في انتظار إعلان الهيئة المستقلة للانتخابات عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية اليوم الاثنين، (نتائج تقريبية غير رسمية صادرة عن مؤسسة سبر آراء بينت فوز الرئيس قيس سعيد بنسبة تجاوزت 89 بالمائة وبالتالي إمكانية إعلان فوزه في الدور الأول)، تشير عدة مؤشرات إلى أن نسبة إقبال التونسيين على الاقتراع لاختيار من يمثلهم ومن يرونه كفؤا لمنصب رئيس الجمهورية، ولإدارة شؤون البلاد لعهدة نيابية من خمس سنوات، تبدو محترمة وتبعث على الارتياح، إذا ما قورنت بالنسب المسجلة في الانتخابات التشريعية الأخيرة وفي انتخابات المجالس المحلية..
وبغضّ النظر عن نسبة المشاركة الجملية ووفق ما أعلنته الهيئة بعد غلق مكاتب الاقتراع، (تقارب 28 بالمائة وعدد مشاركين يفوق 2.7 مليون ناخب) يقترب العدد الجملي للمشاركين من حاجز الأرقام المحققة خلال الدور الأول من رئاسية 2014 (أكثر من 3.3 مليون ناخب) أو من الدور الأول لرئاسية 2019 (أكثر من 3.4 مليون ناخب)..
غير أنه لا بد من التنويه بأن المقارنة مع الانتخابات الرئاسية السابقة، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تطور العدد الجملي للناخبين الذي قفز من حوالي 6.6 مليون ناخب سنة 2014، إلى أكثر من سبعة مليون ناخب سنة 2019، وصولا إلى أكثر من 9.7 مليون ناخب سنة 2024، أي تقريبا بنسبة تطور تقارب 50 بالمائة..
مبدئيا، تعكس نسبة المشاركة لثلاث انتخابات رئاسية، حرّة، ومباشرة، وفي عاشر محطة انتخابية تعيشها تونس منذ 2011، حتى وإن كانت متوسطة، ولم ترتق إلى مستويات الانتخابات الرئاسية السابقة، ثلاث دلالات أساسية وهي:
أوّلا، أن التونسيين مازالوا يثقون في العملية الانتخابية وفي صندوق الاقتراع، وفي مبدأ الديمقراطية الانتخابية، كسبيل للتعبير عن خياراتهم بكل حرية وشفافية، ولم يكتفوا بالفرجة وكانوا فاعلين ومساهمين، ودافعوا عن حقهم في الاختلاف، وكانت لديهم رغبة في المشاركة في الشأن العام، وذلك رغم بروز عدة عوامل أثّرت على المناخ الانتخابي في السنوات الأخيرة وبالتالي على نسب المشاركة.
علما أن هذه الثقة ظلت نسبيا متأرجحة وغير ثابتة، وتتأثر نزولا أو صعودا، وفقا لعوامل سياسية وأخرى ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية، مع الإقرار بأهمية العمل على تطوير عنصر الثقة في العملية الانتخابية التي ما تزال بعيدة عن المستويات المرتفعة التي كانت عليها سابقا.
ثانيا، يمكن القول إن تحسن نسبة المشاركة الانتخابية، يعد نقطة تحول للقطع مع حالة العزوف والسلبية واللامبالاة التي عمّت المحطات الانتخابية السابقة وخاصة تشريعية سنة 2022، والمحلية لسنة 2023، والتي سجّلت أضعف نسب إقبال على الإطلاق ولم تتجاوز في أحسن الحالات 12 بالمائة..
ومهما يكن من أمر، فإن من مارس حقه في الانتخاب وقام بواجبه الانتخابي، عبّر عن أمله في تونس أفضل، وتطلّع الى مستقبل مغاير تكون فيه الأولوية لتحسين الواقع الاقتصادي للبلاد ودعم مقومات الحماية الاجتماعية لكل التونسيين، والانصراف نحو تحقيق التنمية وتطوير البنية التحتية، وتحسين الخدمات العامة من نقل وصحة، وتعليم، والعمل على صيانة كرامة التونسيين وضمان أمنهم، وحماية الحقوق والحريات واحترامها..
أما الدلالة الثلاثة التي تفسر تحسن نسبة المشاركة في الانتخابات، فهي مرتبطة بوجود حالة من الوعي المجتمعي والمواطني تجاه مكانة مؤسسة رئاسة الجمهورية وشخص الرئيس بشكل خاص، بالنظر إلى ترسخ صورة نمطية لرئيس الجمهورية في المخيال الشعبي، رغم محاولات تغييرها، وبالنظر أيضا إلى الصلاحيات الدستورية التي يتمتع بها رئيس الدولة، وبالتالي قدرته على التغيير والقيام بإصلاحات وتنفيذ ما وعد به الناخبين، طبعا مع وجود عوامل محفزة كانت حاسمة في دفع الناخبين المترددين مثل وجود حالة من التنافس رغم تقلص عدد المترشحين في السباق الانتخابي نحو كرسي الرئاسة..
