إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الشروع في التصويت على مشروع قانون المالية 2025.. وزيرة المالية: لا إصلاح للمؤسسات والمنشآت العمومية إلا بعد تطهير وضعياتها المالية

 

*حماية النسيج الصناعي الوطني خيار ثابت للدولة

تونس-الصباح

شرع مجلس نواب الشعب مساء أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو في التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2025 وذلك بعد الاستماع إلى وزيرة المالية سهام البوغديري.

وأكدت الوزيرة على أن الدولة ستحافظ على المؤسسات العمومية وستحرص على إصلاحها وأضافت أنه يجري  العمل حاليا على تطهير وضعياتها المالية في علاقاتها بالمؤسسات الدائنة والمدينة وللغرض تم تكوين لجنة مكلفة بتصفية ديون ومستحقات المنشآت العمومية تجاه الدولة ووقع اعتماد تمش لتصفية هذه الديون وإصدار أوامر مقاصّة في شأن الديون المتقاطعة بين المنشآت العمومية والدولة ويوجد توجه نحو جدولة مستحقات المنشآت العمومية تجاه الدولة وفق روزنامة تراعي هامش التحرك على مستوى المالية العمومية، كما يوجد توجه للنظر في إمكانية تحويل مستحقات الدولة المتمثلة في ديون جبائية أو قروض خزينة متخلدة بذمة المنشآت العمومية والتي يصعب تسديدها، إلى مساهمات أموال مخصصة أو رأس مال. وقالت إن الدولة تعمل على مواصلة تصفية الديون المتقاطعة بين المنشآت التي تنتمي إلى نفس القطاع خاصة منها قطاع الطاقة وقطاع النقل وقطاع الصحة. وذكرت النواب بأن قانون المالية لسنة 2024 تضمن أحكاما تتعلق بتحويل ديون مؤسسات عمومية ومنشآت عمومية إلى مساهمة في رأس المال على غرار بنك المؤسسات الصغرى والمتوسطة حيث تم تحويل متخلدات البنك بعنوان قرض معاد إقراضه إلى مساهمة في رأس المال ونفس الشيء تضمن نفس القانون إجراء لتحويل ديون الشركة العامة للمقاولات والمعدات والأشغال سومترا حيث ساهمت الدولة بالمبلغ في رأس مال الشركة رغبة في الوقوف إلى جانب هذه المؤسسة لكي تستعيد بريقها كما عملت الدولة على التخلي عن ديون شركة اللحوم. وأضافت البوغديري أنه قبل المرور للإصلاح الجذري للمؤسسات والمنشآت العمومية لا بد من تطهير وضعيتها المالية لذلك يتم العمل في كل مرحلة على إيجاد حلول لحزمة من المؤسسات وتبقى الدولة مرافقة لها لكي تؤمن مرافق عامة.

 

امتيازات للصناعات المحلية

وإضافة إلى مسألة إصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية أجابت الوزيرة على العديد من الأسئلة التي طرحها أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم بمناسبة نقاش مشروع قانون المالية لسنة 2025 منها ما تعلق بمدى حرص الدولة على حماية النسيج الصناعي الوطني وقالت إن حماية النسيج الصناعي الوطني خيار ثابت لدى الدولة. وأضافت أن الامتيازات الجبائية الممنوحة للصناعات المحلية بهدف دعم قدرتها التنافسية تتمثل في الإعفاءات من المعاليم الديوانية بعنوان المدخلات الضرورية للمنتوجات المصنعة محليا، وتم ضبطها بالتشريع الجاري به العمل، وذكرت أن هذا البرنامج يتم منحه على ضوء برنامج سنوي للصنع تتم المصادقة عليه من قبل المصالح المختصة لوزارة الصناعة، وفي نفس الاتجاه تتمتع العديد من المدخلات المستعملة في صنع اللاقطات الشمسية بامتيازات جبائية تتمثل في التخفيض في نسبة الأداء على القيمة المضافة من 19 إلى 7 بالمائة، إضافة إلى الإعفاء من المعاليم الديوانية لهذه المدخلات وكذلك يوجد الأمر 191 لسنة 2017 المتعلق بتجديد قائمات المواد الأولية والمواد نصف المصنعة اللازمة لصناعة التجهيزات المستعملة للتحكم في الطاقة أو التجهيزات المستعملة في ميدان الطاقات المتجددة وتم التنصيص فيه على عدة امتيازات.

الدولة الاجتماعية

وأشارت الوزيرة سهام البوغديري إلى أن نقاش مشروع قانون المالية يمثل انطلاقة جديدة للعمل المشترك بين الحكومة والمجلسين التشريعيين، وهي مرحلة  لتعزيز التعاون والتكامل بين المؤسسة التنفيذية والمؤسسة التشريعية في سبيل مواجهة التحديات والرهانات ومواصلة الإصلاحات ومعالجة القضايا الكبرى التي تواجهها تونس  بكل أمانة وصدق ومسؤولية بما يستجيب للسياسة العامة للدولة التي ضبطها وحدد خياراتها رئيس الجمهورية، واستجابة لتطلعات الشعب في هذه اللحظة الفارقة، وأضافت أن هذه اللحظة تقتضي من الجميع تقديم قانون مالية يرتقي إلى انتظارات المواطن ويواكب تطورات المرحلة، وهو ما تم السعي إلى تجسيده من خلال اقتراح مشروع قانون مالية يترجم رؤية واضحة لمشروع الدولة الاجتماعية التي تسعى لتحقيق التوازن بين البعدين الاجتماعي والاقتصادي والتنمية المستدامة على مختلف الأصعدة.

وقالت الوزيرة إن مشروع قانون المالية لسنة 2025 يندرج ضمن رؤية طويلة المدى تتماشى مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد بل تتجاوزه في بعض الأحيان لمواكبة التغيرات العالمية والإقليمية التي تؤثر على تونس بشكل مباشر، وهو على حد تأكيدها مشروع يرتكز على المبادئ الأساسية التي تحدد ملامح الطريق إلى تونس المستقبل التي تطمح إلى أن تكون دولة قوية اقتصاديا واجتماعيا ومنفتحة على العالم وماضية قدما في سياسة التعويل على الذات للحفاظ على سيادتها وكرامتها.

ولاحظت البوغديري أنه قبل الخوض في تفاصيل مشروع القانون المذكور، من الضروري التذكير بالسياق الذي تم إعداده فيه وهو سياق دولي يغلب عليه عدم اليقين بسبب توالي الأزمات العالمية من جائحة كورونا وتوترات جيوسياسية وتغيرات مناخية كانت لها تداعيات سلبية  واضحة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، فعلى المستوى الوطني ورغم تحسن المؤشرات مازالت وضعية المالية العمومية تشكو من صعوبات ومازال هامش التصرف في الميزانية ضعيف خاصة في ظل ارتفاع خدمة الدين العمومية.

سداد الديون

وأشارت وزيرة المالية إلى أن تونس قامت خلال السنة الجارية بتسديد خدمة دين بحوالي 25 مليار دينار وقالت إنه من المنتظر تسديد حوالي 24 فاصل 7 مليار دينار خلال سنة 2025 وذكرت أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 جاء ليواجه هذه التحديات بشكل واقعي وليضع استراتيجيات ملموسة لموازنة الأولويات الوطنية في حدود الإمكانيات المالية المتوفرة ولكن رغم كل هذه التحديات والصعوبات  تمكنت الدولة من الإيفاء بالتزاماتها المالية وواصلت إثبات قدرتها على الصمود تحت شعار التعويل على الذات وهو ما انعكس على تعزيز الجهود لتعبئة موارد ميزانية الدولة وترشيد النفقات وحسن التصرف في الموارد المتاحة وقد مكن ذلك من التحكم في عجز الميزانية حيث من المتوقع بحلول نهاية السنة الجارية أن لا يتجاوز العجز 6 فاصل 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبالإضافة إلى ذلك وعلى المستوى الاقتصادي شهدت العديد من القطاعات الحيوية تحسنا ملحوظا مثل السياحة والفلاحة كما تم في سنة 2024 استحثاث نسق كل المشاريع الإستراتيجية من خلال إرساء حوكمة جديدة لفض الإشكاليات المتعلقة بالمشاريع المعطلة مما ساعد في حلحلة عديد المشاريع التي تهم البنية التحتية والخدمات الأساسية للمواطن إضافة إلى المشاريع الإستراتجية التي تهم عديد قطاعات الإنتاج على غرار إنتاج الكهرباء والطاقات المتجددة وإنتاج الفسفاط ونقله وذكرت أنه تم بذل مجهود لمزيد تطوير مناخ الأعمال والنفاذ للتمويل والإدماج المالي والاقتصادي ويتواصل العمل على دعم المجهود التصديري وتموقع الصادرات التونسية في الأسواق العالمية وتعزيز موقع تونس كوجهة استثمار آمنة مستقرة ومناسبة وساهمت هذه الجهود في تحسين المؤشرات الاقتصادية خاصة ميزان الدفوعات واحتياطي العملة وهذا حسب رأيها  يعكس قدرة الدولة على التكيف مع الأزمات العالمية والمحلية.

