إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد سقوط نظام الأسد.. ملف التسفير يعود الى الواجهة..

رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان لـ"الصباح" : 99٪من المساجين التونسيين في سوريا إرهابيون..ويجب الحذر

خبير أمني وعسكري لـ"الصباح" : الوضع في سوريا اليوم يشكل مخاطر اقليمية ودولية وتونس ليست في منآى عن هذه المخاطر

الدكتور في القانون أنيس الزرقوني لـ"الصباح" : تسليم المقاتلين التونسيين في سوريا مسألة صعبة ان لم نقل مستحيلة

تونس - الصباح

ما مصير الآلاف من التونسيين الذين انضموا منذ سنوات الى التنظيمات الإرهابية في سوريا لا سيما بعد إطلاق سراح جميع المساجين في سوريا؟ سؤال يطرح اليوم بقوة بعد سقوط نظام بشار الأسد فالآلاف قاتلوا طيلة السنوات الماضية ضمن الجماعات الإرهابية بسوريا وملفهم له ارتباط وثيق بملف التسفير الذي كانت تناولته لجنة التحقيق البرلمانية في شبكات التسفير الى بؤر التوتر ثم انقطعت أعمالها بعد ذلك مع الإشارة الى ان ملف التسفير مطروح اليوم على طاولة القضاء وشملت لائحة الاتهام فيه قيادات من حركة "النهضة" من بينهم علي العريض.

صباح الشابي

هؤلاء المساجين ورغم انه لا توجد إحصائية رسمية عن عددهم ولكن وفق أحدث التقارير الأمنية فان حوالي 6 آلاف تونسي كانوا يقاتلون في صفوف الجماعات الإرهابية، في بؤر التوتر الكبرى في ليبيا والعراق وسوريا.

وقدّر وزير الداخلية الأسبق الهادي المجدوب في وقت سابق عدد الإرهابيين التونسيين المتواجدين في بؤر التوتر بنحو 2929 شخصا وقد سبق وان كشفت وزيرة المرأة في 2015 وبحسب تقارير متطابقة أن 700 امرأة تونسية التحقن بـ"داعش" في سوريا وليبيا والعراق.

وبعد سقوط نظام بشار الأسد وتحرير المساجين من عدة سجون سورية عديدة هي الأسئلة التي تطرح اليوم وأهمها ما مصير الأحياء من أولئك الإرهابيين التونسيين الذين كانوا التحقوا بالتنظيمات الإرهابية خاصة تنظيم "داعش" كذلك ما مصير الأطفال والنساء؟

رغم ان موضوع المساجين الإرهابيين الذين كانوا دخلوا الأراضي السورية بعدة طرق مختلفة للانضمام إلى الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي كانت تشكلت خاصة منها تنظيم "داعش" الإرهابي الذي قتل العديد من الأبرياء وأصبح لديه العديد من الفروع بعدة دول عربية لم تتضح الرؤية بالنسبة لهؤلاء الإرهابيين حول عددهم وهل ان الحكومة السورية التي تشكلت والتي ستسير البلاد لمدة ستة أشهر إلى حين تركيز حكومة منتخبة ستعيدهم إلى بلادنا ليحاكموا أمام القضاء التونسي من أجل الجرائم التي ارتكبوها في حق الأبرياء ام سيحاكمون على أراضيها؟

رغم هذه الضبابية هنالك تخوفات من عودة هؤلاء وهي تخوفات لم تقتصر على المواطنين التونسيين العاديين فقط بل إن المراقبين للمشهد السياسي التونسي والمحللين والخبراء الأمنيين وغيرهم من نشطاء المجتمع المدني لم يخفوا خوفهم من إمكانية عودة هؤلاء الإرهابيين إلى تونس داعين السلطات التونسية إلى مزيد من اليقظة للحفاظ على أمن البلاد.

تفعيل آلية الاستعلام والاستخبارات..

