إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية.. قيس سعيد رئيسا للجمهورية

 

تونس-الصباح

صرحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مساء أمس 11 أكتوبر 2024 خلال نقطة إعلامية تم نقلها مباشرة على القناة الوطنية الأولى بفوز المترشح للانتخابات الرئاسية قيس سعيد على منافسيه العياشي زمال وزهير المغزاوي منذ الدورة الأولى لهذه الانتخابات التي تم تنظميها يوم 6 أكتوبر الجاري داخل البلاد وأيام 4 و5 و6 من نفس الشهر في الخارج وذلك لحصوله على الأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها.

وتبعا لانقضاء فترة الطعون في النتائج الأولية دون تسجيل أي طعن فيها فقد اجتمع مجلس الهيئة أمس وصادق على القرار المتعلق بالإعلان عن النتائج النهائية.

وبلغ عدد الأصوات التي تحصل عليها المترشح قيس سعيد 2438954 أي بنسبة قدرها 90 فاصل 69 بالمائة من مجموع الأصوات. وبلغ عدد الأصوات التي تحصل عليها المترشح العياشي زمال 197551 وذلك بنسبة7 فاصل 35 بالمائة. وبلغ عدد الأصوات التي تحصل عليها المترشح زهير المغزاوي 52903 صوت أي بنسبة 1 فاصل 97 بالمائة . وبلغت نسبة الإقبال 28 فاصل 8 بالمائة. وآلت عمليّات الاقتراع والفرز والجمع الى النتائج التالية: العدد الجُملي للناخبين المسجلين: 9753217 ناخبا، العدد الجُملي للناخبين الذين قاموا بالتصويت: 2808548 ناخباً، العدد الجُملي للأصوات المُصرّح بها لكل المترشحين 2689408 صوتاً، العدد الجُملي لأوراق التصويت الملغاة: 84953ورقة، العدد الجُملي لأوراق التصويت البيضاء: 34187 ورقة.

وبعد التثبت من محاضر الاقتراع والفرز والتجميع ومن مدى احترام المترشحين لأحكام الفترة الانتخابية والحملة والتمويل، كان مجلس الهيئة أعلن مساء الاثنين 7 أكتوبر 2024 عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية. وطبقا للتعديلات الجديدة للقانون الانتخابي التي أقرها مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة المنعقدة في دورة استثنائية يوم 27 سبتمبر 2024 كان بإمكان أي واحد من المترشحين الثلاثة الطعن في تلك النتائج أمام محكمة الاستئناف بتونس في أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ تعليقها بمقرات الهيئة، ولكن هذا لم يحدث.

دعوة الناخبين

وانطلق المسار الانتخابي بصفة رسمية بصدور الأمر الرئاسي عدد 403 لسنة 2024 المؤرخ في 2 جويلية 2024 المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية 2024 وبعدها بيومين صادق مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على القرار الترتيبي للهيئة عدد 543 لسنة 2024 المؤرخ في 4 جويلية 2024 المتعلق بروزنامة الانتخابات الرئاسية. وانطلقت الفترة الانتخابيّة يوم 14 جويلية وتواصلت حتى الإعلان مساء أمس عن النتائج النهائيّة للانتخابات. وتم يوم 5 جويلية 2024 التسجيل الآلي لكل الناخبين بالداخل والخارج من غير المسجلين إراديا وذلك بإضافة من يبلغ سنهم 18 سنة كاملة يوم 5 أكتوبر 2024 وتتوفر فيهم شروط الناخب ثم فتحت الهيئة المجال للناخبين المسجلين لتحيين مراكز الاقتراع خلال كامل فترة تسجيل الناخبين، ثم فتحت فترة ثانية للتحيين الحر لمراكز الاقتراع من 8 جويلية إلى غاية يوم 22 جويلية 2024. وأعلنت عن القائمات النهائية للناخبين بعد انقضاء الطعون يوم 23 جويلية، ومنحت في مرحلة أخيرة الناخبين باستثناء مزكي المترشحين فترة استثنائية للتحيين الحر لمراكز الاقتراع من 12 أوت إلى غاية 20 سبتمبر 2024. وبلغ العدد الجملي للمسجلين 9753217 منهم 642810 بالخارج أي بنسبة 6 فاصل 6 بالمائة أما بالنسبة إلى توزيع المسجلين حسب الجنس فقد مثلت نسبة النساء 50 فاصل 4 بالمائة ونسبة الرجال 49 فاصل 6 بالمائة.

وفي نفس اليوم الذي أقر فيه روزنامة الانتخابات الرئاسية، صادق مجلس الهيئة على قرار ترتيبي آخر وهو القرار عدد 544 لسنة 2024 المؤرخ في 4 جويلية 2024 المتعلق بتنقيح وإتمام القرار عدد 18 لسنة 2014 المؤرخ في 4 أوت 2014 المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية، وقد كان هذا القرار محل رفض عدد من الأحزاب وسارعت بالطعن فيه أمام المحكمة الإدارية، وفي المقابل أكد فاروق بوعسكر آن ذاك أن هذا القرار يتطابق مع مقتضات الدستور والقانون الانتخابي. وبين أنه يشترط في المترشح لرئاسة الجمهورية أن يكون ناخبا مسجلا في سجل الناخبين، وأن يكون تونسيا غير حامل لجنسية أخرى مولودا لأب وأم وجد لأب ولأم تونسيين وكلهم تونسيون دون انقطاع طبقا للفصل 89 من الدستور وأن يكون دينه الإسلام، ويجب أن يكون بالغاً من العمر أربعين سنة على الأقل يوم تقديم الترشح، ويجب أن لا يكون قد تولى منصب رئيس الجمهورية لدورتين كاملتين، متصلتين أو منفصلتين. ويجب أن يكون المترشح متمتعا بجميع حقوقه المدنية والسياسية وأن لا يكون مشمولاً بأي من صور الحرمان التالية: فقدان صفة الناخب، فقدان الحق في الترشّح المترتّب على الإدانة من أجل جرائم تقديم عطايا نقدية أو عينية قصد التأثير على الناخب أو استعمال نفس الوسائل لحمل الناخب عن الإمساك عن التصويت سواء كان قبل الاقتراع أو أثناءه أو بعده وكذلك فقدان الحق في الترشح المترتب عن الإدانة من أجل الحصول على تمويل أجنبي أو مجهول المصدر لحملته الانتخابية في الانتخابات السابقة.

