إدماج الاقتصاد الموازي ضمن المسالك الرسمية للدولة يندرج في إطار سياسة التعويل على الذات، هذا ما أكدته وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية في أكثر من مناسبة، معتبرة أن إدماج هذا القطاع يعد أولوية وتحدّيا للدولة.
وسبق أن أكدت وزيرة المالية ضرورة إدماج القطاع الموازي ضمن الدورة الاقتصادية المنّظمة ليقوم بواجباته الجبائية ويساهم في دعم موارد ميزانية الدولة، خاصة أمام تنامي هذه الظاهرة رغم الجهود المبذولة للتصدي له.
ونص مشروع قانون المالية لسنة 2025 على إجراءات تهدف الى إدماج الاقتصاد الموازي ومقاومة التهرب الجبائي من خلال إحداث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل لفائدة الباعثين المنخرطين في نظام المبادر الذاتي.
وسيخصص خط التمويل، الذي سيعهد التصرف فيه إلى البنك التونسي للتضامن، لفائدة إسناد قروض بشروط تفاضلية لا تتجاوز 15 ألف دينار للقرض الواحد، لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية خلال الفترة الممتدة من غرة جانفي الى 31 ديسمبر 2025، على أن يتم تسديد هذه القروض على مدى أقصاه سبع سنوات منها سنتان إمهال.
ومن بين الإجراءات المقترحة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025، توسيع مجال تطبيق نظام المبادر الذاتي ليشمل الخدمات في المجال الرقمي الإبداعي، على أن تضبط قائمة هذه الخدمات بمقتضى أمر.
ويقترح مشروع القانون ذاته، في إطار مكافحة التهرب الضريبي وإدماج الاقتصاد الموازي، إلزام مسدي خدمات توصيل السلع والمنتجات عبر الانترنات أو عبر وسائل التواصل السمعي والبصري بالقيام بخصم من المورد بنسبة 3 بالمائة على المبالغ المستخلصة من الحرفاء والراجعة للأشخاص، الذين يتولون بيع السلع والمنتجات المذكورة، والذين لا يستظهرون بمعرف جبائي.
وفي ما يتعلّق بالتصدّي للسوق الموازية في قطاع بيع مواد التبغ، تقترح الحكومة من خلال مشروع قانون المالية للسنة القادمة، تمكين الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد ومصنع التبغ بالقيروان من التزوّد بكامل حاجياتها لدى المؤسسات المصدرة كليا المرخص لها في إنتاج بعض هذه المواد وذلك بصرف النظر عن النسبة المخوّل لهذه المؤسسة ترويجها بالسوق المحلية مع المحافظة على صفة وامتيازات المصدر الكلّي لهذه المؤسسات.
عضو المجلس الوطني للجباية محمد صالح العياري لـ"الصباح":مسار مقاومة الاقتصاد الموازي انطلق.. وهذه أبرز الإجراءات
وفي هذا الإطار أفاد المستشار الجبائي وعضو المجلس الوطني للجباية محمد صالح العياري أن مسار مقاومة الاقتصاد الموازي قد انطلق منذ مدة وهو ما يعكس توفر إرادة سياسية للقضاء على هذه الظاهرة، مشيرا الى أن اللجنة الفنية التي أحدثتها وزارة المالية كشفت أن الاقتصاد الموازي يمثل حاليا حوالي 40 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، أي حوالي 66 مليار دينار من إجمالي الناتج الداخلي الخام الذي كان في حدود 166 مليار دينار.
وأضاف العياري لـ"لصباح" أن الدراسة التي قام بها المعهد الوطني للإحصاء كشفت أن القطاع الموازي يمثل حوالي 35 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وبالنسبة للتقديرات الأولية لسنة 2025 فإن التقديرات الأولية تشير الى تحقيق 183 مليار دينار من الناتج الداخلي الخام وبذلك ستكون مداخيل القطاع الموازي في حدود 64 مليار دينار.
