إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لغة تجتاح الفضاء الرقمي والبحث العلمي.. ألم يحن الوقت لتعزيز حضور اللغة الأنقليزية في المناهج التربوية؟

تونس – الصباح

من أبرز النقاط التي أشار إليها وزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي خلال الجلسة العامة المخصصة لموضوع "الإبداع والابتكار وريادة الأعمال باللغة الفرنسية من أجل تشغيل الشباب" في الدورة الأخيرة لانعقاد القمة الفرنكوفونية بباريس هو تأكيده أن التمسّك بالفرنكوفونية يجب أن يسير جنبا الى جنب مع تعزيز التعددية اللغوية في إطار التعددية الثقافية..

وأهمية ما أكّده وزير الشؤون الخارجية يكمن في ضرورة أن تفكّر تونس بجدية في هذه التعددية اللغوية وعدم الاكتفاء بالفرنسية كلغة ثانية في الوقت الذي يتراجع فيه تأثير هذه اللغة على مستوى العالم وخاصة مع الثورة الرقمية التي تسيطر عليها اللغة الأنقليزية اليوم، كما تتقدّم هذه اللغة في مجالات متعددة ومختلفة وأهمها المجال العلمي حيث أن أكبر وأهم المجلات العلمية المتخصصة تصدر باللغة الأنقليزية التي أصبحت اليوم لغة الفضاء الرقمي والعلوم ..

ورغم الانتشار الكبير للغة الفرنسية جغرافيا واكتساحها لقارة إفريقيا إلا أن عدة دول إفريقية ومنها دول عربية، بصدد تقييم تأثير هذه اللغة وأهميتها في صنع التطوّر والتقدّم الذي تنشده أغلب دول العالم الثالث.. وفي الكلمة التي كان ألقاها رئيس الحكومة كمال المدّوري في افتتاح القمة الفرنكوفونية بباريس والتي كانت تونس استقبلت دورتها السابقة بجربة، أكّد رئيس الحكومة على ضرورة التركيز على قضايا مشتركة، على غرار تحديات التكنولوجيا الرقمية وقضايا التوظيف والابتكار وريادة الأعمال والتبادل الثقافي في المجموعة الدولية الناطقة بالفرنسية، وهذا ما يؤكّد وعي تونس بأهمية هذه المجالات التي مازال العالم الناطق باللغة الفرنسية بعيدا عنها نوعا ما ..

وفي السنوات الأخيرة وحتى من خلال الاستشارة الوطنية كانت هناك رغبة من أغلب الأولياء في إدخال اللغة الأنقليزية في المناهج التربوية منذ سنوات الدراسة الأولى كلغة ثانية أو ثالثة بما يساهم في تطوير قدرات التلميذ التونسي في تعلّم هذه اللغة والإلمام بها منذ أول سنة تعليم أساسي، وكانت وزيرة التربية السابقة سلوى العباسي صرّحت عند إشرافها على إحدى قرى التعلّم أن اللغة الفرنسية في المناهج التربوية لا حلّ معها سوى أن نعترف بكونها لغة أجنبية وليست لغة ثانية .

لغات العالم والمنافسة الصامتة

تؤكد دراسات فرنسية موثوقة تهتم بالعالم الفرنكوفوني وبالناطقين باللغة الفرنسية ومنها الدراسات التي قدّمها "المرصد الديموغرافي والاحصائي للفضاء الفرنكوفوني" أن نسبة المتحدثين بالفرنسية تتزايد في إفريقيا بشكل ملحوظ وأن نصف الناطقين بهذه اللغة موجود في القارة الإفريقية وبالتالي أصبحت اليوم هذه القارة مركز الثقل الفرنكوفوني، ولكن الانتشار الديموغرافي والجغرافي للغة الفرنسية لا يعني تفوّقها على مستوى العالم في علاقة خاصة بالفضاء الرقمي الذي بات يستقطب كل مجتمعات وشعوب العالم وكذلك في علاقة بالعلوم والاختراعات والأبحاث العلمية المتطورة والدقيقة حيث تكتسح اللغة الأنقليزية .

