إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في روضة الشابي بتوزر.. *تتويج التونسي عبد المجيد الشرفي واللبناني شربل داغر

 

*بعث "الجائزة التقديرية للفكر" لأول مرة

*فسيفساء إبداعية واحتفاء بأشعار الشابي

محسن بن أحمد

توزر – الصباح

توزر، مدينة النخيل والتمور والشعر، أميرة الجريد التونسي، كانت مساء السبت على موعد مع حدث إبداعي شعري ببُعده العربي. حدث في حضرة شاعر "إرادة الحياة" الخالد، أبو القاسم الشابي، وفي روضته ذات الهندسة العربية الإسلامية العريقة. كان اللقاء بين أحضان خيمة ضخمة بيضاء اللون، اجتمع فيها الأدباء والمثقفون وأنصار الإبداع الشعري ومريدوه للاحتفاء وتكريم رواد برزوا بقصائدهم التي مثلت إضافة هامة ومعتبرة في المدونة الشعرية العربية.

لقاء احتفاء بالشاعر فوق النسيان، أبو القاسم الشابي، الذي خصص له "البنك التونسي" جائزة سنوية تحمل اسمه.

وقد اختار المشرفون الاحتفال بتقديم هذه الجائزة في رحاب روضة الشابي بتوزر تزامنًا مع مرور 140 سنة على تأسيس هذه المؤسسة البنكية، وفي ذلك أكثر من معنى ومغزى.

وأشاد السيد هشام الربيعي، الرئيس المدير العام للبنك التونسي، في افتتاح هذا اللقاء بعراقة جائزة أبو القاسم الشابي التي ينظمها البنك منذ أربعين سنة دعما للعمل الثقافي، والتي تتزامن هذه السنة مع الذكرى التسعين لوفاة الشاعر أبو القاسم الشابي. وأشار مدير ديوان وزيرة الشؤون الثقافية، أنيس خناش، بنفس المناسبة إلى أن هذه الجائزة تعد تكريما لإنجازات الأدباء، معتبرا تنظيم المسابقة في دورتها الثلاثين بمسقط رأس الشابي أمرًا بالغ الرمزية، لاسيما وأنها تتزامن مع إحياء الذكرى التسعين لوفاته.

*فسيفساء إبداعية

عرف الحفل قبل الإعلان عن الشاعر المتوج بجائزة الشابي للشعر محطات متنوعة، هي عبارة عن فسيفساء إبداعية كان الشعر ركيزتها الأساسية من خلال العديد من القصائد لشاعر تونس والوطن العربي الخالد، أبو القاسم الشابي، مغناة بأصوات تونسية وعربية. كما جسد تلاميذ المرحلة الابتدائية (السنة الرابعة) بالمدرسة الابتدائية حي المطار بتوزر بعض قصائد الشابي في مشاهد مسرحية تحت عنوان "صدقت أبا القاسم"، وكانوا محل إعجاب الحاضرين.

تم أيضًا تكريم عدد من الشعراء والكتّاب والمهتمين بالشأن الثقافي بدرجة أولى، وهم: الشاعرة جميلة الماجري الفائزة بجائزة الشابي للشعر سنة 2006 لتكون بذلك الشاعرة المرأة الوحيدة التي تفوز بهذه الجائزة إلى اليوم؛ الرسامة التشكيلية عائشة الفيلالي؛ الدكتور عبد المجيد البكري؛ الدكتور وأستاذ الأدب العربي بجامعة أوكسفورد البريطانية، محمد صالح عمري؛ الشاعر والكاتب محمد بوحوش؛ الشاعر محمد شاكر بن ضية؛ المخرج والممثل المسرحي محمد كوكة؛ والكاتبة رانية العابد.

