إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حديث "الصباح".. سراب "رأفت الهجان"

 

بقلم: سفيان رجب

نحن أجيال الخيبة والنكسات والهزائم.. نعم جيلان أو أكثر من الشعوب العربية والإسلامية، لم تشهد ولم تعش أفراح النصر وهي تخوض الحرب تلو الحرب والمعركة تلو المعركة.. أكثر من قرن على الأقل ونحن من هزيمة الى هزيمة ومن صفعة الى أخرى نتوهم القوة والقدرة على الصراع والمقاومة وسرعان ما نتقبل الصفعة لنطأطئ الرؤوس ونعود الى حجمنا..

خدعونا على مدى مئات السنين، بشخصيات صورت لنا كخوارق لا تهزم، خاضت الحروب وانتصرت شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، وخاضت فتوحات بشجاعة وفتكت بالأعداء من إمبراطوريات وممالك وسيطرت على الكرة الأرضية بالطول والعرض، وغيرها من البطولات الواهية..

لكن الحقيقة تبدو غير ذلك، وربما يعود آخر انتصار لجيش عربي أو إسلامي إلى غزوة بدر الكبرى بقيادة نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، سنة 624 ميلادي، أي منذ 1400 سنة بالضبط وبعدها عايشنا كعرب ومسلمين الهزيمة تلو الأخرى وجربنا كل أنواع الذل والخزي والعار، خاصة بعد زرع الكيان الصهيوني بيننا، في 14 ماي 1948 وذلك 8 ساعات فقط قبل انتهاء الانتداب البريطاني، وخاضت وقتها خمس دول عربية بالإضافة إلى متطوعين عرب الحرب مع الكيان المُنشأ حديثا، وكانت محصّلة الحرب، أن توسعت إسرائيل على امتداد 75 % تقريبا من أراضي الانتداب سابقا.. لتليها الحروب والتوسع والهزائم والنكسات.. ثم كانت انتكاسات العراق وسوريا وغيرها..

هزائم أذلت الأمة، حتى أننا أصبحنا ننتشي ونتشبع عزة وكرامة ونفتخر بما جاء في بعض المسلسلات والأفلام الدرامية، التي تصور ملاحم بطولية وانتصارات على العدو، أشهرها مسلسل "رأفت الهجان" وأفلام الفنانة نادية الجندي "48 ساعة في إسرائيل" و"مهمة في تل أبيب" و"شبكة الموت" وكذلك فيلم "الطريق الى إيلات".. وكانت هذه المسلسلات والأفلام تبعث فينا روحا جديدة وتشعرنا بالقوة والقدرة على التغلب على العدو الأوحد وأننا سنعود لتحرير القدس ورمي الكيان الغاصب في النهر ومحوه من الخارطة.. وكنا نعيش تلك "الدراما" وكأنها حقيقة رغم ما فيها من بعض المغالطات والتضخيم الذي قبلناه واقتنعنا به، ورفضنا حتى التفكير في أنه بعيد عن الواقع المعاش..

تلك المسلسلات والأفلام مازلنا الى اليوم نشاهدها (قناة حنبعل تعرض حاليا مسلسل رأفت الهجان) ومازلنا نعيش معها حالة "النوستالجيا" والحنين إلى الماضي، عندما كان ملايين العرب يتسمّرون كل ليلة أمام شاشات التلفزيون لمتابعة حلقة "رأفت الهجان" ويتلذذون بقدرته على خداع العدو أو فيلم نادية الجندي التي نجحت في التسلل إلى مبنى الموساد الإسرائيلي في تل أبيب وتمكنت من نسخ الملفات السرية والمغادرة بسلام..

وعندما كنا منتشين بهذه "الدراما" المنعشة والملاحم والبطولات، كانت إسرائيل تتوسع في الأراضي المحتلة وفي سيناء والجولان وبيروت وأراض من الأردن وتضرب في كل مكان حتى وصلت تونس وحمام الشط..

واليوم وبعد انتشائنا بخطابات المقاومة الرنانة في فلسطين ولبنان وبعد أن نفخ "الملثم" و"السيد" و"راكب الدراجة" في اليمن في صدورنا روح المقاومة والوعد بالنصر وتركيع العدو.. تأتينا الصفعات متتالية والانتكاسة تلو الأخرى في أيام قليلة، لتمتد يد العدو بسهولة لتغتال الرموز من إسماعيل هنية وصالح العاروري وأيمن نوفل وفائق المبحوح وإبراهيم عقيل وفؤاد شكر وأخيرا رمز المقاومة حسن نصر الله.. هذا دون الحديث عن التقتيل اليومي والقصف والتدمير والتهجير اليومي في غزة وحاليا بيروت وربما اليمن والعراق وسوريا.. لنكتفي ومقاومتنا بـ"رشقات" صواريخ ينفجر جلها في السماء وتسقط أقليتها هنا وهناك دون نتيجة..

النكسات تتواصل.. ونحن نعيش على سراب والحلم بالنصر الذي ننتظر.. وفي انتظار أن يتحقق سنبحث في قنواتنا وسنظل نتابع في مسلسل رأفت الهجان ومهمة في تل أبيب وشبكة الموت والطريق الى إيلات.. طريق قد يطول وقد لا نرى له نهاية للأسف.

