إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في انتظار وضع خطة لنزعها من سفوح جبالنا.. ماذا عن التكفل بضحايا ألغام "مخلفات الإرهاب" من مدنيين وعائلاتهم؟

 

تونس-الصباح

مرة أخرى تتهدد الألغام في سفوح جبال القصرين متساكني تلك المناطق والأفضل حظا الذي ينجو من الموت هناك ينتهي مبتور اليد أو الساق أو يفقد البصر للأسف . هذه المرة كانت الضحية امرأة أصيبت على مستوى الساق اثر انفجار لغم أرضي، الثلاثاء بمنطقة دوار العثامنية التابع لمعتمدية حاسي الفريد والمحاذي لسفوح جبل السلوم بولاية القصرين.

وأصبحت الألغام في جبال سمامة ومغيلة والسلوم والشعانبي، تحصد سنويا عددا من الأرواح من حين لآخر بين عسكريين ومدنيين، كما تتسبب في إعاقات وإصابات بليغة قد ترافق المصاب مدى الحياة.

ضحايا انفجارات الألغام في جبال ولاية القصرين سواء فارقوا الحياة أو ظلوا بإعاقات مختلفة يتركون وراءهم عائلات تعيش عادة في ظروف صعبة لاسيما وأن أغلب ضحيا الانفجارات من المدنيين هم من عائلات فقيرة بل معدومة تضطرهم الحاجة للمخاطرة بحياتهم في تسلق الجبال بحثا عن قوتهم وقوت عائلاتهم من حطب وأعشاب عطرية يبيعونها لتحصيل بعض الملاليم، مما يطرح حملة من الاستفسارات عن دور الدولة في العناية بهذه الحالات الاجتماعية التي تصنف من ضحايا الإرهاب أو مخلفات الإرهاب إن صح التعبير.

العداد لا يكاد يتوقف

الملاحظ أن نسق انفجار الألغام في سفوح جبال الشعانبي يحافظ على نسق تصاعدي وكل سنة تكون هناك حصيلة ثقيلة.

وفي محاولة إحصائية لحوادث انفجار الألغام هذه السنة نذكر أن امرأة توفيت وأُصيبت أخرى بجروح خطيرة، في انفجار لغم أرضي جد يوم 4 أوت الفارط، بجبل السلوم من ولاية القصرين.

وقبل ذلك انفجر في 23 جويلية الفارط لغم أرضي في أحد المرتفعات الجبلية بولاية القصرين أيضا أسفر عن إصابة راعي أغنام يبلغ من العمر 47 سنة على مستوى الساق واليد اليمنى .

وفي مارس الفارط أيضا تناقلت وسائل الإعلام إصابة شخص في انفجار لغم بجبل مغيلة في ولاية القصرين .

وحول حصيلة السنة الفارطة أكد تقرير إعلامي منشور مؤخرا حول موضوع الألغام أن "عدد المصابين/ـات بالقصرين في حوادث الألغام لسنة 2023 بلغ عددهم 9، من بينهم عسكري ومهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء، وتلميذ باكالوريا كان يجمع الحطب لبيعه لتوفير مستلزمات العودة المدرسية فقد على إثر الحادث عينه اليمنى ويده".

ماذا عن الرعاية الاجتماعية؟

أكدت سابقا السلطات الجهوية في القصرين أنها تقوم بزيارات ميدانية للمواطنين المتضررين من الألغام، وتعمل على تمكينهم من تعويضات ومساعدات لتحسين موارد رزقهم. لكن للأسف تظل هذه المجهودات محدودة على اعتبار أن متساكني سفوح الجبال كانوا ومازالوا جدار الصد الأول ضد الإرهاب ومن أهم ضحاياه.

يذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد، كان في 10 أوت 2023 قد عاد بالمستشفى العسكري بتونس، التلميذ عدنان المعموري الذي تعرض لانفجار لغم بجبل المغيلة بينما كان يجمع نبات الإكليل لتوفير مستلزمات عودته المدرسية مما تسبب في فقدان إحدى عينيه وكف يده اليمنى.

وورد في بلاغ الرئاسة حينها أن "الرئيس تحدّث مطولا مع التلميذ الذي طالته يد الإرهاب الغادر، مشدّدا على أنه يستحق التكريم في يوم العلم لأنه يناضل من أجل العيش الكريم بكل عزة وكرامة".