*الجائزة التقديرية للفكر لأول مرة

عرف هذا اللقاء الأدبي الكبير الإعلان لأول مرة عن تعزيز جائزة "الشابي" للشعر بجائزة ثانية، وهي "الجائزة التقديرية للفكر"، والتي تم إسنادها للدكتور عبد المجيد الشرفي، رئيس مؤسسة "بيت الحكمة" سابقًا، تقديرًا لمشروعه الفكري الحداثي وعقلانية قراءته لمنجز الحداثة وأسئلتها وقضاياها في الفضاء العربي الإسلامي خاصة، والفضاء العربي عامة، كما ورد ذلك في تقرير لجنة التحكيم. وما لفت الانتباه أن الدكتور عبد المجيد الشرفي أبدى مفاجأته، إذ لم يكن يتوقع الجائزة، وظهر ذلك جليًا في كلمته المرتجلة القصيرة التي توجه فيها بالتحية إلى منظمي هذه الجائزة، مبرزًا أهمية الاحتفال بالفكر والأدب في هذا الزمن الصعب.

*تتويج "النثر يغتسل بنهره"

وأعلن الدكتور المنصف الوهايبي، رئيس لجنة تحكيم جائزة الشابي للشعر، عن منح الجائزة للشاعر اللبناني شربل داغر عن ديوانه "النثر يغتسل بنهره"، والصادر عن "خطوط وظلال للنشر والتوزيع" بالأردن. كما جاء في تقرير لجنة التحكيم: "لتميز هذا الكتاب واختلافه عن الكثير من السائد في قصيدة النثر، ولثرائه الشعري والمعرفي، لغة حية وبنية محكمة، وصورة مركبة، وكتابة موقعة متعددة مشرعة على الأجناس الأدبية والفنية". علماً أن لجنة تحكيم الجائزة، إلى جانب رئيسها الشاعر الدكتور المنصف الوهايبي، ضمت في عضويتها الأساتذة والدكاترة شيراز دردور، وناسة النصراوي، وحاتم الفطناسي، وعمر حفيظ.

وفي كلمته بعد تسلم الجائزة، قال الشاعر اللبناني شربل داغر:

"...ترشحتُ لأكثر من جائزة عربية، وفزتُ بأكثر من جائزة عربية. إلا أنني لم أترشح لأي جائزة خاصة بالشعر، لعلمي بأن جوائز عربية مرموقة لم تُمنح مرة واحدة لشاعر يكتب القصيدة بالنثر، إلا لمحمد الماغوط عشية وفاته. وهذا جعلني أتردد في الترشح لجائزة أبي القاسم الشابي، قبل أن أُقدِم على ذلك في الأيام الأخيرة من الفترة القانونية لقبول الترشحات.

أما أسباب ترشحي فكانت أولاً لكون هذه الجائزة تقترن باسم شاعر لا يزال، على الرغم من وفاته الباكرة، يلمع في سماء الشعر، بنبرته الحيوية، وخياله المتوقد، وفكره المتمرد.

أما السبب الثاني، فعاد إلى كون الجائزة تصدر منذ نشأتها قبل أربعين عامًا عن مصرف، عن "البنك التونسي"، الذي طلب اقتران اسمه بالأدب العربي، شعراً ورواية، للتونسيين كما للعرب، وهذا مدعاة للاعتزاز بنهجه الراعي لثمار الأدب العربي المخضلة في أشجارها.

أما السبب الثالث، فعاد إلى معرفتي بكون الجائزة تصدر عن لجنة تحكيمية مستقلة وأكاديمية، يترأسها في هذه الدورة شاعر مرموق ودارس قدير للشعر العربي، في قديمه وحديثه: الدكتور الشاعر المنصف الوهايبي.

هذه الأسباب التي ذكرتها تتحول إلى مصدر اعتزازٍ وتشرُّفٍ إذ أفوز بجائزة الشابي. وهو اعتزازٌ وتشرفٌ مزيدان لكوني تباريتُ مع شعراء كثر (كما جرى ذكره)، ولا سيما مع شاعرين في القائمة القصيرة، شاعران، أَعرفُ وأقدرُ شعرهما منذ وقت، وهما الشاعرة مها العتوم من الأردن، والشاعر حافظ محفوظ من تونس. لذلك قلتُ، وأستعيد القول: أكتبُ كما لم أكن، ولن أكون."

