إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

دولة توفر مناخا ملائما للعمل الثقافي.. تطور البنية الأساسية وتكرس عقلية الخلق والإبداع.. البعض من انتظارات أهل الثقافة في تونس في العهدة الرئاسية القادمة

 

تونس- الصباح

لم تحظ الثقافة بالأولوية في العقود الأخيرة رغم اقرار الدولة وفي دساتيرها  بضمان حق المواطن في الثقافة (الفصل 49 مثلا من الدستور الجديد والفصل 42 من الدستور السابق). فالميزانية المخصصة لوزارة الشؤون الثقافية تظل قليلة حتى انه تم التخفيض فيها في السنوات الأخيرة في اطار مساعي الدولة للتقليص من النفقات العمومية لمواجهة الصعوبات الاقتصادية وللتخفيف من حدة العجز في الميزانية العامة للبلاد. كما ان طرق التصرف في الميزانية التي يخصص جزء كبير منها لنفقات التسيير، تطرح اشكاليات عديدة من بينها ضعف الاعتمادات المخصصة للبنية الاساسية وأيضا عدم تحيين التشريعات حتى ان الفنانين مثلا ينتظرون منذ سنين طويلة صدور القانون الاساسي الذي ينظم عملهم- قانون الفنان- دون نتيجة. كما ان هناك العديد من المشاكل العاجلة وأبرزها قضية الدعم التي ما فتئت تثير جدلا، لكن لم يتم بعد التوصل الى حل للمسألة رغم وجود شبه اجماع حول ضرورة مراجعة طرق توزيع الدعم وحجم الاعتمادات المخصصة له.

من أجل أن تتحول الثقافة إلى مشغل أساسي

وطبعا من حق الفنانين والمشتغلين في الحقل الثقافي عموما ان  يتمنوا ان تكون الثقافة من المشاغل الاساسية في العهدة الرئاسية القادمة. فبلادنا من المفروض أن تفتح صفحة جديدة بداية من اليوم – ان لم نمر طبعا الى  الدور الثاني للانتخابات الرئاسية التي انتظمت امس 6 أكتوبر-  مع انتخاب رئيس جديد للبلاد. وان كانت هموم التونسيين كثيرة في الفترة الاخيرة، وإن كانت الاولوية  خلال  العهدة الرئاسية السابقة وخاصة منذ 25 جويلية 2021، التاريخ الذي وضع فيه الرئيس قيس سعيد حدا لمنظومة الحكم المنبثقة عن انتخابات 2019 بعد اقالة الحكومة وحل البرلمان، واعلان مرحلة انتقالية جديدة في البلاد، للمسار السياسي، اذ تم  وضع دستور جديد وانتخاب برلمان جديد واحداث مجلس الجهات والاقاليم، مع التركيز على مواجهة مشكل الفساد الذي استشرى في البلاد خاصة بعد احداث 14 جانفي 2011، فإنه من الطبيعي ان تكون الانتظارات كثيرة لدى اهل الثقافة في المرحلة القادمة.

فبلادنا وكما هو واضح سجلت تراجعا في باب المكاسب الثقافية وخاصة في مستوى البنية الأساسية. تونس لم تبن مسارح جديدة وقاعات السينما تقلصت وبالكاد تتوفر فضاءات يمكن ان يستغلها الفنانون للتدرب وللعرض داخل الجمهورية. ولم تهتد الدولة الى طريقة ناجعة في استغلال دور الثقافة – كثير منها يحتاج للصيانة- من اجل تطوير الانتاج الفني والثقافي واغلبها مازالت تشتغل بطرق كلاسيكية قديمة ولم تستطع استقطاب الجمهور خاصة من الشباب بالقدر الكافي  لاسيما  في الجهات رغم افتقار اغلب جهاتنا الى فضاءات ثقافية جديرة بهذا الاسم. وحتى مراكز الفنون الدرامية والركحية التي تم احداثها مع تعميمها على اغلب جهات البلاد خلق وجودها اشكاليات كبرى لانها ببساطة وضعت دون قوانين منظمة وهي اليوم في حالة عطالة بسبب ذلك. فقد رفض البرلمان الحاقها بالمسرح الوطني وفق مبادرة تقدمت بها وزارة الشؤون الثقافية مؤخرا ولم تقبل وزارة المالية وفق ما علمنا بتصنيفها ضمن ادارة ذات استقلالية في التصرف المالي والاداري، والنتيجة انها اليوم بدلا من ان تكون سببا في الحل تحولت الى مشكل حقيقي.