وفي عالم الناطقين باللغة الفرنسية هناك اليوم دراسات جادة تفاضل بين اللغة الأنقليزية واللغة الفرنسية وتوصي أغلب هذه الدراسات بضرورة اعتماد الأنقليزية وتقليص مساحة الفرنسية في المناهج التربوية والتعليمية وأن يعمم تدريسها كلغة ثانية بعد اللغة العربية منذ التعليم الأساسي، أمام تراجع اللغة الفرنسية في إنتاج المعارف العلمية والرقمية خاصة.

ووفق كل التقارير والدراسات فإن اللغة الأنقليزية اليوم هي لغة التداول والتبادل العالميين ولغة التواصل والعلم كذلك خاصة أن أغلب المجلات العلمية المفهرسة دوليا تصدر في أغلبها باللغة الأنقليزية ولو جزئيا ..

ولعل ذلك أحد أسباب تقلّص حضور الفرنسية حتى في أوروبا حيث هناك دول كاسبانيا والبرتغال وألمانيا انتقلت من الفرنسية كلغة ثانية بعد اللغة الوطنية الأم الى اللغة الانقليزية ورغم انحسار الفرنسية في أوروبا إلا أنها حافظت على وجودها وقوتها في القارة الإفريقية لأسباب تاريخية موضوعية ومنها الاستعمار ولكن اليوم العديد من الدول الإفريقية تحرص على دعم حضور اللغة الأنقليزية في مناهج التعليم رغم أنها ليست اللغة الثانية وذلك لاستشعار الحاجة الشديدة لهذه اللغة في عالم مفتوح لم يعد يعترف بالتقوقع والانعزال في مختلف المجالات .

ولعل الرهانات والتحديات الرقمية والعلمية تفرض علينا كما فرضت على دول أخرى ضرورة دعم اللغة الانقليزية في كل المستويات الدراسية بما في ذلك التعليم الأساسي حتى يكون هناك إعداد جيد لأجيال المستقبل يمكّنهم من الانخراط في عوالم جديدة فرضتها التكنولوجيا ومنها العالم الرقمي والعلوم  .

منية العرفاوي

لغة تجتاح الفضاء الرقمي والبحث العلمي..   ألم يحن الوقت لتعزيز حضور اللغة الأنقليزية في المناهج التربوية؟

تونس – الصباح

من أبرز النقاط التي أشار إليها وزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي خلال الجلسة العامة المخصصة لموضوع "الإبداع والابتكار وريادة الأعمال باللغة الفرنسية من أجل تشغيل الشباب" في الدورة الأخيرة لانعقاد القمة الفرنكوفونية بباريس هو تأكيده أن التمسّك بالفرنكوفونية يجب أن يسير جنبا الى جنب مع تعزيز التعددية اللغوية في إطار التعددية الثقافية..

وأهمية ما أكّده وزير الشؤون الخارجية يكمن في ضرورة أن تفكّر تونس بجدية في هذه التعددية اللغوية وعدم الاكتفاء بالفرنسية كلغة ثانية في الوقت الذي يتراجع فيه تأثير هذه اللغة على مستوى العالم وخاصة مع الثورة الرقمية التي تسيطر عليها اللغة الأنقليزية اليوم، كما تتقدّم هذه اللغة في مجالات متعددة ومختلفة وأهمها المجال العلمي حيث أن أكبر وأهم المجلات العلمية المتخصصة تصدر باللغة الأنقليزية التي أصبحت اليوم لغة الفضاء الرقمي والعلوم ..

ورغم الانتشار الكبير للغة الفرنسية جغرافيا واكتساحها لقارة إفريقيا إلا أن عدة دول إفريقية ومنها دول عربية، بصدد تقييم تأثير هذه اللغة وأهميتها في صنع التطوّر والتقدّم الذي تنشده أغلب دول العالم الثالث.. وفي الكلمة التي كان ألقاها رئيس الحكومة كمال المدّوري في افتتاح القمة الفرنكوفونية بباريس والتي كانت تونس استقبلت دورتها السابقة بجربة، أكّد رئيس الحكومة على ضرورة التركيز على قضايا مشتركة، على غرار تحديات التكنولوجيا الرقمية وقضايا التوظيف والابتكار وريادة الأعمال والتبادل الثقافي في المجموعة الدولية الناطقة بالفرنسية، وهذا ما يؤكّد وعي تونس بأهمية هذه المجالات التي مازال العالم الناطق باللغة الفرنسية بعيدا عنها نوعا ما ..