وخلصت الوزيرة إلى أن مشروع قانون المالية يسعى للدولة الاجتماعية ويضع المواطن خاصة الفئات الضعيفة والمتوسطة في قلب الأولويات من خلال تحسين ظروف عيشه ودعم قدرته الشرائية وتقليص الفوارق الاقتصادية لتحقيق التنمية المستدامة.

أزمات غير مسبوقة

وتعقيبا على مداخلات النواب تطرقت وزيرة المالية إلى حجم المديونية وارتفاع الدين العمومي وخاصة بالنسبة للفترة المتراوحة بين 2021 و2024، وذكرت أن الجميع يعلم كيف تمت إدارة الشأن العام خلال العشرية التي سبقتها كما كانت هناك أزمات غير مسبوقة نتيجة الجائحة الصحية ثم الحرب الروسية الأوكرانية التي كانت لها تداعيات على الوضع الاقتصادي والاجتماعي وعلى التوازنات العامة في تونس حيث بلغ العجز مستويات قياسية قدر سنة 2020 بنسبة 9 فاصل 4 بالمائة، وسنة 2021 بنسبة 7 فاصل 6 بالمائة، وسنة 2022 بنسبة 7 فاصل 9 بالمائة، وشهدت موارد ميزانية الدولة تراجعا خلال سنة 2020 تجاوز 7 آلاف مليون دينار نتيجة الحجر الصحي، وبلغت نفقات الدعم مستويات قياسية نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية لتبلغ تلك التأثيرات 12 ألف مليون دينار وتواصلت هذه التداعيات إلى حد الآن وهو ما تطلب تعبئة موارد جبائية وغير جبائية استثنائية لحل هذا المشكل إضافة إلى تراكمات العشرية السابقة والتي اعتمدت سياسات أدت إلى تفاقم خدمة الدين العمومي لتبلغ  14 فاصل 8 مليار دينار سنة 2021  و14 فاصل 5 مليار دينار سنة 2022 و20 فاصل 8 مليار دينار سنة 2023 و25 مليار دينار سنة 2024، وعلى هذا الأساس فإن ارتفاع حجم المديونية خلال فترة 2021ـ 2024 يعود أساسا إلى انعكاسات الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية ومفعول سعر الصرف. وفسرت أن الزيادة بواحد في المائة في سعر الصرف تنجر عنها زيادة في حجم الدين بحوالي 640 مليون دينار، لكن رغم كل هذه الضغوطات تعمل الدولة على التقليص في العجز الأولي لتحسين النتائج الأولية للميزانية والتحكم في التداين العمومي لينخفض العجز الأولي من 6 فاصل 3 بالمائة من الناتج المحلي الخام في سنة 2020 إلى 3 فاصل 6 بالمائة سنة 2023 وإلى 2 فاصل 5 بالمائة سنة 2024 ومن المتوقع أن يبلغ سنة 2025 نحو 2 بالمائة. وذكرت أنه على المدى المتوسط أي بين 2025 و2027 من المتوقع أن تتقلص نسبة المديونية من 82 فاصل 23 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي سنة 2024 إلى 80 فاصل 46 بالمائة سنة 2025 ثم إلى 78 فاصل 74 بالمائة سنة 2026 ثم إلى 76 فاصل 39 بالمائة سنة 2027. وعبرت الوزيرة عن أملها في تحقيق هذه النسب من خلال تحسين النتيجة الأولية للميزانية والتحكم في كلفة فائدة الدين بما يسمح بالتخفيض التدريجي في عجز الميزانية من 6 فاصل 3 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام إلى 5 فاصل 5 بالمائة سنة 2025.وذكرت أن عجز الميزانية سيتقلص سنة 2026 إلى 4 فاصل 7 بالمائة وسنة 2027 إلى 3 فاصل 6 بالمائة ولكن بلوغ هذه الأرقام لا يمكن أن تكون إلا في إطار عدة مؤشرات منها نسبة النمو المرتقبة لسنة 2025 التي تم ضبطها في حدود 3 فاصل 2 بالمائة مع المحافظة على استقرار قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية والتوجه نحو الاعتماد على الاقتراض الداخلي والتقليص في حجم الدين الخارجي لتفادي تأثير أسعار الصرف، كما ستساهم هذه العوامل في تقليص حاجيات التمويل من 17 فاصل 1 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي سنة 2024 إلى 15 فاصل 4 بالمائة سنة 2025 وإلى 12 بالمائة سنة 2026 ثم إلى 10 بالمائة سنة 2027.

ضمان الدولة.. كتلة الأجور.. ترشيد النفقات

وإجابة على سؤال النائبة بسمة الهمامي حول منح ضمان الدولة لإبرام قروض الوارد في الفصل 11 من مشروع قانون المالية، بينت الوزيرة أنه يجب ضبط مبلغ أقصى لمنح ضمان الدولة وهذا المبلغ يكون مرخص فيه في قانون المالية، وفسرت أنه خلال سنة 2024 تم منح ضمان الدولة في حدود 8 آلاف مليون دينار وقد تم إسناد ضمانات وهناك وموافقات أولية ومبدئية على منح ضمان الدولة سيقع تفعيلها قبل نهاية هذه السنة وهي تتعلق بحصول بعض المؤسسات العمومية على تمويلات على غرار الشركة التونسية للكهرباء والغاز والديوان الوطني للتطهير وشركة نقل تونس ودواوين الزيت والحبوب والتجارة وكل المؤسسات العمومية التي لديها صعوبات على مستوى التمويل.

وتفاعلا مع النواب الذين تطرقوا إلى مسألة كتلة الأجور أشارت الوزيرة إلى أن تقديرات نفقات ميزانية الدولة لسنة 2025 تنبني أساسا على التحكم في كتلة الأجور والنزول بنسبتها بصفة تدريجية في علاقة بالناتج المحلي الإجمالي ونفت وجود توجه للتقليص في عدد الانتدابات، ولاحظت أهمية النفقات التي تم ترسيمها على مستوى  الأجور بالنسبة لميزانية 2025، إذ ستبلغ 13 فاصل 3 بالمائة من النتاج المحلي الإجمالي مقابل نفس النسبة سنة 2024 وهناك توجه على مستوى الدولة والحكومة لدعم التشغيل لذلك تضمن قانون المالية انتداب حوالي 21 ألفا و376 عونا جديدا بالوظيفة العمومية وهناك مواصلة لتسوية الوضعيات الهشة.

وأضافت أن الدولة تعمل على ترشيد مختلف النفقات وأن أغلب نفقات الميزانية سجلت ارتفاعا مقارنة مع النتائج المنتظرة لسنة 2024 وتوجد جهود لترشيد نفقات تسيير الإدارة والنفقات المتعلقة ببعض المهام أو النفقات التي يمكن التقليص فيها لكن عندما يتم الحديث عن ارتفاع طفيف في النفقات فهو مرتبط بالتدخلات الاجتماعية والإجراءات التي قامت بها الدولة على هذا المستوى وكذلك على مستوى النفقات ذات الصبغة التنموية التي سجلت ارتفاعا.

وذكرت الوزيرة بأن نفقات التدخلات ذات الصبغة الاجتماعية بلغت 3799 مليار أي بزيادة قدرها 6 فاصل 4 بالمائة منها 1734 مليار بعنوان النهوض بالفئات محدودة الدخل، وسجلت نفقات دعم المواد الأساسية زيادة بنحو 5 فاصل 8 بالمائة، وبلغت نفقات التنمية 10615 مليار مسجلة زيادة بالمقارنة مع النتائج المنتظرة على امتداد كامل السنة الحالية. وأشارت إلى أن هناك من النواب من تحدث عن غياب آليات المراقبة على النفقات العمومية لكن هذه الأخيرة تخضع إلى رقابة قبلية، ورقابة متزامنة، ورقابة لاحقة وعددت الوزيرة تدخلات الهياكل الرقابية في هذا المجال.

