إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نقاش مشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي.. رئيس الحكومة: إعداد خارطة استثمارية لكل إقليم لضمان توزيع متوازن للمشاريع الكبرى

تونس: الصباح

أجمع أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلسة عامة مشتركة انعقدت بقصر باردو للنظر في مشروعي ميزانية والدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 على ضرورة تغيير المنوال التنموي والتعويل على الذات ودفع الاستثمار والتسريع في انجاز المشاريع المعطلة وتحسين البنية التحتية ومعالجة مشكل شح المياه والسعي إلى ضمان الأمن الغذائي والمائي والطاقي، وطالبوا إثر الاستماع إلى البيان الذي قدمه رئيس الحكومة كمال المدّوري بمناسبة الانطلاق في المداولات حول المشروعين بتحقيق العدالة الجبائية والحد من التفاوت بين الجهات ومراجعة قانون الاستثمار ومجلة الصرف.

وقبل الانطلاق في النقاش العام لمشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 قدمت لجنتا المالية والميزانية بالغرفتين النيابيتين تقريرا مشتركا بينهما حول المشروعين، وعلى هامش الجلسة العامة قال عصام شوشان رئيس لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب في تصريح لوسائل الإعلام إنه في علاقة بالأرقام التي وردت في مشروع الميزانية خاصة تلك التي تتعلق بنسبة نمو في حدود 3 فاصل 2 سنة 2025، فقد تعاملت اللجنة مع هذه النسبة بموضوعية وأكدت عدة مرات على أنه يمكن تحقيق هذا الرقم أو أفضل منه لكن لابد من النظر إلى إستراتيجية الحكومة المعتمدة لهذا الغرض في ظل الإكراهات في الداخل والخارج، وأضاف أنه بالنظر إلى إستراتيجية الحكومة وإلى الاجتماعات الوزارية لحلحلة المشاريع الكبرى ودفع الاستثمار فإن هذا الرقم يصبح منطقيا ويمكن تحقيقه وستكون اللجنة حسب تأكيده سندا لعمل الحكومة لبلوغ تلك النسبة. وأضاف شوشان أنه بالنسبة إلى تعبئة موارد الدولة، فإن السياسة العامة لرئيس الجمهورية تقوم على التعويل على الذات وعدم اللجوء إلى الاقتراض الخارجي وخاصة من صندوق النقد الدولي، وبالتالي فإن الحل هو التعويل على الذات من خلال الاقتراض الداخلي وخلق الثروة لتقليص نسبة عجز الميزانية.

ولدى حديثه عن الموارد المتأتية من الفسفاط، أشار عصام شوشان على أنه من الأولويات التي سيتم العمل عليها خلال السنة القادمة، دعم إنتاج الفسفاط لبلوغ 5 فاصل 1 ملايين طن وهو رقم لم يقع تحقيقه منذ سنوات، وذكر أنه توجد مؤشرات عديدة سواء على المستوى الخارجي من خلال ارتفاع سعر الفسفاط وكذلك من خلال تزايد الطلب العالمي على المنتوج التونسي أو على المستوى الداخلي من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الفسفاط والتي تجسمت فعليا في منجم الفسفاط بالكاف وأيضا في منجم المظيلة وكلها معطيات تبعث حسب رأي رئيس اللجنة على الأمل في تحسن إنتاج الفسفاط سنة 2025، وعن رأي لجنة المالية والميزانية في الأحكام ذات الصلة بالضريبة على الشركات الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2025، بين شوشان أنه في قراءة أولية لتلك الأحكام، هناك توجه نحو إرساء العدالة الجبائية سواء تعلق الأمر بالضريبة على الشركات أو الضريبة على الأشخاص، وذكر أنه عند النظر إلى الضريبة على الشركات يمكن الإشارة إلى أنها لا تشجع على الاستثمار، وستقوم اللجنة بوضع بصمتها في المشروع وتعديل هذا الفصل وفي صورة تنقيح الفصل المتعلق بالضريبة على الشركات فإنها ستنقح الفصل المتعلق بالضريبة على الأشخاص، وأوضح أنه في كل الحالات هناك القانون الأساسي للميزانية الذي يحكم عمل اللجنة عند تعديل الأحكام المتعلقة بمشروع قانون المالية، وبين أنه يمكن تقديم عدة مقترحات تعديل لهذا المشروع وهناك إمكانية التمديد في العفو الجبائي والعفو الديواني ومراجعة الأداءات المتعلقة باللاقطات الشمسية والرخام وتعديل جميع الإجراءات التي من شأنها أن تعطل الاستثمار.

توسيع قاعدة دافعي الضرائب

النائب غير المنتمي إلى كتل هشام حسني يرى أن ميزانية 2025 لا تختلف عن الميزانيات السابقة لأن مواردها الأساسية متأتية من الضرائب ولأنه لم يقع التوسيع في قاعدة دافعي الضرائب بل تم الترفيع في نسبة الضرائب. ولاحظ أن الجزء الكبير من الميزانية متأت من الاقتراض الداخلي والخارجي، وأقر حسني بأن الشيء الايجابي هو تقليص من اللجوء للاقتراض الخارجي لكن الاقتراض الداخلي يمكن أن يؤثر سلبا على السيولة والاستثمار. وأضاف عضو مجلس نواب الشعب أنه تم استعمال نفس الخطاب منذ سنة 2012 وتكرار نفس العبارات من قبيل سنة الإقلاع ولكن في الحقيقة لا توجد إجراءات لدفع الاستثمار وخلص إلى أن الإجراءات الفعلية لدفع الاستثمار لا تتم على مستوى قانون المالية بل على مستوى التشريعات المتعلقة بهذا المجال وبين أنه منذ التحاقه بالمجلس النيابي وهو ينتظر ثورة تشريعية لكن هذا لم يحدث بل أغلب القوانين التي صادق عليها مجلس نواب الشعب هي قروض، وعبر حسني عن أمله في أن يقع مستقبلا تقديم تشريعات من شأنها أن تنهض بالاستثمار وقال إنه لا بد من التخفيض في الضريبة مقابل توسيع قاعدة دافعي الضرائب ..

أما النائب رياض الديردي الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني للجهات والأقاليم فبين أن كلمة رئيس الحكومة كانت شاملة وعبرت عن وجود تغير في المنوال التنموي وسياسات الدولة وهي في الحقيقة سياسات رئيس الجمهورية الذي تحدث في خطاب جلسة أداء اليمين الدستورية عن ثورة تشريعية وثورة ثقافية. وقال الدريدي إن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يؤكد على مسألة التنمية في الجهات والتي هي حاليا تكاد تكون منعدمة. وذكر أن رئيس الحكومة تحدث عن منوال جديد ويجب العمل على أن تكون الدولة دولة اجتماعية وأن يقع تسهيل مهمة المواطن في دفع الضريبة. وأشار إلى أن الميزانية هي ميزانية اجتماعية بامتياز، ولاحظ النائب أنه ستكون هناك تعديلات على مشروع قانون المالية وشدد على أنه لا يمكن الإبقاء على المنوال التنموي الحالي بل يجب تغيره وعلى الحكومة الأخذ بعين الاعتبار تقسيم الأقاليم عند وضع برامج التنمية. وبين أنه في صورة عدم تحقيق شعارات الثورة فإنه لا شيء سيتغير. ولاحظ أن المشكل في تونس لا يتمثل في غلاء الأسعار وإنما في ضعف دخل الأجير. وخلص إلى أن جميع فصول مشروع قانون المالية يجب أن تصب في مصلحة الشعب.