وتمثلت أهم الوثائق التي اشترطت الهيئة تقديمها في مطلب الترشح في بطاقة السوابق العدلية، كما تضمن القرار الترتيبي شروطا أخرى في علاقة بالتزكيات إذ يجب أن تكون التزكية من عشرة أعضاء من مجلس نوّاب الشعب أو من أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أو من أربعين من رؤساء مجالس الجماعات المحليّة المنتخبة المحلية أو الجهوية أو الإقليمية المباشرين لمهامهم، أو عشرة آلاف ناخب مرسّم في سجل الناخبين موزّعين على الأقلّ على عشر دوائر انتخابيّة، على ألاّ يقلّ عددهم عن خمسمائة ناخب بكلّ دائرة منها.. واشترطت الهيئة تضمين ملف الترشح نسخة ورقية والكترونية من قائمة المزكين تتضمنان وجوبا الاسم الكامل للمزكي وصفته والدائرة الانتخابية التشريعية التي يرتبط بها وعدد بطاقة تعريفه الوطنية وتاريخ إصدارها واسم الأم. ويدب أن تتضمن النسخة الورقية إمضاءه. واشترطت التعريف بالإمضاء لدى ضابط الحالة المدنية بالنسبة إلى تزكيات أعضاء ورؤساء المجالس النيابية المنتخبة وأصدرت أنموذجا للنسخة الورقية وإرشادات فنية للنسخة الالكترونية واشترطت التطابق بين النسخة الورقية والنسخة الالكترونية في ترتيب أسماء المزكين..

ووصفت جل المنظمات المختصة في ملاحظة المسارات الانتخابية إجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية التي فرضتها الهيئة بالمجحفة وعبرت عن اعتراضها على شرط تقديم بطاقة السوابق العدلية على اعتبار أن المترشح لا يمكنه أن يجبر وزارة الداخلية على منحه هذه الوثيقة قبل انتهاء فترة تقديم مطالب الترشح .

قبول ثلاثة مترشحين

وأعلنت هيئة الانتخابات يوم 10 أوت 2024 عن أسماء المترشحين للانتخابات الرئاسية المقبولين بصفة أولية وعددهم ثلاثة وهم على التوالي العياشي زمال وزهير المغزاوي وقيس سعيد، وقدم زهير المغزاوي 11 تزكية نيابية صحيحة من أعضاء مجلس نواب الشعب، وقدم قيس سعيد 248 ألفا و467 تزكية شعبية صحيحة موزعة على 135 دائرة انتخابية تحتوي على الأقل على 500 تزكية في كل دائرة إضافة إلى 294 تزكية نيابية من أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ورؤساء الجماعات المحلية المنتخبة، في حين قدم العياشي زمال في ملف ترشحه 10 آلف و457 تزكية شعبية صحيحة موزعة على 10 دوائر انتخابية تحتوي على الأقل على 500 تزكية في كل دائرة منها.

وصرحت الهيئة في المقابل برفض جميع ملفات الترشح الأخرى وعددها 14 ملفا إما بسبب انعدام التزكيات أو عدم استيفاء التزكيات للشروط القانونية من حيث العدد المطلوب أو من حيث توزيعها على الدوائر التشريعية أو عدم التطابق بين النسخة الورقية والنسخة الالكترونية لقائمة المزكين أو غياب المعطيات أو البيانات الأساسية المطلوبة في استمارة التزكية أو انعدام الضمان المالي أو لخلل في شرط الجنسية. وتعود مطالب الترشح المرفوضة لكل من أحمد الصافي سعيد ومحمد المنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي وعماد الدائمي وليلى الهمامي وذاكر الأهيذب وفتحي كريمي ويسري سليمان وعماد القريشي وعبد الفتاح الزمرلي ورقية الحافي والناجي جلول ومحمد هشام المؤدب والبشير العواني.