وحسب العياري فإنه للحد من الظاهرة وإدماج الاقتصاد الموازي تم اتخاذ جملة من الإجراءات الأولية التي أتى بها قانون المالية لسنة 2025 مثل الترسيم بمنصة المبادر وهو نظام مبسّط يمكّن جميع التونسيات والتونسيين من ممارسة نشاط بصفة فردية، مع التمتّع بامتيازات اجتماعية وجبائية ومالية ويهدف إلى الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للناشطين في القطاع غير المنظم ويشمل كل الناشطين في القطاع غير المنظّم ضمن مجالات الصناعة أو الصناعات التقليدية، أو الحرف أو التجارة أو الخدمات، إذ يجيز لهم الحصول على صفة المبادر الذاتي على مدى أربع سنوات للانتفاع بحزمة من الامتيازات لقاء جملة من الشروط، وينتفع المنخرطون في هذا النظام بالإعفاء من دفع المساهمة الوحيدة خلال السنة الأولى من تاريخ الحصول على هذه البطاقة، وبنظام ضريبي تفاضلي ودفع مساهمة وحيدة بعنوان الضريبة على الدخل والتغطية الاجتماعية تتمثل في معلوم جبائي يقدر بـ200 دينار للناشطين داخل المناطق البلدية وبـ100 دينار بالمناطق الأخرى.
أما الإجراء الثاني وفقا للمستشار الجبائي، هو الخصم من المورد بنسبة 3 بالمائة على المبالغ المستخلصة من الحرفاء النشطين في بيع المنتجات عن بعد عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك الإجراء المتعلق بإلزام المصحات الخاصّة ومؤسّسات التأمين والتعاونيات والمؤسسات المتدخلة في ملفات التصرف والتعويض الخاصة بالتأمين على المرض بمد مصالح الجباية بالبيانات المتعلقة بالخدمات الطبية وشبه الطبية المسداة، معتبرا أنّ هذا الإجراء سيساعد على مكافحة التهرب الجبائي خاصة وأنّ هذا القطاع تكون فيه نسبة التهرب مرتفعة جدا.
ومن بين الإجراءات التي ذكرها العياري لـ"الصباح" مزيد دعم الامتثال للواجبات المتعلقة بنظام الفوترة الالكترونية وذلك من خلال سنّ عقوبات جبائية جزائية على المخالفات المرتكبة بهذا العنوان وملاءمة نظام الفوترة الإلكترونية مع نظام الفوترة الورقية في ما يتعلق بالوثائق التي تقوم مقام الفاتورة عند نقل البضائع.
وفي تقدير العياري فإن الإجراء الثوري الذي سيحد من ظاهرة الاقتصاد الموازي هو تغيير العملة مما سيوفر سيولة للبنوك مع فتح معرف جبائي للمعنيين بالأمر مضيفا أن تغيير الأوراق النقدية سيمكن من اقتطاع 10 بالمائة من المبالغ المودعة مع ضمان انخراط المعنيين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
الخبير المختص في المخاطر المالية مراد الحطاب لـ"الصباح":قانون المالية الجديد يعكس إرادة سياسية وتشريعية لإدماج الاقتصاد الموازي
من جانبه اعتبر الخبير المختص في المخاطر المالية مراد الحطاب في حديثه لـ"الصباح" أنه لا توجد أرقام دقيقة حول الاقتصاد الموازي، لكن هناك بعض المعطيات تفيد بأن الناشطين فيه في حدود 1.6 مليون تونسي وهم تقريبا ثلث اليد العاملة، مؤكدا أن هناك توجها في تونس نحو إرساء عديد الإجراءات لإدماج الاقتصاد الموازي خاصة على مستوى الإدماج الاجتماعي، إذ يوجد أكثر من 960 ألف تونسي ليس لديهم تغطية اجتماعية باعتبار أنهم يمارسون أنشطة غير مصرح بها.
وأفاد الحطاب أن هناك معطيات حول أهمية الأموال المتداولة خارج المنظومة النقدية في حدود 22 مليار دينار.
وأكد محدثنا أن إصلاح الظاهرة يتم عبر إصلاح منظومة الاستهلاك والإنتاج ومنظومة الاستثمار والتمويل عبر خلق قيمة مضافة ودفع القطاعات الاقتصادية المحورية، مشيرا الى أن قانون المالية الجديد هو قانون ثوري يعكس إرادة سياسية وتشريعية لإدماج الاقتصاد الموازي رغم قدم الظاهرة وتجذرها منذ السبعينات.
