إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تقدم بها عدد من النواب.. "الصباح" تكشف تفاصيل مبادرة تنقيح قانون البنك المركزي

 

تونس: الصباح

إضافة إلى مشروعي قانوني المالية وميزانية الدولة لسنة 2025، توجد على مكتب لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب حاليا مبادرة تشريعية جديدة لتنقيح القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي وإتمامه، وهي ليست المرة الأولى التي يقترح فيها نواب هذا المجلس تعديل القانون المذكور، إذ هناك مبادرة تشريعية أخرى قدمتها كتلة الخط الوطني السيادي منذ 21 جوان 2023 لكنها مازالت في الرفوف وفي المقابل صادق المجلس النيابي خلال جلسته العامة المنعقدة في 6 فيفري 2024 على مشروع قانون تم بمقتضاه الترخيص للبنك المركزي بصفة استثنائية، وخلافا لمقتضيات الفصل 25 من القانون المنظم له، في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية في حدود مبلغ صاف قدره 7 آلاف مليار يقع سداده على مدة عشر سنوات منها ثلاث سنوات إمهال ودون توظيف فوائد. أما مقترح القانون الجديد فأثار منذ أن أحاله مكتب مجلس نواب الشعب مساء أول أمس إلى لجنة المالية والميزانية، زوبعة كبيرة في المنابر الإعلامية وخاصة بمنصات التواصل الاجتماعي، وتباينت بشأنه الآراء بين مؤيدين ورافضين.

وفي انتظار استماع اللجنة إلى أصحاب المبادرة التشريعية وهم ينتمون إلى عدة كتل برلمانية، وإلى وزيرة المالية ومحافظ البنك المركزي التونسي، يمكن الإشارة إلى أن هذه المبادرة تضمنت فصلين فقط، نص الفصل الأول على إلغاء11 فصلا من القانون عدد 35 وتعويضها بفصول جديدة وهي الفصول 7 و9 و10 و18 و23 و25 و31 و32 و33 و43 و46، أما الفصل الثاني فنص على إضافة ثلاثة فصول انتقالية للقانون المذكور لملاءمته مع مقتضيات دستور 2022 ووضع ضوابط وشروط للتمويل المباشرة لميزانية الدولة. ويقوم البنك المركزي بمقتضى هذه الفصول الانتقالية في غضون شهر من صدور القانون الجديد بشراء السندات الحكومية التي أودعت لديه من طرف البنوك كضمان لخطوط التمويل التي أسندها لها مقابل التخلي بنفس المبلغ على الديون المستوجبة من التمويلات المذكورة ويتم إعادة شراء ديون الدولة بسعر القيمة الاسمية مضافا إليها القسيمة المستحقة في تاريخ الشراء. ويقوم البنك المركزي بفتح خط تمويل يبقى فاعلا إلى غاية 31 ديسمبر 2025 بقيمة 500 مليار لفائدة مزودي الدولة التونسيين للأشغال والخدمات والمنتجات المصنعة في تونس الذين لم يتسلموا مستحقاتهم من الخزينة العامة التي تخلدت قبل صدور القانون مقابل أشغال وخدمات تامة أو جزئية أو منتوجات قدموها للدولة ووجب خلاصها ولكن لم يقع ذلك. كما يقوم البنك المركزي بفتح خط تمويل بقيمة 20 مليارا صالح لغاية 31 ديسمبر 2026 بهدف دعم البحث العلمي يتم استخدامه لتمويل برامج البحث العلمي التي يتم تنفيذها بشكل منفصل أو بالاشتراك مع الأفراد والشركات التونسية الراغبة في الاستثمار في البحث والتطوير. ويتم اختيار البرامج وفقا لاحتياجات الاقتصاد التونسي من حيث الاكتفاء الذاتي والنمو الاقتصادي، وتشجيع توظيف الدكاترة في المجالات العلمية وأي مكاسب مالية تنجم عن تنفيذ هذه البرامج ويجب أن توجه إلى المستثمرين والباحثين والجامعات ومراكز الأبحاث التي ساهمت في هذه البرامج ويتم تنفيذ هذه البرامج بمقتضى أمر.

تعديلات جوهرية

أما الفصول الجديدة فقد جاءت بتعديلات جوهرية مقارنة بالصيغة الأصلية الواردة في قانون البنك المركزي، إذ غير الفصل السابع أهداف البنك المركزي فهذا الفصل في صيغته الحالية ينص على أن "الهدف الأساسي للبنك المركزي يتمثل في الحفاظ على استقرار الأسعار ويساهم هذا البنك في الحفاظ على الاستقرار المالي بما يدعم تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية للدولة بما في ذلك في مجالي النمو والتشغيل، ويعمل من أجل تنسيق أمثل بين السياسة النقدية والسياسة الاقتصادية للدولة". أما الصيغة التي وردت في المبادرة التشريعية للفصل السابع جديد فتنص على أن البنك المركزي يسعى إلى تحقيق الأهداف التالية في إطار مهامه: الحفاظ على استقرار الأسعار ودعم تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية للدولة بما في ذلك في مجالي النمو والتشغيل، ومواءمة السياسة النقدية مع السياسة المالية ومتطلبات الميزانية العامة للدولة بما يقلل من حجم الدين الداخلي والخارجي وتكلفة تمويل الخزينة العامة والمحافظة على استقرار سعر صرف الدينار وتجنب انهياره.

