إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مشتتة.. بلا حاضنة شعبية ورصيدها "صفر".. فشل مدو للمعارضة في الرئاسية

 

عبد اللطيف الحناشي لـ"الصباح": أحزاب المعارضة لا تملك تمددا جغرافيا ولا تمددا اجتماعيا ولا بيئة حاضنة

محمد الصالح العبيدي لـ"الصباح": الأحزاب تآكل رصيدها السياسي وجيل الخمسينات والستينات أفلس بالكامل

تونس-الصباح

لم تتجاوز نسبة الأصوات التي تحصل عليها المترشحان للانتخابات الرئاسية العياشي زمال، أمين عام حركة "عازمون" وزهير المغزاوي أمين عام حركة "الشعب" 10 % من إجمالي الأصوات المصرح بها، حيث أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مساء الاثنين 7 أكتوبر 2024 عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الأحد 6 أكتوبر 2024.

وقالت الهيئة إن نسبة الإقبال في الانتخابات بلغت 28.8 %، وأضافت أن المترشح قيس سعيد تحصل على 90.69 %، فيما تحصل منافسه العياشي زمال على 7.35 % من الأصوات، أما المترشح الثالث زهير المغزاوي فقد تحصل على 1.79 % من أصوات المقترعين.

مترشحان ينتميان إلى أحزاب لم يحصلا سوى على نسبة ضعيفة من الأصوات مقابل فوز ساحق للمترشح الذي لا ينتمي إلى أي حزب.

وتعليقا على النتائج اعتبر عدد هام من المتابعين للشأن العام أن إعلان عديد الأحزاب عن مقاطعتها للانتخابات الرئاسية وعدم دعمها لأي من المترشحين "زمال" أو "المغزاوي" أفضى إلى النتائج الحاصلة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل كان بإمكان الأحزاب، لو دعمت أحد المترشحين، أن تغير نتائج التصويت!!؟

سؤال طرحته "الصباح" على الدكتور عبد اللطيف الحناشي الأستاذ الجامعي في التاريخ السياسي المعاصر والصحفي والمحلل السياسي محمد صالح العبيدي.

أحزاب لا تملك تمددا جغرافيا واجتماعيا

حيث أفادنا الدكتور عبد اللطيف الحناشي أن تونس بعد الثورة عرفت إسهالا حزبيا حيث بلغ عدد الأحزاب تقريبا 248 حزبا، إلا أن الإشكال أن هذه الأحزاب غير ناشطة وغير فاعلة باستثناء تقريبا 10 أحزاب نشطت خلال انتخابات 2011 و2014 و2019 غير أنها لا تملك تمددا جغرافيا ولا تمددا اجتماعيا وفق الحناشي، بما يعني أنها لا تملك بيئة اجتماعية حاضنة. وأردف الأستاذ الجامعي في التاريخ السياسي المعاصر مبينا أن هذه الأحزاب كانت غير قادرة على كسب ثقة المواطنين والجمهور بالآليات والطرق القانونية المعتادة وتبين ذلك خلال الاستحقاقات الانتخابية ماعدا حزب حركة النهضة الذي كان حزبا مهيكلا بشكل جيد كما أنه حزب عقائدي وله إمكانيات مادية كبيرة وتجربة حزبية معتبرة.

وأضاف أن الأحزاب في فترة الانتقال الديمقراطي لم تهتم ولم تحاول تكوين قاعدة اجتماعية وكسب ثقة المواطنين من خلال تنظيم أنشطة جهوية ميدانية،  حيث كانت تكتفي بالحضور في البرامج التلفزية واللقاءات الصحفية من خلال شخصيات لا تمثل إلا نفسها كما لا تقدم برامج عميقة تعكس مطالب وتطلعات فئات واسعة من الشعب، معتبرا أن سلوك هذه الشخصيات الحزبية في أغلبه نفعي حتى في علاقة بالشباب، مشددا على أنها تشكو من مشكلة خطيرة جدا.