تعمل تونس منذ سنة 2023 على تفكيك ملف تسفير الإرهابيين الملف الأكثر تشعبا وتعقيدا واليوم زاد تعقيدا بل وتهديدا لا سيما بعد الإفراج عن جميع المساجين الذين كانوا مودعين في المعتقلات السورية ومن بينهم المقاتلين في صفوف التنظيمات الإرهابية من التونسيين..وفي قراءته لهذا الوضع اعتبر الخبير الأمني والعسكري علي الزرمديني ان الوضع في سوريا اليوم يشكل مخاطر إقليمية ودولية وتونس ليست في منأى عن هذه المخاطر باعتبار أن لديها عددا يقدر بالآلاف من المقاتلين الذين انضموا الى التنظيمات الإرهابية وهي عناصر تحمل شعورا بالنقمة على بلادنا ولا تريد لها الاستقرار والمرجح انها ستعمل على أحداث الإرباك بكافة الأشكال فضلا عن أن هناك أطرافا أخرى تحمل عقيدة معينة تهلل اليوم بسقَوط النظام السوري ليس لانه نظام قمعي ديكتاتوري بل تهليلها وراءه خلفيات عقائدية ايديولوجية وهو ما يفسر ان تلك الأطراف لم تتخل عن ارتباطاتها بتلك التنظيمات الإرهابية بل هي داعمة ومساندة لها.

وخلص محدثنا الى انه لذلك يجب تحديد هدفنا ضمن إستراتيجية عمل متكاملة تتداخل فيها كافة الأطراف وعلى رأسها المؤسستان الأمنية والعسكرية والهياكل الاستخباراتية للتصدي لما قد يحصل من تسللات لأولائك الإرهابيين التونسيين الذين كانوا داخل السجون السورية حتى نكون على اهبة متواصلة وان تكون لدينا قراءة ومتابعة عميقة لما يحصل وراء الحدود والدائرة الإقليمية القريبة والبعيدة عنا مع اعتماد أساليب التوقي، من خلال تفعيل آلية الاستعلام والاستخبارات لأنهما المفتاح الأساسي للنجاح ولفهم الأوضاع.

وتابع بالقول إن المتغيرات الحاصلة في سوريا تشكل خطرا بالأساس على الدائرة الإقليمية التي تتواجد فيها وعلى العالم العربي ووسط آسيا وإفريقيا مضيفا انه رغم أن العديد من الفصائل المقاتلة في سوريا والعراق انكسرت" شوكتها" ولكنها أعادت هيكلتها وأعادت ترتيب بيتها بالتنسيق مع دول حاضنة لها في انتظار اللحظة التي انقضت فيها في مرحلة أولى على سوريا كدولة بمختلف مؤسساتها وجغرافيتها ومنها تسريح المساجين الذين هم على درجة كبيرة من الخطورة بل اغلبهم يشكلون الصف الأول في الجماعات الإرهابية وغيرهم لتتمكن تلك التنظيمات من دعم حضورها على الأراضي السورية والتمدد في مرحلة أولى في الدائرة الإقليمية وإعادة إنتاج دولة الخلافة وفي مرحلة تليها محاولة تحريك الخلايا النائمة التي لم تنته في الدول التي سعت إلى التمدد فيها وتعزيز حضورها لاحقا بالعناصر المتواجدة معها والتي تم تحريرها ودفعها إلى العودة وهنا يكمن الخطر حسب رأيه ونجاحها في تقويض النظام حتى وان كان بدفع قوى وحاضنة تقدمية أخرى جعلوا منعا غطاء وتلك رسائل من الجماعات التي تحمل نفس الفكر لتجميع قواها والتفاعل داخل مواطنها بنفس الصورة الكيفية وأكثر الدول المعرضة لها أساسا الأردن ومصر ودول شمال أفريقيا التي ستكون في الواجهة لان عروق تلك الجماعات الإرهابية وان كانت اندثرت في غالبها الا انها لا تزال تترعرع من جديد.