وحسب الفصل التاسع جديد، للبنك المركزي بغرض مباشرة مهامه القيام خاصة بالعمليات التالية: فتح حسابات أموال وحسابات سندات على دفاتره، مهما كانت العملة، لفائدة الدولة والبنوك والمؤسسات والمنشآت العمومية والمؤسسات المالية والبنوك الأجنبية والبنوك المركزية الأجنبية والمؤسسات المالية الدولية والدول الأجنبية والمنظمات الدولية، فتح حسابات أموال وحسابات سندات، مهما كانت العملة، لدى البنوك المركزية الأجنبية والبنوك التجارية الأجنبية ولدى المودعين المركزيين للسندات أو لدى المؤسسات المالية الدولية، شراء الذهب وغيره من المعادن الثمينة وقبولها في شكل ودائع وإقراضها وبيعها، تعديل أسعار الفائدة والقيام بكل العمليات المتعلقة بالذهب والصرف في حدود صلاحياته بالتوافق مع الحكومة، توظيف الأموال بالعملة أو عناصر أخرى من الاحتياطيات الخارجية والتصرف فيها بالتوافق مع الحكومة ومقارنة بالصيغة الأصلية تمت إضافة عبارة بالتوافق مع الحكومة، الاقتراض من الخارج لحسابه الخاص. ويمكنه لهذا الغرض منح ضمانات طبقا للشروط التي يضبطها مجلس إدارته على أن لا تشمل هذه الضمانات أملاكه العقارية، وأضاف النواب ما يلي:"ويستوجب مسبقا آخذ رأي اللجنة المكلفة بالمالية بمجلس نواب الشعب ثم الحصول على موافقة رئيس الجمهورية على الضمانات والقروض التي تتجاوز قيمتها مبلغ يحدد بأمر إثر دخول القانون حيز التنفيذ، التعاون الإقليمي أو الدولي في المجال النقدي بالتوافق مع سياسة الدولة أي أنه تمت إضافة عبارة بالتوافق مع سياسة الدولة وتم في المقابل حذف مطة تنص على المساهمة الفاعلة في أن تكون تونس قطبا ماليا إقليميا ودوليا.

السياسة النقدية

وبخصوص الفصل العاشر جديد الوارد بالباب الأول المتعلق بالسياسة النقدية فهو يختلف في مضمونه كثيرا عن النص الأصلي إذ أتاح للبنك المركزي اللجوء في إطار سياسته النقدية أثناء تلبيته لاحتياجات البنوك للسيولة التي يفوق أمدها 30 يوما، بصفة أولية إلى شراء السندات الحكومية التي تملكها تلك البنوك والتي تتناسب آجال خلاصها مع أمد حاجة البنوك إلى تلك السيولة حيث يكون تمويل احتياجات السيولة على أمد قصير عبر شراء سندات حكومية يتراوح أجلها المتبقي بين شهر واحد و12 شهرا وتمويل احتياجات السيولة على أمد متوسط أو بعيد عبر شراء سندات حكومية يفوق أجلها المتبقي سنة ويتم شراء السندات الحكومية بسعر لا يتجاوز القيمة الاسمية مضافا إليها القسيمة المستحقة في تاريخ الشراء. ولا يلتجأ البنك المركزي إلى وسائل تمويلية أخرى إلا إذا ثبت عدم امتلاك البنوك المعنية لهذا النوع من السندات بشكل كاف. وإذا كان الشراء يتعلق بالسندات الحكومية الصادرة بعد دخول القانون الجديد حيز التنفيذ ففي هذه الحالة فقط يعتبر تمويلا مباشرا من البنك المركزي للخزينة العامة. ويطبق البنك المركزي نسبة فائدة قدرها واحد بالمائة سنويا على أي دين على كاهل الخزينة العامة لفائدته سواء وقع اكتتابه أو شراؤه بعد إصداره. وتطبق هذه النسبة اعتبارا من دخول القانون حيز التنفيذ على السندات الموجودة في حوزة البنك المركزي وعلى تاريخ الشراء بالنسبة للسندات التي سيتم شراؤها.

كما نص الفصل العاشر جديد على شراء أو أخذ كضمان كل دين أو سند على المؤسسات وعلى الأشخاص الطبيعيين طبقا لقائمة يضبطها المجلس لهذا الغرض، وإصدار سندات دين على السوق النقدية لفائدة المتدخلين على هذه السوق وإعادة شرائها ولا تخضع هذه الإصدارات للأحكام التشريعية المتعلقة بدعوة العموم للادخار، ومقارنة بالصيغة الأصلية، يذكر أنه تم الإبقاء في الفصل العاشر على أن ينجز البنك المركزي عمليات مقايضة بالعملة لأغراض تتعلق بالسياسة النقدية وفي المقابل تم إدخال تعديلات جوهرية على بقية مضامينه.

