لم يكن ثراء مسيرة الفنان التشكيلي محمد العايب صاحب فضاء "عين" بالضاحية الشمالية والمختص في مادة الفوتوغرافيا، من محض الصدفة، بل عانق عالم الاحتراف منذ السبعينات (سنة 74تحديدا) وإن تفرغ الى التصوير واعداد التقارير المتعلقة بالحياة الفنية والثقافية في تونس فضلا عن متابعة أروقة الفنون التشكيلية في بداية الطريق..
وكان لا بد لتلك الأنشطة اليومية أن يكون لها انعكاس على توجهاته الفنية، باعتبار أن الموهبة وحدها لا تكفي، لتجتمع دقة النظر والإحساس العالي كنتاج لمواكبة أهم الانتاجات الفنية في الساحة.. وتتغلب ميولاته الفنية وطموحاته على نشاطه اليومي والاعلامي، حيث استهل تجربته التشكيلية من خلال المشاركة في معارض جماعية سنة 1978 في قاعة يحيى تحت إشراف بلدية تونس.. الى أن أصبحت له مشاركة سنوية قارة كعضو من اعضاء اتحاد الفنانين، وكان المشارك الوحيد الذي يقدم إنتاجات فوتوغرافية إلى جانب عشرات اللوحات التشكيلية..
إجمالا كانت أعماله الفوتوغرافية ٱنذاك مستوحاة من جمال المدينة العتيقة في تونس والبحث المعمق في المعالم التاريخية..ولم يفوت فرصة الاشتغال على بطاقة بريدية توثق لأهم المناظر الطبيعية في تونس كانت قد اعترضته في باريس.. ما جعل محمد العايب يفكر جديا في إحياء معرض شخصي يضم عشرات الصور الفوتوغرافية في قاعة يحيى في أواخر الثمانينات، حضره ثلة من رجال الثقافة الى جانب فنانين أجانب.. ليتوج بعد نجاح العرض بالجائزة الوطنية للفنون في مادة الفوتوغرافيا سنة 1984 والتي سلمها له وزير الثقافة بشير بن سلامة في قصر المؤتمرات..
تلك الجائزة التي كانت قيمتها ثلاثة ٱلاف دينار لم تكن كافية لإطلاق مشروع فني خاص، لكن من حسن حظ محمد العايب أن وفر له صديقه محمد العلاني -رحمه الله- المبلغ الذي يمكنه من تحقيق حلمه وهو شراء فضاء بحدائق الكرم.. فضاء "عين" حاليا حيث دشن يوم 26سبتمبر 1986. ومن البديهي ان بدأ المشوار مع ثلة من خيرة الفوتوغرافيين جيل ما بعد الاستقلال على غرار:
مصطفى بوشوشة، بيار اولوفيي، رضا الزيلي، جاك بيريز، عبد العزيز فريخة وغيرهم.. وسرعان ما دُعمت فكرة الانطلاق باقتحام الفن التشكيلي في معرض جماعي ثان ضم العديد من الأسماء اللامعة ٱنذاك مثل الصادق قمش ومحمد بن مفتاح وفيكتور سرفاتي ورشيد الفخفاخ ونور الدين الهاني ورفيق الكامل وعلي بلاغة والهادي التركي وحاتم المكي وغيرهم...
وإن حافظ فضاء "عين" طيلة السنوات الأخيرة على مشاركة سنوية لأبرز الفنانين على غرار الحبيب بوعبانة ومحمد مطيمط وبادي شوشان وحبيب سعيد ومختار هنان، فإنّ صاحب الفضاء كان حريصا على إبراز الفنانين الشبان والتيارات المعاصرة..
أما عن توجه الفنان محمد العايب الذي بدا للبعض مخالفا لمواهبه وشغفه الاول باعتباره فوتوغرافيا بالأساس، فقد بين لـ"الصباح" أن" عروض الفن الفوتوغرافي لم تكن لتقدم الاضافة والحال أنها تعرض في كل مكان في العالم.. ما اردت ايصاله الى الجماهير الواسعة هو اني أتأمل الأعمال الفوتوغرافية من الجانب التشكيلي.."
وعن مسألة الإقبال على فضاء "عين" طيلة عقود وتسليط الضوء على أهم الفترات التي شهدتها الحركة الثقافية أكد محمد العايب أن الثقافة عادة ما تتأثر بالازمات السياسية وهو ما حصل ابتداء من 2005 حيث لوحظ تراجع الوافدين على الفضاءات، وتأكد للجميع بعد 14جانفي 2011 ليصبح كل فضاء مغلق خاصة إذا ما تعلق بالفنون خطرا محدقا.. فكانت القطيعة التامة مع أروقة الفنون التشكيلية. تم تجاوزها بعد "العشرية السوداء" -كما ينتعتها اغلب التونسيين- وبث روح جديدة في عالم الفن التشكيلي..
وتجدر الإشارة الى أن فضاء "عين" احتفل مؤخرا بعيد ميلاده الـ38. قرابة نصف قرن من الإبداع وعشرات العروض الجماعية والفردية بمختلف التوجهات والتيارات الفنية الكلاسيكية والمعاصرة..
