عملا بتلك المقولة القديمة "إذا أردت أن تمنع الحرب، يجب أن تذهب إليها دون أن تنتظر الوقت المناسب".
اختارت إيران الوقوف بندّية أمام الكيان الصهيوني وتحالفاته الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والتقدّم خطوة نحو خطّ النهاية في سياسة "الصبر الاستراتيجي" التي ظلّت ملتزمة بها دائما رغم كل الضربات القاصمة التي مسّت من اعتبارها وقوتها الإقليمية .
فدون أدنى اعتبار للردّ الإسرائيلي المتوعّد والمرتقب بعد الهجمة الصاروخية الإيرانية المباغتة، خاطر المرشد الأعلى علي خامنئي وفي حدث نادر بالظهور وإلقاء خطبة صلاة الجمعة في طهران أمام حشود من الإيرانيين برفقة قيادات أمنية وسياسية من الصف الأول في أجواء شعبية مكشوفة أمنيا وعسكريا وفي خطوة لا يمكن أن تنبئ إلا بأن طهران بصدد رفع سقف التحدّي أعلى من ذي قبل..
الخامنئي في خطبته باللغة العربية أفصح عن إستراتيجية إيران في التعامل مع التطورات المحتملة للأحداث على جبهة لبنان وفي غزة مع نقطة ارتكاز أساسية في تلك الإستراتيجية وفي الخطاب، تقوم على أن جبهة المقاومة في المنطقة لن تتراجع في هذه المرحلة إلى الوراء ولن تقدّم تنازلات، مفنّدا بشكل نهائي إمكانية فك الارتباط بين فصائل المقاومة مهما كانت الخسائر فادحة وخاصة بعد اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله الذي كان يمثّل "طوق النار" الذي يحاصر الكيان الصهيوني ويردع كل مرّة تمدّده الوحشي في المنطقة !
موقف خامنئي وتصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من قطر على أن إيران سُترغم على الردّ بقوة على أي اعتداء يستهدفها رغم أنها لا ترغب في الحرب، والهجمات الصاروخية التي نفذتها إيران على منشآت حيوية كقاعدة نيفاتيم الجوية، حيث تتمركز طائرات إف-35 مع تجنّبها الأهداف المدنية.. كلها معطيات تؤكّد أن سياسية "الصبر الاستراتيجي" على وشك التحوّل إلى نوع من المواجهة التكتيكية التي تقوم على إحداث توازن الرعب والردع متى فكرت إسرائيل في الاعتداء المباشر على طهران .
وإيران اليوم تبدو وكأنها استنفدت كل صبرها وهي التي "ابتلعت" أحداثا مهينة وتمسّ من اعتبارها مثل اغتيال قاسم سليماني ثم بعد ذلك اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يوم تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان، لتأتي بعد ذلك الضربة القاصمة باغتيال نصر الله.. واستنفاد هذا الصبر كان يتطلّب مواقف تصعيدية حتى لا يكون "صبرها" السابق أشبه بـ"التنازل الاستراتيجي ! «
وسياسة الصبر الاستراتيجي التي تجد مرجعيتها في أدبيات "الإستراتيجية الفابية" أو "إستراتيجية فابيان" المستلهمة من إستراتيجية الدكتاتور الروماني فابيوس والتي اعتمدها في مواجهة القائد القرطاجني حنبعل خلال الحرب البونيقية الثانية، تعتمد على خطط استنزافية للعدو وخلق بيئة معادية له لا تساعده على الاستمرار مع العمل على الاختراقات والانتصارات الصغيرة ومراكمتها حتى تتغيّر موازين القوى، وهذا ما قامت به إيران تحديدا في مواجهة العدو الإسرائيلي من خلال "حزب الله" ومن خلال دعم كل حركات المقاومة الإسلامية في غزة وفي اليمن والعراق .
كل ذلك يعني أن الصبر الاستراتيجي ليس عدم القيام بأي شيء بل يعني القيام بكل شيء باستثناء خوض المعارك الكبرى والحاسمة، وما يمكن استخلاصه من تطورات الأحداث الأخيرة هو أن إيران تناور على خط نهاية سياسة "الصبر الاستراتيجي" دون حرص أو رغبة في مغادرته نحو معركة كبرى وحاسمة !
