلاح على بيع منتوجه بأسعار متدنية، لا تغطي كلفة إنتاجه، تم استغلاله وتسبب في تراجع أسعار اللتر من زيت الزيتون في منطقة الساحل مثلا الى 8 و10 دنانير للتر الواحد.
وعبر حمادي البوبكري عن تفاؤله بحجم صابة الموسم وملاءمة الطقس لموسم الجني، وقال إن الموسم الفارط تم خلاله تصدير ما قيمته 5.2 مليار دينار، بينما في الموسم الحالي وبحجم الإنتاج المسجل يمكن تحقيق مداخيل بـ7 و8 مليار دينار.
في نفس الإطار حذّر كاتب عام الجامعة الوطنية لمنتجي الزيتون محمد نصراوي، من خطورة انهيار أسعار زيت الزيتون في تونس، معبرا عن تخوفه من إمكانية عزوف الفلاحين عن الاعتناء بغابات الزيتون، بما يدفع الى انهار الإنتاج في المواسم المقبلة.
وقال نصراوي، إن جامعة منتجي الزيتون لم تلاحظ تغييرا كبيرا ملموسا على اثر الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية للقطاع مؤخرا، رغم تدخل ديوان الزيت بشراء بعض الكميات. وبيّن في نفس الوقت أن موسم الجني يشهد بعض العزوف، محذرا من أنه إذا تواصل ذلك الى فترة لاحقة سيؤثر سلبا على جودة زيت الزيتون التونسي داخليا وخارجيا، معتبرا أن موسم الجني لم يتقدم حتى الآن أكثر 15 % من جمع الصابة.
منظومة مفككة أضعفت الموسم..
من جانبه أفاد فوزي الزياني الخبير في السياسات الفلاحية في حديثه لـ"الصباح"، أن موسم جني الزيتون يعد منظومة مركبة من سلسلة ومجموعة من المتدخلين، المنتج والفلاح ثم صاحب المعصرة ثم المصدر، إضافة الى الدولة بعد أن دخلت على الخط. وأشار الى أن هذه المنظومة في دول أخرى تكون داخل هيكل موحد. على عكس ما هو مسجل في تونس أين تنقسم الى هيكل يدافع عن الفلاحين وأصحاب المعاصر ولنا أيضا المصدرون الذي يوصفون بتجار الجملة.. واعتبر الزياني أن هذا التقسيم يمثل في جانب منه سببا في عدم النجاعة الحاصلة في مراحل متقدمة وخاصة منها عند الترويج.
وفي مقارنة بالسنة الفارطة، ذكّر الزياني أن الأسواق العالمية سجلت أسعارا مشطة لزيت الزيتون، تزامنت مع حملات ترويج هامة أكسبت المادة، التي لا يختلف اثنان في منفعتها الصحية، سمعة واسعة عبر المطاعم والتلفزات، وذلك رغم أن ارتفاع الأسعار كان له أثر واضح على الاستهلاك العالمي وبمردودية عالية مقارنة بالسنوات السابقة.
وهذا التشخيص هو ما جعل المتحكمين في أسواق زيت الزيتون يتجهون نحو ضرورة تعديل الأسعار العالمية هذا العام. ونظرا الى أن الإنتاج كان أفضل من السنة الفارطة فقد تلاءم مع هذا الخيار. حيث ارتفع الإنتاج العالمي من 2 مليون و400 ألف طن الى نحو 3 مليون طن أي بزيادة في حدود 25 % تقريبا بين السنتين، جعل العرض أفضل. وأمام توقعات بموسم قادم في نفس مستوى الموسم الحالي أو أفضل بعد ما تم تسجيله من تساقطات على مستوى دول المتوسط المنتجة للزيتون اتجهت الأسعار الى الانخفاض.
وبين فوزي الزياني أن تونس وبعد 4 سنوات من الجفاف ونظرا الى أن غالبية زياتيننا لم تعد بعلية مطرية، فمن المرجح جدا أن يشهد الموسم القادم صابة هامة قد تصل حسب توقعاته الى 600 ألف طن.
وأضاف أن تونس للسنة الثانية على التوالي تعرف تقدما للإنتاج السقوي على البعلي المطري، والذي بلغ نحو 60 % ومن المرجح أن يصل خلال السنة القادمة الى 70 % وهو ما سيؤدي إلى تغير على المستوى الاقتصادي وكلفة الإنتاج، فالسقوي يتطلب مصاريف أكبر من البعلي المطري، فهذا الأخير يكفي أن تقوم بالزبيرة والمداواة فقط، أما السقوي فهو يتطلب ماء للسقي وطاقة وأسمدة ومداواة..