قانون محاسبي

عبد الرزاق عويدات نائب رئيس كتلة الخط الوطني السيادي بمجلس نواب الشعب بين أن مشروع قانون المالية هو قانون محاسبي أكثر منه قانون بناء اقتصادي فعلى سبيل الذكر عند الحديث عن التعويل على الذات لا توجد خطة عملية لحل وضعية الفسفاط. وفسر أنه من غير المعقول بعد أن كان إنتاج الفسفاط سنة 2010 في حدود 8 ملايين طن أصبح دون 3 ملايين طن خلال السنة الجارية. وأضاف أنه لم يقع وضع خطة عملية للتحول من هذه الوضعية الرديئة إلى نفس الوضع الذي كان عليه إنتاج الفسفاط سنة 2010 ومثل هذه الخطة تتطلب حسب رأيه تخصيص أموال لتوفير التجهيزات والمعدات والمغاسل والنقل من أجل تعافي هذا القطاع ووضع حد نهائي لمشاكله لكي يعود إلى سالف إنتاجه وبهده الكيفية يمكن تنمية مداخيل الدولة وتحسين وضعية المالية العمومية. وقال عويدات إن الشعارات التي تم رفعها في الثورة أصبحت شعارات الدولة من قبيل السيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني والدور الاجتماعي للدولة ولكن لا يمكن الحديث عن السيادة الوطنية دون وجود سيادة غذائية وسيادة دوائية وسيادة طاقية ولا يمكن تحقيق سيادة غذائية في ظل وضع مناخي متقلب ودون وضع خطة لمجابهة الجفاف وتحلية مياه البحر في الشمال وسكبها في السدود لضمان استدامة الإنتاج الفلاحي والري التكميلي.. وذكر أنه لا يفهم كيف هناك أراض دولية مهملة وشركات إحياء لا تلتزم بكراسات الشروط ولا يتم وضع خطة عملية لإرجاع تلك الأراضي وتمكين المهندسين الفلاحيين والمختصين في الفلاحة منها لدعم الإنتاج الفلاحي.

وعن رأيه في السلم الضريبي بين عبد الرزاق عويدات أن المطلوب هو توسيع قاعدة دافعي الضرائب وليس إثقال كاهل دافعي الضرائب.. وذكر أنه من المهم العمل على إدماج الاقتصاد الموازي في السوق المنظم وبهذه الكيفية يتم توفير موارد جبائية إضافية وقال إنه لا بد من تحفيز الناشطين في السوق الموازية على الانخراط في القطاع المنظم.

 وبين عويدات أنه لا يمكن تحفيز الاستثمار في الوقت الذي يتم فيه كل عام إقرار نسب ضرائب جديدة فهذا لا يشجع الاستثمار الداخلي والاستثمار الخارجي على حد سواء وذكر أنه عند الحديث عن التعويل على الذات لا بد من الإشارة إلى وجود طاقة بشرية مهدورة وهم الدكاترة المعطلين عن العمل.

العمل المشترك

وفي كلمته الافتتاحية، عبر رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة عن الاستعداد الأمثل والتام لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم وللحكومة على حد السواء للنظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2025 في كنف التشاركية ووفقا لمقتضيات الدستور والمرسوم المتعلق بتنظيم العلاقة بين الغرفتين النيابيتين وشدد بالخصوص على ضرورة العمل المشترك على ثورة تشريعية حقيقية تعيد الأمل وتضع الحلول للمشاكل والصعوبات القائمة. وعبر عن أمله في أن تكون الجلسات العامة المشتركة حافزا على التجديد والإضافة ورفع التحديات الماثلة بمزيد من الحماس وأداء الأمانة على الوجه الأفضل وتحقيق النتائج المرجوة وتحدث عن مدى ارتباط الأوضاع في كل الأقطار بما يفرضه الوضع العالمي خاصة على المستوى الاقتصادي وما يرافقه من تواتر للأزمات والتقلبات الجيواستراتيجية التي تزامنت مع تواصل شح المياه وحدة تأثيرات التغيرات المناخية بما أدّى إلى تباطؤ معدّلات النمو. ولاحظ صواب الخيارات التي تمّ إتباعها منذ 25 جويلية 2021، والتي حسب قوله اتجهت إلى تكريس مبدأ التعويل على الذات ورفض الإملاءات وفرض السيادة الوطنية في كلّ تجلياتها والحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة.

وأكد بودربالة انحياز الشعب التونسي إلى هذه الخيارات الوطنية وإلى الاستقرار الذي يبتغيه لوطنه واعتبر أن "نتائج الانتخابات الرئاسية مثّلت محطة فارقة أحبطت جميع محاولات الإرباك والتلاعب بمصير البلاد وإرجاعها إلى مربع التدخلات الخارجية، وبيّنت هذه الانتخابات من جديد صلابة الإرادة الشعبية الداعمة لمسار إنقاذ البلاد الذي يدخل مرحلة جديدة قوامها البناء والتشييد"، وذكّر رئيس المجلس بمسؤولية مؤسسات الدولة في إعداد العدّة لمجابهة الأوضاع المتردية التي تسبّبت فيها السياسات الخاطئة والفاشلة للفترات السابقة والتي لفظها الشعب بحكم تطلّعه إلى تحسين أوضاعه المعيشية وبين حجم الرهانات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الكبيرة فبعضها هيكلي وبعضها الآخر ظرفي ناجم عن الانعكاسات السلبية للأوضاع السائدة ولتدني مؤشرات التنمية ونسب النمو عالميا وإقليميا ووطنيا. ويرى أن مؤسسات الدولة محمول عليها وضع البرامج والخطط والاستراتيجيات التي من شأنها أن تنعكس إيجابيا على فرص التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية وتخلق القفزة النوعية المنشودة، فرغم تسجيل عدد من المؤشرات الإيجابية لا مناص من مضاعفة الجهد وخلق الثروة عبر وضع الرؤى الاستشرافية ورسم الخطوط العريضة للإصلاح في شتى المجالات التنموية وخاصة الإصلاحات المُحكمة التي تتصل بالتنمية في الجهات، وتلك المرتبطة مباشرة بتعزيز مقومات العيش الكريم والتوزيع العادل للثروات وبلوغ العدالة الجبائية وتنمية اقتصاد أكثر تنوعاً وقدرة على الصمود والبحث عن السبل المثلى لإدماج الاقتصاد الموازي وتحديث الإدارة وتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية الداعمة للاستثمار.