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
إدماج الاقتصاد الموازي ضمن المسالك الرسمية للدولة يندرج في إطار سياسة التعويل على الذات، هذا ما أكدته وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية في أكثر من مناسبة، معتبرة أن إدماج هذا القطاع يعد أولوية وتحدّيا للدولة.
وسبق أن أكدت وزيرة المالية ضرورة إدماج القطاع الموازي ضمن الدورة الاقتصادية المنّظمة ليقوم بواجباته الجبائية ويساهم في دعم موارد ميزانية الدولة، خاصة أمام تنامي هذه الظاهرة رغم الجهود المبذولة للتصدي له.
ونص مشروع قانون المالية لسنة 2025 على إجراءات تهدف الى إدماج الاقتصاد الموازي ومقاومة التهرب الجبائي من خلال إحداث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل لفائدة الباعثين المنخرطين في نظام المبادر الذاتي.
وسيخصص خط التمويل، الذي سيعهد التصرف فيه إلى البنك التونسي للتضامن، لفائدة إسناد قروض بشروط تفاضلية لا تتجاوز 15 ألف دينار للقرض الواحد، لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية خلال الفترة الممتدة من غرة جانفي الى 31 ديسمبر 2025، على أن يتم تسديد هذه القروض على مدى أقصاه سبع سنوات منها سنتان إمهال.
ومن بين الإجراءات المقترحة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025، توسيع مجال تطبيق نظام المبادر الذاتي ليشمل الخدمات في المجال الرقمي الإبداعي، على أن تضبط قائمة هذه الخدمات بمقتضى أمر.
ويقترح مشروع القانون ذاته، في إطار مكافحة التهرب الضريبي وإدماج الاقتصاد الموازي، إلزام مسدي خدمات توصيل السلع والمنتجات عبر الانترنات أو عبر وسائل التواصل السمعي والبصري بالقيام بخصم من المورد بنسبة 3 بالمائة على المبالغ المستخلصة من الحرفاء والراجعة للأشخاص، الذين يتولون بيع السلع والمنتجات المذكورة، والذين لا يستظهرون بمعرف جبائي.
وفي ما يتعلّق بالتصدّي للسوق الموازية في قطاع بيع مواد التبغ، تقترح الحكومة من خلال مشروع قانون المالية للسنة القادمة، تمكين الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد ومصنع التبغ بالقيروان من التزوّد بكامل حاجياتها لدى المؤسسات المصدرة كليا المرخص لها في إنتاج بعض هذه المواد وذلك بصرف النظر عن النسبة المخوّل لهذه المؤسسة ترويجها بالسوق المحلية مع المحافظة على صفة وامتيازات المصدر الكلّي لهذه المؤسسات.
عضو المجلس الوطني للجباية محمد صالح العياري لـ"الصباح":مسار مقاومة الاقتصاد الموازي انطلق.. وهذه أبرز الإجراءات
وفي هذا الإطار أفاد المستشار الجبائي وعضو المجلس الوطني للجباية محمد صالح العياري أن مسار مقاومة الاقتصاد الموازي قد انطلق منذ مدة وهو ما يعكس توفر إرادة سياسية للقضاء على هذه الظاهرة، مشيرا الى أن اللجنة الفنية التي أحدثتها وزارة المالية كشفت أن الاقتصاد الموازي يمثل حاليا حوالي 40 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، أي حوالي 66 مليار دينار من إجمالي الناتج الداخلي الخام الذي كان في حدود 166 مليار دينار.
وأضاف العياري لـ"لصباح" أن الدراسة التي قام بها المعهد الوطني للإحصاء كشفت أن القطاع الموازي يمثل حوالي 35 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وبالنسبة للتقديرات الأولية لسنة 2025 فإن التقديرات الأولية تشير الى تحقيق 183 مليار دينار من الناتج الداخلي الخام وبذلك ستكون مداخيل القطاع الموازي في حدود 64 مليار دينار.