استشارة البرلمان

وتضمن الفصل 18 جديد الوارد في الباب الرابع تحت عنوان الاستقرار المالي تقريبا نفس الأحكام الموجودة في الصيغة الأصلية باستثناء اشتراط استشارة لجنة المالية والميزانية بصفة مسبقة ثم الحصول على موافقة رئيس الجمهورية قبل أن يتولى البنك المركزي إبرام اتفاقيات تعاون مع السلط الأجنبية المكلـّفة بالرقابة الاحترازية الكلـّية وتبادل معها معلومات تكتسي صبغة سرية شرط أن تكون هذه المعلومات مشمولة بالسرّ المهني حسب القوانين المعمول بها بالخارج وأن تكون ضرورية لإنجاز مهام السلط الأجنبية ويجب أن تلتزم السلطة الأجنبية بعدم إحالة هذه المعلومات للغير دون الموافقة الصريحة للبنك المركزي وبعدم استعمالها إلا في نطاق ممارسة صلاحياتها.

وفي باب تنفيذ سياسة الصرف والتصرّف في الاحتياطيات نصت المبادرة التشريعية في الفصل 23 جديد على أن يمسك البنك المركزي احتياطيات الصرف والذهب ويتصرف فيها وفقا لمتطلبات الاستثمار وفي إطار السياسة المالية للدولة وللبنك المركزي حسب الطرق التي يضبطها لهذا الغرض، أن يتعاقد مع أيّ وسيط مالي. وحذف أصحاب المبادرة فقرة تنص على أن يضع البنك المركزي إستراتيجية تصرف في احتياطي الصرف والذهب تقوم على مراعاة قواعد السيولة والسلامة والمردودية.

خدمة الدين

ونص الفصــل 25 جديد على أن البنك المركزي هو الوكيل المالي للدولة في ما تنجزه من عمليات وبالخصوص عمليات الخزينة والعمليات المصرفية، وتعلقت الإضافة التي اقترحها النواب في مبادرتهم التشريعية بخدمة الدين الخارجي وخدمة الدين الداخلي ومنها على سبيل الذكر بالنسبة لخدمة الدين الخارجي، أن يتم آليا تمويل خدمة الدين الخاصة بالقروض المقومة بالعملة الأجنبية باستخدام احتياطيات العملة الأجنبية التي يحتفظ بها البنك المركزي دون اللجوء إلى قروض جديدة ويجوز حجز مبلغ سداد خدمة الدين المعنية لهذا الغرض خلال الثلاثين يوما تقويميا الأخيرة السابقة لتاريخ استحقاق السداد شرط أن تكون الاحتياطيات المذكورة أكبر أو تساوي 90 يوما من الاستيراد في يوم الحجز، وإذا توقع البنك أن الاحتياطيات من العملات الأجنبية ستبقى أقل من 90 يوم توريد طوال آخر 30 يوما قبل السداد فيجوز له بالتشاور مع الحكومة اقتراح حلول تمويلية بالعملة الأجنبية تحال إلى مجلس نواب الشعب ويمكن للمجلس الموافقة على هذه الحلول أو رفضها أو اعتماد مقترحات جديدة ولا تتم الموافقة على قروض بالعملة الأجنبية إلا بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس. ويقوم البنك المركزي مقابل سداد القروض المعنية بإصدار قروض جديدة طويلة الأمد للخزينة العامة بنفس المبلغ بالدينار التونسي دين يتراوح أجل استحقاقه بين 6 و10 سنوات ويتم ذلك في حدود حجم الإعتمادات المنصوص عليها بقانون المالية التي إن وقع تجاوزها فيمكن للبنك المركزي طلب السداد الفوري للدين المعني بنظيره بالدينار، ويكون سداد السندات الحكومية التي يمتلكها البنك المركزي بإصدار قروض جديدة بنفس الأمد للخزينة العامة في حدود المبلغ الإجمالي للإعتمادات المنصوص عليها بقانون المالية.

أما خدمة الدين الداخلي فيمنح البنك المركزي لفائدة خزينة الدولة قروضا تفوق آجال سدادها خمس سنوات تستعمل لسداد السندات الحكومية طويلة الأمد وذلك في حدود واحد بالمائة من الناتج القومي الخام للسنة الفارطة مع إمكانية الترفيع في هذه النسبة إلى 2 بالمائة بموافقة أغلبية أعضاء مجلس نواب الشعب وإلى 3 بالمائة بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب مع الأخذ بعين الاعتبار رأي البنك المركزي خاصة في ما يخص مخاطر التضخم. وعكس ما نص عليه الفصل في صيغته الأصلية نصت المبادرة التي تقدم بها نواب من عدة كتل على أنه يمكن للبنك المركزي أن يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات أو قروض وتم اشتراط عدم تجاوز مبلغها الجملي 5 بالمائة من إيرادات السنة الفارطة وأن لا يتجاوز أمد سدادها 240 يوما وتطبق عليها نسبة فائدة سنوية قدرها واحد بالمائة..