وبين الخبير في السياسات الفلاحية، أن هذا الفارق في التكلفة هو ما جعل المنتج والفلاح التونسي، يحتج اليوم عن الأسعار المتداولة والتي تراوحت بين 1000 و1200 مليم وفي أحسن الحالات بـ1500 مليم للزيتون بعد أن كانت في حدود 2000 مليم وهو السعر الذي يغطي الكلفة بالنسبة للسقوي وفي حال نزل عن ذلك يصبح الفلاح بصدد الخسارة.
وأشار محدثنا الى أن إيقاف الجني في الأسابيع الفارطة كان نتيجة هذه الخسارة المسجلة وعدم قبول الفلاح بالأسعار المتداولة. فالمنتجون يرون أن ترك الثمرة في رؤوس أشجارها دون جني أفضل من بيعها بخسارة بنحو 800 مليم في الكيلوغرام وهي كلفة النقل والعصر.
لوبي الزيت العالمي..
وعن مدى تأثير السوق العالمية و"لوبيات الزيت" على الوضع الداخلي لمنظومة إنتاج الزيتون في تونس، قال فوزي الزياني "إن السوق العالمية لزيت الزيتون بصدد تعديل الأسعار وفقا لمحرار السوق التونسية، ونحن بصدد تقديم الفرصة لهم للتخفيض في الأسعار العالمية، فهي تعود أصلا الى أنه يشتري من السوق التونسية أقل بدينارين وثلاث دنانير، ومن مصلحته أن تنخفض الأسعار أكثر.. وأمام اتجاه الأسعار الداخلية نحو الانخفاض سيقوم بالشراء بالأسعار المتداولة الآن".
وعن الضغط الذي يمارسه أصحاب المعاصر والمصدرون التونسيين، لاقتناء الزيتون بأقل سعر ممكن، يرى الزياني أن "الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه" وشدد أن من يقوم بذلك أقلية، خاصة أنه ليس من مصلحة غالبيتهم الذين اقتنوا الزيت في بداية الموسم بأسعار مرتفعة، في حدود 16 دينارا للتر الواحد، أن ينخفض السعر العالمي أكثر، وبالتالي البيع بأقل من ثمن الشراء.
وبين في نفس السياق أن عدد المصدرين التونسيين ليس بالكبير وليس لهم طاقة تخزين عالية لذلك يستبعدهم من دائرة "اللوبي"، في المقابل يقر أن هناك أطراف أجنبية بصدد العمل بكل جهدها لضرب زيت الزيتون التونسي وتبخيس قيمته العالمية. فبعد أن أصبحت تونس ثاني منتج لزيت الزيتون في العلم بعد اسبانيا، وسجلت حضورا مميزا على مستوى إنتاج زيت الزيتون البيولوجي وتمكنت من كسب أسواق جديدة ومنها سوق الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد سوقا واعدة استهلاكية، بصدد اقتناء نصف كميات الزيت التونسي الموجه للتصدير، دون أداءات وضرائب. في حين أن السوق الأوروبية لا تتمتع بهذا الامتياز وهو ما يجعل الزيت التونسي منافسا قويا وشرسا لها، تسعى بكل جهدها الى ضربه.
واعتبر أن هذا اللوبي الأجنبي، متواجد منذ سنوات لكن احتد هذا العام، نظرا للموقع الذي احتلته تونس في ما يهم إنتاج زيت الزيتون. وذكر أن إيطاليا اليوم تحتل المرتبة الخامسة عالميا، مقابل مرتبة ثانية لتونس ومن مصلحة هذه الجهات أن يتم ضرب زيت الزيتون التونسي.
وأشار الزياني الى أن عددا من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بصدد القيام بمهام ضرب الموسم في تونس وتبخيس قيمة الزيت التونسي، وهي صفحات غير بريئة وأغلبها مدعمة. وقال إن ما يحصل يرتقي الى مستوى "الإرهاب" فهو يهدد مداخيل تونس من العملة الصعبة ويندرج ضمن الأمن القومي وفي حال لم ننتبه إلى خطورة ما يقع فستكون لذلك آثار كبيرة على كل البلاد وليس على موسم أو منظومة إنتاج زيت الزيتون فقط.
