أحيا أمس عمّال العالم، اليوم العالمي للعمال والحق في العمل اللائق ودون تمييز، وهي ذكرى سنوية تكون مناسبة للهياكل النقابية وللحكومات لتقييم وضعية العمال التي مازالت سيئة في بلدان كثيرة، بما في ذلك تونس التي مازال فيها العمال يعانون من وضع مهني واجتماعي صعب في أغلب القطاعات وخاصة القطاعات الهشّة التي تستوعب آلاف العمّال..
ويشمل التشغيل الهش العمل في ظروف غير آمنة وغير مستقرة دون أن يتمتع فيها العامل بالحقوق والضمانات القانونية والتأمين الاجتماعي والحدّ الأدنى للأجور وظروف العمل الصحية من خلال عقود عمل قصيرة الأجل أو مؤقتة لا تشعل العامل بالأمان الوظيفي ولا الاستقرار المهني.. حيث تكون الأجور منخفضة وأحيانا دون الحدّ الأدنى من الأجر المضمون )السميغ( كما أن العمل في بيئة خطرة وغير آمنة صحيا، تغيب فيها معدات الحماية والإسعاف، يعتبر أيضا عملا هشّا وغير لائق بالإضافة الى تجاهل الحقوق المهنية والتضييق على الحق النقابي، يعتبر أيضا من سمات العمل الهشّ وإذا تم التمييز بين النساء والرجال في العمل من حيث الأجر أو ساعات العمل فإن ذلك يعتبر أيضا من أصناف العمل الهشّ، وهذا التمييز موجود خاصة في القطاع الفلاحي حيث تكون أجور العاملات أدنى من أجور العمال الذكور وهي جزء من مأساة العاملات في القطاع الفلاحي اللواتي يعشن ظروفا مهنية واجتماعية غير لائقة.
ويأتي هذا اليوم في ظل تصاعد الجرائم المروعة التي يرتكبها العدو الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، وخاصة أهالينا في غزة، من إبادة جماعية وتدمير ممنهج لكل مقومات الحياة، إضافة إلى حرمان العمال الفلسطينيين من حقوقهم في العمل والتنكيل بهم.
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد نفّذ أمس ببطحاء محمد علي وقفة تضامنية أمام دار الاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة اليوم العالمي للعمال والعمل اللائق ودعما لعمال فلسطين والشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والاستغلال ورفضا لانتهاك حقوقهم.
التشغيل الهشّ..
الأجور المتدنية خاصة في القطاع الخاص ووضعية عمال المناولة وعمال الحضائر والعاملات الفلاحيات وارتفاع نسب البطالة والفقدان المتواصل لمواطن الشغل مع غلق مئات المؤسسات الصغرى والمتوسطة، كلّها عناوين للتشغيل الهشّ في تونس وغير اللائق والذي لا يحترم حقوق العمال.
وغياب الأمان الوظيفي وصعوبة وضعية آلاف العمال اليوم يفرضان مراجعة قوانين الشغل وجعلها تواكب العصر والمتغيرات وحاجيات العمال وتضمن أيضا تنظيما أفضل لعقود العمل في انتظار التخلّص من كل أنواع العمل الهش والمهينة للكرامة مع ضرورة العمل المتواصل على تعزيز وضمان حقوق العمال بما ينعكس إيجابيا على المردودية والإنتاج.
الى جانب تعزيز الرقابة على القطاع الخاص خاصة وفرض العقوبات الصارمة على كل من ينتهك حقوق العمال أو يستخدم عقودا هشة في التشغيل وبشكل غير قانوني. ومن بين هذه العقود نجد أبرزها عقود المناولة التي تتحوّل أحيانا الى نوع من الاستعباد، تغيب معها أدنى الحقوق وأبسطها، ففي ظل المتغيرات التي يعيشها العالم اليوم، بات لزاما إيجاد حلّ لعقود المناولة التي تستغل حاجة العمال للعمل تحت أي ظرف حتى ولو كان بيئة مهنية غير آمنة مع انتهاك صارخ لكل الحقوق المهنية والاجتماعية.
ومن بين هذه العقود نجد وضعية عمال الحضائر التي لم تحسم بعد رغم أنه تم الاتفاق في وقت سابق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على تسوية وضعية ملفّات عمال الحضائر من خلال توظيفهم بشكل رسمي على دفعات، وذلك بعد تقسيمهم إلى ثلاث شرائح، تشمل الأولى من سنّهم أقل من 45 سنة والثانية من تتراوح أعمارهم بين 45 و 55 سنة فيما تشمل الشريحة الأخيرة من يفوق سنهم 55 عاما الا أنه لم يقع احترام هذا الاتفاق بالكامل ولكن مؤخرا عاد هذا الملف ليكون من الملفات التي تتابعها الحكومة والتي بدأت في تسوية وضعية بقية عمال الحضائر وإلغاء المناولة وقد تم تشكيل لجنة وطنية للغرض، قامت بتوزيع من تبقى من عمال الحضائر على المراكز الشاغرة بعد أن كانت انطلقت في مارس الماضي في عملية جرد وطني لشركات المناولة في إطار جهود الدولة في مكافحة التشغيل الهشّ.