نزاعات الترشح

وبعد الإعلان عن قائمة المترشحين المقبولين أوليا توجه عدد ممن رفضت الهيئة مطالبهم للمحكمة الإدارية للطعن في تلك القائمة وقضت هذه المحكمة في الطور الأول من نزاعات الترشح في جميع الطعون المرفوعة إليها وعددها سبعة بالرّفض، حيث أصدرت ثلاثة أحكام بقبول الطعن شكلا ورفضه أصلا، وثلاثة أحكام برفض الطعن شكلا، وحكما وحيدا بعدم قبول الطعن. أما في الطور الثاني فقضت الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بقبول طعون كل من منذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي وعماد الدائمي، وفي يوم 2 سبتمبر 2024 أعلن رئيس الهيئة فاروق بوعسكر عن أسماء المترشحين المقبولين نهائيا لخوض غمار الانتخابات الرئاسية وهم على التوالي العياشي زمال وزهير المغزاوي وقيس سعيد وتعلل مجلس الهيئة بمعاينته استحالة تنفيذ قرارات الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية نظرا لتعذر إطلاعه على نسخ الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة تبعا لعدم إعلام الهيئة بها طبق القانون الانتخابي في أجل 48 ساعة من تاريخ التصريح بها من طرف كتابة المحكمة الإدارية مثلما نص عليه الفصل 47 من القانون الانتخابي رغم مراسلة المحكمة الإدارية رسميا ومطالبتها بموافاة الهيئة بتلك الأحكام في الآجال القانونية. وفي المقابل أوضحت المحكمة الإدارية، أنها تولّت بتاريخ يوم الاثنين 2 سبتمبر 2024 تبليغ نُسخ الأحكام القاضية بالإلغاء إلى الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، وأنّها تولّت تِباعًا وبمجرّد التّصريح بالأحكام تبليغ شهادة في منطوقها حينًا إلى طرفي النّزاع تطبيقا لأحكام الفصل 24 من قرار الهيئة عدد 18 لسنة 2014 المؤرّخ في 4 أوت 2014 المتعلّق بقواعد وإجراءات الترشّح للانتخابات الرئاسيّة التي تقتضي أن "تتولّى الهيئة تنفيذ القرارات الصّادرة عن الجلسة العامّة القضائيّة للمحكمة الإداريّة شرط توصّلها بالقرار أو بشهادة في منطوقه". وأضافت المحكمة الإدارية أنّ الفصل 10 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 543 لسنة 2024 المؤرّخ في 4 جويلية 2024 المتعلّق بروزنامة الانتخابات الرئاسيّة نصّ على أن "تتولى الهيئة الإعلان عن قائمة المترشّحين المقبولين نهائيًّا بعد انقضاء الطّعون وفي أجل لا يتجاوز يوم الثّلاثاء 3 سبتمبر 2024".

وردا على المحكمة الإدارية أكدت الهيئة توصلها بالأحكام الثلاث الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بالنقض في مادة الترشحات للانتخابات الرئاسية بالبريد الالكتروني مساء يوم 2 سبتمبر 2024 في حدود الساعة التاسعة ليلا وذلك بعد انعقاد مجلس الهيئة ومصادقته على القائمة النهائية للمترشحين المقبولين نهائيا للانتخابات الرئاسية صباح يوم الاثنين 2 سبتمبر 2024 ، أي بعد مرور 6 أيام من صدور الحكم الأول بتاريخ 27 أوت 2024، و4 أيام من صدور الحكم الثاني بتاريخ 29 أوت 2024 و3 أيام من صدور الحكم الثالث والأخير بتاريخ 30 أوت 2024، وذلك خلافا لمقتضيات الفصل 47 فقرة أخيرة من القانون الانتخابي الذي يوجب على المحكمة الإدارية إعلام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بنسخ الأحكام في ظرف 48 ساعة من تاريخ التصريح بها واعتبرت الهيئة أن تاريخ 3 سبتمبر المحدد بروزنامة الانتخابات الرئاسية 2024 هو الأجل الأقصى للإعلان عن المترشحين المقبولين نهائيا، ولا يمكنها في كل الحالات تجاوز تاريخ 2 سبتمبر للمصادقة على القائمة النهائية للمترشحين، مشيرة إلى أن الهيئة مطالبة بالضرورة بالمصادقة عليها بعد مرور 48 ساعة من تاريخ صدور آخر حكم عن الجلسة العامة القضائية الذي كان بتاريخ 30 أوت 2024. ثم أوضحت الهيئة في وقت لاحق أنه بعد إطلاعها على نسخ الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية تحت عدد 24003579 بتاريخ 27 أوت 2024 وعدد 24003591 بتاريخ 29 أوت وعدد 24003592 بتاريخ 30 أوت والتي تم إعلام الهيئة بها خارج الآجال القانونية المنصوص عليها بالفصل 47 فقرة أخيرة من القانون الانتخابي وبعد مصادقة مجلسها على القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، فقد ثبت لديها بصفة قطعية أن تلك الأحكام لم تقض بصفة واضحة وصريحة بإدراج المترشحين الطاعنين بالقائمة النهائية للمترشحين بل كانت أحكاما موقوفة على شرط تثبت الهيئة من تمتع المترشحين المرفوضين بجميع حقوقهم المدنية والسياسية في غياب وجود البطاقة عدد 3 المشترطة في القرار الترتيبي للهيئة وهذا يؤكد تعذر تنفيذ تلك الأحكام حتى لو تم إعلام الهيئة بها في الآجال القانونية. وبعد نشر القائمة النهائية للمترشحين قرر عدد ممن رفضت الهيئة مطالب ترشحهم مقاضاتها.

وقبل الحملة الانتخابية أصدر رئيس الجمهورية الأمر عدد 468 لسنة 2024 المؤرخ في 3 سبتمبر 2024 المتعلق بتحديد السقف الجملي للإنفاق على حملة الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 وتم تحديد السقف بالنسبة للدورة الأولى بما قدره 150 ألف دينار.. وخلافا للحملات الانتخابية السابقة لم ترصد الهيئة تجاوزات خطيرة من قبيل التمويل الأجنبي والتمويل مجهول المصدر. أما منظمات المجتمع المدني فوصفت الحملة الانتخابية بالباهتة حيث غابت المظاهر الاحتفالية والتجمعات الكبرى وفي المقابل تم استعمال منصات التواصل الاجتماعي بصفة مكثفة.

