إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد المصادقة على تنقيح القانون الانتخابي في الجلسة العامة.. الطعن في النتائج الأولية لـ"الرئاسية" يكون أمام محكمة الاستئناف بتونس.. ومحكمة التعقيب

 

تونس-الصباح

بالتزامن مع الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية ووسط إجراءات أمنية مشددة بالقرب من قصر باردو حيث نفذ عدد من الناشطين في المجتمع المدني وقفة احتجاجية، ناقش مجلس نواب الشعب أمس الجمعة 27 سبتمبر 2024 خلال جلسته العامة المنعقدة في دورة استثنائية على مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامها وصادق عليه برمته في صيغة معدلة، وكانت نتيجة التصويت كما يلي: 116 موافقون و12 رافضون و8 محتفظون.

وتقتضي المصادقة على مشاريع القوانين الأساسية موافقة الأغلبية المطلقة وهي 81 صوتا وفق ما أشار إليه رئيس المجلس إبراهيم بودربالة. وأعلن بودربالة في بداية الجلسة عن ورود رأي المجلس الأعلى المؤقت للقضاء في هذا المقترح في وقت متأخر من مساء أول أمس.

ويتلخص رأي المجلس الأعلى حسب مقرر لجنة التشريع العام ظافر الصغيري في "رفض تنقيح القانون الانتخابي خلال الفترة الانتخابية". وأشار المجلس الأعلى المؤقت للقضاء إلى أن ما تضمنه الفصل الثالث من مقترح القانون من سريان أحكامه على النزاعات التي تم البت فيها يتعارض مع مبدأ حجية الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بخصوص النزاعات التي تم البت فيها بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية الحالية لسنة 2024 واتصال القضاء في شأنها وهو ما يقوض الثقة المشروعة في القضاء وفي نزاهة أعماله.

ومست المبادرة التي صادق عليها البرلمان العديد من فصول القانون الانتخابي وبمقتضى التعديلات الجديدة وقع سحب اختصاصات المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات في علاقة بالنزاع الانتخابي مقابل إسنادها لمحاكم الحق العام ومنها على سبيل الذكر أن الطعن في النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية أصبح يتم أمام محكمة الاستئناف بتونس، ولا يمكن الطعن في قرارات هذه المحكمة من قبل المترشحين أو من قبل هيئة الانتخابات إلا أمام محكمة التعقيب.

وقبل الشروع في النقاش العام لمقترح القانون قدمت لجنة التشريع العام تقريرا تضمن بالخصوص حصيلة جلسات الاستماع إلى ممثلين عن جهة المبادرة ووزارة العدل ورئاسة الحكومة ورأي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في المقترح وتطرق التقرير إلى تباين آراء أعضاء اللجنة فيه وهو نفس ما حصل خلال الجلسة العامة فهناك من دافعوا عليها بقوة وهناك من انتقدوها بشدة .

هشام حسني النائب غير المنتمي إلى كتل، نبه إلى أن المقرح من حيث الشكل غير دستوري لأن مكتب المجلس نظر فيه وأحاله إلى لجنة التشريع العام قبل إقراره دورة استثنائية والحال أن الدستور منح للجان دون غيرها إمكانية العمل خلال العطلة البرلمانية. كما اعترض حسني بشدة على تغيير القانون أثناء اللعبة وبين أنه خلافا لما ورد في وثيقة شرح الأسباب لا يوجد خطر داهم لأن تونس محمية بأمنها وجيشها ودعا زملاءه إلى تحكيم ضمائرهم وتغليب العقل والحكمة والكف عن الولاء للأشخاص.