وأتاح الفصل 31 جديد للبنك المركزي إمكانية أن يتقدم للجنة المالية بمجلس نواب الشعب بطلب الموافقة على اللجوء إلى اقتراض خارجي عندما تكون احتياطيات العملة الأجنبية أقل من 90 يوما أما الفصل 32 جديد فنص على أنه لوزيرة المالية تكليف البنك المركزي بتنفيذ أي قرار يوافق عليه مجلس نواب الشعب بشأن اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، وتم منح البنك كافة الصلاحيات للتوقيع على كافة المستندات والعقود المتعلقة بمختلف أشكال التمويل الخارجي وحسب الفصل 33 جديد للبنك المركزي أن يقتض ويقرض باسمه ولحسابه بالعملة،وتعلق الفصل 43 بمجالات التعاون بين البنك والهيئات التعديلية للقطاع المالي وقطاع التأمين.. وبالنسبة إلى الفصــل 46 جديد فيتعلق بطريقة تعيين محافظ البنك المركزي وإجراءات إعفائه..

أسباب تنقيح القانون

أشار النواب أصحاب المبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح قانون البنك المركزي وإتمامه في وثيقة شرح الأسباب إلى أنه طبقا للتشريع الحالي، لا يمكن للبنك المركزي التونسي منح الخزينة العامة التمويلات المباشرة لأنه بموجب الفصل 25 من القانون عدد 35 لسنة 2016 المتعلق بالقانون الأساسي للبنك المركزي لا يمكن للبنك المركزي أن يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات أو قروض أو يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة وهو ما أدى إلى خسارة تفوق 67 مليار دينار للتونسي دافع الضرائب بالنظر إلى تكلفة الفوائد، وانخفاض قيمة الدينار، وخسارة تفوق 46 مليار للاقتصاد الوطني بالنظر إلى خروج عملة أجنبية بلا مقابل، وارتفاع كبير في ديون تونس الداخلية والخارجية مما سيؤدي حتما إلى إفلاس الدولة في صورة بقاء الوضع على حاله، كما أدى إلى اعتماد تونس على المانحين الأجانب وتوجيه السيولة نحو تمويل خزينة الدولة وليس نحو المشاريع مما تسبب في حالة ركود تضخمي.

وأضاف النواب في نفس الوثيقة أنه لهذه الأسباب كان لا بد من التفكير في الحلول التي لا تؤثر على التضخم على غرار اعتماد شراء البنك المركزي للسندات الحكومية التي تحتفظ بها البنوك كوسيلة أساسية لسد احتياجاتها من السيولة ثم تخفيض أسعار الفائدة لهذه السندات بعد شرائها إلى حد واحد بالمائة ويكون سدادها بالالتجاء إلى إصدار سندات جديدة من البنك المركزي تجاه الخزينة العامة، وكذلك على غرار تمويل الدين الخارجي من خلال استخدام احتياطات العملات الأجنبية مع الالتجاء إلى إصدار سندات جديدة من البنك المركزي تجاه الخزينة العامة مقومة بالدينار التونسي، وتسهيلات نقدية قصيرة الأجل بحد أقصاه 240 يوما بنسبة فائدة سنوية قدرها واحد بالمائة وفي حدود خمسة بالمائة من واردات السنة الفارطة.

وبالنسبة إلى الحلول التي يستشار فيها البنك المركزي لتجنب احتمال ضئيل للتضخم يرى أصحاب المبادرة التشريعية أنه يمكن تمويل سداد السندات الحكومية التي ليست في حوزة البنك المركزي في حدود واحد بالمائة من النتاج المحلي الإجمالي ويمكن الترفيع إلى ثلاثة بالمائة بتصويت الأغلبية المطلقة للنواب وبعد استشارة البنك المركزي.. وتتمثل النتائج المتوقعة حسب رأيهم في الانخفاض السريع للنسق التصاعدي للديون وبالتالي القضاء نهائيا على خطر إفلاس البلاد ومساهمة الخزينة العامة في توفير آلاف ملايين الدنانير سنويا من تكاليف التمويل وهي مبالغ يمكن توجيهها نحو نفقات تخلق قيمة مضافة مثل البنى التحتية، وانخفاض عجز المدفوعات كل سنة وتوطيد سيادة الدولة من خلال ترشيد الحاجة إلى التمويل الخارجي والحد من التبعية تجاه المانحين الأجانب وحل مشاكل السيولة لدى البنوك وتوجيه المدخرات التونسية الموجودة لديها نحو تمويل المشاريع الاستثمارية وليس لتمويل ديون الخزينة.

وتم تقديم مقترح القانون المتعلق بتنقيح قانون البنك المركزي وإتمامه من قبل النواب آمال المؤدب وعز الدين التايب ونبيل حامدي ونبيه ثابت ومريم الشريف وفاتن النصيبي وعادل ضياف ومحمد أمين الورغي والفاضل بن تركية وعواطف الشنيتي وسوسن مبروك وعبد القادر بن زينب وسيرين المرابط وأسماء الدرويش وماجدة الورغي ولطفي الهمامي وسنياء بن المبروك وسيرين بوصندل ونزار الصديق وعبد الحافظ الوحيشي وجلال الخدمي ويوسف طرشون وأحمد سعيداني وياسر قوراري والطاهر بن منصور وضحى السالمي وصالح السالمي وينتمي هؤلاء النواب إلى كتل صوت الجمهورية والأحرار والأمانة والعمل والخط الوطني السيادي إضافة إلى غير المنتمين إلى كتل.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