تعديل القانون الانتخابي

وبالتزامن مع الحملة الانتخابية، حسم مجلس نواب الشعب المعركة القانونية التي دارت بين هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية، وصادق يوم الجمعة 27 سبتمبر 2024 خلال جلسته العامة المنعقدة في دورة استثنائية على مقترح قانون أساسي تقدم به مجموعة من النواب ونظرت فيه لجنة التشريع العام، وهو يتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامها وكانت نتيجة التصويت عليه كما يلي: 116 موافقون و 12 رافضون و8 محتفظون. وخلافا للمعتاد لم ينشر المجلس إلى غاية مساء أمس تفاصيل تصويت النواب.

وقبل الجلسة العامة طلب المجلس النيابي من هيئة الانتخابات والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء إبداء الرأي في مقترح القانون المذكور في صيغته المعدلة من قبل لجنة التشريع العام، وفي ردها على هذا الطلب لم تقل الهيئة بصريح العبارة إنها موافقة على مقترح القانون أو أنها رافضة واكتفت بتقديم جملة من الملاحظات منها أن الدستور والقانون الانتخابي والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب لا يمنع الوظيفة التشريعية من ممارسة صلاحياتها الدستورية في تنقيح القوانين الانتخابية في فترات معينة، وبالتالي فهي حسب رأيها صلاحية سيادية للمجلس التشريعي طالما تم احترام أحكام الدستور والنظام الداخلي في المصادقة على القوانين وتعديلها. ولاحظت أن مبدأ عدم تنقيح القوانين الانتخابية في السنة الانتخابية يعد من "توصيات" لجنة البندقية وليست قاعدة قانونية وطنية منصوص عليها في النظام الدستوري القانوني التونسي. كما عددت الهيئة المناسبات التي تم فيها سابقا تنقيح القانون الانتخابي في السنة الانتخابية، ولاحظت الهيئة أن القضاء العدلي ليس غريبا عن النزاعات الانتخابية فالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف العدلية تنظر إلى اليوم ابتدائيا واستئنافيا في النزاعات المتعلقة بالترسيم بقائمات الناخبين عملا بالفصول من 14 إلى 18 مكرر من القانون الانتخابي، كما أن القضاء العدلي ينظر في الجرائم الانتخابية موضوع الباب السادس من القانون الانتخابي، واعتبرت أن المبادرة التشريعية لا تمس من المراكز القانونية للمترشحين أو من الروزنامة واقتصرت على تعديل نظام الطعون الانتخابية وإسنادها لجهة قضائية وحيدة تفاديا لتعقيد نظام الإجراءات وتشتيت النظر في النزاعات الانتخابية بين الأقضية الثلاث مما قد يؤول أحيانا إلى اختلاف أو تضارب الأحكام والقرارات بين أجهزة قضائية متعددة لا تتعامل مع النزاعات الانتخابية بنفس الإجراءات وفي نفس الآجال.

وفي المقابل أبدى المجلس الأعلى المؤقت للقضاء رفضه تنقيح القانون الانتخابي خلال الفترة الانتخابية واعتبر أن ما تضمنه الفصل الثالث من مقترح القانون من سريان أحكامه على النزاعات التي تم البت فيها يتعارض مع مبدأ حجية الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بخصوص النزاعات التي تم البت فيها بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية الحالية لسنة 2024 واتصال القضاء في شأنها وهو ما يقوض الثقة المشروعة في القضاء وفي نزاهة أعماله.

وبالتزامن مع الجلسة العامة ووسط إجراءات أمنية مشددة نفذ عدد من الناشطين في المجتمع المدني وقفة احتجاجية ضد مقترح القانون، وفي اليوم الموالي صدر القانون الجديد بالرائد الرسمي بعد أن تولى رئيس الجمهورية قيس سعيد ختمه. واستعدادا لعمليات الاقتراع في 10078 مكتب اقتراع و5331 مركز اقتراع ولملاءمة النصوص الترتيبية مع مقتضيات القانون الجديد صادق مجلس الهيئة يوم 2 أكتوبر 2024 على تنقيح وإتمام ثلاث قرارات ترتيبية وهي القرار عدد 549 لسنة 2024 المتعلق بقواعد وإجراءات احتساب النتائج والإعلان عنها والقرار عدد 551 لسنة 2024 المتعلق بضبط قواعد تمويل الحملة الانتخابية وإجراءاته وطرقه والقرار عدد 550 لسنة 2024 المتعلق بقواعد وإجراءات الاقتراع والفرز.

وواكب عمليات الاقتراع والفرز ملاحظون محليون ودوليون وممثلون عن وسائل الإعلام وممثلون عن المترشحين وتولت بعض الجمعيات إعداد تقارير أولية حول ملاحظاتها ليوم الاقتراع أما هيئة الانتخابات فهي مطالبة بموجب القانون بإعداد تقرير عام حول الانتخابات الرئاسية 2024 ونشره بالرائد الرسمي.