أحزاب دون حياة ديمقراطية

وشرح الدكتور عبد اللطيف الحناشي الأستاذ الجامعي في التاريخ السياسي المعاصر أن المشكلة الخطيرة في هذه الأحزاب، ورغم أنها تنادي بالديمقراطية وتناضل من أجل الديمقراطية، إلا أن في داخلها لا وجود لأية حياة ديمقراطية، إذ أن أغلب الأحزاب لم تغير إطاراتها العليا وخاصة الأمناء العامين والأمناء المساعدين حيث ظلت لسنوات على هذا الحال.

نخبة سياسية طارئة في أحزاب الغنيمة

وأشار أن ما أثر في صورة الأحزاب السياسية هو بروز وانخراط ما أطلق عليه اسم "النخبة السياسية الطارئة" التي اندمجت في بعض الأحزاب القديمة وحاولت أن تؤثر فيها عبر عقلية النفعية. وهو وضع جعل الحناشي يجد توصيفا لهؤلاء وللأحزاب التي انخرطوا فيها حيث أطلق عليها "أحزاب الغنيمة".

واعتبر محدثنا أن التحالفات التي تمت حينها هي تحالفات غير سوية لا تعبر عن مبادئ وبرامج وإنما عن تحقيق ما هو نفعي لها، مشيرا إلى أن هذه الأحزاب -كما هو في العام- نخبوية ولم تتمكن من الإنغراس في مجتمعها وكسب الجمهور الذي بواسطته يمكن أن تغير الوضع الاجتماعي وأن تغير بنيتها وأن تكون في السلطة ماعدا حزب أو حزبين ناضلا من أجل التواجد في السلطة غير أن بقيا من الأحزاب تستعمل من قبل الأحزاب الكبرى كأدوات لتحقيق غايات أخرى.

واعتبر الدكتور عبد اللطيف الحناشي أن هناك فئة أخرى من الأحزاب والتي أطلق عليها اسم "الأحزاب الطارئة" على غرار نداء تونس الذي تشكل لهدف معين ثم اندثر.

وبين أن عددا من الأحزاب على غرار حزب العمال أو حزب الوطد القائم على شخصية فرد واحد لم تكن لها أي تمثلية كبيرة في البرلمانات السابقة.

أحزاب رصيدها "صفر"

ومن جانبه أكد الصحفي والمحلل السياسي محمد صالح العبيدي لـ"الصباح" أن الأحزاب قد تآكل رصيدها السياسي طيلة 10 سنوات الفارطة في عدة جوانب، من حيث القدرة على التعبئة التي تساوي تقريبا "0" ، وعلى مستوى تجديد القيادات، وعلى مستوى نظرة المواطنين والتفاعل معها، إذ أن الفشل النسبي اقتصاديا واجتماعيا خلال السنوات الفارطة حمله الناخبون للأحزاب.

واعتبر أنه على المستوى الموضوعي يعود غياب المعارضة عن الانتخابات لسببين، الأول أن العديد من قيادات الأحزاب البارزة التي لها القدرة على الحشد والتعبئة الشعبية للانتخابات موجودة في السجن، وهي قيادات تمثل أربع مدارس سياسية وهي المدرسة الدستورية والمدرسة الإسلامية ومدرسة  التيار القومي العروبي والمدرسة التي تمثل التيار الماركسي اللينيني.

مشيرا إلى أن المدرسة المتواجدة اليوم في الانتخابات هي المدرسة القومية العروبية في حين أن البقية متواجدون في السجن، وشدد محمد صالح العبيدي على أن غياب قيادات هذه الأحزاب لتواجدها في السجن لم يعطها فرصة للقيام بمراجعات داخلية وتجمع شبكة التواصل الداخلية ما جعلها تصل الى الانتخابات الرئاسية برصيد صفري وغير قادرة على مجاراة نسق رئيس جمهورية الذي وفد من خارج المنظومة الكلاسيكية مستندا على قوة الدولة وأجهزتها الصلبة وقوة تواجده منفردا في الفضاء السياسي، ثم إن الرئيس المنتخب قيس سعيد احتكر الفضاء الإعلامي والسياسي الذي لم يعط لهذه الأحزاب الفرصة للوجود من أجل البروز من جديد حتى تكون منافسا جديا في الانتخابات الرئاسية.