وردا على ملاحظة توجه بها أحد النواب حول سبب التخفيض في الاعتمادات المخصصة للبرنامج الجهوي للتنمية ذكرت الوزيرة أن ذلك يعود إلى ضعف استهلاك الموارد المرصودة والمرسمة من قبل بعض الولايات لعدم تقديم طلبات لفتح الاعتمادات حسب الصيغة المعمول بها خاصة مصادقة المجلس الجهوي على مقترحات المشاريع..

وإجابة على أسئلة أخرى أشارت البوغديري إلى أنه في علاقة بالموارد والنفقات وخدمة الدين فإن الدولة الآن تعمل على الموارد غير الجبائية، ففي إطار سياسة التعويل على الذات ودعم الموارد الذاتية للميزانية قامت الدولة بتكثيف المجهودات للرفع من تعبئة الموارد غير الجبائية، وقد كان هذا الموضوع محل جلسة عمل وزارية تم خلالها التأكيد على دعم جهود مختلف الهياكل العمومية من أجل العمل على استخلاص المحاصيل غير الجبائية الموجودة والمستوجبة لفائدة الدولة كما كانت هناك توصيات مهمة جدا للعمل في هذا الإطار وستكون النتائج التي سيتم التوصل إليها خير دليل على هذا التوجه الذي سيتم انتهاجه خلال سنة 2025. وبينت أنه خلال الأسبوع الماضي كانت هناك على مستوى رئاسة الجمهورية والحكومة توصيات بخصوص الأملاك المصادرة وعبرت عن أملها في أن يتم خلال السنة القادمة جمع موارد لفائدة ميزانية الدولة في إطار حوكمة هذه الأملاك وإعادة النظر في كيفية التعاطي مع هذا الملف الهام.

تحفيز الاستثمار

وإجابة على استفسارات تمحورت حول الجباية من قبيل حديث بعض النواب عن عدم وجود إجراءات لتحفيز الاستثمار، بينت الوزيرة سهام البوغديري أن التشريع التونسي فيه منظومة للتحفيز على الاستثمار والنصوص المتعلقة بالحوافز الجبائية عديدة وكثيرة لكن المشكل أحيانا يتمثل في عدم النفاذ للتمويل وفي وجود عراقيل أخرى وفسرت أنه بالنظر إلى المؤشرات المتعلقة بالتشجيع على الاستثمار نجد التحفيز الجبائي مهم لكن هناك مؤشرات أخرى تتعلق بالاستقرار السياسي والاجتماعي وتوفر اليد العاملة المؤهلة إلى جانب البنية التحتية والاتصالات فعند توفر هذه الجوانب مع الإدارة والجانبين المالي والجبائي يمكن التحفيز على الاستثمار. وقالت إن مشروع قانون المالية لسنة 2025 تضمن محورا خاصا يتعلق بتمويل المؤسسات وتشجيع الاستثمار وإجراءات لفائدة الاستثمار ودعم الإدماج المالي للمؤسسات وهناك خطوط تمويل لفائدة  المؤسسات الصغرى والمتوسطة كما خصصت آليات الضمان التي وفرتها الدولة للوقوف إلى جانب هذه المؤسسات لتمكينها من النفاذ إلى التمويل، فالدولة علاوة على خطوط التمويل التي تعمل على توفيرها، تتدخل في مسألة الضمان ومكنت المؤسسات من آليات ضمان تخول لها التوجه للقطاع البنكي للحصول على قروض. وقالت إنه إضافة إلى ما أسلفت ذكره سيتواصل بمقتضى مشروع قانون المالية لسنة 2025 دعم الشركات الأهلية وقد واجهت هذه الشركات عراقيل تم تدارسها في مجالس وزارية ووقع حل العديد منها وستتم العمل على مواصلة إيجاد حلول لهذه الشركات لكي تدخل في الدورة الاقتصادية وتكون ضمن المقومات التي ستنشط الاستثمار.

امتيازات جبائية

وبينت الوزيرة سهام البوغديري تعقيبا على مداخلات النواب حول الامتيازات الجبائية المنصوص عليها في مشروع قانون المالية لسنة 2025 لإعادة الهيكلة المالية للمؤسسات، أن الهدف من إسناد تلك الامتيازات على مستوى الإحداث أو التوسعة والتجديد هو تحفيز الاستثمار. وفسرت أنه كان لا بد من تدخل تشريعي في إطار قانون المالية لأن إعادة الهيكلة المالية لا تصنف ضمن عمليات الاستثمار على معنى مجلة الاستثمار لكنه إجراء تم العمل به في السابق بطلب من المؤسسات المعنية والجهات المتدخلة حيث تم التمديد في هذا الإجراء المتعلق بإعادة الهيكلة المالية لتمكين المؤسسات التي أعادت استثمار مداخيلها وأرباحها من دخول طور النشاط الفعلي.

إدماج الاقتصاد الموازي

وفي علاقة بموضوع الاقتصاد الموازي ومطلب نواب الشعب بإدماجه بينت البوغديري أن هذا الموضوع مهم جدا ويندرج في إطار توسيع مجال تطبيق الضريبة وفي إطار سياسة التعويل على الذات لأنه في صورة إدخال الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية فسيساهم في النمو وتحسين موارد الدولة على غرار المداخيل غير الجبائية، وأكدت أن الدولة منحت الأولية لمعالجة هذا الملف، وهناك لجنة قيادة انكبت على دراسته وهناك دراسة شاملة انطلقت خلال السنة الجارية وسيتم في الأيام القادمة تقديم مخرجاتها حيث خلصت الدراسة إلى عدة مقترحات تتطلب تدخلا تشريعيا ومقترحات تتطلب تدخلا ميدانيا وفسرت أن مسألة الاقتصاد الموازي والمشاكل التي تحيط بهذه الظاهرة ليست جبائية فقط بل تتعلق بكل الجوانب، وذكرت أن هذا التحدي هو تحد تجابهه الدولة ككل وليس وزارة المالية فقط، وأكدت أن مختلف الوزارات تعمل على مكافحة هذه الظاهرة.

المبادر الذاتي

وبخصوص منظومة المبادر الذاتي التي كانت موضوع عدة جلسات وزارية وإجراءات جبائية تحفيزية في مشروع قانون المالية، بينت وزيرة المالية أنه تم توسيع مجال تدخلات المبادر الذاتي ليشمل المؤسسات التي تشتغل على خدمات المعرفة والابتكار وهو ما سيستوعب جميع الناشطين الذين يريدون منظومة سلسة خالية من الأعباء الجبائية وستمكنهم منظومة المبادر الذاتي من الانخراط في إطار شفاف وستساعدهم على الانتفاع بالحماية الاجتماعية.

جدول الضريبة

وإجابة على سؤال حول مراجعة جدول الضريبة في إطار أحد فصول مشروع قانون المالية بينت أن هناك من قال إن 54 بالمائة من الأشخاص الطبيعيين يحققون دخلا يقل عن 5 آلاف دينار وهذا غير صحيح ويجب تفنيد مثل هذه المعطيات المغلوطة وفسرت أن مبلغ الدخل الصافي الذي يتم اعتماده لاحتساب الضريبة ليس له أي علاقة بمبلغ الدخل الذي يتقاضاه الشخص الطبيعي في يديه، فالدخل الصافي يخضع إلى الضريبة بعد أن يتم طرح المساهمات الاجتماعية والمصاريف المهنية لكل الأشخاص الطبيعيين الذين يخضعون للضريبة على الدخل حسب جدول الضريبة من تجار ومسدي خدمات وصناعيين وأصحاب مهن حرة وأجراء ومتقاعدين وكل من لديهم مداخيل عقارية أي كل الأصناف التي تخضع لجدول الضريبة وبعد طرح التخفيضات المتعلقة بالضريبة على الدخل والمتعلقة خاصة بالحالة الاجتماعية والأعباء العائلية وبالتالي الأشخاص الطبيعيين المرسمين في بيانات وزارة المالية المعنيين بالضريبة هم في حدود 3 ملايين شخص يصرحون بدخل جبائي بعد كل تلك الطروحات وتلك التخفيضات فهؤلاء هم الذين يصرحون بالدخل. وتعقيبا على النواب الذين اقترحوا إدخال تعديلا على جدول الضريبة قالت انه سيتم التطرق إلى هذا الأمر عند مناقشة فصول المشروع.

