دعت أول أمس رئاسة الحكومة، في بلاغ لها، كافة الجمعيات المكوّنة بصفة قانونية، وفقا لأحكام المرسوم عدد 88 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات، إلى التقيد بجملة من الإجراءات.
وتأتي هذه الدعوة في سياق تسليط الضوء مؤخرا على مسألة مراقبة الجمعيات وتمويلها لا سيما في ظل متابعة لصيقة من رئاسة الجمهورية لهذا الموضوع وتطرق الرئيس قيس سعيد في أكثر من مناسبة إلى موضوع التمويلات المشبوهة للجمعيات كان آخرها بمناسبة استقبال محافظ البنك المركزي فتحي زهير النوري الذي سلم رئيس الدولة التقرير السنوي للجنة الوطنية للتحاليل المالية حيث تضمن بلاغ رئاسة الجمهورية حول فحوى اللقاء أن "إحدى الجمعيات تلقت إلى غاية يوم 28 من الشهر المنقضي مبلغ 9.579.908.300 دينارا وأخرى تلقت مبلغا يساوي 255.512.250 دينارا وفق عديد المؤيدات".
جملة من الالتزامات
دعت رئاسة الحكومة أول أمس الجمعيات للتقيد بجملة من الإجراءات وهي:
- الالتزام بنشر إعلان تكوين الجمعية بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وفقا لأحكام الفصل 11– أولا من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المذكور، قصد إكساب الجمعية الشخصية القانونية.
- الالتزام بواجب الحصول على معرّف جبائي يسند لكل جمعية من طرف مصالح الإدارة العامة للأداءات بوزارة المالية.
- الالتزام بواجب التسجيل بالسجل الوطني للمؤسسات، وفقا لأحكام النقطة السابعة من الفصل 7 من القانون عدد 52 المؤرخ في 29 أكتوبر2018 المتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات.
كما أكدت رئاسة الحكومة، أن كل الجمعيات المخالفة لهذه الإجراءات، تعتبر عرضة للتّتبعات القانونية والعقوبات الجزائية والإدارية المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل. وبينت أن هذه الإجراءات المقررة، تندرج في إطار الحرص على إحكام متابعة أنشطة الجمعيات، وضمان التزامها بالنصوص القانونية ذات العلاقة بالجمعيات، وفي إطار تنفيذ مقتضيات المرسوم عدد 88 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات، والقانون عدد 52 المؤرخ في 29 أكتوبر 2018 المتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات.
التمويل العمومي للجمعيات
في سياق آخر ودائما في إطار مراقبة التمويلات المشروعة وغير المشروعة للجمعيات وطرق إدارتها والتصرف فيها، يذكر أن مرصد رقابة كان قد نشر في وقت سابق تقريرا تحدث فيه عن إهدار المال العام وغياب المراقبة الكافية للتمويل العمومي للجمعيات وطرق التصرف فيها ومدى جدواها وصرفها في مجالاتها التي رصدت من أجلها.
وجاء في التقرير أنه "استنادا إلى التّقارير الصادرة عن وزارة المالية المُتعلقة بالمنح المُسندة للوداديات والجمعيّات تبين أنَّ:
-المنح المسندة من ميزانية الدولة لفائدة الجمعيات والوداديات فاقت 1000 مليون دينار خلال الفترة الممتدة من سنة 2012 إلى غايةِ سنة 2023 (تم اعتماد معدل مجموع المنح المُسندة بالنسبة لسنة 2014).
- المنحُ المسندة من طرف وزارة الشؤون الاجتماعية قاربت نسبتها 50 بالمائة من مجموع المنح المسندة خلال الفترة المذكورة، استأثر الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي والجمعياتُ ذات الصبغة الاجتماعية بالنصيب الأكبر تليهما على التوالي ودادية الأعوَان والجمعيات ووداديات أخرى.
-وزارة المرأة والأسرة تأتي الثانية في الترتيب حيثُ بلغت المنح المسندة من طرفها 150 مليون دينار ونسبة كبيرة منها تحصَّل عليها الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي ووداديات الأعوان،
-وزارة الفلاحة قامت بإسناد مبالغ ناهزت 80 مليون دينار خلال الفترة المعنية تليها وزارات الداخلية والمالية والعدل.
– نسبة المبالغ المُسندة من قبل الوزارات المذكورة سالفا (وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة المرأة والأسرة، وزارة الفلاحة، وزارة الداخلية، وزارة المالية ووزارة العدل) تمثل 80 بالمائة من مجموع المبالغ المسندة.