ودعا في الإطار، الخبير في السياسات الفلاحية، الى تركيز هيكل موحد يشرف على موسم إنتاج زيت الزيتون يضم كل الهياكل المعنية من تجارة وصناعة فلاحة وصحة واستخبارات.. يحمي هذه الثروة الوطنية باعتبارها تتنزل صلب الأمن القومي للبلاد.
وأفاد أن الموسم الفارط 2023-2024، بلغت قيمة تصدير زيت الزيتون التونسي 5162 مليون دينار، وبتحسن الإنتاج يتوقع تسجيل نفس الرقم رغم أن حجم التصدير قد يصل الى 300 ألف طن وهو أمر غير منطقي وغير منصف.
وذكر أن تراجع الأسعار سيكون له أثر على إيرادات تونس من العملة الصعبة وعلى الأداءات على المرابيح وعلى الفلاح الذي لن يحقق مرابيح تغطي له كلفة اشتغاله على الأرض وشجرة الزيتون ولا تمكنه من عيش كريم، الأمر الذي سيؤثر على الموسم القادم. هذا بالإضافة الى العنصر الأهم وهو سمعة تونس بالخارج التي تضافرت جهود المصدرين بمعاضدة الدولة من أجل تشكلها خلال العشر سنوات الأخيرة وحصولها على 250 جائزة. تلك السمعة ستتأثر بشكل كبير عند ضرب زيت الزيتون التونسي أو تبخيس قيمته، وسيصعب بعدها استرجاعها أو إعادة تركيبها. وكل هذا سيصب في مصلحة الجهات الأجنبية. ولا يمكننا حسب راية تحقيق مداخيل أفضل إلا عبر تحسن الأسعار العالمية.
وكشف أن ديوان الزيت منذ سنوات انسحب من دورة ترويج زيت الزيتون التونسي، ولم يعد يعدل الأسعار أو يشتري زيت الزيتون وتقتصر مهامه على الأدوار التحسيسية البروتوكولية. واليوم وأمام ما يسجل من إشكاليات كان قرار رئاسة الجمهورية عودة ديوان الزيت عبر وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، للتدخل في المنظومة من جديد من "اجل حفظ حقوق الفلاحين" أي تمكين الفلاح من بيع منتوجه بأسعار معقولة تضمن بقاءه في منظومة الإنتاج. لكن الى غاية الآن لم نر بعد هذا النوع من التدخل، وحسب قوله" الدعم في الخزن بـ110 دنانير للطن من الزيت هو مبلغ غير معقول ومضحك.. " وبين أن الحصول على 1 طن من الزيت يتطلب على الأقل 6 طن من الزيتون أو أكثر، و2400 دينار للجني و1200 دينار للعصر هذا بالإضافة الى كلفة النقل. وبالتالي فإن الفلاح لا يمكنه تغطية هذه الكلفة. وأشار الى أن توفير الدولة والبنوك تسبقة لكل طن بما يعادل 50 % من تكلفتها يمكن عندها فقط حماية الفلاح وانتظار الأسعار العالمية لترتفع من جديد وتسجل تلك الديناميكية المطلوبة في ما يهم إنتاج وعصر وتصدير زيت الزيتون الموسم الأهم للفلاح التونسي.
وشدد محدثنا على أنه من مصلحة الدولة اليوم أن تتدخل وتقوم بدعم المنتج الفلاح، حتى تحافظ على ثروة وطنية بامتياز وأكبر موسم اقتصادي تعيش على وقعه البلاد على المستوى الداخلي والخارجي على حد السواء. يخلق حركة اقتصادية داخلية، تشمل العملة في الحقول (جني وزبيرة) والمعاصر والمخازن وفواتير الكهرباء والمشرفين على النقل.. وشدد في السياق الزياني، على ان شبكة دائرية كاملة يمكن ان تختل ان لم يقع دعم الفلاح والموسم. والتدخل المطلوب لن يكلف الدولة كثيرا حسب خبير السياسات الفلاحية، فيكفي أن يقدم ديوان الزيت تسبقة مثل السابق للفلاح تمكنه من تغطية حاجاته وتعطيه رسالة طمأنة وتضمن له منطقة أمان. وفي نفس الوقت تعطي إشارة للخارج أن الدولة تدخلت في المنظومة وهي بصدد حماية ثروة وطنية.