ضرائب الجمعيات

عن سؤال حول الضرائب المطبقة والمستوجبة على الجمعيات، أجابت وزيرة المالية أنه يوجد إطار قانوني يتعلق بالجمعيات، وبينت أن الجمعيات التي تنشط طبقا للتشريع المتعلق بها في إطار المهام ذات البعد الإنساني والاجتماعي وكل الأهداف النبيلة التي تعمل من أجلها موجودة خارج ميدان تطبيق الضريبة على الدخل، وبالتالي ليست لديها جباية خاصة بها لكن في قانون المالية لسنة 2019 تم وضع إجراء يتعلق بإلزام كل الجمعيات بإيداع تصريح في الوجود لأن الجمعيات لديها أجراء تقوم بخلاصهم ولديها أكرية ومصاريف وكل تلك المبالغ تخضع لآلية الخصم من المورد، ولتمكين تلك الجمعيات من القيام بدورها كمدين بهذه المبالغ فان الجمعية تقوم بالخصم من المورد وتدفعه للخزينة أما الجمعيات التي لا تعمل في إطار نشاطها بل تعمل في إطار تجاري فإنها تفقد صبغتها وعند ذلك يقع إخضاعها للضريبة.

 

العقارات المبنية

وبخصوص العقارات المعدة للسكن ودعوة بعض النواب لمراجعة نسبة الأداء على القيمة المضافة، قالت الوزيرة إن قانون المالية لم يتضمن إجراء يتعلق بالأداء على القيمة المضافة على العقارات المعدة للسكن لكن بما أن الإجراء محدود في الزمن فيتم استيفاء التاريخ الأقصى.

وذكرت أن هناك بعض الاقتراحات المتعلقة بتطبيق نسب ضريبة دنيا على مثل هذه العمليات لكن بأمور علمية وفنية فان هذه العمليات لا يمكن أن تسجل إلا فوائض أداء على القيمة المضافة وقد بلغت تلك الفوائض قرابة  734 مليار. وفسرت أن اعتماد نسبة منخفضة لا يؤدي إلا إلى تعميق هذا الفائض، وذكرت أن أكثر المشاكل المتعلقة بالعقارات المعدة للسكن مردها تأجيل التمويل وهوامش الربح التي يعتمدها الناشطون في هذا المجال من الباعثين العقاريين، وأشارت إلى ضرورة العمل في نفس الوقت على هوامش الربح وتيسير النفاذ للتمويل وذلك بهدف المساعدة على تقليص كلفة اقتناء العقارات المعدة للسكن.

إجراءات بيئية

وردا على مداخلات النواب حول مدى استجابة مشروع قانون المالية للتحديات البيئية ذكرت الوزيرة سهام البوغديري أن هذا المشروع تضمن إجراء تعلق بتوسيع مجال تدخل صندوق مقاومة التلوث ليشمل تمويل الاستثمارات في مجال الاقتصاد الدائري والأخضر والأزرق وتم تخصيص مبلغ 20 مليون دينار من موارد الصندوق كخط تمويل لإسناد قروض متوسطة المدى بشروط ميسرة لفائدة الباعثين الشبان والمؤسسات لتمويل إحداث وتوسيع مشاريع في مجال الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري.

تعدد النصوص

وتعقيبا على النواب الذين طالبوا بتجميع النصوص الجبائية في مجلة موحدة لضمان مقروئيتها، أكدت وزيرة المالية أن الوزارة اشتغلت عليها في إطار برنامج شامل لإصلاح المنظومة الجبائية وتوصلت إلى صيغة أولية تتعلق بالمجلة الموحدة للأداءات وعبرت عن أملها في تقديمها في إطار إصلاح يهدف إلى تجميع النصوص الجبائية، وذكرت أن المشروع لم تشتغل عليه وزارة المالية فحسب بل تم ذلك بمعية عدة أطراف منها رئاسة الحكومة ووزارة العدل وبينت أنه عند استكمال النظر في هذا المشروع سيتم استكمال بقية إجراءات دخول هذه المجلة حيز النفاذ.

وإجابة على أسئلة حول محدودية الإجراءات المنصوص عليها في مشروع قانون المالية  لفائدة الفلاحين والقطاع الفلاحي، بينت البوغديري أن المشروع تضمن مقترحا بكلفة جملية قدرها 63 مليار تمتد على 4 سنوات ويشمل هذا البرنامج دعم اقتناء الأراخي العشار وذلك في حدود 4 آلاف رأس كل سنة ويمكن الترفيع في العدد إلى 5 آلاف رأس كما ستتكفل الدولة بالفوائد الموظفة على القروض التي سيحصل عليها مربو الأبقار والتي تبلغ كلفتها في ميزانية الدولة 23 مليارا خلال كامل فترة التدخل، ويأتي هذا الإجراء في إطار مقاربة شاملة للنهوض بمنظومة الألبان والمحافظة على توازن هذه المنظومة، وهناك تدخلات أخرى من قبل الدولة تتعلق بمنظومة الأعلاف وتوفيرها بأسعار تفاضلية حيث تم إحداث ديوان وطني للأعلاف منذ جانفي الماضي وتم تخصيص 50 مليارا لهذا الديوان سنة 2024 وسيتم تخصيص أكثر من 52 مليون دينار على ميزانية 2025 لفائدته، وتم التوسيع في مساحات إنتاج الأعلاف.  وعلاوة على هذه التشجيعات فيمكن للفلاح المعني بإجراء مساندة صغار مربي الأبقار الجمع بين هذه المنحة الاستثنائية والمنحة المرصودة لتحفيز الاستثمار والتي يمكن أن تبلغ 30 بالمائة. وفسرت أن التمويل الذاتي الذي يمكن أن يتحصل عليه الفلاح والذي تقع تغطيته من قبل الدولة يمكن أن يصل إلى نسبة خمسين بالمائة من التمويل.

دعم الأعلاف

وتفاعلا مع طلب دعم الفلاح ودعم منظومة الأعلاف ذكرت أن قيمة دعم الأعلاف تبلغ سنويا قرابة 500 مليون دينار. وأضافت الوزيرة أنه يتم أيضا دعم البذور الممتازة من قبل ميزانية الدولة، وبخصوص صندوق الجوائح للتعويض عن الأضرار الفلاحية بينت أن هذا الصندوق يهدف إلى إعادة الفلاح للدورة الاقتصادية من خلال تمكينه من تعويضات لوفير مستلزمات الإنتاج من بذور وأدوية وأسمدة وذكرت أن الصندوق تولى في الفترة بين 2022 و2023 إسناد تعويضات وهو يواصل إسناد التعويضات للفلاحين الذين تكبدوا أضرارا ثابتة.

وتعقيبا على النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي عبد الرزاق عويدات الذي تساءل عن سبب الاقتصار على نقل العاملات الفلاحيات فقط بينت وزيرة المالية أن الامتياز المتعلق بالإعفاء من معاليم الجولان بعنوان النقل الفلاحي يتعلق بنقل جميع العملة الفلاحيين وهو امتياز تم منحه للأشخاص الذين يقومون بنقل هؤلاء العملة نساء ورجالا.

تصويت مجلس نواب الشعب

وإثر الاستماع إلى وزيرة المالية تم رفع الجلسة العامة، ثم تم استئناف أشغالها مساء أمس بحضور أعضاء مجلس نواب الشعب فقط وتم الشروع في التصويت على مشروع قانون المالية من قبلهم وفقا لمقتضيات القانون الأساسي للميزانية وللمرسوم المتعلق بالعلاقة بين الغرفتين النيابيتين والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب. وذكّر رئيس المجلس إبراهيم بودربالة النواب بإجراءات التصويت على هذا المشروع، ثم صادق النواب في مرحلة أولى على عنوان المشروع وإثر ذلك صادقوا على المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة أي الاعتمادات المرصودة لكل من مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومختلف الوزارات وهيئة الانتخابات والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء ومحكمة المحاسبات، وكذلك المحكمة الدستورية التي بلغت الاعتمادات المخصصة لها لا شيء. وقبل المرور للتصويت على فصول مشروع قانون المالية فصلا فصلا، ونظرا لمطالبة بعض النواب بتعديل عدد من الفصول طلبت وزيرة المالية رفع الجلسة العامة للنظر في تلك المقترحات لما لها من تأثير على توازنات الميزانية وعلى محتوى المشروع.