ودعا رئيس مجلس نواب الشعب الجميع للمساهمة الجادة في هذا التمشي الاستشرافي وفي تفعيل أهم الإصلاحات التي تستوجبها المرحلة، وتحقيق مطالب الشعب والتشبّع بثقافة العمل والانجاز ومضاعفة البذل والعطاء في هذه المرحلة الدقيقة. وأشار إلى أن الجلسة العامة المشتركة تؤكد وحدة مؤسسات الدولة وتعاونها وتكامل أدوارها خدمة للمصلحة الوطنية، وذكر أنه على الجميع توجيه رسائل طمأنة وثقة في المستقبل للمواطن الذي ينتظر أن تتغيّر أوضاعه وأن يصبح قادرا على تلبية أهم حاجياته المعيشية، وتطرق إلى مهمة مؤسسات الدولة في رسم السياسات الكفيلة بتجسيم الخيارات التي قام عليها مسار الإصلاح والإنقاذ، والكفيلة بالاستجابة للاستحقاقات الوطنية، ولاحظ تقاسم الوظيفة التشريعية مع الوظيفة التنفيذية الوعي بجسامة التحديات المطروحة وبالمسؤولية لرفعها. كما بين أن ما يجمع بين كل الأطراف هو العزيمة الثابتة والصادقة، وأن ما يحركها هو الانتماء إلى الوطن والتعويل على القدرات الكامنة التي تتطلب إعادة إحياء ثقافة العمل من أجل بناء الحاضر واستشراف مستقبل الأجيال القادمة وعبر عن الرغبة في إنجاح هذه التجربة الأولى أي الجلسات العامة المشتركة بين الغرفتين، لتكون مناسبة مثلى للاستماع إلى بيانات الحكومة ورؤيتها وللخوض في مجمل سياسات الدولة وبرامجها وخططها الإصلاحية في مختلف المجالات والميادين، وللتقدّم بالمقترحات البنّاءة في إطار التعاون المأمول بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، واضطلاع البرلمان بغرفتيه بدوره الهام في هذا المجال عبر المصادقة على مشروع قانون المالية في الآجال الدستورية ودعا إلى المرور إلى السرعة القصوى على جميع المستويات وخاصة التشريعية وتحمّل المسؤولية التي تتقاسمها مؤسسات الدولة انطلاقا من المقتضيات الدستورية ومن جملة المبادئ والقيم التي ارتكز عليها مسار 25 جويلية، وشدد على ضرورة العمل المشترك على ثورة تشريعية حقيقية تعيد الأمل وتضع الحلول للمشاكل والصعوبات القائمة، وعبر عن تطلع النواب إلى عرض حزمة من مشاريع القوانين التي تتصل في مقام أوّل بالتنزيل التشريعي للدستور من خلال مراجعة وتنقيح التشريعات التي أصبحت غير متلائمة مع أحكامه أو غير متماشية مع فلسفته، فضلا عن سنّ القوانين الجديدة التي يتطلبها هذا التنزيل للمبادئ والتوجّهات التي جاء بها دستور 25 جويلية 2022، وفي مقام ثان مشاريع القوانين التي تتعلّق بالإصلاحات الجوهرية ذات العلاقة بإنعاش الاقتصاد، وبقطاعات المالية ودعم الاستثمار وغيرها من الإصلاحات الكبرى المرتقبة.

بناء الدولة الاجتماعية

رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي بين خلال افتتاح الجلسة العامة المشتركة بين الغرفتين النيابيتين للنظر في مشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 أن دور كل المؤسسات لا يقتصر على مناقشة الأرقام وتوزيع الميزانيات، بل يتجاوز ذلك إلى مجابهة كل التحديات الاجتماعية الملحة، وتعزيز التنمية البشرية، وضمان وصول الموارد والفرص إلى جميع المواطنين دون تمييز وضمان أن لا يشعر أي مواطن بالتهميش أو الإقصاء، والحرص على أن تعكس الميزانية العامة تطلعات الشعب وتعمل على تحسين ظروف عيشه.

وأشار إلى أن نواب المجلس الوطني للجهات والأقاليم والمجالس الإقليمية والمجالس الجهوية والمحلية هم تعبيرة صادقة عن الشعب التونسي وفئاته الشعبية المكافحة من طلبة وعمال وصغار فلاحين وموظفين وأصحاب شهائد وصغار تجار وصناعيين وحرفيين وغيرهم، وهي الأغلبية الشعبية التي اختارت نهج التحرر الوطني والبناء والتشييد شعارا للمرحلة، ففي الوقت الذي تتآمر فيه البارونات وكرتلات الفساد وتعطل فيه حفنة العائلات التي نهبت الشعب مشروع التحرر فإن هذه الفئات حسب رأيه تكافح من أجل جعل هذا الشعار واقعا.

وأضاف رئيس المجلس قائلا:"لن نخذل أبناء تونس أريافا وقرى ومدنا وسنسعى إلى تطوير السياسات التي تدعم كل الجهات والفئات الشعبية، وتضمن الحقوق الأساسية مثل التعليم، والصحة، والسكن اللائق، وتوفير فرص الشغل. وإننا ملتزمون ببناء الدولة الاجتماعية التي تحقق العدالة والتضامن بين كافة أبناء الشعب، وتضمن العيش الكريم لكل فرد".

وذكر أنه في التزام النواب بالعدالة الاجتماعية وتكريس الحقوق الأساسية لكل مواطن، تأكيد على ضرورة إرساء عدالة جبائية حقيقية تكون ركيزة للتنمية المستدامة وأداة لرفع الظلم الاقتصادي عن المواطنين. ويرى الدربالي أن النظام الجبائي ليس مجرد أداة تمويل للدولة، بل هو دعامة لتوزيع الثروات بشكل منصف، بما يُسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتوفير فرص متكافئة للجميع بما يحتم العمل على وضع سياسات جبائية تراعي الفئات الضعيفة وتدعم الاقتصاد المحلي، خاصة المشاريع الصغرى والمتوسطة التي هي العمود الفقري للاقتصاد الوطني. ودعا النواب إلى العمل بجدية على تقوية نظم الرقابة والمحاسبة لضمان توجيه الموارد الجبائية نحو تحقيق التنمية الفعلية مع تشريك المواطن في هذا الجهد عبر توعيته بأهمية الضريبة كآلية لدعم المصلحة العامة شرط أن تُحترم مبادئ الشفافية والمساواة في إدارة هذه الموارد.

ودعا إلى العمل على تعزيز سيادة تونس في الداخل والخارج عبر تطوير اقتصاد وطني متين يقوم على الإنتاج والابتكار، لا على الاستدانة والاعتماد المفرط على الخارج ودعم الصناعات المحلية وتشجيع الفلاحين والمستثمرين وتقليص الفوارق بين الجهات، والدفاع عن المصالح الوطنية بكل قوة، وبناء علاقات تقوم على الندية والاحترام المتبادل مع جميع الدول حتى تكون لتونس كلمة مسموعة في العالم، قائمة على حماية استقلالية القرار الوطني، مع الانفتاح على شراكات متوازنة تعود بالنفع على الشعب.. وتوسيع دائرة العلاقات الاقتصادية بالاستثمار في المزايا الجيوسياسية لتونس معتبرا أن الوضع الدولي، بقدر ما فيه من مخاطر فيه أيضا فرص كبيرة يتعين استغلالها والإسهام مع الشعوب الحرة في إرساء نظام إنساني جديد على أنقاض نظام التوحش الحالي الذي وصل ذروة توحشه، في ما تعيشه غزة وكل الأراضي المحتلة في فلسطين وما يعيشه لبنان وندد رئيس المجلس بشدة بالعدوان الهمجي وحرب الإبادة التي تشن على الشعبين الفلسطيني واللبناني وهي حسب قوله دليل على وصول هذا النظام الدولي إلى نهايته إذ لا يمكن لنظام يسمح بكل هذا الإجرام أن يستمر.