المدير التجاري بديوان الزيت معز بن عمر لـ"الصباح": الديوان شرع في تجميع زيت الزيتون من المعاصر
من جانبه كشف معز بن عمر المدير التجاري بديوان الزيت في تصريحه الخاص، مستوى تقدم موسم جني الزيتون وما شهد من تعطل وإشكاليات، مشيرا الى انه في إطار تجسيد الإجراءات المتخذة بهدف الحفاظ على صابة الزيتون وحسن سير موسم زيت الزيتون الحالي أقرت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، جملة من الإجراءات الحمائية ويمكن اعتبار تدخل ديوان الزيت لشراء زيت الزيتون عند الإنتاج، أبرزها. وقال إن الديوان بدأ فعليا في هذا التدخل منذ شهر نوفمبر لدى المعاصر والفلاحين عبر شراء كميات من زيت الزيتون بمختلف أنواعه ومن مختلف مناطق الجمهورية وذلك عبر مراكزه الجهوية المتواجدة في كل من تونس سوسة والقيروان وصفاقس وجرجيس.
وذكر بن عمر أن الديوان يشرف على تحركات حثيثة لتجميع زيت الزيتون من المعاصر مع القيام بالتحاليل قبل تأكيد الشراءات من أجل تصنيف الكميات. وأمام إدراك الديوان أن الفلاح لا يملك مراكز تجميع قام بتخصيص يومي الاثنين والخميس لقبول زيت الزيتون من الفلاحين بمراكز الديوان، وتم الانطلاق رسميا في التجميع بداية من يوم 2 ديسمبر الجاري. وهو إجراء الهدف منه حفظ حقوق الفلاحين وحمايتهم ماديا.
وذكر بن عمر أن ديوان الزيت منشأة عمومية لديه مجال تدخل هام في القطاع وخاصة من أجل تعديل السوق عند رصد اختلال بين العرض والطلب، وما تمت ملاحظته في الأسابيع الأخير هو عزوف على مستوى شراء زيت الزيتون من المصدرين وتعثر على مستوى انطلاقة الموسم بشكل ما زلنا فيه في حدود 17 % من تقدم موسم الجني، فضلا عن تراجع في الأسعار.
وفسر معز بن عمر، أن تونس ليست بمنأى عن بورصة الأسعار العالمية، وباعتبار أننا هذا العام قد عدنا الى مستويات عادية للإنتاج على الصعيد العالمي بـ3.3 مليون طن أي أرفع بقليل من المعدلات العادية (3.1 مليون طن) وبتفوق واضح على المستويات التي عشناها في الموسمين الماضيين والتي تراجع خلالها الإنتاج الى 2.5 مليون طن، وهذه الوفرة شملت جل البلدان المنتجة لزيت الزيتون من إسبانيا والبرتغال واليونان وتركيا وتونس وهي بلدان تشهد منافسة شديدة على مستوى الأسعار، وباعتبار أن هناك وفرة في العرض، تم تسجيل تراجع في الأسعار بعد المستويات القياسية التي وصلت إليها خلال الموسم الفارط وتراوح خلالها سعر اللتر بين 8 و9 أورو وهي أسعار لم نعشها من قبل مقارنة بالأربعة أو الخمسة مواسم التي سبقته والتي كانت الأسعار فيها في حدود 3 أورو تقريبا.
وذكر المدير التجاري بديوان الزيت، أن الأسعار على مستوى التصدير هذا العام تكون في حدود 4 أورو بالنسبة لزيت الزيتون البكر الممتاز، ويبقى زيت الزيتون على المستوى الداخلي دائما خاضع للبورصة العالمية مع الأخذ بعين الاعتبار للكلفة والهوامش. ليكون السعر الداخلي في حدود 12 دينارا تقريبا. هو سعر متحرك يمكن أن يتغير من يوم لآخر سواء نحو الانخفاض أو الارتفاع.
ولم يقلق معز بن عمر، من تأخر موسم الجني أو تعطله حيث قال إن مستوى الجودة حتى مع تأخر الجني فإن برودة الطقس ستحافظ على جودة الزيتونة حتى أنها ستساهم في تحسنها من ناحية الإنتاجية والمذاق على حد السواء.
بورصة السوق العالمية..
أما بخصوص مدى قدرة السوق التونسية لزيت الزيتون على التأثير في السوق العالمية والضغط للحيلولة دون مزيد انخفاض الأسعار، أقر معز بن عمر أن تقدم ترتيب تونس من ناحية الإنتاج على المستوى العالمي أين تعد ثاني بلد بعد اسبانيا مع حصة في حدود 10 أو 11 % من الإنتاج العالمي. (340 ألف طن إنتاج تونس من زيت الزيتون مقابل إنتاج عالمي في حدود الـ330 مليون طن). لا يمكنه أن يكون محددا في الأسعار العالمية بشكل كبير.