سعيدة بوهلال

الشروع في التصويت على مشروع قانون المالية 2025..   وزيرة المالية: لا إصلاح للمؤسسات والمنشآت العمومية إلا بعد تطهير وضعياتها المالية

 

*حماية النسيج الصناعي الوطني خيار ثابت للدولة

تونس-الصباح

شرع مجلس نواب الشعب مساء أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو في التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2025 وذلك بعد الاستماع إلى وزيرة المالية سهام البوغديري.

وأكدت الوزيرة على أن الدولة ستحافظ على المؤسسات العمومية وستحرص على إصلاحها وأضافت أنه يجري  العمل حاليا على تطهير وضعياتها المالية في علاقاتها بالمؤسسات الدائنة والمدينة وللغرض تم تكوين لجنة مكلفة بتصفية ديون ومستحقات المنشآت العمومية تجاه الدولة ووقع اعتماد تمش لتصفية هذه الديون وإصدار أوامر مقاصّة في شأن الديون المتقاطعة بين المنشآت العمومية والدولة ويوجد توجه نحو جدولة مستحقات المنشآت العمومية تجاه الدولة وفق روزنامة تراعي هامش التحرك على مستوى المالية العمومية، كما يوجد توجه للنظر في إمكانية تحويل مستحقات الدولة المتمثلة في ديون جبائية أو قروض خزينة متخلدة بذمة المنشآت العمومية والتي يصعب تسديدها، إلى مساهمات أموال مخصصة أو رأس مال. وقالت إن الدولة تعمل على مواصلة تصفية الديون المتقاطعة بين المنشآت التي تنتمي إلى نفس القطاع خاصة منها قطاع الطاقة وقطاع النقل وقطاع الصحة. وذكرت النواب بأن قانون المالية لسنة 2024 تضمن أحكاما تتعلق بتحويل ديون مؤسسات عمومية ومنشآت عمومية إلى مساهمة في رأس المال على غرار بنك المؤسسات الصغرى والمتوسطة حيث تم تحويل متخلدات البنك بعنوان قرض معاد إقراضه إلى مساهمة في رأس المال ونفس الشيء تضمن نفس القانون إجراء لتحويل ديون الشركة العامة للمقاولات والمعدات والأشغال سومترا حيث ساهمت الدولة بالمبلغ في رأس مال الشركة رغبة في الوقوف إلى جانب هذه المؤسسة لكي تستعيد بريقها كما عملت الدولة على التخلي عن ديون شركة اللحوم. وأضافت البوغديري أنه قبل المرور للإصلاح الجذري للمؤسسات والمنشآت العمومية لا بد من تطهير وضعيتها المالية لذلك يتم العمل في كل مرحلة على إيجاد حلول لحزمة من المؤسسات وتبقى الدولة مرافقة لها لكي تؤمن مرافق عامة.

 

امتيازات للصناعات المحلية

وإضافة إلى مسألة إصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية أجابت الوزيرة على العديد من الأسئلة التي طرحها أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم بمناسبة نقاش مشروع قانون المالية لسنة 2025 منها ما تعلق بمدى حرص الدولة على حماية النسيج الصناعي الوطني وقالت إن حماية النسيج الصناعي الوطني خيار ثابت لدى الدولة. وأضافت أن الامتيازات الجبائية الممنوحة للصناعات المحلية بهدف دعم قدرتها التنافسية تتمثل في الإعفاءات من المعاليم الديوانية بعنوان المدخلات الضرورية للمنتوجات المصنعة محليا، وتم ضبطها بالتشريع الجاري به العمل، وذكرت أن هذا البرنامج يتم منحه على ضوء برنامج سنوي للصنع تتم المصادقة عليه من قبل المصالح المختصة لوزارة الصناعة، وفي نفس الاتجاه تتمتع العديد من المدخلات المستعملة في صنع اللاقطات الشمسية بامتيازات جبائية تتمثل في التخفيض في نسبة الأداء على القيمة المضافة من 19 إلى 7 بالمائة، إضافة إلى الإعفاء من المعاليم الديوانية لهذه المدخلات وكذلك يوجد الأمر 191 لسنة 2017 المتعلق بتجديد قائمات المواد الأولية والمواد نصف المصنعة اللازمة لصناعة التجهيزات المستعملة للتحكم في الطاقة أو التجهيزات المستعملة في ميدان الطاقات المتجددة وتم التنصيص فيه على عدة امتيازات.

الدولة الاجتماعية

وأشارت الوزيرة سهام البوغديري إلى أن نقاش مشروع قانون المالية يمثل انطلاقة جديدة للعمل المشترك بين الحكومة والمجلسين التشريعيين، وهي مرحلة  لتعزيز التعاون والتكامل بين المؤسسة التنفيذية والمؤسسة التشريعية في سبيل مواجهة التحديات والرهانات ومواصلة الإصلاحات ومعالجة القضايا الكبرى التي تواجهها تونس  بكل أمانة وصدق ومسؤولية بما يستجيب للسياسة العامة للدولة التي ضبطها وحدد خياراتها رئيس الجمهورية، واستجابة لتطلعات الشعب في هذه اللحظة الفارقة، وأضافت أن هذه اللحظة تقتضي من الجميع تقديم قانون مالية يرتقي إلى انتظارات المواطن ويواكب تطورات المرحلة، وهو ما تم السعي إلى تجسيده من خلال اقتراح مشروع قانون مالية يترجم رؤية واضحة لمشروع الدولة الاجتماعية التي تسعى لتحقيق التوازن بين البعدين الاجتماعي والاقتصادي والتنمية المستدامة على مختلف الأصعدة.

وقالت الوزيرة إن مشروع قانون المالية لسنة 2025 يندرج ضمن رؤية طويلة المدى تتماشى مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد بل تتجاوزه في بعض الأحيان لمواكبة التغيرات العالمية والإقليمية التي تؤثر على تونس بشكل مباشر، وهو على حد تأكيدها مشروع يرتكز على المبادئ الأساسية التي تحدد ملامح الطريق إلى تونس المستقبل التي تطمح إلى أن تكون دولة قوية اقتصاديا واجتماعيا ومنفتحة على العالم وماضية قدما في سياسة التعويل على الذات للحفاظ على سيادتها وكرامتها.

ولاحظت البوغديري أنه قبل الخوض في تفاصيل مشروع القانون المذكور، من الضروري التذكير بالسياق الذي تم إعداده فيه وهو سياق دولي يغلب عليه عدم اليقين بسبب توالي الأزمات العالمية من جائحة كورونا وتوترات جيوسياسية وتغيرات مناخية كانت لها تداعيات سلبية  واضحة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، فعلى المستوى الوطني ورغم تحسن المؤشرات مازالت وضعية المالية العمومية تشكو من صعوبات ومازال هامش التصرف في الميزانية ضعيف خاصة في ظل ارتفاع خدمة الدين العمومية.

سداد الديون

وأشارت وزيرة المالية إلى أن تونس قامت خلال السنة الجارية بتسديد خدمة دين بحوالي 25 مليار دينار وقالت إنه من المنتظر تسديد حوالي 24 فاصل 7 مليار دينار خلال سنة 2025 وذكرت أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 جاء ليواجه هذه التحديات بشكل واقعي وليضع استراتيجيات ملموسة لموازنة الأولويات الوطنية في حدود الإمكانيات المالية المتوفرة ولكن رغم كل هذه التحديات والصعوبات  تمكنت الدولة من الإيفاء بالتزاماتها المالية وواصلت إثبات قدرتها على الصمود تحت شعار التعويل على الذات وهو ما انعكس على تعزيز الجهود لتعبئة موارد ميزانية الدولة وترشيد النفقات وحسن التصرف في الموارد المتاحة وقد مكن ذلك من التحكم في عجز الميزانية حيث من المتوقع بحلول نهاية السنة الجارية أن لا يتجاوز العجز 6 فاصل 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبالإضافة إلى ذلك وعلى المستوى الاقتصادي شهدت العديد من القطاعات الحيوية تحسنا ملحوظا مثل السياحة والفلاحة كما تم في سنة 2024 استحثاث نسق كل المشاريع الإستراتيجية من خلال إرساء حوكمة جديدة لفض الإشكاليات المتعلقة بالمشاريع المعطلة مما ساعد في حلحلة عديد المشاريع التي تهم البنية التحتية والخدمات الأساسية للمواطن إضافة إلى المشاريع الإستراتجية التي تهم عديد قطاعات الإنتاج على غرار إنتاج الكهرباء والطاقات المتجددة وإنتاج الفسفاط ونقله وذكرت أنه تم بذل مجهود لمزيد تطوير مناخ الأعمال والنفاذ للتمويل والإدماج المالي والاقتصادي ويتواصل العمل على دعم المجهود التصديري وتموقع الصادرات التونسية في الأسواق العالمية وتعزيز موقع تونس كوجهة استثمار آمنة مستقرة ومناسبة وساهمت هذه الجهود في تحسين المؤشرات الاقتصادية خاصة ميزان الدفوعات واحتياطي العملة وهذا حسب رأيها  يعكس قدرة الدولة على التكيف مع الأزمات العالمية والمحلية.