واعتبر أن الفصائل الإرهابية حولنا سواء في الصحراء الغربية او السودان او الساحل تشكل جزء خلفي يطَوق هذه البلدان ويتفاعل معها باستمرار ليكون الوقود لإشعال الفَوضى وهذا أسلوب "داعش" الذي استعمله عندما أرسل المقاتلين إلى الشيشان.

وأشار الزرمديني الى أن الخطر لا يقف على الدائرة الإقليمية بل سيمتد إلى أوروبا ذاتها لأنهم يعتبرون ان أوروبا العدو الأول ولأنه اذا كانوا سيفرضون هيمنتهم على سوريا فان موجة الهجرة إلى أوروبا ستكون أعمق من 2011 بما سيشكل مخاطر على الجانب الأوربي.

ولا ننسى أن التنظيمات في الساحل والصحراء والساحل الإفريقي عدوها الأنظمة العربية والتي تعتبر الحد الفاصل بين كيانها الجغرافي وبين أوروبا.

من جانبه لم يخف رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان والناشط في المجتمع المدني مصطفى عبد الكبير وخلال إفادته حول الموضوع مخاوفه من عودة هؤلاء الذين كانوا دخلوا التراب السوري مثلما سبق وان بينا بعدة طرق مختلفة سواء برا او بحرا او جوا.

واعتبر في تصريح لـ الصباح "انه بعد سقوط نظام بشار الأسد وتحرير المساجين من السجون السورية فان99٪من المساجين التونسيين إرهابيين كانوا غادروا التراب التونسي في اتجاه سوريا ضمن شبكة تسفير ممنهجة اشتغلت منذ سنوات..

واليوم السؤال المطروح حسب رأيه أين ستكون وجهة هؤلاء الذين فروا من السجون السورية هل سيستمرون في القتال ضمن بعض الجبهات السورية أو ضمن بعض الفصائل التي تدعمها دول أخرى ملاحظا ان البعض منهم ربما حسب رأيه سيبقى ضمن المجموعات التكفيرية التي تعتبر نفسها صاحبة مشروع ضمن ما يسمى ب"داعش" وستقاتل والبقية ستحاول العودة إلى تونس عبر مسالك أخرى ليبيا او الجزائر.

حالة طَوارئ أمنية..

أكد أن أغلبهم سيفكر في العودة مهما كانت الضريبة الا العناصر الخطرة ستبحث عن بدائل أخرى واليوم سقوط النظام السوري يجعل المنطقة والعالم يدخل في حالة طوارئ أمنية.

وربما ستكون هناك عملية منسقة بين المنظمات الدولية والأمم المتحدة وسوريا ودولة المنشأ أي تونس لعودتهم إلى بلادنا وإحالتهم إلى محاكم مختصة وأجهزة مختصة لان القانون الدولي لا يمنع التونسي من العودة إلى وطنه ومن حق الدولة ان تقاضيهم لأنهم كانوا ينتمون إلى تنظيمات تكفيرية ساهمت في الإضرار بسمعة تونس من ناحية ومن ناحية أخرى قاموا بأعمال إجرامية خارج ارض الوطن والمجموعة الأخرى غير التونسيين ستعود بطرق أخرى نحو بلدانها والبعض منها ستستعين بأطراف دولية أخرى للعودة إلى بلدانها.

وشدد على ضرورة أن تفكر الدولة التونسية في خطة واضحة للتوقي من كل ما من شأنه ان يمس من أمننا وان تكون عملية عودتهم منظمة خاصة أننا لا نعرف مصير الأعداد الكبيرة لتلك العناصر التكفيرية التي كانت في السجون السورية. وطالب بان تكون هنالك أجهزة أمنية وقضائية مختصة للتعامل مع الملف برمته اما بالنسبة للنساء والأطفال فشدد على تونس ضرورة التنسيق مع المنظمات الدولية وعدة دول أخرى لعودتهم وإعادة اندماجهم.

