ـ دعوة إلى بيع الأملاك المصادرة وترميم المدن العتيقة وتنقيح قانون الصفقات
تونس: الصباح
لليوم الثاني على التوالي، وبحضور كمال المدّوري رئيس الحكومة وأعضائها، تواصلت أمس بقصر باردو الجلسة العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم للنظر في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025.
وخلال النقاش العام تقدم نواب الغرفتين بالكثير من المطالب لعل أبرزها تحقيق تنمية عادلة بين جميع الجهات والقطع مع سياسات التهميش والإقصاء للمناطق الداخلية التي تم إتباعها على مدى عقود من الزمن، والاستجابة إلى مطالب الشعب التونسي بتوفير الشغل وتحسين خدمات المرفق العام من صحة وتعليم ونقل، وتشجيع المستثمرين التونسيين والأجانب ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة وتفعيل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وتنقيح قانون الصفقات العمومية وقانون الاستثمار ومجلة الصرف وإنشاء البنك البريدي، كما جددوا التأكيد على رفض إملاءات صندوق النقد الدولي، وعبروا عن تمسكهم باستقلالية القرار الوطني بينما خيرت النائبة نجلاء اللحياني عن كتلة الأحرار بمجلس نواب الشعب الحديث عن حزب التحرير، وقالت إن البرلمان هو مؤسسة وطنية عريقة جاءت بعد سيل دماء الشهداء واستشهاد الأبرياء وقد مرت 66 سنة عن التأسيس وسيبقى البرلمان خيمة الوطنيين الأحرار وعشاق الوطن الذي يدافعون عنه بحرارة الانتماء إليه، وبينت أن رئيس الحكومة تحدث في خطابه أول أمس عن أهمية التربية والتعليم والثورة الثقافية وتعزيز روح الانتماء، وهي تسأله مع من هذا الانتماء، فهل مع من يريد أن يدنس الوطن بأفكار تجاوزها الزمن في وقت تعيش فيه تونس الزمن الجمهوري حيث لا مكان فيه لخلافة تعود إلى الماضي السحيق والجهل المركب والعصر الذي لا سلطة فيه للشعب. وذكرت أنه لا وجود لمن ينتصب في تونس ناسفا لقوانينها ومتناسيا لحداثة البلاد وتقدمها وأنه لا خلافة زمن الرئاسة وزمن النظام الجمهوري، وأضافت أن "حزب التحرير" ينتصب في أعالي بنايات أريانة المدينة وقد اختار مكانا مدروسا لوضع واجهة تتصدر المشهد المطل على الطريق السريعة بيافطاته الدعوية وأعلامه السوداء، ولاحظت أن هذا الحزب يقوم بإشهار في باطنه سم قاتل فهو يتجه للأطفال الصغار لاستمالتهم والتأثير عليهم رغبة في إدارة أعناقهم إلى الدمغجة المدمرة. وذكّرت اللحياني بأن أحدهم قال ذات يوم نحن نحتاج إلى أبنائهم، ودعت التونسيين إلى اليقظة والحذر من هؤلاء واصفة إياهم بأعداء الانتخابات وحرية الرأي والتعبير والفكر النير، وسألت رئيس الحكومة كيف يقع مدهم برخصة التجمع أمام المسرح البلدي حيث رفعوا شعارات تكفيرية، وكيف تم الترخيص لهم بإصدار جريدة تطارد الوطنيين وتنعتهم بالكفر والطغيان، ونبهت رئيس الجمهورية بأن جريدة "حزب التحرير" تعتبر أن من شارك في الانتخابات الرئاسية ترشحا وترشيحا كافر، وقالت إن رئيس الجمهورية يدعو إلى ثقافة وطنية ولكن بأي ثقافة يبشر هؤلاء هل بثقافة القتل والقمع والكره وتجميد العقول وتسطيح الأذهان. وأشارت إلى أن ما بلغه الفكر التونسي منذ زمن بعيد، هو فكر راق وذهن وقاد تجلى في مقدمة ابن خلدون، وفي كتاب إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمن لابن أبي الضياف، وأغاني الحياة للشابي الذي اخترق العالم بأسره، وسدّ المسعدي الذي دوخ بفكره المشارق. وتساءلت كيف لهذه الإبداعات التونسية أن ترتد قرونا إلى الوراء وقالت إنها وجهت مراسلة للحكومة لإحاطتها بهذه المسألة وقد قامت وزارة الداخلية بالواجب كما وجهت مراسلة إلى وزارة العدل لكن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بأريانة المدينة رأى أن نشاط "حزب التحرير" لا ضرر ينجر عنه أو يتأتى من وجوده. وخلصت النائبة قائلة إنه لا علم يعلو فوق علم بلادي ولا سواد يحل محل احمراره وذكّرت بالموقف التاريخي للطالبة البطلة خولة الرشيدي حينما تحدت همجية ذلك الذي سعى إلى إسقاط علم تونس وتعويضه بالسواد القاتم لكن تلك التونسية الحرة وقفت بشموخ وكبرياء وأعادت العلم إلى مكانه لأنه لا علم يعلو فوق علم تونس.
