-روضة بن عبد لله، لبنى نعمان ومنير الطرودي يبدعون في أداء أشهر أغاني الفنان الراحل
تونس-الصباح
حالت مغادرة فنان المحبة والسلام صاحب صولات وجولات في حقول عدة ياسر الجرادي هذا العالم دون تقديم عرض "ياسر محبة" في المهرجانات الصيفية.. إذ اعتذر من محبيه على صفحته الخاصة بـ"الفايسبوك" بسبب وعكة صحية، ولم يكن يدرك أن تلك التدوينة هي ٱخر رسالة الى محبي الفن الملتزم وأنها ستكون من بين الكلمات الخالدة خلود أعماله الفنية ومواقفه التي تنم عن عشق كبير لهذا الوطن المنهك...
يبدو أنّ كل تلك الخصال التي تمتع بها ابن قابس زاهد الفكر والسلوك، كانت وراء عدم تواني أصدقائه المقربين من الفنانين التونسيين من إحياء حفل في مرحلة أولى تكريما لروحه الطاهرة بدار الثقافة بن رشيق ثم برمجة عرض "حر كالعصفور" في اربعينيته.. أربعينية ليست "كلاسيكية" بالمعنى المتداول لكن كانت من خلال عرض انتظم مؤخرا بمسرح الأوبرا في مدينة الثقافة.
و"حر كالعصفور" من بين المشاريع الفنية كذلك التي لم يتسن لفقيد الأغنية الملتزمة أن ينفذها كما تمنى أن يؤمنها في نفس المكان، علما وأن فكرة العرض كانت قد راودته ذات يوم وهو على متن دراجته يجوب المناطق التونسية، كعادته في رحلة وجودية، من الشمال الى الجنوب، إذ بعصفور حط على كتفيه ليستأنس بمصاحبته عدة كيلومترات الى أن انصرف، ليُلهم بفكرة عنوان العرض "حر كالعصفور"...
ياسر.. متعدد المواهب
تلك الفكرة تجسدت بمسرح الأوبرا في "عرض ما بعد الموت" - كما أراد أن ينعته محبو ياسر - ليظهر فقيد الساحة الفنية في أكثر من مرة على شاشة كبيرة على اتساع إطار خلفية الركح، من خلال فيديوهات نقلت أهم المداخلات في الإذاعات، تفصح عن غيرته الشديدة على تونس، فضلا عن أنشطته مع المجتمع المدني وخطاباته التوعوية الموجهة للناشئة خاصة فيما يتعلق بالتلوث الناجم عن المجمع الصناعي في قابس..
في عرض "حر كالعصفور" دراجة ياسر رفيقة دربه -باعتبار انه كان من "الجوالة"- تجلت على الركح كإحدى الشخصيات التي امنت العرض الكوريغرافي المرافق لجملة من أشهر الأغاني على غرار "شبيك نسيتيني" و"ما تخافيش" و"نرجعلك ديما".. وقد تكونت الفرقة الموسيقية من عازف البيانو والموزع الموسيقي سامي بن سعيد والمايسترو سامي بن عثمان والاركستر السمفوني التونسي، أما أيوب الجوادي فقد تولى إخراج "حر كالعصفور"..
العرض سلط الضوء كذلك على جانب حرفي لياسر الجرادي قد يغيب على الكثيرين وهو تمكنه من رسم الخطوط العربية وذلك من خلال فيديوهات تنقل نشاطه داخل الورشات.. توثيق لعل أصحاب فكرة الحفل أرادوا أن يؤكدوا أن الراحل ياسر المتبني لمقولة محمود درويش "الطريق هو الطريقة" كان دائما يبحث عن التنوع ليشعر أنه حي غير راضخ للسائد والمألوف...
مقاطع موسيقية رائعة
"أحنا موش خايفين.. أبدا مش هاربين.. بس مش فاهمين ليش العالم ساكتين.. والعرب ساكتين.. لا سمح الله.. بس احنا اكيد راجعين على فلسطين.. لها ايجا الطوفان وكسر الجدران وخلا الحقيقة تبان للملايين.. يوم من الايام هنرجع زي زمان.."
