إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. لا نصير للشعوب العربية إلا نفسها

 

لم يزدنا العدوان الصهيوني المتواصل على غزة بفلسطين، إلا تأكدا بأن الشعوب العربية ليس لها من نصير إلا نفسها، وهي لا حل أمامها، كلما امتحنتها الأقدار بقسوة، إلا التعويل على إمكانياتها الذاتية ولا شيء سواها.

فمنذ أكثر من عام، يواجه قطاع غزة بفلسطين عدوانا لعله غير مسبوق في التاريخ، من حيث حجم الخسائر البشرية مع الدمار الهائل الذي طال البينة الأساسية، مع عمليات تهجير مستمرة يوميا وبلا انقطاع. منذ 12 شهرا (منذ 7 أكتوبر 2023) يتعرض الشعب الفلسطيني إلى أبشع الممارسات من ترويع وتقتيل وتهجير وتجويع.

12 شهرا وأهل فلسطين في مواجهة قدر مظلم، 12 شهرا والشعب الفلسطيني يتلقى الحمم النارية التي يقذف بها الكيان الصهيوني، المدعوم من أقوى الدول في العالم، غزة أرضا وجوا وبحرا مع عمليات الاقتحام المستمرة للبيوت واستباحة كل شيء. لم تسلم المستشفيات والمدارس ولا مقرات اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أو المساجد والكنائس. كل شيء هدف لسلاح الكيان الصهيوني الذي لا يعترف بأية خطوط حمراء.

ذلك هو المشهد، ونتصور أن الحقيقة في قضية الحال تتجاوز الخيال بكثير، خاصة إذا ما استندنا إلى تصريحات شهود العيان الذين واكبوا ما يحصل هناك وبعض الأطباء الأجانب الذين باشروا بغزة، خلال العدوان، وأكدوا أن سكان القطاع يعيشون أهوالا يومية وأن ما يصل العالم من صور، على بشاعتها، لا يصف الحقيقة كاملة، في ظل ما يفرضه الكيان الصهيوني من تعتيم إعلامي وهو الذي قتل عشرات الإعلاميين في غزة منذ بداية العدوان.

رغم كل هذه الأهوال، تُرك الشعب الفلسطيني لمواجهة قدره بنفسه. البعض يبرر هذا التخاذل على طريقة السفسطائيين والبعض يحاول أن يغرق الناس في نقاشات بيزنطية، والبعض الآخر ظل صامتا، هكذا بكل بساطة. فجأة لم تعد فلسطين قضية جميع العرب ولم تعد الفظاعات التي ترتكب ضد المدنيين العزل تثير حنق العرب. والبيانات الفضفاضة التي كان القادة العرب من قبل يحاولون من خلالها امتصاص غضب الشارع العربي، غابت تماما، حتى أننا افتقدناها في هذا الزمن العصيب.

صوت الشعوب العربية بدوره غاب وتقلصت التحركات في الشوارع. وأخبار العدوان الصهيوني على ما يكتسيه من طابع وحشي لم تعد تبرّز في الصفحات الأولى في الجرائد والصحف العربية، واستهداف الفلسطينيين في بيوتهم وحتى حرق الخيام على رؤوس ساكنيها صار من قبيل الأخبار العادية التي يتم التعرض إليها بشكل برقي في نشرات الأخبار.

نفس الشيء نلاحظه تقريبا مع ما يجري منذ أيام في بيروت وفي جنوب لبنان بالخصوص منذ أن بدأ العدو الصهيوني في شن غاراته على الشعب اللبناني، طبعا مع فارق بسيط وهو أننا لم نتفاجأ. لقد تعلمنا الدرس هذه المرة. لم نستغرب مثلا غياب الهبة العربية الرسمية لدولة عربية مستقلة منضوية تحت لواء جامعة الدول العربية، يستبيحها العدو الصهيوني ويسعى إلى غزوها في وضح النهار. لم نستغرب ذلك تماما مثلما لم نعد نستغرب استمرار استباحة الأراضي السورية من نفس العدو وهي دولة عربية مستقلة وكذلك الأمر بالنسبة للعراق واليمن وكل البلدان العربية التي تعاني من تدخلات أجنبية ومن محاولات لضرب استقرارها.

وإن ظلت فلسطين صامدة، فذلك لأنها أدركت أنها وحدها في المواجهة ومثلها نتوقع أن تفعل لبنان. لن تجد الشعوب العربية، كلها، من يدافع عنها، غير أظافرها. تلك هي الحقيقة الواضحة التي يعبّر عنها الواقع ويكشف عنها الميدان.