تنقيح مجلة الشغل
أشرف رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني في بداية شهر جويلية الماضي على أول مجلس وزاري للنظر في مشروع قانون يتعلق بتنقيح واتمام بعض أحكام مجلة الشغل.
واعتبر وقتها المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، في بيان له، أن انفراد الحكومة بمراجعة مجلة الشغل "فيه تنكر للعقد الاجتماعي الموقع بين الحكومة واتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يوم 14 جانفي 2013"، كما أشار الاتحاد في بيانه الى أنّ تنقيح مجلّة الشغل يستدعي تقييما مشتركا بين أطراف الإنتاج لكامل المجلة ولا يجب أن ينحسر في مسألة العقود والتشغيل الهش.
والآن مع تولي وزير الشؤون الاجتماعية السابق كمال المدوري مقاليد رئاسة القصبة تمت المواصلة في مسار تنقيح مجلة الشغل ودون اشراك للمنظمة النقابية التي مازالت تطالب باستئناف الحوار في إطار تشاركي وفي أقرب الآجال لتنقيح القوانين الأساسية العامة للوظيفة العمومية وللمنشآت والدواوين والمؤسّسات العمومية وكذلك الأنظمة الأساسية القطاعية من أجل حماية حقوق الأعوان والموظفين والعمال.
وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت، في وقت سابق، أنه على اثر اجتماع رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس الحكومة كمال المدوري أنه تم الاتفاق على مواصلة مشروع تنقيح مجلّة الشغل لوضع حدّ نهائي لما يُعرف بالمناولة والعقود المحدودة في الزمن، فضلا عن تسوية وضعية عمّال الحضائر.
ووفق المعطيات المتوفرّة فإنه في وقت قريب ستعرض مجلة الشغل للمصادقة من طرف البرلمان بما قد يكون خطوة تشريعية مهمة لوضع حدّ قانوني للمناولة والحضائر وهما من أبرز عناوين التشغيل الهشّ في تونس.
منية العرفاوي
تونس – الصباح
أحيا أمس عمّال العالم، اليوم العالمي للعمال والحق في العمل اللائق ودون تمييز، وهي ذكرى سنوية تكون مناسبة للهياكل النقابية وللحكومات لتقييم وضعية العمال التي مازالت سيئة في بلدان كثيرة، بما في ذلك تونس التي مازال فيها العمال يعانون من وضع مهني واجتماعي صعب في أغلب القطاعات وخاصة القطاعات الهشّة التي تستوعب آلاف العمّال..
ويشمل التشغيل الهش العمل في ظروف غير آمنة وغير مستقرة دون أن يتمتع فيها العامل بالحقوق والضمانات القانونية والتأمين الاجتماعي والحدّ الأدنى للأجور وظروف العمل الصحية من خلال عقود عمل قصيرة الأجل أو مؤقتة لا تشعل العامل بالأمان الوظيفي ولا الاستقرار المهني.. حيث تكون الأجور منخفضة وأحيانا دون الحدّ الأدنى من الأجر المضمون )السميغ( كما أن العمل في بيئة خطرة وغير آمنة صحيا، تغيب فيها معدات الحماية والإسعاف، يعتبر أيضا عملا هشّا وغير لائق بالإضافة الى تجاهل الحقوق المهنية والتضييق على الحق النقابي، يعتبر أيضا من سمات العمل الهشّ وإذا تم التمييز بين النساء والرجال في العمل من حيث الأجر أو ساعات العمل فإن ذلك يعتبر أيضا من أصناف العمل الهشّ، وهذا التمييز موجود خاصة في القطاع الفلاحي حيث تكون أجور العاملات أدنى من أجور العمال الذكور وهي جزء من مأساة العاملات في القطاع الفلاحي اللواتي يعشن ظروفا مهنية واجتماعية غير لائقة.
ويأتي هذا اليوم في ظل تصاعد الجرائم المروعة التي يرتكبها العدو الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، وخاصة أهالينا في غزة، من إبادة جماعية وتدمير ممنهج لكل مقومات الحياة، إضافة إلى حرمان العمال الفلسطينيين من حقوقهم في العمل والتنكيل بهم.
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد نفّذ أمس ببطحاء محمد علي وقفة تضامنية أمام دار الاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة اليوم العالمي للعمال والعمل اللائق ودعما لعمال فلسطين والشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والاستغلال ورفضا لانتهاك حقوقهم.