ودائما وفي اطار البنية الاساسية، فإننا قد لا نبالغ عندما نقول انه باستثناء العاصمة وربما بعض المدن، لا وجود لاروقة فنية لاحتضان معارض للفنون التشكيلية  داخل البلاد وهذا اشكال كبير ومن المفروض أن يكون من بين الأولويات لان المعارض، واضافة الى كونها تشكل حدثا فنيا قادرا على استقطاب الجمهور، لها دور كبير في تربية الذائقة  الفنية وتحسينها وتطويرها حتى لا تكون الجماهير رهينة نوعية معينة من الفنون الجماهيرية التي قد تقوم بوظيفة الترفيه لكنها غير قادرة على تنمية الذائقة أو تغذية الجمهور فنيا.

منظومة المهرجانات مجددا

على مستوى الانشطة الثقافية، تعتبر منظومة المهرجانات اشكالية الاشكاليات من حيث الكم – كثرتها – ومن حيث الكيف – من حيث المضمون. فقد تحولت  المهرجانات في السنوات  الأخيرة الى نسخ متكررة وفقدت المهرجانات الكبرى -ومن بينها مهرجان قرطاج الدولي- هيبتها بالتركيز على العروض الجماهيرية الصاخبة  دون غيرها. كل التظاهرات الثقافية التي كانت تونس رائدة بفضلها في مجال الثقافة في محيطها العربي والافريقي، مثل ايام قرطاج السينمائية ونظيرتها المسرحية وغيرهما سجلت بدورها تراجعا وهناك مشكل كبير، لا ندري لماذا يتم التحفظ عليه؟ وهو  مسألة تسيير هذه التظاهرات. فاغلب فرق التسيير يقع تكليفها قبل فترة وجيزة في حين ثبت أن الادارة القارة للتظاهرات الثقافية يمكن أن تساعد على حل عديد الاشكاليات وخاصة في مستوى الاختيارات والبرمجة. 

طبعا وكما هو معروف، تعتبر مسألة الدعم  ايضا  موضوعا حارقا في الساحة الثقافية، وهذه القضية لم تجد طريقها إلى الحل  رغم ان كل الوزراء الذين تعاقبوا على المنصب اما نظروا في الموضوع او حاولوا ان يجدوا تسوية للاشكالية، لكن الى حد اليوم مازالت القضية مطروحة ومازال الدعم يصرف بنفس الطرق القديمة التي تبين أنها لم تعد ناجعة أو تجاوزتها الاحداث. وقد يكون من المفيد الاشارة في هذا السياق الى أن التوجه الذي تحبذه الاغلبية أو على الاقل نسبة هامة من اهل الميدان وفق ما يصرحون به، هو أن تقع مراجعة منظومة الدعم بالكامل لأنها تسببت في تراجع مستوى الانتاج الثقافي وحولت الدولة الى منتج اساسي للفنون والثقافة في حين انه من المفروض أن توفر الدولة فضاءات العمل ومناخا ملائما لذلك، وان تترك مسؤولية الخلق والابداع لاهل الميدان.

 التشريعات غير المحينة

على مستوى التشريعات، هناك عمل كبير ينتظر وزارة الشؤون الثقافية ونتصور أن الوزيرة الجديدة، امينة الصرارفي، وهي ابنة القطاع  الفني ستسعى للتعجيل بسن قانون الفنان الذي وفق ما صرح به العديد من أهل المهنة هو اليوم مطلب عاجل.

صحيح، لا يمكن  لهذا القانون ان يضع حدا للفوضى التي سادت في الميدان الفني بالكامل، لكنه يمكن ان يخفف منها فغياب القوانين وعدم تفعيل الموجود منها كرس عادات كثيرة سيئة في الساحة الثقافية واصلاحها يتطلب جهدا ووقتا،  لكن في المقابل الصمت على كل الاخلالات واختلاط الحابل بالنابل في الساحة الثقافية جعل المشاكل تتراكم، وتراكمت بالخصوص امراض القطاع، وقد دفع فنانون كثيرون الثمن بأن وجدوا انفسهم في ظل المنافسة غير النزيهة وفي ظل تجاهل حقوقهم – على  الاقل بدأت تونس تحقق تقدما في مجال احترام حقوق الملكية الفكرية – عبارة عن حالات اجتماعية بعضها لم يعد يمكنه حتى تحمل نفقات علاجه في وقت تقتات فيه الساحة على انتاج عدد منهم في مختلف المجالات وخاصة في باب الاغنية وفي مجال الاعمال الدرامية التلفزيونية  وعن اعادات القنوات الوطنية لاعمالهم حدث ولا حرج.