أما عادل ضياف النائب عن كتلة صوت الجمهورية فقال إن النواب أقسموا على حماية الوطن واحترام الدستور والعمل وفق مقتضياته، وذكر أن المجلس النيابي ليس مجلسا تشريعيا فقط بل هو مجلس استشراف، لذلك بادر بمعية عدد من النواب بتقديم مقترح القانون المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي عندما استشرفوا وجود خطر داهم. وذكر أن هناك من يسأل أين هو الخطر الداهم، وهو يجيبهم بأنه يوجد خطر قادم لأن الانزلاق نحو المجهول ممكن والانقسام وتفجير الدولة من الداخل ممكن نظرا للتصريحات التي صدرت من قبل قضاة المحكمة الإدارية وهي تصريحات لها منحى سياسي في نزاع مع هيئة دستورية وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وذكر أنه من باب الوطنية ورغبة في الحفاظ على استقرار البلاد فإنهم لبوا الواجب الوطني وهذا الخطر لا يمكن أن يحدث ما دام هناك من يدافع عن الوطن وعن مصلحته واستقراره وأمنه القومي. وبين أنه لا يسمح لأي كان بأن يهدد الأمن القومي، وجاء مقترح القانون بهدف حماية الوطن. وأضاف أنه من باب المسؤولية فكر أصحاب المبادرة التشريعية في توحيد المسارات القضائية في مسار واحد حفاظا على الاستقرار وليس لسحب صلاحيات من المحكمة الإدارية.

وفي المقابل فند النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة عماد أولاد جبريل وجود خطر داهم، وبين أنه بعيدا عن التخوين والانفعالية فإنه يذكّر بالقسم الذي أداه النواب وهو الولاء للوطن ولا شيء غير الوطن وبين أنه يجب الابتعاد عن خطاب التخوين واتهام من يصوت ضد المقترح بالخائن ومن يصوت معه بالخائن. وأضاف أن البرلمان لا يشرع وفق العاطفة بل يسن تشريعات مبنية على أسس قانونية كما أن المشرع لا يخضع لأهازيج الشعب ولا يخضع لأي ضغط كان لا لمن يقول نعم للمشروع ولا لمن يقول لا، وذكّر بأنه لما كان نائبا في المجلس السابق لم يصوت على مشروع قانون يتعلق بتنقيح القانون الانتخابي لأنه تم تقديمه قبل الانتخابات وقد رفض الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي إمضاءه فبناء على المعايير الدولية لا يمكن تنقيح القانون الانتخابي في السنة الانتخابية وهو ما سبق أن أشار إليه الرئيس قيس سعيد نفسه بل ذهب سعيد إلى أبعد من ذلك وقال إن مراجعة القانون الانتخابي يجب أن تتم عبر الاستفتاء. ويرى أولاد جبريل أنه من المستحيل أن تكون المبادرة التشريعية قدمت بطلب من رئيس الجمهورية قيس سعيد ومن المستحيل أن يقوم الرئيس بختمها لأنها تتسبب في الإساءة إلى صورة تونس بين الدول وفي التشكيك في المسار الانتخابي. ويرى النائب أن الخطير في المبادرة هو الإشارة في وثيقة شرح أسبابها إلى وجود خطر داهم وقال إنه لا يوجد خطر داهم وإن رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي يمكنه أن يعلن عن وجود حالة خطر داهم.

سوابق

محمد أمين الورغي النائب عن كتلة صوت الجمهورية عدد المناسبات السابقة التي تم خلالها تنقيح القانون الانتخابي في سنة الانتخابات ومنها التعديل الذي تم في 15 سبتمبر 2019 أي قبل أسبوعين فقط من يوم الاقتراع.. وذكر أنه توجد قاعدة في دستور 2022 وهي تحقيق العدالة وبين أنه منذ انطلاق المسار الانتخابي برزت نية لتقويضه وتطرق النائب إلى الأخطاء التي ارتكبتها المحكمة الإدارية، وحذر من تداعياتها وقال إن من تحدثوا عن وجود مانع أخلاقي في تنقيح القانون الانتخابي هم آخر من يمكنهم أن يتحدثوا عن الأخلاق السياسية. وذكر أن البلاد تعيش اليوم مرحلة حساسة وهناك دعاة للفوضى والتظاهر والتجمهر والعصيان المدني كما هناك توزيع أموال طائلة وهي أموال متدفقة من الخارج تحت عنوان دعم الديمقراطية ولكنها في الحقيقة هي لدعم اللاشرعية.. وفسر الورغي أن القضاء سواء كان القضاء الإداري أو القضاء العدلي لن يغير نتيجة الانتخابات وبالتالي من لديهم مخططات لضرب الشرعية فعليهم أن يتحدثوا مباشرة مع الشعب وليس عن طريق بلاغات يكتبونها من الخارج ووراء الستار.

