إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد مطالبة الاتحاد الأوروبي تونس بتقديم "أحكام حضورية".. هل يكون الصلح الجزائي المدخل الوحيد لاسترجاع الأموال المنهوبة؟

 

تونس-الصباح

في لقاء وزير الشّؤون الخارجيّة والهجرة والتّونسيّين بالخارج، محمد علي النفطي، الأربعاء الماضي "فانسنزو ماسكيولي" الذي يترأس الوفد السويسري في أشغال الاجتماع الثاني عشر للجنة متابعة تنفيذ الشراكة التونسية -السويسرية في مجال الهجرة، لم يتم، وفق بلاغ اللقاء، التطرق أو الإشارة إلى مسألة التعاون في ملف استرجاع الأموال المنهوبة على غير العادة. لا سيما وأن أغلب لقاءات المسؤولين التونسيين في السنوات الأخيرة مع نظرائهم السويسريين كانت تتضمن بالضرورة الإشارة من قريب أو من بعيد لموضوع الأموال المنهوبة.

ففي ماي الفارط وعند استقبال وزيرة العدل ليلى جفـال للمستشار الفدرالي ووزير العدل السويسري بيت جانز (Beat Jans) والوفد المرافق له بحضور سفير سويسرا بتونس (Josef Renggli) تناول اللقاء بالخصوص ملف استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج سواء قبل سنة 2011 أو ما بعدها. كما "تم تجديد التأكيد على مواصلة المساعي القضائية والدبلوماسية واتخاذ الخطوات القانونية اللازمة لاسترجاع الأموال المنهوبة وعدم التفريط في أي مليم من أموال الشعب التونسي"، وفق بلاغ الوزارة.

والملاحظ عموما أن زخم التصريحات واللقاءات والاهتمام بملف استرجاع الأموال المنهوبة سواء في لقاءات رئيس الجمهورية أو في التناول الإعلامي للمسألة تراجع في الفترة الأخيرة.

فتور

ولعل هذا "الفتور" مرتبط بجملة القرارات غير المنصفة لتونس ولحقها في استرجاع الأموال المنهوبة بالخارج على اثر رفع التجميد المتواصل على الأموال التونسية المنهوبة، وآخرها قرار الاتحاد الأوروبي في أكتوبر الفارط برفع تجميد أموال كل من حسام الطرابلسي، ومعز الطرابلسي، شقيقا ليلى بن علي، حرم الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي.

يذكر أيضا أنه مطلع العام الحالي قرّر مجلس الاتحاد الأوروبي، حذف أسماء عدد من أفراد عائلة بن علي من قائمة التونسيين المشمولين بإجراءات تقييدية ومنها تجميد أموالهم وأملاكهم. وشمل القرار ابنتي الرئيس السابق، سيرين ودرصاف بن علي، بالإضافة إلى سميرة الطرابلسي شقيقة زوجة بن علي.

قبل ذلك وفي 2022 اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا مماثلا يقضى برفع التجميد عن أموال سبعة أفراد من عائلة بن علي.

إقرار بالصعوبات والعراقيل

أقرت مصادر رسمية مؤخرا بصعوبة التعاطي مع ملف استرجاع الأموال المنهوبة وهي تلتقي في هذا التقييم مع تقييمات سابقة لعدد من المختصين أكدوا في أكثر من مناسبة بصعوبة توصل لجنة استرجاع الأموال المنهوبة لتحقيق نتائج إيجابية رغم توفر الإرادة السياسية واعتبار الملف أولوية لدى رئيس الجمهورية قيس سعيد.

وفي هذا الصدد أكد وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية السابق محمد الرقيق، وجود صعوبة في استرجاع الأموال المنهوبة بسبب الشروط التعجيزية التي تضعها العديد من الدول، وصرح في ماي الفارط بـ"عدم تعاون العديد من الدول مع تونس في ملف الأموال المنهوبة، مبينا أن هذه الأموال قيمتها كبيرة ولا يمكن حصرها خاصة وأنها تتعلق بأملاك عقارية وأموال منقولة".

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي "يُطالب الدولة التونسية بتقديم أحكام حضورية وهو أمر صعب لأن المعنيين بالملف والذين هم محل تتبع أغلبهم فارون خارج حدود الوطن وبالتالي لا يمكن إصدار أحكام حضورية".

وقال الوزير إن "نسبة استرجاع الأموال المنهوبة ضئيلة، وهناك نية من عدة دول لإبقاء الأموال لديها"، مضيفا أن "الصلح الجزائي قد يكون أفضل آلية لاسترجاع هذه الأموال".

وفي تقدير الكثير من المتابعين فإن تحقيق تقدم في ملف الأموال المنهوبة يكاد يكود شبه مستحيل على اعتبار أن المتورطين في مثل هذه الجرائم أسسوا شركات واجهة واعتمدوا عمليات مالية معقدة يصعب عبرها تتبع هذه الأموال ورصدها.

وفي تصريح سابق له أكد الخبير الاقتصادي رضا شنكدالي، أن "معالجة قضايا هذه الأموال كان ينبغي أن تتم في السنوات الأولى التي أعقبت الثورة، والمسألة أصبحت اليوم جد معقدة ويضيف أنه "بعد كل هذه السنوات أصبح استرداد هذه الأموال "أكثر صعوبة"، في ظل نهاية الفترة التي أقرتها بعض الدول لإصدار قرارات قضائية برفع التجميد عن الأرصدة البنكية التي أعلنت عن حجزها بعد الثورة".