وأضاف أنه على مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم إسناد موقف رئيس الجمهورية التاريخي والقوي والمشرف حسب وصفه تجاه نضال الشعب الفلسطيني حتى تحرير كل فلسطين وإنهاء الوجود المادي لما يسمى إسرائيل باعتبارها كيانا استيطانيا عنصريا نازيا غير مشروع. ودعا الدربالي جميعً النواب لمواصلة العمل وتعزيز جهودهم لرفع راية تونس عالياً وتحقيق المزيد من الإنجازات.

تحسن الوضع الاقتصادي

بمناسبة انطلاق مداولات مجلسي نواب الشعب والجهات والأقاليم حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025 قدم كمال المدّوري رئيس الحكومة بيانا ضافيا في الغرض عدد فيه انجازات الحكومة خلال الفترة المنقضية على جميع المستويات. وقال بالخصوص إن تحسين الوضع الاقتصادي يبقى في صدارة اهتمامات الدولة عبر تعزيز آليات الصلابة والتنافسية للمؤسسات التونسية بعد الصعوبات الناجمة عن تواتر الأزمات وعمق التحولات الجيواسترتجية العالمية وما تفرضه من إرساء نظام عالمي إنساني جديد إلى جانب تسارع التقلبات الاقتصادية وحدتها وطبيعة التغيرات المناخية وسياق إعادة تركيز سلاسل القيمة العالمية في نطاق جغرافي قريب من الأسواق الكبرى وما تمثله من فرص واعدة للاقتصاد الوطني. وأضاف أن الدولة تعمل في هذا الشأن على توفير مقاربات وطنية أكثر نجاعة والتعويل على الكفاءات والقدرات التونسية من أجل استعادة الثقة وتوفير مقومات النهوض بالإنتاج والتصدير واستحثاث الاستثمار وفقا لأولويات الدولة خاصة النهوض بالأنشطة الواعدة، وتبرز في هذا السياق حسب قوله عدة مؤشرات تؤكد تحسن الأداء الاقتصادي خاصة في قطاعي الفلاحة والسياحة مما يجعله يتوقع نموا للنتاج المحلي الإجمالي بنسبة 1 واصل 6 بالمائة خلال السنة الجارية رغم تواصل الصعوبات التي تواجهها الصناعات الاستخراجية والمعملية، كما ينتظر تحسن ميزان الدفوعات بفضل التوصل إلى حصر العجز التجاري في حدود 2 فاصل 7 بالمائة من الناتج في نهاية السنة الجارية وذلك رغم الارتفاع الملحوظ للعجز الطاقي. وذكر أنه تم تسجيل مستوى مطمئن من احتياطي العملة فضلا عن ارتفاع نسق الاستثمار الخارجي بعد التوافق في جذب مشاريع هامة في الطاقات المتجددة والأنشطة التكنولوجية.

كما أكد المدّوري أن الاقتصاد أثبت صلابة وصمودا تجاه الأزمات العالمية وعبر عن تمسك الدولة التونسية التام بالإيفاء بالتزاماتها المالية الخارجية والتي تندرج ضمن ثوابت البلاد، وأضاف أن الجهود المبذولة ستسمح بالتحكم في عجز ميزانية الدولة وبقاء المديونية العمومية في مستويات مقبولة إضافة إلى تواصل المنحى التنازلي للتضخم.

انجاز المشاريع الكبرى

وقال رئيس الحكومة كمال المدّوري إنه يتم العمل على توفير الإحاطة اللازمة لباعثي الشركات الأهلية، وتطرق إلى الجهود المبذولة لحلحلة الصعوبات التي اعترضت المشاريع الكبرى قصد التسريع في انجازها وقدم للنواب أمثلة عديدة في هذا المجال، كما أكد على تواصل محاربة الفساد، وأضاف أنه تم تجاوز الإشكاليات العقارية التي رافقت انطلاق انجاز المشروعين الاستثماريين بالسواحل الشمالية لصفاقس وسبخة بني غياضة بالمهدية والإذن بعرضها للاستثمار، وأعلن عن الشروع في انجاز دراسة إستراتيجية للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة للحفاظ على هذه الشريحة المهمة من المؤسسات وتطوير أدائها.

 وقدم رئيس الحكومة بسطة عن حجم ميزانية 2025 وتحدث عن بعض الإجراءات الواردة في مشروع قانون المالية للسنة القادمة، وتتضمن تقديرات النمو لسنة 2025 حسب قوله تطور النتائج المحلي الإجمالي بنسبة 3 فاصل 2 بالمائة، وأكد على مواصلة العمل على مزيد التحكم في نسبة التضخم والمحافظة على سلامة توازنات المالية العمومية ويتطلب تحسين نسبة النمو حسب قوله انخراط الفاعلين الاقتصاديين في القطاعين العام والخاص وتنفيذ المشاريع المبرمجة.

 وذكر أن تعزيز المجهود الاستثماري خلال السنة القادمة يكتسي أهمية بالغة وأولوية مطلقة باعتبار الاستثمار هو المحرك الرئيسي للنمو وقاطرة لتطوير هيكلة الاقتصاد وتحسين تنافسيته وأضاف أن الدولة ستعمل على مراجعة المنظومة التشريعية للاستثمار واستقطاب الباعثين في الأنشطة الواعدة والمجالات الإستراتجية وذلك ضمن نص قانوني جامع موحد وأفقي، إلى جانب ما تضمنه تنقيح مجلة الصرف من امتيازات تفتح آفاقا واعدة لتحرير الطاقات خاصة الشبابية، وذكر أنه في إطار التكامل بين القطاعين الخاص والعمومي سيقع التركيز على رقمنة الخدمات الإدارية ذات الصلة بالمستثمرين على غرار إرساء المنصة الرقمية للاستثمار. وعدد رئيس الحكومة المشاريع المنتظر تحقيقها خلال السنة القادمة من قبيل إعداد خارطة استثمارية لكل إقليم بهدف ضمان توزيع متوازن للمشاريع الاستثمارية الكبرى على التراب التونسي في إطار المقاربة التنموية الجديدة الواردة بالدستور مع الأخذ بعين الاعتبار الميزات التفاضلية لكل إقليم والتوظيف الأمثل للموارد البشرية والطبيعية. وأكد على تكثيف الجهود لإعادة حكومة المنشآت والمؤسسات الوطنية ومساندتها لكي تقوم بأدوارها الاجتماعية والاقتصادية. ولتحسين الإدماج الرقمي والمالي ستسعى الدولة حسب قوله لتطوير البنية التحتية الرقمية للشبكات بما يسمح لمختلف الفئات الاجتماعية بكل الجهات من الولوج لشبكات الاتصال ذات السعة العالية إلى جانب السعي إلى تنفيذ مشاريع التحول الرقمي للإدارة وتعزيز الأمن السيبراني واستغلال البيانات واليقظة التكنولوجية.. وخلق مناخ ملائم للمبادرة وبعث مشاريع في الاقتصاد الرقمي وإدراج تونس ضمن السلاسل العالمية المرتبطة بالرقمنة بما يجعلها قبلة للشركات العالمية.