تقدم بها عدد من النواب..   "الصباح" تكشف تفاصيل مبادرة تنقيح قانون البنك المركزي

 

تونس: الصباح

إضافة إلى مشروعي قانوني المالية وميزانية الدولة لسنة 2025، توجد على مكتب لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب حاليا مبادرة تشريعية جديدة لتنقيح القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي وإتمامه، وهي ليست المرة الأولى التي يقترح فيها نواب هذا المجلس تعديل القانون المذكور، إذ هناك مبادرة تشريعية أخرى قدمتها كتلة الخط الوطني السيادي منذ 21 جوان 2023 لكنها مازالت في الرفوف وفي المقابل صادق المجلس النيابي خلال جلسته العامة المنعقدة في 6 فيفري 2024 على مشروع قانون تم بمقتضاه الترخيص للبنك المركزي بصفة استثنائية، وخلافا لمقتضيات الفصل 25 من القانون المنظم له، في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية في حدود مبلغ صاف قدره 7 آلاف مليار يقع سداده على مدة عشر سنوات منها ثلاث سنوات إمهال ودون توظيف فوائد. أما مقترح القانون الجديد فأثار منذ أن أحاله مكتب مجلس نواب الشعب مساء أول أمس إلى لجنة المالية والميزانية، زوبعة كبيرة في المنابر الإعلامية وخاصة بمنصات التواصل الاجتماعي، وتباينت بشأنه الآراء بين مؤيدين ورافضين.

وفي انتظار استماع اللجنة إلى أصحاب المبادرة التشريعية وهم ينتمون إلى عدة كتل برلمانية، وإلى وزيرة المالية ومحافظ البنك المركزي التونسي، يمكن الإشارة إلى أن هذه المبادرة تضمنت فصلين فقط، نص الفصل الأول على إلغاء11 فصلا من القانون عدد 35 وتعويضها بفصول جديدة وهي الفصول 7 و9 و10 و18 و23 و25 و31 و32 و33 و43 و46، أما الفصل الثاني فنص على إضافة ثلاثة فصول انتقالية للقانون المذكور لملاءمته مع مقتضيات دستور 2022 ووضع ضوابط وشروط للتمويل المباشرة لميزانية الدولة. ويقوم البنك المركزي بمقتضى هذه الفصول الانتقالية في غضون شهر من صدور القانون الجديد بشراء السندات الحكومية التي أودعت لديه من طرف البنوك كضمان لخطوط التمويل التي أسندها لها مقابل التخلي بنفس المبلغ على الديون المستوجبة من التمويلات المذكورة ويتم إعادة شراء ديون الدولة بسعر القيمة الاسمية مضافا إليها القسيمة المستحقة في تاريخ الشراء. ويقوم البنك المركزي بفتح خط تمويل يبقى فاعلا إلى غاية 31 ديسمبر 2025 بقيمة 500 مليار لفائدة مزودي الدولة التونسيين للأشغال والخدمات والمنتجات المصنعة في تونس الذين لم يتسلموا مستحقاتهم من الخزينة العامة التي تخلدت قبل صدور القانون مقابل أشغال وخدمات تامة أو جزئية أو منتوجات قدموها للدولة ووجب خلاصها ولكن لم يقع ذلك. كما يقوم البنك المركزي بفتح خط تمويل بقيمة 20 مليارا صالح لغاية 31 ديسمبر 2026 بهدف دعم البحث العلمي يتم استخدامه لتمويل برامج البحث العلمي التي يتم تنفيذها بشكل منفصل أو بالاشتراك مع الأفراد والشركات التونسية الراغبة في الاستثمار في البحث والتطوير. ويتم اختيار البرامج وفقا لاحتياجات الاقتصاد التونسي من حيث الاكتفاء الذاتي والنمو الاقتصادي، وتشجيع توظيف الدكاترة في المجالات العلمية وأي مكاسب مالية تنجم عن تنفيذ هذه البرامج ويجب أن توجه إلى المستثمرين والباحثين والجامعات ومراكز الأبحاث التي ساهمت في هذه البرامج ويتم تنفيذ هذه البرامج بمقتضى أمر.

تعديلات جوهرية

أما الفصول الجديدة فقد جاءت بتعديلات جوهرية مقارنة بالصيغة الأصلية الواردة في قانون البنك المركزي، إذ غير الفصل السابع أهداف البنك المركزي فهذا الفصل في صيغته الحالية ينص على أن "الهدف الأساسي للبنك المركزي يتمثل في الحفاظ على استقرار الأسعار ويساهم هذا البنك في الحفاظ على الاستقرار المالي بما يدعم تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية للدولة بما في ذلك في مجالي النمو والتشغيل، ويعمل من أجل تنسيق أمثل بين السياسة النقدية والسياسة الاقتصادية للدولة". أما الصيغة التي وردت في المبادرة التشريعية للفصل السابع جديد فتنص على أن البنك المركزي يسعى إلى تحقيق الأهداف التالية في إطار مهامه: الحفاظ على استقرار الأسعار ودعم تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية للدولة بما في ذلك في مجالي النمو والتشغيل، ومواءمة السياسة النقدية مع السياسة المالية ومتطلبات الميزانية العامة للدولة بما يقلل من حجم الدين الداخلي والخارجي وتكلفة تمويل الخزينة العامة والمحافظة على استقرار سعر صرف الدينار وتجنب انهياره.