ولاحظ أن نجاح السلطات التونسية يكمن في الاستعداد لكيفية التعامل مع الملف لأنها من الدول المعنية بتبعات سقوط نظام بشار الأسد معنية من الجانب الأمني خاصة وان لدينا أعدادا كبيرة تكفيرية في سوريا ولا علم لنا من توفى منهم ومن بقي على قيد الحياء.

واعتبر انه ملف أمن قومي بالأساس ولابد أن يقع ايلاؤه الأهمية القصوى وان نجاحنا فيه نجاح تونس في حمايتها من اي عمل إرهابي ونجاح أيضا في تفكيك ملف التسفير المرتبطة به اجندات دولية.

وأضاف أن عودتهم لا تعني استقبالهم بالأحضان ولكن ضمن خطة أمنية ووقائية وضمن خطة كاملة تشرف عليها هيئة أمنية وقضائية مختصة خاصة وان تونس سبق وان نجحت في التعامل مع عناصر تكفيرية عائدة من بور التوتر.

واعتبر ان التعامل مع الملف ليس حسب الأهواء لأنه مثلما سبق وان بين انه ملف أمن قومي والقول الفصل فيه يعود إلى الهيئات الأمنية والقضائية المختصة في ملفات الإرهاب.

ولاحظ أن جزءا من عودتهم سيقدم العديد من الإجابات حول أسئلة كثيرة كانت تطرح سواء من العائلات التي تريد أن تعرف مصير أبنائها الذين سبق وأن التحقوا بالجماعات الإرهابية بسوريا هل أنهم ماتوا ام لا يزالون على قيد الحياة.

والعديد من الأسئلة الأخرى التي كنا نطرحها ستكون لها ايجابات بشكل تدريجي وبمدى تقدم تفكيك الملف.

تطبيق القانون..

وأكد أن التعامل مع هذا الملف يكون بتطبيق القانون وباستراتيجية لانه ليست كل الأطراف قادرة ان تدلي بدلَوها في ملف التكفيريين في سوريا.

وَيري رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان أن المسالة تحتاج إلى لحمة وطنية من أجل الثقة التامة في هيئاتنا الأمنية والقضائية التي نجحت سابقا في إعادة أطفال ونساء داعش من بؤر التوتر.

ولكن ماذا يقول القانون وهل ان هنالك اتفاقيات تسمح بعودة هؤلاء؟

الدكتور في القانون أنيس الزرقوني أوضح في تصريح لـ"الصباح" ان هناک اتفاقیات إقلیمیة علی مستوی منظمة جامعة الدول العربیة تعنی بجانب التعاون الأمنی والقضاٸي كما أن تونس تربطها اتفاقية ثناٸية مع الجمهوریة العربیة السوریة في مجال التعاون القضاٸي وهي إتفاقیة 29 ماي 1981 والتي تتضمن تسلیم المجرمین .

وأضاف خلال إفادته لـ"الصباح" أن المادة الرابعة والعشرين من هذه الاتفاقية نصت على أن التسلیم یجري وفق قواعد البنود التي تضمنها الفصل الخامس المتعلق بتسلیم المجرمین أي حسب المادة 25 وما یلیها .

وبالتدقیق في هذه المواد لاحظ أن حالات تسلیم المجرمین حصریة جدا کما أن موانع التسلیم التي تضمنتها المادة 26 تقلص من احتمال إمکانیة طلب التسلیم من الدولة التونسیة وإعادتهم ومحاکمتهم أمام القضاء العدلي التونسي.

کما أن إجراء طلب تسلیم التونسیین المتورطین في جراٸم إرهابیة إذا ما قدم حالیا یعتبر اعترافا ضمنیا بالحاکم الفعلي للدولة السوریة والذي يعتبر شخصا إرهابیا "الجولاني وفق قوله".

وخلص أن التسلیم بین تونس وسوريا ممکن حسب الاتفاقیة لکن شرط التقید بالقیود الموضوعیة و الإجراٸية التي تضمنتها هذه الاتفاقية ...

لکن في حالة التونسیین الذین قاتلوا في سوریا فان التسلیم مسألة معقدة وصعبة حتی لا نقول مستحیلة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بعد سقوط نظام الأسد..   ملف التسفير يعود الى الواجهة..

رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان لـ"الصباح" : 99٪من المساجين التونسيين في سوريا إرهابيون..ويجب الحذر

خبير أمني وعسكري لـ"الصباح" : الوضع في سوريا اليوم يشكل مخاطر اقليمية ودولية وتونس ليست في منآى عن هذه المخاطر

الدكتور في القانون أنيس الزرقوني لـ"الصباح" : تسليم المقاتلين التونسيين في سوريا مسألة صعبة ان لم نقل مستحيلة

تونس - الصباح

ما مصير الآلاف من التونسيين الذين انضموا منذ سنوات الى التنظيمات الإرهابية في سوريا لا سيما بعد إطلاق سراح جميع المساجين في سوريا؟ سؤال يطرح اليوم بقوة بعد سقوط نظام بشار الأسد فالآلاف قاتلوا طيلة السنوات الماضية ضمن الجماعات الإرهابية بسوريا وملفهم له ارتباط وثيق بملف التسفير الذي كانت تناولته لجنة التحقيق البرلمانية في شبكات التسفير الى بؤر التوتر ثم انقطعت أعمالها بعد ذلك مع الإشارة الى ان ملف التسفير مطروح اليوم على طاولة القضاء وشملت لائحة الاتهام فيه قيادات من حركة "النهضة" من بينهم علي العريض.

صباح الشابي

هؤلاء المساجين ورغم انه لا توجد إحصائية رسمية عن عددهم ولكن وفق أحدث التقارير الأمنية فان حوالي 6 آلاف تونسي كانوا يقاتلون في صفوف الجماعات الإرهابية، في بؤر التوتر الكبرى في ليبيا والعراق وسوريا.

وقدّر وزير الداخلية الأسبق الهادي المجدوب في وقت سابق عدد الإرهابيين التونسيين المتواجدين في بؤر التوتر بنحو 2929 شخصا وقد سبق وان كشفت وزيرة المرأة في 2015 وبحسب تقارير متطابقة أن 700 امرأة تونسية التحقن بـ"داعش" في سوريا وليبيا والعراق.

وبعد سقوط نظام بشار الأسد وتحرير المساجين من عدة سجون سورية عديدة هي الأسئلة التي تطرح اليوم وأهمها ما مصير الأحياء من أولئك الإرهابيين التونسيين الذين كانوا التحقوا بالتنظيمات الإرهابية خاصة تنظيم "داعش" كذلك ما مصير الأطفال والنساء؟

رغم ان موضوع المساجين الإرهابيين الذين كانوا دخلوا الأراضي السورية بعدة طرق مختلفة للانضمام إلى الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي كانت تشكلت خاصة منها تنظيم "داعش" الإرهابي الذي قتل العديد من الأبرياء وأصبح لديه العديد من الفروع بعدة دول عربية لم تتضح الرؤية بالنسبة لهؤلاء الإرهابيين حول عددهم وهل ان الحكومة السورية التي تشكلت والتي ستسير البلاد لمدة ستة أشهر إلى حين تركيز حكومة منتخبة ستعيدهم إلى بلادنا ليحاكموا أمام القضاء التونسي من أجل الجرائم التي ارتكبوها في حق الأبرياء ام سيحاكمون على أراضيها؟

رغم هذه الضبابية هنالك تخوفات من عودة هؤلاء وهي تخوفات لم تقتصر على المواطنين التونسيين العاديين فقط بل إن المراقبين للمشهد السياسي التونسي والمحللين والخبراء الأمنيين وغيرهم من نشطاء المجتمع المدني لم يخفوا خوفهم من إمكانية عودة هؤلاء الإرهابيين إلى تونس داعين السلطات التونسية إلى مزيد من اليقظة للحفاظ على أمن البلاد.

تفعيل آلية الاستعلام والاستخبارات..