طبعا كل ذلك لم يحل دون مواصلة الحراك الثقافي في البلاد ومازال اسم تونس يرفع بشكل يدفع على الافتخار في المحافل الثقافية الدولية. فقد حصدت تونس في الايام الاخيرة مجموعة هامة من الجوائز السينمائية في مهرجانات مهمة من بينها مهرجان نامور للفيلم الفرنكفوني الذي توج فيلمين بجوائز هامة وهما " الذراري الحمر" للطفي عاشور و"ماء العين" لمريم جوبير. فيلم ندى حفيظ " المابين" جنى في الفترة الأخيرة عدة جوائز اخرها جائزة افضل فيلم وافضل ممثلة في مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي وقبلها توجت بطلة الفيلم بجائزة افضل ممثلة في مهرجان الدار البيضاء السينمائي الدولي مع ضرورة الاشارة الى الحضور المكثف للافلام التونسية في المهرجانات السينمائية الدولية  بما في ذلك المهرجانات الكبرى وقد مثل الفيلم الجديد لمهدي البرصاوي " عايشة " في الدورة الاخيرة لمهرجان البندقية الدولي. وقد لا تفوتنا الاشارة الى كثافة الانتاج السينمائي هذه الفترة وتعدد المبادرات، واضافة الى الافلام المذكورة نشير الى مشاركة فيلم برج الرومي للمنصف ذويب في مهرجان الجونة المصري في دورته الاخيرة  كما شارك فيلم "الابرة " وهو من احدث انتاجات عبد الحميد بوشناق في عدة مهرجانات ونال جوائز والقائمة تطول. معنى ذلك ان الظروف الصعبة وخاصة في مجال توفير التمويلات لم تحل دون انتاج كم محترم من الانتاجات السينمائية الجديدة، فما بالك اذا ما فتحت أفاق جديدة امام المبدعين التونسيين وما نقوله حول السينما ينطبق  طبعا على اغلب القطاعات الفنية الاخرى.

وقد لا يفوتنا الاشارة في هذا الباب الى ما يعانيه قطاع الكتاب والنشر في البلاد وهذا في حد ذاته ملف كبير ولا يطرح هكذا على عجل وان كان وضعه اليوم وما اصبح عليه القطاع، يتطلب  تدخلا عاجلا. 

حياة السايب 

دولة توفر مناخا ملائما للعمل الثقافي.. تطور البنية الأساسية وتكرس عقلية الخلق والإبداع..   البعض من انتظارات أهل الثقافة في تونس في العهدة الرئاسية القادمة

 

تونس- الصباح

لم تحظ الثقافة بالأولوية في العقود الأخيرة رغم اقرار الدولة وفي دساتيرها  بضمان حق المواطن في الثقافة (الفصل 49 مثلا من الدستور الجديد والفصل 42 من الدستور السابق). فالميزانية المخصصة لوزارة الشؤون الثقافية تظل قليلة حتى انه تم التخفيض فيها في السنوات الأخيرة في اطار مساعي الدولة للتقليص من النفقات العمومية لمواجهة الصعوبات الاقتصادية وللتخفيف من حدة العجز في الميزانية العامة للبلاد. كما ان طرق التصرف في الميزانية التي يخصص جزء كبير منها لنفقات التسيير، تطرح اشكاليات عديدة من بينها ضعف الاعتمادات المخصصة للبنية الاساسية وأيضا عدم تحيين التشريعات حتى ان الفنانين مثلا ينتظرون منذ سنين طويلة صدور القانون الاساسي الذي ينظم عملهم- قانون الفنان- دون نتيجة. كما ان هناك العديد من المشاكل العاجلة وأبرزها قضية الدعم التي ما فتئت تثير جدلا، لكن لم يتم بعد التوصل الى حل للمسألة رغم وجود شبه اجماع حول ضرورة مراجعة طرق توزيع الدعم وحجم الاعتمادات المخصصة له.