في روضة الشابي بتوزر..   *تتويج التونسي عبد المجيد الشرفي واللبناني شربل داغر

 

*بعث "الجائزة التقديرية للفكر" لأول مرة

*فسيفساء إبداعية واحتفاء بأشعار الشابي

محسن بن أحمد

توزر – الصباح

توزر، مدينة النخيل والتمور والشعر، أميرة الجريد التونسي، كانت مساء السبت على موعد مع حدث إبداعي شعري ببُعده العربي. حدث في حضرة شاعر "إرادة الحياة" الخالد، أبو القاسم الشابي، وفي روضته ذات الهندسة العربية الإسلامية العريقة. كان اللقاء بين أحضان خيمة ضخمة بيضاء اللون، اجتمع فيها الأدباء والمثقفون وأنصار الإبداع الشعري ومريدوه للاحتفاء وتكريم رواد برزوا بقصائدهم التي مثلت إضافة هامة ومعتبرة في المدونة الشعرية العربية.

لقاء احتفاء بالشاعر فوق النسيان، أبو القاسم الشابي، الذي خصص له "البنك التونسي" جائزة سنوية تحمل اسمه.

وقد اختار المشرفون الاحتفال بتقديم هذه الجائزة في رحاب روضة الشابي بتوزر تزامنًا مع مرور 140 سنة على تأسيس هذه المؤسسة البنكية، وفي ذلك أكثر من معنى ومغزى.

وأشاد السيد هشام الربيعي، الرئيس المدير العام للبنك التونسي، في افتتاح هذا اللقاء بعراقة جائزة أبو القاسم الشابي التي ينظمها البنك منذ أربعين سنة دعما للعمل الثقافي، والتي تتزامن هذه السنة مع الذكرى التسعين لوفاة الشاعر أبو القاسم الشابي. وأشار مدير ديوان وزيرة الشؤون الثقافية، أنيس خناش، بنفس المناسبة إلى أن هذه الجائزة تعد تكريما لإنجازات الأدباء، معتبرا تنظيم المسابقة في دورتها الثلاثين بمسقط رأس الشابي أمرًا بالغ الرمزية، لاسيما وأنها تتزامن مع إحياء الذكرى التسعين لوفاته.

*فسيفساء إبداعية

عرف الحفل قبل الإعلان عن الشاعر المتوج بجائزة الشابي للشعر محطات متنوعة، هي عبارة عن فسيفساء إبداعية كان الشعر ركيزتها الأساسية من خلال العديد من القصائد لشاعر تونس والوطن العربي الخالد، أبو القاسم الشابي، مغناة بأصوات تونسية وعربية. كما جسد تلاميذ المرحلة الابتدائية (السنة الرابعة) بالمدرسة الابتدائية حي المطار بتوزر بعض قصائد الشابي في مشاهد مسرحية تحت عنوان "صدقت أبا القاسم"، وكانوا محل إعجاب الحاضرين.

تم أيضًا تكريم عدد من الشعراء والكتّاب والمهتمين بالشأن الثقافي بدرجة أولى، وهم: الشاعرة جميلة الماجري الفائزة بجائزة الشابي للشعر سنة 2006 لتكون بذلك الشاعرة المرأة الوحيدة التي تفوز بهذه الجائزة إلى اليوم؛ الرسامة التشكيلية عائشة الفيلالي؛ الدكتور عبد المجيد البكري؛ الدكتور وأستاذ الأدب العربي بجامعة أوكسفورد البريطانية، محمد صالح عمري؛ الشاعر والكاتب محمد بوحوش؛ الشاعر محمد شاكر بن ضية؛ المخرج والممثل المسرحي محمد كوكة؛ والكاتبة رانية العابد.