وحسب الفصل التاسع جديد، للبنك المركزي بغرض مباشرة مهامه القيام خاصة بالعمليات التالية: فتح حسابات أموال وحسابات سندات على دفاتره، مهما كانت العملة، لفائدة الدولة والبنوك والمؤسسات والمنشآت العمومية والمؤسسات المالية والبنوك الأجنبية والبنوك المركزية الأجنبية والمؤسسات المالية الدولية والدول الأجنبية والمنظمات الدولية، فتح حسابات أموال وحسابات سندات، مهما كانت العملة، لدى البنوك المركزية الأجنبية والبنوك التجارية الأجنبية ولدى المودعين المركزيين للسندات أو لدى المؤسسات المالية الدولية، شراء الذهب وغيره من المعادن الثمينة وقبولها في شكل ودائع وإقراضها وبيعها، تعديل أسعار الفائدة والقيام بكل العمليات المتعلقة بالذهب والصرف في حدود صلاحياته بالتوافق مع الحكومة، توظيف الأموال بالعملة أو عناصر أخرى من الاحتياطيات الخارجية والتصرف فيها بالتوافق مع الحكومة ومقارنة بالصيغة الأصلية تمت إضافة عبارة بالتوافق مع الحكومة، الاقتراض من الخارج لحسابه الخاص. ويمكنه لهذا الغرض منح ضمانات طبقا للشروط التي يضبطها مجلس إدارته على أن لا تشمل هذه الضمانات أملاكه العقارية، وأضاف النواب ما يلي:"ويستوجب مسبقا آخذ رأي اللجنة المكلفة بالمالية بمجلس نواب الشعب ثم الحصول على موافقة رئيس الجمهورية على الضمانات والقروض التي تتجاوز قيمتها مبلغ يحدد بأمر إثر دخول القانون حيز التنفيذ، التعاون الإقليمي أو الدولي في المجال النقدي بالتوافق مع سياسة الدولة أي أنه تمت إضافة عبارة بالتوافق مع سياسة الدولة وتم في المقابل حذف مطة تنص على المساهمة الفاعلة في أن تكون تونس قطبا ماليا إقليميا ودوليا.

السياسة النقدية

وبخصوص الفصل العاشر جديد الوارد بالباب الأول المتعلق بالسياسة النقدية فهو يختلف في مضمونه كثيرا عن النص الأصلي إذ أتاح للبنك المركزي اللجوء في إطار سياسته النقدية أثناء تلبيته لاحتياجات البنوك للسيولة التي يفوق أمدها 30 يوما، بصفة أولية إلى شراء السندات الحكومية التي تملكها تلك البنوك والتي تتناسب آجال خلاصها مع أمد حاجة البنوك إلى تلك السيولة حيث يكون تمويل احتياجات السيولة على أمد قصير عبر شراء سندات حكومية يتراوح أجلها المتبقي بين شهر واحد و12 شهرا وتمويل احتياجات السيولة على أمد متوسط أو بعيد عبر شراء سندات حكومية يفوق أجلها المتبقي سنة ويتم شراء السندات الحكومية بسعر لا يتجاوز القيمة الاسمية مضافا إليها القسيمة المستحقة في تاريخ الشراء. ولا يلتجأ البنك المركزي إلى وسائل تمويلية أخرى إلا إذا ثبت عدم امتلاك البنوك المعنية لهذا النوع من السندات بشكل كاف. وإذا كان الشراء يتعلق بالسندات الحكومية الصادرة بعد دخول القانون الجديد حيز التنفيذ ففي هذه الحالة فقط يعتبر تمويلا مباشرا من البنك المركزي للخزينة العامة. ويطبق البنك المركزي نسبة فائدة قدرها واحد بالمائة سنويا على أي دين على كاهل الخزينة العامة لفائدته سواء وقع اكتتابه أو شراؤه بعد إصداره. وتطبق هذه النسبة اعتبارا من دخول القانون حيز التنفيذ على السندات الموجودة في حوزة البنك المركزي وعلى تاريخ الشراء بالنسبة للسندات التي سيتم شراؤها.

كما نص الفصل العاشر جديد على شراء أو أخذ كضمان كل دين أو سند على المؤسسات وعلى الأشخاص الطبيعيين طبقا لقائمة يضبطها المجلس لهذا الغرض، وإصدار سندات دين على السوق النقدية لفائدة المتدخلين على هذه السوق وإعادة شرائها ولا تخضع هذه الإصدارات للأحكام التشريعية المتعلقة بدعوة العموم للادخار، ومقارنة بالصيغة الأصلية، يذكر أنه تم الإبقاء في الفصل العاشر على أن ينجز البنك المركزي عمليات مقايضة بالعملة لأغراض تتعلق بالسياسة النقدية وفي المقابل تم إدخال تعديلات جوهرية على بقية مضامينه.

