بواسطة أزرار وجهت إيران صواريخها نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة وبزِرّ اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية، وبزِرّ فجرت هواتف "البيجر" في أيادي ووجوه قيادات حزب الله، وبزّرّ اغتالت حسن نصر الله ومن معه، وبزِرّ تقود "الدولة" العبرية اليوم حروبها عن بعد دون المخاطرة بجيوشها ولا بطائراتها وعتادها.. تقتل المئات وتصيب الآلاف وتدمّر وتهدم المباني مهما كانت مصفّحة تحت رؤوس أصحابها في المقابل لا تخسر أي شيء. ذلك هو التفوق العسكري الإسرائيلي الذي مكن الكيان الغاصب المحتلّ من تحقيق تقدم هائل على صعيد التحكم في الصراعات والحروب عبر تقنيات متقدمة في الاستخبارات، والأسلحة المسيّرة، ووسائل الاغتيالات عن بعد.
هذا التفّوق التكنولوجي أعطاها أفضلية استراتيجية واضحة في إدارة الصراع اليوم مع فلسطين ولبنان وحتى إيران بعد هجومات أول أمس، في الوقت الذي يعاني فيه العالم العربي من فجوة تكنولوجية واسعة في هذا السياق. فإسرائيل عوضت جيوشها بالتكنولوجيا العسكرية وبتقنيات استطلاع وقتال وهجوم متقدمة جدا، مكنت الجيش الإسرائيلي من رصد الأهداف بدقة وتنفيذ اغتيالات مركزة دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر على أرض المعركة. فقط ضغطة زرّ وتقنيات متطورة لتنفيذ الاغتيالات عن بُعد بعد استغلال التكنولوجيا كذلك في المعلومة الاستخباراتية الدقيقة من خلال تقنيات التنصت وبرامج التجسس الإلكترونية وهو ما يعكس مستوى التنسيق العالي بين الجانب العسكري والاستخباراتي في إسرائيل.
إن التفوق الإسرائيلي في الاتصالات والتحكم في البنية التحتية أصبح واحدا من أبرز صور الهيمنة التكنولوجية الإسرائيلية والتي منحتها قدرة على اختراق وتدمير وسائل الاتصالات الخاصة بأعدائها. فخلال الحروب في فلسطين ولبنان، كانت إسرائيل تستخدم تقنيات متطورة لتعطيل شبكات الاتصال، مثل تدمير أبراج الاتصالات وتعطيل الهواتف النقالة وتفجير "البيجر" عن بعد، ما يؤدي إلى عزلة تامة للطرف الآخر وإضعاف قدرته على التواصل وتنظيم قواته.
وفي الجانب الآخر، تعاني الدول العربية من تأخر واضح في مجال التكنولوجيا العسكرية، وظلت تكدّس الطائرات الحربية بأنواعها في صفقات أثرت بها خزائن الغرب المموّل لإسرائيل ما يجعلها عاجزة عن مواجهة التفوق التكنولوجي العسكري الإسرائيلي في ظل فجوة بدت كبيرة وواضحة خاصة مع انعدام الاستثمار العربي في البحث العلمي العسكري وعدم إيلاء أي أهمية لتطوير التكنولوجيا الحربية والاكتفاء بالاستيراد وهو ما يضعها في موضع التابع لا المبتكر. هذا إلى جانب ضعف الاستخبارات الإلكترونية العربية التي تعتمد أساسا على وسائل تقليدية في الاستخبار والحصول على المعلومة، مقابل التقنيات المتطورة التي تستخدمها إسرائيل في التجسس وتنفيذ العمليات الاستخباراتية. ونحن نعلم جميعا أن من يملك المعلومة يملك الميدان. هذا دون الحديث عن نقص الكوادر العسكرية المتخصصة في التكنولوجيا الحديثة بينما تكوّن إسرائيل سنويًا مئات المهندسين المتخصصين في التكنولوجيا العسكرية والذكاء الاصطناعي...
إسرائيل اليوم ليست مجرد دولة تعتمد على قوتها العسكرية التقليدية والتي فازت بفضلها في جل حروبها مع العرب، بل استطاعت بفضل الاستثمار المكثف في التكنولوجيا أن تكون قائدة لحروب المستقبل، حيث تتحول الحروب من صراع مباشر بين الجيوش إلى معارك تُدار عن بعد بضغطة زر. في المقابل، يبقى العرب بحاجة إلى استراتيجية طويلة الأمد تعيد التوازن في هذا الصراع، من خلال استثمار حقيقي في التكنولوجيا والبحث العلمي، وتطوير الكوادر المحلية المتخصصة في المجال العسكري.