وسيواصل مجلس نواب الشعب طيلة الأيام القادمة النظر في مشروع ميزانية الدولة ونقاش المهمات والمهمات الخاصة.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نقاش مشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي..   رئيس الحكومة: إعداد خارطة استثمارية لكل إقليم لضمان توزيع متوازن للمشاريع الكبرى

تونس: الصباح

أجمع أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلسة عامة مشتركة انعقدت بقصر باردو للنظر في مشروعي ميزانية والدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 على ضرورة تغيير المنوال التنموي والتعويل على الذات ودفع الاستثمار والتسريع في انجاز المشاريع المعطلة وتحسين البنية التحتية ومعالجة مشكل شح المياه والسعي إلى ضمان الأمن الغذائي والمائي والطاقي، وطالبوا إثر الاستماع إلى البيان الذي قدمه رئيس الحكومة كمال المدّوري بمناسبة الانطلاق في المداولات حول المشروعين بتحقيق العدالة الجبائية والحد من التفاوت بين الجهات ومراجعة قانون الاستثمار ومجلة الصرف.

وقبل الانطلاق في النقاش العام لمشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 قدمت لجنتا المالية والميزانية بالغرفتين النيابيتين تقريرا مشتركا بينهما حول المشروعين، وعلى هامش الجلسة العامة قال عصام شوشان رئيس لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب في تصريح لوسائل الإعلام إنه في علاقة بالأرقام التي وردت في مشروع الميزانية خاصة تلك التي تتعلق بنسبة نمو في حدود 3 فاصل 2 سنة 2025، فقد تعاملت اللجنة مع هذه النسبة بموضوعية وأكدت عدة مرات على أنه يمكن تحقيق هذا الرقم أو أفضل منه لكن لابد من النظر إلى إستراتيجية الحكومة المعتمدة لهذا الغرض في ظل الإكراهات في الداخل والخارج، وأضاف أنه بالنظر إلى إستراتيجية الحكومة وإلى الاجتماعات الوزارية لحلحلة المشاريع الكبرى ودفع الاستثمار فإن هذا الرقم يصبح منطقيا ويمكن تحقيقه وستكون اللجنة حسب تأكيده سندا لعمل الحكومة لبلوغ تلك النسبة. وأضاف شوشان أنه بالنسبة إلى تعبئة موارد الدولة، فإن السياسة العامة لرئيس الجمهورية تقوم على التعويل على الذات وعدم اللجوء إلى الاقتراض الخارجي وخاصة من صندوق النقد الدولي، وبالتالي فإن الحل هو التعويل على الذات من خلال الاقتراض الداخلي وخلق الثروة لتقليص نسبة عجز الميزانية.

ولدى حديثه عن الموارد المتأتية من الفسفاط، أشار عصام شوشان على أنه من الأولويات التي سيتم العمل عليها خلال السنة القادمة، دعم إنتاج الفسفاط لبلوغ 5 فاصل 1 ملايين طن وهو رقم لم يقع تحقيقه منذ سنوات، وذكر أنه توجد مؤشرات عديدة سواء على المستوى الخارجي من خلال ارتفاع سعر الفسفاط وكذلك من خلال تزايد الطلب العالمي على المنتوج التونسي أو على المستوى الداخلي من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الفسفاط والتي تجسمت فعليا في منجم الفسفاط بالكاف وأيضا في منجم المظيلة وكلها معطيات تبعث حسب رأي رئيس اللجنة على الأمل في تحسن إنتاج الفسفاط سنة 2025، وعن رأي لجنة المالية والميزانية في الأحكام ذات الصلة بالضريبة على الشركات الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2025، بين شوشان أنه في قراءة أولية لتلك الأحكام، هناك توجه نحو إرساء العدالة الجبائية سواء تعلق الأمر بالضريبة على الشركات أو الضريبة على الأشخاص، وذكر أنه عند النظر إلى الضريبة على الشركات يمكن الإشارة إلى أنها لا تشجع على الاستثمار، وستقوم اللجنة بوضع بصمتها في المشروع وتعديل هذا الفصل وفي صورة تنقيح الفصل المتعلق بالضريبة على الشركات فإنها ستنقح الفصل المتعلق بالضريبة على الأشخاص، وأوضح أنه في كل الحالات هناك القانون الأساسي للميزانية الذي يحكم عمل اللجنة عند تعديل الأحكام المتعلقة بمشروع قانون المالية، وبين أنه يمكن تقديم عدة مقترحات تعديل لهذا المشروع وهناك إمكانية التمديد في العفو الجبائي والعفو الديواني ومراجعة الأداءات المتعلقة باللاقطات الشمسية والرخام وتعديل جميع الإجراءات التي من شأنها أن تعطل الاستثمار.

توسيع قاعدة دافعي الضرائب

النائب غير المنتمي إلى كتل هشام حسني يرى أن ميزانية 2025 لا تختلف عن الميزانيات السابقة لأن مواردها الأساسية متأتية من الضرائب ولأنه لم يقع التوسيع في قاعدة دافعي الضرائب بل تم الترفيع في نسبة الضرائب. ولاحظ أن الجزء الكبير من الميزانية متأت من الاقتراض الداخلي والخارجي، وأقر حسني بأن الشيء الايجابي هو تقليص من اللجوء للاقتراض الخارجي لكن الاقتراض الداخلي يمكن أن يؤثر سلبا على السيولة والاستثمار. وأضاف عضو مجلس نواب الشعب أنه تم استعمال نفس الخطاب منذ سنة 2012 وتكرار نفس العبارات من قبيل سنة الإقلاع ولكن في الحقيقة لا توجد إجراءات لدفع الاستثمار وخلص إلى أن الإجراءات الفعلية لدفع الاستثمار لا تتم على مستوى قانون المالية بل على مستوى التشريعات المتعلقة بهذا المجال وبين أنه منذ التحاقه بالمجلس النيابي وهو ينتظر ثورة تشريعية لكن هذا لم يحدث بل أغلب القوانين التي صادق عليها مجلس نواب الشعب هي قروض، وعبر حسني عن أمله في أن يقع مستقبلا تقديم تشريعات من شأنها أن تنهض بالاستثمار وقال إنه لا بد من التخفيض في الضريبة مقابل توسيع قاعدة دافعي الضرائب ..

أما النائب رياض الديردي الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني للجهات والأقاليم فبين أن كلمة رئيس الحكومة كانت شاملة وعبرت عن وجود تغير في المنوال التنموي وسياسات الدولة وهي في الحقيقة سياسات رئيس الجمهورية الذي تحدث في خطاب جلسة أداء اليمين الدستورية عن ثورة تشريعية وثورة ثقافية. وقال الدريدي إن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يؤكد على مسألة التنمية في الجهات والتي هي حاليا تكاد تكون منعدمة. وذكر أن رئيس الحكومة تحدث عن منوال جديد ويجب العمل على أن تكون الدولة دولة اجتماعية وأن يقع تسهيل مهمة المواطن في دفع الضريبة. وأشار إلى أن الميزانية هي ميزانية اجتماعية بامتياز، ولاحظ النائب أنه ستكون هناك تعديلات على مشروع قانون المالية وشدد على أنه لا يمكن الإبقاء على المنوال التنموي الحالي بل يجب تغيره وعلى الحكومة الأخذ بعين الاعتبار تقسيم الأقاليم عند وضع برامج التنمية. وبين أنه في صورة عدم تحقيق شعارات الثورة فإنه لا شيء سيتغير. ولاحظ أن المشكل في تونس لا يتمثل في غلاء الأسعار وإنما في ضعف دخل الأجير. وخلص إلى أن جميع فصول مشروع قانون المالية يجب أن تصب في مصلحة الشعب.