النهضة انتهت منذ 2021

وعن تخلي الأحزاب الوازنة وخاصة النهضة عن دعم احد المترشحين فقد عبر المحلل السياسي محمد صالح العبيدي عن اعتقاده في أن فكرة حركة النهضة كحزب قد انتهت منذ 2021، مستدركا بالقول ان النهضة كانتماء الى عائلة الاسلام السياسي موجودة الا ان الخزان التاريخي للاسلام السياسي اليوم منسجم الى ابعد الحدود مع الخطاب المحافظ للرئيس المنتخب قيس سعيد، وهذا يعني حسب، مصدرنا، أن كل الكتلة المحافظة قد صوتت لقيس سعيد الذي يستند في خطابه الى أساليب دينية من آيات قرآنية وأحاديث نبوية.

وأردف بالقول إن الدستوري الحر ورغم وجوده كحزب الا انه فشل في ان يكون جبهة صد أولى لمشروع قيس سعيد اذ أن الحزب بني على المنطق الزعاماتي وعلى كون عبير موسي هي من تتحكم في الحزب وهذا لم يفسح المجال لبروز اي قيادي آخر يمكنه قيادة الحزب والعائلة الدستورية.

فراغ.. وضرورة التشكل

واعتبر الصحفي والمحلل السياسي محمد صالح العبيدي أن حالة الفراغ في الساحة السياسية التقطها قيس سعيد الذي احتكر كل الخطابات المحافظة والفضاءات السياسية ما جعل الأحزاب فاقدة للبوصلة.

وابرز أن حكم الناخبين على جدوى البناء القاعدي في علاقة بزعيم واحد سيكون خلال السنوات القادمة.

وبين العبيدي أنه لا حياة ديمقراطية خارج الاطر الحزبية،  إذ أن الديمقراطية تساوي عضويا وقطعيا وجود أحزاب في الفضاء، وهو ما يحتم على الأحزاب الوازنة تجديد قياداتها اذ أن جيل الخمسينات والستينات لهذه القيادات أفلس بالكامل.

وأكد أن الأحزاب كانت مغتربة اجتماعيا وهو ما يفرض تطوير اتصالها بالمواطنين وخطابها، مع ممارسة حالة ديمقراطية داخلية.

ومن جانبه وحول مستقبل الأحزاب في الحياة السياسية أكد الأستاذ الجامعي في التاريخ السياسي المعاصر عبد اللطيف الحناشي على أهمية تشكيل الأحزاب لأقطاب سياسية من خلال تشكل اربع اقطاب سياسية يمكن أن تعبر عن التوجهات العامة وذلك عبر تشكيل قطب للأحزاب الليبرالية وآخر للاحزاب الإسلامية، وقطب للاحزاب اليسارية وقطب للاحزاب القومية، كل هذا بما يمكن من خلق حياة سياسية متوازنة.

واعتبر انه من المؤسف أن هذه الأحزاب تعيش حالة من التشتت والانشقاقات بما في ذلك حزب حركة النهضة والاحزاب الدستورية، التي لم تجد نقاط التقاء حول الحد الأدنى، مبينا أن الإشكال في تونس يكمن في ان كل سياسي يريد أن يكون زعيما دون اي اعتبارات للعوامل الأخرى لذلك نجد ظاهرة الزعامات التاريخية اي ما يعرف بـ"التأبيد" .

وعن إمكانية  تأثير، قواعد الأحزاب التي أعلنت عدم مشاركتها في التصويت خلال الانتخابات الرئاسية، في نتيجة الانتخابات، أكد عبد اللطيف الحناشي أنه وبالعودة إلى نتائج الانتخابات السابقة، التشريعية أو الرئاسية، كان لهذه الاحزاب وزن محدود جدا كونها أحزاب نخبوية لا تتوفر على اي بيئة اجتماعية حاضنة وليس لها تمدد جغرافي، مبرزا انه حتى وفي صورة مساهمتها في التصويت فان قدرتها على التأثير في النتائج ستكون جد نسبية.

