-"فاطمة 75" أول فيلم تخرجه امرأة.. "السامة" أول فيلم روائي طويل..
-مفيدة التلاتلي أول مخرجة تونسية تتوج بالتانيت الذهبي لأيام قرطاج
تونس - الصباح
تعتبر سينما المرأة في تونس تجربة استثنائية منذ النشأة مرورًا بمرحلة تعدد التجارب والمضامين، التي تطورت على مستوى المواضيع والطرح من أعمال الرائدات إلى خيارات صانعات الأفلام اليوم. فالمرأة في هذه السينما لم تكن مادة مهمشة أو "بضاعة" موظفة تجاريًا في عملية دعائية تسويقية بقدر ما كانت خيارًا و التزامًا دافعت عن مضامينه مجموعة من السينمائيات التونسيات على غرار رائدات هذا الفن في بلادنا: سلمى بكار (أخرجت أول أفلامها "فاطمة 75")، وناجية بن مبروك (صاحبة الفيلم الوثائقي "لخدمتك" 1982) والفيلم الروائي الطويل التونسي "السامة".
ولا يقتصر الحديث عن رائدات السينما التونسية على مجال الإخراج، فقد كان قطاع الفن السابع وجهة للكفاءات الوطنية من النساء في مجالات المونتاج والتصوير والإنتاج، خاصة مع تطور نشاط الجامعة التونسية لنوادي السينما وبداية توجه التونسيات للدراسة خارج البلاد في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بدعم وتشجيع من الدولة. ومن بين سيدات السينما في بلادنا، ممن أثرن بأعمالهن في مرحلة مفصلية في السينما التونسية (التسعينات)، الراحلة مفيدة التلاتلي، سلمى بكار، ناجية بن مبروك، والراحلة كلثوم برناز التي اختصت في التصوير السينمائي وعملت في بداياتها مع كلود شابرول وكريستوف كيسلوفسكي، ورندا الشهال صباغ. أما أثر مفيدة التلاتلي، صاحبة واحد من أهم 100 فيلم عربي "صمت القصور" (الحائز على التانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية سنة 1994)، فكان واضحًا من بداية امتهانها المونتاج في أعمال عديدة تونسية، من بينها "سجنان"، "فاطمة 75"، "ظل الأرض"، "عزيزة"، "عرب"، "عصفور السطح"، وذلك إلى جانب عملها في "عمر قتلاتو" للسينمائي الجزائري مرزاق علواش.
هذا المسار التاريخي لسينما المرأة في تونس أضاء جانبًا مهمًا من خطواته سلمى بكار، صاحبة أول فيلم تخرجه امرأة (فاطمة 75) والذي عرض في 1978، وهي كذلك أول امرأة منتجة في السينما التونسية وذلك في تسعينيات القرن الماضي.
سلمى بكار – ومن أعمالها "خشخاش"، "رقصة النار" و"الجايدة" – تواصل مسيرتها اليوم عبر فيلم جديد "النافورة" المنتظر عرضه في الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية ضمن قسم العروض الخاصة.
في مجال المونتاج، يسجل اسم كاهنة عطية حضوره بقوة في السينما التونسية والإفريقية والعربية، فقد عملت في أهم الأفلام التونسية على غرار "خشخاش"، "طوق الحمامة المفقود"، "بزناس"، "بنت فاميليا"، "سلطان المدينة". ومن السينمائيين الأفارقة والعرب، عملت مع محمد ملص، حسن بنجلون، وأب السينما الإفريقية عصمان صمبان.
لا يختلف الأمر كثيرًا أمام الكاميرا عن خلفها؛ فالمرأة التونسية فرضت وجودها مع بداية السينما والأفلام الأولى المصورة في بلادنا. وتعتبر هايدي تمزالي أول ممثلة في تاريخ السينما التونسية. وُلدت هايدي تمزالي سنة 1902 ورحلت عن عمر يناهز 92 عامًا في سنة 1988، وهي ابنة رائد السينما التونسية ألبير شمامة شكلي. ومن أعمالها فيلم "زهرة" 1922 وفيلم "فتاة قرطاج" سنة 1924. أما المطربة والممثلة حسيبة رشدي، فهي أول مطربة تونسية تغني في مصر وتجسد بطولة أفلام مصرية. وفي تونس، شاركت في أفلام على غرار "تحت مطر الخريف"، "يا سلطان المدينة" و"صراخ".