قانون محاسبي

عبد الرزاق عويدات نائب رئيس كتلة الخط الوطني السيادي بمجلس نواب الشعب بين أن مشروع قانون المالية هو قانون محاسبي أكثر منه قانون بناء اقتصادي فعلى سبيل الذكر عند الحديث عن التعويل على الذات لا توجد خطة عملية لحل وضعية الفسفاط. وفسر أنه من غير المعقول بعد أن كان إنتاج الفسفاط سنة 2010 في حدود 8 ملايين طن أصبح دون 3 ملايين طن خلال السنة الجارية. وأضاف أنه لم يقع وضع خطة عملية للتحول من هذه الوضعية الرديئة إلى نفس الوضع الذي كان عليه إنتاج الفسفاط سنة 2010 ومثل هذه الخطة تتطلب حسب رأيه تخصيص أموال لتوفير التجهيزات والمعدات والمغاسل والنقل من أجل تعافي هذا القطاع ووضع حد نهائي لمشاكله لكي يعود إلى سالف إنتاجه وبهده الكيفية يمكن تنمية مداخيل الدولة وتحسين وضعية المالية العمومية. وقال عويدات إن الشعارات التي تم رفعها في الثورة أصبحت شعارات الدولة من قبيل السيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني والدور الاجتماعي للدولة ولكن لا يمكن الحديث عن السيادة الوطنية دون وجود سيادة غذائية وسيادة دوائية وسيادة طاقية ولا يمكن تحقيق سيادة غذائية في ظل وضع مناخي متقلب ودون وضع خطة لمجابهة الجفاف وتحلية مياه البحر في الشمال وسكبها في السدود لضمان استدامة الإنتاج الفلاحي والري التكميلي.. وذكر أنه لا يفهم كيف هناك أراض دولية مهملة وشركات إحياء لا تلتزم بكراسات الشروط ولا يتم وضع خطة عملية لإرجاع تلك الأراضي وتمكين المهندسين الفلاحيين والمختصين في الفلاحة منها لدعم الإنتاج الفلاحي.

وعن رأيه في السلم الضريبي بين عبد الرزاق عويدات أن المطلوب هو توسيع قاعدة دافعي الضرائب وليس إثقال كاهل دافعي الضرائب.. وذكر أنه من المهم العمل على إدماج الاقتصاد الموازي في السوق المنظم وبهذه الكيفية يتم توفير موارد جبائية إضافية وقال إنه لا بد من تحفيز الناشطين في السوق الموازية على الانخراط في القطاع المنظم.

 وبين عويدات أنه لا يمكن تحفيز الاستثمار في الوقت الذي يتم فيه كل عام إقرار نسب ضرائب جديدة فهذا لا يشجع الاستثمار الداخلي والاستثمار الخارجي على حد سواء وذكر أنه عند الحديث عن التعويل على الذات لا بد من الإشارة إلى وجود طاقة بشرية مهدورة وهم الدكاترة المعطلين عن العمل.

العمل المشترك

وفي كلمته الافتتاحية، عبر رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة عن الاستعداد الأمثل والتام لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم وللحكومة على حد السواء للنظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2025 في كنف التشاركية ووفقا لمقتضيات الدستور والمرسوم المتعلق بتنظيم العلاقة بين الغرفتين النيابيتين وشدد بالخصوص على ضرورة العمل المشترك على ثورة تشريعية حقيقية تعيد الأمل وتضع الحلول للمشاكل والصعوبات القائمة. وعبر عن أمله في أن تكون الجلسات العامة المشتركة حافزا على التجديد والإضافة ورفع التحديات الماثلة بمزيد من الحماس وأداء الأمانة على الوجه الأفضل وتحقيق النتائج المرجوة وتحدث عن مدى ارتباط الأوضاع في كل الأقطار بما يفرضه الوضع العالمي خاصة على المستوى الاقتصادي وما يرافقه من تواتر للأزمات والتقلبات الجيواستراتيجية التي تزامنت مع تواصل شح المياه وحدة تأثيرات التغيرات المناخية بما أدّى إلى تباطؤ معدّلات النمو. ولاحظ صواب الخيارات التي تمّ إتباعها منذ 25 جويلية 2021، والتي حسب قوله اتجهت إلى تكريس مبدأ التعويل على الذات ورفض الإملاءات وفرض السيادة الوطنية في كلّ تجلياتها والحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة.

وأكد بودربالة انحياز الشعب التونسي إلى هذه الخيارات الوطنية وإلى الاستقرار الذي يبتغيه لوطنه واعتبر أن "نتائج الانتخابات الرئاسية مثّلت محطة فارقة أحبطت جميع محاولات الإرباك والتلاعب بمصير البلاد وإرجاعها إلى مربع التدخلات الخارجية، وبيّنت هذه الانتخابات من جديد صلابة الإرادة الشعبية الداعمة لمسار إنقاذ البلاد الذي يدخل مرحلة جديدة قوامها البناء والتشييد"، وذكّر رئيس المجلس بمسؤولية مؤسسات الدولة في إعداد العدّة لمجابهة الأوضاع المتردية التي تسبّبت فيها السياسات الخاطئة والفاشلة للفترات السابقة والتي لفظها الشعب بحكم تطلّعه إلى تحسين أوضاعه المعيشية وبين حجم الرهانات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الكبيرة فبعضها هيكلي وبعضها الآخر ظرفي ناجم عن الانعكاسات السلبية للأوضاع السائدة ولتدني مؤشرات التنمية ونسب النمو عالميا وإقليميا ووطنيا. ويرى أن مؤسسات الدولة محمول عليها وضع البرامج والخطط والاستراتيجيات التي من شأنها أن تنعكس إيجابيا على فرص التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية وتخلق القفزة النوعية المنشودة، فرغم تسجيل عدد من المؤشرات الإيجابية لا مناص من مضاعفة الجهد وخلق الثروة عبر وضع الرؤى الاستشرافية ورسم الخطوط العريضة للإصلاح في شتى المجالات التنموية وخاصة الإصلاحات المُحكمة التي تتصل بالتنمية في الجهات، وتلك المرتبطة مباشرة بتعزيز مقومات العيش الكريم والتوزيع العادل للثروات وبلوغ العدالة الجبائية وتنمية اقتصاد أكثر تنوعاً وقدرة على الصمود والبحث عن السبل المثلى لإدماج الاقتصاد الموازي وتحديث الإدارة وتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية الداعمة للاستثمار.