وخلصت الوزيرة إلى أن مشروع قانون المالية يسعى للدولة الاجتماعية ويضع المواطن خاصة الفئات الضعيفة والمتوسطة في قلب الأولويات من خلال تحسين ظروف عيشه ودعم قدرته الشرائية وتقليص الفوارق الاقتصادية لتحقيق التنمية المستدامة.

أزمات غير مسبوقة

وتعقيبا على مداخلات النواب تطرقت وزيرة المالية إلى حجم المديونية وارتفاع الدين العمومي وخاصة بالنسبة للفترة المتراوحة بين 2021 و2024، وذكرت أن الجميع يعلم كيف تمت إدارة الشأن العام خلال العشرية التي سبقتها كما كانت هناك أزمات غير مسبوقة نتيجة الجائحة الصحية ثم الحرب الروسية الأوكرانية التي كانت لها تداعيات على الوضع الاقتصادي والاجتماعي وعلى التوازنات العامة في تونس حيث بلغ العجز مستويات قياسية قدر سنة 2020 بنسبة 9 فاصل 4 بالمائة، وسنة 2021 بنسبة 7 فاصل 6 بالمائة، وسنة 2022 بنسبة 7 فاصل 9 بالمائة، وشهدت موارد ميزانية الدولة تراجعا خلال سنة 2020 تجاوز 7 آلاف مليون دينار نتيجة الحجر الصحي، وبلغت نفقات الدعم مستويات قياسية نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية لتبلغ تلك التأثيرات 12 ألف مليون دينار وتواصلت هذه التداعيات إلى حد الآن وهو ما تطلب تعبئة موارد جبائية وغير جبائية استثنائية لحل هذا المشكل إضافة إلى تراكمات العشرية السابقة والتي اعتمدت سياسات أدت إلى تفاقم خدمة الدين العمومي لتبلغ  14 فاصل 8 مليار دينار سنة 2021  و14 فاصل 5 مليار دينار سنة 2022 و20 فاصل 8 مليار دينار سنة 2023 و25 مليار دينار سنة 2024، وعلى هذا الأساس فإن ارتفاع حجم المديونية خلال فترة 2021ـ 2024 يعود أساسا إلى انعكاسات الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية ومفعول سعر الصرف. وفسرت أن الزيادة بواحد في المائة في سعر الصرف تنجر عنها زيادة في حجم الدين بحوالي 640 مليون دينار، لكن رغم كل هذه الضغوطات تعمل الدولة على التقليص في العجز الأولي لتحسين النتائج الأولية للميزانية والتحكم في التداين العمومي لينخفض العجز الأولي من 6 فاصل 3 بالمائة من الناتج المحلي الخام في سنة 2020 إلى 3 فاصل 6 بالمائة سنة 2023 وإلى 2 فاصل 5 بالمائة سنة 2024 ومن المتوقع أن يبلغ سنة 2025 نحو 2 بالمائة. وذكرت أنه على المدى المتوسط أي بين 2025 و2027 من المتوقع أن تتقلص نسبة المديونية من 82 فاصل 23 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي سنة 2024 إلى 80 فاصل 46 بالمائة سنة 2025 ثم إلى 78 فاصل 74 بالمائة سنة 2026 ثم إلى 76 فاصل 39 بالمائة سنة 2027. وعبرت الوزيرة عن أملها في تحقيق هذه النسب من خلال تحسين النتيجة الأولية للميزانية والتحكم في كلفة فائدة الدين بما يسمح بالتخفيض التدريجي في عجز الميزانية من 6 فاصل 3 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام إلى 5 فاصل 5 بالمائة سنة 2025.وذكرت أن عجز الميزانية سيتقلص سنة 2026 إلى 4 فاصل 7 بالمائة وسنة 2027 إلى 3 فاصل 6 بالمائة ولكن بلوغ هذه الأرقام لا يمكن أن تكون إلا في إطار عدة مؤشرات منها نسبة النمو المرتقبة لسنة 2025 التي تم ضبطها في حدود 3 فاصل 2 بالمائة مع المحافظة على استقرار قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية والتوجه نحو الاعتماد على الاقتراض الداخلي والتقليص في حجم الدين الخارجي لتفادي تأثير أسعار الصرف، كما ستساهم هذه العوامل في تقليص حاجيات التمويل من 17 فاصل 1 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي سنة 2024 إلى 15 فاصل 4 بالمائة سنة 2025 وإلى 12 بالمائة سنة 2026 ثم إلى 10 بالمائة سنة 2027.

ضمان الدولة.. كتلة الأجور.. ترشيد النفقات

وإجابة على سؤال النائبة بسمة الهمامي حول منح ضمان الدولة لإبرام قروض الوارد في الفصل 11 من مشروع قانون المالية، بينت الوزيرة أنه يجب ضبط مبلغ أقصى لمنح ضمان الدولة وهذا المبلغ يكون مرخص فيه في قانون المالية، وفسرت أنه خلال سنة 2024 تم منح ضمان الدولة في حدود 8 آلاف مليون دينار وقد تم إسناد ضمانات وهناك وموافقات أولية ومبدئية على منح ضمان الدولة سيقع تفعيلها قبل نهاية هذه السنة وهي تتعلق بحصول بعض المؤسسات العمومية على تمويلات على غرار الشركة التونسية للكهرباء والغاز والديوان الوطني للتطهير وشركة نقل تونس ودواوين الزيت والحبوب والتجارة وكل المؤسسات العمومية التي لديها صعوبات على مستوى التمويل.

وتفاعلا مع النواب الذين تطرقوا إلى مسألة كتلة الأجور أشارت الوزيرة إلى أن تقديرات نفقات ميزانية الدولة لسنة 2025 تنبني أساسا على التحكم في كتلة الأجور والنزول بنسبتها بصفة تدريجية في علاقة بالناتج المحلي الإجمالي ونفت وجود توجه للتقليص في عدد الانتدابات، ولاحظت أهمية النفقات التي تم ترسيمها على مستوى  الأجور بالنسبة لميزانية 2025، إذ ستبلغ 13 فاصل 3 بالمائة من النتاج المحلي الإجمالي مقابل نفس النسبة سنة 2024 وهناك توجه على مستوى الدولة والحكومة لدعم التشغيل لذلك تضمن قانون المالية انتداب حوالي 21 ألفا و376 عونا جديدا بالوظيفة العمومية وهناك مواصلة لتسوية الوضعيات الهشة.

وأضافت أن الدولة تعمل على ترشيد مختلف النفقات وأن أغلب نفقات الميزانية سجلت ارتفاعا مقارنة مع النتائج المنتظرة لسنة 2024 وتوجد جهود لترشيد نفقات تسيير الإدارة والنفقات المتعلقة ببعض المهام أو النفقات التي يمكن التقليص فيها لكن عندما يتم الحديث عن ارتفاع طفيف في النفقات فهو مرتبط بالتدخلات الاجتماعية والإجراءات التي قامت بها الدولة على هذا المستوى وكذلك على مستوى النفقات ذات الصبغة التنموية التي سجلت ارتفاعا.

وذكرت الوزيرة بأن نفقات التدخلات ذات الصبغة الاجتماعية بلغت 3799 مليار أي بزيادة قدرها 6 فاصل 4 بالمائة منها 1734 مليار بعنوان النهوض بالفئات محدودة الدخل، وسجلت نفقات دعم المواد الأساسية زيادة بنحو 5 فاصل 8 بالمائة، وبلغت نفقات التنمية 10615 مليار مسجلة زيادة بالمقارنة مع النتائج المنتظرة على امتداد كامل السنة الحالية. وأشارت إلى أن هناك من النواب من تحدث عن غياب آليات المراقبة على النفقات العمومية لكن هذه الأخيرة تخضع إلى رقابة قبلية، ورقابة متزامنة، ورقابة لاحقة وعددت الوزيرة تدخلات الهياكل الرقابية في هذا المجال.