رفيق بن عبد الله
في انتظار إعلان الهيئة المستقلة للانتخابات عن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية اليوم الاثنين، (نتائج تقريبية غير رسمية صادرة عن مؤسسة سبر آراء بينت فوز الرئيس قيس سعيد بنسبة تجاوزت 89 بالمائة وبالتالي إمكانية إعلان فوزه في الدور الأول)، تشير عدة مؤشرات إلى أن نسبة إقبال التونسيين على الاقتراع لاختيار من يمثلهم ومن يرونه كفؤا لمنصب رئيس الجمهورية، ولإدارة شؤون البلاد لعهدة نيابية من خمس سنوات، تبدو محترمة وتبعث على الارتياح، إذا ما قورنت بالنسب المسجلة في الانتخابات التشريعية الأخيرة وفي انتخابات المجالس المحلية..
وبغضّ النظر عن نسبة المشاركة الجملية ووفق ما أعلنته الهيئة بعد غلق مكاتب الاقتراع، (تقارب 28 بالمائة وعدد مشاركين يفوق 2.7 مليون ناخب) يقترب العدد الجملي للمشاركين من حاجز الأرقام المحققة خلال الدور الأول من رئاسية 2014 (أكثر من 3.3 مليون ناخب) أو من الدور الأول لرئاسية 2019 (أكثر من 3.4 مليون ناخب)..
غير أنه لا بد من التنويه بأن المقارنة مع الانتخابات الرئاسية السابقة، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تطور العدد الجملي للناخبين الذي قفز من حوالي 6.6 مليون ناخب سنة 2014، إلى أكثر من سبعة مليون ناخب سنة 2019، وصولا إلى أكثر من 9.7 مليون ناخب سنة 2024، أي تقريبا بنسبة تطور تقارب 50 بالمائة..
مبدئيا، تعكس نسبة المشاركة لثلاث انتخابات رئاسية، حرّة، ومباشرة، وفي عاشر محطة انتخابية تعيشها تونس منذ 2011، حتى وإن كانت متوسطة، ولم ترتق إلى مستويات الانتخابات الرئاسية السابقة، ثلاث دلالات أساسية وهي:
أوّلا، أن التونسيين مازالوا يثقون في العملية الانتخابية وفي صندوق الاقتراع، وفي مبدأ الديمقراطية الانتخابية، كسبيل للتعبير عن خياراتهم بكل حرية وشفافية، ولم يكتفوا بالفرجة وكانوا فاعلين ومساهمين، ودافعوا عن حقهم في الاختلاف، وكانت لديهم رغبة في المشاركة في الشأن العام، وذلك رغم بروز عدة عوامل أثّرت على المناخ الانتخابي في السنوات الأخيرة وبالتالي على نسب المشاركة.
علما أن هذه الثقة ظلت نسبيا متأرجحة وغير ثابتة، وتتأثر نزولا أو صعودا، وفقا لعوامل سياسية وأخرى ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية، مع الإقرار بأهمية العمل على تطوير عنصر الثقة في العملية الانتخابية التي ما تزال بعيدة عن المستويات المرتفعة التي كانت عليها سابقا.
ثانيا، يمكن القول إن تحسن نسبة المشاركة الانتخابية، يعد نقطة تحول للقطع مع حالة العزوف والسلبية واللامبالاة التي عمّت المحطات الانتخابية السابقة وخاصة تشريعية سنة 2022، والمحلية لسنة 2023، والتي سجّلت أضعف نسب إقبال على الإطلاق ولم تتجاوز في أحسن الحالات 12 بالمائة..
ومهما يكن من أمر، فإن من مارس حقه في الانتخاب وقام بواجبه الانتخابي، عبّر عن أمله في تونس أفضل، وتطلّع الى مستقبل مغاير تكون فيه الأولوية لتحسين الواقع الاقتصادي للبلاد ودعم مقومات الحماية الاجتماعية لكل التونسيين، والانصراف نحو تحقيق التنمية وتطوير البنية التحتية، وتحسين الخدمات العامة من نقل وصحة، وتعليم، والعمل على صيانة كرامة التونسيين وضمان أمنهم، وحماية الحقوق والحريات واحترامها..
أما الدلالة الثلاثة التي تفسر تحسن نسبة المشاركة في الانتخابات، فهي مرتبطة بوجود حالة من الوعي المجتمعي والمواطني تجاه مكانة مؤسسة رئاسة الجمهورية وشخص الرئيس بشكل خاص، بالنظر إلى ترسخ صورة نمطية لرئيس الجمهورية في المخيال الشعبي، رغم محاولات تغييرها، وبالنظر أيضا إلى الصلاحيات الدستورية التي يتمتع بها رئيس الدولة، وبالتالي قدرته على التغيير والقيام بإصلاحات وتنفيذ ما وعد به الناخبين، طبعا مع وجود عوامل محفزة كانت حاسمة في دفع الناخبين المترددين مثل وجود حالة من التنافس رغم تقلص عدد المترشحين في السباق الانتخابي نحو كرسي الرئاسة..