وبين بن عمر أنه على امتداد السنوات الماضية كان لزيت الزيتون التونسي القيمة والجودة وكسب عديد الميداليات العالمية بحكم تطور العلامات التجارية التونسية بالخارج وأصبحت تونس بلدا منافسا حتى على مستوى العلامات التجارية لزيت الزيتون وبصدد التموقع والتقدم في عديد الأسواق الخارجية ويتواجد زيت الزيتون التونسي اليوم في 65 سوق في العالم سائلا أو معلبا. هذا دون أن ننسى أن قطاع زيت الزيتون محوري وأساسي في الاقتصاد التونسي يؤمن مدخولا مهما لخزينة الدولة من العملة الصعبة ويمثل سوقا تشغيلية هامة.
وأضاف أن "دور ديوان الزيت محوري للتدخل وشراء زيت الزيتون ويكون ضمانا للفلاحين ولبقية المتدخلين لخلق التوازن بين العرض والطلب ومن المهم ألا ننسى في نفس الإطار أن الموسم مهم وطنيا وعالميا وهناك تراجع في الأسعار وبالتالي فإن التدخل يجب أن يقترن بآليات أخرى. ومن هنا تم إقرار برنامج لتخزين زيت الزيتون على غرار البرنامج الاستثنائي الذي قام به الديوان في 2019 -2020 عندما أنتجت تونس 440 ألف طن وترافق بتراجع حاد في السعر العالمي.
برنامج تخزين لـ3 أشهر"..
وبين بن عمر أنه فضلا عن تدخل ديوان الزيت من أجل اقتناء 100 ألف طن من الفلاحين، تم التوجه نحو إقرار آليات تخزين ثلث الصابة أيضا أي ما قيمته 100 ألف طن لدى الخواص وذلك عبر تقديم منح لمختلف المتدخلين في القطاع من فلاح وصاحب معصرة ومصدر.. وفي حال كان لدى أي منهم كمية من الزيت يرى أن بيعها خلال الأشهر القادمة سيكون أفضل من ناحية المردودية، الديوان يمكنه من تخزين الكميات وتجميدها لمدة 3 أشهر القادمة بعدها يتم رفع الكميات المذكورة. وبالتالي نكون وكأننا رفعنا وسحبنا تلك الكميات لثلاثة أشهر من السوق لتعود بعد مرور فترة الذروة (من أواخر شهر ديسمبر الى غاية أوائل شهر فيفري) بالنسبة للجني والعصر.
والهدف من برنامج التخزين امتصاص ذلك الفائض الظرفي والذي يؤدي إلى اختلال العرض والطلب وانهيار الأسعار. وفي حال إعادته الى السوق خلال شهر مارس أو أفريل تكون إعادة الكمية في متسع من الوقت.
وقال بن عمر أن هذا الإجراء لن يؤدي بالضرورة الى الترفيع في الأسعار الخاضعة للتداول العالمي وإنما هو إجراء حمائي مكن المخزّن من منحة 100 دينار للطن على كل شهر أي 300 دينار لكامل مدة التخزين عن الطن الواحد من زيت الزيتون وللفلاحين هناك منحة إضافية بـ30 دينارا للطن على امتداد ثلاثة أشهر.
منحة ضعيفة وغير مجزية
وأوضح في خصوص اعتبار هذه المنحة ضعيفة ولا تغطي كلفة الإنتاج الذي تحول أساسا الى سقوي بعد أن كانت النسبة الأكبر منها ذات طابع بعلي مطري، أن كلفة التخزين والخزن ليست لها أي علاقة بكلفة الإنتاج. كما أن وزارة الفلاحة وديوان الزيت تركت الخيار للمنتج وصاحب المعصرة وقدمت له عمليا إجراء يمكنه من التخزين بدل البيع بأسعار لا ترضيه أو تتسبب له في خسارة. وقيمة المنحة تم احتسابها على الفوائد البنكية التي مطالب المنتج وصاحب المعصرة بخلاصها للبنوك خلال فترة الثلاثة أشهر المذكورة.
اللوبيات الأجنبية
وأفاد معز بن عمر حول ما يتم تناقله حول لوبي محاولة ضرب زيت الزيتون التونسي وتبخيس قيمته من أجل شرائه بأرخص الأسعار على مستوى السوق العالمية، أنه لا يمكنه أخذ ما يتم ترويجه محمل جد دون أدلة دقيقة. وكديوان للزيت ليس من مشمولاته التدخل في هذا الإطار فهناك جهات مختصة في الدولة من مهامها ومسؤوليتها فتح التحقيقات ومتابعة الأمر في حين أنهم كتقنيين يتحدثون بلغة السوق والعرض والطلب.