ودعا رئيس مجلس نواب الشعب الجميع للمساهمة الجادة في هذا التمشي الاستشرافي وفي تفعيل أهم الإصلاحات التي تستوجبها المرحلة، وتحقيق مطالب الشعب والتشبّع بثقافة العمل والانجاز ومضاعفة البذل والعطاء في هذه المرحلة الدقيقة. وأشار إلى أن الجلسة العامة المشتركة تؤكد وحدة مؤسسات الدولة وتعاونها وتكامل أدوارها خدمة للمصلحة الوطنية، وذكر أنه على الجميع توجيه رسائل طمأنة وثقة في المستقبل للمواطن الذي ينتظر أن تتغيّر أوضاعه وأن يصبح قادرا على تلبية أهم حاجياته المعيشية، وتطرق إلى مهمة مؤسسات الدولة في رسم السياسات الكفيلة بتجسيم الخيارات التي قام عليها مسار الإصلاح والإنقاذ، والكفيلة بالاستجابة للاستحقاقات الوطنية، ولاحظ تقاسم الوظيفة التشريعية مع الوظيفة التنفيذية الوعي بجسامة التحديات المطروحة وبالمسؤولية لرفعها. كما بين أن ما يجمع بين كل الأطراف هو العزيمة الثابتة والصادقة، وأن ما يحركها هو الانتماء إلى الوطن والتعويل على القدرات الكامنة التي تتطلب إعادة إحياء ثقافة العمل من أجل بناء الحاضر واستشراف مستقبل الأجيال القادمة وعبر عن الرغبة في إنجاح هذه التجربة الأولى أي الجلسات العامة المشتركة بين الغرفتين، لتكون مناسبة مثلى للاستماع إلى بيانات الحكومة ورؤيتها وللخوض في مجمل سياسات الدولة وبرامجها وخططها الإصلاحية في مختلف المجالات والميادين، وللتقدّم بالمقترحات البنّاءة في إطار التعاون المأمول بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، واضطلاع البرلمان بغرفتيه بدوره الهام في هذا المجال عبر المصادقة على مشروع قانون المالية في الآجال الدستورية ودعا إلى المرور إلى السرعة القصوى على جميع المستويات وخاصة التشريعية وتحمّل المسؤولية التي تتقاسمها مؤسسات الدولة انطلاقا من المقتضيات الدستورية ومن جملة المبادئ والقيم التي ارتكز عليها مسار 25 جويلية، وشدد على ضرورة العمل المشترك على ثورة تشريعية حقيقية تعيد الأمل وتضع الحلول للمشاكل والصعوبات القائمة، وعبر عن تطلع النواب إلى عرض حزمة من مشاريع القوانين التي تتصل في مقام أوّل بالتنزيل التشريعي للدستور من خلال مراجعة وتنقيح التشريعات التي أصبحت غير متلائمة مع أحكامه أو غير متماشية مع فلسفته، فضلا عن سنّ القوانين الجديدة التي يتطلبها هذا التنزيل للمبادئ والتوجّهات التي جاء بها دستور 25 جويلية 2022، وفي مقام ثان مشاريع القوانين التي تتعلّق بالإصلاحات الجوهرية ذات العلاقة بإنعاش الاقتصاد، وبقطاعات المالية ودعم الاستثمار وغيرها من الإصلاحات الكبرى المرتقبة.

بناء الدولة الاجتماعية

رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي بين خلال افتتاح الجلسة العامة المشتركة بين الغرفتين النيابيتين للنظر في مشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 أن دور كل المؤسسات لا يقتصر على مناقشة الأرقام وتوزيع الميزانيات، بل يتجاوز ذلك إلى مجابهة كل التحديات الاجتماعية الملحة، وتعزيز التنمية البشرية، وضمان وصول الموارد والفرص إلى جميع المواطنين دون تمييز وضمان أن لا يشعر أي مواطن بالتهميش أو الإقصاء، والحرص على أن تعكس الميزانية العامة تطلعات الشعب وتعمل على تحسين ظروف عيشه.

وأشار إلى أن نواب المجلس الوطني للجهات والأقاليم والمجالس الإقليمية والمجالس الجهوية والمحلية هم تعبيرة صادقة عن الشعب التونسي وفئاته الشعبية المكافحة من طلبة وعمال وصغار فلاحين وموظفين وأصحاب شهائد وصغار تجار وصناعيين وحرفيين وغيرهم، وهي الأغلبية الشعبية التي اختارت نهج التحرر الوطني والبناء والتشييد شعارا للمرحلة، ففي الوقت الذي تتآمر فيه البارونات وكرتلات الفساد وتعطل فيه حفنة العائلات التي نهبت الشعب مشروع التحرر فإن هذه الفئات حسب رأيه تكافح من أجل جعل هذا الشعار واقعا.

وأضاف رئيس المجلس قائلا:"لن نخذل أبناء تونس أريافا وقرى ومدنا وسنسعى إلى تطوير السياسات التي تدعم كل الجهات والفئات الشعبية، وتضمن الحقوق الأساسية مثل التعليم، والصحة، والسكن اللائق، وتوفير فرص الشغل. وإننا ملتزمون ببناء الدولة الاجتماعية التي تحقق العدالة والتضامن بين كافة أبناء الشعب، وتضمن العيش الكريم لكل فرد".

وذكر أنه في التزام النواب بالعدالة الاجتماعية وتكريس الحقوق الأساسية لكل مواطن، تأكيد على ضرورة إرساء عدالة جبائية حقيقية تكون ركيزة للتنمية المستدامة وأداة لرفع الظلم الاقتصادي عن المواطنين. ويرى الدربالي أن النظام الجبائي ليس مجرد أداة تمويل للدولة، بل هو دعامة لتوزيع الثروات بشكل منصف، بما يُسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتوفير فرص متكافئة للجميع بما يحتم العمل على وضع سياسات جبائية تراعي الفئات الضعيفة وتدعم الاقتصاد المحلي، خاصة المشاريع الصغرى والمتوسطة التي هي العمود الفقري للاقتصاد الوطني. ودعا النواب إلى العمل بجدية على تقوية نظم الرقابة والمحاسبة لضمان توجيه الموارد الجبائية نحو تحقيق التنمية الفعلية مع تشريك المواطن في هذا الجهد عبر توعيته بأهمية الضريبة كآلية لدعم المصلحة العامة شرط أن تُحترم مبادئ الشفافية والمساواة في إدارة هذه الموارد.

ودعا إلى العمل على تعزيز سيادة تونس في الداخل والخارج عبر تطوير اقتصاد وطني متين يقوم على الإنتاج والابتكار، لا على الاستدانة والاعتماد المفرط على الخارج ودعم الصناعات المحلية وتشجيع الفلاحين والمستثمرين وتقليص الفوارق بين الجهات، والدفاع عن المصالح الوطنية بكل قوة، وبناء علاقات تقوم على الندية والاحترام المتبادل مع جميع الدول حتى تكون لتونس كلمة مسموعة في العالم، قائمة على حماية استقلالية القرار الوطني، مع الانفتاح على شراكات متوازنة تعود بالنفع على الشعب.. وتوسيع دائرة العلاقات الاقتصادية بالاستثمار في المزايا الجيوسياسية لتونس معتبرا أن الوضع الدولي، بقدر ما فيه من مخاطر فيه أيضا فرص كبيرة يتعين استغلالها والإسهام مع الشعوب الحرة في إرساء نظام إنساني جديد على أنقاض نظام التوحش الحالي الذي وصل ذروة توحشه، في ما تعيشه غزة وكل الأراضي المحتلة في فلسطين وما يعيشه لبنان وندد رئيس المجلس بشدة بالعدوان الهمجي وحرب الإبادة التي تشن على الشعبين الفلسطيني واللبناني وهي حسب قوله دليل على وصول هذا النظام الدولي إلى نهايته إذ لا يمكن لنظام يسمح بكل هذا الإجرام أن يستمر.

