إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. سقوط "الشرق الأوسط الجديد"

 

لم تعد كل الكلمات والعبارات والنعوت، يمكنها وصف حجم الإجرام الذي وصل إليه الكيان الصهيوني، في عدوانه على جبهتي غزة ولبنان، بعد أن أضحى يدفع بكل قوته لفرض أمر واقع لمستقبل الشرق الأوسط، تقوم قوى المقاومة بتحويله لـ"أضغاث أحلام".

لقد بلغ حجم الإجرام وحرب الإبادة التي تستهدف المدنيين في كلا الجبهتين، مرحلة لا يمكن وصفها إلا أننا أمام "كيان مسعور"، أصيب بلوثة العلوية والعنصرية البغيضة التي كشفت كل الحقيقة حول فشل منظومة ونظام عالميين ودوليين سيطرا على العالم أكثر من 70 عاما، ولم يحققا آمال "مهندسهما" إبان الحرب العالمية الثانية في حماية حقوق الإنسان وعلويتها.

وبالرغم من أن قادة المنتظم الأممي كثيرا ما كانوا يعبرون عن "قلقهم" ورفضهم الممارسات اللاإنسانية ضد الغزاويين واللبنانيين، إلا أن صراخهم ظل لا يمتد صداه خارج جدران مقر الأمم المتحدة في نيويورك أو مكاتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف، وحتى قرارات "العدالة الدولية" بجناحيها (محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات) لم تفلح في إيقاف "نزيف الدم" في غزة منذ أكثر من عام ولا في "لجم" الكيان الصهيوني عن استهداف المدنيين في لبنان.

كيان يبدو أنه أصبح "مسعورا" خصوصا وأنه لم يتمكن من تحقيق أهدافه –لا السياسية ولا العسكرية ولا حتى الإستراتيجية- في قطاع غزة، وهو الآن يتعرض لنكسات متعددة وعديدة في جنوب لبنان، حيث زاد من عدد ألويته المحاربة هناك إلى 6 ألوية من نخبة جيشه، ولم يتمكن كذلك من تجاوز الخط الأزرق، حيث أضحت قوات الأمم المتحدة "اليونفيل" هي هدف الحرب مع عدم تمكنه من 'فك شيفرة' أنفاق جنوب لبنان، مثلما فشل في "كشف طلاسم" امتدادات أنفاق المقاومة في القطاع.

إن إجابة الاحتلال دائما إذا ما تعلق الأمر بفشل عسكري (وخصوصا بري) تكون دائما على حساب المدنيين العزل، إما تجويعا أو ترويعا أو قتلا باستهداف جوي أو مدفعي، وذلك في اتجاه ممنهج نحو فرض أمر واقع بالتهجير من شمال القطاع مثل الذي يحدث في مخيم جباليا منذ أكثر من أسبوع، وكذلك في جنوب لبنان.

إن أية معادلة لتحقيق توازن في الحرب مع الكيان الصهيوني تفرض على المقاومة (بجناحيها الفلسطيني واللبناني) الاتجاه نحو تصعيد في استهداف الجبهة الداخلية، والتي تعتبر "نقطة ضعف" الكيان، وعمود مشروعه الصهيوني.

فهذا المشروع قام على نظرية "حماية النواة" والعمل على توسيعها لتوفير الأمن للمستوطنين الذين أتوا "لفيفا" من مختلف أنحاء العالم وأسسوا المستوطنات الاشتراكية "الكيبوتسات" التي مثلت عمود اقتصاد الاحتلال و"درة تاجه"، قبل أن تنجح المقاومة في ضربها وإلحاقها بسردية أخرى وهي السقوط على "غلاف غزة" وعلى ضفاف "الخط الأزرق" في جنوب لبنان، ودفع من هاجروا إلى الأراضي المحتلة لهجرة عكسية.

إن هذه النقطة هي التي باتت تهدد "تماسك الصهيونية" كمشروع استعماري في مفهومه المؤسس منذ تيودور هرتزل وحاييم وايزمان وديفيد بن غوريون، وحتى ككيان "وظيفي" تم زرعه في المنطقة حماية لمصالح القوى الكبرى في العالم، وهو الآن يقوم بـ"وظيفته" التي أسس من أجلها وهي "دمار" ونشر "الفوضى اللابناءة" التي يراد من خلالها إعادة رسم خارطة أخرى لـ"شرق أوسط جديد"، يكون فيه الكيان القوة الإقليمية الأولى تفرض قواعد "لعبة الأمم" على بقية الدول، وسائدة على بقية القوى المتطلعة لزعامة أكبر المناطق الإستراتيجية في العالم، وإلحاقها ضمن "عصر اللاّسلام الصهيوني".