دعم التعددية
وقالت النائبة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم سامية السويسي إن تجربة التركيبة البرلمانية الفريدة تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعددية وتطوير الممارسة الديمقراطية في تونس. وذكرت أن هذا الإطار البرلماني المتجدد يمنح النواب الفرصة لتقديم رؤى جديدة والعمل بفاعلية أكبر لتحقيق تطلعات الشعب، وعليهم في ظل هذه الديناميكية الجديدة أن يعملوا بروح المسؤولية والتضامن لتمرير مشروع قانون مالية يعكس التطلعات الراهنة ويلبي طموحات المواطنين في تحسين حياتهم الاجتماعية والاقتصادية. وبينت النائبة أنه لا بد من التأكيد على أهمية الميزانية في بناء اقتصاد وطني قوي ينتصر للخيارات الشعبية الوطنية ويعزز العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وترى أنه حان الوقت للقيام بخطوة جريئة للقطع مع مناويل التنمية التي ساهمت على مدى سنوات في تعميق الهوة بين الجهات والفئات وزادت في معاناة الشعب. وأشارت إلى أنه يجب أن يكون قانون المالية أداة لتنمية عادلة عبر الاستثمار في المناطق المهمشة وتمكين المواطنين من فرص حقيقية تضمن لهم العيش الكريم، وأضافت أنها بصفتها نائبة عن جهة سيدي بوزيد فإنها تذكّر الحكومة بأن هذه المنطقة عانت كثيرا وعاشت الويلات رغم تاريخها النضالي المشرف ودورها البارز في التحرير الوطني وصولا إلى ثورة 17 ديسمبر ثم إلى اليوم، وعبرت عن أملها في معالجة مشاكل أبناء جهتها خاصة في علاقة بترويج زيت الزيتون وبينت أن جهة سيدي بوزيد تأتي في المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج الزيتون والمرتبة الثانية عالميا وتشير تقديرات هذا العام إلى إنتاج 310 آلاف طن من الزيتون و60 ألف طن من زيت الزيتون ورغم ذلك فليس هناك سوى 112 معصرة ومصب وحيد للمرجين بسيدي علي بن عون. وذكرت أنه لا توجد بسيدي بوزيد أي إدارة جهوية لأي بنك وهو ما يعطل أصحاب المعاصر وتساءلت إلى متى ستعاني هذه الجهة من التهميش إذ من المؤسف أن يقع تدشين المشاريع وعدم تنفيذها والحال أن الدولة صرفت عليها المليارات. ودعت النائبة إلى بعث شركة جهوية للنقل بسيدي بوزيد وقالت "إلى متى سيبقى أبناء سيدي بوزيد كعسكر زواوة متقدمين في الصف ومتأخرين في الراتب"، كما دعت إلى مراجعة السلم الضريبي.
إحداث مناطق صناعية
النائب بمجلس نواب الشعب غير المنتمي إلى كتل إبراهيم حسين قال إنه لا بد من تغيير الإجراءات الإدارية المعطلة للتنمية بتنقيح مجلة الصرف ومجلة الاستثمار وقانون الصفقات، ودعا إلى التعجيل بتفعيل اللجنة الجهوية للمسؤولية المجتمعية وبإحداث مناطق صناعية في الجهات التي تشكو من البطالة، وبإنجاز المناطق الصناعية المبرمجة منذ مدة والتي بقت معطلة. كما طالب بإعادة تهيئة المصانع المنتجة للفسفاط والتي أصبحت في وضعية متردية ومصدر أخطار صحية وبيئية واقتصادية على الجهات المنتصبة فيها كالصخيرة، ودعا النائب رئيس الحكومة إلى تنظيم زيارة ميدانية للإطلاع عن كثب على وضعية تلك المنشآت، وأكد على ضرورة تفعيل الأمر الحكومي المتعلق بضم ميناء الصخيرة للمواني البحرية التجارية، واقترح القيام بتشخيص شامل للأراضي الدولية وحوكمة التصرف فيها مع منح العناية اللازمة لقطاع الزيت إنتاجا وتصديرا وتطوير أساليب ترويجه في الأسواق التقليدية والأسواق الجديدة وطالب بإنشاء ديوان وطني للتمور، ومراكز تكوين فلاحي عصري في اختصاصات تراعي الأنشطة الموجودة في الجهات وميزاتها التفاضلية، والقيام بتقييم شامل لوضعية السدود ووضع برنامج توعوي لترشيد استهلاك الماء وتسوية وضعية الآبار العشوائية وتبسيط إجراءات إسناد رخص الحفر، والعمل على تسوية الوضعية العقارية والمسح الإجباري بمعتمديات الصخيرة والمحرس والغريبة ومنزل الحبيب التي هي على ملك صغار الفلاحين حتى يستفيدوا من الامتيازات الجبائية والدعم.
ووصف حسين وضعية المستشفيات الجامعية بالكارثية ومنها مستشفى صفاقس وتساءل عن مصير المستشفى العسكري في هذه الجهة لأنه توقف عن العمل بعد جائحة كورونا ونبه إلى وجود نقص في المستشفيات المحلية والجهوية في علاقة بالتجهيزات والإطارات الطبية وشبه الطبية والأدوية فضلا عن تردي حالة البنايات بما يهدد بصفة جدية حياة المواطن وهو ما يتطلب الترفيع في الاعتمادات المرصودة للصيانة.
بيع الأملاك المصادرة
وقالت النائبة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم سعيدة شقير إن الاقتراض الداخلي للدولة من البنوك المحلية يحد من قدراتها على دعم المؤسسات المتوسطة التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، وبينت أن قانون الشيكات زعزع الثقة بين التاجر والحريف وقد يشهد هذا القطاع تداعيات عدة، وذكرت أن النظام الجبائي الذي يستهدف الأفراد الذين يفوق دخلهم 50 ألف دينار يضر بالعدالة الاجتماعية مما يؤثر سلبا على المقدرة الشرائية لهذه الفئة، واقترحت النائبة جملة من الحلول ترى أنها ناجعة، وأولها تفعيل أحكام المصادرة التي بقيت في الرفوف، وقالت إنه حان وقت التصرف في تلك الممتلكات ببيعها لضخ أموال طائلة يمكن أن تعزز ميزانية الدولة وتدعم دور البنوك في تنمية الاقتصاد، كما اقترحت شقير تفعيل الدفع الالكتروني لأنه صار واقعا يفرض نفسه لخلق مناخ من الثقة بين جميع الأطراف لدفع عجلة التنمية والحد من الاقتصاد الموازي، ومن المقترحات الأخرى التي قدمتها النائبة إعفاء ذوي الدخل الذي يقل عن خمسمائة دينار من دفع الضرائب، ووقف الواردات الصينية لمنتوجات مقلدة للمنتوجات الوطنية على غرار ما حصل في المغرب بهدف حماية المؤسسات الصغرى من الإفلاس ودعم الابتكار المحلي وتعزيز النمو الاقتصادي، وقالت إنه لابد من تفعيل المجلس الأعلى للتصدي للفساد والمجلس الوطني للخدمات المكلف بتأهيل قطاع الخدمات وتحرر القطاع وإدرار المال العام. وذكّرت جميع النواب بالمسؤولية التاريخية أمام الشعب وبضرورة تحقيق تطلعاته إلى وطن مزدهر قادر على أن يحتضن أبناءه ويوفر لهم الأمان والأمن الغذائي والمائي.