أداء اليمين

وبعد التصريح بالنتائج النهائية للانتخابات الرئاسية ينتظر أن يؤدّي رئيس جمهورية المنتخب لخمسة أعوام اليمين. ونص الفصل 92 من دستور 2022 على أن رئيس الجمهورية المنتخب يؤدي أمام مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم اليمين التالية: أقسم بالله العظيم أن أحافظ على استقلال الوطن وسلامته وأن أحترم دستور الدولة وتشريعها وأن أرعى مصالح الوطن رعاية كاملة.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية..    قيس سعيد رئيسا للجمهورية

 

تونس-الصباح

صرحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مساء أمس 11 أكتوبر 2024 خلال نقطة إعلامية تم نقلها مباشرة على القناة الوطنية الأولى بفوز المترشح للانتخابات الرئاسية قيس سعيد على منافسيه العياشي زمال وزهير المغزاوي منذ الدورة الأولى لهذه الانتخابات التي تم تنظميها يوم 6 أكتوبر الجاري داخل البلاد وأيام 4 و5 و6 من نفس الشهر في الخارج وذلك لحصوله على الأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها.

وتبعا لانقضاء فترة الطعون في النتائج الأولية دون تسجيل أي طعن فيها فقد اجتمع مجلس الهيئة أمس وصادق على القرار المتعلق بالإعلان عن النتائج النهائية.

وبلغ عدد الأصوات التي تحصل عليها المترشح قيس سعيد 2438954 أي بنسبة قدرها 90 فاصل 69 بالمائة من مجموع الأصوات. وبلغ عدد الأصوات التي تحصل عليها المترشح العياشي زمال 197551 وذلك بنسبة7 فاصل 35 بالمائة. وبلغ عدد الأصوات التي تحصل عليها المترشح زهير المغزاوي 52903 صوت أي بنسبة 1 فاصل 97 بالمائة . وبلغت نسبة الإقبال 28 فاصل 8 بالمائة. وآلت عمليّات الاقتراع والفرز والجمع الى النتائج التالية: العدد الجُملي للناخبين المسجلين: 9753217 ناخبا، العدد الجُملي للناخبين الذين قاموا بالتصويت: 2808548 ناخباً، العدد الجُملي للأصوات المُصرّح بها لكل المترشحين 2689408 صوتاً، العدد الجُملي لأوراق التصويت الملغاة: 84953ورقة، العدد الجُملي لأوراق التصويت البيضاء: 34187 ورقة.

وبعد التثبت من محاضر الاقتراع والفرز والتجميع ومن مدى احترام المترشحين لأحكام الفترة الانتخابية والحملة والتمويل، كان مجلس الهيئة أعلن مساء الاثنين 7 أكتوبر 2024 عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية. وطبقا للتعديلات الجديدة للقانون الانتخابي التي أقرها مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة المنعقدة في دورة استثنائية يوم 27 سبتمبر 2024 كان بإمكان أي واحد من المترشحين الثلاثة الطعن في تلك النتائج أمام محكمة الاستئناف بتونس في أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ تعليقها بمقرات الهيئة، ولكن هذا لم يحدث.

دعوة الناخبين

وانطلق المسار الانتخابي بصفة رسمية بصدور الأمر الرئاسي عدد 403 لسنة 2024 المؤرخ في 2 جويلية 2024 المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية 2024 وبعدها بيومين صادق مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على القرار الترتيبي للهيئة عدد 543 لسنة 2024 المؤرخ في 4 جويلية 2024 المتعلق بروزنامة الانتخابات الرئاسية. وانطلقت الفترة الانتخابيّة يوم 14 جويلية وتواصلت حتى الإعلان مساء أمس عن النتائج النهائيّة للانتخابات. وتم يوم 5 جويلية 2024 التسجيل الآلي لكل الناخبين بالداخل والخارج من غير المسجلين إراديا وذلك بإضافة من يبلغ سنهم 18 سنة كاملة يوم 5 أكتوبر 2024 وتتوفر فيهم شروط الناخب ثم فتحت الهيئة المجال للناخبين المسجلين لتحيين مراكز الاقتراع خلال كامل فترة تسجيل الناخبين، ثم فتحت فترة ثانية للتحيين الحر لمراكز الاقتراع من 8 جويلية إلى غاية يوم 22 جويلية 2024. وأعلنت عن القائمات النهائية للناخبين بعد انقضاء الطعون يوم 23 جويلية، ومنحت في مرحلة أخيرة الناخبين باستثناء مزكي المترشحين فترة استثنائية للتحيين الحر لمراكز الاقتراع من 12 أوت إلى غاية 20 سبتمبر 2024. وبلغ العدد الجملي للمسجلين 9753217 منهم 642810 بالخارج أي بنسبة 6 فاصل 6 بالمائة أما بالنسبة إلى توزيع المسجلين حسب الجنس فقد مثلت نسبة النساء 50 فاصل 4 بالمائة ونسبة الرجال 49 فاصل 6 بالمائة.

وفي نفس اليوم الذي أقر فيه روزنامة الانتخابات الرئاسية، صادق مجلس الهيئة على قرار ترتيبي آخر وهو القرار عدد 544 لسنة 2024 المؤرخ في 4 جويلية 2024 المتعلق بتنقيح وإتمام القرار عدد 18 لسنة 2014 المؤرخ في 4 أوت 2014 المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية، وقد كان هذا القرار محل رفض عدد من الأحزاب وسارعت بالطعن فيه أمام المحكمة الإدارية، وفي المقابل أكد فاروق بوعسكر آن ذاك أن هذا القرار يتطابق مع مقتضات الدستور والقانون الانتخابي. وبين أنه يشترط في المترشح لرئاسة الجمهورية أن يكون ناخبا مسجلا في سجل الناخبين، وأن يكون تونسيا غير حامل لجنسية أخرى مولودا لأب وأم وجد لأب ولأم تونسيين وكلهم تونسيون دون انقطاع طبقا للفصل 89 من الدستور وأن يكون دينه الإسلام، ويجب أن يكون بالغاً من العمر أربعين سنة على الأقل يوم تقديم الترشح، ويجب أن لا يكون قد تولى منصب رئيس الجمهورية لدورتين كاملتين، متصلتين أو منفصلتين. ويجب أن يكون المترشح متمتعا بجميع حقوقه المدنية والسياسية وأن لا يكون مشمولاً بأي من صور الحرمان التالية: فقدان صفة الناخب، فقدان الحق في الترشّح المترتّب على الإدانة من أجل جرائم تقديم عطايا نقدية أو عينية قصد التأثير على الناخب أو استعمال نفس الوسائل لحمل الناخب عن الإمساك عن التصويت سواء كان قبل الاقتراع أو أثناءه أو بعده وكذلك فقدان الحق في الترشح المترتب عن الإدانة من أجل الحصول على تمويل أجنبي أو مجهول المصدر لحملته الانتخابية في الانتخابات السابقة.