ألقت هالة جاب الله النائبة عن كتلة الأحرار باللائمة على رئيس المجلس ومكتبه لتمريرهم المبادرة التشريعية في وقت وجيز والحال أنه توجد مبادرات أخرى عديدة قدمها نواب الشعب منها تلك التي تتعلق بالمحكمة الدستورية أو تنقيح المرسوم 54. وبينت أن الأستاذ قيس سعيد قال في العديد من المداخلات السابقة انه من غير الممكن ومن غير الأخلاقي تنقيح القانون الانتخابي قبل الانتخابات وإنه ليس للأغلبية الحاكمة أن تعدل القانون الانتخابي على مقاسها وإن القانون الانتخابي ليس بالهين ولا يمكن تعديله إلا بالاستفتاء. وأضافت أن هذا ما قاله الأستاذ سعيد نفسه واليوم يمكن لرئيس الجمهورية وحسب ما نص عليه الدستور أن يعرض المشروع على الاستفتاء. ولاحظت جاب الله أن هناك من تعللوا بوجود خطر داهم ولكن إذا كان هناك فعلا ما يهدد الأمن القومي فان رئيس الجمهورية هو المخول لحماية الوطن وفق الدستور.

أداء مرتبك

ياسر القوراري النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي أوضح أنه سيعبر عن موقف حزب الوطد الموحد من المبادرة التشريعية وهو الموقف الوارد في بيانه وأضاف أن أداء المحكمة الإدارية كان مرتبكا كما أن مسارات التقاضي هي مسارات متشتتة ولا يوجد وصل بينها. وقال إن الشعب هو الوحيد الضامن للسيادة وللتصدي لما يحاك ضد أمن تونس وسيادتها وبين أن تصويته لن يكون لفائدة أي مترشح للانتخابات الرئاسية لأن قيس سعيد والعياشي زمال وزهير المغزاوي زائلون أما تونس فهي باقية وهو سيصوت لتونس ومع تونس.

وأشار علي زغدود النائب عن كتلة لينتصر الشعب إلى أن المجلس عقد أمس أهم جلسة في تاريخه فهي في وقت وجود حملة مسعورة عليه مصدرها قوى داخلية وخارجية وقوى الفساد والإرهاب وقوى الاستعمار، ويتمثل هدفها في السعي لإسقاط مؤسسات الدولة باستعمال الوسائل المشروعة وغير المشروعة وقال إنه من حق البرلمان أن يتدخل وفق صلاحياته الدستورية بهدف وضع حد لمحاولة التلاعب والعبث بالإرادة الشعبية لأنه من غير المعقول أن يتحول انتخاب رئيس الجمهورية الذي هو رئيس مجلس الأمن القومي إلى مجرد نزاع انتخابي. ونبه زغدود إلى وجود خيارين أمام تونس فإما تنقيح القانون الانتخابي أو سيناريو الفوضى الخلاقة التي تريدها قوى الاستعمار والفساد.

استشهاد بمقولات سعيد

أما عبد الرزاق عويدات النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي فقال إن القاعدة تقول إنه لا يتم تنقيح القانون الانتخابي في السنة الانتخابية ولا يقع تعديل القانون الانتخابي من قبل الأغلبية الحاكمة وهو ما أشار إليه الأستاذ قيس سعيد نفسه قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية بل إنه قال أيضا إن تمرير هذا القانون يجب أن يتم عبر الاستفتاء. وأضاف عويدات أنه بناء على هذه القاعدة تم في السابق استهجان محاولة تعديل القانون الانتخابي من قبل البرلمان السابق في اتجاه إقرار العتبة. وبين أن هناك من قالوا إن سبب تمرير المقترح هو وجود خطر داهم وعليهم أن يوضحوا من أين استقوا هذه المعلومات وهل هناك تقرير في الغرض مدتهم به الوظيفة التنفيذية أم أن الأمر مجرد تخمين من قبلهم، وفي صورة وجود خطر داهم فإنه بموجب الدستور يمكن لرئيس الجمهورية تأجيل الانتخابات.