وأكّد رئيس الجمهورية بالمناسبة على أنه "يجب على الدولة بكافة أجهزتها أن ترفع الغبن والظلم عن الفقراء والبؤساء حتى يعيش المواطن آمنا في دولة محفوظة الكرامة ومحفوظة السيادة".

وربما حان الوقت للتفكير جديا في ترجمة ما ورد على لسان رئيس الجمهورية على أرض الواقع على مستوى العناية بضحايا انفجار الألغام من المدنيين وعائلاتهم وذلك في انتظار توفير حلول جذرية لإزالة هذا الخطر نهائيا من خلال وضع خطة لنزع الألغام من الجبال المصنفة مناطق عسكرية مغلقة بالولاية القصرين.

ويتساءل البعض في هذا الصدد لماذا لا يتم إدراج الاهتمام بهم ضمن مهام مؤسسة "فداء" للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية والتنصيص صراحة على ضحايا انفجار الألغام لاسيما وأنه يتم حاليا إعداد مشروع تنقيح للمرسوم الذي أنشأ هذه المؤسسة.

يذكر أن رئيس الجمهورية استقبل مؤخرا ظهر الخميس أحمد جعفر رئيس مؤسسة "فداء" للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها.

وتناول هذا اللقاء مشروع تنقيح المرسوم الذي أنشأ هذه المؤسسة بهدف مزيد دعمها ومراجعة جملة من الأحكام حتّى تُحقّق هذه المؤسسة المقاصد النبيلة التي أُحدثت من أجلها على وجه أفضل.

وأكّد رئيس الجمهورية على أن هذه المؤسسة التي تحمل اسم "فداء" تعكس أن الدولة التونسية لن تنسى أبدا ضحايا الاعتداءات الإرهابية، كما لن تنسى أبدا أولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها، وأن التونسيين والتونسيات سيبقون أوفياء لدماء الجرحى والشهداء الذين خضبوا بدمائهم الزكيّة الطاهرة أرض هذا الوطن العزيز.

م.ي

 

 

 

 

 

 

 

في انتظار وضع خطة لنزعها من سفوح جبالنا..   ماذا عن التكفل بضحايا ألغام "مخلفات الإرهاب" من مدنيين وعائلاتهم؟

 

تونس-الصباح

مرة أخرى تتهدد الألغام في سفوح جبال القصرين متساكني تلك المناطق والأفضل حظا الذي ينجو من الموت هناك ينتهي مبتور اليد أو الساق أو يفقد البصر للأسف . هذه المرة كانت الضحية امرأة أصيبت على مستوى الساق اثر انفجار لغم أرضي، الثلاثاء بمنطقة دوار العثامنية التابع لمعتمدية حاسي الفريد والمحاذي لسفوح جبل السلوم بولاية القصرين.

وأصبحت الألغام في جبال سمامة ومغيلة والسلوم والشعانبي، تحصد سنويا عددا من الأرواح من حين لآخر بين عسكريين ومدنيين، كما تتسبب في إعاقات وإصابات بليغة قد ترافق المصاب مدى الحياة.

ضحايا انفجارات الألغام في جبال ولاية القصرين سواء فارقوا الحياة أو ظلوا بإعاقات مختلفة يتركون وراءهم عائلات تعيش عادة في ظروف صعبة لاسيما وأن أغلب ضحيا الانفجارات من المدنيين هم من عائلات فقيرة بل معدومة تضطرهم الحاجة للمخاطرة بحياتهم في تسلق الجبال بحثا عن قوتهم وقوت عائلاتهم من حطب وأعشاب عطرية يبيعونها لتحصيل بعض الملاليم، مما يطرح حملة من الاستفسارات عن دور الدولة في العناية بهذه الحالات الاجتماعية التي تصنف من ضحايا الإرهاب أو مخلفات الإرهاب إن صح التعبير.

العداد لا يكاد يتوقف

الملاحظ أن نسق انفجار الألغام في سفوح جبال الشعانبي يحافظ على نسق تصاعدي وكل سنة تكون هناك حصيلة ثقيلة.