التغيير الثوري
ياسر القوراري النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي بمجلس نواب الشعب بين أن الشعب التونسي خرج يوم 6 أكتوبر بكثافة لصناديق الاقتراع رغم صعوبات العيش وغلاء الأسعار وتواصل الفقر والتهميش لكي يجدد إيمانه الراسخ بحتمية التغيير الثوري وليؤكد تمسكه بمركزية شعارات ثورة 17 ديسمبر حول الشغل والحرية والكرامة الوطنية وتمسكه باستئناف المسار الثوري 25 جويلية 2021 من أجل القطع مع منظومة الفساد والإفساد والخراب والإرهاب ومن أجل إرساء دولة اجتماعية عادلة لكل فيها نصيب. وأضاف أنه بعد أن حسم الشعب خياراته لم يبق للمهزومين جدا جدا إلا السعي لاندماج ناعم، وحذر القوراري رئيس الحكومة من أن هؤلاء سيتحدثون طويلا عن المصالحات الكبرى وعن شعار تونس لكل التونسيين حتى الذين عاثوا في البلاد فسادا ونكلوا بشعبها، وسيتحدثون عن الانفتاح الاقتصادي وحتمية العودة إلى أحضان الشريك الغربي وعن ضرورة التفاعل مع صندوق النقد الدولي وإملاءاته وإكراهاته وعن التفويت في المؤسسات الوطنية واللجوء إلى الأجنبي في استغلال الثروات الطاقية وعن استغلال مئات الضيعات الدولية بمزيد التفريط فيها لمن لم يكتف بعد بنهب مقدرات الشعب وعن ضرب المدرسة العمومية والصحة العمومية والنقل العمومي من أجل الربح ولا شيء غير الربح.. أما هو فسيحدث رئيس الحكومة، عن حلمه بالعدل والكرامة للشعب والتحرر من أغلال الظلم والاستغلال والسيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني والكف من سياسية اللجوء إلى التداين وفك الارتباط بصناديق النهب الدولية كما سيحدثه عن أن العالم أرحب من أن يحصر في زاوية الغرب وتحت جبته وسيتحدث عن العلاقات الدولية القائمة على الندية واحترام القرار الوطني وعن الكف عن التدخل في الشؤون الوطنية ولكن كل هذا لا يتحقق إلا بالتعويل على الذات وبسط سيادة الدولة على ثرواتها الوطنية وحوكمة استغلال الضيعات الفلاحية المنهوبة وتفكيك مرتكزات اقتصاد الريع القائم على تقاسم المنافع والاستثمار وتحفيز رأس المال الوطني لينطلق بحرية في إطار احترام قوانين الدولة نحو دفع التنمية، وذكر أنه سيتحدث أيضا عن قانون استثمار لفائدة أكثر من مليون تونسي بالخارج، وعن صندوق لدعم موارد المجالس المحلية والجهوية والإقليمية بما يساهم في تحقيق التوازن بين كل جهات البلاد، وعن المجلس الأعلى للتربية الذي يعتبر مكسبا يجب تعزيز تركيبته بأهل المهمة القابعين على الجمر، وعن صندوق تمويل الإصلاح التربوي الذي تم إقراره في قانون المالية لسنة 2024 ولكن الحكومة السابقة رفضت تفعيله، وعن واجب النهوض بقطاع الصحة العمومية لكي يلبي حاجيات التونسيين في الصحة المجانية والدواء المجاني، وعن النقل العمومي الذي يجب أن يحفظ كرامة التونسيين.
البناء القاعدي متوازن
أما النائبة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ريم بلحاج محمد فبينت أنهم في عهد البناء والتشييد وأن نواب مجلسها ثابتون على خدمة الوطن، وقالت إن البناء القاعدي المحلي والجهوي والأقاليم والجهات والأقاليم هو فكر رئاسي متوازن وهدفه الأساسي هو الاستثمار والتنمية المستدامة للنهوض بالبلاد التونسية وتحقيق العدالة بين الجهات، لذلك ترى أنه لا بد من دعم مشروع رئيس الجمهورية ووضع حد للهرسلة والتجاهل الذي يمارسه بعض المسؤولين، حيال المجالس المحلية وطالبت بالتسريع في تمرير القانون المنظم لتلك المجالس.. وأضافت النائبة أنه لا يخفى على أحد أنه من أبرز أهدف المجلس الوطني للجهات والأقاليم، تخطيط عادل ومتوازن ومحكم في المسار التنموي بما يساهم في رفع التحديات والرهانات لبناء تونس جديدة تليق بكل التونسيين. ودعت بلحاج محمد رئيس الحكومة إلى السعي للعمل والتخطيط ضمن أهداف متطورة لتحسين البنية التحتية للبلاد مع المحافظة على التوازن بين الجهات وأن تكون له إستراتجية محكمة لبرامج تنموية ينتظرها المواطن وتضمن له فرص شغل جديدة وأفاقا متنوعة، وأشارت إلى ضرورة التقليص من الغلاء الذي أثقل كاهل التونسيين، وتساءلت كم من مشروع معطل في تونس وكم من منطقة مهمشة كما تحدثت طويلا عن مدينة حلق الوادي وما تعانيه من إهمال وعددت المشاريع المعطلة فيها وعبرت عن أملها في وضع منوال تنموي ثقافي تربوي سياحي اجتماعي صحي يشمل ولاية تونس وجميع الولايات الأخرى، ودعت إلى استغلال المعالم الأثرية والقيام بترميم مدينة تونس العتيقة وبقية المدن، وقالت إنه لا بد من مراعاة ذوي الإعاقة في الميزانية وفي البرامج الاستثمارية، ودعت إلى معالجة الخور الموجود في البلديات فمصلحة المواطن آخر اهتماماتها، إذ كثيرا ما يقع إصدار قرارات وإلغاء أخرى دون أي مرجع قانوني وطالبت النائبة رئيس الحكومة بمتابعة ملف مستودعات البلديات.
تكريس السيادة الوطنية
ترى عضوة مجلس نواب الشعب زينة جيب الله غير منتمية إلى كتل، أن الخيارات السياسية التي انتهجتها الدولة التونسية منذ 2019 قامت على مبدأ تكريس السيادة الوطنية حفاظا على استقرار أمن البلاد ورفض التدخل الأجنبي في شؤون تونس وعدم الخضوع لشروط صندوق النقد الدولي واعتماد سياسة التعويل على الذات عبر المبادرات الخاصة الفردية والجماعية كالشركات الأهلية وتعزيز روح المبادرات في المجال الاقتصادي والقطع مع كل ما هو تقليدي ونمطي وجعل المواطن شريكا فاعلا في المسار الإصلاحي عبر تشريكه في الاستشارة الوطنية والاستفتاء حول الدستور.