تعمل تونس منذ سنة 2023 على تفكيك ملف تسفير الإرهابيين الملف الأكثر تشعبا وتعقيدا واليوم زاد تعقيدا بل وتهديدا لا سيما بعد الإفراج عن جميع المساجين الذين كانوا مودعين في المعتقلات السورية ومن بينهم المقاتلين في صفوف التنظيمات الإرهابية من التونسيين..وفي قراءته لهذا الوضع اعتبر الخبير الأمني والعسكري علي الزرمديني ان الوضع في سوريا اليوم يشكل مخاطر إقليمية ودولية وتونس ليست في منأى عن هذه المخاطر باعتبار أن لديها عددا يقدر بالآلاف من المقاتلين الذين انضموا الى التنظيمات الإرهابية وهي عناصر تحمل شعورا بالنقمة على بلادنا ولا تريد لها الاستقرار والمرجح انها ستعمل على أحداث الإرباك بكافة الأشكال فضلا عن أن هناك أطرافا أخرى تحمل عقيدة معينة تهلل اليوم بسقَوط النظام السوري ليس لانه نظام قمعي ديكتاتوري بل تهليلها وراءه خلفيات عقائدية ايديولوجية وهو ما يفسر ان تلك الأطراف لم تتخل عن ارتباطاتها بتلك التنظيمات الإرهابية بل هي داعمة ومساندة لها.

وخلص محدثنا الى انه لذلك يجب تحديد هدفنا ضمن إستراتيجية عمل متكاملة تتداخل فيها كافة الأطراف وعلى رأسها المؤسستان الأمنية والعسكرية والهياكل الاستخباراتية للتصدي لما قد يحصل من تسللات لأولائك الإرهابيين التونسيين الذين كانوا داخل السجون السورية حتى نكون على اهبة متواصلة وان تكون لدينا قراءة ومتابعة عميقة لما يحصل وراء الحدود والدائرة الإقليمية القريبة والبعيدة عنا مع اعتماد أساليب التوقي، من خلال تفعيل آلية الاستعلام والاستخبارات لأنهما المفتاح الأساسي للنجاح ولفهم الأوضاع.

وتابع بالقول إن المتغيرات الحاصلة في سوريا تشكل خطرا بالأساس على الدائرة الإقليمية التي تتواجد فيها وعلى العالم العربي ووسط آسيا وإفريقيا مضيفا انه رغم أن العديد من الفصائل المقاتلة في سوريا والعراق انكسرت" شوكتها" ولكنها أعادت هيكلتها وأعادت ترتيب بيتها بالتنسيق مع دول حاضنة لها في انتظار اللحظة التي انقضت فيها في مرحلة أولى على سوريا كدولة بمختلف مؤسساتها وجغرافيتها ومنها تسريح المساجين الذين هم على درجة كبيرة من الخطورة بل اغلبهم يشكلون الصف الأول في الجماعات الإرهابية وغيرهم لتتمكن تلك التنظيمات من دعم حضورها على الأراضي السورية والتمدد في مرحلة أولى في الدائرة الإقليمية وإعادة إنتاج دولة الخلافة وفي مرحلة تليها محاولة تحريك الخلايا النائمة التي لم تنته في الدول التي سعت إلى التمدد فيها وتعزيز حضورها لاحقا بالعناصر المتواجدة معها والتي تم تحريرها ودفعها إلى العودة وهنا يكمن الخطر حسب رأيه ونجاحها في تقويض النظام حتى وان كان بدفع قوى وحاضنة تقدمية أخرى جعلوا منعا غطاء وتلك رسائل من الجماعات التي تحمل نفس الفكر لتجميع قواها والتفاعل داخل مواطنها بنفس الصورة الكيفية وأكثر الدول المعرضة لها أساسا الأردن ومصر ودول شمال أفريقيا التي ستكون في الواجهة لان عروق تلك الجماعات الإرهابية وان كانت اندثرت في غالبها الا انها لا تزال تترعرع من جديد.