نزار مقني

 

لم تعد كل الكلمات والعبارات والنعوت، يمكنها وصف حجم الإجرام الذي وصل إليه الكيان الصهيوني، في عدوانه على جبهتي غزة ولبنان، بعد أن أضحى يدفع بكل قوته لفرض أمر واقع لمستقبل الشرق الأوسط، تقوم قوى المقاومة بتحويله لـ"أضغاث أحلام".

لقد بلغ حجم الإجرام وحرب الإبادة التي تستهدف المدنيين في كلا الجبهتين، مرحلة لا يمكن وصفها إلا أننا أمام "كيان مسعور"، أصيب بلوثة العلوية والعنصرية البغيضة التي كشفت كل الحقيقة حول فشل منظومة ونظام عالميين ودوليين سيطرا على العالم أكثر من 70 عاما، ولم يحققا آمال "مهندسهما" إبان الحرب العالمية الثانية في حماية حقوق الإنسان وعلويتها.

وبالرغم من أن قادة المنتظم الأممي كثيرا ما كانوا يعبرون عن "قلقهم" ورفضهم الممارسات اللاإنسانية ضد الغزاويين واللبنانيين، إلا أن صراخهم ظل لا يمتد صداه خارج جدران مقر الأمم المتحدة في نيويورك أو مكاتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف، وحتى قرارات "العدالة الدولية" بجناحيها (محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات) لم تفلح في إيقاف "نزيف الدم" في غزة منذ أكثر من عام ولا في "لجم" الكيان الصهيوني عن استهداف المدنيين في لبنان.

كيان يبدو أنه أصبح "مسعورا" خصوصا وأنه لم يتمكن من تحقيق أهدافه –لا السياسية ولا العسكرية ولا حتى الإستراتيجية- في قطاع غزة، وهو الآن يتعرض لنكسات متعددة وعديدة في جنوب لبنان، حيث زاد من عدد ألويته المحاربة هناك إلى 6 ألوية من نخبة جيشه، ولم يتمكن كذلك من تجاوز الخط الأزرق، حيث أضحت قوات الأمم المتحدة "اليونفيل" هي هدف الحرب مع عدم تمكنه من 'فك شيفرة' أنفاق جنوب لبنان، مثلما فشل في "كشف طلاسم" امتدادات أنفاق المقاومة في القطاع.

إن إجابة الاحتلال دائما إذا ما تعلق الأمر بفشل عسكري (وخصوصا بري) تكون دائما على حساب المدنيين العزل، إما تجويعا أو ترويعا أو قتلا باستهداف جوي أو مدفعي، وذلك في اتجاه ممنهج نحو فرض أمر واقع بالتهجير من شمال القطاع مثل الذي يحدث في مخيم جباليا منذ أكثر من أسبوع، وكذلك في جنوب لبنان.

إن أية معادلة لتحقيق توازن في الحرب مع الكيان الصهيوني تفرض على المقاومة (بجناحيها الفلسطيني واللبناني) الاتجاه نحو تصعيد في استهداف الجبهة الداخلية، والتي تعتبر "نقطة ضعف" الكيان، وعمود مشروعه الصهيوني.

فهذا المشروع قام على نظرية "حماية النواة" والعمل على توسيعها لتوفير الأمن للمستوطنين الذين أتوا "لفيفا" من مختلف أنحاء العالم وأسسوا المستوطنات الاشتراكية "الكيبوتسات" التي مثلت عمود اقتصاد الاحتلال و"درة تاجه"، قبل أن تنجح المقاومة في ضربها وإلحاقها بسردية أخرى وهي السقوط على "غلاف غزة" وعلى ضفاف "الخط الأزرق" في جنوب لبنان، ودفع من هاجروا إلى الأراضي المحتلة لهجرة عكسية.

إن هذه النقطة هي التي باتت تهدد "تماسك الصهيونية" كمشروع استعماري في مفهومه المؤسس منذ تيودور هرتزل وحاييم وايزمان وديفيد بن غوريون، وحتى ككيان "وظيفي" تم زرعه في المنطقة حماية لمصالح القوى الكبرى في العالم، وهو الآن يقوم بـ"وظيفته" التي أسس من أجلها وهي "دمار" ونشر "الفوضى اللابناءة" التي يراد من خلالها إعادة رسم خارطة أخرى لـ"شرق أوسط جديد"، يكون فيه الكيان القوة الإقليمية الأولى تفرض قواعد "لعبة الأمم" على بقية الدول، وسائدة على بقية القوى المتطلعة لزعامة أكبر المناطق الإستراتيجية في العالم، وإلحاقها ضمن "عصر اللاّسلام الصهيوني".

نزار مقني