استشارة البرلمان

وتضمن الفصل 18 جديد الوارد في الباب الرابع تحت عنوان الاستقرار المالي تقريبا نفس الأحكام الموجودة في الصيغة الأصلية باستثناء اشتراط استشارة لجنة المالية والميزانية بصفة مسبقة ثم الحصول على موافقة رئيس الجمهورية قبل أن يتولى البنك المركزي إبرام اتفاقيات تعاون مع السلط الأجنبية المكلـّفة بالرقابة الاحترازية الكلـّية وتبادل معها معلومات تكتسي صبغة سرية شرط أن تكون هذه المعلومات مشمولة بالسرّ المهني حسب القوانين المعمول بها بالخارج وأن تكون ضرورية لإنجاز مهام السلط الأجنبية ويجب أن تلتزم السلطة الأجنبية بعدم إحالة هذه المعلومات للغير دون الموافقة الصريحة للبنك المركزي وبعدم استعمالها إلا في نطاق ممارسة صلاحياتها.

وفي باب تنفيذ سياسة الصرف والتصرّف في الاحتياطيات نصت المبادرة التشريعية في الفصل 23 جديد على أن يمسك البنك المركزي احتياطيات الصرف والذهب ويتصرف فيها وفقا لمتطلبات الاستثمار وفي إطار السياسة المالية للدولة وللبنك المركزي حسب الطرق التي يضبطها لهذا الغرض، أن يتعاقد مع أيّ وسيط مالي. وحذف أصحاب المبادرة فقرة تنص على أن يضع البنك المركزي إستراتيجية تصرف في احتياطي الصرف والذهب تقوم على مراعاة قواعد السيولة والسلامة والمردودية.

خدمة الدين

ونص الفصــل 25 جديد على أن البنك المركزي هو الوكيل المالي للدولة في ما تنجزه من عمليات وبالخصوص عمليات الخزينة والعمليات المصرفية، وتعلقت الإضافة التي اقترحها النواب في مبادرتهم التشريعية بخدمة الدين الخارجي وخدمة الدين الداخلي ومنها على سبيل الذكر بالنسبة لخدمة الدين الخارجي، أن يتم آليا تمويل خدمة الدين الخاصة بالقروض المقومة بالعملة الأجنبية باستخدام احتياطيات العملة الأجنبية التي يحتفظ بها البنك المركزي دون اللجوء إلى قروض جديدة ويجوز حجز مبلغ سداد خدمة الدين المعنية لهذا الغرض خلال الثلاثين يوما تقويميا الأخيرة السابقة لتاريخ استحقاق السداد شرط أن تكون الاحتياطيات المذكورة أكبر أو تساوي 90 يوما من الاستيراد في يوم الحجز، وإذا توقع البنك أن الاحتياطيات من العملات الأجنبية ستبقى أقل من 90 يوم توريد طوال آخر 30 يوما قبل السداد فيجوز له بالتشاور مع الحكومة اقتراح حلول تمويلية بالعملة الأجنبية تحال إلى مجلس نواب الشعب ويمكن للمجلس الموافقة على هذه الحلول أو رفضها أو اعتماد مقترحات جديدة ولا تتم الموافقة على قروض بالعملة الأجنبية إلا بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس. ويقوم البنك المركزي مقابل سداد القروض المعنية بإصدار قروض جديدة طويلة الأمد للخزينة العامة بنفس المبلغ بالدينار التونسي دين يتراوح أجل استحقاقه بين 6 و10 سنوات ويتم ذلك في حدود حجم الإعتمادات المنصوص عليها بقانون المالية التي إن وقع تجاوزها فيمكن للبنك المركزي طلب السداد الفوري للدين المعني بنظيره بالدينار، ويكون سداد السندات الحكومية التي يمتلكها البنك المركزي بإصدار قروض جديدة بنفس الأمد للخزينة العامة في حدود المبلغ الإجمالي للإعتمادات المنصوص عليها بقانون المالية.

أما خدمة الدين الداخلي فيمنح البنك المركزي لفائدة خزينة الدولة قروضا تفوق آجال سدادها خمس سنوات تستعمل لسداد السندات الحكومية طويلة الأمد وذلك في حدود واحد بالمائة من الناتج القومي الخام للسنة الفارطة مع إمكانية الترفيع في هذه النسبة إلى 2 بالمائة بموافقة أغلبية أعضاء مجلس نواب الشعب وإلى 3 بالمائة بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب مع الأخذ بعين الاعتبار رأي البنك المركزي خاصة في ما يخص مخاطر التضخم. وعكس ما نص عليه الفصل في صيغته الأصلية نصت المبادرة التي تقدم بها نواب من عدة كتل على أنه يمكن للبنك المركزي أن يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات أو قروض وتم اشتراط عدم تجاوز مبلغها الجملي 5 بالمائة من إيرادات السنة الفارطة وأن لا يتجاوز أمد سدادها 240 يوما وتطبق عليها نسبة فائدة سنوية قدرها واحد بالمائة..