وفي السنوات الأخيرة وحتى من خلال الاستشارة الوطنية كانت هناك رغبة من أغلب الأولياء في إدخال اللغة الأنقليزية في المناهج التربوية منذ سنوات الدراسة الأولى كلغة ثانية أو ثالثة بما يساهم في تطوير قدرات التلميذ التونسي في تعلّم هذه اللغة والإلمام بها منذ أول سنة تعليم أساسي، وكانت وزيرة التربية السابقة سلوى العباسي صرّحت عند إشرافها على إحدى قرى التعلّم أن اللغة الفرنسية في المناهج التربوية لا حلّ معها سوى أن نعترف بكونها لغة أجنبية وليست لغة ثانية .

لغات العالم والمنافسة الصامتة

تؤكد دراسات فرنسية موثوقة تهتم بالعالم الفرنكوفوني وبالناطقين باللغة الفرنسية ومنها الدراسات التي قدّمها "المرصد الديموغرافي والاحصائي للفضاء الفرنكوفوني" أن نسبة المتحدثين بالفرنسية تتزايد في إفريقيا بشكل ملحوظ وأن نصف الناطقين بهذه اللغة موجود في القارة الإفريقية وبالتالي أصبحت اليوم هذه القارة مركز الثقل الفرنكوفوني، ولكن الانتشار الديموغرافي والجغرافي للغة الفرنسية لا يعني تفوّقها على مستوى العالم في علاقة خاصة بالفضاء الرقمي الذي بات يستقطب كل مجتمعات وشعوب العالم وكذلك في علاقة بالعلوم والاختراعات والأبحاث العلمية المتطورة والدقيقة حيث تكتسح اللغة الأنقليزية .

وفي عالم الناطقين باللغة الفرنسية هناك اليوم دراسات جادة تفاضل بين اللغة الأنقليزية واللغة الفرنسية وتوصي أغلب هذه الدراسات بضرورة اعتماد الأنقليزية وتقليص مساحة الفرنسية في المناهج التربوية والتعليمية وأن يعمم تدريسها كلغة ثانية بعد اللغة العربية منذ التعليم الأساسي، أمام تراجع اللغة الفرنسية في إنتاج المعارف العلمية والرقمية خاصة.

ووفق كل التقارير والدراسات فإن اللغة الأنقليزية اليوم هي لغة التداول والتبادل العالميين ولغة التواصل والعلم كذلك خاصة أن أغلب المجلات العلمية المفهرسة دوليا تصدر في أغلبها باللغة الأنقليزية ولو جزئيا ..

ولعل ذلك أحد أسباب تقلّص حضور الفرنسية حتى في أوروبا حيث هناك دول كاسبانيا والبرتغال وألمانيا انتقلت من الفرنسية كلغة ثانية بعد اللغة الوطنية الأم الى اللغة الانقليزية ورغم انحسار الفرنسية في أوروبا إلا أنها حافظت على وجودها وقوتها في القارة الإفريقية لأسباب تاريخية موضوعية ومنها الاستعمار ولكن اليوم العديد من الدول الإفريقية تحرص على دعم حضور اللغة الأنقليزية في مناهج التعليم رغم أنها ليست اللغة الثانية وذلك لاستشعار الحاجة الشديدة لهذه اللغة في عالم مفتوح لم يعد يعترف بالتقوقع والانعزال في مختلف المجالات .

ولعل الرهانات والتحديات الرقمية والعلمية تفرض علينا كما فرضت على دول أخرى ضرورة دعم اللغة الانقليزية في كل المستويات الدراسية بما في ذلك التعليم الأساسي حتى يكون هناك إعداد جيد لأجيال المستقبل يمكّنهم من الانخراط في عوالم جديدة فرضتها التكنولوجيا ومنها العالم الرقمي والعلوم  .

منية العرفاوي