وفي محاولة إحصائية لحوادث انفجار الألغام هذه السنة نذكر أن امرأة توفيت وأُصيبت أخرى بجروح خطيرة، في انفجار لغم أرضي جد يوم 4 أوت الفارط، بجبل السلوم من ولاية القصرين.

وقبل ذلك انفجر في 23 جويلية الفارط لغم أرضي في أحد المرتفعات الجبلية بولاية القصرين أيضا أسفر عن إصابة راعي أغنام يبلغ من العمر 47 سنة على مستوى الساق واليد اليمنى .

وفي مارس الفارط أيضا تناقلت وسائل الإعلام إصابة شخص في انفجار لغم بجبل مغيلة في ولاية القصرين .

وحول حصيلة السنة الفارطة أكد تقرير إعلامي منشور مؤخرا حول موضوع الألغام أن "عدد المصابين/ـات بالقصرين في حوادث الألغام لسنة 2023 بلغ عددهم 9، من بينهم عسكري ومهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء، وتلميذ باكالوريا كان يجمع الحطب لبيعه لتوفير مستلزمات العودة المدرسية فقد على إثر الحادث عينه اليمنى ويده".

ماذا عن الرعاية الاجتماعية؟

أكدت سابقا السلطات الجهوية في القصرين أنها تقوم بزيارات ميدانية للمواطنين المتضررين من الألغام، وتعمل على تمكينهم من تعويضات ومساعدات لتحسين موارد رزقهم. لكن للأسف تظل هذه المجهودات محدودة على اعتبار أن متساكني سفوح الجبال كانوا ومازالوا جدار الصد الأول ضد الإرهاب ومن أهم ضحاياه.

يذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد، كان في 10 أوت 2023 قد عاد بالمستشفى العسكري بتونس، التلميذ عدنان المعموري الذي تعرض لانفجار لغم بجبل المغيلة بينما كان يجمع نبات الإكليل لتوفير مستلزمات عودته المدرسية مما تسبب في فقدان إحدى عينيه وكف يده اليمنى.

وورد في بلاغ الرئاسة حينها أن "الرئيس تحدّث مطولا مع التلميذ الذي طالته يد الإرهاب الغادر، مشدّدا على أنه يستحق التكريم في يوم العلم لأنه يناضل من أجل العيش الكريم بكل عزة وكرامة".

وأكّد رئيس الجمهورية بالمناسبة على أنه "يجب على الدولة بكافة أجهزتها أن ترفع الغبن والظلم عن الفقراء والبؤساء حتى يعيش المواطن آمنا في دولة محفوظة الكرامة ومحفوظة السيادة".

وربما حان الوقت للتفكير جديا في ترجمة ما ورد على لسان رئيس الجمهورية على أرض الواقع على مستوى العناية بضحايا انفجار الألغام من المدنيين وعائلاتهم وذلك في انتظار توفير حلول جذرية لإزالة هذا الخطر نهائيا من خلال وضع خطة لنزع الألغام من الجبال المصنفة مناطق عسكرية مغلقة بالولاية القصرين.

ويتساءل البعض في هذا الصدد لماذا لا يتم إدراج الاهتمام بهم ضمن مهام مؤسسة "فداء" للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية والتنصيص صراحة على ضحايا انفجار الألغام لاسيما وأنه يتم حاليا إعداد مشروع تنقيح للمرسوم الذي أنشأ هذه المؤسسة.

يذكر أن رئيس الجمهورية استقبل مؤخرا ظهر الخميس أحمد جعفر رئيس مؤسسة "فداء" للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها.

وتناول هذا اللقاء مشروع تنقيح المرسوم الذي أنشأ هذه المؤسسة بهدف مزيد دعمها ومراجعة جملة من الأحكام حتّى تُحقّق هذه المؤسسة المقاصد النبيلة التي أُحدثت من أجلها على وجه أفضل.

وأكّد رئيس الجمهورية على أن هذه المؤسسة التي تحمل اسم "فداء" تعكس أن الدولة التونسية لن تنسى أبدا ضحايا الاعتداءات الإرهابية، كما لن تنسى أبدا أولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها، وأن التونسيين والتونسيات سيبقون أوفياء لدماء الجرحى والشهداء الذين خضبوا بدمائهم الزكيّة الطاهرة أرض هذا الوطن العزيز.

م.ي