وحسب العياري فإنه للحد من الظاهرة وإدماج الاقتصاد الموازي تم اتخاذ جملة من الإجراءات الأولية التي أتى بها قانون المالية لسنة 2025 مثل الترسيم بمنصة المبادر وهو نظام مبسّط يمكّن جميع التونسيات والتونسيين من ممارسة نشاط بصفة فردية، مع التمتّع بامتيازات اجتماعية وجبائية ومالية ويهدف إلى الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للناشطين في القطاع غير المنظم ويشمل كل الناشطين في القطاع غير المنظّم ضمن مجالات الصناعة أو الصناعات التقليدية، أو الحرف أو التجارة أو الخدمات، إذ يجيز لهم الحصول على صفة المبادر الذاتي على مدى أربع سنوات للانتفاع بحزمة من الامتيازات لقاء جملة من الشروط، وينتفع المنخرطون في هذا النظام بالإعفاء من دفع المساهمة الوحيدة خلال السنة الأولى من تاريخ الحصول على هذه البطاقة، وبنظام ضريبي تفاضلي ودفع مساهمة وحيدة بعنوان الضريبة على الدخل والتغطية الاجتماعية تتمثل في معلوم جبائي يقدر بـ200 دينار للناشطين داخل المناطق البلدية وبـ100 دينار بالمناطق الأخرى.
أما الإجراء الثاني وفقا للمستشار الجبائي، هو الخصم من المورد بنسبة 3 بالمائة على المبالغ المستخلصة من الحرفاء النشطين في بيع المنتجات عن بعد عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك الإجراء المتعلق بإلزام المصحات الخاصّة ومؤسّسات التأمين والتعاونيات والمؤسسات المتدخلة في ملفات التصرف والتعويض الخاصة بالتأمين على المرض بمد مصالح الجباية بالبيانات المتعلقة بالخدمات الطبية وشبه الطبية المسداة، معتبرا أنّ هذا الإجراء سيساعد على مكافحة التهرب الجبائي خاصة وأنّ هذا القطاع تكون فيه نسبة التهرب مرتفعة جدا.
ومن بين الإجراءات التي ذكرها العياري لـ"الصباح" مزيد دعم الامتثال للواجبات المتعلقة بنظام الفوترة الالكترونية وذلك من خلال سنّ عقوبات جبائية جزائية على المخالفات المرتكبة بهذا العنوان وملاءمة نظام الفوترة الإلكترونية مع نظام الفوترة الورقية في ما يتعلق بالوثائق التي تقوم مقام الفاتورة عند نقل البضائع.
وفي تقدير العياري فإن الإجراء الثوري الذي سيحد من ظاهرة الاقتصاد الموازي هو تغيير العملة مما سيوفر سيولة للبنوك مع فتح معرف جبائي للمعنيين بالأمر مضيفا أن تغيير الأوراق النقدية سيمكن من اقتطاع 10 بالمائة من المبالغ المودعة مع ضمان انخراط المعنيين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
الخبير المختص في المخاطر المالية مراد الحطاب لـ"الصباح":قانون المالية الجديد يعكس إرادة سياسية وتشريعية لإدماج الاقتصاد الموازي
من جانبه اعتبر الخبير المختص في المخاطر المالية مراد الحطاب في حديثه لـ"الصباح" أنه لا توجد أرقام دقيقة حول الاقتصاد الموازي، لكن هناك بعض المعطيات تفيد بأن الناشطين فيه في حدود 1.6 مليون تونسي وهم تقريبا ثلث اليد العاملة، مؤكدا أن هناك توجها في تونس نحو إرساء عديد الإجراءات لإدماج الاقتصاد الموازي خاصة على مستوى الإدماج الاجتماعي، إذ يوجد أكثر من 960 ألف تونسي ليس لديهم تغطية اجتماعية باعتبار أنهم يمارسون أنشطة غير مصرح بها.
وأفاد الحطاب أن هناك معطيات حول أهمية الأموال المتداولة خارج المنظومة النقدية في حدود 22 مليار دينار.
وأكد محدثنا أن إصلاح الظاهرة يتم عبر إصلاح منظومة الاستهلاك والإنتاج ومنظومة الاستثمار والتمويل عبر خلق قيمة مضافة ودفع القطاعات الاقتصادية المحورية، مشيرا الى أن قانون المالية الجديد هو قانون ثوري يعكس إرادة سياسية وتشريعية لإدماج الاقتصاد الموازي رغم قدم الظاهرة وتجذرها منذ السبعينات.