وتمثلت أهم الوثائق التي اشترطت الهيئة تقديمها في مطلب الترشح في بطاقة السوابق العدلية، كما تضمن القرار الترتيبي شروطا أخرى في علاقة بالتزكيات إذ يجب أن تكون التزكية من عشرة أعضاء من مجلس نوّاب الشعب أو من أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أو من أربعين من رؤساء مجالس الجماعات المحليّة المنتخبة المحلية أو الجهوية أو الإقليمية المباشرين لمهامهم، أو عشرة آلاف ناخب مرسّم في سجل الناخبين موزّعين على الأقلّ على عشر دوائر انتخابيّة، على ألاّ يقلّ عددهم عن خمسمائة ناخب بكلّ دائرة منها.. واشترطت الهيئة تضمين ملف الترشح نسخة ورقية والكترونية من قائمة المزكين تتضمنان وجوبا الاسم الكامل للمزكي وصفته والدائرة الانتخابية التشريعية التي يرتبط بها وعدد بطاقة تعريفه الوطنية وتاريخ إصدارها واسم الأم. ويدب أن تتضمن النسخة الورقية إمضاءه. واشترطت التعريف بالإمضاء لدى ضابط الحالة المدنية بالنسبة إلى تزكيات أعضاء ورؤساء المجالس النيابية المنتخبة وأصدرت أنموذجا للنسخة الورقية وإرشادات فنية للنسخة الالكترونية واشترطت التطابق بين النسخة الورقية والنسخة الالكترونية في ترتيب أسماء المزكين..

ووصفت جل المنظمات المختصة في ملاحظة المسارات الانتخابية إجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية التي فرضتها الهيئة بالمجحفة وعبرت عن اعتراضها على شرط تقديم بطاقة السوابق العدلية على اعتبار أن المترشح لا يمكنه أن يجبر وزارة الداخلية على منحه هذه الوثيقة قبل انتهاء فترة تقديم مطالب الترشح .

قبول ثلاثة مترشحين

وأعلنت هيئة الانتخابات يوم 10 أوت 2024 عن أسماء المترشحين للانتخابات الرئاسية المقبولين بصفة أولية وعددهم ثلاثة وهم على التوالي العياشي زمال وزهير المغزاوي وقيس سعيد، وقدم زهير المغزاوي 11 تزكية نيابية صحيحة من أعضاء مجلس نواب الشعب، وقدم قيس سعيد 248 ألفا و467 تزكية شعبية صحيحة موزعة على 135 دائرة انتخابية تحتوي على الأقل على 500 تزكية في كل دائرة إضافة إلى 294 تزكية نيابية من أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ورؤساء الجماعات المحلية المنتخبة، في حين قدم العياشي زمال في ملف ترشحه 10 آلف و457 تزكية شعبية صحيحة موزعة على 10 دوائر انتخابية تحتوي على الأقل على 500 تزكية في كل دائرة منها.

وصرحت الهيئة في المقابل برفض جميع ملفات الترشح الأخرى وعددها 14 ملفا إما بسبب انعدام التزكيات أو عدم استيفاء التزكيات للشروط القانونية من حيث العدد المطلوب أو من حيث توزيعها على الدوائر التشريعية أو عدم التطابق بين النسخة الورقية والنسخة الالكترونية لقائمة المزكين أو غياب المعطيات أو البيانات الأساسية المطلوبة في استمارة التزكية أو انعدام الضمان المالي أو لخلل في شرط الجنسية. وتعود مطالب الترشح المرفوضة لكل من أحمد الصافي سعيد ومحمد المنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي وعماد الدائمي وليلى الهمامي وذاكر الأهيذب وفتحي كريمي ويسري سليمان وعماد القريشي وعبد الفتاح الزمرلي ورقية الحافي والناجي جلول ومحمد هشام المؤدب والبشير العواني.