وفي نفس السياق أشار النائب عن كتلة الأحرار أحمد بن نور إلى أن هناك من النواب من تحدث عن وجود خطر داهم ولكن هل هناك تقارير استخباراتية تفيد بوجود خطر داهم، وقال إن الخطر الداهم هو الفقر وعدم تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية. ونبه إلى أن رئيس الدولة غير راغب في هذا المشروع كما أن أنصار الرئيس لا يريدونه لأنه يبرز الرئيس في موضع الدكتاتور وهو منه براء. وأضاف أنه لا يمكنه أن يقدم هدية مسمومة لرئيس شريف.. وذكر أن جمعية القضاة وهيئة المحامين والمجلس الأعلى للقضاء رفضوا تمرير المقترح وهو يرى أنه لا بد من احترام المعايير الدولية للانتخابات ويعتبر الخطر الداهم يكمن في مثل هذه المشاريع .

وفي المقابل ترى منال بديده النائبة غير المنتمية إلى كتل أن التاريخ سيذكر المجلس النيابي لأنه اتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب وأضافت أنها كانت من بين النواب الذين قدموا المقترح القانون وفسرت تشتت النزاع الانتخابي بين القضاء العدلي والقضاء المالي والقضاء الإداري وذكرت أن هناك من أشاروا إلى أنه بالإمكان إرجاء النظر في مقترح القانون إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية لكن الضرورة الملحة اقتضت هذا التدخل التشريعي في هذا الوقت بالذات وأكدت أنه لا يوجد مانع قانوني للقيام بهذا التدخل. وقالت النائبة إن الأصل في الأشياء هو أن القضاء ينظر في النزاع ويصدر الحكم وينتهي دوره عند هذا الحد لكن اليوم أصبح الشغل الشاغل للمحكمة الإدارية إرجاع مترشحين أخرجتهم الهيئة من السباق الانتخابي لأسباب جدية. وقالت إنها عندما درست في كلية الحقوق اطلعت على العديد من الأحكام التي أصدرتها المحكمة الإدارية ولكن لم يقع تطبيقها .

تغيير قواعد اللعبة

وخلافا لما أشارت إليه منال بديده عبر النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي محمد علي عن رفضه المبادرة التشريعية وبين أنه على مستوى الشكل هذه المبادرة باطلة لأنه لا يعقل تغيير قواعد اللعبة الانتخابية قبل أسبوع من الانتخابات وإن رئيس الجمهورية نفسه عندما اجتمع برئيس هيئة الانتخابات في مارس قال له إنه لا يوجد مبرر لتنقيح القانون الانتخابي لأن هذا القانون لا يتعارض مع الدستور وحتى المجلس الأعلى المؤقت للقضاء فيرى عدم إمكانية تنقيح القانون الانتخابي الآن، وأضاف علي أنه على مستوى المضمون جاءت كل الفصول لتصحيح أزمة سياسية وقانونية البرلمان غير مسؤول عنها وإنما يجب تحميل المسؤولية لهيئة الانتخابات التي أخطأت وللمحكمة الإدارية.

وتعقيبا على مداخلات النواب دافع أصحاب المبادرة التشريعية على مقترحهم بمنتهى الحماس وخاصة النائب يوسف طرشون الذي قال إنه يخشى أن يستيقظ يوم 7 أكتوبر القادم ويجد فراغا في البلاد لا يعرف مآلاته. ولاحظ أن رأي المجلس الأعلى المؤقت للقضاء فيه تحامل على مجلس النواب لأنه ليس من حقه أن يطلب من النواب عدم تنقيح القانون والحال أنه يمكن للنواب تنقيح الدستور وليس فقط قانون.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