الحديث عن نجومية الأبيض والأسود في تونس يأخذنا مباشرة إلى بطلة أعمال سنوات الستينيات والسبعينيات أنيسة لطفي. ومن أعمالها السينمائية المهمة "صراخ" لعمر الخليفي، "مختار" لصادق بن عايشة و"دار الناس" لمحمد دمق، وذلك إلى جانب عدد من الإنتاجات الأجنبية من بينها فيلم "Angélique et le Sultan".
ومن الممثلات الأكثر حضورًا في الأعمال السينمائية التونسية القديرة فاطمة بن سعيدان، ولعلها المفضلة لصناع الأفلام بمختلف أجيالهم، فكانت في "عرب" للفاضل الجزيري والفاضل الجعايبي، "عصفور السطح" و"صيف حلق الوادي" لفريد بوغدير، و"يا سلطان المدينة" و"التلفزة جاية" للمنصف ذويب، و"صمت القصور" لمفيدة التلاتلي، إلى جانب "مجنون ليلى" للطيب الوحيشي و"آخر فيلم" لنوري بوزيد، وغيرهم الكثير من الإنتاجات السينمائية.
يحتاج الإنتاج في القطاع السينمائي في بلادنا إلى شجاعة كبيرة من الرجل أو المرأة على حد السواء. وفي مسار الفن السابع في تونس، لا يمكن ذكر هذا المجال دون الإشارة وبالبنط العريض لدرة بوشوشة، واحدة من أهم منتجي السينما العربية والإفريقية، التي ساهمت عبر خياراتها في دعم عدد كبير من المخرجين الشباب على غرار رجاء العماري في أفلام "الستار الأحمر"، "أسرار دفينة" و"ربيع تونس"، ومحمد عطية في "نحبك هادي" و"وراء الجبل".
التمعن في تاريخ السينما التونسية وخاصة البدايات يؤكد الحضور المميز للمرأة. فرغم الانطلاقة المحتشمة لتجارب فردية، إلا أن الزمن أثبت بصمة هذه الأعمال وتأثيرها إلى اليوم في مسار صناعة السينما التونسية على مستوى الرؤى الفنية والمواضيع المطروحة.
نجلاء قموع
-"فاطمة 75" أول فيلم تخرجه امرأة.. "السامة" أول فيلم روائي طويل..
-مفيدة التلاتلي أول مخرجة تونسية تتوج بالتانيت الذهبي لأيام قرطاج
تونس - الصباح
تعتبر سينما المرأة في تونس تجربة استثنائية منذ النشأة مرورًا بمرحلة تعدد التجارب والمضامين، التي تطورت على مستوى المواضيع والطرح من أعمال الرائدات إلى خيارات صانعات الأفلام اليوم. فالمرأة في هذه السينما لم تكن مادة مهمشة أو "بضاعة" موظفة تجاريًا في عملية دعائية تسويقية بقدر ما كانت خيارًا و التزامًا دافعت عن مضامينه مجموعة من السينمائيات التونسيات على غرار رائدات هذا الفن في بلادنا: سلمى بكار (أخرجت أول أفلامها "فاطمة 75")، وناجية بن مبروك (صاحبة الفيلم الوثائقي "لخدمتك" 1982) والفيلم الروائي الطويل التونسي "السامة".
ولا يقتصر الحديث عن رائدات السينما التونسية على مجال الإخراج، فقد كان قطاع الفن السابع وجهة للكفاءات الوطنية من النساء في مجالات المونتاج والتصوير والإنتاج، خاصة مع تطور نشاط الجامعة التونسية لنوادي السينما وبداية توجه التونسيات للدراسة خارج البلاد في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بدعم وتشجيع من الدولة. ومن بين سيدات السينما في بلادنا، ممن أثرن بأعمالهن في مرحلة مفصلية في السينما التونسية (التسعينات)، الراحلة مفيدة التلاتلي، سلمى بكار، ناجية بن مبروك، والراحلة كلثوم برناز التي اختصت في التصوير السينمائي وعملت في بداياتها مع كلود شابرول وكريستوف كيسلوفسكي، ورندا الشهال صباغ. أما أثر مفيدة التلاتلي، صاحبة واحد من أهم 100 فيلم عربي "صمت القصور" (الحائز على التانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية سنة 1994)، فكان واضحًا من بداية امتهانها المونتاج في أعمال عديدة تونسية، من بينها "سجنان"، "فاطمة 75"، "ظل الأرض"، "عزيزة"، "عرب"، "عصفور السطح"، وذلك إلى جانب عملها في "عمر قتلاتو" للسينمائي الجزائري مرزاق علواش.