وبين محدثنا أن ديوان الزيت ومختلف المتدخلين، يأملون أن تستقر الأسعار العالمية في مستويات مناسبة، للحفاظ على منظومة إنتاج الزيت. وحتى مع ما سجل من تذبذب يسعى الجميع الى مسايرتها والتدخل عبر إجراءات حمائية من اجل التعديل ومساندة الفلاحين.
وأفاد بن عمر انه من الصعب جدا توقع التغيرات التي قد تطرأ على بوصة زيت الزيتون، فالموسم مازال متواصل حتى أننا في بدايته، كما هنالك لجنة على مستوى وزارة المالية تجتمع مرة أو مرتين أسبوعيا تتركب من جميع الهياكل المعنية، وتشكل خلية يقظة من اجل متابعة لصيقة لمتابعة الموسم. وفي الأخير تفاءل بن عمر خيرا بالموسم وقال "سنسعى الى إنجاح الموسم وفي حال سجل أي تغيير سنقدم مقترحات جديدة من أجل الحفاظ على حقوق المتدخلين التونسيين ونجاح الموسم".
تونس ثاني مصدر لزيت الزيتون هذا العام
على هامش ندوة انعقدت في ولاية صفاقس لتثمين زيت الزّيتون التّونسي، وخاصة منه صنف الشملالي ذو الجودة العالية من حيث خصائصه المذاقية والكيميائية علاوة على وفرة إنتاجه التي تمثل غالبا بين 60 و70 بالمائة من الإنتاج التّونسي وهو متواجد بالأساس في السّاحل والجنوب التّونسي. وتعد الأكثر إنتاجا وتأقلما مع مناخ تونس على غرار الجفاف والملوحة والأمراض النباتيّة أكّد حامد الدالي الرّئيس المدير العام للدّيوان الوطني للزّيت، أنّ منظومة زيت الزّيتون متكاملة، وتتطلب تضافر جهود كل الأطراف المتدخلة من فلاحين وأصحاب معاصر ومصدّرين، خاصّة وأنّ الدّيوان، تبعا لتعليمات السيّد رئيس الجمهوريّة، يقوم بالتّدخل عبر الشّراء من الفلاحين، وأصحاب المعاصر، في كامل أنحاء الجمهورية، ومن كل أصناف زيت الزيتون وأنّه تمّ تسجيل إقبالا كبيرا في كل من ولاية سوسة وصفاقس وجرجيس، مبيّنا أنّ طاقة تخزين زيت الزّيتون تقدر بـ80 ألف طن، فضلا عن 415 ألف طن تقريبا، لدى الخواص، أي بطاقة تخزين جملية تقدر بحوالي 500 ألف طن، وهي أكبر من الصابة الحالية والتّي تقدر بـ340 ألف طن.
وتحتل تونس هذا العام مرتبة ثاني مصدر لزيت الزيتون على المستوى العالمي بعد الاتحاد الأوروبي بنسبة في حدود 20 %.
وقد صادق المجلس التونسي لزيت الزيتون المعلب على البرنامج الإشهاري والتسويقي لزيت الزيتون المعلب ذي المصلحة العامة بعنوان سنة 2025، خلال اجتماع عقده الأسبوع الفارط. ويهدف البرنامج، وفق بلاغ وزارة الصناعة، إلى تعزيز تموقع زيت الزيتون المعلب التونسي في الأسواق الخارجية الواعدة والتعريف بالمنشأ التونسي، إضافة إلى تنويع وجهات التصدير نحو أسواق جديدة واعدة مثل السوق الصينية والبريطانية والحفاظ على أسواق قديمة على غرار كندا والولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب السوق الأوروبية وأسواق دول الخليج العربي.
تجدر الإشارة إلى أن صادرات زيت الزيتون المعلب تطورت بنسبة 118 بالمائة، إلى موفى أكتوبر 2024 وقدّرت قيمتها ب735 مليون دينار. وزادت حصة صادرات زيت الزيتون المعلب من الصادرات الجملية لهذا المنتج، من 9،6 % إلى 14،8 % كما سجل انخراط 4 مؤسّسات صغرى لتتمتع لأوّل مرّة بمساعدات الصندوق.