حنان قيراط

مشتتة.. بلا حاضنة شعبية ورصيدها "صفر"..   فشل مدو للمعارضة في الرئاسية

 

عبد اللطيف الحناشي لـ"الصباح": أحزاب المعارضة لا تملك تمددا جغرافيا ولا تمددا اجتماعيا ولا بيئة حاضنة

محمد الصالح العبيدي لـ"الصباح": الأحزاب تآكل رصيدها السياسي وجيل الخمسينات والستينات أفلس بالكامل

تونس-الصباح

لم تتجاوز نسبة الأصوات التي تحصل عليها المترشحان للانتخابات الرئاسية العياشي زمال، أمين عام حركة "عازمون" وزهير المغزاوي أمين عام حركة "الشعب" 10 % من إجمالي الأصوات المصرح بها، حيث أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مساء الاثنين 7 أكتوبر 2024 عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الأحد 6 أكتوبر 2024.

وقالت الهيئة إن نسبة الإقبال في الانتخابات بلغت 28.8 %، وأضافت أن المترشح قيس سعيد تحصل على 90.69 %، فيما تحصل منافسه العياشي زمال على 7.35 % من الأصوات، أما المترشح الثالث زهير المغزاوي فقد تحصل على 1.79 % من أصوات المقترعين.

مترشحان ينتميان إلى أحزاب لم يحصلا سوى على نسبة ضعيفة من الأصوات مقابل فوز ساحق للمترشح الذي لا ينتمي إلى أي حزب.

وتعليقا على النتائج اعتبر عدد هام من المتابعين للشأن العام أن إعلان عديد الأحزاب عن مقاطعتها للانتخابات الرئاسية وعدم دعمها لأي من المترشحين "زمال" أو "المغزاوي" أفضى إلى النتائج الحاصلة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل كان بإمكان الأحزاب، لو دعمت أحد المترشحين، أن تغير نتائج التصويت!!؟

سؤال طرحته "الصباح" على الدكتور عبد اللطيف الحناشي الأستاذ الجامعي في التاريخ السياسي المعاصر والصحفي والمحلل السياسي محمد صالح العبيدي.

أحزاب لا تملك تمددا جغرافيا واجتماعيا

حيث أفادنا الدكتور عبد اللطيف الحناشي أن تونس بعد الثورة عرفت إسهالا حزبيا حيث بلغ عدد الأحزاب تقريبا 248 حزبا، إلا أن الإشكال أن هذه الأحزاب غير ناشطة وغير فاعلة باستثناء تقريبا 10 أحزاب نشطت خلال انتخابات 2011 و2014 و2019 غير أنها لا تملك تمددا جغرافيا ولا تمددا اجتماعيا وفق الحناشي، بما يعني أنها لا تملك بيئة اجتماعية حاضنة. وأردف الأستاذ الجامعي في التاريخ السياسي المعاصر مبينا أن هذه الأحزاب كانت غير قادرة على كسب ثقة المواطنين والجمهور بالآليات والطرق القانونية المعتادة وتبين ذلك خلال الاستحقاقات الانتخابية ماعدا حزب حركة النهضة الذي كان حزبا مهيكلا بشكل جيد كما أنه حزب عقائدي وله إمكانيات مادية كبيرة وتجربة حزبية معتبرة.

وأضاف أن الأحزاب في فترة الانتقال الديمقراطي لم تهتم ولم تحاول تكوين قاعدة اجتماعية وكسب ثقة المواطنين من خلال تنظيم أنشطة جهوية ميدانية،  حيث كانت تكتفي بالحضور في البرامج التلفزية واللقاءات الصحفية من خلال شخصيات لا تمثل إلا نفسها كما لا تقدم برامج عميقة تعكس مطالب وتطلعات فئات واسعة من الشعب، معتبرا أن سلوك هذه الشخصيات الحزبية في أغلبه نفعي حتى في علاقة بالشباب، مشددا على أنها تشكو من مشكلة خطيرة جدا.