وقالت إن السلطة التشريعية كانت مكملا رئيسا إذ أثبتت شعورا صادقا بالمسؤولية وحسا وطنيا في كل مرحلة من مراحل معركة التحرير الوطني وإنقاذ البلاد مما وصفته بمحرقة حقيقية أريد بها تقسيمها إلى دويلات، وذكرت كل هذه الخيارات السياسية عززت الوعي الجمعي لدى التونسيين وهي مترمجة عبر انتخابات رئاسية ديمقراطية وشفافة عبرت نتائجها غير المسبوقة عن تمسك الشعب التونسي بالمسار الإصلاحي الوطني، وأضافت أن هذا الوعي الجمعي يجب عدم التفريط فيه بأي شكل من الأشكال كما يجب تعزيزه بالعمل الجدّي والمتكامل بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، ولاحظت أن اختزال الآجال يجب بلورته في مشاريع القوانين التي ترتقي إلى مستوى مطالب الشعب، ويجب عدم التضييق على العمل البرلماني وفتح المجال أمام نواب الغرفتين لتفعيل برامجهم ووعودعم الانتخابية للشعب الذي منحهم الثقة، وعدم وضع النائب في مربع ضيق محدد ومكبل لا يتماشى مع الواقع المعيشي ولا يتناغم مع ما يطلبه الناخب منه وذلك في إطار احترام أحكام الدستور. وحمّلت النائبة زينة جيب الله رئيس الحكومة أمانة حل ملف المناولة والتشغيل الهش، وعبرت عن أملها في أن ترى مجلة الشغل قريبا النور. ودعت إلى منح الفلاحين الصغار اهتماما أكبر واتخاذ إجراءات استثنائية لفائدتهم.
توزيع عادل للثروة
أما النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ناجي بن الكيلاني فأشار إلى أن عمل الحكومة يجب أن يكون في توافق كامل مع مطالب الشعب ومع ما أعلنه رئيس الجمهورية من خيارات مصيرية لتصحيح مسار الثورة والتاريخ.. فالشعب حسب قوله يريد محاربة الفساد والمفسدين وتطهير الإدارة ويريد حكومة انجاز ورجال ميدان يصلون الليل بالنهار لتحقيق مطالبه المشروعة، ويريد تنمية عادلة بين كل الجهات والأقاليم بل داخل الجهات نفسها، ويريد دولة قانون ومساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات في إطار العدل والإنصاف، ويريد بناء يقوم على التشاركية الفعلية لعلها تنسيه سياسة الفرز والإقصاء وكل مخلفات نظام مركزي حكم لمدة عقود ولم يفرز التفاوت الجهوي فحسب بل أفرز أيضا لوبيات وعصابات نافذة . وقال النائب إن الشعب طال انتظاره ولا يحق لأحد أن يخيب آماله مجددا ويجب على الجميع، كل من موقعه أن يحمل الأمانة.. والأمانة أمانات، أمانة الاستجابة لطلبات العيش الكريم، وأمانة الاستجابة لأصوات المعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا، وأمانة مساعدة ضعاف الحال وفاقدي السند، وأمانة توزيع عادل للثروة بين الجهات وداخل نفس الجهة، وأمانة الحفاظ على الدولة التونسية.. وأضاف أن الكل سيمر ويمضي أما الدولة فهي التي تستمر وتبقى، وعلى الجميع أن يتذكروا شهداء تونس الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن.
خيار الرقمنة
لاحظ النائب غير المنتمي إلى كتل محمود العامري أن مشروع الميزان الاقتصادي يعتبر خطوة مهمة لمجابهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، ولكن لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة يجب العمل على تحسين مناخ الاستثمار في تونس والتعجيل بمراجعة مجلتي الاستثمار والصرف بما يتماشى مع المتغيرات الاقتصادية العالمية وخلق بيئة تنظيمية تشجع على دعم الاستثمارات المحلية والدولية بما يساهم في توفير فرص العمل وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. ويرى النائب أن التوجه نحو الرقمة أصبح خيارا ضروريا لأن التحول الرقمي في الإدارة لا يعزز الشفافية فقط بل سيساهم في تحسين فاعلية العمل الحكومي ويسهل تقديم الخدمات للمواطن. وأضاف أنه توجد أمام المحكومة فرصة تاريخية لترجمة العدالة التنموية إلى واقع ملموس والقطع مع سياسة التمييز الايجابي التي كرستها ما وصفها بعشرية العبث بمؤسسات الدولة، وذكر أن هذه الفرصة تعد استحقاقا دستوريا وجزءا أساسيا من مسار البناء والتشييد، ولاحظ أن ولاية سوسة تشكو من تأخر في تنفيذ العديد من المشاريع الكبرى في مختلف المجالات ومنها مشروع مترو الساحل الذي يمكن أن يحد من أزمة النقل المتفاقمة بشكل ملحوظ. كما تحدث العامري عن تردي النقل العمومي في القلعة الصغرى وسيدي الهاني وطالب بتعزيز أسطول شركة النقل بالساحل وتوفير العدد اللازم من الحافلات وقال إن القلعة الصغرى تعاني من تعطل مشاريع هامة منها مشروع المنطقة الصناعية الذي تمت برمجته منذ أكثر من 16 سنة ولكنه مازال معلقا إضافة إلى مشروع حماية المدينة من الفيضانات فضلا عن تعطل انجاز عدد من المؤسسات التربوية، وطالب بالتسريع في انجاز المشاريع المعطلة بسيدي الهاني وانجاز مشاريع مركز وسيط للصحة ومركز استعجالي وربط المنطقة بشبكة التطهير.
وبعد استكمال النقاش العام لمشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي، سيواصل أعضاء مجلسي نواب الشعب والجهات والأقاليم جلساتهم العامة المشتركة وسينظرون في المهمات والمهمات الخاصة بمشروع الميزانية وذلك قبل المرور لنقاش مشروع قانون المالية لسنة 2025 والمصادقة عليه في أجل لا يتجاوز يوم 10 ديسمبر 2024.