بعد المصادقة على تنقيح القانون الانتخابي في الجلسة العامة..   الطعن في النتائج الأولية لـ"الرئاسية" يكون أمام محكمة الاستئناف بتونس.. ومحكمة التعقيب

 

تونس-الصباح

بالتزامن مع الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية ووسط إجراءات أمنية مشددة بالقرب من قصر باردو حيث نفذ عدد من الناشطين في المجتمع المدني وقفة احتجاجية، ناقش مجلس نواب الشعب أمس الجمعة 27 سبتمبر 2024 خلال جلسته العامة المنعقدة في دورة استثنائية على مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامها وصادق عليه برمته في صيغة معدلة، وكانت نتيجة التصويت كما يلي: 116 موافقون و12 رافضون و8 محتفظون.

وتقتضي المصادقة على مشاريع القوانين الأساسية موافقة الأغلبية المطلقة وهي 81 صوتا وفق ما أشار إليه رئيس المجلس إبراهيم بودربالة. وأعلن بودربالة في بداية الجلسة عن ورود رأي المجلس الأعلى المؤقت للقضاء في هذا المقترح في وقت متأخر من مساء أول أمس.

ويتلخص رأي المجلس الأعلى حسب مقرر لجنة التشريع العام ظافر الصغيري في "رفض تنقيح القانون الانتخابي خلال الفترة الانتخابية". وأشار المجلس الأعلى المؤقت للقضاء إلى أن ما تضمنه الفصل الثالث من مقترح القانون من سريان أحكامه على النزاعات التي تم البت فيها يتعارض مع مبدأ حجية الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بخصوص النزاعات التي تم البت فيها بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية الحالية لسنة 2024 واتصال القضاء في شأنها وهو ما يقوض الثقة المشروعة في القضاء وفي نزاهة أعماله.

ومست المبادرة التي صادق عليها البرلمان العديد من فصول القانون الانتخابي وبمقتضى التعديلات الجديدة وقع سحب اختصاصات المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات في علاقة بالنزاع الانتخابي مقابل إسنادها لمحاكم الحق العام ومنها على سبيل الذكر أن الطعن في النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية أصبح يتم أمام محكمة الاستئناف بتونس، ولا يمكن الطعن في قرارات هذه المحكمة من قبل المترشحين أو من قبل هيئة الانتخابات إلا أمام محكمة التعقيب.

وقبل الشروع في النقاش العام لمقترح القانون قدمت لجنة التشريع العام تقريرا تضمن بالخصوص حصيلة جلسات الاستماع إلى ممثلين عن جهة المبادرة ووزارة العدل ورئاسة الحكومة ورأي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في المقترح وتطرق التقرير إلى تباين آراء أعضاء اللجنة فيه وهو نفس ما حصل خلال الجلسة العامة فهناك من دافعوا عليها بقوة وهناك من انتقدوها بشدة .

هشام حسني النائب غير المنتمي إلى كتل، نبه إلى أن المقرح من حيث الشكل غير دستوري لأن مكتب المجلس نظر فيه وأحاله إلى لجنة التشريع العام قبل إقراره دورة استثنائية والحال أن الدستور منح للجان دون غيرها إمكانية العمل خلال العطلة البرلمانية. كما اعترض حسني بشدة على تغيير القانون أثناء اللعبة وبين أنه خلافا لما ورد في وثيقة شرح الأسباب لا يوجد خطر داهم لأن تونس محمية بأمنها وجيشها ودعا زملاءه إلى تحكيم ضمائرهم وتغليب العقل والحكمة والكف عن الولاء للأشخاص.