م.ي

 

 

 

 

 

بعد مطالبة الاتحاد الأوروبي تونس بتقديم "أحكام حضورية"..   هل يكون الصلح الجزائي المدخل الوحيد لاسترجاع الأموال المنهوبة؟

 

تونس-الصباح

في لقاء وزير الشّؤون الخارجيّة والهجرة والتّونسيّين بالخارج، محمد علي النفطي، الأربعاء الماضي "فانسنزو ماسكيولي" الذي يترأس الوفد السويسري في أشغال الاجتماع الثاني عشر للجنة متابعة تنفيذ الشراكة التونسية -السويسرية في مجال الهجرة، لم يتم، وفق بلاغ اللقاء، التطرق أو الإشارة إلى مسألة التعاون في ملف استرجاع الأموال المنهوبة على غير العادة. لا سيما وأن أغلب لقاءات المسؤولين التونسيين في السنوات الأخيرة مع نظرائهم السويسريين كانت تتضمن بالضرورة الإشارة من قريب أو من بعيد لموضوع الأموال المنهوبة.

ففي ماي الفارط وعند استقبال وزيرة العدل ليلى جفـال للمستشار الفدرالي ووزير العدل السويسري بيت جانز (Beat Jans) والوفد المرافق له بحضور سفير سويسرا بتونس (Josef Renggli) تناول اللقاء بالخصوص ملف استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج سواء قبل سنة 2011 أو ما بعدها. كما "تم تجديد التأكيد على مواصلة المساعي القضائية والدبلوماسية واتخاذ الخطوات القانونية اللازمة لاسترجاع الأموال المنهوبة وعدم التفريط في أي مليم من أموال الشعب التونسي"، وفق بلاغ الوزارة.

والملاحظ عموما أن زخم التصريحات واللقاءات والاهتمام بملف استرجاع الأموال المنهوبة سواء في لقاءات رئيس الجمهورية أو في التناول الإعلامي للمسألة تراجع في الفترة الأخيرة.

فتور

ولعل هذا "الفتور" مرتبط بجملة القرارات غير المنصفة لتونس ولحقها في استرجاع الأموال المنهوبة بالخارج على اثر رفع التجميد المتواصل على الأموال التونسية المنهوبة، وآخرها قرار الاتحاد الأوروبي في أكتوبر الفارط برفع تجميد أموال كل من حسام الطرابلسي، ومعز الطرابلسي، شقيقا ليلى بن علي، حرم الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي.

يذكر أيضا أنه مطلع العام الحالي قرّر مجلس الاتحاد الأوروبي، حذف أسماء عدد من أفراد عائلة بن علي من قائمة التونسيين المشمولين بإجراءات تقييدية ومنها تجميد أموالهم وأملاكهم. وشمل القرار ابنتي الرئيس السابق، سيرين ودرصاف بن علي، بالإضافة إلى سميرة الطرابلسي شقيقة زوجة بن علي.

قبل ذلك وفي 2022 اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا مماثلا يقضى برفع التجميد عن أموال سبعة أفراد من عائلة بن علي.

إقرار بالصعوبات والعراقيل

أقرت مصادر رسمية مؤخرا بصعوبة التعاطي مع ملف استرجاع الأموال المنهوبة وهي تلتقي في هذا التقييم مع تقييمات سابقة لعدد من المختصين أكدوا في أكثر من مناسبة بصعوبة توصل لجنة استرجاع الأموال المنهوبة لتحقيق نتائج إيجابية رغم توفر الإرادة السياسية واعتبار الملف أولوية لدى رئيس الجمهورية قيس سعيد.

وفي هذا الصدد أكد وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية السابق محمد الرقيق، وجود صعوبة في استرجاع الأموال المنهوبة بسبب الشروط التعجيزية التي تضعها العديد من الدول، وصرح في ماي الفارط بـ"عدم تعاون العديد من الدول مع تونس في ملف الأموال المنهوبة، مبينا أن هذه الأموال قيمتها كبيرة ولا يمكن حصرها خاصة وأنها تتعلق بأملاك عقارية وأموال منقولة".

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي "يُطالب الدولة التونسية بتقديم أحكام حضورية وهو أمر صعب لأن المعنيين بالملف والذين هم محل تتبع أغلبهم فارون خارج حدود الوطن وبالتالي لا يمكن إصدار أحكام حضورية".

وقال الوزير إن "نسبة استرجاع الأموال المنهوبة ضئيلة، وهناك نية من عدة دول لإبقاء الأموال لديها"، مضيفا أن "الصلح الجزائي قد يكون أفضل آلية لاسترجاع هذه الأموال".

وفي تقدير الكثير من المتابعين فإن تحقيق تقدم في ملف الأموال المنهوبة يكاد يكود شبه مستحيل على اعتبار أن المتورطين في مثل هذه الجرائم أسسوا شركات واجهة واعتمدوا عمليات مالية معقدة يصعب عبرها تتبع هذه الأموال ورصدها.

وفي تصريح سابق له أكد الخبير الاقتصادي رضا شنكدالي، أن "معالجة قضايا هذه الأموال كان ينبغي أن تتم في السنوات الأولى التي أعقبت الثورة، والمسألة أصبحت اليوم جد معقدة ويضيف أنه "بعد كل هذه السنوات أصبح استرداد هذه الأموال "أكثر صعوبة"، في ظل نهاية الفترة التي أقرتها بعض الدول لإصدار قرارات قضائية برفع التجميد عن الأرصدة البنكية التي أعلنت عن حجزها بعد الثورة".

م.ي