سعيدة بوهلال
ـ دعوة إلى بيع الأملاك المصادرة وترميم المدن العتيقة وتنقيح قانون الصفقات
تونس: الصباح
لليوم الثاني على التوالي، وبحضور كمال المدّوري رئيس الحكومة وأعضائها، تواصلت أمس بقصر باردو الجلسة العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم للنظر في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025.
وخلال النقاش العام تقدم نواب الغرفتين بالكثير من المطالب لعل أبرزها تحقيق تنمية عادلة بين جميع الجهات والقطع مع سياسات التهميش والإقصاء للمناطق الداخلية التي تم إتباعها على مدى عقود من الزمن، والاستجابة إلى مطالب الشعب التونسي بتوفير الشغل وتحسين خدمات المرفق العام من صحة وتعليم ونقل، وتشجيع المستثمرين التونسيين والأجانب ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة وتفعيل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وتنقيح قانون الصفقات العمومية وقانون الاستثمار ومجلة الصرف وإنشاء البنك البريدي، كما جددوا التأكيد على رفض إملاءات صندوق النقد الدولي، وعبروا عن تمسكهم باستقلالية القرار الوطني بينما خيرت النائبة نجلاء اللحياني عن كتلة الأحرار بمجلس نواب الشعب الحديث عن حزب التحرير، وقالت إن البرلمان هو مؤسسة وطنية عريقة جاءت بعد سيل دماء الشهداء واستشهاد الأبرياء وقد مرت 66 سنة عن التأسيس وسيبقى البرلمان خيمة الوطنيين الأحرار وعشاق الوطن الذي يدافعون عنه بحرارة الانتماء إليه، وبينت أن رئيس الحكومة تحدث في خطابه أول أمس عن أهمية التربية والتعليم والثورة الثقافية وتعزيز روح الانتماء، وهي تسأله مع من هذا الانتماء، فهل مع من يريد أن يدنس الوطن بأفكار تجاوزها الزمن في وقت تعيش فيه تونس الزمن الجمهوري حيث لا مكان فيه لخلافة تعود إلى الماضي السحيق والجهل المركب والعصر الذي لا سلطة فيه للشعب. وذكرت أنه لا وجود لمن ينتصب في تونس ناسفا لقوانينها ومتناسيا لحداثة البلاد وتقدمها وأنه لا خلافة زمن الرئاسة وزمن النظام الجمهوري، وأضافت أن "حزب التحرير" ينتصب في أعالي بنايات أريانة المدينة وقد اختار مكانا مدروسا لوضع واجهة تتصدر المشهد المطل على الطريق السريعة بيافطاته الدعوية وأعلامه السوداء، ولاحظت أن هذا الحزب يقوم بإشهار في باطنه سم قاتل فهو يتجه للأطفال الصغار لاستمالتهم والتأثير عليهم رغبة في إدارة أعناقهم إلى الدمغجة المدمرة. وذكّرت اللحياني بأن أحدهم قال ذات يوم نحن نحتاج إلى أبنائهم، ودعت التونسيين إلى اليقظة والحذر من هؤلاء واصفة إياهم بأعداء الانتخابات وحرية الرأي والتعبير والفكر النير، وسألت رئيس الحكومة كيف يقع مدهم برخصة التجمع أمام المسرح البلدي حيث رفعوا شعارات تكفيرية، وكيف تم الترخيص لهم بإصدار جريدة تطارد الوطنيين وتنعتهم بالكفر والطغيان، ونبهت رئيس الجمهورية بأن جريدة "حزب التحرير" تعتبر أن من شارك في الانتخابات الرئاسية ترشحا وترشيحا كافر، وقالت إن رئيس الجمهورية يدعو إلى ثقافة وطنية ولكن بأي ثقافة يبشر هؤلاء هل بثقافة القتل والقمع والكره وتجميد العقول وتسطيح الأذهان. وأشارت إلى أن ما بلغه الفكر التونسي منذ زمن بعيد، هو فكر راق وذهن وقاد تجلى في مقدمة ابن خلدون، وفي كتاب إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمن لابن أبي الضياف، وأغاني الحياة للشابي الذي اخترق العالم بأسره، وسدّ المسعدي الذي دوخ بفكره المشارق. وتساءلت كيف لهذه الإبداعات التونسية أن ترتد قرونا إلى الوراء وقالت إنها وجهت مراسلة للحكومة لإحاطتها بهذه المسألة وقد قامت وزارة الداخلية بالواجب كما وجهت مراسلة إلى وزارة العدل لكن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بأريانة المدينة رأى أن نشاط "حزب التحرير" لا ضرر ينجر عنه أو يتأتى من وجوده. وخلصت النائبة قائلة إنه لا علم يعلو فوق علم بلادي ولا سواد يحل محل احمراره وذكّرت بالموقف التاريخي للطالبة البطلة خولة الرشيدي حينما تحدت همجية ذلك الذي سعى إلى إسقاط علم تونس وتعويضه بالسواد القاتم لكن تلك التونسية الحرة وقفت بشموخ وكبرياء وأعادت العلم إلى مكانه لأنه لا علم يعلو فوق علم تونس.