أما عادل ضياف النائب عن كتلة صوت الجمهورية فقال إن النواب أقسموا على حماية الوطن واحترام الدستور والعمل وفق مقتضياته، وذكر أن المجلس النيابي ليس مجلسا تشريعيا فقط بل هو مجلس استشراف، لذلك بادر بمعية عدد من النواب بتقديم مقترح القانون المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي عندما استشرفوا وجود خطر داهم. وذكر أن هناك من يسأل أين هو الخطر الداهم، وهو يجيبهم بأنه يوجد خطر قادم لأن الانزلاق نحو المجهول ممكن والانقسام وتفجير الدولة من الداخل ممكن نظرا للتصريحات التي صدرت من قبل قضاة المحكمة الإدارية وهي تصريحات لها منحى سياسي في نزاع مع هيئة دستورية وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وذكر أنه من باب الوطنية ورغبة في الحفاظ على استقرار البلاد فإنهم لبوا الواجب الوطني وهذا الخطر لا يمكن أن يحدث ما دام هناك من يدافع عن الوطن وعن مصلحته واستقراره وأمنه القومي. وبين أنه لا يسمح لأي كان بأن يهدد الأمن القومي، وجاء مقترح القانون بهدف حماية الوطن. وأضاف أنه من باب المسؤولية فكر أصحاب المبادرة التشريعية في توحيد المسارات القضائية في مسار واحد حفاظا على الاستقرار وليس لسحب صلاحيات من المحكمة الإدارية.

وفي المقابل فند النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة عماد أولاد جبريل وجود خطر داهم، وبين أنه بعيدا عن التخوين والانفعالية فإنه يذكّر بالقسم الذي أداه النواب وهو الولاء للوطن ولا شيء غير الوطن وبين أنه يجب الابتعاد عن خطاب التخوين واتهام من يصوت ضد المقترح بالخائن ومن يصوت معه بالخائن. وأضاف أن البرلمان لا يشرع وفق العاطفة بل يسن تشريعات مبنية على أسس قانونية كما أن المشرع لا يخضع لأهازيج الشعب ولا يخضع لأي ضغط كان لا لمن يقول نعم للمشروع ولا لمن يقول لا، وذكّر بأنه لما كان نائبا في المجلس السابق لم يصوت على مشروع قانون يتعلق بتنقيح القانون الانتخابي لأنه تم تقديمه قبل الانتخابات وقد رفض الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي إمضاءه فبناء على المعايير الدولية لا يمكن تنقيح القانون الانتخابي في السنة الانتخابية وهو ما سبق أن أشار إليه الرئيس قيس سعيد نفسه بل ذهب سعيد إلى أبعد من ذلك وقال إن مراجعة القانون الانتخابي يجب أن تتم عبر الاستفتاء. ويرى أولاد جبريل أنه من المستحيل أن تكون المبادرة التشريعية قدمت بطلب من رئيس الجمهورية قيس سعيد ومن المستحيل أن يقوم الرئيس بختمها لأنها تتسبب في الإساءة إلى صورة تونس بين الدول وفي التشكيك في المسار الانتخابي. ويرى النائب أن الخطير في المبادرة هو الإشارة في وثيقة شرح أسبابها إلى وجود خطر داهم وقال إنه لا يوجد خطر داهم وإن رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي يمكنه أن يعلن عن وجود حالة خطر داهم.

سوابق

محمد أمين الورغي النائب عن كتلة صوت الجمهورية عدد المناسبات السابقة التي تم خلالها تنقيح القانون الانتخابي في سنة الانتخابات ومنها التعديل الذي تم في 15 سبتمبر 2019 أي قبل أسبوعين فقط من يوم الاقتراع.. وذكر أنه توجد قاعدة في دستور 2022 وهي تحقيق العدالة وبين أنه منذ انطلاق المسار الانتخابي برزت نية لتقويضه وتطرق النائب إلى الأخطاء التي ارتكبتها المحكمة الإدارية، وحذر من تداعياتها وقال إن من تحدثوا عن وجود مانع أخلاقي في تنقيح القانون الانتخابي هم آخر من يمكنهم أن يتحدثوا عن الأخلاق السياسية. وذكر أن البلاد تعيش اليوم مرحلة حساسة وهناك دعاة للفوضى والتظاهر والتجمهر والعصيان المدني كما هناك توزيع أموال طائلة وهي أموال متدفقة من الخارج تحت عنوان دعم الديمقراطية ولكنها في الحقيقة هي لدعم اللاشرعية.. وفسر الورغي أن القضاء سواء كان القضاء الإداري أو القضاء العدلي لن يغير نتيجة الانتخابات وبالتالي من لديهم مخططات لضرب الشرعية فعليهم أن يتحدثوا مباشرة مع الشعب وليس عن طريق بلاغات يكتبونها من الخارج ووراء الستار.