وأتاح الفصل 31 جديد للبنك المركزي إمكانية أن يتقدم للجنة المالية بمجلس نواب الشعب بطلب الموافقة على اللجوء إلى اقتراض خارجي عندما تكون احتياطيات العملة الأجنبية أقل من 90 يوما أما الفصل 32 جديد فنص على أنه لوزيرة المالية تكليف البنك المركزي بتنفيذ أي قرار يوافق عليه مجلس نواب الشعب بشأن اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، وتم منح البنك كافة الصلاحيات للتوقيع على كافة المستندات والعقود المتعلقة بمختلف أشكال التمويل الخارجي وحسب الفصل 33 جديد للبنك المركزي أن يقتض ويقرض باسمه ولحسابه بالعملة،وتعلق الفصل 43 بمجالات التعاون بين البنك والهيئات التعديلية للقطاع المالي وقطاع التأمين.. وبالنسبة إلى الفصــل 46 جديد فيتعلق بطريقة تعيين محافظ البنك المركزي وإجراءات إعفائه..

أسباب تنقيح القانون

أشار النواب أصحاب المبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح قانون البنك المركزي وإتمامه في وثيقة شرح الأسباب إلى أنه طبقا للتشريع الحالي، لا يمكن للبنك المركزي التونسي منح الخزينة العامة التمويلات المباشرة لأنه بموجب الفصل 25 من القانون عدد 35 لسنة 2016 المتعلق بالقانون الأساسي للبنك المركزي لا يمكن للبنك المركزي أن يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات أو قروض أو يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة وهو ما أدى إلى خسارة تفوق 67 مليار دينار للتونسي دافع الضرائب بالنظر إلى تكلفة الفوائد، وانخفاض قيمة الدينار، وخسارة تفوق 46 مليار للاقتصاد الوطني بالنظر إلى خروج عملة أجنبية بلا مقابل، وارتفاع كبير في ديون تونس الداخلية والخارجية مما سيؤدي حتما إلى إفلاس الدولة في صورة بقاء الوضع على حاله، كما أدى إلى اعتماد تونس على المانحين الأجانب وتوجيه السيولة نحو تمويل خزينة الدولة وليس نحو المشاريع مما تسبب في حالة ركود تضخمي.

وأضاف النواب في نفس الوثيقة أنه لهذه الأسباب كان لا بد من التفكير في الحلول التي لا تؤثر على التضخم على غرار اعتماد شراء البنك المركزي للسندات الحكومية التي تحتفظ بها البنوك كوسيلة أساسية لسد احتياجاتها من السيولة ثم تخفيض أسعار الفائدة لهذه السندات بعد شرائها إلى حد واحد بالمائة ويكون سدادها بالالتجاء إلى إصدار سندات جديدة من البنك المركزي تجاه الخزينة العامة، وكذلك على غرار تمويل الدين الخارجي من خلال استخدام احتياطات العملات الأجنبية مع الالتجاء إلى إصدار سندات جديدة من البنك المركزي تجاه الخزينة العامة مقومة بالدينار التونسي، وتسهيلات نقدية قصيرة الأجل بحد أقصاه 240 يوما بنسبة فائدة سنوية قدرها واحد بالمائة وفي حدود خمسة بالمائة من واردات السنة الفارطة.

وبالنسبة إلى الحلول التي يستشار فيها البنك المركزي لتجنب احتمال ضئيل للتضخم يرى أصحاب المبادرة التشريعية أنه يمكن تمويل سداد السندات الحكومية التي ليست في حوزة البنك المركزي في حدود واحد بالمائة من النتاج المحلي الإجمالي ويمكن الترفيع إلى ثلاثة بالمائة بتصويت الأغلبية المطلقة للنواب وبعد استشارة البنك المركزي.. وتتمثل النتائج المتوقعة حسب رأيهم في الانخفاض السريع للنسق التصاعدي للديون وبالتالي القضاء نهائيا على خطر إفلاس البلاد ومساهمة الخزينة العامة في توفير آلاف ملايين الدنانير سنويا من تكاليف التمويل وهي مبالغ يمكن توجيهها نحو نفقات تخلق قيمة مضافة مثل البنى التحتية، وانخفاض عجز المدفوعات كل سنة وتوطيد سيادة الدولة من خلال ترشيد الحاجة إلى التمويل الخارجي والحد من التبعية تجاه المانحين الأجانب وحل مشاكل السيولة لدى البنوك وتوجيه المدخرات التونسية الموجودة لديها نحو تمويل المشاريع الاستثمارية وليس لتمويل ديون الخزينة.

وتم تقديم مقترح القانون المتعلق بتنقيح قانون البنك المركزي وإتمامه من قبل النواب آمال المؤدب وعز الدين التايب ونبيل حامدي ونبيه ثابت ومريم الشريف وفاتن النصيبي وعادل ضياف ومحمد أمين الورغي والفاضل بن تركية وعواطف الشنيتي وسوسن مبروك وعبد القادر بن زينب وسيرين المرابط وأسماء الدرويش وماجدة الورغي ولطفي الهمامي وسنياء بن المبروك وسيرين بوصندل ونزار الصديق وعبد الحافظ الوحيشي وجلال الخدمي ويوسف طرشون وأحمد سعيداني وياسر قوراري والطاهر بن منصور وضحى السالمي وصالح السالمي وينتمي هؤلاء النواب إلى كتل صوت الجمهورية والأحرار والأمانة والعمل والخط الوطني السيادي إضافة إلى غير المنتمين إلى كتل.

سعيدة بوهلال