من أجل أن تتحول الثقافة إلى مشغل أساسي

وطبعا من حق الفنانين والمشتغلين في الحقل الثقافي عموما ان  يتمنوا ان تكون الثقافة من المشاغل الاساسية في العهدة الرئاسية القادمة. فبلادنا من المفروض أن تفتح صفحة جديدة بداية من اليوم – ان لم نمر طبعا الى  الدور الثاني للانتخابات الرئاسية التي انتظمت امس 6 أكتوبر-  مع انتخاب رئيس جديد للبلاد. وان كانت هموم التونسيين كثيرة في الفترة الاخيرة، وإن كانت الاولوية  خلال  العهدة الرئاسية السابقة وخاصة منذ 25 جويلية 2021، التاريخ الذي وضع فيه الرئيس قيس سعيد حدا لمنظومة الحكم المنبثقة عن انتخابات 2019 بعد اقالة الحكومة وحل البرلمان، واعلان مرحلة انتقالية جديدة في البلاد، للمسار السياسي، اذ تم  وضع دستور جديد وانتخاب برلمان جديد واحداث مجلس الجهات والاقاليم، مع التركيز على مواجهة مشكل الفساد الذي استشرى في البلاد خاصة بعد احداث 14 جانفي 2011، فإنه من الطبيعي ان تكون الانتظارات كثيرة لدى اهل الثقافة في المرحلة القادمة.

فبلادنا وكما هو واضح سجلت تراجعا في باب المكاسب الثقافية وخاصة في مستوى البنية الأساسية. تونس لم تبن مسارح جديدة وقاعات السينما تقلصت وبالكاد تتوفر فضاءات يمكن ان يستغلها الفنانون للتدرب وللعرض داخل الجمهورية. ولم تهتد الدولة الى طريقة ناجعة في استغلال دور الثقافة – كثير منها يحتاج للصيانة- من اجل تطوير الانتاج الفني والثقافي واغلبها مازالت تشتغل بطرق كلاسيكية قديمة ولم تستطع استقطاب الجمهور خاصة من الشباب بالقدر الكافي  لاسيما  في الجهات رغم افتقار اغلب جهاتنا الى فضاءات ثقافية جديرة بهذا الاسم. وحتى مراكز الفنون الدرامية والركحية التي تم احداثها مع تعميمها على اغلب جهات البلاد خلق وجودها اشكاليات كبرى لانها ببساطة وضعت دون قوانين منظمة وهي اليوم في حالة عطالة بسبب ذلك. فقد رفض البرلمان الحاقها بالمسرح الوطني وفق مبادرة تقدمت بها وزارة الشؤون الثقافية مؤخرا ولم تقبل وزارة المالية وفق ما علمنا بتصنيفها ضمن ادارة ذات استقلالية في التصرف المالي والاداري، والنتيجة انها اليوم بدلا من ان تكون سببا في الحل تحولت الى مشكل حقيقي.

ودائما وفي اطار البنية الاساسية، فإننا قد لا نبالغ عندما نقول انه باستثناء العاصمة وربما بعض المدن، لا وجود لاروقة فنية لاحتضان معارض للفنون التشكيلية  داخل البلاد وهذا اشكال كبير ومن المفروض أن يكون من بين الأولويات لان المعارض، واضافة الى كونها تشكل حدثا فنيا قادرا على استقطاب الجمهور، لها دور كبير في تربية الذائقة  الفنية وتحسينها وتطويرها حتى لا تكون الجماهير رهينة نوعية معينة من الفنون الجماهيرية التي قد تقوم بوظيفة الترفيه لكنها غير قادرة على تنمية الذائقة أو تغذية الجمهور فنيا.

منظومة المهرجانات مجددا

على مستوى الانشطة الثقافية، تعتبر منظومة المهرجانات اشكالية الاشكاليات من حيث الكم – كثرتها – ومن حيث الكيف – من حيث المضمون. فقد تحولت  المهرجانات في السنوات  الأخيرة الى نسخ متكررة وفقدت المهرجانات الكبرى -ومن بينها مهرجان قرطاج الدولي- هيبتها بالتركيز على العروض الجماهيرية الصاخبة  دون غيرها. كل التظاهرات الثقافية التي كانت تونس رائدة بفضلها في مجال الثقافة في محيطها العربي والافريقي، مثل ايام قرطاج السينمائية ونظيرتها المسرحية وغيرهما سجلت بدورها تراجعا وهناك مشكل كبير، لا ندري لماذا يتم التحفظ عليه؟ وهو  مسألة تسيير هذه التظاهرات. فاغلب فرق التسيير يقع تكليفها قبل فترة وجيزة في حين ثبت أن الادارة القارة للتظاهرات الثقافية يمكن أن تساعد على حل عديد الاشكاليات وخاصة في مستوى الاختيارات والبرمجة. 