وأضاف أنه على مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم إسناد موقف رئيس الجمهورية التاريخي والقوي والمشرف حسب وصفه تجاه نضال الشعب الفلسطيني حتى تحرير كل فلسطين وإنهاء الوجود المادي لما يسمى إسرائيل باعتبارها كيانا استيطانيا عنصريا نازيا غير مشروع. ودعا الدربالي جميعً النواب لمواصلة العمل وتعزيز جهودهم لرفع راية تونس عالياً وتحقيق المزيد من الإنجازات.

تحسن الوضع الاقتصادي

بمناسبة انطلاق مداولات مجلسي نواب الشعب والجهات والأقاليم حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025 قدم كمال المدّوري رئيس الحكومة بيانا ضافيا في الغرض عدد فيه انجازات الحكومة خلال الفترة المنقضية على جميع المستويات. وقال بالخصوص إن تحسين الوضع الاقتصادي يبقى في صدارة اهتمامات الدولة عبر تعزيز آليات الصلابة والتنافسية للمؤسسات التونسية بعد الصعوبات الناجمة عن تواتر الأزمات وعمق التحولات الجيواسترتجية العالمية وما تفرضه من إرساء نظام عالمي إنساني جديد إلى جانب تسارع التقلبات الاقتصادية وحدتها وطبيعة التغيرات المناخية وسياق إعادة تركيز سلاسل القيمة العالمية في نطاق جغرافي قريب من الأسواق الكبرى وما تمثله من فرص واعدة للاقتصاد الوطني. وأضاف أن الدولة تعمل في هذا الشأن على توفير مقاربات وطنية أكثر نجاعة والتعويل على الكفاءات والقدرات التونسية من أجل استعادة الثقة وتوفير مقومات النهوض بالإنتاج والتصدير واستحثاث الاستثمار وفقا لأولويات الدولة خاصة النهوض بالأنشطة الواعدة، وتبرز في هذا السياق حسب قوله عدة مؤشرات تؤكد تحسن الأداء الاقتصادي خاصة في قطاعي الفلاحة والسياحة مما يجعله يتوقع نموا للنتاج المحلي الإجمالي بنسبة 1 واصل 6 بالمائة خلال السنة الجارية رغم تواصل الصعوبات التي تواجهها الصناعات الاستخراجية والمعملية، كما ينتظر تحسن ميزان الدفوعات بفضل التوصل إلى حصر العجز التجاري في حدود 2 فاصل 7 بالمائة من الناتج في نهاية السنة الجارية وذلك رغم الارتفاع الملحوظ للعجز الطاقي. وذكر أنه تم تسجيل مستوى مطمئن من احتياطي العملة فضلا عن ارتفاع نسق الاستثمار الخارجي بعد التوافق في جذب مشاريع هامة في الطاقات المتجددة والأنشطة التكنولوجية.

كما أكد المدّوري أن الاقتصاد أثبت صلابة وصمودا تجاه الأزمات العالمية وعبر عن تمسك الدولة التونسية التام بالإيفاء بالتزاماتها المالية الخارجية والتي تندرج ضمن ثوابت البلاد، وأضاف أن الجهود المبذولة ستسمح بالتحكم في عجز ميزانية الدولة وبقاء المديونية العمومية في مستويات مقبولة إضافة إلى تواصل المنحى التنازلي للتضخم.

انجاز المشاريع الكبرى

وقال رئيس الحكومة كمال المدّوري إنه يتم العمل على توفير الإحاطة اللازمة لباعثي الشركات الأهلية، وتطرق إلى الجهود المبذولة لحلحلة الصعوبات التي اعترضت المشاريع الكبرى قصد التسريع في انجازها وقدم للنواب أمثلة عديدة في هذا المجال، كما أكد على تواصل محاربة الفساد، وأضاف أنه تم تجاوز الإشكاليات العقارية التي رافقت انطلاق انجاز المشروعين الاستثماريين بالسواحل الشمالية لصفاقس وسبخة بني غياضة بالمهدية والإذن بعرضها للاستثمار، وأعلن عن الشروع في انجاز دراسة إستراتيجية للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة للحفاظ على هذه الشريحة المهمة من المؤسسات وتطوير أدائها.

 وقدم رئيس الحكومة بسطة عن حجم ميزانية 2025 وتحدث عن بعض الإجراءات الواردة في مشروع قانون المالية للسنة القادمة، وتتضمن تقديرات النمو لسنة 2025 حسب قوله تطور النتائج المحلي الإجمالي بنسبة 3 فاصل 2 بالمائة، وأكد على مواصلة العمل على مزيد التحكم في نسبة التضخم والمحافظة على سلامة توازنات المالية العمومية ويتطلب تحسين نسبة النمو حسب قوله انخراط الفاعلين الاقتصاديين في القطاعين العام والخاص وتنفيذ المشاريع المبرمجة.

 وذكر أن تعزيز المجهود الاستثماري خلال السنة القادمة يكتسي أهمية بالغة وأولوية مطلقة باعتبار الاستثمار هو المحرك الرئيسي للنمو وقاطرة لتطوير هيكلة الاقتصاد وتحسين تنافسيته وأضاف أن الدولة ستعمل على مراجعة المنظومة التشريعية للاستثمار واستقطاب الباعثين في الأنشطة الواعدة والمجالات الإستراتجية وذلك ضمن نص قانوني جامع موحد وأفقي، إلى جانب ما تضمنه تنقيح مجلة الصرف من امتيازات تفتح آفاقا واعدة لتحرير الطاقات خاصة الشبابية، وذكر أنه في إطار التكامل بين القطاعين الخاص والعمومي سيقع التركيز على رقمنة الخدمات الإدارية ذات الصلة بالمستثمرين على غرار إرساء المنصة الرقمية للاستثمار. وعدد رئيس الحكومة المشاريع المنتظر تحقيقها خلال السنة القادمة من قبيل إعداد خارطة استثمارية لكل إقليم بهدف ضمان توزيع متوازن للمشاريع الاستثمارية الكبرى على التراب التونسي في إطار المقاربة التنموية الجديدة الواردة بالدستور مع الأخذ بعين الاعتبار الميزات التفاضلية لكل إقليم والتوظيف الأمثل للموارد البشرية والطبيعية. وأكد على تكثيف الجهود لإعادة حكومة المنشآت والمؤسسات الوطنية ومساندتها لكي تقوم بأدوارها الاجتماعية والاقتصادية. ولتحسين الإدماج الرقمي والمالي ستسعى الدولة حسب قوله لتطوير البنية التحتية الرقمية للشبكات بما يسمح لمختلف الفئات الاجتماعية بكل الجهات من الولوج لشبكات الاتصال ذات السعة العالية إلى جانب السعي إلى تنفيذ مشاريع التحول الرقمي للإدارة وتعزيز الأمن السيبراني واستغلال البيانات واليقظة التكنولوجية.. وخلق مناخ ملائم للمبادرة وبعث مشاريع في الاقتصاد الرقمي وإدراج تونس ضمن السلاسل العالمية المرتبطة بالرقمنة بما يجعلها قبلة للشركات العالمية.

وسيواصل مجلس نواب الشعب طيلة الأيام القادمة النظر في مشروع ميزانية الدولة ونقاش المهمات والمهمات الخاصة.

سعيدة بوهلال