دعم التعددية
وقالت النائبة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم سامية السويسي إن تجربة التركيبة البرلمانية الفريدة تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعددية وتطوير الممارسة الديمقراطية في تونس. وذكرت أن هذا الإطار البرلماني المتجدد يمنح النواب الفرصة لتقديم رؤى جديدة والعمل بفاعلية أكبر لتحقيق تطلعات الشعب، وعليهم في ظل هذه الديناميكية الجديدة أن يعملوا بروح المسؤولية والتضامن لتمرير مشروع قانون مالية يعكس التطلعات الراهنة ويلبي طموحات المواطنين في تحسين حياتهم الاجتماعية والاقتصادية. وبينت النائبة أنه لا بد من التأكيد على أهمية الميزانية في بناء اقتصاد وطني قوي ينتصر للخيارات الشعبية الوطنية ويعزز العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وترى أنه حان الوقت للقيام بخطوة جريئة للقطع مع مناويل التنمية التي ساهمت على مدى سنوات في تعميق الهوة بين الجهات والفئات وزادت في معاناة الشعب. وأشارت إلى أنه يجب أن يكون قانون المالية أداة لتنمية عادلة عبر الاستثمار في المناطق المهمشة وتمكين المواطنين من فرص حقيقية تضمن لهم العيش الكريم، وأضافت أنها بصفتها نائبة عن جهة سيدي بوزيد فإنها تذكّر الحكومة بأن هذه المنطقة عانت كثيرا وعاشت الويلات رغم تاريخها النضالي المشرف ودورها البارز في التحرير الوطني وصولا إلى ثورة 17 ديسمبر ثم إلى اليوم، وعبرت عن أملها في معالجة مشاكل أبناء جهتها خاصة في علاقة بترويج زيت الزيتون وبينت أن جهة سيدي بوزيد تأتي في المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج الزيتون والمرتبة الثانية عالميا وتشير تقديرات هذا العام إلى إنتاج 310 آلاف طن من الزيتون و60 ألف طن من زيت الزيتون ورغم ذلك فليس هناك سوى 112 معصرة ومصب وحيد للمرجين بسيدي علي بن عون. وذكرت أنه لا توجد بسيدي بوزيد أي إدارة جهوية لأي بنك وهو ما يعطل أصحاب المعاصر وتساءلت إلى متى ستعاني هذه الجهة من التهميش إذ من المؤسف أن يقع تدشين المشاريع وعدم تنفيذها والحال أن الدولة صرفت عليها المليارات. ودعت النائبة إلى بعث شركة جهوية للنقل بسيدي بوزيد وقالت "إلى متى سيبقى أبناء سيدي بوزيد كعسكر زواوة متقدمين في الصف ومتأخرين في الراتب"، كما دعت إلى مراجعة السلم الضريبي.
إحداث مناطق صناعية
النائب بمجلس نواب الشعب غير المنتمي إلى كتل إبراهيم حسين قال إنه لا بد من تغيير الإجراءات الإدارية المعطلة للتنمية بتنقيح مجلة الصرف ومجلة الاستثمار وقانون الصفقات، ودعا إلى التعجيل بتفعيل اللجنة الجهوية للمسؤولية المجتمعية وبإحداث مناطق صناعية في الجهات التي تشكو من البطالة، وبإنجاز المناطق الصناعية المبرمجة منذ مدة والتي بقت معطلة. كما طالب بإعادة تهيئة المصانع المنتجة للفسفاط والتي أصبحت في وضعية متردية ومصدر أخطار صحية وبيئية واقتصادية على الجهات المنتصبة فيها كالصخيرة، ودعا النائب رئيس الحكومة إلى تنظيم زيارة ميدانية للإطلاع عن كثب على وضعية تلك المنشآت، وأكد على ضرورة تفعيل الأمر الحكومي المتعلق بضم ميناء الصخيرة للمواني البحرية التجارية، واقترح القيام بتشخيص شامل للأراضي الدولية وحوكمة التصرف فيها مع منح العناية اللازمة لقطاع الزيت إنتاجا وتصديرا وتطوير أساليب ترويجه في الأسواق التقليدية والأسواق الجديدة وطالب بإنشاء ديوان وطني للتمور، ومراكز تكوين فلاحي عصري في اختصاصات تراعي الأنشطة الموجودة في الجهات وميزاتها التفاضلية، والقيام بتقييم شامل لوضعية السدود ووضع برنامج توعوي لترشيد استهلاك الماء وتسوية وضعية الآبار العشوائية وتبسيط إجراءات إسناد رخص الحفر، والعمل على تسوية الوضعية العقارية والمسح الإجباري بمعتمديات الصخيرة والمحرس والغريبة ومنزل الحبيب التي هي على ملك صغار الفلاحين حتى يستفيدوا من الامتيازات الجبائية والدعم.
ووصف حسين وضعية المستشفيات الجامعية بالكارثية ومنها مستشفى صفاقس وتساءل عن مصير المستشفى العسكري في هذه الجهة لأنه توقف عن العمل بعد جائحة كورونا ونبه إلى وجود نقص في المستشفيات المحلية والجهوية في علاقة بالتجهيزات والإطارات الطبية وشبه الطبية والأدوية فضلا عن تردي حالة البنايات بما يهدد بصفة جدية حياة المواطن وهو ما يتطلب الترفيع في الاعتمادات المرصودة للصيانة.
بيع الأملاك المصادرة
وقالت النائبة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم سعيدة شقير إن الاقتراض الداخلي للدولة من البنوك المحلية يحد من قدراتها على دعم المؤسسات المتوسطة التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، وبينت أن قانون الشيكات زعزع الثقة بين التاجر والحريف وقد يشهد هذا القطاع تداعيات عدة، وذكرت أن النظام الجبائي الذي يستهدف الأفراد الذين يفوق دخلهم 50 ألف دينار يضر بالعدالة الاجتماعية مما يؤثر سلبا على المقدرة الشرائية لهذه الفئة، واقترحت النائبة جملة من الحلول ترى أنها ناجعة، وأولها تفعيل أحكام المصادرة التي بقيت في الرفوف، وقالت إنه حان وقت التصرف في تلك الممتلكات ببيعها لضخ أموال طائلة يمكن أن تعزز ميزانية الدولة وتدعم دور البنوك في تنمية الاقتصاد، كما اقترحت شقير تفعيل الدفع الالكتروني لأنه صار واقعا يفرض نفسه لخلق مناخ من الثقة بين جميع الأطراف لدفع عجلة التنمية والحد من الاقتصاد الموازي، ومن المقترحات الأخرى التي قدمتها النائبة إعفاء ذوي الدخل الذي يقل عن خمسمائة دينار من دفع الضرائب، ووقف الواردات الصينية لمنتوجات مقلدة للمنتوجات الوطنية على غرار ما حصل في المغرب بهدف حماية المؤسسات الصغرى من الإفلاس ودعم الابتكار المحلي وتعزيز النمو الاقتصادي، وقالت إنه لابد من تفعيل المجلس الأعلى للتصدي للفساد والمجلس الوطني للخدمات المكلف بتأهيل قطاع الخدمات وتحرر القطاع وإدرار المال العام. وذكّرت جميع النواب بالمسؤولية التاريخية أمام الشعب وبضرورة تحقيق تطلعاته إلى وطن مزدهر قادر على أن يحتضن أبناءه ويوفر لهم الأمان والأمن الغذائي والمائي.