 

بقلم: سفيان رجب

نحن أجيال الخيبة والنكسات والهزائم.. نعم جيلان أو أكثر من الشعوب العربية والإسلامية، لم تشهد ولم تعش أفراح النصر وهي تخوض الحرب تلو الحرب والمعركة تلو المعركة.. أكثر من قرن على الأقل ونحن من هزيمة الى هزيمة ومن صفعة الى أخرى نتوهم القوة والقدرة على الصراع والمقاومة وسرعان ما نتقبل الصفعة لنطأطئ الرؤوس ونعود الى حجمنا..

خدعونا على مدى مئات السنين، بشخصيات صورت لنا كخوارق لا تهزم، خاضت الحروب وانتصرت شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، وخاضت فتوحات بشجاعة وفتكت بالأعداء من إمبراطوريات وممالك وسيطرت على الكرة الأرضية بالطول والعرض، وغيرها من البطولات الواهية..

لكن الحقيقة تبدو غير ذلك، وربما يعود آخر انتصار لجيش عربي أو إسلامي إلى غزوة بدر الكبرى بقيادة نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، سنة 624 ميلادي، أي منذ 1400 سنة بالضبط وبعدها عايشنا كعرب ومسلمين الهزيمة تلو الأخرى وجربنا كل أنواع الذل والخزي والعار، خاصة بعد زرع الكيان الصهيوني بيننا، في 14 ماي 1948 وذلك 8 ساعات فقط قبل انتهاء الانتداب البريطاني، وخاضت وقتها خمس دول عربية بالإضافة إلى متطوعين عرب الحرب مع الكيان المُنشأ حديثا، وكانت محصّلة الحرب، أن توسعت إسرائيل على امتداد 75 % تقريبا من أراضي الانتداب سابقا.. لتليها الحروب والتوسع والهزائم والنكسات.. ثم كانت انتكاسات العراق وسوريا وغيرها..

هزائم أذلت الأمة، حتى أننا أصبحنا ننتشي ونتشبع عزة وكرامة ونفتخر بما جاء في بعض المسلسلات والأفلام الدرامية، التي تصور ملاحم بطولية وانتصارات على العدو، أشهرها مسلسل "رأفت الهجان" وأفلام الفنانة نادية الجندي "48 ساعة في إسرائيل" و"مهمة في تل أبيب" و"شبكة الموت" وكذلك فيلم "الطريق الى إيلات".. وكانت هذه المسلسلات والأفلام تبعث فينا روحا جديدة وتشعرنا بالقوة والقدرة على التغلب على العدو الأوحد وأننا سنعود لتحرير القدس ورمي الكيان الغاصب في النهر ومحوه من الخارطة.. وكنا نعيش تلك "الدراما" وكأنها حقيقة رغم ما فيها من بعض المغالطات والتضخيم الذي قبلناه واقتنعنا به، ورفضنا حتى التفكير في أنه بعيد عن الواقع المعاش..

تلك المسلسلات والأفلام مازلنا الى اليوم نشاهدها (قناة حنبعل تعرض حاليا مسلسل رأفت الهجان) ومازلنا نعيش معها حالة "النوستالجيا" والحنين إلى الماضي، عندما كان ملايين العرب يتسمّرون كل ليلة أمام شاشات التلفزيون لمتابعة حلقة "رأفت الهجان" ويتلذذون بقدرته على خداع العدو أو فيلم نادية الجندي التي نجحت في التسلل إلى مبنى الموساد الإسرائيلي في تل أبيب وتمكنت من نسخ الملفات السرية والمغادرة بسلام..

وعندما كنا منتشين بهذه "الدراما" المنعشة والملاحم والبطولات، كانت إسرائيل تتوسع في الأراضي المحتلة وفي سيناء والجولان وبيروت وأراض من الأردن وتضرب في كل مكان حتى وصلت تونس وحمام الشط..

واليوم وبعد انتشائنا بخطابات المقاومة الرنانة في فلسطين ولبنان وبعد أن نفخ "الملثم" و"السيد" و"راكب الدراجة" في اليمن في صدورنا روح المقاومة والوعد بالنصر وتركيع العدو.. تأتينا الصفعات متتالية والانتكاسة تلو الأخرى في أيام قليلة، لتمتد يد العدو بسهولة لتغتال الرموز من إسماعيل هنية وصالح العاروري وأيمن نوفل وفائق المبحوح وإبراهيم عقيل وفؤاد شكر وأخيرا رمز المقاومة حسن نصر الله.. هذا دون الحديث عن التقتيل اليومي والقصف والتدمير والتهجير اليومي في غزة وحاليا بيروت وربما اليمن والعراق وسوريا.. لنكتفي ومقاومتنا بـ"رشقات" صواريخ ينفجر جلها في السماء وتسقط أقليتها هنا وهناك دون نتيجة..

النكسات تتواصل.. ونحن نعيش على سراب والحلم بالنصر الذي ننتظر.. وفي انتظار أن يتحقق سنبحث في قنواتنا وسنظل نتابع في مسلسل رأفت الهجان ومهمة في تل أبيب وشبكة الموت والطريق الى إيلات.. طريق قد يطول وقد لا نرى له نهاية للأسف.