حياة السايب

 

 

 

لم يزدنا العدوان الصهيوني المتواصل على غزة بفلسطين، إلا تأكدا بأن الشعوب العربية ليس لها من نصير إلا نفسها، وهي لا حل أمامها، كلما امتحنتها الأقدار بقسوة، إلا التعويل على إمكانياتها الذاتية ولا شيء سواها.

فمنذ أكثر من عام، يواجه قطاع غزة بفلسطين عدوانا لعله غير مسبوق في التاريخ، من حيث حجم الخسائر البشرية مع الدمار الهائل الذي طال البينة الأساسية، مع عمليات تهجير مستمرة يوميا وبلا انقطاع. منذ 12 شهرا (منذ 7 أكتوبر 2023) يتعرض الشعب الفلسطيني إلى أبشع الممارسات من ترويع وتقتيل وتهجير وتجويع.

12 شهرا وأهل فلسطين في مواجهة قدر مظلم، 12 شهرا والشعب الفلسطيني يتلقى الحمم النارية التي يقذف بها الكيان الصهيوني، المدعوم من أقوى الدول في العالم، غزة أرضا وجوا وبحرا مع عمليات الاقتحام المستمرة للبيوت واستباحة كل شيء. لم تسلم المستشفيات والمدارس ولا مقرات اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أو المساجد والكنائس. كل شيء هدف لسلاح الكيان الصهيوني الذي لا يعترف بأية خطوط حمراء.

ذلك هو المشهد، ونتصور أن الحقيقة في قضية الحال تتجاوز الخيال بكثير، خاصة إذا ما استندنا إلى تصريحات شهود العيان الذين واكبوا ما يحصل هناك وبعض الأطباء الأجانب الذين باشروا بغزة، خلال العدوان، وأكدوا أن سكان القطاع يعيشون أهوالا يومية وأن ما يصل العالم من صور، على بشاعتها، لا يصف الحقيقة كاملة، في ظل ما يفرضه الكيان الصهيوني من تعتيم إعلامي وهو الذي قتل عشرات الإعلاميين في غزة منذ بداية العدوان.

رغم كل هذه الأهوال، تُرك الشعب الفلسطيني لمواجهة قدره بنفسه. البعض يبرر هذا التخاذل على طريقة السفسطائيين والبعض يحاول أن يغرق الناس في نقاشات بيزنطية، والبعض الآخر ظل صامتا، هكذا بكل بساطة. فجأة لم تعد فلسطين قضية جميع العرب ولم تعد الفظاعات التي ترتكب ضد المدنيين العزل تثير حنق العرب. والبيانات الفضفاضة التي كان القادة العرب من قبل يحاولون من خلالها امتصاص غضب الشارع العربي، غابت تماما، حتى أننا افتقدناها في هذا الزمن العصيب.

صوت الشعوب العربية بدوره غاب وتقلصت التحركات في الشوارع. وأخبار العدوان الصهيوني على ما يكتسيه من طابع وحشي لم تعد تبرّز في الصفحات الأولى في الجرائد والصحف العربية، واستهداف الفلسطينيين في بيوتهم وحتى حرق الخيام على رؤوس ساكنيها صار من قبيل الأخبار العادية التي يتم التعرض إليها بشكل برقي في نشرات الأخبار.

نفس الشيء نلاحظه تقريبا مع ما يجري منذ أيام في بيروت وفي جنوب لبنان بالخصوص منذ أن بدأ العدو الصهيوني في شن غاراته على الشعب اللبناني، طبعا مع فارق بسيط وهو أننا لم نتفاجأ. لقد تعلمنا الدرس هذه المرة. لم نستغرب مثلا غياب الهبة العربية الرسمية لدولة عربية مستقلة منضوية تحت لواء جامعة الدول العربية، يستبيحها العدو الصهيوني ويسعى إلى غزوها في وضح النهار. لم نستغرب ذلك تماما مثلما لم نعد نستغرب استمرار استباحة الأراضي السورية من نفس العدو وهي دولة عربية مستقلة وكذلك الأمر بالنسبة للعراق واليمن وكل البلدان العربية التي تعاني من تدخلات أجنبية ومن محاولات لضرب استقرارها.

وإن ظلت فلسطين صامدة، فذلك لأنها أدركت أنها وحدها في المواجهة ومثلها نتوقع أن تفعل لبنان. لن تجد الشعوب العربية، كلها، من يدافع عنها، غير أظافرها. تلك هي الحقيقة الواضحة التي يعبّر عنها الواقع ويكشف عنها الميدان.

حياة السايب