وردا على ملاحظة توجه بها أحد النواب حول سبب التخفيض في الاعتمادات المخصصة للبرنامج الجهوي للتنمية ذكرت الوزيرة أن ذلك يعود إلى ضعف استهلاك الموارد المرصودة والمرسمة من قبل بعض الولايات لعدم تقديم طلبات لفتح الاعتمادات حسب الصيغة المعمول بها خاصة مصادقة المجلس الجهوي على مقترحات المشاريع..

وإجابة على أسئلة أخرى أشارت البوغديري إلى أنه في علاقة بالموارد والنفقات وخدمة الدين فإن الدولة الآن تعمل على الموارد غير الجبائية، ففي إطار سياسة التعويل على الذات ودعم الموارد الذاتية للميزانية قامت الدولة بتكثيف المجهودات للرفع من تعبئة الموارد غير الجبائية، وقد كان هذا الموضوع محل جلسة عمل وزارية تم خلالها التأكيد على دعم جهود مختلف الهياكل العمومية من أجل العمل على استخلاص المحاصيل غير الجبائية الموجودة والمستوجبة لفائدة الدولة كما كانت هناك توصيات مهمة جدا للعمل في هذا الإطار وستكون النتائج التي سيتم التوصل إليها خير دليل على هذا التوجه الذي سيتم انتهاجه خلال سنة 2025. وبينت أنه خلال الأسبوع الماضي كانت هناك على مستوى رئاسة الجمهورية والحكومة توصيات بخصوص الأملاك المصادرة وعبرت عن أملها في أن يتم خلال السنة القادمة جمع موارد لفائدة ميزانية الدولة في إطار حوكمة هذه الأملاك وإعادة النظر في كيفية التعاطي مع هذا الملف الهام.

تحفيز الاستثمار

وإجابة على استفسارات تمحورت حول الجباية من قبيل حديث بعض النواب عن عدم وجود إجراءات لتحفيز الاستثمار، بينت الوزيرة سهام البوغديري أن التشريع التونسي فيه منظومة للتحفيز على الاستثمار والنصوص المتعلقة بالحوافز الجبائية عديدة وكثيرة لكن المشكل أحيانا يتمثل في عدم النفاذ للتمويل وفي وجود عراقيل أخرى وفسرت أنه بالنظر إلى المؤشرات المتعلقة بالتشجيع على الاستثمار نجد التحفيز الجبائي مهم لكن هناك مؤشرات أخرى تتعلق بالاستقرار السياسي والاجتماعي وتوفر اليد العاملة المؤهلة إلى جانب البنية التحتية والاتصالات فعند توفر هذه الجوانب مع الإدارة والجانبين المالي والجبائي يمكن التحفيز على الاستثمار. وقالت إن مشروع قانون المالية لسنة 2025 تضمن محورا خاصا يتعلق بتمويل المؤسسات وتشجيع الاستثمار وإجراءات لفائدة الاستثمار ودعم الإدماج المالي للمؤسسات وهناك خطوط تمويل لفائدة  المؤسسات الصغرى والمتوسطة كما خصصت آليات الضمان التي وفرتها الدولة للوقوف إلى جانب هذه المؤسسات لتمكينها من النفاذ إلى التمويل، فالدولة علاوة على خطوط التمويل التي تعمل على توفيرها، تتدخل في مسألة الضمان ومكنت المؤسسات من آليات ضمان تخول لها التوجه للقطاع البنكي للحصول على قروض. وقالت إنه إضافة إلى ما أسلفت ذكره سيتواصل بمقتضى مشروع قانون المالية لسنة 2025 دعم الشركات الأهلية وقد واجهت هذه الشركات عراقيل تم تدارسها في مجالس وزارية ووقع حل العديد منها وستتم العمل على مواصلة إيجاد حلول لهذه الشركات لكي تدخل في الدورة الاقتصادية وتكون ضمن المقومات التي ستنشط الاستثمار.

امتيازات جبائية

وبينت الوزيرة سهام البوغديري تعقيبا على مداخلات النواب حول الامتيازات الجبائية المنصوص عليها في مشروع قانون المالية لسنة 2025 لإعادة الهيكلة المالية للمؤسسات، أن الهدف من إسناد تلك الامتيازات على مستوى الإحداث أو التوسعة والتجديد هو تحفيز الاستثمار. وفسرت أنه كان لا بد من تدخل تشريعي في إطار قانون المالية لأن إعادة الهيكلة المالية لا تصنف ضمن عمليات الاستثمار على معنى مجلة الاستثمار لكنه إجراء تم العمل به في السابق بطلب من المؤسسات المعنية والجهات المتدخلة حيث تم التمديد في هذا الإجراء المتعلق بإعادة الهيكلة المالية لتمكين المؤسسات التي أعادت استثمار مداخيلها وأرباحها من دخول طور النشاط الفعلي.

إدماج الاقتصاد الموازي

وفي علاقة بموضوع الاقتصاد الموازي ومطلب نواب الشعب بإدماجه بينت البوغديري أن هذا الموضوع مهم جدا ويندرج في إطار توسيع مجال تطبيق الضريبة وفي إطار سياسة التعويل على الذات لأنه في صورة إدخال الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية فسيساهم في النمو وتحسين موارد الدولة على غرار المداخيل غير الجبائية، وأكدت أن الدولة منحت الأولية لمعالجة هذا الملف، وهناك لجنة قيادة انكبت على دراسته وهناك دراسة شاملة انطلقت خلال السنة الجارية وسيتم في الأيام القادمة تقديم مخرجاتها حيث خلصت الدراسة إلى عدة مقترحات تتطلب تدخلا تشريعيا ومقترحات تتطلب تدخلا ميدانيا وفسرت أن مسألة الاقتصاد الموازي والمشاكل التي تحيط بهذه الظاهرة ليست جبائية فقط بل تتعلق بكل الجوانب، وذكرت أن هذا التحدي هو تحد تجابهه الدولة ككل وليس وزارة المالية فقط، وأكدت أن مختلف الوزارات تعمل على مكافحة هذه الظاهرة.

المبادر الذاتي

وبخصوص منظومة المبادر الذاتي التي كانت موضوع عدة جلسات وزارية وإجراءات جبائية تحفيزية في مشروع قانون المالية، بينت وزيرة المالية أنه تم توسيع مجال تدخلات المبادر الذاتي ليشمل المؤسسات التي تشتغل على خدمات المعرفة والابتكار وهو ما سيستوعب جميع الناشطين الذين يريدون منظومة سلسة خالية من الأعباء الجبائية وستمكنهم منظومة المبادر الذاتي من الانخراط في إطار شفاف وستساعدهم على الانتفاع بالحماية الاجتماعية.

جدول الضريبة

وإجابة على سؤال حول مراجعة جدول الضريبة في إطار أحد فصول مشروع قانون المالية بينت أن هناك من قال إن 54 بالمائة من الأشخاص الطبيعيين يحققون دخلا يقل عن 5 آلاف دينار وهذا غير صحيح ويجب تفنيد مثل هذه المعطيات المغلوطة وفسرت أن مبلغ الدخل الصافي الذي يتم اعتماده لاحتساب الضريبة ليس له أي علاقة بمبلغ الدخل الذي يتقاضاه الشخص الطبيعي في يديه، فالدخل الصافي يخضع إلى الضريبة بعد أن يتم طرح المساهمات الاجتماعية والمصاريف المهنية لكل الأشخاص الطبيعيين الذين يخضعون للضريبة على الدخل حسب جدول الضريبة من تجار ومسدي خدمات وصناعيين وأصحاب مهن حرة وأجراء ومتقاعدين وكل من لديهم مداخيل عقارية أي كل الأصناف التي تخضع لجدول الضريبة وبعد طرح التخفيضات المتعلقة بالضريبة على الدخل والمتعلقة خاصة بالحالة الاجتماعية والأعباء العائلية وبالتالي الأشخاص الطبيعيين المرسمين في بيانات وزارة المالية المعنيين بالضريبة هم في حدود 3 ملايين شخص يصرحون بدخل جبائي بعد كل تلك الطروحات وتلك التخفيضات فهؤلاء هم الذين يصرحون بالدخل. وتعقيبا على النواب الذين اقترحوا إدخال تعديلا على جدول الضريبة قالت انه سيتم التطرق إلى هذا الأمر عند مناقشة فصول المشروع.