نزاعات الترشح

وبعد الإعلان عن قائمة المترشحين المقبولين أوليا توجه عدد ممن رفضت الهيئة مطالبهم للمحكمة الإدارية للطعن في تلك القائمة وقضت هذه المحكمة في الطور الأول من نزاعات الترشح في جميع الطعون المرفوعة إليها وعددها سبعة بالرّفض، حيث أصدرت ثلاثة أحكام بقبول الطعن شكلا ورفضه أصلا، وثلاثة أحكام برفض الطعن شكلا، وحكما وحيدا بعدم قبول الطعن. أما في الطور الثاني فقضت الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بقبول طعون كل من منذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي وعماد الدائمي، وفي يوم 2 سبتمبر 2024 أعلن رئيس الهيئة فاروق بوعسكر عن أسماء المترشحين المقبولين نهائيا لخوض غمار الانتخابات الرئاسية وهم على التوالي العياشي زمال وزهير المغزاوي وقيس سعيد وتعلل مجلس الهيئة بمعاينته استحالة تنفيذ قرارات الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية نظرا لتعذر إطلاعه على نسخ الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة تبعا لعدم إعلام الهيئة بها طبق القانون الانتخابي في أجل 48 ساعة من تاريخ التصريح بها من طرف كتابة المحكمة الإدارية مثلما نص عليه الفصل 47 من القانون الانتخابي رغم مراسلة المحكمة الإدارية رسميا ومطالبتها بموافاة الهيئة بتلك الأحكام في الآجال القانونية. وفي المقابل أوضحت المحكمة الإدارية، أنها تولّت بتاريخ يوم الاثنين 2 سبتمبر 2024 تبليغ نُسخ الأحكام القاضية بالإلغاء إلى الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، وأنّها تولّت تِباعًا وبمجرّد التّصريح بالأحكام تبليغ شهادة في منطوقها حينًا إلى طرفي النّزاع تطبيقا لأحكام الفصل 24 من قرار الهيئة عدد 18 لسنة 2014 المؤرّخ في 4 أوت 2014 المتعلّق بقواعد وإجراءات الترشّح للانتخابات الرئاسيّة التي تقتضي أن "تتولّى الهيئة تنفيذ القرارات الصّادرة عن الجلسة العامّة القضائيّة للمحكمة الإداريّة شرط توصّلها بالقرار أو بشهادة في منطوقه". وأضافت المحكمة الإدارية أنّ الفصل 10 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 543 لسنة 2024 المؤرّخ في 4 جويلية 2024 المتعلّق بروزنامة الانتخابات الرئاسيّة نصّ على أن "تتولى الهيئة الإعلان عن قائمة المترشّحين المقبولين نهائيًّا بعد انقضاء الطّعون وفي أجل لا يتجاوز يوم الثّلاثاء 3 سبتمبر 2024".

وردا على المحكمة الإدارية أكدت الهيئة توصلها بالأحكام الثلاث الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بالنقض في مادة الترشحات للانتخابات الرئاسية بالبريد الالكتروني مساء يوم 2 سبتمبر 2024 في حدود الساعة التاسعة ليلا وذلك بعد انعقاد مجلس الهيئة ومصادقته على القائمة النهائية للمترشحين المقبولين نهائيا للانتخابات الرئاسية صباح يوم الاثنين 2 سبتمبر 2024 ، أي بعد مرور 6 أيام من صدور الحكم الأول بتاريخ 27 أوت 2024، و4 أيام من صدور الحكم الثاني بتاريخ 29 أوت 2024 و3 أيام من صدور الحكم الثالث والأخير بتاريخ 30 أوت 2024، وذلك خلافا لمقتضيات الفصل 47 فقرة أخيرة من القانون الانتخابي الذي يوجب على المحكمة الإدارية إعلام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بنسخ الأحكام في ظرف 48 ساعة من تاريخ التصريح بها واعتبرت الهيئة أن تاريخ 3 سبتمبر المحدد بروزنامة الانتخابات الرئاسية 2024 هو الأجل الأقصى للإعلان عن المترشحين المقبولين نهائيا، ولا يمكنها في كل الحالات تجاوز تاريخ 2 سبتمبر للمصادقة على القائمة النهائية للمترشحين، مشيرة إلى أن الهيئة مطالبة بالضرورة بالمصادقة عليها بعد مرور 48 ساعة من تاريخ صدور آخر حكم عن الجلسة العامة القضائية الذي كان بتاريخ 30 أوت 2024. ثم أوضحت الهيئة في وقت لاحق أنه بعد إطلاعها على نسخ الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية تحت عدد 24003579 بتاريخ 27 أوت 2024 وعدد 24003591 بتاريخ 29 أوت وعدد 24003592 بتاريخ 30 أوت والتي تم إعلام الهيئة بها خارج الآجال القانونية المنصوص عليها بالفصل 47 فقرة أخيرة من القانون الانتخابي وبعد مصادقة مجلسها على القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، فقد ثبت لديها بصفة قطعية أن تلك الأحكام لم تقض بصفة واضحة وصريحة بإدراج المترشحين الطاعنين بالقائمة النهائية للمترشحين بل كانت أحكاما موقوفة على شرط تثبت الهيئة من تمتع المترشحين المرفوضين بجميع حقوقهم المدنية والسياسية في غياب وجود البطاقة عدد 3 المشترطة في القرار الترتيبي للهيئة وهذا يؤكد تعذر تنفيذ تلك الأحكام حتى لو تم إعلام الهيئة بها في الآجال القانونية. وبعد نشر القائمة النهائية للمترشحين قرر عدد ممن رفضت الهيئة مطالب ترشحهم مقاضاتها.

وقبل الحملة الانتخابية أصدر رئيس الجمهورية الأمر عدد 468 لسنة 2024 المؤرخ في 3 سبتمبر 2024 المتعلق بتحديد السقف الجملي للإنفاق على حملة الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 وتم تحديد السقف بالنسبة للدورة الأولى بما قدره 150 ألف دينار.. وخلافا للحملات الانتخابية السابقة لم ترصد الهيئة تجاوزات خطيرة من قبيل التمويل الأجنبي والتمويل مجهول المصدر. أما منظمات المجتمع المدني فوصفت الحملة الانتخابية بالباهتة حيث غابت المظاهر الاحتفالية والتجمعات الكبرى وفي المقابل تم استعمال منصات التواصل الاجتماعي بصفة مكثفة.