هذا المسار التاريخي لسينما المرأة في تونس أضاء جانبًا مهمًا من خطواته سلمى بكار، صاحبة أول فيلم تخرجه امرأة (فاطمة 75) والذي عرض في 1978، وهي كذلك أول امرأة منتجة في السينما التونسية وذلك في تسعينيات القرن الماضي.
سلمى بكار – ومن أعمالها "خشخاش"، "رقصة النار" و"الجايدة" – تواصل مسيرتها اليوم عبر فيلم جديد "النافورة" المنتظر عرضه في الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية ضمن قسم العروض الخاصة.
في مجال المونتاج، يسجل اسم كاهنة عطية حضوره بقوة في السينما التونسية والإفريقية والعربية، فقد عملت في أهم الأفلام التونسية على غرار "خشخاش"، "طوق الحمامة المفقود"، "بزناس"، "بنت فاميليا"، "سلطان المدينة". ومن السينمائيين الأفارقة والعرب، عملت مع محمد ملص، حسن بنجلون، وأب السينما الإفريقية عصمان صمبان.
لا يختلف الأمر كثيرًا أمام الكاميرا عن خلفها؛ فالمرأة التونسية فرضت وجودها مع بداية السينما والأفلام الأولى المصورة في بلادنا. وتعتبر هايدي تمزالي أول ممثلة في تاريخ السينما التونسية. وُلدت هايدي تمزالي سنة 1902 ورحلت عن عمر يناهز 92 عامًا في سنة 1988، وهي ابنة رائد السينما التونسية ألبير شمامة شكلي. ومن أعمالها فيلم "زهرة" 1922 وفيلم "فتاة قرطاج" سنة 1924. أما المطربة والممثلة حسيبة رشدي، فهي أول مطربة تونسية تغني في مصر وتجسد بطولة أفلام مصرية. وفي تونس، شاركت في أفلام على غرار "تحت مطر الخريف"، "يا سلطان المدينة" و"صراخ".
الحديث عن نجومية الأبيض والأسود في تونس يأخذنا مباشرة إلى بطلة أعمال سنوات الستينيات والسبعينيات أنيسة لطفي. ومن أعمالها السينمائية المهمة "صراخ" لعمر الخليفي، "مختار" لصادق بن عايشة و"دار الناس" لمحمد دمق، وذلك إلى جانب عدد من الإنتاجات الأجنبية من بينها فيلم "Angélique et le Sultan".
ومن الممثلات الأكثر حضورًا في الأعمال السينمائية التونسية القديرة فاطمة بن سعيدان، ولعلها المفضلة لصناع الأفلام بمختلف أجيالهم، فكانت في "عرب" للفاضل الجزيري والفاضل الجعايبي، "عصفور السطح" و"صيف حلق الوادي" لفريد بوغدير، و"يا سلطان المدينة" و"التلفزة جاية" للمنصف ذويب، و"صمت القصور" لمفيدة التلاتلي، إلى جانب "مجنون ليلى" للطيب الوحيشي و"آخر فيلم" لنوري بوزيد، وغيرهم الكثير من الإنتاجات السينمائية.
يحتاج الإنتاج في القطاع السينمائي في بلادنا إلى شجاعة كبيرة من الرجل أو المرأة على حد السواء. وفي مسار الفن السابع في تونس، لا يمكن ذكر هذا المجال دون الإشارة وبالبنط العريض لدرة بوشوشة، واحدة من أهم منتجي السينما العربية والإفريقية، التي ساهمت عبر خياراتها في دعم عدد كبير من المخرجين الشباب على غرار رجاء العماري في أفلام "الستار الأحمر"، "أسرار دفينة" و"ربيع تونس"، ومحمد عطية في "نحبك هادي" و"وراء الجبل".
التمعن في تاريخ السينما التونسية وخاصة البدايات يؤكد الحضور المميز للمرأة. فرغم الانطلاقة المحتشمة لتجارب فردية، إلا أن الزمن أثبت بصمة هذه الأعمال وتأثيرها إلى اليوم في مسار صناعة السينما التونسية على مستوى الرؤى الفنية والمواضيع المطروحة.