– شهدَ التمويل العمومي المسند من قبل عديد الوزارات بين سنتي 2012 و2023 ارتفاعا هاما (وزارة التجهيز والإسكان بـ70 ضعفا، وزارة الفلاحة 52 ضعفا، ووزارتا التجارة والداخلية بـ27 ضعفا)،
أما بالنسبة للمنح المسندة في إطار التمويل العمومي للجمعيات من طرف المنشآت والمؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية في إطار ميزانيتها المستقلة فقد قدرها مرصد رقابة بأكثر من 50 مليون دينار سنويا، علما وأن أغلب المؤسسات والمنشآت العمومية تعاني من وضعية مالية صعبة نتيجة تسجيليها لخسائر متراكمة".
ويضيف تقرير مرصد رقابة أنه "أمام هذه المبالغ المهولة التي تتمتع بها الوداديات والجمعيات من المال العام بعنوان الدعم فإن منظومة الرقابة بخصوصها كانت دون المأمول، ولاحظ المرصد بعد دراسة العديد من الملفات عدم احترام الهياكل العمومية للإطار القانوني والترتيبي للتمويل العمومي للجمعيات بما فتح الباب على مصراعيه للفساد، حيث تحولت العديد من الوداديات إلى “خزائن سوداء” لصرف منح وامتيازات عينية قارة للأعوان غير خاضعة للاقتطاع بعنوان الضمان الاجتماعي وغير خاضعة للضريبة على الأجر.
كما تحولت العديد من وداديات الأعوان إلى وكالات أسفار لتنظيم السفرات إلى الخارج للأعوان وذويهم مقابل مشاركتهم بمبالغ زهيدة وأحيانا لا يتم خلاصها من طرفهم، لشراء ولائهم للمسؤولين القائمين خاصة إذا تعلق الأمر بنقابيين وأعوان نافذين.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن جزءا من التمويل العمومي قد تم تخصيصهُ لفائدة جمعيات رياضية نخر بعضها الفسادُ في التسيير وسوء التصرف بما يعني أن التمويل العمومي المسند إليها ليس إلا إهدارا للمال العامّ".
ودعا المرصد رئاسة الحكومة إلى تشديد الرقابة على التمويل العمومي للجمعيات والتتبّع الإداري والجزائي لكلِّ من يثبت تورطه في عمليات فساد وسوء تصرف في التمويلات المرصودة.
م.ي
تونس-الصباح
دعت أول أمس رئاسة الحكومة، في بلاغ لها، كافة الجمعيات المكوّنة بصفة قانونية، وفقا لأحكام المرسوم عدد 88 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات، إلى التقيد بجملة من الإجراءات.
وتأتي هذه الدعوة في سياق تسليط الضوء مؤخرا على مسألة مراقبة الجمعيات وتمويلها لا سيما في ظل متابعة لصيقة من رئاسة الجمهورية لهذا الموضوع وتطرق الرئيس قيس سعيد في أكثر من مناسبة إلى موضوع التمويلات المشبوهة للجمعيات كان آخرها بمناسبة استقبال محافظ البنك المركزي فتحي زهير النوري الذي سلم رئيس الدولة التقرير السنوي للجنة الوطنية للتحاليل المالية حيث تضمن بلاغ رئاسة الجمهورية حول فحوى اللقاء أن "إحدى الجمعيات تلقت إلى غاية يوم 28 من الشهر المنقضي مبلغ 9.579.908.300 دينارا وأخرى تلقت مبلغا يساوي 255.512.250 دينارا وفق عديد المؤيدات".
جملة من الالتزامات
دعت رئاسة الحكومة أول أمس الجمعيات للتقيد بجملة من الإجراءات وهي:
- الالتزام بنشر إعلان تكوين الجمعية بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وفقا لأحكام الفصل 11– أولا من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المذكور، قصد إكساب الجمعية الشخصية القانونية.
- الالتزام بواجب الحصول على معرّف جبائي يسند لكل جمعية من طرف مصالح الإدارة العامة للأداءات بوزارة المالية.
- الالتزام بواجب التسجيل بالسجل الوطني للمؤسسات، وفقا لأحكام النقطة السابعة من الفصل 7 من القانون عدد 52 المؤرخ في 29 أكتوبر2018 المتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات.
كما أكدت رئاسة الحكومة، أن كل الجمعيات المخالفة لهذه الإجراءات، تعتبر عرضة للتّتبعات القانونية والعقوبات الجزائية والإدارية المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل. وبينت أن هذه الإجراءات المقررة، تندرج في إطار الحرص على إحكام متابعة أنشطة الجمعيات، وضمان التزامها بالنصوص القانونية ذات العلاقة بالجمعيات، وفي إطار تنفيذ مقتضيات المرسوم عدد 88 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات، والقانون عدد 52 المؤرخ في 29 أكتوبر 2018 المتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات.