أحزاب دون حياة ديمقراطية

وشرح الدكتور عبد اللطيف الحناشي الأستاذ الجامعي في التاريخ السياسي المعاصر أن المشكلة الخطيرة في هذه الأحزاب، ورغم أنها تنادي بالديمقراطية وتناضل من أجل الديمقراطية، إلا أن في داخلها لا وجود لأية حياة ديمقراطية، إذ أن أغلب الأحزاب لم تغير إطاراتها العليا وخاصة الأمناء العامين والأمناء المساعدين حيث ظلت لسنوات على هذا الحال.

نخبة سياسية طارئة في أحزاب الغنيمة

وأشار أن ما أثر في صورة الأحزاب السياسية هو بروز وانخراط ما أطلق عليه اسم "النخبة السياسية الطارئة" التي اندمجت في بعض الأحزاب القديمة وحاولت أن تؤثر فيها عبر عقلية النفعية. وهو وضع جعل الحناشي يجد توصيفا لهؤلاء وللأحزاب التي انخرطوا فيها حيث أطلق عليها "أحزاب الغنيمة".

واعتبر محدثنا أن التحالفات التي تمت حينها هي تحالفات غير سوية لا تعبر عن مبادئ وبرامج وإنما عن تحقيق ما هو نفعي لها، مشيرا إلى أن هذه الأحزاب -كما هو في العام- نخبوية ولم تتمكن من الإنغراس في مجتمعها وكسب الجمهور الذي بواسطته يمكن أن تغير الوضع الاجتماعي وأن تغير بنيتها وأن تكون في السلطة ماعدا حزب أو حزبين ناضلا من أجل التواجد في السلطة غير أن بقيا من الأحزاب تستعمل من قبل الأحزاب الكبرى كأدوات لتحقيق غايات أخرى.

واعتبر الدكتور عبد اللطيف الحناشي أن هناك فئة أخرى من الأحزاب والتي أطلق عليها اسم "الأحزاب الطارئة" على غرار نداء تونس الذي تشكل لهدف معين ثم اندثر.

وبين أن عددا من الأحزاب على غرار حزب العمال أو حزب الوطد القائم على شخصية فرد واحد لم تكن لها أي تمثلية كبيرة في البرلمانات السابقة.

أحزاب رصيدها "صفر"

ومن جانبه أكد الصحفي والمحلل السياسي محمد صالح العبيدي لـ"الصباح" أن الأحزاب قد تآكل رصيدها السياسي طيلة 10 سنوات الفارطة في عدة جوانب، من حيث القدرة على التعبئة التي تساوي تقريبا "0" ، وعلى مستوى تجديد القيادات، وعلى مستوى نظرة المواطنين والتفاعل معها، إذ أن الفشل النسبي اقتصاديا واجتماعيا خلال السنوات الفارطة حمله الناخبون للأحزاب.

واعتبر أنه على المستوى الموضوعي يعود غياب المعارضة عن الانتخابات لسببين، الأول أن العديد من قيادات الأحزاب البارزة التي لها القدرة على الحشد والتعبئة الشعبية للانتخابات موجودة في السجن، وهي قيادات تمثل أربع مدارس سياسية وهي المدرسة الدستورية والمدرسة الإسلامية ومدرسة  التيار القومي العروبي والمدرسة التي تمثل التيار الماركسي اللينيني.

مشيرا إلى أن المدرسة المتواجدة اليوم في الانتخابات هي المدرسة القومية العروبية في حين أن البقية متواجدون في السجن، وشدد محمد صالح العبيدي على أن غياب قيادات هذه الأحزاب لتواجدها في السجن لم يعطها فرصة للقيام بمراجعات داخلية وتجمع شبكة التواصل الداخلية ما جعلها تصل الى الانتخابات الرئاسية برصيد صفري وغير قادرة على مجاراة نسق رئيس جمهورية الذي وفد من خارج المنظومة الكلاسيكية مستندا على قوة الدولة وأجهزتها الصلبة وقوة تواجده منفردا في الفضاء السياسي، ثم إن الرئيس المنتخب قيس سعيد احتكر الفضاء الإعلامي والسياسي الذي لم يعط لهذه الأحزاب الفرصة للوجود من أجل البروز من جديد حتى تكون منافسا جديا في الانتخابات الرئاسية.