*الجائزة التقديرية للفكر لأول مرة

عرف هذا اللقاء الأدبي الكبير الإعلان لأول مرة عن تعزيز جائزة "الشابي" للشعر بجائزة ثانية، وهي "الجائزة التقديرية للفكر"، والتي تم إسنادها للدكتور عبد المجيد الشرفي، رئيس مؤسسة "بيت الحكمة" سابقًا، تقديرًا لمشروعه الفكري الحداثي وعقلانية قراءته لمنجز الحداثة وأسئلتها وقضاياها في الفضاء العربي الإسلامي خاصة، والفضاء العربي عامة، كما ورد ذلك في تقرير لجنة التحكيم. وما لفت الانتباه أن الدكتور عبد المجيد الشرفي أبدى مفاجأته، إذ لم يكن يتوقع الجائزة، وظهر ذلك جليًا في كلمته المرتجلة القصيرة التي توجه فيها بالتحية إلى منظمي هذه الجائزة، مبرزًا أهمية الاحتفال بالفكر والأدب في هذا الزمن الصعب.

*تتويج "النثر يغتسل بنهره"

وأعلن الدكتور المنصف الوهايبي، رئيس لجنة تحكيم جائزة الشابي للشعر، عن منح الجائزة للشاعر اللبناني شربل داغر عن ديوانه "النثر يغتسل بنهره"، والصادر عن "خطوط وظلال للنشر والتوزيع" بالأردن. كما جاء في تقرير لجنة التحكيم: "لتميز هذا الكتاب واختلافه عن الكثير من السائد في قصيدة النثر، ولثرائه الشعري والمعرفي، لغة حية وبنية محكمة، وصورة مركبة، وكتابة موقعة متعددة مشرعة على الأجناس الأدبية والفنية". علماً أن لجنة تحكيم الجائزة، إلى جانب رئيسها الشاعر الدكتور المنصف الوهايبي، ضمت في عضويتها الأساتذة والدكاترة شيراز دردور، وناسة النصراوي، وحاتم الفطناسي، وعمر حفيظ.

وفي كلمته بعد تسلم الجائزة، قال الشاعر اللبناني شربل داغر:

"...ترشحتُ لأكثر من جائزة عربية، وفزتُ بأكثر من جائزة عربية. إلا أنني لم أترشح لأي جائزة خاصة بالشعر، لعلمي بأن جوائز عربية مرموقة لم تُمنح مرة واحدة لشاعر يكتب القصيدة بالنثر، إلا لمحمد الماغوط عشية وفاته. وهذا جعلني أتردد في الترشح لجائزة أبي القاسم الشابي، قبل أن أُقدِم على ذلك في الأيام الأخيرة من الفترة القانونية لقبول الترشحات.

أما أسباب ترشحي فكانت أولاً لكون هذه الجائزة تقترن باسم شاعر لا يزال، على الرغم من وفاته الباكرة، يلمع في سماء الشعر، بنبرته الحيوية، وخياله المتوقد، وفكره المتمرد.

أما السبب الثاني، فعاد إلى كون الجائزة تصدر منذ نشأتها قبل أربعين عامًا عن مصرف، عن "البنك التونسي"، الذي طلب اقتران اسمه بالأدب العربي، شعراً ورواية، للتونسيين كما للعرب، وهذا مدعاة للاعتزاز بنهجه الراعي لثمار الأدب العربي المخضلة في أشجارها.

أما السبب الثالث، فعاد إلى معرفتي بكون الجائزة تصدر عن لجنة تحكيمية مستقلة وأكاديمية، يترأسها في هذه الدورة شاعر مرموق ودارس قدير للشعر العربي، في قديمه وحديثه: الدكتور الشاعر المنصف الوهايبي.

هذه الأسباب التي ذكرتها تتحول إلى مصدر اعتزازٍ وتشرُّفٍ إذ أفوز بجائزة الشابي. وهو اعتزازٌ وتشرفٌ مزيدان لكوني تباريتُ مع شعراء كثر (كما جرى ذكره)، ولا سيما مع شاعرين في القائمة القصيرة، شاعران، أَعرفُ وأقدرُ شعرهما منذ وقت، وهما الشاعرة مها العتوم من الأردن، والشاعر حافظ محفوظ من تونس. لذلك قلتُ، وأستعيد القول: أكتبُ كما لم أكن، ولن أكون."