واعتبر أن الفصائل الإرهابية حولنا سواء في الصحراء الغربية او السودان او الساحل تشكل جزء خلفي يطَوق هذه البلدان ويتفاعل معها باستمرار ليكون الوقود لإشعال الفَوضى وهذا أسلوب "داعش" الذي استعمله عندما أرسل المقاتلين إلى الشيشان.

وأشار الزرمديني الى أن الخطر لا يقف على الدائرة الإقليمية بل سيمتد إلى أوروبا ذاتها لأنهم يعتبرون ان أوروبا العدو الأول ولأنه اذا كانوا سيفرضون هيمنتهم على سوريا فان موجة الهجرة إلى أوروبا ستكون أعمق من 2011 بما سيشكل مخاطر على الجانب الأوربي.

ولا ننسى أن التنظيمات في الساحل والصحراء والساحل الإفريقي عدوها الأنظمة العربية والتي تعتبر الحد الفاصل بين كيانها الجغرافي وبين أوروبا.

من جانبه لم يخف رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان والناشط في المجتمع المدني مصطفى عبد الكبير وخلال إفادته حول الموضوع مخاوفه من عودة هؤلاء الذين كانوا دخلوا التراب السوري مثلما سبق وان بينا بعدة طرق مختلفة سواء برا او بحرا او جوا.

واعتبر في تصريح لـ الصباح "انه بعد سقوط نظام بشار الأسد وتحرير المساجين من السجون السورية فان99٪من المساجين التونسيين إرهابيين كانوا غادروا التراب التونسي في اتجاه سوريا ضمن شبكة تسفير ممنهجة اشتغلت منذ سنوات..

واليوم السؤال المطروح حسب رأيه أين ستكون وجهة هؤلاء الذين فروا من السجون السورية هل سيستمرون في القتال ضمن بعض الجبهات السورية أو ضمن بعض الفصائل التي تدعمها دول أخرى ملاحظا ان البعض منهم ربما حسب رأيه سيبقى ضمن المجموعات التكفيرية التي تعتبر نفسها صاحبة مشروع ضمن ما يسمى ب"داعش" وستقاتل والبقية ستحاول العودة إلى تونس عبر مسالك أخرى ليبيا او الجزائر.

حالة طَوارئ أمنية..

أكد أن أغلبهم سيفكر في العودة مهما كانت الضريبة الا العناصر الخطرة ستبحث عن بدائل أخرى واليوم سقوط النظام السوري يجعل المنطقة والعالم يدخل في حالة طوارئ أمنية.

وربما ستكون هناك عملية منسقة بين المنظمات الدولية والأمم المتحدة وسوريا ودولة المنشأ أي تونس لعودتهم إلى بلادنا وإحالتهم إلى محاكم مختصة وأجهزة مختصة لان القانون الدولي لا يمنع التونسي من العودة إلى وطنه ومن حق الدولة ان تقاضيهم لأنهم كانوا ينتمون إلى تنظيمات تكفيرية ساهمت في الإضرار بسمعة تونس من ناحية ومن ناحية أخرى قاموا بأعمال إجرامية خارج ارض الوطن والمجموعة الأخرى غير التونسيين ستعود بطرق أخرى نحو بلدانها والبعض منها ستستعين بأطراف دولية أخرى للعودة إلى بلدانها.

وشدد على ضرورة أن تفكر الدولة التونسية في خطة واضحة للتوقي من كل ما من شأنه ان يمس من أمننا وان تكون عملية عودتهم منظمة خاصة أننا لا نعرف مصير الأعداد الكبيرة لتلك العناصر التكفيرية التي كانت في السجون السورية. وطالب بان تكون هنالك أجهزة أمنية وقضائية مختصة للتعامل مع الملف برمته اما بالنسبة للنساء والأطفال فشدد على تونس ضرورة التنسيق مع المنظمات الدولية وعدة دول أخرى لعودتهم وإعادة اندماجهم.