التمويل العمومي للجمعيات
في سياق آخر ودائما في إطار مراقبة التمويلات المشروعة وغير المشروعة للجمعيات وطرق إدارتها والتصرف فيها، يذكر أن مرصد رقابة كان قد نشر في وقت سابق تقريرا تحدث فيه عن إهدار المال العام وغياب المراقبة الكافية للتمويل العمومي للجمعيات وطرق التصرف فيها ومدى جدواها وصرفها في مجالاتها التي رصدت من أجلها.
وجاء في التقرير أنه "استنادا إلى التّقارير الصادرة عن وزارة المالية المُتعلقة بالمنح المُسندة للوداديات والجمعيّات تبين أنَّ:
-المنح المسندة من ميزانية الدولة لفائدة الجمعيات والوداديات فاقت 1000 مليون دينار خلال الفترة الممتدة من سنة 2012 إلى غايةِ سنة 2023 (تم اعتماد معدل مجموع المنح المُسندة بالنسبة لسنة 2014).
- المنحُ المسندة من طرف وزارة الشؤون الاجتماعية قاربت نسبتها 50 بالمائة من مجموع المنح المسندة خلال الفترة المذكورة، استأثر الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي والجمعياتُ ذات الصبغة الاجتماعية بالنصيب الأكبر تليهما على التوالي ودادية الأعوَان والجمعيات ووداديات أخرى.
-وزارة المرأة والأسرة تأتي الثانية في الترتيب حيثُ بلغت المنح المسندة من طرفها 150 مليون دينار ونسبة كبيرة منها تحصَّل عليها الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي ووداديات الأعوان،
-وزارة الفلاحة قامت بإسناد مبالغ ناهزت 80 مليون دينار خلال الفترة المعنية تليها وزارات الداخلية والمالية والعدل.
– نسبة المبالغ المُسندة من قبل الوزارات المذكورة سالفا (وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة المرأة والأسرة، وزارة الفلاحة، وزارة الداخلية، وزارة المالية ووزارة العدل) تمثل 80 بالمائة من مجموع المبالغ المسندة.
– شهدَ التمويل العمومي المسند من قبل عديد الوزارات بين سنتي 2012 و2023 ارتفاعا هاما (وزارة التجهيز والإسكان بـ70 ضعفا، وزارة الفلاحة 52 ضعفا، ووزارتا التجارة والداخلية بـ27 ضعفا)،
أما بالنسبة للمنح المسندة في إطار التمويل العمومي للجمعيات من طرف المنشآت والمؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية في إطار ميزانيتها المستقلة فقد قدرها مرصد رقابة بأكثر من 50 مليون دينار سنويا، علما وأن أغلب المؤسسات والمنشآت العمومية تعاني من وضعية مالية صعبة نتيجة تسجيليها لخسائر متراكمة".
ويضيف تقرير مرصد رقابة أنه "أمام هذه المبالغ المهولة التي تتمتع بها الوداديات والجمعيات من المال العام بعنوان الدعم فإن منظومة الرقابة بخصوصها كانت دون المأمول، ولاحظ المرصد بعد دراسة العديد من الملفات عدم احترام الهياكل العمومية للإطار القانوني والترتيبي للتمويل العمومي للجمعيات بما فتح الباب على مصراعيه للفساد، حيث تحولت العديد من الوداديات إلى “خزائن سوداء” لصرف منح وامتيازات عينية قارة للأعوان غير خاضعة للاقتطاع بعنوان الضمان الاجتماعي وغير خاضعة للضريبة على الأجر.
كما تحولت العديد من وداديات الأعوان إلى وكالات أسفار لتنظيم السفرات إلى الخارج للأعوان وذويهم مقابل مشاركتهم بمبالغ زهيدة وأحيانا لا يتم خلاصها من طرفهم، لشراء ولائهم للمسؤولين القائمين خاصة إذا تعلق الأمر بنقابيين وأعوان نافذين.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن جزءا من التمويل العمومي قد تم تخصيصهُ لفائدة جمعيات رياضية نخر بعضها الفسادُ في التسيير وسوء التصرف بما يعني أن التمويل العمومي المسند إليها ليس إلا إهدارا للمال العامّ".
ودعا المرصد رئاسة الحكومة إلى تشديد الرقابة على التمويل العمومي للجمعيات والتتبّع الإداري والجزائي لكلِّ من يثبت تورطه في عمليات فساد وسوء تصرف في التمويلات المرصودة.