التغيير الثوري
ياسر القوراري النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي بمجلس نواب الشعب بين أن الشعب التونسي خرج يوم 6 أكتوبر بكثافة لصناديق الاقتراع رغم صعوبات العيش وغلاء الأسعار وتواصل الفقر والتهميش لكي يجدد إيمانه الراسخ بحتمية التغيير الثوري وليؤكد تمسكه بمركزية شعارات ثورة 17 ديسمبر حول الشغل والحرية والكرامة الوطنية وتمسكه باستئناف المسار الثوري 25 جويلية 2021 من أجل القطع مع منظومة الفساد والإفساد والخراب والإرهاب ومن أجل إرساء دولة اجتماعية عادلة لكل فيها نصيب. وأضاف أنه بعد أن حسم الشعب خياراته لم يبق للمهزومين جدا جدا إلا السعي لاندماج ناعم، وحذر القوراري رئيس الحكومة من أن هؤلاء سيتحدثون طويلا عن المصالحات الكبرى وعن شعار تونس لكل التونسيين حتى الذين عاثوا في البلاد فسادا ونكلوا بشعبها، وسيتحدثون عن الانفتاح الاقتصادي وحتمية العودة إلى أحضان الشريك الغربي وعن ضرورة التفاعل مع صندوق النقد الدولي وإملاءاته وإكراهاته وعن التفويت في المؤسسات الوطنية واللجوء إلى الأجنبي في استغلال الثروات الطاقية وعن استغلال مئات الضيعات الدولية بمزيد التفريط فيها لمن لم يكتف بعد بنهب مقدرات الشعب وعن ضرب المدرسة العمومية والصحة العمومية والنقل العمومي من أجل الربح ولا شيء غير الربح.. أما هو فسيحدث رئيس الحكومة، عن حلمه بالعدل والكرامة للشعب والتحرر من أغلال الظلم والاستغلال والسيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني والكف من سياسية اللجوء إلى التداين وفك الارتباط بصناديق النهب الدولية كما سيحدثه عن أن العالم أرحب من أن يحصر في زاوية الغرب وتحت جبته وسيتحدث عن العلاقات الدولية القائمة على الندية واحترام القرار الوطني وعن الكف عن التدخل في الشؤون الوطنية ولكن كل هذا لا يتحقق إلا بالتعويل على الذات وبسط سيادة الدولة على ثرواتها الوطنية وحوكمة استغلال الضيعات الفلاحية المنهوبة وتفكيك مرتكزات اقتصاد الريع القائم على تقاسم المنافع والاستثمار وتحفيز رأس المال الوطني لينطلق بحرية في إطار احترام قوانين الدولة نحو دفع التنمية، وذكر أنه سيتحدث أيضا عن قانون استثمار لفائدة أكثر من مليون تونسي بالخارج، وعن صندوق لدعم موارد المجالس المحلية والجهوية والإقليمية بما يساهم في تحقيق التوازن بين كل جهات البلاد، وعن المجلس الأعلى للتربية الذي يعتبر مكسبا يجب تعزيز تركيبته بأهل المهمة القابعين على الجمر، وعن صندوق تمويل الإصلاح التربوي الذي تم إقراره في قانون المالية لسنة 2024 ولكن الحكومة السابقة رفضت تفعيله، وعن واجب النهوض بقطاع الصحة العمومية لكي يلبي حاجيات التونسيين في الصحة المجانية والدواء المجاني، وعن النقل العمومي الذي يجب أن يحفظ كرامة التونسيين.
البناء القاعدي متوازن
أما النائبة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ريم بلحاج محمد فبينت أنهم في عهد البناء والتشييد وأن نواب مجلسها ثابتون على خدمة الوطن، وقالت إن البناء القاعدي المحلي والجهوي والأقاليم والجهات والأقاليم هو فكر رئاسي متوازن وهدفه الأساسي هو الاستثمار والتنمية المستدامة للنهوض بالبلاد التونسية وتحقيق العدالة بين الجهات، لذلك ترى أنه لا بد من دعم مشروع رئيس الجمهورية ووضع حد للهرسلة والتجاهل الذي يمارسه بعض المسؤولين، حيال المجالس المحلية وطالبت بالتسريع في تمرير القانون المنظم لتلك المجالس.. وأضافت النائبة أنه لا يخفى على أحد أنه من أبرز أهدف المجلس الوطني للجهات والأقاليم، تخطيط عادل ومتوازن ومحكم في المسار التنموي بما يساهم في رفع التحديات والرهانات لبناء تونس جديدة تليق بكل التونسيين. ودعت بلحاج محمد رئيس الحكومة إلى السعي للعمل والتخطيط ضمن أهداف متطورة لتحسين البنية التحتية للبلاد مع المحافظة على التوازن بين الجهات وأن تكون له إستراتجية محكمة لبرامج تنموية ينتظرها المواطن وتضمن له فرص شغل جديدة وأفاقا متنوعة، وأشارت إلى ضرورة التقليص من الغلاء الذي أثقل كاهل التونسيين، وتساءلت كم من مشروع معطل في تونس وكم من منطقة مهمشة كما تحدثت طويلا عن مدينة حلق الوادي وما تعانيه من إهمال وعددت المشاريع المعطلة فيها وعبرت عن أملها في وضع منوال تنموي ثقافي تربوي سياحي اجتماعي صحي يشمل ولاية تونس وجميع الولايات الأخرى، ودعت إلى استغلال المعالم الأثرية والقيام بترميم مدينة تونس العتيقة وبقية المدن، وقالت إنه لا بد من مراعاة ذوي الإعاقة في الميزانية وفي البرامج الاستثمارية، ودعت إلى معالجة الخور الموجود في البلديات فمصلحة المواطن آخر اهتماماتها، إذ كثيرا ما يقع إصدار قرارات وإلغاء أخرى دون أي مرجع قانوني وطالبت النائبة رئيس الحكومة بمتابعة ملف مستودعات البلديات.
تكريس السيادة الوطنية
ترى عضوة مجلس نواب الشعب زينة جيب الله غير منتمية إلى كتل، أن الخيارات السياسية التي انتهجتها الدولة التونسية منذ 2019 قامت على مبدأ تكريس السيادة الوطنية حفاظا على استقرار أمن البلاد ورفض التدخل الأجنبي في شؤون تونس وعدم الخضوع لشروط صندوق النقد الدولي واعتماد سياسة التعويل على الذات عبر المبادرات الخاصة الفردية والجماعية كالشركات الأهلية وتعزيز روح المبادرات في المجال الاقتصادي والقطع مع كل ما هو تقليدي ونمطي وجعل المواطن شريكا فاعلا في المسار الإصلاحي عبر تشريكه في الاستشارة الوطنية والاستفتاء حول الدستور.