طبعا وكما هو معروف، تعتبر مسألة الدعم  ايضا  موضوعا حارقا في الساحة الثقافية، وهذه القضية لم تجد طريقها إلى الحل  رغم ان كل الوزراء الذين تعاقبوا على المنصب اما نظروا في الموضوع او حاولوا ان يجدوا تسوية للاشكالية، لكن الى حد اليوم مازالت القضية مطروحة ومازال الدعم يصرف بنفس الطرق القديمة التي تبين أنها لم تعد ناجعة أو تجاوزتها الاحداث. وقد يكون من المفيد الاشارة في هذا السياق الى أن التوجه الذي تحبذه الاغلبية أو على الاقل نسبة هامة من اهل الميدان وفق ما يصرحون به، هو أن تقع مراجعة منظومة الدعم بالكامل لأنها تسببت في تراجع مستوى الانتاج الثقافي وحولت الدولة الى منتج اساسي للفنون والثقافة في حين انه من المفروض أن توفر الدولة فضاءات العمل ومناخا ملائما لذلك، وان تترك مسؤولية الخلق والابداع لاهل الميدان.

 التشريعات غير المحينة

على مستوى التشريعات، هناك عمل كبير ينتظر وزارة الشؤون الثقافية ونتصور أن الوزيرة الجديدة، امينة الصرارفي، وهي ابنة القطاع  الفني ستسعى للتعجيل بسن قانون الفنان الذي وفق ما صرح به العديد من أهل المهنة هو اليوم مطلب عاجل.

صحيح، لا يمكن  لهذا القانون ان يضع حدا للفوضى التي سادت في الميدان الفني بالكامل، لكنه يمكن ان يخفف منها فغياب القوانين وعدم تفعيل الموجود منها كرس عادات كثيرة سيئة في الساحة الثقافية واصلاحها يتطلب جهدا ووقتا،  لكن في المقابل الصمت على كل الاخلالات واختلاط الحابل بالنابل في الساحة الثقافية جعل المشاكل تتراكم، وتراكمت بالخصوص امراض القطاع، وقد دفع فنانون كثيرون الثمن بأن وجدوا انفسهم في ظل المنافسة غير النزيهة وفي ظل تجاهل حقوقهم – على  الاقل بدأت تونس تحقق تقدما في مجال احترام حقوق الملكية الفكرية – عبارة عن حالات اجتماعية بعضها لم يعد يمكنه حتى تحمل نفقات علاجه في وقت تقتات فيه الساحة على انتاج عدد منهم في مختلف المجالات وخاصة في باب الاغنية وفي مجال الاعمال الدرامية التلفزيونية  وعن اعادات القنوات الوطنية لاعمالهم حدث ولا حرج.

طبعا كل ذلك لم يحل دون مواصلة الحراك الثقافي في البلاد ومازال اسم تونس يرفع بشكل يدفع على الافتخار في المحافل الثقافية الدولية. فقد حصدت تونس في الايام الاخيرة مجموعة هامة من الجوائز السينمائية في مهرجانات مهمة من بينها مهرجان نامور للفيلم الفرنكفوني الذي توج فيلمين بجوائز هامة وهما " الذراري الحمر" للطفي عاشور و"ماء العين" لمريم جوبير. فيلم ندى حفيظ " المابين" جنى في الفترة الأخيرة عدة جوائز اخرها جائزة افضل فيلم وافضل ممثلة في مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي وقبلها توجت بطلة الفيلم بجائزة افضل ممثلة في مهرجان الدار البيضاء السينمائي الدولي مع ضرورة الاشارة الى الحضور المكثف للافلام التونسية في المهرجانات السينمائية الدولية  بما في ذلك المهرجانات الكبرى وقد مثل الفيلم الجديد لمهدي البرصاوي " عايشة " في الدورة الاخيرة لمهرجان البندقية الدولي. وقد لا تفوتنا الاشارة الى كثافة الانتاج السينمائي هذه الفترة وتعدد المبادرات، واضافة الى الافلام المذكورة نشير الى مشاركة فيلم برج الرومي للمنصف ذويب في مهرجان الجونة المصري في دورته الاخيرة  كما شارك فيلم "الابرة " وهو من احدث انتاجات عبد الحميد بوشناق في عدة مهرجانات ونال جوائز والقائمة تطول. معنى ذلك ان الظروف الصعبة وخاصة في مجال توفير التمويلات لم تحل دون انتاج كم محترم من الانتاجات السينمائية الجديدة، فما بالك اذا ما فتحت أفاق جديدة امام المبدعين التونسيين وما نقوله حول السينما ينطبق  طبعا على اغلب القطاعات الفنية الاخرى.

وقد لا يفوتنا الاشارة في هذا الباب الى ما يعانيه قطاع الكتاب والنشر في البلاد وهذا في حد ذاته ملف كبير ولا يطرح هكذا على عجل وان كان وضعه اليوم وما اصبح عليه القطاع، يتطلب  تدخلا عاجلا. 

حياة السايب