بهذه الكلمات البسيطة العميقة المتضمنة الكثير من التفاؤل والاستبشار لياسر الجرادي، أبدعت الفنانة لبنى نعمان في أداء الأغنية وكان هناك تناغم كبير مع عازف البيانو سامي بن سعيد الذي كان نجم السهرة.. الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش الحاضر الغائب، كان بارزا كذلك في لوحة "برونزية" اللون بجانب البيانو كأنه ينتظر دوره لإلقاء أبيات شعر ثوري...
وبعيدا عن أجواء "البدوي" وعرض "الزيارة"، كان للفنان منير الطرودي حضورا متميزا واداء مغايرا للمألوف، ليؤكد مدى تمكنه من الانماط الموسيقية ، وتكريما لروح الفقيد ياسر الجرادي غنى "كنت بين الناس إنسان.. إنما أعطاك صورته لتكن في الخلق رحمة.." بنفس طربي إشارة الى ان ياسر كان محبا زاهدا في الحياة رغم كل المحن التي لازمته حتى وافته المنية..
روضة بن عبد الله كذلك، وهي من الأصدقاء المقربين للراحل ياسر الجرادي، أمتعت كذلك الجماهير بصوتها العذب وغنت "وعدتك بالشمس والقمرة..حتى كان نصبر سنين.. وعدتك من كثر ما نحبك.. وعدتك نجيبهملك الإثنين .. الشمس عيونك كي تضوي.. والقْمرة قْلبك الحنين.. وحدة منهم لا ما تكفي نحب نجيبهملك الاثنين.." حيث تفاعل الجمهور مع "الريتم" والكلمات الساحرة الى ٱخر الأغنية بالتصفيق وترديد الالفاظ واللحن...
في الفقرة الأخيرة للعرض اجتمع كل الفنانين لغناء"نرجعلك ديما" وهي من أشهر الأعمال الفنية للفقيد ياسر الجرادي، ناهيك انه كان لها وقع كبير على التونسيين ما بعد 14جانفي لما تحمله من صور شعرية وأبعاد جمالية تجسد حب الوطن اللامتناهي.. وقد عمد المخرج الى عرض أهم اللقطات الراسخة في اذهان التونسيين يوم الاطاحة بنظام بن علي...
وليد عبد اللاوي
-روضة بن عبد لله، لبنى نعمان ومنير الطرودي يبدعون في أداء أشهر أغاني الفنان الراحل
تونس-الصباح
حالت مغادرة فنان المحبة والسلام صاحب صولات وجولات في حقول عدة ياسر الجرادي هذا العالم دون تقديم عرض "ياسر محبة" في المهرجانات الصيفية.. إذ اعتذر من محبيه على صفحته الخاصة بـ"الفايسبوك" بسبب وعكة صحية، ولم يكن يدرك أن تلك التدوينة هي ٱخر رسالة الى محبي الفن الملتزم وأنها ستكون من بين الكلمات الخالدة خلود أعماله الفنية ومواقفه التي تنم عن عشق كبير لهذا الوطن المنهك...
يبدو أنّ كل تلك الخصال التي تمتع بها ابن قابس زاهد الفكر والسلوك، كانت وراء عدم تواني أصدقائه المقربين من الفنانين التونسيين من إحياء حفل في مرحلة أولى تكريما لروحه الطاهرة بدار الثقافة بن رشيق ثم برمجة عرض "حر كالعصفور" في اربعينيته.. أربعينية ليست "كلاسيكية" بالمعنى المتداول لكن كانت من خلال عرض انتظم مؤخرا بمسرح الأوبرا في مدينة الثقافة.
و"حر كالعصفور" من بين المشاريع الفنية كذلك التي لم يتسن لفقيد الأغنية الملتزمة أن ينفذها كما تمنى أن يؤمنها في نفس المكان، علما وأن فكرة العرض كانت قد راودته ذات يوم وهو على متن دراجته يجوب المناطق التونسية، كعادته في رحلة وجودية، من الشمال الى الجنوب، إذ بعصفور حط على كتفيه ليستأنس بمصاحبته عدة كيلومترات الى أن انصرف، ليُلهم بفكرة عنوان العرض "حر كالعصفور"...