وقالت إن السلطة التشريعية كانت مكملا رئيسا إذ أثبتت شعورا صادقا بالمسؤولية وحسا وطنيا في كل مرحلة من مراحل معركة التحرير الوطني وإنقاذ البلاد مما وصفته بمحرقة حقيقية أريد بها تقسيمها إلى دويلات، وذكرت كل هذه الخيارات السياسية عززت الوعي الجمعي لدى التونسيين وهي مترمجة عبر انتخابات رئاسية ديمقراطية وشفافة عبرت نتائجها غير المسبوقة عن تمسك الشعب التونسي بالمسار الإصلاحي الوطني، وأضافت أن هذا الوعي الجمعي يجب عدم التفريط فيه بأي شكل من الأشكال كما يجب تعزيزه بالعمل الجدّي والمتكامل بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، ولاحظت أن اختزال الآجال يجب بلورته في مشاريع القوانين التي ترتقي إلى مستوى مطالب الشعب، ويجب عدم التضييق على العمل البرلماني وفتح المجال أمام نواب الغرفتين لتفعيل برامجهم ووعودعم الانتخابية للشعب الذي منحهم الثقة، وعدم وضع النائب في مربع ضيق محدد ومكبل لا يتماشى مع الواقع المعيشي ولا يتناغم مع ما يطلبه الناخب منه وذلك في إطار احترام أحكام الدستور. وحمّلت النائبة زينة جيب الله رئيس الحكومة أمانة حل ملف المناولة والتشغيل الهش، وعبرت عن أملها في أن ترى مجلة الشغل قريبا النور. ودعت إلى منح الفلاحين الصغار اهتماما أكبر واتخاذ إجراءات استثنائية لفائدتهم.
توزيع عادل للثروة
أما النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ناجي بن الكيلاني فأشار إلى أن عمل الحكومة يجب أن يكون في توافق كامل مع مطالب الشعب ومع ما أعلنه رئيس الجمهورية من خيارات مصيرية لتصحيح مسار الثورة والتاريخ.. فالشعب حسب قوله يريد محاربة الفساد والمفسدين وتطهير الإدارة ويريد حكومة انجاز ورجال ميدان يصلون الليل بالنهار لتحقيق مطالبه المشروعة، ويريد تنمية عادلة بين كل الجهات والأقاليم بل داخل الجهات نفسها، ويريد دولة قانون ومساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات في إطار العدل والإنصاف، ويريد بناء يقوم على التشاركية الفعلية لعلها تنسيه سياسة الفرز والإقصاء وكل مخلفات نظام مركزي حكم لمدة عقود ولم يفرز التفاوت الجهوي فحسب بل أفرز أيضا لوبيات وعصابات نافذة . وقال النائب إن الشعب طال انتظاره ولا يحق لأحد أن يخيب آماله مجددا ويجب على الجميع، كل من موقعه أن يحمل الأمانة.. والأمانة أمانات، أمانة الاستجابة لطلبات العيش الكريم، وأمانة الاستجابة لأصوات المعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا، وأمانة مساعدة ضعاف الحال وفاقدي السند، وأمانة توزيع عادل للثروة بين الجهات وداخل نفس الجهة، وأمانة الحفاظ على الدولة التونسية.. وأضاف أن الكل سيمر ويمضي أما الدولة فهي التي تستمر وتبقى، وعلى الجميع أن يتذكروا شهداء تونس الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن.
خيار الرقمنة
لاحظ النائب غير المنتمي إلى كتل محمود العامري أن مشروع الميزان الاقتصادي يعتبر خطوة مهمة لمجابهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، ولكن لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة يجب العمل على تحسين مناخ الاستثمار في تونس والتعجيل بمراجعة مجلتي الاستثمار والصرف بما يتماشى مع المتغيرات الاقتصادية العالمية وخلق بيئة تنظيمية تشجع على دعم الاستثمارات المحلية والدولية بما يساهم في توفير فرص العمل وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. ويرى النائب أن التوجه نحو الرقمة أصبح خيارا ضروريا لأن التحول الرقمي في الإدارة لا يعزز الشفافية فقط بل سيساهم في تحسين فاعلية العمل الحكومي ويسهل تقديم الخدمات للمواطن. وأضاف أنه توجد أمام المحكومة فرصة تاريخية لترجمة العدالة التنموية إلى واقع ملموس والقطع مع سياسة التمييز الايجابي التي كرستها ما وصفها بعشرية العبث بمؤسسات الدولة، وذكر أن هذه الفرصة تعد استحقاقا دستوريا وجزءا أساسيا من مسار البناء والتشييد، ولاحظ أن ولاية سوسة تشكو من تأخر في تنفيذ العديد من المشاريع الكبرى في مختلف المجالات ومنها مشروع مترو الساحل الذي يمكن أن يحد من أزمة النقل المتفاقمة بشكل ملحوظ. كما تحدث العامري عن تردي النقل العمومي في القلعة الصغرى وسيدي الهاني وطالب بتعزيز أسطول شركة النقل بالساحل وتوفير العدد اللازم من الحافلات وقال إن القلعة الصغرى تعاني من تعطل مشاريع هامة منها مشروع المنطقة الصناعية الذي تمت برمجته منذ أكثر من 16 سنة ولكنه مازال معلقا إضافة إلى مشروع حماية المدينة من الفيضانات فضلا عن تعطل انجاز عدد من المؤسسات التربوية، وطالب بالتسريع في انجاز المشاريع المعطلة بسيدي الهاني وانجاز مشاريع مركز وسيط للصحة ومركز استعجالي وربط المنطقة بشبكة التطهير.
وبعد استكمال النقاش العام لمشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي، سيواصل أعضاء مجلسي نواب الشعب والجهات والأقاليم جلساتهم العامة المشتركة وسينظرون في المهمات والمهمات الخاصة بمشروع الميزانية وذلك قبل المرور لنقاش مشروع قانون المالية لسنة 2025 والمصادقة عليه في أجل لا يتجاوز يوم 10 ديسمبر 2024.