تعديل القانون الانتخابي

وبالتزامن مع الحملة الانتخابية، حسم مجلس نواب الشعب المعركة القانونية التي دارت بين هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية، وصادق يوم الجمعة 27 سبتمبر 2024 خلال جلسته العامة المنعقدة في دورة استثنائية على مقترح قانون أساسي تقدم به مجموعة من النواب ونظرت فيه لجنة التشريع العام، وهو يتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامها وكانت نتيجة التصويت عليه كما يلي: 116 موافقون و 12 رافضون و8 محتفظون. وخلافا للمعتاد لم ينشر المجلس إلى غاية مساء أمس تفاصيل تصويت النواب.

وقبل الجلسة العامة طلب المجلس النيابي من هيئة الانتخابات والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء إبداء الرأي في مقترح القانون المذكور في صيغته المعدلة من قبل لجنة التشريع العام، وفي ردها على هذا الطلب لم تقل الهيئة بصريح العبارة إنها موافقة على مقترح القانون أو أنها رافضة واكتفت بتقديم جملة من الملاحظات منها أن الدستور والقانون الانتخابي والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب لا يمنع الوظيفة التشريعية من ممارسة صلاحياتها الدستورية في تنقيح القوانين الانتخابية في فترات معينة، وبالتالي فهي حسب رأيها صلاحية سيادية للمجلس التشريعي طالما تم احترام أحكام الدستور والنظام الداخلي في المصادقة على القوانين وتعديلها. ولاحظت أن مبدأ عدم تنقيح القوانين الانتخابية في السنة الانتخابية يعد من "توصيات" لجنة البندقية وليست قاعدة قانونية وطنية منصوص عليها في النظام الدستوري القانوني التونسي. كما عددت الهيئة المناسبات التي تم فيها سابقا تنقيح القانون الانتخابي في السنة الانتخابية، ولاحظت الهيئة أن القضاء العدلي ليس غريبا عن النزاعات الانتخابية فالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف العدلية تنظر إلى اليوم ابتدائيا واستئنافيا في النزاعات المتعلقة بالترسيم بقائمات الناخبين عملا بالفصول من 14 إلى 18 مكرر من القانون الانتخابي، كما أن القضاء العدلي ينظر في الجرائم الانتخابية موضوع الباب السادس من القانون الانتخابي، واعتبرت أن المبادرة التشريعية لا تمس من المراكز القانونية للمترشحين أو من الروزنامة واقتصرت على تعديل نظام الطعون الانتخابية وإسنادها لجهة قضائية وحيدة تفاديا لتعقيد نظام الإجراءات وتشتيت النظر في النزاعات الانتخابية بين الأقضية الثلاث مما قد يؤول أحيانا إلى اختلاف أو تضارب الأحكام والقرارات بين أجهزة قضائية متعددة لا تتعامل مع النزاعات الانتخابية بنفس الإجراءات وفي نفس الآجال.

وفي المقابل أبدى المجلس الأعلى المؤقت للقضاء رفضه تنقيح القانون الانتخابي خلال الفترة الانتخابية واعتبر أن ما تضمنه الفصل الثالث من مقترح القانون من سريان أحكامه على النزاعات التي تم البت فيها يتعارض مع مبدأ حجية الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بخصوص النزاعات التي تم البت فيها بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية الحالية لسنة 2024 واتصال القضاء في شأنها وهو ما يقوض الثقة المشروعة في القضاء وفي نزاهة أعماله.

وبالتزامن مع الجلسة العامة ووسط إجراءات أمنية مشددة نفذ عدد من الناشطين في المجتمع المدني وقفة احتجاجية ضد مقترح القانون، وفي اليوم الموالي صدر القانون الجديد بالرائد الرسمي بعد أن تولى رئيس الجمهورية قيس سعيد ختمه. واستعدادا لعمليات الاقتراع في 10078 مكتب اقتراع و5331 مركز اقتراع ولملاءمة النصوص الترتيبية مع مقتضيات القانون الجديد صادق مجلس الهيئة يوم 2 أكتوبر 2024 على تنقيح وإتمام ثلاث قرارات ترتيبية وهي القرار عدد 549 لسنة 2024 المتعلق بقواعد وإجراءات احتساب النتائج والإعلان عنها والقرار عدد 551 لسنة 2024 المتعلق بضبط قواعد تمويل الحملة الانتخابية وإجراءاته وطرقه والقرار عدد 550 لسنة 2024 المتعلق بقواعد وإجراءات الاقتراع والفرز.

وواكب عمليات الاقتراع والفرز ملاحظون محليون ودوليون وممثلون عن وسائل الإعلام وممثلون عن المترشحين وتولت بعض الجمعيات إعداد تقارير أولية حول ملاحظاتها ليوم الاقتراع أما هيئة الانتخابات فهي مطالبة بموجب القانون بإعداد تقرير عام حول الانتخابات الرئاسية 2024 ونشره بالرائد الرسمي.

أداء اليمين

وبعد التصريح بالنتائج النهائية للانتخابات الرئاسية ينتظر أن يؤدّي رئيس جمهورية المنتخب لخمسة أعوام اليمين. ونص الفصل 92 من دستور 2022 على أن رئيس الجمهورية المنتخب يؤدي أمام مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم اليمين التالية: أقسم بالله العظيم أن أحافظ على استقلال الوطن وسلامته وأن أحترم دستور الدولة وتشريعها وأن أرعى مصالح الوطن رعاية كاملة.

سعيدة بوهلال