النهضة انتهت منذ 2021

وعن تخلي الأحزاب الوازنة وخاصة النهضة عن دعم احد المترشحين فقد عبر المحلل السياسي محمد صالح العبيدي عن اعتقاده في أن فكرة حركة النهضة كحزب قد انتهت منذ 2021، مستدركا بالقول ان النهضة كانتماء الى عائلة الاسلام السياسي موجودة الا ان الخزان التاريخي للاسلام السياسي اليوم منسجم الى ابعد الحدود مع الخطاب المحافظ للرئيس المنتخب قيس سعيد، وهذا يعني حسب، مصدرنا، أن كل الكتلة المحافظة قد صوتت لقيس سعيد الذي يستند في خطابه الى أساليب دينية من آيات قرآنية وأحاديث نبوية.

وأردف بالقول إن الدستوري الحر ورغم وجوده كحزب الا انه فشل في ان يكون جبهة صد أولى لمشروع قيس سعيد اذ أن الحزب بني على المنطق الزعاماتي وعلى كون عبير موسي هي من تتحكم في الحزب وهذا لم يفسح المجال لبروز اي قيادي آخر يمكنه قيادة الحزب والعائلة الدستورية.

فراغ.. وضرورة التشكل

واعتبر الصحفي والمحلل السياسي محمد صالح العبيدي أن حالة الفراغ في الساحة السياسية التقطها قيس سعيد الذي احتكر كل الخطابات المحافظة والفضاءات السياسية ما جعل الأحزاب فاقدة للبوصلة.

وابرز أن حكم الناخبين على جدوى البناء القاعدي في علاقة بزعيم واحد سيكون خلال السنوات القادمة.

وبين العبيدي أنه لا حياة ديمقراطية خارج الاطر الحزبية،  إذ أن الديمقراطية تساوي عضويا وقطعيا وجود أحزاب في الفضاء، وهو ما يحتم على الأحزاب الوازنة تجديد قياداتها اذ أن جيل الخمسينات والستينات لهذه القيادات أفلس بالكامل.

وأكد أن الأحزاب كانت مغتربة اجتماعيا وهو ما يفرض تطوير اتصالها بالمواطنين وخطابها، مع ممارسة حالة ديمقراطية داخلية.

ومن جانبه وحول مستقبل الأحزاب في الحياة السياسية أكد الأستاذ الجامعي في التاريخ السياسي المعاصر عبد اللطيف الحناشي على أهمية تشكيل الأحزاب لأقطاب سياسية من خلال تشكل اربع اقطاب سياسية يمكن أن تعبر عن التوجهات العامة وذلك عبر تشكيل قطب للأحزاب الليبرالية وآخر للاحزاب الإسلامية، وقطب للاحزاب اليسارية وقطب للاحزاب القومية، كل هذا بما يمكن من خلق حياة سياسية متوازنة.

واعتبر انه من المؤسف أن هذه الأحزاب تعيش حالة من التشتت والانشقاقات بما في ذلك حزب حركة النهضة والاحزاب الدستورية، التي لم تجد نقاط التقاء حول الحد الأدنى، مبينا أن الإشكال في تونس يكمن في ان كل سياسي يريد أن يكون زعيما دون اي اعتبارات للعوامل الأخرى لذلك نجد ظاهرة الزعامات التاريخية اي ما يعرف بـ"التأبيد" .

وعن إمكانية  تأثير، قواعد الأحزاب التي أعلنت عدم مشاركتها في التصويت خلال الانتخابات الرئاسية، في نتيجة الانتخابات، أكد عبد اللطيف الحناشي أنه وبالعودة إلى نتائج الانتخابات السابقة، التشريعية أو الرئاسية، كان لهذه الاحزاب وزن محدود جدا كونها أحزاب نخبوية لا تتوفر على اي بيئة اجتماعية حاضنة وليس لها تمدد جغرافي، مبرزا انه حتى وفي صورة مساهمتها في التصويت فان قدرتها على التأثير في النتائج ستكون جد نسبية.

حنان قيراط