ولاحظ أن نجاح السلطات التونسية يكمن في الاستعداد لكيفية التعامل مع الملف لأنها من الدول المعنية بتبعات سقوط نظام بشار الأسد معنية من الجانب الأمني خاصة وان لدينا أعدادا كبيرة تكفيرية في سوريا ولا علم لنا من توفى منهم ومن بقي على قيد الحياء.

واعتبر انه ملف أمن قومي بالأساس ولابد أن يقع ايلاؤه الأهمية القصوى وان نجاحنا فيه نجاح تونس في حمايتها من اي عمل إرهابي ونجاح أيضا في تفكيك ملف التسفير المرتبطة به اجندات دولية.

وأضاف أن عودتهم لا تعني استقبالهم بالأحضان ولكن ضمن خطة أمنية ووقائية وضمن خطة كاملة تشرف عليها هيئة أمنية وقضائية مختصة خاصة وان تونس سبق وان نجحت في التعامل مع عناصر تكفيرية عائدة من بور التوتر.

واعتبر ان التعامل مع الملف ليس حسب الأهواء لأنه مثلما سبق وان بين انه ملف أمن قومي والقول الفصل فيه يعود إلى الهيئات الأمنية والقضائية المختصة في ملفات الإرهاب.

ولاحظ أن جزءا من عودتهم سيقدم العديد من الإجابات حول أسئلة كثيرة كانت تطرح سواء من العائلات التي تريد أن تعرف مصير أبنائها الذين سبق وأن التحقوا بالجماعات الإرهابية بسوريا هل أنهم ماتوا ام لا يزالون على قيد الحياة.

والعديد من الأسئلة الأخرى التي كنا نطرحها ستكون لها ايجابات بشكل تدريجي وبمدى تقدم تفكيك الملف.

تطبيق القانون..

وأكد أن التعامل مع هذا الملف يكون بتطبيق القانون وباستراتيجية لانه ليست كل الأطراف قادرة ان تدلي بدلَوها في ملف التكفيريين في سوريا.

وَيري رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان أن المسالة تحتاج إلى لحمة وطنية من أجل الثقة التامة في هيئاتنا الأمنية والقضائية التي نجحت سابقا في إعادة أطفال ونساء داعش من بؤر التوتر.

ولكن ماذا يقول القانون وهل ان هنالك اتفاقيات تسمح بعودة هؤلاء؟

الدكتور في القانون أنيس الزرقوني أوضح في تصريح لـ"الصباح" ان هناک اتفاقیات إقلیمیة علی مستوی منظمة جامعة الدول العربیة تعنی بجانب التعاون الأمنی والقضاٸي كما أن تونس تربطها اتفاقية ثناٸية مع الجمهوریة العربیة السوریة في مجال التعاون القضاٸي وهي إتفاقیة 29 ماي 1981 والتي تتضمن تسلیم المجرمین .

وأضاف خلال إفادته لـ"الصباح" أن المادة الرابعة والعشرين من هذه الاتفاقية نصت على أن التسلیم یجري وفق قواعد البنود التي تضمنها الفصل الخامس المتعلق بتسلیم المجرمین أي حسب المادة 25 وما یلیها .

وبالتدقیق في هذه المواد لاحظ أن حالات تسلیم المجرمین حصریة جدا کما أن موانع التسلیم التي تضمنتها المادة 26 تقلص من احتمال إمکانیة طلب التسلیم من الدولة التونسیة وإعادتهم ومحاکمتهم أمام القضاء العدلي التونسي.

کما أن إجراء طلب تسلیم التونسیین المتورطین في جراٸم إرهابیة إذا ما قدم حالیا یعتبر اعترافا ضمنیا بالحاکم الفعلي للدولة السوریة والذي يعتبر شخصا إرهابیا "الجولاني وفق قوله".

وخلص أن التسلیم بین تونس وسوريا ممکن حسب الاتفاقیة لکن شرط التقید بالقیود الموضوعیة و الإجراٸية التي تضمنتها هذه الاتفاقية ...

لکن في حالة التونسیین الذین قاتلوا في سوریا فان التسلیم مسألة معقدة وصعبة حتی لا نقول مستحیلة .