ألقت هالة جاب الله النائبة عن كتلة الأحرار باللائمة على رئيس المجلس ومكتبه لتمريرهم المبادرة التشريعية في وقت وجيز والحال أنه توجد مبادرات أخرى عديدة قدمها نواب الشعب منها تلك التي تتعلق بالمحكمة الدستورية أو تنقيح المرسوم 54. وبينت أن الأستاذ قيس سعيد قال في العديد من المداخلات السابقة انه من غير الممكن ومن غير الأخلاقي تنقيح القانون الانتخابي قبل الانتخابات وإنه ليس للأغلبية الحاكمة أن تعدل القانون الانتخابي على مقاسها وإن القانون الانتخابي ليس بالهين ولا يمكن تعديله إلا بالاستفتاء. وأضافت أن هذا ما قاله الأستاذ سعيد نفسه واليوم يمكن لرئيس الجمهورية وحسب ما نص عليه الدستور أن يعرض المشروع على الاستفتاء. ولاحظت جاب الله أن هناك من تعللوا بوجود خطر داهم ولكن إذا كان هناك فعلا ما يهدد الأمن القومي فان رئيس الجمهورية هو المخول لحماية الوطن وفق الدستور.

أداء مرتبك

ياسر القوراري النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي أوضح أنه سيعبر عن موقف حزب الوطد الموحد من المبادرة التشريعية وهو الموقف الوارد في بيانه وأضاف أن أداء المحكمة الإدارية كان مرتبكا كما أن مسارات التقاضي هي مسارات متشتتة ولا يوجد وصل بينها. وقال إن الشعب هو الوحيد الضامن للسيادة وللتصدي لما يحاك ضد أمن تونس وسيادتها وبين أن تصويته لن يكون لفائدة أي مترشح للانتخابات الرئاسية لأن قيس سعيد والعياشي زمال وزهير المغزاوي زائلون أما تونس فهي باقية وهو سيصوت لتونس ومع تونس.

وأشار علي زغدود النائب عن كتلة لينتصر الشعب إلى أن المجلس عقد أمس أهم جلسة في تاريخه فهي في وقت وجود حملة مسعورة عليه مصدرها قوى داخلية وخارجية وقوى الفساد والإرهاب وقوى الاستعمار، ويتمثل هدفها في السعي لإسقاط مؤسسات الدولة باستعمال الوسائل المشروعة وغير المشروعة وقال إنه من حق البرلمان أن يتدخل وفق صلاحياته الدستورية بهدف وضع حد لمحاولة التلاعب والعبث بالإرادة الشعبية لأنه من غير المعقول أن يتحول انتخاب رئيس الجمهورية الذي هو رئيس مجلس الأمن القومي إلى مجرد نزاع انتخابي. ونبه زغدود إلى وجود خيارين أمام تونس فإما تنقيح القانون الانتخابي أو سيناريو الفوضى الخلاقة التي تريدها قوى الاستعمار والفساد.

استشهاد بمقولات سعيد

أما عبد الرزاق عويدات النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي فقال إن القاعدة تقول إنه لا يتم تنقيح القانون الانتخابي في السنة الانتخابية ولا يقع تعديل القانون الانتخابي من قبل الأغلبية الحاكمة وهو ما أشار إليه الأستاذ قيس سعيد نفسه قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية بل إنه قال أيضا إن تمرير هذا القانون يجب أن يتم عبر الاستفتاء. وأضاف عويدات أنه بناء على هذه القاعدة تم في السابق استهجان محاولة تعديل القانون الانتخابي من قبل البرلمان السابق في اتجاه إقرار العتبة. وبين أن هناك من قالوا إن سبب تمرير المقترح هو وجود خطر داهم وعليهم أن يوضحوا من أين استقوا هذه المعلومات وهل هناك تقرير في الغرض مدتهم به الوظيفة التنفيذية أم أن الأمر مجرد تخمين من قبلهم، وفي صورة وجود خطر داهم فإنه بموجب الدستور يمكن لرئيس الجمهورية تأجيل الانتخابات.