من دون هذه التحولات، سيظل التفوق الإسرائيلي مستمرًا، وسيكون من الصعب جدًا على العالم العربي مواكبة التغيرات في طبيعة حروب الحاضر والمستقبل التي أصبحت تعتمد بشكل أساسي على التكنولوجيا والأزرار، وليس القوة البشرية والعتاد التقليدي فقط، فهل نستوعب كعرب الدرس مما يجري اليوم؟
سفيان رجب
بواسطة أزرار وجهت إيران صواريخها نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة وبزِرّ اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية، وبزِرّ فجرت هواتف "البيجر" في أيادي ووجوه قيادات حزب الله، وبزّرّ اغتالت حسن نصر الله ومن معه، وبزِرّ تقود "الدولة" العبرية اليوم حروبها عن بعد دون المخاطرة بجيوشها ولا بطائراتها وعتادها.. تقتل المئات وتصيب الآلاف وتدمّر وتهدم المباني مهما كانت مصفّحة تحت رؤوس أصحابها في المقابل لا تخسر أي شيء. ذلك هو التفوق العسكري الإسرائيلي الذي مكن الكيان الغاصب المحتلّ من تحقيق تقدم هائل على صعيد التحكم في الصراعات والحروب عبر تقنيات متقدمة في الاستخبارات، والأسلحة المسيّرة، ووسائل الاغتيالات عن بعد.
هذا التفّوق التكنولوجي أعطاها أفضلية استراتيجية واضحة في إدارة الصراع اليوم مع فلسطين ولبنان وحتى إيران بعد هجومات أول أمس، في الوقت الذي يعاني فيه العالم العربي من فجوة تكنولوجية واسعة في هذا السياق. فإسرائيل عوضت جيوشها بالتكنولوجيا العسكرية وبتقنيات استطلاع وقتال وهجوم متقدمة جدا، مكنت الجيش الإسرائيلي من رصد الأهداف بدقة وتنفيذ اغتيالات مركزة دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر على أرض المعركة. فقط ضغطة زرّ وتقنيات متطورة لتنفيذ الاغتيالات عن بُعد بعد استغلال التكنولوجيا كذلك في المعلومة الاستخباراتية الدقيقة من خلال تقنيات التنصت وبرامج التجسس الإلكترونية وهو ما يعكس مستوى التنسيق العالي بين الجانب العسكري والاستخباراتي في إسرائيل.
إن التفوق الإسرائيلي في الاتصالات والتحكم في البنية التحتية أصبح واحدا من أبرز صور الهيمنة التكنولوجية الإسرائيلية والتي منحتها قدرة على اختراق وتدمير وسائل الاتصالات الخاصة بأعدائها. فخلال الحروب في فلسطين ولبنان، كانت إسرائيل تستخدم تقنيات متطورة لتعطيل شبكات الاتصال، مثل تدمير أبراج الاتصالات وتعطيل الهواتف النقالة وتفجير "البيجر" عن بعد، ما يؤدي إلى عزلة تامة للطرف الآخر وإضعاف قدرته على التواصل وتنظيم قواته.
وفي الجانب الآخر، تعاني الدول العربية من تأخر واضح في مجال التكنولوجيا العسكرية، وظلت تكدّس الطائرات الحربية بأنواعها في صفقات أثرت بها خزائن الغرب المموّل لإسرائيل ما يجعلها عاجزة عن مواجهة التفوق التكنولوجي العسكري الإسرائيلي في ظل فجوة بدت كبيرة وواضحة خاصة مع انعدام الاستثمار العربي في البحث العلمي العسكري وعدم إيلاء أي أهمية لتطوير التكنولوجيا الحربية والاكتفاء بالاستيراد وهو ما يضعها في موضع التابع لا المبتكر. هذا إلى جانب ضعف الاستخبارات الإلكترونية العربية التي تعتمد أساسا على وسائل تقليدية في الاستخبار والحصول على المعلومة، مقابل التقنيات المتطورة التي تستخدمها إسرائيل في التجسس وتنفيذ العمليات الاستخباراتية. ونحن نعلم جميعا أن من يملك المعلومة يملك الميدان. هذا دون الحديث عن نقص الكوادر العسكرية المتخصصة في التكنولوجيا الحديثة بينما تكوّن إسرائيل سنويًا مئات المهندسين المتخصصين في التكنولوجيا العسكرية والذكاء الاصطناعي...
إسرائيل اليوم ليست مجرد دولة تعتمد على قوتها العسكرية التقليدية والتي فازت بفضلها في جل حروبها مع العرب، بل استطاعت بفضل الاستثمار المكثف في التكنولوجيا أن تكون قائدة لحروب المستقبل، حيث تتحول الحروب من صراع مباشر بين الجيوش إلى معارك تُدار عن بعد بضغطة زر. في المقابل، يبقى العرب بحاجة إلى استراتيجية طويلة الأمد تعيد التوازن في هذا الصراع، من خلال استثمار حقيقي في التكنولوجيا والبحث العلمي، وتطوير الكوادر المحلية المتخصصة في المجال العسكري.
من دون هذه التحولات، سيظل التفوق الإسرائيلي مستمرًا، وسيكون من الصعب جدًا على العالم العربي مواكبة التغيرات في طبيعة حروب الحاضر والمستقبل التي أصبحت تعتمد بشكل أساسي على التكنولوجيا والأزرار، وليس القوة البشرية والعتاد التقليدي فقط، فهل نستوعب كعرب الدرس مما يجري اليوم؟