ياسر.. متعدد المواهب
تلك الفكرة تجسدت بمسرح الأوبرا في "عرض ما بعد الموت" - كما أراد أن ينعته محبو ياسر - ليظهر فقيد الساحة الفنية في أكثر من مرة على شاشة كبيرة على اتساع إطار خلفية الركح، من خلال فيديوهات نقلت أهم المداخلات في الإذاعات، تفصح عن غيرته الشديدة على تونس، فضلا عن أنشطته مع المجتمع المدني وخطاباته التوعوية الموجهة للناشئة خاصة فيما يتعلق بالتلوث الناجم عن المجمع الصناعي في قابس..
في عرض "حر كالعصفور" دراجة ياسر رفيقة دربه -باعتبار انه كان من "الجوالة"- تجلت على الركح كإحدى الشخصيات التي امنت العرض الكوريغرافي المرافق لجملة من أشهر الأغاني على غرار "شبيك نسيتيني" و"ما تخافيش" و"نرجعلك ديما".. وقد تكونت الفرقة الموسيقية من عازف البيانو والموزع الموسيقي سامي بن سعيد والمايسترو سامي بن عثمان والاركستر السمفوني التونسي، أما أيوب الجوادي فقد تولى إخراج "حر كالعصفور"..
العرض سلط الضوء كذلك على جانب حرفي لياسر الجرادي قد يغيب على الكثيرين وهو تمكنه من رسم الخطوط العربية وذلك من خلال فيديوهات تنقل نشاطه داخل الورشات.. توثيق لعل أصحاب فكرة الحفل أرادوا أن يؤكدوا أن الراحل ياسر المتبني لمقولة محمود درويش "الطريق هو الطريقة" كان دائما يبحث عن التنوع ليشعر أنه حي غير راضخ للسائد والمألوف...
مقاطع موسيقية رائعة
"أحنا موش خايفين.. أبدا مش هاربين.. بس مش فاهمين ليش العالم ساكتين.. والعرب ساكتين.. لا سمح الله.. بس احنا اكيد راجعين على فلسطين.. لها ايجا الطوفان وكسر الجدران وخلا الحقيقة تبان للملايين.. يوم من الايام هنرجع زي زمان.."
بهذه الكلمات البسيطة العميقة المتضمنة الكثير من التفاؤل والاستبشار لياسر الجرادي، أبدعت الفنانة لبنى نعمان في أداء الأغنية وكان هناك تناغم كبير مع عازف البيانو سامي بن سعيد الذي كان نجم السهرة.. الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش الحاضر الغائب، كان بارزا كذلك في لوحة "برونزية" اللون بجانب البيانو كأنه ينتظر دوره لإلقاء أبيات شعر ثوري...
وبعيدا عن أجواء "البدوي" وعرض "الزيارة"، كان للفنان منير الطرودي حضورا متميزا واداء مغايرا للمألوف، ليؤكد مدى تمكنه من الانماط الموسيقية ، وتكريما لروح الفقيد ياسر الجرادي غنى "كنت بين الناس إنسان.. إنما أعطاك صورته لتكن في الخلق رحمة.." بنفس طربي إشارة الى ان ياسر كان محبا زاهدا في الحياة رغم كل المحن التي لازمته حتى وافته المنية..
روضة بن عبد الله كذلك، وهي من الأصدقاء المقربين للراحل ياسر الجرادي، أمتعت كذلك الجماهير بصوتها العذب وغنت "وعدتك بالشمس والقمرة..حتى كان نصبر سنين.. وعدتك من كثر ما نحبك.. وعدتك نجيبهملك الإثنين .. الشمس عيونك كي تضوي.. والقْمرة قْلبك الحنين.. وحدة منهم لا ما تكفي نحب نجيبهملك الاثنين.." حيث تفاعل الجمهور مع "الريتم" والكلمات الساحرة الى ٱخر الأغنية بالتصفيق وترديد الالفاظ واللحن...
في الفقرة الأخيرة للعرض اجتمع كل الفنانين لغناء"نرجعلك ديما" وهي من أشهر الأعمال الفنية للفقيد ياسر الجرادي، ناهيك انه كان لها وقع كبير على التونسيين ما بعد 14جانفي لما تحمله من صور شعرية وأبعاد جمالية تجسد حب الوطن اللامتناهي.. وقد عمد المخرج الى عرض أهم اللقطات الراسخة في اذهان التونسيين يوم الاطاحة بنظام بن علي...