وفي نفس السياق أشار النائب عن كتلة الأحرار أحمد بن نور إلى أن هناك من النواب من تحدث عن وجود خطر داهم ولكن هل هناك تقارير استخباراتية تفيد بوجود خطر داهم، وقال إن الخطر الداهم هو الفقر وعدم تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية. ونبه إلى أن رئيس الدولة غير راغب في هذا المشروع كما أن أنصار الرئيس لا يريدونه لأنه يبرز الرئيس في موضع الدكتاتور وهو منه براء. وأضاف أنه لا يمكنه أن يقدم هدية مسمومة لرئيس شريف.. وذكر أن جمعية القضاة وهيئة المحامين والمجلس الأعلى للقضاء رفضوا تمرير المقترح وهو يرى أنه لا بد من احترام المعايير الدولية للانتخابات ويعتبر الخطر الداهم يكمن في مثل هذه المشاريع .

وفي المقابل ترى منال بديده النائبة غير المنتمية إلى كتل أن التاريخ سيذكر المجلس النيابي لأنه اتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب وأضافت أنها كانت من بين النواب الذين قدموا المقترح القانون وفسرت تشتت النزاع الانتخابي بين القضاء العدلي والقضاء المالي والقضاء الإداري وذكرت أن هناك من أشاروا إلى أنه بالإمكان إرجاء النظر في مقترح القانون إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية لكن الضرورة الملحة اقتضت هذا التدخل التشريعي في هذا الوقت بالذات وأكدت أنه لا يوجد مانع قانوني للقيام بهذا التدخل. وقالت النائبة إن الأصل في الأشياء هو أن القضاء ينظر في النزاع ويصدر الحكم وينتهي دوره عند هذا الحد لكن اليوم أصبح الشغل الشاغل للمحكمة الإدارية إرجاع مترشحين أخرجتهم الهيئة من السباق الانتخابي لأسباب جدية. وقالت إنها عندما درست في كلية الحقوق اطلعت على العديد من الأحكام التي أصدرتها المحكمة الإدارية ولكن لم يقع تطبيقها .

تغيير قواعد اللعبة

وخلافا لما أشارت إليه منال بديده عبر النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي محمد علي عن رفضه المبادرة التشريعية وبين أنه على مستوى الشكل هذه المبادرة باطلة لأنه لا يعقل تغيير قواعد اللعبة الانتخابية قبل أسبوع من الانتخابات وإن رئيس الجمهورية نفسه عندما اجتمع برئيس هيئة الانتخابات في مارس قال له إنه لا يوجد مبرر لتنقيح القانون الانتخابي لأن هذا القانون لا يتعارض مع الدستور وحتى المجلس الأعلى المؤقت للقضاء فيرى عدم إمكانية تنقيح القانون الانتخابي الآن، وأضاف علي أنه على مستوى المضمون جاءت كل الفصول لتصحيح أزمة سياسية وقانونية البرلمان غير مسؤول عنها وإنما يجب تحميل المسؤولية لهيئة الانتخابات التي أخطأت وللمحكمة الإدارية.

وتعقيبا على مداخلات النواب دافع أصحاب المبادرة التشريعية على مقترحهم بمنتهى الحماس وخاصة النائب يوسف طرشون الذي قال إنه يخشى أن يستيقظ يوم 7 أكتوبر القادم ويجد فراغا في البلاد لا يعرف مآلاته. ولاحظ أن رأي المجلس الأعلى المؤقت للقضاء فيه تحامل على مجلس النواب لأنه ليس من حقه أن يطلب من النواب عدم تنقيح القانون والحال أنه يمكن للنواب تنقيح الدستور وليس فقط قانون.

سعيدة بوهلال