التشغيل الهشّ..
الأجور المتدنية خاصة في القطاع الخاص ووضعية عمال المناولة وعمال الحضائر والعاملات الفلاحيات وارتفاع نسب البطالة والفقدان المتواصل لمواطن الشغل مع غلق مئات المؤسسات الصغرى والمتوسطة، كلّها عناوين للتشغيل الهشّ في تونس وغير اللائق والذي لا يحترم حقوق العمال.
وغياب الأمان الوظيفي وصعوبة وضعية آلاف العمال اليوم يفرضان مراجعة قوانين الشغل وجعلها تواكب العصر والمتغيرات وحاجيات العمال وتضمن أيضا تنظيما أفضل لعقود العمل في انتظار التخلّص من كل أنواع العمل الهش والمهينة للكرامة مع ضرورة العمل المتواصل على تعزيز وضمان حقوق العمال بما ينعكس إيجابيا على المردودية والإنتاج.
الى جانب تعزيز الرقابة على القطاع الخاص خاصة وفرض العقوبات الصارمة على كل من ينتهك حقوق العمال أو يستخدم عقودا هشة في التشغيل وبشكل غير قانوني. ومن بين هذه العقود نجد أبرزها عقود المناولة التي تتحوّل أحيانا الى نوع من الاستعباد، تغيب معها أدنى الحقوق وأبسطها، ففي ظل المتغيرات التي يعيشها العالم اليوم، بات لزاما إيجاد حلّ لعقود المناولة التي تستغل حاجة العمال للعمل تحت أي ظرف حتى ولو كان بيئة مهنية غير آمنة مع انتهاك صارخ لكل الحقوق المهنية والاجتماعية.
ومن بين هذه العقود نجد وضعية عمال الحضائر التي لم تحسم بعد رغم أنه تم الاتفاق في وقت سابق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على تسوية وضعية ملفّات عمال الحضائر من خلال توظيفهم بشكل رسمي على دفعات، وذلك بعد تقسيمهم إلى ثلاث شرائح، تشمل الأولى من سنّهم أقل من 45 سنة والثانية من تتراوح أعمارهم بين 45 و 55 سنة فيما تشمل الشريحة الأخيرة من يفوق سنهم 55 عاما الا أنه لم يقع احترام هذا الاتفاق بالكامل ولكن مؤخرا عاد هذا الملف ليكون من الملفات التي تتابعها الحكومة والتي بدأت في تسوية وضعية بقية عمال الحضائر وإلغاء المناولة وقد تم تشكيل لجنة وطنية للغرض، قامت بتوزيع من تبقى من عمال الحضائر على المراكز الشاغرة بعد أن كانت انطلقت في مارس الماضي في عملية جرد وطني لشركات المناولة في إطار جهود الدولة في مكافحة التشغيل الهشّ.
تنقيح مجلة الشغل
أشرف رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني في بداية شهر جويلية الماضي على أول مجلس وزاري للنظر في مشروع قانون يتعلق بتنقيح واتمام بعض أحكام مجلة الشغل.
واعتبر وقتها المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، في بيان له، أن انفراد الحكومة بمراجعة مجلة الشغل "فيه تنكر للعقد الاجتماعي الموقع بين الحكومة واتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يوم 14 جانفي 2013"، كما أشار الاتحاد في بيانه الى أنّ تنقيح مجلّة الشغل يستدعي تقييما مشتركا بين أطراف الإنتاج لكامل المجلة ولا يجب أن ينحسر في مسألة العقود والتشغيل الهش.
والآن مع تولي وزير الشؤون الاجتماعية السابق كمال المدوري مقاليد رئاسة القصبة تمت المواصلة في مسار تنقيح مجلة الشغل ودون اشراك للمنظمة النقابية التي مازالت تطالب باستئناف الحوار في إطار تشاركي وفي أقرب الآجال لتنقيح القوانين الأساسية العامة للوظيفة العمومية وللمنشآت والدواوين والمؤسّسات العمومية وكذلك الأنظمة الأساسية القطاعية من أجل حماية حقوق الأعوان والموظفين والعمال.
وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت، في وقت سابق، أنه على اثر اجتماع رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس الحكومة كمال المدوري أنه تم الاتفاق على مواصلة مشروع تنقيح مجلّة الشغل لوضع حدّ نهائي لما يُعرف بالمناولة والعقود المحدودة في الزمن، فضلا عن تسوية وضعية عمّال الحضائر.
ووفق المعطيات المتوفرّة فإنه في وقت قريب ستعرض مجلة الشغل للمصادقة من طرف البرلمان بما قد يكون خطوة تشريعية مهمة لوضع حدّ قانوني للمناولة والحضائر وهما من أبرز عناوين التشغيل الهشّ في تونس.