ضرائب الجمعيات

عن سؤال حول الضرائب المطبقة والمستوجبة على الجمعيات، أجابت وزيرة المالية أنه يوجد إطار قانوني يتعلق بالجمعيات، وبينت أن الجمعيات التي تنشط طبقا للتشريع المتعلق بها في إطار المهام ذات البعد الإنساني والاجتماعي وكل الأهداف النبيلة التي تعمل من أجلها موجودة خارج ميدان تطبيق الضريبة على الدخل، وبالتالي ليست لديها جباية خاصة بها لكن في قانون المالية لسنة 2019 تم وضع إجراء يتعلق بإلزام كل الجمعيات بإيداع تصريح في الوجود لأن الجمعيات لديها أجراء تقوم بخلاصهم ولديها أكرية ومصاريف وكل تلك المبالغ تخضع لآلية الخصم من المورد، ولتمكين تلك الجمعيات من القيام بدورها كمدين بهذه المبالغ فان الجمعية تقوم بالخصم من المورد وتدفعه للخزينة أما الجمعيات التي لا تعمل في إطار نشاطها بل تعمل في إطار تجاري فإنها تفقد صبغتها وعند ذلك يقع إخضاعها للضريبة.

 

العقارات المبنية

وبخصوص العقارات المعدة للسكن ودعوة بعض النواب لمراجعة نسبة الأداء على القيمة المضافة، قالت الوزيرة إن قانون المالية لم يتضمن إجراء يتعلق بالأداء على القيمة المضافة على العقارات المعدة للسكن لكن بما أن الإجراء محدود في الزمن فيتم استيفاء التاريخ الأقصى.

وذكرت أن هناك بعض الاقتراحات المتعلقة بتطبيق نسب ضريبة دنيا على مثل هذه العمليات لكن بأمور علمية وفنية فان هذه العمليات لا يمكن أن تسجل إلا فوائض أداء على القيمة المضافة وقد بلغت تلك الفوائض قرابة  734 مليار. وفسرت أن اعتماد نسبة منخفضة لا يؤدي إلا إلى تعميق هذا الفائض، وذكرت أن أكثر المشاكل المتعلقة بالعقارات المعدة للسكن مردها تأجيل التمويل وهوامش الربح التي يعتمدها الناشطون في هذا المجال من الباعثين العقاريين، وأشارت إلى ضرورة العمل في نفس الوقت على هوامش الربح وتيسير النفاذ للتمويل وذلك بهدف المساعدة على تقليص كلفة اقتناء العقارات المعدة للسكن.

إجراءات بيئية

وردا على مداخلات النواب حول مدى استجابة مشروع قانون المالية للتحديات البيئية ذكرت الوزيرة سهام البوغديري أن هذا المشروع تضمن إجراء تعلق بتوسيع مجال تدخل صندوق مقاومة التلوث ليشمل تمويل الاستثمارات في مجال الاقتصاد الدائري والأخضر والأزرق وتم تخصيص مبلغ 20 مليون دينار من موارد الصندوق كخط تمويل لإسناد قروض متوسطة المدى بشروط ميسرة لفائدة الباعثين الشبان والمؤسسات لتمويل إحداث وتوسيع مشاريع في مجال الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري.

تعدد النصوص

وتعقيبا على النواب الذين طالبوا بتجميع النصوص الجبائية في مجلة موحدة لضمان مقروئيتها، أكدت وزيرة المالية أن الوزارة اشتغلت عليها في إطار برنامج شامل لإصلاح المنظومة الجبائية وتوصلت إلى صيغة أولية تتعلق بالمجلة الموحدة للأداءات وعبرت عن أملها في تقديمها في إطار إصلاح يهدف إلى تجميع النصوص الجبائية، وذكرت أن المشروع لم تشتغل عليه وزارة المالية فحسب بل تم ذلك بمعية عدة أطراف منها رئاسة الحكومة ووزارة العدل وبينت أنه عند استكمال النظر في هذا المشروع سيتم استكمال بقية إجراءات دخول هذه المجلة حيز النفاذ.

وإجابة على أسئلة حول محدودية الإجراءات المنصوص عليها في مشروع قانون المالية  لفائدة الفلاحين والقطاع الفلاحي، بينت البوغديري أن المشروع تضمن مقترحا بكلفة جملية قدرها 63 مليار تمتد على 4 سنوات ويشمل هذا البرنامج دعم اقتناء الأراخي العشار وذلك في حدود 4 آلاف رأس كل سنة ويمكن الترفيع في العدد إلى 5 آلاف رأس كما ستتكفل الدولة بالفوائد الموظفة على القروض التي سيحصل عليها مربو الأبقار والتي تبلغ كلفتها في ميزانية الدولة 23 مليارا خلال كامل فترة التدخل، ويأتي هذا الإجراء في إطار مقاربة شاملة للنهوض بمنظومة الألبان والمحافظة على توازن هذه المنظومة، وهناك تدخلات أخرى من قبل الدولة تتعلق بمنظومة الأعلاف وتوفيرها بأسعار تفاضلية حيث تم إحداث ديوان وطني للأعلاف منذ جانفي الماضي وتم تخصيص 50 مليارا لهذا الديوان سنة 2024 وسيتم تخصيص أكثر من 52 مليون دينار على ميزانية 2025 لفائدته، وتم التوسيع في مساحات إنتاج الأعلاف.  وعلاوة على هذه التشجيعات فيمكن للفلاح المعني بإجراء مساندة صغار مربي الأبقار الجمع بين هذه المنحة الاستثنائية والمنحة المرصودة لتحفيز الاستثمار والتي يمكن أن تبلغ 30 بالمائة. وفسرت أن التمويل الذاتي الذي يمكن أن يتحصل عليه الفلاح والذي تقع تغطيته من قبل الدولة يمكن أن يصل إلى نسبة خمسين بالمائة من التمويل.

دعم الأعلاف

وتفاعلا مع طلب دعم الفلاح ودعم منظومة الأعلاف ذكرت أن قيمة دعم الأعلاف تبلغ سنويا قرابة 500 مليون دينار. وأضافت الوزيرة أنه يتم أيضا دعم البذور الممتازة من قبل ميزانية الدولة، وبخصوص صندوق الجوائح للتعويض عن الأضرار الفلاحية بينت أن هذا الصندوق يهدف إلى إعادة الفلاح للدورة الاقتصادية من خلال تمكينه من تعويضات لوفير مستلزمات الإنتاج من بذور وأدوية وأسمدة وذكرت أن الصندوق تولى في الفترة بين 2022 و2023 إسناد تعويضات وهو يواصل إسناد التعويضات للفلاحين الذين تكبدوا أضرارا ثابتة.

وتعقيبا على النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي عبد الرزاق عويدات الذي تساءل عن سبب الاقتصار على نقل العاملات الفلاحيات فقط بينت وزيرة المالية أن الامتياز المتعلق بالإعفاء من معاليم الجولان بعنوان النقل الفلاحي يتعلق بنقل جميع العملة الفلاحيين وهو امتياز تم منحه للأشخاص الذين يقومون بنقل هؤلاء العملة نساء ورجالا.

تصويت مجلس نواب الشعب

وإثر الاستماع إلى وزيرة المالية تم رفع الجلسة العامة، ثم تم استئناف أشغالها مساء أمس بحضور أعضاء مجلس نواب الشعب فقط وتم الشروع في التصويت على مشروع قانون المالية من قبلهم وفقا لمقتضيات القانون الأساسي للميزانية وللمرسوم المتعلق بالعلاقة بين الغرفتين النيابيتين والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب. وذكّر رئيس المجلس إبراهيم بودربالة النواب بإجراءات التصويت على هذا المشروع، ثم صادق النواب في مرحلة أولى على عنوان المشروع وإثر ذلك صادقوا على المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة أي الاعتمادات المرصودة لكل من مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومختلف الوزارات وهيئة الانتخابات والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء ومحكمة المحاسبات، وكذلك المحكمة الدستورية التي بلغت الاعتمادات المخصصة لها لا شيء. وقبل المرور للتصويت على فصول مشروع قانون المالية فصلا فصلا، ونظرا لمطالبة بعض النواب بتعديل عدد من الفصول طلبت وزيرة المالية رفع الجلسة العامة للنظر في تلك المقترحات لما لها من تأثير على توازنات الميزانية وعلى محتوى المشروع.

سعيدة بوهلال