تونس-الصباح
لم يكن ثراء مسيرة الفنان التشكيلي محمد العايب صاحب فضاء "عين" بالضاحية الشمالية والمختص في مادة الفوتوغرافيا، من محض الصدفة، بل عانق عالم الاحتراف منذ السبعينات (سنة 74تحديدا) وإن تفرغ الى التصوير واعداد التقارير المتعلقة بالحياة الفنية والثقافية في تونس فضلا عن متابعة أروقة الفنون التشكيلية في بداية الطريق..
وكان لا بد لتلك الأنشطة اليومية أن يكون لها انعكاس على توجهاته الفنية، باعتبار أن الموهبة وحدها لا تكفي، لتجتمع دقة النظر والإحساس العالي كنتاج لمواكبة أهم الانتاجات الفنية في الساحة.. وتتغلب ميولاته الفنية وطموحاته على نشاطه اليومي والاعلامي، حيث استهل تجربته التشكيلية من خلال المشاركة في معارض جماعية سنة 1978 في قاعة يحيى تحت إشراف بلدية تونس.. الى أن أصبحت له مشاركة سنوية قارة كعضو من اعضاء اتحاد الفنانين، وكان المشارك الوحيد الذي يقدم إنتاجات فوتوغرافية إلى جانب عشرات اللوحات التشكيلية..
إجمالا كانت أعماله الفوتوغرافية ٱنذاك مستوحاة من جمال المدينة العتيقة في تونس والبحث المعمق في المعالم التاريخية..ولم يفوت فرصة الاشتغال على بطاقة بريدية توثق لأهم المناظر الطبيعية في تونس كانت قد اعترضته في باريس.. ما جعل محمد العايب يفكر جديا في إحياء معرض شخصي يضم عشرات الصور الفوتوغرافية في قاعة يحيى في أواخر الثمانينات، حضره ثلة من رجال الثقافة الى جانب فنانين أجانب.. ليتوج بعد نجاح العرض بالجائزة الوطنية للفنون في مادة الفوتوغرافيا سنة 1984 والتي سلمها له وزير الثقافة بشير بن سلامة في قصر المؤتمرات..
تلك الجائزة التي كانت قيمتها ثلاثة ٱلاف دينار لم تكن كافية لإطلاق مشروع فني خاص، لكن من حسن حظ محمد العايب أن وفر له صديقه محمد العلاني -رحمه الله- المبلغ الذي يمكنه من تحقيق حلمه وهو شراء فضاء بحدائق الكرم.. فضاء "عين" حاليا حيث دشن يوم 26سبتمبر 1986. ومن البديهي ان بدأ المشوار مع ثلة من خيرة الفوتوغرافيين جيل ما بعد الاستقلال على غرار:
مصطفى بوشوشة، بيار اولوفيي، رضا الزيلي، جاك بيريز، عبد العزيز فريخة وغيرهم.. وسرعان ما دُعمت فكرة الانطلاق باقتحام الفن التشكيلي في معرض جماعي ثان ضم العديد من الأسماء اللامعة ٱنذاك مثل الصادق قمش ومحمد بن مفتاح وفيكتور سرفاتي ورشيد الفخفاخ ونور الدين الهاني ورفيق الكامل وعلي بلاغة والهادي التركي وحاتم المكي وغيرهم...
وإن حافظ فضاء "عين" طيلة السنوات الأخيرة على مشاركة سنوية لأبرز الفنانين على غرار الحبيب بوعبانة ومحمد مطيمط وبادي شوشان وحبيب سعيد ومختار هنان، فإنّ صاحب الفضاء كان حريصا على إبراز الفنانين الشبان والتيارات المعاصرة..
أما عن توجه الفنان محمد العايب الذي بدا للبعض مخالفا لمواهبه وشغفه الاول باعتباره فوتوغرافيا بالأساس، فقد بين لـ"الصباح" أن" عروض الفن الفوتوغرافي لم تكن لتقدم الاضافة والحال أنها تعرض في كل مكان في العالم.. ما اردت ايصاله الى الجماهير الواسعة هو اني أتأمل الأعمال الفوتوغرافية من الجانب التشكيلي.."
وعن مسألة الإقبال على فضاء "عين" طيلة عقود وتسليط الضوء على أهم الفترات التي شهدتها الحركة الثقافية أكد محمد العايب أن الثقافة عادة ما تتأثر بالازمات السياسية وهو ما حصل ابتداء من 2005 حيث لوحظ تراجع الوافدين على الفضاءات، وتأكد للجميع بعد 14جانفي 2011 ليصبح كل فضاء مغلق خاصة إذا ما تعلق بالفنون خطرا محدقا.. فكانت القطيعة التامة مع أروقة الفنون التشكيلية. تم تجاوزها بعد "العشرية السوداء" -كما ينتعتها اغلب التونسيين- وبث روح جديدة في عالم الفن التشكيلي..
وتجدر الإشارة الى أن فضاء "عين" احتفل مؤخرا بعيد ميلاده الـ38. قرابة نصف قرن من الإبداع وعشرات العروض الجماعية والفردية بمختلف التوجهات والتيارات الفنية الكلاسيكية والمعاصرة..