منية العرفاوي
عملا بتلك المقولة القديمة "إذا أردت أن تمنع الحرب، يجب أن تذهب إليها دون أن تنتظر الوقت المناسب".
اختارت إيران الوقوف بندّية أمام الكيان الصهيوني وتحالفاته الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والتقدّم خطوة نحو خطّ النهاية في سياسة "الصبر الاستراتيجي" التي ظلّت ملتزمة بها دائما رغم كل الضربات القاصمة التي مسّت من اعتبارها وقوتها الإقليمية .
فدون أدنى اعتبار للردّ الإسرائيلي المتوعّد والمرتقب بعد الهجمة الصاروخية الإيرانية المباغتة، خاطر المرشد الأعلى علي خامنئي وفي حدث نادر بالظهور وإلقاء خطبة صلاة الجمعة في طهران أمام حشود من الإيرانيين برفقة قيادات أمنية وسياسية من الصف الأول في أجواء شعبية مكشوفة أمنيا وعسكريا وفي خطوة لا يمكن أن تنبئ إلا بأن طهران بصدد رفع سقف التحدّي أعلى من ذي قبل..
الخامنئي في خطبته باللغة العربية أفصح عن إستراتيجية إيران في التعامل مع التطورات المحتملة للأحداث على جبهة لبنان وفي غزة مع نقطة ارتكاز أساسية في تلك الإستراتيجية وفي الخطاب، تقوم على أن جبهة المقاومة في المنطقة لن تتراجع في هذه المرحلة إلى الوراء ولن تقدّم تنازلات، مفنّدا بشكل نهائي إمكانية فك الارتباط بين فصائل المقاومة مهما كانت الخسائر فادحة وخاصة بعد اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله الذي كان يمثّل "طوق النار" الذي يحاصر الكيان الصهيوني ويردع كل مرّة تمدّده الوحشي في المنطقة !
موقف خامنئي وتصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من قطر على أن إيران سُترغم على الردّ بقوة على أي اعتداء يستهدفها رغم أنها لا ترغب في الحرب، والهجمات الصاروخية التي نفذتها إيران على منشآت حيوية كقاعدة نيفاتيم الجوية، حيث تتمركز طائرات إف-35 مع تجنّبها الأهداف المدنية.. كلها معطيات تؤكّد أن سياسية "الصبر الاستراتيجي" على وشك التحوّل إلى نوع من المواجهة التكتيكية التي تقوم على إحداث توازن الرعب والردع متى فكرت إسرائيل في الاعتداء المباشر على طهران .
وإيران اليوم تبدو وكأنها استنفدت كل صبرها وهي التي "ابتلعت" أحداثا مهينة وتمسّ من اعتبارها مثل اغتيال قاسم سليماني ثم بعد ذلك اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يوم تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان، لتأتي بعد ذلك الضربة القاصمة باغتيال نصر الله.. واستنفاد هذا الصبر كان يتطلّب مواقف تصعيدية حتى لا يكون "صبرها" السابق أشبه بـ"التنازل الاستراتيجي ! «
وسياسة الصبر الاستراتيجي التي تجد مرجعيتها في أدبيات "الإستراتيجية الفابية" أو "إستراتيجية فابيان" المستلهمة من إستراتيجية الدكتاتور الروماني فابيوس والتي اعتمدها في مواجهة القائد القرطاجني حنبعل خلال الحرب البونيقية الثانية، تعتمد على خطط استنزافية للعدو وخلق بيئة معادية له لا تساعده على الاستمرار مع العمل على الاختراقات والانتصارات الصغيرة ومراكمتها حتى تتغيّر موازين القوى، وهذا ما قامت به إيران تحديدا في مواجهة العدو الإسرائيلي من خلال "حزب الله" ومن خلال دعم كل حركات المقاومة الإسلامية في غزة وفي اليمن والعراق .
كل ذلك يعني أن الصبر الاستراتيجي ليس عدم القيام بأي شيء بل يعني القيام بكل شيء باستثناء خوض المعارك الكبرى والحاسمة، وما يمكن استخلاصه من تطورات الأحداث الأخيرة هو أن إيران تناور على خط نهاية سياسة "الصبر الاستراتيجي" دون حرص أو رغبة في مغادرته نحو معركة كبرى وحاسمة !